الأحمديون اتباع مدعي النبوة الميرزا يصرون على القول بأنّ كلمة (خلت)
الواردة في الآية {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ
أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى
عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} (144)
سورة آل عمران، لا تعني إلا الموت لكل الرسل السابقين على سيدنا مُحَمَّد صلى الله
عليه وسلم، وذلك لغرض إثبات موت سيدنا عيسى عليه السلام، وبالتالي يكون ادعاء نبيهم
الميرزا أنه هو المسيح بن مريم الموعود أي الذي وَعَدَ به سيدنا مُحَمَّد في آخر الزمان.
وفي هذه البحث ومن خلال آيات القرآن الكريم والقاموس العربي (لسان العرب)
سوف يظهر لنا أنّ معنى الخلو هو المُضِّي من المكان وإخلاءه وتفريغه ممن كانوا فيه،
والذهاب إلى مكان آخر مع احتمال العودة أو عدم العودة، فقد يكون منْ كانوا في المكان
قد ماتوا بالفعل، أو لم يموتوا بل تركوه وهم أحياء.
ومعلوم أنه إذا تعددت معاني كلمة وأردنا أنّ نصرف معناها إلى معن محدد
فلا بد من قرينة تدل على المعنى المراد، وإلا يجب القول بكل المعاني، وعليه فإنه ليس
معنى الخلو الموت الحتمي إلا إذا جاءت قرينة دالة على ذلك، وعندما نقول خلا البيت من
أهله؛ لا يعني أنهم ماتوا فلعلهم غيروا مسكنهم، وقد يعودون إليه مرة أخرى أو لا يعودون.
يصف الله تعالى دائما الأمم والقرون والرسل والنذر (جمع نذير) بالخلو ولا
يكون المعنى ماتت أو أهلكت، وإذا أراد الله تعالى الإماتة بالكامل قال بالإهلاك، وهذا
وارد في حق القرى ولم يرد في حق الأمم لأنّ الأمم الكبيرة المنتشرة لا تموت كاليهود
والنصارى والمجوس وغيرهم، والله تعالى بنفس الطريقة وصف الرسل لأننا لا نعلم يقينًا
عدد الرسل وأحوالهم وكذلك الأمم؛ يموت منهم ويبقى منهم الكثير أو القليل، والأمم مازالت
موجودة إلى الآن مثل اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم؛ الكثير قد نعلمهم وقد لا نعلمهم
.
وإذا علمنا لماذا اختار الله كلمة خلا في حق الأمم فقد اتضح لماذا اختار
الله في حال الكلام على الرسل كلمة خلا، ولم يصرح بالقول بالموت أو الإهلاك إلا على
وجه التخصيص.
والكلمات التي جاء فيها ذكر الخلو في القرآن هي الأمم والرسل والقرون والمَثُلات
والسنن والنُذُر والبعض من الناس، حتى ورود كلمة الخلو في حق السُنَن والمَثُلات أفادت
عدم الذهاب النهائي، بل السنن والمثلات لا مانع من ذهابها وتكرارها .
وهذه بعض الأمثلة المختارة من آيات القرآن مع إيراد بعض التفاسير إذا لزم
الأمر:
1.{ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ
أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} (24) سورة فاطر
فهل مات هنا النذير؟ فالمعنى الصحيح هو مضى إليهم وسلف.
وتفسير الآية كما في القرطبي: الآية: 24 {إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا
وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} قوله تعالى: "إنا أرسلناك بالحق
بشيرا ونذيرا" أي بشيرا بالجنة أهل طاعته، ونذيرا بالنار أهل معصيته. "وإن
من أمة إلا خلا فيها نذير" أي سلف فيها نبيّ.
2. {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ
آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ قَالُوا
أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ
أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (76) سورة البقرة، فليس المعنى هنا موتهم، بل المعنى تركوا أماكنهم
إلى مكان آخر وتجمعوا مع بعضهم للحديث.
3 {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ
مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُون} (134) سورة البقرة، يتكلم
الله تعالى عن الأمم السابقة من اليهود وغيرهم، فمنهم أفراد ماتت بالفعل، ومنهم من
هم باقون إلى الآن فأمة اليهود باقية، فالفعل خلا لا يعني الموت إلا إذا جاءت قرينة
تدل عليه ولذلك استخدم الله تعالى لفظ الخلو لأنه الأفضل في التعبير عن الحالة ولم
يستخدم لفظ الموت أو الإهلاك.
4. { قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ
مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا
حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا
هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآَتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ
وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ} (38) سورة الأعراف، أي مضت وسبقت قبلكم في الدخول إلى النار.
5. { قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي
الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} (137) سورة آل عمران،
المعنى مضت ولا مانع من مجيئها مرة أخرى فالسنن تتكرر.
6. {كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا
أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ
بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ
مَتَابِ} (30) سورة الرعد، أي مضت وممكن أن يكون لهم بقية إلى الآن.
7. {هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ
بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا
عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ
عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} (119) سورة آل عمران، أي مضوا وتركوكم.
8 نأتي إلى الآية الخاصة بسيدنا عيسى عليه السلام والآيات كالتالي: { لَقَدْ
كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا
إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا
مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) أَفَلَا يَتُوبُونَ إلى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ
وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74) مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ
قَدْ خَلَت مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ
انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآَيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ
(75) قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا
نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [المائدة/73-76].
فمن أصول الجدال والمحاورة الاستدلال على الخصم من كتبه ومايعتقده لأنه
مُلزم له، وليس من كتبي وما أعتقده، لأنه لا يؤمن بها وغير ملزم له، بل ما في كتبي
ملزم لي، فلا قيمة للاستدلال عليه بما في كتبي؟، فبماذا يستدل الله سبحانه وتعالى على
النصارى لبيان أنّ سيدنا عيسى عليه السلام وأمه ليسا إلهين وإنّما هما بشر؟ هل يستدل
عليهم بكون سيدنا عيسى عليه السلام مات كما يدعي البعض ويفهمونه من الآية؟ إنّ الله
سبحانه وتعالى يستدل على النصارى بشيء هم مقرون به، فهم لا يقرون بأنه ميت أصلًا، بل
هم يدَّعون بحياته في السماء على يمين الرب، فالاستدلال عليهم يجب أن يكون بشيء هم
يقرون به؛ ألا وهو أنه وأمه مثل بقية الرسل، أنهما كانا يأكلان الطعام ويفعلان ما ينتج
عنه الأكل وهو مفهوم.(قال هذا المفهوم الأستاذ مُحَمَّد مجدي مرجان وهو شماس مسيحي
أسلم منذ سنوات، وله كتب عديدة في إثبات عدم ألوهية سيدنا عيسى عليه السلام)!!!
فكيف يكون سيدنا عيسى عليه السلام وأمه إلهين وهما يأكلان الطعام وما ينتج
عنه أكل الطعام؟؟ هل من الممكن أن يكونا إلهين؟؟، فالقول لهم كما يدعي البعض؛ أنّ الله
تعالى قال بموته مثل بقية الرسل فكيف يكون إلها، قول غير صحيح، بل هو حي ولم يثبت موته
بدليل يقيني معتبر، فكيف نثبت لهم أنّه ميت وهو ليس معنا الآن حي أو ميت؟ هل بمجرد
قول الله ذلك لهم؟ هم غير ملزمين بما يؤمن به البعض أنه مات. فالواضح هنا أنّ كلمة
خلت في الآية {خَلَت مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} تعني مضوا وليس ماتت،
ولماذا لم يستخدم الله لفظ (ماتت من قبله الرسل)؟ أليس الله سبحانه وتعالى يجيد اختيار
الألفاظ، أم هو الاختيار العشوائي؟ لو كان الله يريد إثبات الموت بلا خلاف لقال ماتت
من قبله الرسل ولم يقل خلت.
وإن قال البعض إنما كلمة ماتت تعني الموت الطبيعي ولا تعني الموت بالقتل،
وإنّ من الرسل من مات بشكل طبيعي والبعض قتل، لذلك لم يقل الله ماتت بدل قال خلت،
فأجيب: قلنا لهم ولماذا قال الله "إنك ميت وإنهم ميتون" أليس من المحتمل
موت من كان مع سيدنا مُحَمَّد بالقتل، وقد ماتوا فعلًا بالقتل وغيره، فاللفظ "ميت"
يعني الموت بكل صوره، والخلو يعني خلو المكان ممن كان فيه إمّا بالموت أو المضي، والقائل
بالموت تخصيصًا يلزمه الدليل.
9. {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ
أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى
عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} (144)
سورة آل عمران.
المعنى هو مضت من قبله الرسل، سواء بالموت أو القتل أو الأخذ كاملًا، يعني
المُضي من مكان إلى مكان آخر الله أعلم به كما في حالة سيدنا عيسى عليه السلام، وإلا
فلماذا لم يقل الله تعالى:" قد ماتت من قبله الرسل"، فالله لا يستخدم إلا
اللفظ المناسب، ولأنّ لفظ التوفي في قول الله "إني متوفيك" قد يعني الأخذ
بالكامل، وقد يعني الموت أو إعطاء الأجر بالكامل، ولكن لا توجد في هذه الآية قرينة
تدل على أنّ التوفي كان في حق سيدنا عيسى عليه السلام هو الموت، لذلك كان معنى التوفي
في هذه الآية الأخذ كاملًا أو إعطاءه أجره كاملًا على ما بذله لله وهذا المعنى (إعطاء
الأجر كاملًا) قال به الميرزا غلام مدعي النبوة كما في كتاب (التذكرة) لمّا ادعى إنّ
الله تعالى أوحى إليه قائلًا:"إنّي متوفيك ورافعك إليّ"، فقال الميرزا
غلام إنّه هو المقصود بعيسى، وأنّ التوفي هنا المقصود منه إمّا أعطاء الأجر كاملًا
اّو الموت، ولنا تفصيل أكثر إن شاء الله في موضوع التوفي).
وإن قيل إنّ القرينة موجودة؛ وتثبتُ الموت كما في قول الله تعالى {أفإن
مات أو قتل}، فدل ذلك على إنّ القرينة الموت، والمعنى خلت أي ماتت، والرد كالتالي:
إنّ الجملة {أفإن مات أو قتل} تخص سيدنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، وإلا فلماذا
لم يقل الله تعالى في حقه "أفإن خلا" بدل "{ أفإن مات أو قتل} مثل ما
قال في حق الرسل، واضح أنّ الله تعالى يقصد معنى مختلف ففي حق الرسل قال "خلت"
وفي حقه صلى الله عليه وسلم قال {أفإن مات أو قتل}، والرسل كثيرة ولا نعلم عددهم ولا
أحوالهم، يقول الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ
قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ
أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ
بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ} (78) سورة غافر، وأضيف؛ هل الآية {وَمَا
مُحَمَّد إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ}، كانت
في حياة سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم؟ أم كان صلى الله عليه وسلم ميتًا أو
مقتولًا؟؟
طبعا كان صلى الله عليه وسلم حيًا، إذن الآية تتكلم عن إمكانية وجواز حدوث
الموت أو القتل في حق سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، كما في الرسل فمنهم من مات
ومنهم من قتل ومنهم من أخذه الله بكامله ورفعه إليه، وهذا هو وجه الشبه الذي أورده
الله سبحانه وتعالى بين سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وبين الأنبياء الذين مضوا
قبله صلى الله عليه وسلم، وهو إمكانية الموت أو القتل لسيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه
وسلم.
أما لماذا قال الله سبحانه وتعالى في حق الأنبياء خلت وقال في حق سيدنا
مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم مات أو قتل ؟؟
هذا لأنّ سيدنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم إمّا أن يموت أو يُقتل،
وليس هناك احتمال ثالث، وكأن الله تعالى ينبأه بعدم التوفي بمعنى الأخذ بالكامل والرفع
كما فعل مع سيدنا عيسى عليه السلام. سيدنا عيسى عليه السلام، وأما في حق الأنبياء فقد
قال الله سبحانه وتعالى (خلت) لوجود أكثر من الأحتمالين؛ الموت أو القتل أو شيئ آخر
يريده الله تعالى؛ مثل الرفع وذلك في الأنبياء الذين مضوا قبل سيدنا مُحَمَّد صلى الله
عليه وسلم، وهذا لا ينافي حتمية وقوع الموت في حق سيدنا عيسى عليه في آخر الزمان.
والتفاسير تؤكد ذلك، يقول ابن كثير:" لما انهزم من انهزم من المسلمين
يوم أُحُد، وقُتِل من قتل منهم، نادى الشيطان: ألا إنّ مُحَمَّدا قد قُتل. ورجع ابن
قَمِيئَةَ إلى المشركين فقال لهم : قتلتُ مُحَمَّدًا. وإنما كان قد ضرب رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فَشَجَّه في رأسه، فوقع ذلك في قلوب كثير من الناس واعتقدوا أنّ رسول
الله قد قُتل، وجوزوا عليه ذلك، كما قد قَصَّ الله عن كثير من الأنبياء، عليهم السلام،
فحصل وهَن وضعف وتَأخر عن القتال ففي ذلك أنزل الله [عز وجل] على رسوله صلى الله عليه
وسلم: {وَمَا مُحَمَّد إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} أي : له
أسْوة بهم في الرسالة وفي جواز القتل عليه.
القرطبي: "روى أنها نزلت بسبب إنهزام المسلمين يوم أحد ... وقرأ ابن
عباس "قد خلت من قبله رسل" بغير ألف ولام. فأعلم الله تعالى في هذه الآية
أن الرسل ليست بباقية في قومها أبدا، وأنه يجب التمسك بما أتت به الرسل وإن فقد الرسول
بموت أو قتل.
(خلا) في لسان العرب :
(خلا) خَلا المكانُ والشيءُ
يَخْلُو خُلُوّاً وخَلاءً وأَخْلَى إِذا لم يكن فيه أَحد ولا شيء فيه وهو خالٍ
احسنت افدت و اجدت نفع الله بك
ردحذف