مقال (471) هل من حق بشير الدين محمود أن يقول على تفسير أبيه الميرزا غلام أنه خطأ خطير و لغو ولا يصدقه القرآن؟
https://ibrahimbadawy2014.blogspot.com/2021/11/471.html
يرى بشير الدين محمود أن الماء الذي غرق فيه فرعون وجنوده؛ أنه ماء البحر الأحمر أو أحد فروعه، وأنّ من قال بأنه ماء نهر النيل؛ فإنّ تفسيره ظنيّ وخطأ خطير، وأنّه لغو ولا يصدقه القرآن، مخالفًا رأي أبيه الميرزا غلام، حيث كرر الميرزا غلام أنّ فرعون غرق في نهر النيل.
فإما أنّ بشير الدين محمود يجهل
تفسير والده، ولم يراجع كهنة الأحمدية كلام بشير الدين محمود، أو أن بشير الدين
محمود لا يعجبه تفسير الميرزا غلام ولا يعيره أي اهتمام، أو لا يعتبره حكمًا عدلًا
ولا معصومًا.
وفي الحقيقة لا يُقبل أبدًا تفسير
أي إنسان يتعارض مع تفسير نبيّ من أنبياء الله تعالى، وبخاصة حينما يقول مدعي
النبوة مثل الميرزا عن نفسه أنه لا ينطق من غير إنطاق ربه يلاش العاج له, ولا يفهم من غير إفهامه له.
يقول
الميرزا غلام([1]):"فهلكوا
أخيرا نتيجة ملاحقتهم كما كان فرعون وجنوده قد هلكوا في نهر النيل. ولكشف هذا السر كان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال عند رؤيته جثةَ
أبي جهل ضمن مقتولي بدر: إن هذا الرجل كان فرعون هذه الأمة. باختصار، كما كانت
حادثة هلاك فرعون وجنودِه في نهر النيل من الأمور المشهودة
والمحسوسة بحيث لا يمكن لأحد الاعتراض عليه".
يقول الميرزا غلام([2]):"
ما كانوا قد أنشدوا أناشيد الشكر بعد حادث النيل، لكن قلوبهم لم
تشعر بأي أثر للنجاة التي متعهم بها، لكن أولئك الإسرائيليين أي عباد الله الذي
خلصهم سيدنا ومولانا من مظالم أهل مكة قد أنشدوا بعد معركة بدر أناشيد مماثلة
لأناشيد بني إسرائيل التي أنشدوها عند شاطئ النيل وما زالت تلك
الأناشيد العربية التي أنشدت في ميدان بدر محفوظة في الكتب".
يقول الميرزا غلام([3]):" ثم
صدر الحكم أخيرًا في معركة بدر بعد قتال دام بضع ساعات حيث قُتل أبو جهل وجيشه
بسيف حادّ كما كان قد قُضي على فرعون وجنوده بحدِّ النيل، فانظروا
بأي جلاء تتماثل حادثتا مصر ومكة ونهر النيل وبدر، على وجه مشهود
ومحسوس!"
يروي الميرزا غلام رؤيا له فيقول([5]):"...وقفت على شاطئ نهر النيل في مصر، ومعي كثير من بني إسرائيل وكأني موسى. ويبدو أننا فارون وحين التفتُ ورائي رأيت فرعون مع جيشه الكبير يلاحقنا ومعه أمتعة كثيرة من خيول ومراكب وقد اقترب جدًّا منا، وأصحابي من بني إسرائيل قلقلون ومضطربون جدا، ومعظمهم قد يئسوا وبدؤوا يصرخون بصوت عال يا موسى إنا لمدركون فقلت لهم بصوت عال: كلا إن معي ربي سيهدين. عندها استيقظت وكانت هذه الكلمات على لساني.".
يقول بشير الدين محمود([6]):"إن المفسرين وقعوا في خطأ خطير
ظنًا منهم أن الماء الذي عبره موسى عليه السلام مع قومه هو ماء النيل،
ولكن الأحداث لا تثبت ذلك. فكما يتبين من التاريخ والآثار القديمة كان سكان
العاصمة في زمن موسى عليه السلام وإلى زمننا هذا يقيمون على الجانب الشرقي من
النيل لا الغربي منه...".
وفي صفحة 628 يقول بشير الدين
محمود:" فالقول بأن ماء النهر الجاري توقف عن الجريان بضرب موسى العليا إياه
بعصاه، وصار جزء من الماء على جانب وجزؤه الآخر على الجانب الآخر، وكأن الماء
تجمّد، وأن موسى جعل الثقوب في هذا الماء، أقول: كل ذلك ليس إلا قصصاً فارغة عابثة
لا يصدقها القرآن الكريم. لقد استعمل القرآن الكريم كلمة البحر واليم، وكلمة
(اليم) تطلق على النهر أيضًا، لكنها أكثر استعمالاً للبحر أو للبحيرة المالحة، ولا
يقع بين موطن بني إسرائيل في مصر وبين أرض كنعان إلا البحر أو البحيرات المتفرعة
منه، وليس هناك نهر جار. فالمكان الذي عبره موسى عليه السلام إما هو بحر أو
شرم وخليج منه".
ويضيف بشير الدين محمود[1]:"...فثبت
أن هذه الآية([2])
لا تتحدث عن عبورهم النيل بل تتحدث عن عبورهم ماء آخر. وبما أنه لا يقع أي
نهر بين عاصمة مصر القديمة وبين قادش التي وصل إليها موسى العلي مع بني إسرائيل، فلا
بد أن يكون المكان الذي عبره مع قومه بحرا، أو جزءا كبيرا منه.".
[1] كتاب (التفسير الكبير) الجزء 1 سورة البقرة صفحة 628.
[2] {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50)} سورة البقرة.
إذن بشير الدين محمود يتهم المفسرين،
ومنهم الميرزا غلام أنهم لا يعرفون التاريخ، وأن رأيهم ظنيّ وخطأ خطير ولغو ولا
يصدقه القرآن.
ولكننا مع كل ذلك نجد بشير الدين
محمود في موضع آخر يرى أنّ عبور سيدنا موسى عليه السلام مع بني اسرائيل كان لنهر
النيل!!!
يقول بشير الدين محمود في تفسيره لآية الاستخلاف([7])
بحسب التسمية الأحمدية[8]:"
الخلافة هنا نبوة موسى ومَلَكيّته، حيث صار ملكًا عليهم بعد عبور
نهر النيل، شأنه شأن
النبي ﷺ الذي كان بعد فتح مكة نبيا من جهة وملكا من جهة أخرى، ولكن ملكيته كانت
تابعة لأحكام الله تعالى ولم يكن كالملوك الماديين المستبدين".
النصوص التي تثبت اعتقاد الميرزا بعصمته، وأنّ علمه وبخاصة تفسيره للقرآن هو من الله سبحانه وتعالى، وأنه كالحرم الآمن، فلا يصح أن يعارض آراءه أحد سواء من الأحمديين أو من غيرهم.
يقول الميرزا([9]):"يقولون: ما
نحن لك بمؤمنين، وقد افترقوا إلى فِرق وليسوا بمتّفقين. واللهُ أرسل عبدًا ليحكّموه
فيما شجر بينهم وليجعلوه من الفاتحين، وليسلّموا تسليمًا ولا يجدوا
في أنفسهم حرجًا مما قضى، وذلك هو الحَكَمُ الذي أتى، فالذين اتّبعوه في
ساعة الأذى، وجاءوه بقلبٍ أتقى، وسمعوا لعنة الخلق وخافوا لعنةً تنزل من السماوات
العُلى، أولئك هم الصالحون حقًّا وأولئك من المغفورين أيها الناس، كنتم تنتظرون
المسيح فأظهره الله كيف شاء، فأسلِموا الوجوه لربّكم ولا تتّبعوا الأهواء.
إنكم لا تُحِلّون الصيد وأنتم حُرُم، فكيف تُحِلّون آراءكم وعندكم حَكَم
(1)؟ وإن الحَكَم لرحمةٌ نزلت للمؤمنين، ولولا الحَكَم لما زالوا
مختلفين...".
وفي الحاشية (1) يقول
الميرزا:"إنّ الآراء المتفرّقة تُشابه الطيرَ الطائرةَ في الهواء، والحَكَمُ
يُشابه الحرمَ الآمن الذي يُؤمِنُ من الخطاء، فكما أنّ الصيد حرام في الحرم
إكرامًا لأرض الله المقدّسة، فكذلك اتّباع الآراء المتفرّقة وأخذُها مِن
أوكار القوى الدماغية حرام مع وجود الحَكَم الذي هو معصوم وبمنزلة الحرم من حضرة
العزّة، بل يقتضي مقامُ الأدب أن تُعرَض كلُّ أمر عليه، ولا يؤخذ شيء إلا مِن يديه.
منه".
ويقول([10]):"
وإن بلاغتي شيء يُجلى به صدأ الأذهان، ويجلِّي مطلعَ الحق بنور البرهان، وما
أنطق إلا بإنطاق الرحمان".
ويؤكد الميرزا غلام عصمته وأنّ ربه
يلاش العاج عصم قلمه وكلامه من الخطأ، وما كان له أن يكتب حرفًا لولا عونُ حضرة
الكبرياء حيث يقول([11]):"وهذا آخر ما أردنا في هذا
الباب، بتوفيق الله الراحم الوهاب. فالحمد لله على هذا التوفيق والرِفاء، وكان مِن
فضله أنّ عَهْدَنا قُرِنَ بالوفاء، وما كان لنا أن نكتب حرفًا لولا عونُ
حضرة الكبرياء. هو الذي أَرَى الآياتِ، وأنزل البيّناتِ، وعصم قلمي
وكَلِمي من الخطأ".
ويقول([12]):"يا
أحمد، بارك الله فيك. الرحمن علّم القرآن، لتنذر قومًا ما أُنذرَ
آباؤهم، ولتستبين سبيل المجرمين. قُلْ إني أُمرتُ وأنا أول المؤمنين...ويعلمك الله
من عنده. تقيم الشريعة وتحيي الدين. إنا جعلناك المسيح بن مريم. والله يعصمك
من عنده ولو لم يعصمك الناس...".
ويقول([13]):"
انظروا الآن أيها المنصفون ألم تبلغ إساءتهما للنبيّ ﷺ منتهاها؟ يعتقدان أنّ شمس
الحق ذلك الذي لم يخطر بباله شيء دون الوحي - كان يعيش في الظلام لمدة طويلة دون
أن يرافقه أي نور والعياذ بالله إنني أعلم بناء على تجربتي الشخصية أن قدسية
روح القدس تعمل في كافة قوى الملهم، وذلك في كل حين وآن دون الانفصال عنه للحظة
واحدة، ولا يستطيع الملهم أن ينقذ نفسه من الرجس ولو للحظة واحدة دون
تأثير قدسية روح القدس والسبب وراء الأنوار الدائمة والاستقامة الدائمة والحب
الدائم والعصمة الدائمة والبركات المستديمة هو بقاء روح القدس مع الملهمين في كل
حين وآن".
وحينما تكلم الميرزا على عصمة
الصالحين معتبرًا نفسه منهم، يقول الميرزا غلام([14]):"فأوصيك
أن لا تمارهم([15])، ولا تخالف قولهم
بفهم أنحَلَ، وعقلٍ أقحَلَ، ولن تبلغ أفهامهم وعلومهم، ولو
كان عندك جبل من الكتب([16])، فإنهم يؤتون علمًا وفهمًا من لدن ربهم، وتنور أفهامهم، وتصفى
عقولهم، وتوسع مداركهم ويعصمهم يد الرب من مزلة...".
التعليق: هذه الإقرارات بالعصمة للصالحين الأولياء، فما بالنا بالأنبياء،
وهكذا يسقط كلام الميرزا سقوطًا كبيرًا بخصوص عدم فهم وخطأ فهم الأنبياء لبعض كلام
الله تعالى.
ويقول([17]):"
فلما بلغت فتنهم إلى هذا المبلغ وأضلوا جبلاً كثيرا، اقتضت رحمة الله الرحيم
الكريم أن يتدارك عباده وينجيهم من كيد الكافرين. فبعث عبدا من عباده ليؤيد دينه،
ويجدد تلقينه وينير براهينه، وينصر بساتينه، ويُنجز وعده ويُعزّ
حبيبه وأمينه، ويجعل الأعداء من الخاسرين وخصني بعناياته، وأمرني بإلهاماته،
ورباني بتفضلاته، وأيدني بتأييدات متعالية عن طور العقل، وآتاني من لدنه العلوم
الإلهية والمعارف والنكات وشفعها الآيات، ليتعاطى الناس مني كأس البصيرة واليقين".
ويقول([18]):"ووالله
إنّي لست من العلماء ولا من أهل الفضل والدهاء، وكل ما أقول من أنواع حسن البيان
أو تفسير القرآن، فهو من الله الرحمن. وكل ما أخطأت فهو مني، وكل ما هو حق فهو
من ربي. وإن ربي أرواني من كأس العرفان، ومع ذلك ما أبرئ نفسي من السهو
والنسيان، وإن الله لا يتركني على خطأ طرفة عين، ويعصمني من كل مين، ويحفظني
من سبل الشياطين".
ويقول([19]):"فإن أولياء الله
يعصمون من كل زيغ وميل ولا يشوب معينهم غثاء سيل، وتحفظهم عين الله من طرق
الضالين".
ويقول([20]):"
إني امرؤ يكلّمني ربي، ويُعلّمني من لدنه، ويحسن أدبي، ويوحي إلي
رحمة منه، فأتّبع ما يُوحى، وما كان لي أَنْ أترك سبيله وأَخْتارَ طُرقًا شَتّى. وكلّ
ما قُلتُ قلت من أمره، وما فعلت شيئًا عن أمري، وما افتريت على ربي الأعلى، وقد
خاب من افترى".
يقول البشير أحمد([21]):"
بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني المولوي شير علي أن المسيح الموعود عليه السلام كان
يقول: إن كتاباتي كلها منصبغة بصبغة الوحي لأنها كُتبت بتأييد خاص من الله
تعالى".
من له كل هذه الفضائل والعلوم
اللدنية من ربه يلاش العاج كيف يختلف أو يناقض نفسه، وبخاصة في تفسيره لوحيه أو
تفسيره لآيات القرآن الكريم، وكيف يختلف معه أو يناقض الخلفاء الأحمديون كلامه،
إلا إذا لم يكونوا مقتنعين بما يقول.
د ابراهيم بدوي
21/11/2021
9/11/2024
[1] كتاب
(أيام الصلح) 1899م صفحة 75.
[2] كتاب (أيام الصلح) 1899م صفحة 76.
[3] كتاب (أيام
الصلح) 1899م صفحة 78.
[4] كتاب (ينبوع المعرفة) 1908م صفحة 165..
[5] كتاب (الملفوظات) المجلد 4 بتاريخ 1903م صفحة 146.
[6] كتاب (التفسير الكبير) الجزء 1 سورة البقرة صفحة 626.
[7] {وَعَدَ
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ
مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا
وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) وَأَقِيمُوا
الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
(56)} سورة النور.
[8] كتاب (التفسير الكبير) الجزء
6 سورة النور صفحة 459.
[9] كتاب (الهدى والتبصرة لمن يرى) سنة 1902 صفحة 73 و74.
[10] كتاب (الهدى والتبصرة لمن يرى) سنة 1902 صفحة
14.
[11] كتاب (إعجاز المسيح) 1901م صفحة 100.
[12] كتاب (مرآة كمالات الإسلام) 1892م صفحة 315.
[13] كتاب (مرآة كمالات الإسلام) 1892م صفحة 458.
[14] كتاب (حمامة البشرى) 1894مصفحة 5 و6.
[15] يقصد الأولياء معتبرًا نفسه منهم وذلك في زمن كتابه (حمامة البشرى) اي
سنة 1894م.
[16] ينكر الميرزا على من يعتمد على ما في الكتب، في مقابل ما عند الصالحين،
ولكننا رأيناه يستند إلى القواميس في إنكاره لعلم المُحَدَّث للغيب، وترك ما كان
يؤمن به ويعتقده من قراءة آية القرآن الكريم التي رواها ابن عباس وهي: {وما أرسلنا
من قبلك من رسول ولا نبيّ ولا مُحَدَّث إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ
الله ما يلقي الشيطان ثم يُحكم الله آياته}".
[17] كتاب (حمامة البشرى) 1894مصفحة 16 و17.
[18] كتاب (نور الحق) 1894م صفحة 192.
[19] كتاب (مكتوب أحمد) 1896 صفحة 9.
[20] كتاب (مواهب الرحمن) سنة 1902 صفحة 3.
[21] كتاب (سير المهدي) الرواية 104.
تعليقات
إرسال تعليق