القائمة الرئيسية

الصفحات

مقال (234) هل الأصل في فهم الكلام اعتبار المعنى الحرفي للكلام أولا أم المعنى المجازي ؟




مقال (234) هل الأصل في فهم الكلام اعتبار المعنى الحرفي للكلام أولا أم المعنى المجازي ؟

الميرزا غلام القادياني الهندي يرى أن الناس من حيث نظرتهم للكلام أهو حقيقي  أو  إستعاري إلى حزبين 
في كتاب"ازالة  الأوهام"/1890ص 167 و ص  168
يقول الميرزا الهندي :
" فلهذا السبب [ إبراهيم بدوي : يقصد الميرزا غلام القادياني الهندي الابتلاء من الله تعالى للناس بحجب بعض الغيب عن طريق الكلام بالإشارات و الاستعارات و ليس بالتصريح  ] تُذكر كثير من الأمور على سبيل الاستعارة و المجاز , فينقسم الناس إلى حزبين نظرا إليها ؛ حزب يتبع ظواهر الأمور فقط و ينكر الاستعارات كلها و يريد أن يرى تحقق النبوءات بصورتها الظاهرية , فيُحرم هذا الحزب في معظم الأحيان من قبول الحقيقة الحقة في حينها , بل يصل أمرهم إلى بغض و عداوة "إنتهى النقل
و يكمل الميرزا غلام القادياني الهندي في
كتاب"ازالة أوهام"/1890  ص_0171
يقول الميرزا الهندي :
"و لكن هناك حزب آخر وهبهم الله تعالى بصير و فراسة , فيريدون أن يفهموا الأمور السماوية وفق القانون السماوي , و يعتقدون بوجود بوجود الاستعارات و المجاز , و لكنهم قلة قليلة للأسف .
و النوع الأكثر انتشارا في قومنا هم اولئك الذين يتهافتون على أفكار مادية و لا يدرون أن قانون الله تعالى الملحوظ في الطبيعة عموما و المتعلق بوحيه و مكاشفاته ؛ يشهد بصراحة تامة على عكس زعمهم . يلاحَظ مئات المرات أن الإنسان يرى في الرؤيا شيئا , و يراد منه شيئا آخر ؛ فمثل يرى احدهم في المنام ليلا أن شخصا معينا قد حضر , و لكن عندما ينبلج الصبح يحضر بدلا منه شخص آخر يشبهه "
إنتهى النقل.
التعليق :
1- خير الأمور الوسط , و الذي ارتضاه الميرزا غلام القادياني الهندي بنفسه , حيث قال
 في كتاب "نور الحق"/1894م  ص_0161
""ثم اذا كانت حقيقة الكسوف بالتعريف المعروف أنه هيئةٌ حأصلة من حول القمر بين الشمس و الأرض  في أواخر ايام الشهر , فكيف يمكن أن يتكلم أفصحُ العجم و العرب بلفظٍ يخالف محاورات القوم و اللغة و الادب ؟ و كيف يجوز أن يتلفظ [ إبراهيم بدوي : يقصد رسول الله عليه الصلاة و السلام  ] بلفظ وضع لمعنى عند أهل اللسان , ثم يصرفه عن ذلك المعنى من غير إقامة القرينة و تفصيل البيان ؟ فإن صرف اللفظ عن المحاورة و معانيه المرادة عند أهل الفن و أهل اللغة لا يجوز لأحد إلا بإقامة قرينة موصلة إلى الجزم و اليقين"
 فالكلام الذي هو غير الرؤى المنامية الأصل فيه اعتبار المعنى الحقيقي الذي وضع اللفظ له في لسان العرب و أهل الفن كما قال الميرزا غلام القادياني الهندي ,
و لا يصرف إلى معنى استعاري من غير قرينة صارفة كما قال الميرزا غلام القادياني الهندي
2- فعندما تأتي القرينة الصارفة لإرادة المعنى الحقيقي , قلنا بالمعنى الاستعاري المناسب و لا حرج , و لا تحزب إلى أي الحزبين , بل إلى الحق و الميزان الذي ارتضاه أهل اللغة و الفن و الميرزا غلام القادياني الهندي .
3- كثيرا ما يخالف الميرزا غلام القادياني الهندي هذه القواعد التي يعلنها و يريد إلحاق و تحويل المعنى الحقيقي للألفاظ إلى المعنى الاستعاري من غير قرينة , كأن يأتي بأحد المعاني المجازية للكلمة و يختاره و يقول به من غير قرينة , و هو لا يدري أن غيره من الممكن أن يقول مثل ما قال و لكن بمعنى استعاري آخر , طالما لا توجد القرينة المحدد لاتجاه المعنى الاستعاري المجازي
و هذا مثال اخترته لبيان أوجه الإختلاف التي قد تنشأ من جراء القول بالمعنى الاستعاري من غير قرينة مبينة لاتجاه المعنى الاستعاري ,
مثلا  لو قال قائل "زيد مات " فلو أخذنا بالمعنى الحقيقي فلا خلاف على أنه مات بمعنى مفارقة الحياة , و لكن ماذا لو قلنا نأخذ بالمعنى الاستعاري  من غير قرينة , فهناك من يقول لعله يقصد أنه أغشي عليه   أو  لعله يقصد أنه فقد عقله ,أو لعله يقصد أنه كفر بالله ,  أو  لعله يقصد أنه نام , فكل هذه المعاني هي من معان الموت الاستعارية.
إذن القول بالمعنى الاستعاري من الإبتداء من غير قرينة دالّة على عدم إرادة المعنى الحقيقي , و بيان أي وجه من أوجه المعاني الاستعارية , هو قول غير منطقي و مخالف لأصول اللغة و مخالف لسلوك العقلاء و مخالف لسنة الرسول عليه الصلاة و السلام و صحابته و أزواجه الكرام رضي الله عنهم أجمعين حيث ثبت أنهم كانوا يأخذون بالمعاني الحرفية للكلام في اللغة إلا إذا ثبت وجود القرينة اللازمة الصارفة.
4- الأمر الأخير , أن رؤيا الأنبياء بخلاف رؤيا غيرهم , فالنبيّ يرى الرؤيا و يعرف تأويلها حتما  سواء كانت واقعية  أو رمزية , لأن الذي يوحي إليه بها هو الله تعالى , بالطريق المباشر  أو  من وراء حجاب  أو  يرسل رسولا , إذن هناك معلم للنبيّ سواء كان الله تعالى  أو  أحد الملائكة و غالبا هو جبريل و كان الرسول صلى الله عليه و سلم  يقول ما معناه "هكذا قال لي المَلَك"  أو  قد يأولها له نبيّ مثله كما في حالة سيدنا يوسف عليه السلام و سيدنا يعقوب عليه السلام .
أما رؤيا غير الأنبياء سواء سواء واقعية  أو رمزية و مخالفتها للواقع , فلا شرع فيها و لا وحي للأمة , فلو قال رأيت زيدا , ثم جاء عمرو , فلا مشكلة , فليس عليه لوم , و لا تقاس رؤى الأنبياء على رؤى غيرهم و الفارق واضح , فالفارق بين نوعي الرؤى , كالفارق بين من هو نبيّ و من هو غير نبيّ .
د ابراهيم بدوي
7/2018

تعليقات

التنقل السريع