القائمة الرئيسية

الصفحات

مقال (554) عقيدة النسخ في القرآن الكريم عند مدعي النبوة الميرزا غلام القادياني.

 






مقال (554) عقيدة النسخ في القرآن الكريم عند مدعي النبوة الميرزا غلام القادياني.

https://ibrahimbadawy2014.blogspot.com/2024/12/554.html


قبل مناقشة عقيدة النسخ في القرآن الكريم عند مدعي النبوة الميرزا غلام القادياني؛ مؤسس الطائفة الاحمدية القاديانية، أذكر أنواع النسخ كما عُرفت عند علماء المسلمين في مذهب أهل السنة والجماعة.

أنواع النسخ في القرآن:

النسخ في القرآن الكريم كما جاء في الآية {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}([1]) ينقسم إلى ثلاثة أنواع رئيسية، وهي:

‎‎نسخ الحكم وبقاء التلاوة:

التعريف: هو إزالة الحكم الشرعي الوارد في آية معينة مع بقاء نص الآية للتلاوة في ‏القرآن.

المثال: آية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، أَيَّامًا ‏مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ ‏فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ...} ([2])،الآية كانت تسمح بدفع الفدية بدل الصيام، ثم نسخت بحكم الصيام الإلزامي في ‏قوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ... } ([3]).

‎‎نسخ التلاوة وبقاء الحكم:

التعريف: هو حذف النص القرآني من التلاوة، مع بقاء الحكم الشرعي الذي ورد فيه.

المثال: نص منسوخ: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله"..

كان هذا النص يتحدث عن حكم رجم الزاني المحصن، ولكنه نسخ من التلاوة وبقي ‏حكم الرجم قائمًا في السنة النبوية.

نسخ الحكم والتلاوة معًا:

التعريف: هو إزالة النص القرآني وحكمه الشرعي معًا بحيث لا يبقى له أثر في ‏القرآن أو العمل الشرعي.

المثال: هناك روايات تذكر بعض الآيات التي كانت موجودة ثم نسخت حكمًا وتلاوة مثل: "عشر رضعات معلومات يحرمن"، ثم نسخت بـ: "خمس رضعات معلومات يحرمن"..

النص الأصلي لم يعد موجودًا، والحكم الشرعي تغير أيضًا.

خلاصة: النسخ في القرآن الكريم يمثل حكمة الله في التشريع، حيث يتغير الحكم وفقًا لحاجات ‏الناس وتطورهم. القرآن أشار إلى هذه الظاهرة في قوله تعالى:

مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا... (البقرة: 106‏.

 خلاصة عقيدة النسخ عند الميرزا غلام:

بدأت بملخص لعقيدة الميرزا غلام وبشير الدين محمود في النسخ، ثم أنقل لكم بعده النصوص مما قاله الميرزا غلام بتمامها والتعليق عليها لإثبات ما في الملخص، وقد اكتفيت في هذا الجزء بتفصيل ما قاله الميرزا غلام فقط.

يرى الميرزا غلام أنّ النص الحالي للقرآن لا يوجد به أي آية منسوخة، أي أنّ كل الآيات قابلة للعمل بأحكامها.

مفهوم النسخ عند الميرزا غلام:

لا ينسخ الآية القرآنية إلا آية قرآنية.

لا يمكن أن ينسخ الحديث من القرآن حتى نقطة أو حركة.

النسخ قد يعني إزالة ومحو قدرٍ قَدَره الله تعالى بالدعاء والاستغفار.

أو إزالة إلهام أو وحي من غير استبداله بغيره، كما حدث لأحد الهامات الميرزا غلام التي نسيها.

أو استبدال فشل بنجاح، كما حدث من عدم استجابة دعاء من الميرزا غلام كآية إعجازية، واستبداله بنجاح أي باستجابة دعاء آخر.

أو إماتة أحد، وإنجاب غيره، كما حدث مع ابن الحكيم نور الدين الخليفة الأحمدي الأول.

أو إزالة ومحو الشرائع السابقة بالشريعة الإسلامية.

أو محو آية قرآنية، وبقاء حكمها، كما في بقاء حكم الرجم للزاني المُحْصن([4])، مع عدم وجود آية الرجم في القرآن، وإذا لم يقر الأحمديون بهذا الرأي، فهذا يعني:

إمّا أنّ الميرزا غلام يجهل آيات القرآن، حيث يقول إنّ الله تعالى أمر في القرآن برجم الزاني، ولا يوجد بالفعل هذا الأمر في القرآن الكريم.

وإمّا أنّ الميرزا غلام يؤمن بنسخ التلاوة مع بقاء الحكم، حيث إنه يرى من الممكن أن تَنْسخ الآية القرآنية آية قرآنية أخرى، ولا ينسخ الحديث الآية القرآنية.

أحاديث القسم الأول جديرة بأن يضيف شيئًا إلى القرآن، وهنا لا يقصد الميرزا غلام الإضافة الحقيقية لآيات القرآن، ولكنه يقصد إضافة حكم شرعي لم يأتِ في القرآن الكريم، وكلام الميرزا غلام هذا يفسر قوله في موضع آخر أنّ الحديث لا ينسخ آيات القرآن بالحقيقة، أي لا يزيل آية من القرآن من موضعها.

خلاصة النسخ عند بشير الدين محمود:

نسخة القرآن الكريم التي بين أيدينا كاملة ولا يوجد بها نسخ على الإطلاق.

النسخ الوارد في آية سورة البقرة([5]) هو نسخ للشرائع السابقة.

بشير الدين محمود يقر بنسخ عقيدة الميرزا غلام بخصوص نبوته قبل سنة 1900م([6]).

نصوص الميرزا غلام

من المعلوم أنّ النصوص التي لا تَظهر دلالتها بوضوح، أو تكون حمالة لأكثر من دلالة مثل الآيات المتشابهات في القرآن، ومثل نصوص وردت في كتب الميرزا غلام يتكلم فيها على النسخ، ولا يُعلم منها هل النسخ المقصود للشرائع السابقة، أم هو لأحكام في القرآن الكريم نَسَخَت أحكامًا أخرى في القرآن، فالحل هو الإحالة إلى نصوص تتعلق بنفس الموضوع، وهذه النصوص ذات دلالة واضحة لبيان المقصود الصحيح من النسخ، لذلك سأبدأ بعرض نصوصٍ متأخرة زمنيًّا قبل النصوص المبكرة التي تتعلق بموضوع النسخ، لأنّ النصوص المتأخرة ذكر فيها الميرزا النسخ والتغيير في أحكام القرآن في مواجهة علماء الهندوس، بل اعتبر الميرزا غلام هذه التغيرات الروحانية في الشريعة ممدوحة، لأنها تناسب التغيرات فيمن نزلت عليهم هذه الأحكام، بينما كتاب الهندوس المقدس يخلو من هذه التغيرات الضرورية، مما جعل الميرزا غلام يعتبر هذا نقص في الفيدا([7]).

النص الأول:

يقول الميرزا غلام([8]):‏ ومن اعتراضاتهم أن إله المسلمين متقلِّب كثيرا إذ يأمر تارة بشيء ويأمر ‏بشيء آخر تارة أخرى.‏

الجواب: هداكم الله، لم يرد في القرآن الكريم قط أن الله متقلِّب، بل ورد فيه أن الإنسان ‏متغير لذا يُحدث الله تعالى تغييرات من أجله وبما تناسبه. عندما يكون الجنين في ‏البطن يتغذى على الدم، وعندما يولَد يرضع الحليب فقط إلى مدة معينة ثم يأكل ‏الغلال بعد ذلك. فيخلق الله له تعالى أسبابا من ثلاثة أنواع بحسب الضرورة. حين ‏يكون الجنين في البطن يأمر الله ملائكة البطن، وهي الذرات الداخلية، أن تصنع من ‏الدم طعاما للجنين. ثم عندما يولَد ينسخ ذلك الأمر ويأمر ملائكة الثدي التي هي ‏ذراته لتخلق له الحليب. ثم حين يكتمل نموه بالحليب ينسخ عز وجل هذا الأمر ‏أيضا ويأمر ملائكة الأرض التي هي ذراتها لتخلق له الغلال والماء إلى آخر ‏الأمد. فلنعترف أن هذا النوع من التغيرات ملحوظ في أحكام الله تعالى سواء أكانت ‏بواسطة النواميس الطبيعية أو من خلال الشريعة. ولكن هل من تغيّر يحدث في الله ‏نتيجة هذه التغيّرات؟ الحياء، الحياء، الحياء!!!‏ ومن المؤسف حقا أن الإله لا يملك هذه التغييرات بحسب الفيدا...".

التعليق:

قول المحاضر الهندوسي الذي نقله الميرزا غلام "إله المسلمين متقلِّب كثيرا إذ يأمر تارة بشيء ويأمر ‏بشيء آخر تارة أخرى"، يوضح بجلاء أنّ الحوار كان فيما يخص الأوامر التشريعية في القرآن الكريم، ولا علاقة له بالشرائع السابقة، أو معجزات الأنبياء السابقين التي نسخها القرآن، وهذا يُنهي أي ادعاء من الأحمديين بأنّ الميرزا غلام لم يكن يقصد بالنسخ والتغيير في الأوامر والنواهي في القرآن.

قول الميرزا غلام "أو من خلال الشريعة"، كافٍ لإثبات عقيدة الميرزا غلام في النسخ في القرآن.

كما أنّ قول الميرزا غلام "ومن المؤسف حقا أن الإله لا يملك هذه التغييرات بحسب الفيدا..."، فالهندوس لا ينكرون التغييرات الطبيعية في الكون والإنسان، ولكنهم ينكرون التغيرات في الأوامر التشريعية في القرآن، وبالتالي كان أسف الميرزا غلام أنّ إله الهندوس في (الفيدا) لا يملك هذه التغييرات التشريعية في(الفيدا) .

النص الثاني:

يقول الميرزا غلام([9]): “ ثم قدّم المحاضر([10])علامة أخرى للكتاب الموحى به وهي ألا يكون فيه تعديل أو نسخ وألا تكون هناك حاجة إليهما"‏.

ويجيب الميرزا بقوله: “ ماذا أقول وماذا أكتب في الرد على ذلك! إن هذا الشخص يعرّض الفيدا للفضيحة ‏بغير حق، إذ لا يعلم إلى الآن أن طبيعة الإنسان عرضة للتغير والتبدل دائما. فلا ‏يمكن أن يُعَد الكتاب من الله بهذه التغيرات.‏ الذي يدّعي كونه طبيبا ثم يعطي الرضيع دواء بالقوة نفسها التي يجب إعطاؤه شابا ‏فهو ليس طبيبا، بل هو مجنون. كما يضطر الطبيب لتغيير الدواء نظرا إلى مقتضى ‏الطقس مثلا أو يضطر لترك دواء واختيار دواء آخر؛ فيتَّبع القانون نفسه في الطب ‏الروحاني أيضا. أي عندما يحضر المريض عند الطبيب للعلاج في شريعة الله، وإذا ‏كان الطبيب حاذقا فلا يعطيه الدواء بالقوة نفسها في جميع مراحل المرض، بل يصف ‏دواء في المرحلة الابتدائية وعندما يتفاقم المرض أكثر من المرحلة الابتدائية ويصل ‏إلى درجة التزايد أي يبدأ بالتفاقم، يغيّر الوصفة بحسب تلك المرحلة. وعندما يبلغ ‏المرض منتهى درجة التزايد أي يبلغ هياجه الذروة يصف الطبيب الحاذق وصفة ‏تنسجم مع شدة المرض. ثم عندما تأتي مرحلة انحطاط المرض أي يبدأ المرض ‏بالزوال يقلل الطيب من قوة وصفته. وعندما لا تبقى في اليد حيلة سوى العملية ‏الجراحية في حال مرض معين ويكون هناك خطر للموت يكون من واجب الطبيب ‏الحاذق أن يستعد للعملية فورا دون الاهتمام بتألم المريض. في بعض الأحيان يضطر ‏الجراح لشق بطن المريض أو نزع عظم من عظام الفكِّ أو الرأس إنقاذا لحياته فلا ‏يُحسب الطيبُ ظالما في كل هذه الخطط لأنه لا يعزم من خلالها على القتل وإنما ‏ينوي إنقاذ الحياة.‏ فعلى هذا المنوال لو تعمقتم في الموضوع أكثر لوجدتم أن حياة الإنسان زاخرة ‏بالتغيرات من كل جانب، وكما أن الإنسان معرض للتغيرات من الناحية ‏الجسدية كذلك لا مندوحة له من التغيرات من الناحية الروحانية أيضا.".

نرى في بلدنا أننا نضطر لبعض التغييرات في لباسنا مع بداية تشرين الأول حتى ‏نترك في كانون الأول كليا اللباس الخفيف الذي كنا نلبسه سابقا. ونلبس بدلا منه ‏لباسا سميكا من الصوف أو غيره الذي يكفي لمقاومة البرد. وعندما يحل شهر نيسان ‏نبدأ بارتداء لباس خفيف مرة أخرى، وفي شهر حزيزان وتموز نحتاج بشدة إلى ‏المراوح والماء البارد. فليكن معلوما أن التغييرات نفسها حادثة في الحياة الروحانية أيضًا".

التعليق:

الميرزا غلام يناقش التعديل أو النسخ الذي يحدث في كتاب موحى به، أي أنّ الميرزا غلام لا يتكلم على كتاب موحى به نَسَخَ كتابًا آخرًا سابقًا موحى به أيضًا، بل التغيير في نفس نصوص الكتاب الواحد، وهذا يتضح من قول الميرزا غلام "ألا يكون فيه" بالإفراد، ولم يقل "إلا يكون فيها" بالجمع.

المحاضر الهندوسي كان يناقش الميرزا غلام ممثلًا لجماعة من جماعات المسلمين، ولم يكن الميرزا غلام يحاور ويناقش دفاعًا عن التغيير والتبديل في الشرائع السابقة في التوراة والإنجيل.

حينما بدأ الميرزا غلام بالرد على ما يدعيه المحاضر الهندوسي بأنّ الكتاب الموحى به يجب ألا يكون به تعديل أو نسخ، فكان جواب الميرزا غلام أنّ هذا الرأي من المحاضر يُعَرِّض كتابه المقدس (الفيدا) للفضيحة بالادعاء أن ليس فيه تعديل أو نسخ، وحيث أنّ الحوار كان للدفاع عن كتاب المسلمين القرآن الكريم، فهذا يثبت أنّ الميرزا غلام يؤمن بوجود التعديل والنسخ في القرآن الكريم.

ويؤكد الميرزا غلام أنّ التعديل والنسخ كما هو ضرورة في طبيعة الإنسان، فلا مانع من وجود هذه التغيرات في القانون الروحاني، وزاد الميرزا غلام الأمر وضوحًا بقوله "فيتَّبع القانون نفسه في الطب ‏الروحاني أيضًا أي عندما يحضر المريض عند الطبيب للعلاج ‏في شريعة الله"، وقوله "كذلك لا مندوحة له من التغيرات من الناحية الروحانية أيضا"، وقوله "فليكن معلوما أن التغييرات نفسها حادثة في الحياة الروحانية أيضًا".

النص الثالث:

يقول الميرزا غلام([11]): “ فكما يرى جميع المسلمين العمل بأحكام القرآن الكريم البينة والأحاديث الصحيحة واجتهادات المجتهدين المسلّم بها واجبا كذلك أرى أنا أيضا. غير أنني لا أستنبط المعانيَ التي يستنبطها العلماء المعاصرون من بعض الأخبار الماضية والمستقبلية([12]) الواردة في الأحاديث، وذلك بعد الإلهام من الله الذي أجده مطابقا للقرآن الكريم تماما، لأنه في حال استنباط تلك المعاني منها تصير تلك الأحاديث معارضةً للقرآن، بل تصبح مغايرة ومتباينة مع الأحاديث الأخرى أيضا التي تعادلها من حيث صحتها. إذًا، فإن هذا البحث كله يتعلق في الحقيقة بالأخبار التي لا يقول بنسخها أحد من السلف أو الخلف([13]). فما من عاقل يعتقد أن آيات القرآن التي تذكر موت عيسى عليه السلام قد نُسخت بالأحاديث، ولا يعتقد أن الأحاديث أقوى من آيات القرآن من حيث الصحة. فلو أنكر أحد المبدأ لما وسِعنا إلا أن نقول: قدِّموا لنا تلك الآيات فسنوفِّقها مع الأحاديث.".

التعليق:

هذا النص يوضح بلا أي مجال للشك؛ أنّ الميرزا غلام يقصد العلاقة بين الأحاديث والآيات القرآنية، وليس الآيات الكونية أو ما جاء به الأنبياء السابقة من شرائع أو آيات إعجازية.

ويؤكد الميرزا غلام أنّ عقيدته هي نفس العقائد الإجماعية للمسلمين وهي التي يعمل بها من خلال أحكام القرآن البينة والأحاديث الصحيحة واجتهادات المجتهدين المُسَلَّم بها، ومع ذلك فهو يخالف ما ذهب إليه إجماع مذهب السنة والجماعة على حياة سيدنا عيسى عليه السلام في السماء، وكانت هي بالفعل عقيدة الميرزا غلام أيضًا، ويخالفهم أيضًا في مسألة النبوة، حتى لو سماها نبوة مجازية ظلية بروزية.

يقصد الميرزا غلام بالأخبار الماضية ما ورد في الأحاديث عن رفع سيدنا عيسى عليه السلام إلى السماء، ويقصد بالأخبار المستقبلية ما ورد من نزوله آخر الزمان.

ويؤكد الميرزا غلام أنّ عقيدته في ترك ما استنبطه العلماء المعاصرون – بحسب تعبيره- هي أنّ الوحي والإلهام من ربه يلاش العاج هو ما جعله يخالف الإجماع، وأنه وجد هذه الإلهامات مطابقة للقرآن، وطبعًا يقصد بالمطابقة؛ مطابقة فهمه هو للقرآن.

ويدعي الميرزا غلام أنّ فهم العلماء المعاصرين يعارض القرآن والأحاديث، وطبعًا يقصد الميرزا غلام معارضة ما فهمه هو بعد الإعلام من ربه يلاش العاج.

يقصد الميرزا غلام بقوله "بالأخبار التي لا يقول بنسخها أحد من السلف أو الخلف"، الآيات القرآنية التي ذكرت توفي سيدنا عيسى عليه السلام، فلا يقال إنها نسخت بأحاديث، وهذا يتضح من بقية الفقرة.

النص الرابع:

يقول الميرزا غلام([14]): “...وأقول مرة أخرى سواء أسمعتَ أم لم تسمع بأن القرآن الكريم قد صرحّ مرارا أن الإنسان مخيَّرٌ، الأمر الذي بسببه جُعل مكلَّفا. ولكن حيث إنّ الأديان الباطلة الموجودة في العرب آنذاك التي كانت تزعم أن للآلهة الأخرى أيضا دخلا في أمور الكون، كما تزعمون أنتم أيضا، فقد فنّد ذلك، وقال في مواضع أخرى بأن هذا خطأ وباطل تماما.، بل الله هو مصدر كل أمرٍ ومرجعه، وهو علة العلل ومسبب الأسباب. لهذا السبب رفع الله تعالى في القرآن الكريم الوسائط أحيانا وذكر كونه علة العلل كقوله تعالى: {الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللهِ}.

فباختصار، قد أجبناك هنا بما فيه الكفاية أنه لا يمكن أن يوجَّه إلى القرآن الكريم القول بالجبر والإكراه، ولسنا من "الجبرية". إنك لا تدري إلى الآن عن معتقدات المسلمين شيئا؛ إذ لا تدري أن الله تعالى قد أمر في القرآن الكريم بقطع يد السارق ورجم الزاني بكل وضوح، فإذا كان هذا التعليم مبنيًّا على الجبر لما رُجم أحد. القرآن الكريم لا يصرح أن الإنسان مخيّر في آية أو آيتين فقط، بل في مئات الآيات. ولو أردتَ لقدّمتُ قائمةً كاملة لها. وأنت أيضا تقبل بأن الإنسان ليس مخيرًا مطلقا من كل الوجوه، وأن سلسلة حكم الله تعالى على قواه وجوارحه والأسباب الأخرى الخارجية والداخلية جارية. وهذا هو مذهبنا نحن أيضا، فلماذا تطيل هذا النقاش العقيم؟"([15]).

التعليق:

يقر الميرزا غلام بأنّ الله سبحانه وتعالى أمر في القرآن بقطع يد السارق ورجم الزاني بكل وضوح، وقول الميرزا غلام "بكل وضوح"، أي أنّ هذا واضح وصريح في القرآن، وليس من الأمور المستنتجة أو المستنبطة، وليس أيضًا من السنن التي أمر بها سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم، فاعتبرت أنها من القرآن مثل كما جاء في حديث ابن مسعود والنامصات([16]).

يقر الميرزا غلام بأنّ عقيدة المسلمين ليست الجبرية، بل في الأمور التي كُلِّفَ بها هو مخير فيها، وأن هذه العقيدة في القرآن في مئات الآيات.

كما أنّ إقرار الميرزا غلام بأنّ الإنسان مخير يثبت فساد عقيدة الميرزا غلام التي يرى فيها أنّ الله تعالى مشارك في شقاوة الكفار مثل فرعون وغيره، ولذلك سيخرجهم من النار بعد أحقاب من العذاب ليدخلوا الجنة، ومن المعلوم أنّ عقيدة خلود الكافرين في النار عقيدة ثابتة بالكثير من الآيات في القرآن، كما أنها عقيدة إجماعية، فإذا كان من المبادئ الأحمدية كما رأينا أنّ الحديث من القسم الثاني الذي يخالف القرآن غير مقبول عند الميرزا غلام، وبحسب رأي الميرزا غلام في قوله "كل أمر ديني مذكور في القرآن ولم يبق شيء خارجه. ولو نقلنا من كتب التفسير ما يؤيد هذا الكلام لاحتجنا إلى مجلد منفصل. فحقيقة الأمر أن ما خرج عن القرآن أو خالفه فهو مردود"([17])، فعقيدة إخراج الكفار من النار وإدخالهم الجنة بعد أحقاب من العذاب هي بالفعل خارج القرآن وهي مردودة بحسب قول الميرزا غلام، فكان يجب على الميرزا غلام عدم القول بخروج الكافرين من النار ودخولهم الجنة لمخالفة الله تعالى، ولإنها عقيدة إجماعية([18]).

النص الخامس:

يقول الميرزا غلام([19]): “ قوله([20])" قد تقول بأن الأحاديث كلها تُروى بالمعنى كما قال قدوتك سيد أحمد خان، وقد اعتبرتَ القرآن معيارا لإثبات صحة الحديث تقليدا له". أقول: إنه لافتراء محض منك إذ تزعم أن سيد أحمد خانْ قدوتي. إن قدوتي هو كلام الله جل شأنه، ثم كلام رسوله. متى قلتُ بأن كلّ الأحاديث تُروى بالمعنى؟، بل إن مذهبي هو أن الصحابة كانوا يسعون قدر استطاعتهم للاهتمام بحفظ كلمات النبي عليه السلام بعينها ليتمكّن كل شخص من التأمل في كلماته المباركة فتساعده على فهم قصده صلى الله عليه وسلم الحقيقي. غير أن سلامة الفهم شرط لا مندوحة منه للاعتماد الكامل على رواياتهم وكذلك على روايات غيرهم، لأنه لو أصابت الفهمَ آفةٌ نتيجة التقدم في السن أو الاختلال في الدماغ فإن حفظ الكلمات وحده لا يكفي.، بل في هذه الحالة يشك المرء في أن الراوي قد يكون تصرف في الكلمات المروية أيضا نتيجة الاختلال في الدماغ([21]). ولكن لماذا تنزعج من اعتبار القرآن معيارا ما دام قد جاء للتمييز بين الحق والباطل؟ وإذا لم يكن القرآن معيارا فما هو المعيار إذًا؟ لا شك أن القرآن الكريم يحيط بجميع الحقائق وتوجد فيه كل العلوم الصحيحة. ولكن جميع أنواع العظمة والكمالات الموجودة في القرآن الكريم تنكشف على المطهَّرين الذين يُكرَمون بالوحي الإلهي. ولا يؤمن المرء في الحقيقة إلا حين يقرّ بصدق القلب بأن القرآن هو المعيار الحقيقي لاختبار صحة الأحاديث التي جمعها الرواة. مع أن عامة الناس لا يقدرون على فهم كيفية استخدام هذا المعيار كاملًا، بل يقدر على ذلك الخواص فقط. ولكن عدم القدرة أمرٌ وكون الشيء معيارا لشيء في الواقع أمرٌ آخر.

هنا أتساءل: هل الإيمان بصفات القرآن الكريم التي بيّنها الله جلّ شأنه بنفسه واجب أم لا؟ إذا كان واجبا فأسأل: ألم يسَمِّ الله - سبحانه وتعالى - القرآنَ قولا فصلا، وفرقانا وميزانا وإماما وحَكَما ونورا بوجه عام؟ وهل جعله وسيلة لرفع جميع الاختلافات أم لا؟ ألم يقل إن فيه تفصيلَ كل شيء وبيانَ كل أمر؟ ألم يرِد أن أيّ حديث يعارض حُكمه ليس جديرا بالثقة؟ وإذا كان كل ذلك صحيحا، أفليس من واجب المؤمن أن يؤمن به ويقرّ به باللسان ويصدِّقه بالقلب، ويعتقد بأن القرآن الكريم هو المعيار والحَكم والإمام في الحقيقة؟ ولكن المحجوبين لا يصِلون كنه إشارات القرآن الكريم الدقيقة وأسراره، ولا يقدرون على أن يستخرجوا منه المسائل الشرعية ويستنبطونها فينظرون إلى الأحاديث النبوية الصحيحة كأنها تضيف إلى القرآن الكريم شيئا أو تنسخ بعض أحكامه. ولكنها لا تضيف شيئا، بل تشرح بعض إشارات القرآن الكريم المجملة. يقول القرآن الكريم: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} (1)، فقد قال القرآن في هذه الآية بوضوح تام بأن الآية لا تُنسخ إلا بآية فقط. لذا وعد أنه لا بد من نزول آيةٍ مكانَ آيةٍ منسوخة. صحيح أن العلماء زعموا على سبيل التسامح أن بعض الأحاديث نسخت بعض الآيات، حيث يقول الفقه الحنفي أنه يمكن نسخُ آية بحديث مشهور، ولكن الإمام الشافعي لا يرى ذلك قط، بل يقول بعدم جواز نسخ القرآن حتى بحديث متواتر. وبعض المحدثين يقولون بنسخ الآية بخبر الواحد أيضا، ولكن القائلين بالنسخ لا يقصدون مطلقا أن الآية تُنسخ بحديثٍ فعلا وحقيقةً، بل يقولون بأن الحقيقة أنه لا يجوز الإضافة على القرآن ولا يجوز نسخه بالحديث. ولكن كل هذه الأمور تبدو حادثة بحسب نظرنا القاصر الذي يعجز عن استنباط المسائل من القرآن الكريم. والحق أنه لا يجوز النسخ الحقيقي ولا الإضافة الحقيقية على القرآن الكريم لأن ذلك يستلزم تكذيبه. لقد ورد في الصفحة 91 من "نور الأنوار" وهو كتاب أصول الفقه للأحناف: "روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بعث معاذا إلى اليمن قال له: بمَ تقضي يا معاذ؟ قال بكتاب الله. قال: فإن لم تجد؟ قال بسنة رسول الله. قال فإن لم تجد؟ قال أجتهد برأيي. فقال: الحمد لله الذي وفّق رسول رسوله بما يرضى به رسوله. لا يقال إنه يناقض قول الله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} فكل شيء في القرآن، فكيف يقال فإن لم تجد في كتاب الله؟ لأنّا نقول إن عدم الوجدان لا يقضي عدم كونه في القرآن. ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: فإن لم تجد، ولم يقل فإن لم يكن في الكتاب.". فهذه العبارة تتضمن إقرارا أن كل أمر ديني مذكور في القرآن ولم يبق شيء خارجه. ولو نقلنا من كتب التفسير ما يؤيد هذا الكلام لاحتجنا إلى مجلد منفصل. فحقيقة الأمر أن ما خرج عن القرآن أو خالفه فهو مردود. والأحاديث الصحيحة لا تخرج عن القرآن، لأن جميع المسائل قد استُخرِجت واستُنبِطت من القرآن بواسطة الوحي غير المتلوِّ. غير أنه صحيح تماما أن هذا الاستخراج والاستنباط ليس بوسع كل شخص إلا رسول الله أو الذي بلغ تلك الكمالات بصورة ظلية. ولا شك في أن الذي وهبه الله تعالى-بصورة ظلية- العلم الذي وهبه لرسوله المتبوع فهو يُطلَع على حقائق القرآن ومعارفه الدقيقة كما وعد - سبحانه وتعالى -: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} (1)، ووعد أيضا: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} (2). المراد من الحكمة هنا هو علم القرآن. فهؤلاء الناس يُطلَعون على العلم والبصيرة بواسطة وحي خاص، فيميزون بين الصحيح والموضوع بناء على هذا الأصل المحكم. مع أن العوام وعلماء الظاهر لا يقدرون على ذلك، ولكن مع ذلك يجب أن يؤمنوا أن القرآن الكريم معيار ومحكٌّ للأحاديث المروية دون أدنى شك وإن كانوا لا يستطيعون أن يستخدموا هذا المحك بوجه عام لعدم بصيرتهم. ولكنهم يستطيعون أن يعتبروا-، بل يجب أن يعتبروا لكي يستفيدوا من العلم الذي أُعطوه- محكماتِ القرآن وبيناته وأحكامه القاطعة واليقينية محكا ومعيارا بصورة واضحة لاختبار الأحاديث المروية في القسم الثاني من قسمَي الحديث اللذين ذكرتُهما من قبل والذي يحتوي على الأخبار والأحداث والقصص والوعود وغيرها التي لا يجري عليها النسخ. وذلك لأن محكمات القرآن وبيناته علمٌ يقيني وأما ما خالف القرآن الكريم فهو ظنٌّ كله. والذي يتبع الظن مع وجود العلم فإنه تحت طائلة الآية: {مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ} (1)، {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ}".

التعليق:

يقر الميرزا أنّ كل أمر دينيّ مذكور في القرآن، ولم يبق شيء خارجه، وما خرج عن القرآن أو خالفه فهو مردود، وأنّ جميع المسائل قد استُخرِجت واستُنبِطت من القرآن بواسطة الوحي غير المتلوّ أي أحاديث سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، والقرآن يحيط بجميع الحقائق وتوجد فيه كل العلوم الصحيحة، وأنّه قول فصل، وفرقان وميزان وإمام وحَكَم ونور بوجه عام، وهو وسيلة لرفع جميع الاختلافات ، فيه تفصيلَ كل شيء وبيانَ كل أمر، وبالتالي فلا بد من اعتباره معيارًا لغيره سواء من الأحاديث أو أي قول، كما يقصد الميرزا أنّ القرآن معيار للأحاديث أي القسم الثاني من الأحاديث، وأما القسم الأول أي الأحاديث المدعومة بتواتر العمل فهي يقينية الثبوت والدلالة، ولا تحتاج لمعيار القرآن، لأنها من قبيل الوحي النبويّ غير المتلو الثابت بتواتر العمل، كما يقرر الميرزا غلام أنّ ما خالف القرآن الكريم فهو ظنٌّ كله. والذي يتبع الظن مع وجود العلم فإنه تحت طائلة الآية: {مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ}([22])، {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ}([23]).

وهنا يجب محاسبة الميرزا على ما يدعيه من نبوة، ومهدوية، هل جاء أي ذكر في القرآن لهذه الأمور التي يدعيها، أم كل الأفكار والعقائد التي خالف فيها الميرزا المسلمين هي من خارج القرآن، كما يجب أن يعلم الأحمديون أنّ والعقائد وبخاصة الأمور الغيبية والنبوة عموما، لا بد من النص الصريح عليها، أي لا بد أن تكون قطعية، وأما منْ يُدخل في الغيبيات والنبوة والعقائد الإشارات والتلميحات والتفسيرات الباطنية مثل التفسير بالرأي من غير أدلة قطعية فهي من الهوى ومن المهلكات، يقول الله تعالى :{فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}([24]).

ويرى الميرزا أنّ الاستخراج والاستنباط لجميع المسائل من القرآن ليس بوسع كل شخص إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو الذي بلغ تلك الكمالات بصورة ظلية، فأما شهادة الميرزا غلام أنّ سيدنا مُحَمّدًا صلى الله عليه وسلم هو الأعلم بالقرآن وتفسيره للقرآن هو الأولى فمقبولة، ولكن رأي الميرزا غلام في قوله "أو الذي بلغ تلك الكمالات بصورة ظلية"، فيحق لنا رفضه لأنه بلا دليل قطعي، فكل من تكلم في تفسير القرآن غير سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم فهو غير معصوم، ويؤخذ ويرد منه، فالعبرة بالأدلة وليس بأقوال لا تدعمها الأدلة.

ذكرتُ من قبل في الباب الأول تفسير الميرزا للتعبير "لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ" في الآية {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (80)}([25])، فأرجو الرجوع إليه.

يقر الميرزا بأنّ الصحابة رضي الله عنهم كانوا يسعون قدر استطاعتهم للاهتمام بحفظ كلمات النبي عليه السلام بعينها، وذلك حتى يفهم قصده صلى الله عليه وسلم الحقيقي، كما يقر الميرزا بشرط سلامة فهم من نقلوا الأحاديث لها شرط لا مندوحة منه للاعتماد الكامل على رواياتهم، وكذلك على روايات غيرهم، لأنه لو أصابت الفهمَ آفةٌ نتيجة التقدم في السن أو الاختلال في الدماغ فإنّ حفظ الكلمات وحده لا يكفي.، بل في هذه الحالة يشك المرء في أنّ الراوي قد يكون تصرف في الكلمات المروية أيضا نتيجة الاختلال في الدماغ، ورأي الميرزا هذا صحيح، ولكن ماذا نقول على ما قاله الميرزا بأنّ سيدنا أبي هريرة قليل الدراية، لأنه فقط خالف فهم الميرزا في مسألة حياة سيدنا عيسى عليه السلام في السماء([26])، بالرغم من أنّ الميرزا قد قال بنفس الرأي([27]) الذي قاله أبو هريرة رضي الله عنه؛ أي أنّ آية {وإن من أهل الكتاب...قبل موته}([28]) تعني موت سيدنا عيسى عليه السلام قبل يوم القيامة.

ويؤكد (جلال الدين شمس)([29]) عقيدة الميرزا بخصوص العلاقة بين القرآن والأحاديث، وأنّ الأحاديث التي دعمها تواتر العمل منه صلى الله عليه وسلم، ومن الصحابة الكرام رضي الله عنهم، والأمة من بعد بقوله: “فهي من القرآن وإن لم يتمكن الباحث من العثور على أصلها في القرآن الكريم"، ليست من كلام الميرزا، وإنما من كلام جلال الدين شمس تعليقًا على المناظرة، وبيانًا لرأي وعقيدة الميرزا بخصوص علاقة الأحاديث بالقرآن، وتقسيم الأحاديث إلى قسمين.

من المعلوم أنّ سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم قام بنفسه بأخذ القرار في رجم ماعز الأسلمي رضي الله عنه الذي زنا وهو محصن([30])، وقام من بعده الصحابة الكرام بنفس العمل وهو رجم الزاني المحصن، ولم يتوقفوا، ولم يتوقف المسلمون من بعدهم عن هذا التشريع إلى الآن، أي أنّ هذا الحكم من السنن المدعومة بتواتر العمل اتباعًا لما قام به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام، وقد لا يجد الباحثون آية في القرآن تثبت هذه السنة، فالعمل بهذه السنن واجب، لانطباق مواصفات القسم الأول من الأحاديث عليها بحسب تقسيم الميرزا.

والذي يؤكد أنّ عقيدة الميرزا في عقاب الزاني المحصن هي الرجم، بالرغم من عدم وجود آية في القرآن تقول برجم الزاني، ما قرره في كتابه (الحرب المقدس)([31])، وقد يقول الأحمديون إنّ الأمر برجم الزاني لم يذكر في القرآن فعلا بالنص، ولكن أفعال سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم هي وحي غير متلو من الله تعالى، وهذا كما جاء في حديث عبدالله بن مسعود بخصوص لعن المُغَيّرات لخلق الله تعالى، فقد اعتبر ابن مسعود أمر سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم هو أمر الله تعالى([32])، وأجيب أنّ الميرزا حينما ذكر رجم الزاني، ذكره مع قطع يد السارق المذكور بالفعل في القرآن، مما يؤكد أنّ قصد الميرزا أنّ الأمرين في القرآن نصًا.

يقر الميرزا غلام بالنسخ في القرآن من خلال تفسيره للآية { ما ننسخ من آية...}، ويقول "يقول القرآن الكريم: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}، فقد قال القرآن في هذه الآية بوضوح تام بأنّ الآية لا تُنسخ إلا بآية فقط. لذا وعد أنه لا بد من نزول آيةٍ مكانَ آيةٍ منسوخة"

إذن الميرزا غلام يقر بوجود النسخ، ولكن أن تنسخ الآية الآية، ولا ينسخ الحديث الآية.

ثم يذكر بعض آراء المذاهب في نسخ بعض آيات القرآن الكريم بالأحاديث، وهذا يؤكد أنّ الميرزا يتكلم في هذا النص بخصوص النسخ؛ بمعنى المحو والإزالة، لآيات القرآن، وليس للآيات الإعجازية من الأنبياء أو الشرائع السابقة.

قول الميرزا "والذي يحتوي على الأخبار والأحداث والقصص والوعود وغيرها التي لا يجري عليها النسخ"، يؤكد عقيدته أنّ هناك آيات يجرى عليها النسخ أي آيات الأحكام، وآيات لا يجري عليها النسخ؛ وهي كما قال "يحتوي على الأخبار والأحداث والقصص والوعود وغيرها".

يقرر الميرزا أنّ القائلين بنسخ الحديث للآيات القرآنية لا يقصدون النسخ الحقيقي، أي بإزالة نص الآية واستبدالها بنص في الحديث الشريف، كما يقرر الميرزا أنه لا يصح الإضافة للقرآن، وإنما يقصدون النسخ غير الحقيقي؛ أي استبدال حكم في القرآن بحكم في الحديث.

يقول الميرزا([33]): “...والمراد من قوله {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} هم النبيّون والأخيار ‏الآخرون‎ ‎من بني إسرائيل الذين صدّقوا المسيح وما فرّطوا في أمره وما أفرطوا ‏بأقاويل،‎ ‎وكذلك المراد عيسى المسيحُ‎ ‎الذي خُتِمَتْ عليه تلك السلسلة وانتقلت النبوّة، ‏وسُدَّ به مجرى الفيض كأنه العَرِمة، وكأنه لهذا الانتقال العَلَمُ والعلامة، أو الحشر ‏والقيامة، كما أنتم تعلمون. وكذلك المراد من {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} في هذه الآية هو سلسلة ‏أبدال هذه الأمّة الذين صدّقوا مسيح آخر الزمان، وآمنوا به وقبِلوه بصدق الطويّة ‏والجَنان.. أعني المسيحَ الذي خُتِمتْ عليه هذه السلسلة،‎ ‎وهو المقصود الأعظم‎ ‎من ‏قوله {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} كما تقتضي المقابلةُ ولا ينكره المتدبّرون، فإنّه إذا عُلِمَ بالقطع ‏واليقين والتصريح والتعيين أن المغضوبَ عليهم([34]) هم اليهود الذين كفّروا المسيح ‏وحسبوه من الملعونين كما يدل عليه قرينةُ قوله {الضَّالِّينَ}، فلا يستقيم الترتيب ولا ‏يحسُن نظام كلام الرحمن إلا بأن يُعنى مِن {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} مسيحَ آخر الزمان،‎ ‎فإن ‏رعاية المقابلة مِن سنن القرآن ومن أهم أمور البلاغة وحسن البيان، ولا ينكره إلا ‏الجاهلون"..

وطالما (رعاية المقابلة) من أهم أمور البلاغة، وحسن البيان، ولا ينكره إلا الجاهلون ‏كما يقول الميرزا، فإنه بنفس المبدأ، إذا قال الميرزا إنّ الآية لا تنسخ إلا بآية مثلها، ‏ولا تنسخ بحديث شريف، فلا يصح من الأحمديين أن يقولوا إنّ الآية المنسوخة في ‏كلام الميرزا لا يقصد بها الآية القرآنية، وإنما يقصد بها الآيات ‏الإعجازية الخارقة كما في آيات خوارق الأنبياء السابقين، أو نسخ الشرائع السابقة، ويؤكد الأحمديون رأيهم بقولهم "فإنّ الله تعالى استبدل هذه الآيات الإعجازية ‏بآية القرآن الكريم الإعجازية، وبالتالي لا تكون الآية المنسوخة في مقابل الحديث في ‏قصد الميرزا إلا الآيات الإعجازية السماوية".‏

فمن خلال مبدأ الميرزا أي وجوب مراعاة المقابلة، فلا تكون الآية التي ‏تنسخها آية أخرى إلا الآية القرآنية لأنها في مقابل الحديث الشريف، ولا يُعقل أن ‏يكون قصد الميرزا أنّ الآيات السماوية الإعجازية لا ينسخها الحديث الشريف، فلم ‏يقل أحد بذلك إطلاقًا، وكان سياق الكلام على النسخ في القرآن الكريم، فهل في الفقه ‏الحنفي كما نقل الميرزا مَنْ قال بنسخ الحديث الشريف للآيات الإعجازية للأنبياء ‏السابقين!!!، ثم يبيّن الميرزا أنه يتكلم على نسخ الآيات القرآنية بقوله "ولكن الإمام ‏الشافعي لا يرى ذلك قط، بل يقول بعدم جواز نسخ القرآن حتى بحديث متواتر"، لقد ‏أوضح الميرزا أنه يتكلم على من يقول بنسخ القرآن بالحديث الشريف، ثم يكمل ‏الميرزا كلامه بقوله "الحقيقة أنه لا يجوز الإضافة على القرآن ولا يجوز نسخه ‏بالحديث"، فهذا قول صريح من الميرزا أنه يقصد أنه لا يجوز الإضافة ‏إلى القرآن، ولا يجوز نسخه بالحديث الشريف.‏ وفي صفحة 129 يقول الميرزا([35]): “... فمثلا قد أخبر القرآن الكريم أن سليمان ‏كان ابن داود، وإسحاق هو ابن إبراهيم ويعقوب هو ابن إسحاق، وإذا قال ‏حديث([36]) خلاف ذلك وأخبر أن داود كان ابن سليمان وكان إبراهيم أبتر، فأنّى لي ‏أن أقبل أن ما قاله القرآن الكريم قد نُسخ؟ كل عاقل يستطيع أن يفهم أنّ النسخ لا ‏يؤثر قط في الأحداث التاريخية والأخبار وما شابهها، وإلا هذا يستلزم كذب الله.".‏

النص السادس:

يقول الميرزا غلام([37]): “ قوله([38]) "فإذا كنت صادقا في ادّعائك هذا فسَمِّ لي عالما واحدا من المتقدمين أو المتأخرين عدّ أحاديث الصحيحينِ غير صحيحة أو موضوعة.

أقول: الأئمة الذين ذكرتُهم لو كانوا معتقدين بوجوب العمل بأحاديث الصحيحين قطعا ويقينا لكان مذهبهم مثلك أيضا في أنّ الإضافةَ إلى القرآن الكريم بناء على خبر الواحد أو نسخَ آية هو من الواجبات. ولكني بيّنتُ من قبل أنهم لا يقبلون خبر الواحد قط في حال معارضته القرآنَ الكريم. ويتبين من هنا أنهم يقبلون آحاد الصحيحين- ومعظم الأحاديث فيهما مجموعة من الآحاد- بالاستناد إلى القرآن وبشرط موافقتها له ولا يقبلونها قط في حالة معارضتها له. لقد سمعت ما جاء في "التلويح"([39]): "إنما يُرَدُّ خبر الواحد من معارضة الكتاب". فانظر الآن، أن النزاع الجديد الذي أثرتَه بسبب قصور فهمك أن القرآن ليس معيارا لاختبار صحة الأحاديث قد كذَّبك فيه صاحب "التلويح"، ويخالفك الأئمة الثلاثة في هذا الرأي. وكما قلتُ من قبل بأن مذهبي هو أني لن أقبل- باستثناء السنن المتوارثة والمعمول بها التي تتعلق بالأحكام والفرائض والحدودِ- الأحاديثَ من القسم الثاني التي تتعلق بالأخبار والقصص والأحداث التي لا يرد عليها النسخ أيضا، إذا كانت تعارض النصوص القرآنية البينة والقاطعة وصريحة الدلالة، سواء أكان ذلك الحديث في البخاري أو في مسلم، ويعطي معنى يستلزم معارضة القرآن الكريم. إنني أعلن مذهبي هذا مرارا وتكرارا حتى لا يبقى لديك مجال لتفتري عليّ افتراء جديدا أو تتّهمني ببهتان جديد كما جرت عادتك. والمعلوم أن مذهبي هذا ليّن كثيرًا تجاه الأحاديث مقارنة مع مذهب الإمام الشافعي والإمام أبي حنيفة والإمام مالك لأني أعتبر خبر الواحد الوارد في الصحيحين - الذي يؤكّده تواتر عمل الأمة وهو من قبيل الأحكام والحدود والفرائض وليس من القسم الثاني- جديرا بأن يضيف شيئا إلى القرآن، وهذا ليس مذهب الأئمة الثلاثة. ولكن يجب أن يكون معلوما أني لا أقول بالإضافة على وجه الحقيقة لأنني أؤمن بـ "إنا أنزلنا الكتاب تبيانا لكل شيء"([40]). يمكنك أن تدرك من هنا أنني لستُ وحيدا في هذا المذهب، بل معي ثلاثة من الأئمة الكبار على الأقل الذين يوافقونني في المعتقد، بل يعتقدون ما يفوق معتقدي.".

التعليق:

يؤكد الميرزا غلام أنه يقبل أحاديث القسم الأول أي الأحاديث التي اشتملت على السنن المتوارثة والمعمول بها التي تتعلق بالأحكام والفرائض والحدودِ، وانه يعتبر خبر الواحد الوارد في الصحيحين - الذي يؤكّده تواتر عمل الأمة وهو من قبيل ‏الأحكام والحدود والفرائض وليس من القسم الثاني- جديرا بأن يضيف شيئا إلى القرآن، وهنا لا يقصد الميرزا غلام الإضافة الحقيقية لآيات القرآن، ولكنه يقصد إضافة حكم لم يأتِ في القرآن الكريم إلى القرآن الكريم، وكلام الميرزا غلام هذا يفسر قوله في موضع آخر أن الحديث لا ينسخ بالحقيقة آيات القرآن، أي لا يزيل آية من القرآن من موضعها.

يؤكد الميرزا غلام أنه لا يقبل الأحاديثَ من القسم الثاني التي تتعلق بالأخبار والقصص والأحداث التي لا يرد عليها النسخ أيضا، إذا كانت تعارض النصوص القرآنية البينة والقاطعة وصريحة الدلالة، سواء أكان ذلك الحديث في البخاري أو في مسلم، ويعطي معنى يستلزم معارضة القرآن الكريم، ويقصد الميرزا غلام بالأخبار والقصص والأحداث ما ورد فيما يخص سيدنا عيسى عليه السلام من نزوله عند المنارة البيضاء شرقيّ دمشق وقتله للدجال، أو أي خبر يعارض القرآن كما يزعم الميرزا غلام، وفي الحقيقة يقصد الميرزا غلام ما يعارض أفكاره الخاصة وفهمه للقرآن الكريم.

النص السابع:

يقول الميرزا غلام([41]): “ ... اختصر الله جل شأنه قراءة: "وما أرسلنا من رسول ولا نبي ولا محدث" واكتفى في قراءة ثانية بالكلمات : "وما أرسلنا من رسول ولا نبي".

التعليق: قول الميرزا غلام بأنّ الله تعالى اختصر نص الآية يعني أنّ الله تعالى نسخ من الآية كلمتين([42]) "ولا مُحَدَّث"، وبالرغم من أنّ هذا يتعارض مع ما أقره الميرزا غلام كثيرًا أنّ النسخ لا يكون في الأخبار والقصص، إلا إنه ليس أمامنا أي توصيف لما قال الميرزا غلام بالاختصار إلا أنه نسخ لبعض كلمات الآية.

النص الثامن:

يقول الميرزا غلام([43]): “(حاشية على حاشية: بعد كتابة هذه العبارة غلبني النوم فنمت ورأيت في الرؤيا أن أخي المولوي الحكيم نور ‏الدين مستلقٍ في موضع وفي حضنه يلعب ولد هو ابنه وهو جميل اللون والمظهر وله عينان واسعتان، فقلت ‏للمولوي المحترم لقد رزقك الله عوضا لمحمد أحمد هذا الولد الذي هو أفضل منه كثيرا لونا وشكلا وقدرة وقلت في ‏نفسي يبدو أن هذا الولد من زوجة أخرى لأن الأول كان ضعيف البنية وكان مريضا وهزيلا أما هذا فقوي البينة ‏وجميل اللون. ثم دارت بخلدي هذه الآية التي لا أذكر أني قرأتها بلسان وهي {مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ ‏مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وأنا أعلم أنه ردّ من الله على عدو الدين هذا، لأنه هاجم الإسلام ‏مؤيِّدا للنصارى خيانةً ودون مبرر، فبقي جزء من هذه الرؤيا وهو أني رأيت على جسم ذلك الولد ظهور البثور ‏أو شيء من الثآليل، وسمعت أحدا يقول إن علاجه الكركم وشيء آخر. والله أعلم. منه)‏

التعليق: الميرزا غلام يرى أن آية "ما ننسخ..." عنت استبدال ابن مريض، وقد مات بابن آخر صحيح.

النص التاسع:

يقول الميرزا غلام([44]): “ فالله تعالى مطلع على قلوبنا فإنما نقول: "لا إله إلا الله محمد رسول الله، آمنا بالله وملائكته ورسله وكتبه والجنة والنار والبعث بعد الموت، وآثرنا القرآن كتابا ومحمدا نبيا، ولا ندعي النبوة ولا ندعي نسخ القرآن بعد محمد ﷺ ونشهد أنه خاتم النبيين وخير المرسلين وشفيع المذنبين ونشهد أن الحق كله في القرآن وحديث النبيّ ، وأن كل بدعة في النار، وإنا مسلمون، والله يعلم ما في قلوبنا، عليه توكلنا وإليه أنيب، والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا ربنا ورب العالمين".

التعليق:

يظهر هنا اعتقاد الميرزا غلام بأنه لا نسخ في القرآن من بعد إكماله في زمن سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم.

يعتقد الميرزا غلام فيما استجد من بعد سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم من أمور يمارسها المسلمون ولم يرد في السنة أو الحديث ‏النبوي، أو في أقوال الصحابة رضي الله عنهم أو في أقوال الأئمة العظام أنها بدعة.

في كتاب (الملفوظات) 9 ‏بتاريخ 1907 صفحة 159 يقول الأحمديون تحت العنوان "قراءة الفاتحة"؛ عُرض سؤال : يجتمع بعض الناس ‏بعد وفاة أحد ويقرؤون الفاتحة، وهو دعاء للمغفرة، فما الضير في ذلك؟ فقال عليه السلام: "ما أراه هو أنه لا يوجد ‏في مثل هذه المجالس إلا الغيبة والكلام التافه السخيف. ولكن السؤال هو: هل فعل ذلك النبيُّ صلى الله عليه وسلم أو الصحابة أو ‏الأئمة العظام؟ فلما لم يفعلوا فما الحاجة إلى فتح باب البدعات دون مبرر؟ إن مذهبنا هو أنه لا حاجة لهذه ‏البدعة، وأنها غير جائزة..."‏.‏

التعليق: وهل النبوة المجازية الظلية أو البروزية كانت موجودة في زمن سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم أو الصحابة أو الأئمة ‏العظام!!!!‏

النص العاشر:

يقول الميرزا غلام([45]): “صباح اليوم تلقيت إلهاما وأردت أن أسجله، ثم تركته اعتمادا على الذاكرة، ونسيته ‏نهائيا ولم أتذكره مطلقا‎ ‎رغم‎ ‎محاولاتي‎ ‎الكثيرة، {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ ‏بِخَيْرٍ مِنْهَا} (البقرة107).".

التعليق:

الميرزا غلام يعتبر نسيان الإلهام والوحي من معاني النسخ الذي جاء في آية سورة البقرة.

يعتقد الميرزا غلام أنّ الله تعالى لا يتكلم بالوحي أو بالإلهام إلا لحكمة، فأين الحكمة في وحي يوحي به رب الميرزا غلام ثم ينسيه إياه ولا يذكره به بعد ذلك.

النص الحادي عشر:

يقول الميرزا غلام([46]): “ يقول الله تعالى بحق الأولاد : {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ } ‏‏(التغابن: 15)، ويقول أيضا : {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} (التغابن: 16) إذ يمكن أن ‏يكون الأولاد عصاة، أو يرتدوا أو يكونوا‎ ‎طالحين‎ ‎أو يصبحوا لصوصا أو نهابا، ‏أو يحل ابتلاء بموتهم. فالأولاد مدعاة للفتنة والابتلاء في كل الأحوال. ولكن عندما ‏يكون المؤمن على صلة بالله عز وجل يسعد ويقول: إذا مات الولد فلا بأس فقد ‏قال الله تعالى: {مَا نَنْسَحْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾ (البقرة: 107). ‏لقد مات 12([47]) ولدا للنبي ﷺ".

التعليق:

الميرزا غلام اعتبر موت الابن تفسيرًا للنسخ في آية سورة البقرة.

الميرزا غلام يجهل عدد أبناء سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم.

 

النص الثاني عشر:

يقول الميرزا غلام: “الآية الثانية والأربعون بعد المئة: ...إن إلهنا كريم ورحيم للغاية، ومن صفاته صفة الإحياء أيضا. وفي السنة الماضية وبتاريخ 11 أكتوبر/تشرين الأول عام 1905م([48]) بالتحديد توفِّي أحد أصدقائنا أي المولوي عبد الكريم بالمرض نفسه. كنت قد دعوت له أيضا كثيرا، ولكن لم أتلق أي إلهام عنه يبعث على الاطمئنان.، بل أُلهمتُ مرارا ما تعريبه: سُجِّي في الكفن. العمر 47 عاما([49])، وما نصه: "إنا لله وإنا إليه راجعون"، و"إن المنايا لا تطيش سهامها". فدعوت على إثرها وتلقيت إلهاما آخر نصه: "يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم". تؤثرون الحياة الدنيا. وكان في ذلك إشارة إلى أن اعتباره شخصا مهمًا لدرجة كأن موته سيسبب حرجا يدخل في الشرك، وأن التأكيد الشديد على حياته نوع من عبوديته. فالتزمت السكوت بعد ذلك، وأدركت أن موته محتوم. فارتحل من الدار الفانية بتاريخ 11 أكتوبر/تشرين الأول عام 1905 م يوم الأربعاء وقت العصر. ولكن الله تعالى لم ينس الألم الذي أصاب قلبي من أجل الدعاء له، وقدّر أن يتدارك فشلي هذا بنجاح آخر فاختار سيتْهْ عبد الرحمن لإظهار الآية. مع أن الله تعالى أخذ عبد الكريم منا بإماتته، ولكنه أعطانا عبد الرحمن من جديد، إذ أصيب بالمرض نفسه، ولكنه شُفي بعد ذلك ببركة دعاء هذا العبد المتواضع، فالحمد لله على ذلك. لقد جرّبتُ مئات المرات أن الله تعالى كريم ورحيم، ولكنه حين لا يقبل دعاءً ما لحكمة عنده يقبل عوضا عنه دعاء آخر مثله كما يقول: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}".

التعليق: الميرزا غلام يعتبر النسخ هو عدم استجابة الدعاء، او استبدال الفشل بالنجاح.

النص الثالث عشر:

يقول علماء الأحمدية([50]): “ سُئل حضرته عن الزلزلة القادمة، فقال اقرؤوا حقيقة الوحي ‏فقد نسخ الله أيضا شيئا من حكمها . فقال يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى. إن إلهنا قادر ‏ومقتدر ويملك خيارات كاملة وإننا نؤمن بـ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ، فهو ليس كالمشعوذ. ‏إذا أصدر أمرا صباحا فيملك قدرة كاملة لنسخه مساء، وتشهد على ذلك ‏آية‎ ‎ما‎ ‎نَنْسَخْ‎ ‎مِنْ آيَةٍ (البقرة: 107). فمن المؤكد أن الصدقة تفيد. فقد أجمع الأنبياء ‏الكرام كلهم على أن الصدقة والاستغفار يدفعان البلاء فما هو البلاء؟ إنما هو أمر ‏مؤلم قد قدر في مشيئة الله، فإذا أخبر نبي عن هذا البلاء يكون نبوءة، لكن الله أرحم ‏الراحمين، فهو يتوب على المتضرعين ،برحمة لذا ليست من معتقداتنا أن نبوءة ‏الوعيد لا تلغى كلا، بل نؤمن بأنها تلغى. انظروا أنه حين ذكرتُ الزلزلة لفت الانتباه ‏إلى الاستغفار والتوبة والتضرع والصدقة أيضًا، والقصد منه أن هذا البلاء العظيم ‏قابل للانصراف. من المؤسف أن الناس قد تمادوا في عدائنا لدرجة أنهم قد نسوا ‏مسائل الإسلام، فهم يقرأون قول الله ما كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ الأَنْفال (٣٤) ‏ويعترضون علينا، هداهم الله".

التعليق

يفسر الميرزا غلام النسخ في آية سورة البقرة بإزالة قدرٍ قدره الله تعالى بالاستغفار والدعاء.

النص الرابع عشر:

يقول الميرزا غلام([51]): “إن رَقبتي هي تحت نِير القرآن الكريم، وليس لأحد أن ينسخ حتى نقطة أو حركة من القرآن الكريم". (جريدة "أخبار عام" الصادرة من لاهور عدد يوم 26 مايو 1908).

التعليق يرى الميرزا غلام بقوله (وليس لأحد أن ينسخ حتى نقطة أو حركة من القرآن الكريم) أن النسخ يعني الإزالة والحذف، كما أنّ النسخة الحالية من القرآن لا نسخ فيها.



([1]) سورة البقرة 106.

([2]) سورة البقرة 184.

([3]) سورة البقرة 185.

([4]) كتاب (الحرب المقدسة) 1893م صفحة 268 يقول الميرزا غلام: "...الله تعالى قد أمر في القرآن الكريم بقطع يد السارق ورجم الزاني بكل وضوح...".

([5]) {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا } سورة البقرة 106.

([6]) يقول بشير الدين محمود في كتاب (حقيقة النبوة) صفحة 84 "...فلاجتناب هذه المشكلة بحثنا أولا في مسألة هل كان موقف المسيح الموعود - عليه السلام - من النبوة واحدا منذ البداية أو حدث فيه أيّ تغيّر في وقت من الأوقات؟ وقد أثبتُّ بفضل الله تعالى أن هذا الاعتقاد تغيّر بعد عام 1900م، والكتاب الأخير الذي ذُكر فيه الاعتقاد السابق كان ترياق القلوب الذي أُلِّف في 1899م ولكنه نُشر في عام 1902م بسبب بعض العراقيل. فكلما جرى النقاش عن مسألة النبوة ينبغي أن نعُدّ النصوص التي نُشرت من 1901م إلى يوم وفاته - عليه السلام - هي الأصل. أما النصوص التي (1) تعارض النصوص المتأخرة أو (2) توجد فيها كلمات تثبت نقصًا في نبوة المسيح الموعود - عليه السلام - وترك استخدامها بعد 1901م فيجب اعتبارها منسوخة. (أي النصوص المتعلقة بمسألة النبوة، لأنه - عليه السلام - أصدر قرارا نهائيا فيها في حقيقة الوحي)  لقد ناقشتُ السؤال الأول، والآن بقي السؤال الثاني أي هل كان المسيح الموعود نبيّا أم لا؟ وإن كان نبيّا فماذا كانت نوعية نبوته؟".

ويجب أن نعلم أنّ من ضمن ما قاله الميرزا غلام بخصوص حالته قبل سنة 1900م، أنّ ربه يلاش العاج ناداه بأنه مُحَدَّث، ومدحه على ذلك، وعلى كل ما قاله وبلغه للناس في الفترة قبل سنة 1900م، وقد فصلت كل هذا في الجزء الثاني من كتاب (حقيقية الطائفة الأحمدية القاديانية).

([7]) كتاب الهندوس المقدس.

([8]) كتاب (نسيم الدعوة) 1903 صفحة 178.

([9]) ‏كتاب (ينبوع المعرفة) 1908 صفحة 200‏.

([10]) أي المحاضر الهندوسي.

([11]) كتاب (مناظرة لدهيانة) 1892م صفحة 103‏.

([12]) يلمح الميرزا غلام بقوله الأخبار الماضية إلى ما ورد في الماضي بخصوص رفع سيدنا عيسى عليه السلام، وبالنسبة للأخبار المستقبلية يلمح الميرزا غلام إلى نزول سيدنا عيسى عليه السلام عند المنارة البيضاء شرقيّ دمشق.

([13]) قول الميرزا غلام " فكما يرى جميع المسلمين العمل بأحكام القرآن الكريم البينة والأحاديث الصحيحة واجتهادات المجتهدين المسلّم بها واجبا كذلك أرى أنا أيضًا"، يؤكد أنه لا يرى جواز النسخ في القصص والأخبار، ومن خلال مبدأ الميرزا غلام (رعاية المقابلة) كما سنرى، فإنّ قول الميرزا غلام هذا يؤكد أنه يجوز النسخ في الأحكام.

([14]) ‏كتاب (الحرب المقدسة) ‏1893 صفحة 267.

([15]) نص إضافي:

وفي كتاب ‏(الملفوظات) ج 3 1902 صفحة 191 يقول الميرزا غلام: " اعلموا أن الشريعة لا تعترض قط على ما يفيد الخلق، لأنها تهدف إلى فائدة الخلق. الألعاب النارية وما شابهها ممنوعة بتاتا لأنها تضر الخلق ولا تفيدهم شيئا. والعزف أيضا لا يجوز إلا إذا كان الهدف منه هو الإعلان العام بالنكاح والحفاظ على النَّسَب، لأنه لو لم يحافظ على النسب لكان هناك خطر الزنا، الأمر الذي غضب الله منه كثيرا لدرجة أنه أمر برجم الزاني. لذا لا بد من الإعلان، أما إذا كان الهدف هو الرياء والفسق والفجور أو ما يخالف الصلاح والتقوى فهو ممنوع.".

([16]) "عَنْ عبدِ اللَّهِ قالَ: لَعَنَ اللَّهُ الوَاشِمَاتِ والمُوتَشِمَاتِ، والمُتَنَمِّصَاتِ، والمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ. فَبَلَغَ ذلكَ امْرَأَةً مِن بَنِي أسَدٍ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ يَعْقُوبَ، فَجَاءَتْ فَقالَتْ: إنَّه بَلَغَنِي عَنْكَ أنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وكَيْتَ، فَقالَ: وما لي لا ألْعَنُ مَن لَعَنَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومَن هو في كِتَابِ اللَّهِ؟ فَقالَتْ: لقَدْ قَرَأْتُ ما بيْنَ اللَّوْحَيْنِ، فَما وجَدْتُ فيه ما تَقُولُ، قالَ: لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لقَدْ وجَدْتِيهِ، أَمَا قَرَأْتِ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]؟ قالَتْ: بَلَى، قالَ: فإنَّه قدْ نَهَى عنْه، قالَتْ: فإنِّي أرَى أهْلَكَ يَفْعَلُونَهُ، قالَ: فَاذْهَبِي فَانْظُرِي، فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ، فَلَمْ تَرَ مِن حَاجَتِهَا شيئًا، فَقالَ: لو كَانَتْ كَذلكَ ما جامَعَتُها"، الراوي : عبدالله بن مسعود، المحدث : البخاري، المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم488، خلاصة حكم المحدث: [صحيح]، التخريج: أخرجه مسلم (2125) باختلاف يسير.

([17]) كتاب (مناظرة لدهيانة) 1892م صفحة 116‏.

([18]) الميرزا غلام في كثير من النصوص قال إنّه لا يخالف عقيدة إجماعية لمذهب السنة والجماعة:

في كتاب (عاقبة آتهم) 1896م صفحة 105 يقول الميرزا غلام: "ولا دين لنا إلا دين الإسلام، ولا كتاب لنا إلا الفرقان كتاب الله العلام، ولا نبي لنا إلا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم وبارك وجعل أعداءه من الملعونين. اشهدوا أنا نتمسك بكتاب الله القرآن، ونتبع أقوال رسول الله منبع الحق والعرفان، ونقبل ما انعقد عليه الإجماع بذلك الزمان، لا نزيد عليها ولا ننقص منها، وعليها نحيا وعليها نموت ومن زاد على هذه الشريعة مثقال ذرة أو نقص منها، أو كفر بعقيدة إجماعية، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. هذا اعتقادي، وهو مقصودي ومرادي ولا أخالف قومي في الأصول الإجماعية، وما جئتُ بمحدثات كالفرق المبتدعة، بيد أني أرسلت لتجديد الدين وإصلاح الأمة، على رأس هذه المائة، فأذكرهم بعض ما نسوا من العلوم الحكمية، والواقعات الصحيحة الأصلية. وجعلني ربي عيسى ابن مريم على طريق البروزات الروحانية لمصلحة أراد لنفع العامة، ولإتمام الحجة على الكفرة الفجرة، وليُكمل نبأه وليُنجز وعده ويتم كلمته، ويفحم قوما مجرمين".

وفي كتاب (أيام الصلح) 1899م صفحة 117 ويقول الميرزا: "خلاصة القول عليكم أن تؤمنوا بجميع تلك الأمور التي أجمع عليها السلف الصالح اعتقادا وعملا، وتؤمنوا بجميع تلك الأمور التي تعد من صميم الإسلام بإجماع أهل السنة. ونحن نشهد السماء والأرض على هذا الأمر أن هذا هو مذهبنا وإن الذي يتهمنا بما يخالف هذا الدين فهو يفتري علينا متخليا عن التقوى والأمانة، وسوف نرفع الدعوى ضده يوم القيامة أنه متى شق صدرنا ورأى أنا نخالف هذه الأقوال رغم تصريحنا بها؟ ألا إن لعنة الله على الكاذبين والمفترين!".

([20]) أي قول الشيخ محمد سعيد البطالوي المعارض للميرزا.

([21]) مبدأ الميرزا غلام هذا يقع أيضًا على المرويات التي يعتقد الميرزا غلام أنها تثبت أفكاره ومعتقداته التي خالف فيها المسلمين، ومنها اعتقاده بأنّ المهدي هو نفسه سيدنا عيسى عليه السلام كما ورد في حديث ابن ماجة.

([22]) سورة الزخرف 20.

([23]) سورة الأنعام 116.

([24]) سورة القصص 5.

([25]) سورة الواقعة.

([26]) "وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ ، وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الجِزْيَةَ ، وَيَفِيضَ المَالُ حتَّى لا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ، حتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنَ الدُّنْيَا وَما فِيهَا. ثُمَّ يقولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء: 159].

الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم : 3448 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | أحاديث مشابهة

التخريج : أخرجه البخاري (3448)، ومسلم (155)

([27]) قال الميرزا غلام في كتاب (إزالة الأوهام) إنّ الضمير (الهاء) في آخر كلمة "موته" في آية سورة النساء 159 يعود على سيدنا عيسى عليه السلام، ويثبت موته،  ولكن الميرزا غلام ارتد على هذا الرأي في كتابه (حمامة البشرى) 1894م، وكتاب (حقيقة الوحي) 1907م،  وقال إنّ الضمير يعود على أهل الكتاب، وأنّ أبا هريرة قليل الدراية، وهذا ما جعل أبا هريرة يقول ذلك.

([28]) ‏يقول الله تعالى: "{وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء: 159].‏

([29]) في مقدمة كتاب (مناظرة لدهيانة) 1892م صفحة (‏xxviii‏) يقول جلال الدين شمس: ‏

‏" وبين حضرته أن الحديث عموما ينقسم إلى قسمين رئيسين؛ الأول هو السنن التي تذكر وصفا ‏لأفعال النبيّ صلى ‏الله عليه وسلم التي نقلت بتواتر العمل، وأن هذه الأحاديث من هذا النوع لا حاجة لردها إلى القرآن، ‏لأن ثبوتها ‏بالتواتر يؤكد قطعيتها، وهي تكتسب قوتها من تواتر العمل، وإن كان ثبوتها أدنى من ‏القرآن الكريم الذي يتميز ‏بالثبوت القطعي. وهذه الأحاديث لا حاجة لردها إلى القرآن الكريم لأنها في ‏الوقع نابعة منه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو القرآن ‏العملي، فهي من القرآن وإن لم يتمكن الباحث من العثور ‏على أصلها في القرآن الكريم.".

([30]) يدعي الأحمديون أنّ سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم كان ينفذ شريعة أهل الكتاب في رجم الزاني () المحصن

([31]) ذكرت من قبل هذا النص.

([32]) "عَنْ عبدِ اللَّهِ قالَ: لَعَنَ اللَّهُ الوَاشِمَاتِ والمُوتَشِمَاتِ، والمُتَنَمِّصَاتِ، والمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ. فَبَلَغَ ذلكَ امْرَأَةً مِن بَنِي أسَدٍ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ يَعْقُوبَ، فَجَاءَتْ فَقالَتْ: إنَّه بَلَغَنِي عَنْكَ أنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وكَيْتَ، فَقالَ: وما لي لا ألْعَنُ مَن لَعَنَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومَن هو في كِتَابِ اللَّهِ؟ فَقالَتْ: لقَدْ قَرَأْتُ ما بيْنَ اللَّوْحَيْنِ، فَما وجَدْتُ فيه ما تَقُولُ، قالَ: لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لقَدْ وجَدْتِيهِ، أَمَا قَرَأْتِ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]؟ قالَتْ: بَلَى، قالَ: فإنَّه قدْ نَهَى عنْه، قالَتْ: فإنِّي أرَى أهْلَكَ يَفْعَلُونَهُ، قالَ: فَاذْهَبِي فَانْظُرِي، فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ، فَلَمْ تَرَ مِن حَاجَتِهَا شيئًا، فَقالَ: لو كَانَتْ كَذلكَ ما جامَعَتُها"، الراوي : عبدالله بن مسعود، المحدث : البخاري، المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم488، خلاصة حكم المحدث: [صحيح]، التخريج: أخرجه مسلم (2125) باختلاف يسير.

([33]) كتاب (الخطبة الإلهامية) 1900 صفحة 53.‏

([34]) تفسير المغضوب عليهم والضالين:

في كتاب (حقائق الفرقان) مجلد 1 يقول الحكيم نور الدين: " وفسّر المغضوب عليهم في: "تبت يدا ‏أبي لهب" وفنّد الضالين في "قل هو الله أحد". باختصار، لقد ذكر هذه الفئات الثلاث بترتيب ‏غريب بذكر صفاتهم. لذا أنصحكم أن تفكروا هل أنتم من المنعم عليهم أم من المغضوب عليهم . أو من الذين أُطلق عليهم: "الضالين"؟ (بدر، عدد: 21/تشرين الأول 1909 م، صفحة: 10)".‏

التعليق: هنا يقرر الحكيم نور الدين أن المغضوب عليهم من الممكن أن يكونوا غير اليهود، فأبي ‏لهب من الكفار المغضوب عليهم وليس من اليهود.‏

ويقول: " ثم هناك المغضوب عليهم الذين يحسبون وجود المبعوثين من الله وعدمه سيان ‏ويرون إنذارهم وعدمه سواسية ولا يبالون بشيء ويعتزّون بعلمهم وعقلهم فيكونون تحت ‏غضب الله. هذا ما آلت إليه حالة اليهود. والفئة الثالثة هم الضالون الذين ذُكروا في الآيات التي ‏تلوتها. تكون أعمالهم محتوية على الدجل والتلبيس. يحسبون أنفسهم خدام كلام الله تعالى، ولكن: ‏‏"ما هم بمؤمنين". يقومون بتجارات كبيرة،  ولكن يشترون الضلالة بالهدى فلم يجنوا فائدة وجيهة ‏من تجارتهم.".‏

التعليق: وقوله إن هذا ما آلت إليه حالة اليهود، دليل على هذه حالة المغضوب عليهم عامة، وقد ‏استحقها اليهود كما هي لغيرهم".‏

ويقول: " لقد جاء في سورة الحمد ذِكر حزبين، المنعَم عليهم والمغضوب عليهم. وصف المنعم ‏عليهم بالمتقين، وقال بأنهم يؤمنون بالغيب ويصلّون وينفقون أموالهم ويضحون بأرواحهم في ‏سبيل الله ويوقنون أن سلسلة الوحي جارية من بدء الخليقة إلى يوم القيامة. إنهم مهتدون وسينالون ‏الفتح والانتصار. ثانيا: هم أناس سواء عليهم أن تُسمعهم أم لا تُسمعهم. والذين ينكرون ‏جسارة منهم فإنهم مغضوب عليهم، كذلك المنافقون. ثالثا: الذين ضلّوا خطأ منهم أو بسبب ‏نقضهم العهود، هم الضالون.".‏

التعليق: في هذا النص يؤكد الحكيم نور الدين صفات المغضوب عليهم والضالين، وذكر منهم ‏المنافقين وغيرهم، ولم يحصرهم في اليهود.‏

ويقول: " {35 - 36 وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ‏الْكَافِرِينَ * وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ ‏الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ}. الآيات التي سأتلوها الآن تتناول ذكر حزب المنعم عليهم بالاسم أي ‏آدم. كذلك تذكر المغضوب عليهم أي الشيطان، وحزب الملائكة الذين أخطؤوا في الفهم. (ضميمة ‏جريدة بدر قاديان، عدد: 11/ 2/1909 م)".‏

التعليق: ضم الحكيم نور الدين الشيطان للمغضوب عليهم.‏

التفسير الكبير لبشير الدين محمود: سورة الفاتحة

وفي كتاب (التفسير الكبير) الجزء الأول سورة الفاتحة صفحة 69 يقول بشير الدين محمود: "أما ‏قوله تعالى: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) .. فكل من يثير غضب الله بمعصية فهو من ‏المغضوب عليهم، وكذلك من ضلوا في حب غير الله ونسوه عز وجل، فهم من الضالين. وقد ‏جدد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معنى هاتين الآيتين فيما رُوي عن عدي بن حاتم قال: (إن المغضوب ‏عليهم، قال: اليهود. قلت: الضالين؟ قال النصارى). (مسند ابن حنبل، ج 4). ونقل الترمذي ا ‏لحديث بهذه الرواية وقال عنه: حسن غريب. ونقل ابن مردويه عن أبي ذر الغفاري، قال: سألت ‏رسول الله (ص) عن المغضوب عليهم، قال: اليهود. قلت: الضالين؟ قال: النصارى. وقد ثبت هذا ‏المعنى عن كثير من الصحابة مثل ابن عباس وابن مسعود حتى قال ابن أبي حاتم: (ولا أعلم بين ‏المفسرين في هذا اختلافا)."تفسير ابن كثير". ويمكن أن نستدل بالقرآن أيضا على هذا المعنى، ‏فقد ورد فيه عن اليهود: (فباءوا بغضب على غضب) " سورة البقرة: 91". وجاء فيه عن ‏النصارى: (الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا) "سورة الكهف: 105". وقال عنهم بعد أن ذكر ‏منهم من يؤلِّه المسيح وأمه: (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق، ولا تتبعوا أهواء قوم قد ‏ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل) "سورة المائدة: 78". أخبر الله هنا أن ‏عامة النصارى ما كانوا مشركين، بل كان بعضهم مؤمنين وبعضهم مشركين، والمشركون منهم ‏كانوا ضالين ومضلين أيضا بسبب دعوتهم سائر النصارى الذين قبلوا الدعوة، واستبدلوا الشرك ‏بالتوحيد. ومجمل القول: إن القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة تدل على أن المراد بالمغضوب ‏عليهم والضالين هم اليهود والنصارى.".‏

تفسير القرطبي سورة الفاتحة: ‏

‏"الثَّانِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) اخْتُلِفَ فِي" الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ" وَ" ‏الضَّالِّينَ" مَنْ هُمْ فَالْجُمْهُورُ أَنَّ الْمَغْضُوبَ عَلَيْهِمُ الْيَهُودُ، وَالضَّالِّينَ النَّصَارَى، وَجَاءَ ذَلِكَ مُفَسَّرًا ‏عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ وَقِصَّةِ إِسْلَامِهِ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ ‏فِي مُسْنَدِهِ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ. وَشَهِدَ لهذا التفسير أيضا قوله سبحانه في اليهود: " وَباؤُ بِغَضَبٍ ‏مِنَ اللَّهِ" [البقرة: 61 وآل عمران: 112]. وقال: " «1» وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ" [الفتح: 6] وَقَالَ فِي ‏النَّصَارَى: " قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ «2» " [المائدة: 77]. ‏وَقِيلَ: " الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ" الْمُشْرِكُونَ. وَ" الضَّالِّينَ" الْمُنَافِقُونَ. وَقِيلَ: " الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ" هُوَ مَنْ ‏أَسْقَطَ فَرْضَ هَذِهِ السُّورَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَ" الضَّالِّينَ" عَنْ بَرَكَةِ قِرَاءَتِهَا. حَكَاهُ السُّلَمِيُّ فِي حَقَائِقِهِ ‏وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا وَجْهٌ مَرْدُودٌ، لِأَنَّ مَا تَعَارَضَتْ فِيهِ ‏الْأَخْبَارُ وَتَقَابَلَتْ فِيهِ الْآثَارُ وَانْتَشَرَ فِيهِ الْخِلَافُ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِ هَذَا الْحُكْمُ. وَقِيلَ: " ‏الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ" بِاتِّبَاعِ الْبِدَعِ، وَ" الضَّالِّينَ" عَنْ سُنَنِ الْهُدَى. قُلْتُ: وَهَذَا حَسَنٌ، وَتَفْسِيرُ النَّبِيِّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى وَأَعْلَى وَأَحْسَنُ.‏".

([35]) كتاب (مناظرة لدهيانة) 1892م صفحة 129.‏

([36]) يقصد حديث شريف‏.

([37]) كتاب (مناظرة لدهيانة) 1892م صفحة 122‏.

([38]) أي قول الشيخ محمد سعيد البطالوي المعارض للميرزا.

([39]) كتاب (التلويح إلى كشف حقائق التنقيح) هو من تأليف سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (المتوفى سنة 792 هـ)، ويعد من أهم الكتب في علم أصول الفقه على المذهب الحنفي. الكتاب عبارة عن شرح وتوضيح لكتاب التنقيح للإمام صدر الشريعة عبيد الله بن مسعود المحبوبي.

([40]) يقول المترجم لكتاب الميرزا: "يبدو أن المسيح الموعود - عليه السلام - لم ينقل هنا الآية القرآنية حرفيا، بل ذكرها بالمعنى، وهي قوله تعالى {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ‏الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}(النحل: 90) وقد ذكرها حضرته في الصفحة السابقة، أو لعله سهو من الناسخ. (المترجم)‏.

([41]) كتاب (مرآة كمالات الإسلام) 1892م صفحة 138.‏

([42]) فكرة أنّ هذا الاختصار في كلمات الآية، أنه نوع من النسخ قال به الميرزا غلام هي من كلام د.هاني طاهر المحترم في أحد مقالاته بخصوص عقيدة النسخ عند الميرزا غلام.

([43]) كتاب (أنوار الإسلام) 1894م صفحة 44.

([44]) كتاب (أنوار الإسلام) 1894م صفحة 57.‏

([45]) كتاب (الملفوظات) المجلد 4 بتاريخ 1903 صفحة 168.

([46]) كتاب (الملفوظات) المجلد 7 بتاريخ 1904 صفحة 30.‏

([47]) في نسخة التفسير للميرزا سورة التغابن ذكر 11 ابنا، للمراجعة.

([48]) هذا يعني أن الميرزا غلام كتب هذا النص سنة 1906، وهذا دليل أنّ كتاب (حقيقة الوحي) استمر الميرزا غلام في كتابته من 1905 إلى 1907 حيث تم نشره.

[49] وضع الناشر رقمًا لهذا النص، ولم يكتب شيئًا في الحاشية، ولم يظهر ما هي دلالة الرقم 47، ولو كان عمر عبد الكريم عند موته 47 سنة لملأ الميرزا غلام الدنيا أن هذه نبوءة عن عمر عبد الكريم حينما مات وقد تحققت،  ولكن يبدو أن عبد الكريم مات ولم يكن عمره 47 سنة، فلزم الميرزا غلام والأحمديون الصمت.

([50]) كتاب (الملفوظات) الجزء 10 بتاريخ 1908م صفحة 291.

([51]) كتاب (الخزائن الدفينة) تجميع علماء الأحمدية لبعض النصوص من كلام الميرزا غلام صفحة 147.


أنت الان في اول موضوع

تعليقات

التنقل السريع