القائمة الرئيسية

الصفحات

مقال (553) نصوص التكفير لعموم البشر سواء سمعوا بالميرزا أو لم يسمعوا به، من كلام الميرزا غلام و الخلفاء وعلماء الاحمدية

 


مقال (553) نصوص التكفير لعموم البشر سواء سمعوا بالميرزا أو لم يسمعوا به، من كلام الميرزا غلام و الخلفاء الاحمديين وعلماء الاحمدية .

https://ibrahimbadawy2014.blogspot.com/2024/11/553.html

أولًا: بعض نصوص تكفير الميرزا لغير الأحمديين

النص الأول: ينقل أتباع الميرزا كلامًا له بتاريخ آذار/مارس 1906، حيث يقول([1]):"لقد كشف الله عليّ أنّ كلّ من بلغَتْه دعوتي ولم يصدّقني فليس بمسلم، وهو مؤاخذ عند الله تعالى". وهذا النص كما سنرى هو أحد النصوص التي يستند إليها الخليفة الأحمدي الثاني بشير الدين محمود على تكفير غير المبايعين. ويلاحظ هنا أنّ الميرزا اشترط وصول البلاغ للمعنيين وليس كما سنرى من كلام بشير الدين محمود حيث اعتبر كل من لم يؤمن بالميرزا نبيّا ورسولًا فهو كافر حتى لو لم يصله البلاغ.

وقد يقول بعض الأحمديين إنّ الميرزا حينما قال "لقد كشف الله عليّ أنّ كلّ من بلغتْه دعوتي ولم يصدّقني فليس بمسلم، وهو مؤاخذ عند الله تعالى"([2]) لم يقصد الميرزا بالتعبير "ليس بمسلم" أنه كافر أو من أهل النار، وأجيب عليهم بالتالي:

أولًا: بشير الدين محمود؛ وهو من يلقبه الأحمديون بالمصلح الموعود، قد بيّن أنّ الميرزا قصد بهذا النص التكفير لمن لا يؤمن به نبيًا ورسولًا، وسنرى ذلك في نصوص التكفير عند بشير الدين محمود لاحقًا، فهل الأحمديون يرون خطأ مصلحهم الموعود في بيان كلام أبيه، والمصلح الموعود هو من قال عنه الميرزا:

o  في كتاب (التبليغ) يصف ابنه الذي سيكون المصلح الموعود فيقول الميرزا([3]):"قد أخبر رسول الله عليه الصلاة والسلام أنّ المسيح الموعود يتزوج، ويولد له. ففي هذا إشارة إلى أنّ الله يعطيه ولدًا صالحًا يشابه أباه ولا يأباه، ويكون من عباد الله المكرمين . والسر في ذلك أنّ الله لا يبشر الأنبياء والأولياء بذرية إلا إذا قدّر توليد الصالحين".

o  وقد قال الميرزا إنّ هناك نبوءة من أحد الأولياء بخصوص الميرزا غلام، وقد جاء فيها في صفحة 93 :"حين ينقضي عصر هذا المبعوث([4]) بكل نجاح يخلفه ابنه الذي سيكون تذكارًا له، أي أنه قد قُدّر له أن يهبه الله تعالى ولدًا صالحًا يكون على أثره وأسوته ومتصبغًا بصبغته، ويكون تذكارًا له من بعده، وهذا يتطابق مع نبوءتي التي أنبأت فيها عن ابن موعود لي"([5]).

إذن لا بد من قبول الأحمديين لشرح وبيان بشير الدين محمود الملقب بالمصلح الموعود لكلام أبيه الميرزا غلام.

ثانيًا: النصوص التالية من كلام الميرزا تثبت قصد الميرزا أنّ من لا يؤمن به كافر، وأنه من أهل النار:

1- في سنة 1888يقول الميرزا([6]):"وبشّرني أنّ الذي يعاديك ويعارضك بعد معرفة صدقك فهو من أهل النار. (مقتبس من الرسالة المؤرخة في آب 1888، المنشورة في "الحكم"، مجلد 5، عدد 32، في يوم 31/ 8/1901، صفحة 6، عمود 2).

2- وفي سنة 1899 يقول الميرزا([7]):" جو شخص تيري پيروي نہيں کرے گا اور تيري بيعت ميں داخل نہيں ہو گا اور تيرا مخالف رہے گاوہ خدا اور رسول کي نافرماني کرنے والا اور جہنمي ہے?" (أردية)، أي: أنّ الذي لا يتّبعك ولا يبايعك، ويظل معارضًا لك، فهو عاصٍ لله ولرسوله، ومِن أهل النار. (رسالة المسيح الموعود - عليه السلام - إلى بابو إلهي بخش، يوم 16/6/1899، مجموعة الإعلانات، مجلد 3، صفحة 275).

النص الثاني: يصف الميرزا ما عليه هو بأنه كسفينة نوح، وبدأ كلامه بالقَسَم؛ مما يبين القصد الظاهر لكلامه بلا أي تأويل([8])، فسفينة نوح كانت للمؤمنين، ومن كان خارجها فهم من الكافرين، وعليه فالنص المشار إليه لا يعني إلا تكفير الميرزا لمن لا يؤمن به، بالرغم من أنّ في السطور بعد تصريحه ينفي فيها اّنه رسول، يقول الميرزا([9]):" أنا سراج الصدق والحقِّ في حَرَمِ القُدسِ، وإن يده تعصمني من الريح الصرصر، إن السماء تشهد على صدقي كل حين وآن، وإن لم يؤمن بي أهل الدنيا فلا أبالي، والله إني كسفينة نوح من ربي، وشقيٌ من يبقى بعيدا عن مرْفَئِي، إن نارًا أحرقت الزمن الأخير، ووالله؛ إني نهر الكوثر لعلاجه، لستُ رسولا وما جئت بكتاب، بل أنا ملهَم من الله ومنذِر".

النص الثالث: وفي هذا النص لم يكتف الميرزا بتكفير من لا به نبيًّا ورسولًا، بل يرى كفر من يعتقد بحياة سيدنا عيسى عليه السلام في السماء، وأنه نازل آخر الزامن، يقول الميرزا([10]):"ومع ذلك، إذا كان نبيّنا - صلى الله عليه وسلم - خاتم الأنبياء، فلا شك أنه مَن آمنَ بنزول المسيح الذي هو نبيّ من بني إسرائيل فقد كفَر بخاتم النبيّين. فيا حسرة على قومٍ يقولون إنّ المسيح عيسى بن مريم نازلٌ بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقولون إنه يجيء وينسخ من بعض أحكام الفرقان ويزيد عليها، وينزل عليه الوحي أربعين سنة، وهو خاتم المرسلين. وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"لا نبيّ بعدي"، وسمّاه الله تعالى خاتم الأنبياء، فمِن أين يظهر نبيّ بعده؟ ألا تتفكرون يا معشر المسلمين؟ تتبعون الأوهام ظلمًا وزورًا، وتتخذون القرآن مهجورًا، وصرتم من البطّالين".

النص الرابع: يقول الميرزا([11]):"... إنّ لفظ (تَقَوَّلَ) يتعلق بالقطع واليقين. فكما بيّنتُ مرارًا أنّ الكلام الذي أسرِده هو كلام الله بالقطع واليقين كما أنّ القرآن والتوراة كلام الله. وأنا نبيّ الله بصورة ظلية وبروزية، وطاعتي واجبة على كل مسلم في الأمور الدينية، وواجب عليه أن يؤمن بي مسيحًا موعودًا. وكل من بلغته دعوتي - وإن كان مسلمًا - ولكنه لا يعتبرني حَكَمًا له ولا يؤمن بي مسيحًا موعودًا ولا يَعُدّ وحيي من الله تعالى فهو جدير بالمؤاخذة في السماء، لأنه ينكر الأمر الذي كان عليه قبوله في حينه. لا أقول فقط بأنّني لو كنتُ كاذبًا لهلكتُ بل أقول أيضًا بأني صادق مثل موسى وعيسى وداود والنبيّ صلى الله عليه وسلم، وقد أرى اللهُ تعالى أكثر من عشرة آلاف آية لتصديقي. لقد شهد لي القرآن، وشهد لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحدد الأنبياء السابقون زمن بعثتي وهو هذا العصر. وكذلك حدد القرآن الكريم أيضًا زمن بعثتي وهو هذا العصر. لقد شهدت لي السماء والأرض، كذلك ما خلا نبيّ إلا وقد شهد لي".

يقول الميرزا هنا بمؤاخذة الله تعالى لمن لا يؤمن به نبيًّا، مع اعتقاد الميرزا والأحمديين أنّ الميرزا ليس نبيًّا تشريعيًّا، ولكن لأنّ الله سبحانه وتعالى يرزق مدعي النبوة الاختلاف الكثير في كلامهم، وما يدعون إنّه من كلام الله تعالى، فنجد الميرزا يقول بعدم كفر ولا مؤاخذة إلا منكر الأنبياء التشريعيين كما في النص التالي([12]):"النكتة الجديرة بالذكر هنا أنّ الأنبياء الذين يأتون بشريعة، وأوامر جديدة من الله، هم الذين يحق لهم وحدهم أن يعتبروا منكريهم كفارا، وباستثناء النبيّ صاحب الشريعة؛ إنْ أنكر أحد ما أحدًا من الملهمين أو المُحَدَّثين وإن كانوا يحتلّون مرتبة عظيمة عند الله وكانوا مكّرمين بمكالمة الله، فلا يصبح منكرهم كافرا".

النص الخامس يصرِّح الميرزا بكفر من لا يؤمن به نبيًّا ورسولًا كفر مخرج من الملة:"والكفر نوعان: الأول([13]): أن ينكر أحدٌ الإسلام ولا يؤمن بالنبيّ صلى الله عليه وسلم كرسول من عند الله. والنوع الثاني من الكفر هو ألا يؤمن بالمسيح الموعود مثلا، وأنْ يكذِّب - رغم إتمام الحجة - الذي أكد الله ورسوله على تصديقه، مع ورود التأكيد نفسه في كتب الأنبياء السابقين أيضًا. فإنّه كافر بسبب إنكاره أمر الله وأمر الرسول. ولو تأملنا جيدًا لرأينا أن كلا النوعين من الكفر يدخل في نوع واحد في الحقيقة لأنّ الذي لا يقبل أمر الله والرسول بعد المعرفة جيدًا فإنّه بحسب نصوص القُرآن والحديث الصريحة لا يؤمن بالله ولا بالرسول. وأي شك في أنّ الذي تمت عليه الحجة عند الله بالكفر من النوع الأول أو الثاني، جدير بالمؤاخذة يوم القيامة. أمّا الذي لم تتم عليه الحجة عند الله وهو مكذِّب ومنكر فمع أنّ الشريعة (التي تُطلَق أحكامها على الأعمال الظاهرية) قد سمّته كافرًا، وندعوه نحن أيضًا كافرًا اتِّباعًا للشريعة، إلا أنّه مع ذلك لن يكون معرَّضًا للمؤاخذة عند الله حسب مضمون الآية:"لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا"، ولكننا لسنا مخوّلين للحكم بنجاته وإنما أمره على الله ولا دخل لنا في ذلك. وكما قلت آنفًا إنّ الله تعالى وحده يعلم مَن الذي لم تتم عليه الحجة بعدُ عنده عز وجل رغم وجود الأدلة العقلية([14]) والنقلية([15]) والتعليم الجميل والآيات السماوية([16])".

ويكمل الميرزا حيث يقول([17]):"لا يجوز لنا أن نجزمَ أنّ الحجة لم تتم على شخص ما لأننا لا نعرف ما يكِنُّه باطنه. ولمّا كانت إرادة كل نبيّ دائمًا أن يتم حجته على الناس بتقديم الأدلة والآيات من كل نوع، وأيدهم الله تعالى أيضًا في ذلك دائمًا، فالذي يقول إنّ الحجة لم تتم عليه فإنّه بنفسه مسؤول عن إنكاره. وإنّ مسؤولية إثبات هذا الأمر تقع على عاتقه هو، وعليه أن يجيب كيف لم تتم الحجة عليه رغم وجود الأدلة العقلية والنقلية والتعليم الجميل والآيات السماوية ورغم توافر الهداية من كل نوع. إنّه لمن قبيل النقاش العقيم والهراء البحتِ القولُ أنّ الذي لم تتم عليه الحجة سيحظى بالنجاة في حالة الإنكار أيضًا بعد اطلاعه على الإسلام. بل الحق أن كلامًا مثله يمثِّل إساءة إلى الله تعالى القادر والقدير الذي أرسل رسوله. إضافة إلى أنّ ذلك يستلزم الإخلاف في وعده تعالى إذ لم يقدر على إتمام الحجة على المكذبين رغم وعده بذلك؛ فكذَّبوا رسوله ومع ذلك نالوا النجاة".

ويكمل الميرزا في صفحة 166 ويقول([18]):" يا قليلي الفهم، ما دام الله تعالى قد أتم حجة دينه القويم بحسب سنته، فما الحاجة إذن لإدخال الشبهات في الموضوع وتقديم الأمور العابثة؟ إذا كان هناك مَن لم تتم عليه الحجة فعلا في نظر الله فأمره إلى الله، ولا حاجة لنا للخوض في ذلك. أما إذا كان أحد يجهل الإسلام جهلا تاما ومات في حالة الجهل مثل الأولاد الصغار والمجانين والساكنين في بلد لم تصله دعوة الإسلام فإنهم معذورون".

واضح من كلام الميرزا إقراره بمسألة العذر بالجهل، فكما قال الميرزا إنّه لا يقال للأولاد الصغار والمجانين أنهم كفار بسبب عدم إيمانهم أو حتى عدم علمهم ببعثة الميرزا نبيًّا ورسولًا، أيضًا لا يصح أن نصف من لم يسمع به من الأصل أنهم كفار كما في حال البلاد التي لم يصلها خبر الميرزا، فقول الميرزا بالعذر لهم لا يعني عدم عقابهم وعذابهم في الآخرة فليس له أو لغيره أن يحدد ما يجب أن يفعله الله سبحانه وتعالى، ولكن قول الميرزا بالمعذرة معناه ألا يصح إطلاق وصف الكفر عليهم، وهذا النص الأخير فيه الرد الكافي على كلام بشير الدين محمود كما سنرى أنه حتى من لم يسمع بالميرزا فهو كافر.

كما رأينا يقرر الميرزا أنّ إرادة النبيّ هي إتمام الحجة على الناس بالأدلة والآيات من كل نوع وليس من بعض الأنواع ليثبت للناس أنّه بحق من عند الله تعالى، وأنّ الله تعالى يؤيده دائما في ذلك، ولكننا لا نجد من أتباعه إلا تقديم الأوهام والظنيات، أو يقررون عدم الاحتياج للأدلة من أي نوع وقد يكتفون برؤى منامية، كما يقرر الميرزا أنّ القول بالنجاة يوم القيامة لمُنكر صدقه بالرغم من الادّعاء من طرفه عدم إتمام الحجة عليه هو هراء، وأنّ مناقشة مَنْ يقول بذلك هي من قبيل النقاش العقيم، ثم يقرر أيضًا أنّ من يقول بهذا القول فهو يسيء إلى الله القادر القدير الذي أرسل رسوله، وأنّ هذا القول أيضًا يعتبر وصفًا لله تعالى بإخلاف الوعد لأنّه – بحسب رأي الميرزا– قد وعد بإتمام الحجة على المكذبين ولم يستطع ذلك، وهنا يجب إلزام الميرزا والأحمديين بأن تكون حجتهم لإثبات نبوة الميرزا تامة، ولا تكون الحجة تامة إلا إذا كانت قطعية الثبوت والدلالة، فإتمام الشيء إيصاله إلى كماله ومنتهاه وأعلى درجة له، كما يقول الله تعالى "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِينًا"([19])، فالنعمة التي تمت لا يستطيع أحد الزيادة عليها، والأدلة النقلية لا تُقبل في العقائد خاصة إلا إذا كانت قطعية الثبوت والدلالة، والأدلة السماوية أي الآيات الإعجازية كذلك لا بد أن تكون واضحة ظاهرة خارقة دقيقة لا خفاء فيها، ولا إخلاف لميقات قرره الله فيها، وإلا فكيف تكون تامة وبها نقص مثل عدم وضوح النبوءة..

فالميرزا بسبب عدم فهمه للنبوءات الغيبية – كما سنرى - التي يتوهم أنها من الله تعالى، وتحققت على عكس ما فهمه وتوقعه، قد خالف رأيه بحتمية أن تكون الحجج النبويّة تامة.

 

النص السادس: يقول الميرزا([20]):"...يتضح من هذا الكلام الإلهي أنّ الذين يُكفِّرون ويُكذِّبون هم قوم هالكون، فلا يستحقون أن يُصلِّي وراءهم أحد أبناء جماعتي، فهل يمكن لحيٍّ أن يُصلِّي خلف ميت، فتذكروا أنّ الله - سبحانه وتعالى - أخبرني أنّه حرام عليكم قطعًا أنّ تُصلّوا خلف أي مكفِّر أو مكذب أو متردد، بل يجب أنْ يؤمّكم أحدٌ منكم، وإلى هذا يشير جانب من حديثِ البخاري "إمامكم منكم"([21]) أي عندما سينزل المسيح فسيكون لزامًا عليكم أن تتركوا نهائيًا سائرَ الفِرق التي تدَّعي الإسلام، وسيكون إمامكم منكم. فعليكم أن تعملوا بذلك، فهل تُريدون أن تقوم عليكم حجةُ الله وتَحبط أعمالُكم وأنتم لا تشعرون، فالذي يقبلني بصدق القلب فهو يُطيعني أيضًا بإخلاص، ويعتبرني حَكَمًا في كل أمر ويطلب مني الحكم في كل نزاع. أما الذي لا يقبلني بصدق القلب فسترون فيه نخوة وأنانية؛ فاعلموا أنّه ليس مني لأنه لا ينظر إلى أقوالي التي تلقيتُها من الله بعظمة فلا تعظيمَ له في السماء "منه"".

التعليق:

يمكننا أن نتبين من النص السابق عدة أمور:

 

أولا: تحريم ومنع صلاة الأحمديين ليس فقط خلف إمامٍ مكفِّر أو مكذِّب للميرزا، ولكن أيضًا لمن يتردد في التصديق بما جاء به الميرزا، والمتردد لم يكفّر ولم يكذّب الميرزا.

ثانيا: نصح الميرزا أتباعه بترك كل الفرق الإسلامية المخالفة لهم لأنّه يراهم غير مسلمين، وإنما هم مسلمون بالاسم فقط وليس بالحقيقة، وهنا يحكم الميرزا الحَكَم العدل([22]) – كما يرى نفسه - بكفر كافة الفرق الإسلامية، وإذا قيل: إننا كأهل السُنَّة والجماعة لا نصلي خلف الشيعة ولا نكفرهم، والإجابة: أننا لا نكفرهم فعلًا، ولكننا لا نقول إنهم يدَّعون الإسلام كما قال الميرزا على المسلمين في النص محل النقاش، بل نحن نرى أنّ عموم الشيعة فعلًا مسلمون.

ثالثا: عدم تنفيذ أمر الميرزا لأتباعه بعدم الصلاة خلف غير الأحمديين يحبط أعمالهم.

رابعا: الميرزا يدعي أنه هو الحَكَمُ العَدْلُ، وهذا يستلزم أنْ يكون له الحُكم في كل أمرٍ ونزاعٍ يخص الأحمديين، وأنّ مًنْ لا يقبل ولا يطيع الميرزا بصدق القلب، ولا ينظر بعظمة إلى أقواله التي تلقاها من ربه فهو ليس منه، ولا تعظيم له في السماء، وعليه فلا يصح عقائديًا مخالفة أي أحمدي – حتى لو كان من يعتبرونه المصلح الموعود أو الخليفة الأول نور الدين - لأي تفسير من الميرزا لآيات القرآن، ولكننا سنجد في الحقيقة أنّ الخليفة الأول الأحمدي نور الدين، وبشير الدين محمود الخليفة الأحمدي الثاني يخالفان في تفسيرهما للكثير من الآيات القرآنية تفسير الميرزا غلام([23]).

خامسا: الذي يصف نفسه أنه الحكم العدل، وله الحُكْم في كافة الأمور والنزاعات، وفي أماكن أخرى يرى نفسه أنّه معصوم، كان يتوجب عليه ألا يخطئ في فهم نصوص الوحي التي تلقاها من ربه، وألا يرتد وينقلب على معتقداته وأفكاره وكشوفه السابقة المُثبَتة في كتبه، وألا يكون هناك الكثير من الاختلاف والتضاد في كلامه، والذي يؤكد موضوع تكفير الأحمديين للمسلمين هو التطبيق العملي حيث إنّ الأحمديين لا يُصَلُّون خلف المسلمين، ولا يُزَوِّجُون بناتَهم للمسلمين، ولا يصلون الجنازة على موتى المسلمين، ولا يشاركونهم ذبائحهم، كما جاء في كتاب (فقه المسيح)([24]).وأغلبية الأحمديين القاديانيين لا يعلمون بمثل هذه النصوص، لأنهم لا يقرأون في كتب الميرزا، وإنّما يأخذون دينهم ممّا ينشره علماء هذه الطائفة، ويخدعونهم بأنّ شعار الأحمدية "الحب للجميع ولا كره لأحد"، وبالتالي فالأحمديون السذج يشعرون بالغُبن والظلم أنّ المجامع الإسلامية حكمت بكفر هذه الطائفة الأحمدية، بينما الميرزا نبيّهم وابنه بشير الدين محمود هما من قررا وأعلنا كفر كل من لا يؤمن بالميرزا نبيًّا ورسولًا، أو حتى لم يبايع الجماعة الأحمدية، أو كما سترون لاحقًا يحكمون بكفر كل من لم يسمع بالميرزا غلام.

النص السابع:

يقول الميرزا غلام([25]):" فقد تمزقت جميع ألبسة التقوى، وجميع الأفكار في القلوب تنجست.

إذا كان هناك بعض الصالحين فقد صاروا ترابا، أما الآخرون فقد صاروا ظالمين وسفاكين.

فقد أصبحتم محل غضب الله بأنفسكم، وابتعدتم عن ذلك الحبيب عقابا على معاصيكم.

فما معنى قتال الأغيار إذ قد أصبحتم أنتم الأغيار وصرتم جديرين بالعقاب.

فقولوا صدقا وحقًّا؛ أين توجد الأمانة، وأين ذلك الصدق والتديّن؟

فحين لم يبقَ فيكم إيمان ولا عرفان ولا نور المؤمنين.

فاطّلِعوا على كفركم أيها القوم وتذكَّروا آية {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}.

ففكرة مجيء المهدي الدموي- الذي سيجعل الدين يزدهر بقتل الكفار-

أيها الغافلون، هي كلام فارغ وبهتان عديم الثبوت وغير عقلاني".

 

النص الثامن:

في حوار([26]) بين أحد الطلاب وبين الميرزا، تحت العنوان "الغرض من بعثة المسيح الموعود"، يقول الميرزا:"إن لي مهمتين اثنتين الأولى : إزالة الأخطاء التي تطرقت إلى الاعتقاد بما يناقض النصوص، الثانية: إصلاح حالة الناس العملية لينالوا التقوى والطهارة كالصحابة

الطالب: هل ادعى أحد من قبل أيضا أنه نبي في الإسلام؟

المسيح الموعود عليه السلام : أنّي كان لأحد أن يدعي من قبل، لأنهم ما كانوا مأمورين بذلك، أما أنا فمأمور.

الطالب: لماذا يُعد معارضك كافرا؟

المسيح الموعود عليه السلام: معنى الكفر هو الإنكار ما دام هؤلاء الناس لا يؤمنون بالمبعوث من الله ويشتمونه وينكرونه فلا يقتصر الأمر على ذلك([27]) بل يفتح بابا آخر، وينطلق اللسان ويسلب التوفيق للأعمال رويدا رويدا."

واضح من السطور الأخيرة عندما واجه الطالب الميرزا باتهامه بالتكفير لمعارضيه أنّ الميرزا لم ينكر ذلك، وكان عليه لو أنه لا يعتقد بكفر معارضيه أن ينكر ذلك بكل وضوح، ولكنه بدأ يشرح كيف أصبح معارضوه كفارًا، فقد اعتبر الميرزا أنّ الكفر هو الإنكار، ثم بدأ في بيان أنّ معارضيه ينكرون أنه مبعوث من الله سبحانه وتعالى وبالتالي فهم يستحقون أن يكونوا كفارًا.

 

النص التاسع: هناك كتاب من تأليف رجل اسمه "سيد زين العابدين ولي شاه" الأحمدي، وهو كما يظهر من صورة الصفحة المرفقة([28]) أستاذ تاريخ الأديان سابقًا بكلية صلاح الدين ببيت المقدس سنة 1912م، ومؤلفه جاء بنص يفيد تكفير الميرزا لمن عصاه أي لمن لا يؤمن به، ويدعي أنه من كلام الميرزا، ولا نستطيع إقامة الحجة على الأحمديين بهذا النص لأنّي لم أجده بنفس الألفاظ في كتب الميرزا، وعموما فقد وجدتُ بالبحث أنّ أقرب نص له في كتاب (الملفوظات)، ومعناه قريب مما في صورة الصفحة المرفقة من كتاب ( سيد زين العابدين ولي شاه) الأحمدي.

ينقل الأحمديون كلامًا للميرزا في الكتاب([29]) تحت العنوان:"ضرورة الإيمان بالمسيح الموعود": "عندما بلغ المسيح الموعود عليه السلام إلى هنا في خطابه طرح خليفة رجب الدين سؤالا بأعلى صوته عن ضرورة الإيمان، وكان من سكان لاهور من العوام.مع أنّ هذا التدخل منه أزعج بعض الإخوة لأنه صرف انتباه المبعوث الرباني عن الضرورة التي شعر بها بنور فراسته وكان يحدّث الناس عنها، ولكني أرى أنّ هذه اللفتة أيضًا لم تخرج عن حكمة الله تعالى، فقال عليه السلام: جوابه الموجز هو أنني شرحتُ في كثير من الكتابات والخطابات أنني أنا المسيح الذي وُعد به في القرآن الكريم إجمالًا وفي الأحاديث تفصيلًا، والذين لا يؤمنون به فاسقون بحسب القرآن الكريم. ويتضح من الأحاديث أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال بأنّ الذي لا يؤمن بهذا المسيح فكأنه لا يؤمن بي صلى الله عليه وسلم، ومن عصاه فكأنه عصاني. الناس يخدعون الخلق ويوقعونهم في الأخطاء كأني اختلقت شهادة جديدة أو صلاة جديدة، فبِمَ أردّ على هذه الافتراءات؟ فبالافتراءات من هذا القبيل اتخذوا إنسانًا ضعيفًا إلهًا ثالثًا. اعلموا أني مسلم ومن الأمة المحمدية، وإنّ اختلاق صلاة جديدة أو الإعراض عن القبلة كفرٌ عندي. أؤمن بجميع أوامر النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأؤمن أنّ الإعراض عن أصغر حُكم وقاحة. وإنّ دعواي خاضعة لما قال الله ورسوله. ولم أختلق شهادة أو صلاة أو حجًا منفصلًا أو شيئًا آخر منفصلًا عن اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم. إنّ مهمتي هي خدمة هذا الدين وإثبات غلبته على الأديان كلها.وأتبع القرآن والأحاديث الثابتة من النبي صلى الله عليه وسلم.وأرى أضعف الأحاديث أيضا جديرا بالعمل بشرط ألا يخالف القرآن الكريم، وأحسب الصحيحين أصح الكتب بعد كتاب الله.

والأمر الثاني الذي يجب أن تتذكروه هو أنني لم أرغب قط أن يؤمن بي الناس، بل أنا أنفر دوما من أن يجتمع الناس حولي، أما إذا كنت أخالط الناس وأجلس معهم فلا أفعل ذلك برغبتي الشخصية قط بل الله يُكرهني ويأمرني أن أفعل ذلك.

أخبروني ماذا أفعل في هذه الحالة إن لم أطعْ أمره عز وجل؟ أنا أعمل تحت إمرة وحي الله تعالى ليل نهار. ما أقوله هو أنْ آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم حق الإيمان. والمراد من الإيمان به هو العمل بوصاياه صلى الله عليه وسلم التي منها أنه عندما يأتي ذلك المسيح الموعود فكونوا معه. إن مَثل الإيمان بي كمثل سيدٍ يقول لخادمه إنّ فلانًا ضيفي فأت به وأطعِمْه وأكرِمه حق التكريم والتعظيم. وإذا قال الخادم في الجواب بأني أعرفك أنت فقط ولا يهمني تعظيم شخص آخر وتكريمه، ولا أرغب في ذلك. ففكِّروا الآن، هل أطاع سيده؟ كلا، لأنه أنكر العمل بما يرضيه. فاعلموا أنكم أيضا لن تؤمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم إيمانا حقيقيا إلا إذا آمنتم بجميع أحكامه ووصاياه. ومن عصى الحكم الأخير فكأنه عصى الأحكام كلها. فكِّروا مليا؛ إذا صلّى أحد وصام طول حياته وفي الفترة الأخيرة من حياته آمن بآلهة الهندوس بدلا من الإيمان بـ "لا إله إلا الله"، فهل ستنفعه الصلاة والصوم؟".

واضح من كلام الميرزا أنه يرى أنه من لا ينفذ وصية سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم – بحسب فهم الميرزا – بأنه يجب عليه أن يؤمن و يصدق ويطيع الميرزا فقد عصى سيدنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم معصية كفرية لأنّ الميرزا قال "ومن نقض الحكم الأخير فكأنه نقض الأحكام كلها"، ثم شبه ذلك العاصي بمن آمن بإله الهندوس بعد أن كان يؤمن بلا إله إلا الله أي كفر بعد إيمانه.


 

ثانيًا بعض نصوص تكفير بشير الدين محمود لغير الأحمديين

النص الأول: في كتاب (مرآة الحق)([30]) تأليف الخليفة الأحمدي الثاني بشير الدين محمود، وقد وضعه للرد على اتهامات مُحَمَّد علي اللاهوري مؤسس الجماعة الأحمدية اللاهورية([31])– وهو أحد كبار مرافقي وأصحاب الميرزا المقربين - حيث اتهم مُحَمَّد علي اللاهوري ابن الميرزا غلام بشير الدين محمود أنّه يكفِّر كل من لا يؤمن بالميرزا نبيًّا سواءً أكان من المسلمين أهل القبلة أو من غيرهم، فأقر بشير الدين محمود بالتكفير وهذا نص كلامه حيث يقول:"الفصل الأول تفنيد الأحداث الخاطئة التي سردها المولوي محمد علي عند ذكره الخلافات في الجماعة اتهامه إيايّ بتغيير الاعتقاد: بعد ذكره مماثلتنا مع النصارى بصورة خاطئة سرد المولوي محمد علي المحترم تاريخ الخلافات، وحاول أن يثبت كيف غيّرتُ (أي أنا العبد الضعيف)([32]) معتقداتي متأثرًا ببعض الأحداث بعد وفاة المسيح الموعود، وقد ذكر السيد محمد علي التغير في ثلاث من معتقداتي. الأول: أني روّجتُ عن المسيح الموعود أنه نبيّ. الثاني: أنه - عليه السلام - هو المصداق للنبوءة المذكورة في الآية القرآنية: {اسمه أحمد} (الصف:7) والثالث: أن جميع المسلمين الذين لم يبايعوا المسيح الموعود كفار وخارجون عن دائرة الإسلام وإن لم يسمعوا حتى اسم المسيح الموعود. بيان المعتقدات الثلاثة: أعترف أنني أعتنق هذه المعتقدات ولكني لا أقبل أني اخترتها منذ عام 1914م، أو قبلها بثلاثة أو أربعة أعوام بل كما سأثبتُ لاحقًا أنّ الاعتقاد الأول والثالث أعتنقهما منذ زمن المسيح الموعود، أما الاعتقاد الثاني، كما بينته في محاضرتي المنشورة فقد تبنَّيتُه بعد النقاش مع أستاذي الخليفة الأول - رضي الله عنه - ونتيجة تعليمه بعد وفاة المسيح الموعود".

ويكمل بشير الدين محمود كلامه:

"اعتقادي عن النبوءة:"اسمه أحمد": اعتقادي عن هذه النبوءة هو أنها في الحقيقة تتضمن نبوءتين: عن الظِلّ وعن الأصل. النبوءة عن الظل هي عن المسيح الموعود والنبوة عن الأصل هي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أما في هذه النبوءة فقد أُخبر عن الظلّ بصراحة تامة. والخبر عن الظل يتضمن خبرا عن الأصل تلقائيا لأن وجود النبي الظلي يقتضي تلقائيا وجود نبي يكون بمنزلة الأصل. لذا يُستنبَط من هذه الآية نبأ عن نبي أيضا سينال البركات منه المصداقُ الحقيقي لهذه النبوءة. ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يمكن أن يكون ظلا بل هو الأصل فلم ينل البركة من أي إنسان بل الآخرون ينالونها منه. والزعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينال البركات من الآخرين، والعياذ بالله، إساءة إليه. لذا بناء على بعض الأدلة الأخرى اعتقد أن المصداق الأول لهذه النبوءة هو المسيح الموعود الذي هو ظِلّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومثيل المسيح الناصري. ولكنني أرى أن هذه نبوءة لم يحددها أيّ نبي بالإلهام لذا فالاعتقاد عنها- أيا كان - ليس إلا تحقيقا علميا فقط. فلو استنبط أحد معنى آخر من هذه الآية سنعُدّه مخطئا ولن نعُدّه خارجا عن الأحمدية أو مذنبا. إذًا، هذه ليست قضية نعير لها أهمية من منطلق الدين.".

ويكمل بشير الدين محمود كلامه:"اعتقادي حول كفر غير الأحمديين: أعتقد أن الكفر يترتب في الحقيقة على إنكار الله تعالى، وعندما ينكر أحد الوحيَ النازل من الله الذي يكون الإيمان به ضروريا للناس كان إنكاره كفرا. ولا يمكن للإنسان أن يؤمن بالوحي إلا إذا آمن بصاحبه لذا فإن الإيمان بصاحب الوحي أيضا ضروري، ومن لا يؤمن فهو كافر. ولكن ليس لأنه لا يؤمن بشخص معين بل لأن عدم الإيمان به يستلزم إنكار كلام الله أيضا. أرى أن هذا ما يسفر عنه الكفر بالأنبياء جميعا وليس بسبب إنكار شخصهم. ولأن الوحي الواجب الإيمان به ينزل على الأنبياء فقط لذا إن إنكار الأنبياء وحدهم هو الكفر وليس إنكار غيرهم. ولأن الوحي الذي جُعل الإيمان به واجبا على بني البشر جميعا نزل على المسيح الموعود - عليه السلام - لذا إن الذين لا يؤمنون به كفار في رأيي بحسب تعليم القرآن الكريم وإن كانوا يؤمنون بالحقائق الأخرى كلها لأنه لو وُجد في أحد وجه واحد من أوجه الكفر لكان كافرا. إن تعريف الكفر عندي هو عدم الإيمان بأصل من الأصول التي يُعدّ منكرها عاصيا لله والتي يؤدي إنكارها إلى انعدام الروحانية. وليس أن يُنزل على شخص مثله عذاب أبدي وغير مجذوذ. ولأن بناء أحكام الإسلام هو على الظاهر لذا إن الذين لا يؤمنون بنبي وإن لم يسمعوا عنه شيئا يسمَّون كفارا وإن كانوا لا يستحقون العذاب عند الله لأن عدم إيمانهم ليس ناتجا عن خطئهم. فقد ظل المسلمون يسمُّون الذين لم يُسلموا كفارا بالإجماع سواء أسمعوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم لا. ولم يفتِ أحد إلى يومنا هذا بكون الأسكيمو من إيسلندا أو الهنود الحمر من أميركا أو السكان الأصليين في أستراليا مسلمين، كما لم يفتوا بإسلام ملايين النصارى الذين يسكنون في الجبال أو في أدغال أوروبا ولا يعرفون عن تعليم رسول الله - صلى الله عليه وسلم – شيئا".

إِذَنْ بشير الدين محمود يقر بنبوة الميرزا نبوة كمثل نبوة الأنبياء السابقين جميعهم صلوات الله وسلامه عليهم، وأنّ اسم الرسول "أحمد" الوارد في بشرى سَيِّدنا عيسى عليه السلام في القُرآن الكريم إنما هي نبوءة تخص الميرزا في المقام الأول كما شرح بعد ذلك، ويقر أيضًا بتكفيره لكل المسلمين الذين لم يبايعوا الميرزا نبيّا حتى لو لم يسمعوا باسم الميرزا غلام.

ويقول أيضًا بشير الدين محمود:"ما دمنا نؤمن بالمسيح الموعود نبيّ الله فأنَّى لنا أن نحسب منكريه مسلمين؟ لا شك أننا لا نحسبهم كافرين بالله، أي ملحدين، ولكن أي شك في كونهم كافرين بالمبعوث من الله؟ والذين يقولون: نحسب الميرزا المحترم رجلًا صالحًا فلماذا نُعَدّ كافرين؟ عليهم أن يفكروا هل الصلحاء يكذبون أيضًا؟ إذا كان الميرزا المحترم صالحًا فما عذرهم في قبول دعاويه؟".

ويكمل بشير الدين محمود كلامه ويقول:"ثم أثبَتُ من خلال مقتبسات من كلام المسيح الموعود - عليه السلام - أنّه يرى منكريه كفارًا، ففيما يلي بعض الفقرات من تلك المقتبسات حيث كَتَبَ - عليه السلام - إلى المرتد عبد الحكيم بتيالوي:"على أية حال، ما دام الله تعالى كشف لي أن كلّ من بلغته دعوتي ولم يؤمن بي ليس مسلمًا وهو مسئول عند الله فكيف يمكنني أن أنبذ أمر الله لقول شخص محاط بآلاف الظلمات سلفا؟ بل الأهون من ذلك أن أطرد هذا الشخص من جماعتي. لذا أطرده من جماعتي من اليوم".

ويكمل بشير الدين محمود كلامه ويقول:"لا تقوم الحجة فقط على الذين سعوا في التكفير بل كل من لم يؤمن به ليس مسلمًا ثم شرحتُ بلوغ الدعوة بكلمات المسيح الموعود أنّه بلّغ دعوته إلى العالم كله، وبذلك قد بلغت دعوته العالمَ كله، ولكن ليس ضروريًا أن يقال لكل شخص على حِدَى، ثم أثبتُّ بواسطة عبارات المسيح الموعود أنّ الذين لا يكفّرون المسيح الموعود - عليه السلام - ولا يؤمنون به أيضًا هم أيضًا مع هؤلاء. بل الذي ينتظر لمدة أخرى لمزيد من الاطمئنان ولا يبايع يُصنَّف أيضًا مع المنكرين. ثم لُخِّصت تلك العبارات بكلماتي:" فليس الذي يكفِّره فقط بل الذي لا يكفّره ولا يؤمن به أيضًا عُدّ كافرا، كذلك الذي يحسبه صادقًا في القلب ولا ينكره باللسان أيضًا ولكنه مازال مترددًا في البيعة عُدّ كافرًا بعد ذلك نقلتُ بعض المقتبسات التي تؤيد المقال ونقلت فتوى المسيح الموعود - عليه السلام - عن منع الصلاة وراء غير الأحمديين مظهرين ضعفهم مقابل حركة الصلح المذكورة آنفًا (التحفة الغولروية) صفحة 34، الحاشية)([33]) وفي الأخير استدللت من آية قرآنية بأنّ الذين لا يؤمنون بالميرزا المحترم رسولًا كفارٌ أشد الكفر وإنْ كانوا يعترفون بصدقه باللسان...".

واضح بلا أدنى شك تكفير بشير الدين محمود لكل مَنْ هو ليس أحمديًّا مبايعًا، وحتى لو لم يسمع باسم الميرزا من قبل، والأمر المهم في كلام بشير الدين محمود أنّه استدل بنَص كلام أبيه الميرزا الذي أتيتُ به سابقًا، وهو وارد في كتاب (التذكرة)([34])، حيث أوضح أنّ التعبير "غير مسلم" الذي رمى به الميرزا من لم يؤمن به نبيًّا ورسولًا أنّ معناه الكفر وليس نقص في كمال الإيمان الذي لا يخرج المسلم من الملة.

وعمومًا فإنّ النص المشار إليه من كتاب (مرآة الصدق) قد جاء ذكره في كتاب (شبهات وردود) الأحمدي باللغة العربية، وقد ذكرتُه مع إرفاق صورًا من الكتاب بعد صفحات في هذا الفصل في ذكري للنصوص من كلام الجماعة الأحمدية القاديانية إقرارًا بعقيدتهم في تكفير غير الأحمديين حتى الذين لم يسمعوا باسم الميرزا غلام.

والنص التالي من كلام بشير الدين محمود كما جاء في كتاب (التفسير الكبير) المنشور في الموقع الرسمي للأحمديين، وهو يتوافق مع ما قاله محمود في كتاب (مرآة الحق)، وقد أتيتُ به هنا تأكيدًا لما نقلتُه، وحتى لا يتصور الأحمديون أننا نكذب أو ندلس عليهم في النقل من كتبهم.

 

يقول بشير الدين محمود([35]):"الآية:{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ}...والآن وقبل أن أتناول تفسير هذه الآية أودّ أن أذكر أمرين عن الأحاديث المذكورة أعلاه: الأول: أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "مَن سمع بي"([36]) لا يعني مجرد السماع، بل سماع الحجة، فليس المراد أن أحدًا لو علم بدعوى مؤسس الإسلام ولم يؤمن به فهو في النار، ذلك أن العقاب لا ينزل بدون إقامة الحجة القاطعة، وقد ورد في الأحاديث نفسها أن بعض الناس لا يُعاقَبون رغم سماع الأمر، فمثلا ورد فيها أن المجنون هو ممن رُفع عنه القلم فلن يعاقِبه الله على أفعاله الجنونية (البخاري: كتاب الطلاق)، مع أنه يسمع حتمًا. فثبت أن مجرد السماع لا يكفي للعقاب، وإلا لعوقب المجنون والمعتوه. وليس هذا الفرق إلا لأن المجنون يسمع، لكنه لا يعقل شيئا، لذلك فإن الذي سمع ذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - دون أن تقام عليه الحجة، فلا يستحق العقاب، لأن العقاب يكون بعد إتمام الحجة وكشف الحقيقة على الإنسان، وما دام هذا الإنسان لم يعِ دعوى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فكيف يستحق العقاب؟

والأمر الثاني هو أن الثابت من هذه الأحاديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد فرَّق بين الكفر والعقوبة، وهذه قضية هامة ما زالت محلّ نزاع بين جماعتنا وبين "البيغاميين"([37]) منذ مدة طويلة. حيث يتساءلون: أكافر مَن لم يسمع بمؤسس الجماعة؟ فعندما نقول: نعمْ، هو كافر، يرفع هؤلاء عقيرتهم مثيرين ضجة بأن هذا ظلم عظيم، فكيف يمكن أن يُعتبر مَن لم يسمع حتى باسم مؤسس الجماعة مِن أهل النار. والحق أن هناك فرقًا بين الكافر وبين أهل النار. وقد بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - هنا صراحة أن الكفر والعقوبة أمران مختلفان كليةً. إن كل مسلم سيقول إن من لم يسمع باسم النبي - صلى الله عليه وسلم - هو كافر، ولا أظن أن هناك فرقة واحدة في المسلمين تختلف في هذا الأمر، فتعتبر الذين لم يسمعوا باسم النبي - صلى الله عليه وسلم - مؤمنين. فباستثناء الشريحة القليلة التي لا تستحق الاهتمام والتي لا تعتبر أهل الكتاب كافرين، فإن جمهور المسلمين يقولون بشكل قاطع إن في الدنيا فريقين: مسلم وكافر. فما هو قول جمهور المسلمين هؤلاء عن المسيحيين أو اليهود أو الهندوس أو الزرادشتيين أو أتباع ديانةِ "الشانتو" اليابانية أو أتباع الديانة الكونفوشيوسية الصينية الذين لم يسمعوا باسم الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ فهل يسمّونهم مسلمين؟ من البديهي أنه لا يُدعى مسلمًا إلا مَن قال لا اله إلا الله وآمن برسول الله - صلى الله عليه وسلم - حقًا أو في الظاهر. فما دام هذا هو التعريف البسيط للمسلم فمن الواضح أن الذين لم يشهدوا ألا إله إلا الله ولم يُوَفَّقوا للإيمان بمحمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنهم يُدْعون كفارًا في كل حال. ومع ذلك يصرح الرسول - صلى الله عليه وسلم - هنا أنهم لا يعاقَبون رغم كفرهم، وإنما يعاقَب مَن سمع به - صلى الله عليه وسلم. أي مَن بلغته دعوته - صلى الله عليه وسلم - وأقيمت الحجة عليه ومع ذلك ظلّ على كفره ولم يُرِدْ أن يدخل في الإسلام ويؤمن بمحمد - صلى الله عليه وسلم لقد تبين من ذلك أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد أعلن حتى عن نفسه -ناهيك عن الأنبياء الآخرين- أن عدم إيمان المرء به لا يجعله من أهل النار -شريطة أن لا تكون الحجة قد أقيمت عليه- غير أنه يجعله كافرًا حتمًا، وإن كان يعيش في أي بقعة من بقاع الأرض، وإن لم يسمع باسمه - صلى الله عليه وسلم - قط، إنه كافر حتما، ولكنه لن يُعاقَب إلا بعد إتمام الحجة. وكأن هذه القاعدة التي بيّنها الرسول - صلى الله عليه وسلم - إنما تخصّ العقوبة لا الكفر. لقد فرّق - صلى الله عليه وسلم - بين الأمرين معتبرًا الكفر والعقاب شيئين مختلفين. وهذه بالضبط هي عقيدتنا عن المسيح الموعود - عليه السلام -. فالذي لم يسمع باسمه هو كافر، ولكنا لا نعتبره من أهل النار؛ إذ يمكن أن يختبره الله تعالى في الآخرة فيغفر له بناءً على إيمانه الفطري([38]). إننا لا نستطيع الجزم بصدد عقابه، لكننا مضطرون لاعتباره كافرًا لأن الإسلام يذكر اصطلاحين فقط: مؤمن وكافر، فالذي آمن بنبي فهو مؤمن، ومن لم يؤمن به فهو كافر، سواء كان عدم إيمانه بسبب عدم علمه بالأمر، أو بسبب شرّه. إذا كان عدم إيمانه بنبي بسبب عدم علمه فهو كافر، لكنه ليس من أهل النار، وإذا كان كفره بنبي بسبب شرّه، فهو كافر ومن أهل النار. الأسف أن "البيغاميين" في هذه الأيام يَضلّون لعدم فهم هذه الحقيقة، فالحق أنهم حين يهاجمونني فإنما يهاجمون الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فهو الذي قد بيّن هذا الفرق بين الكفر والعقاب، ففي أحاديث كثيرة قد فرّق - صلى الله عليه وسلم - بين كفر المرء وبين أن يكون من أهل النار".

التعليق على كلام بشير الدين محمود:

يؤكد بشير الدين محمود تكفيره لمن لم يسمع بالميرزا وليس فقط تكفيره لمن لا يؤمن به نبيًّا ورسولًا.

أيضًا نفى محمود أنّ من لم يسمع بالميرزا أنه من أهل النار برغم كفره، وهو بهذا يعارض كلام الميرزا الذي أثبتَ كفر من لا يؤمن به وأنه من أهل النار كما رأينا في الصفحات السابقة.

وبالنسبة لرأي محمود؛ أنّ الناس إما مسلم أو كافر ولا ثالث لهما، فإنه هناك من يُسَمّون بأهل الفَتْرة، ويقصد بهم - كما سنرى من كلام بشير الدين محمود، ومن الأحاديث الشريفة - هم مَنْ لم يأتهم نبيّ ولا رسول ليعرفوا منه الحقيقة، فلا هم مسلمون ولا هم كافرون، ويفصل الله تعالى في حالهم يوم القيامة كما سنرى.

نص كلام محمود في أهل الفترة وقد تحدث عنهم هو نفسه:

يقول بشير الدين محمود([39]):"أما قوله تعالى {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ} فقد فصّله القرآن الكريم في أماكن أخرى منها: 1 - قوله تعالى {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ - قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءنا نَذيرٌ} (المُلك: 9 و 10) 2 - وقوله تعالى {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} (الزمر: 72) 3 - وقوله تعالى {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} (فاطر: 38) 4 – وقوله { وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} (59) (القصص: 60)، 5 - وقوله {وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (القصص:48). أي بما أن هذا عذر معقول لذلك بعثنا إليهم الرسل دائمًا، ولم نعذبهم إلا بعد إقامة الحجة عليهم وبعد أن كفروا برسلهم. كل هذه الآيات من سنة الله تعالى أن لا يُنزل العذاب على أي قوم دون أن يبعث إليهم رسولا، بمعنى أن المنطقة التي تكون رسالةُ رسول ذلك العصر موجهة اليهم لا تتعرض للعذاب ما لم يظهر بينهم رسول آخر - وإن كان تابعًا للنبي السابق - وما لم يقم بإنذارهم. وقد يسأل هنا أحد: فما بال القوم الذين يذوقون هذا العذاب ولم تقم عليهم الحجة؟ لقد جاء الجواب على ذلك في حديث ورد في مسند أحمد بن حنبل والمروي عن أبي هريرة - رضي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أربعة يحتجّون يوم القيامة: رجلٌ أَصَمُّ لا يسمع شيئًا، ورجل أحمقُ، ورجل هَرِمٌ، ورجل مات في فترة. فأما الأصم فيقول: رَبِّ، لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئًا؛ وأما الأحمق فيقول: جاء الإسلام والصبيانُ يَحذِفوني بالبَعْر؛ وأما الهَرِم فيقول: ربّ، لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئًا؛ وأما الذي مات في الفترة فيقول: رَبِّ، ما أتاني لك رسول؟ فيأخذ سبحانه مواثيقَهم لَيُطيعُنَّه، فيرسل إليهم رسولاً أَنِ ادخُلوا النار. فمن دخلها كانت عليه بردًا وسلامًا، ومن لم يدخلها سُحب إليها" (روح المعاني) .. أي أن الله - عز وجل - سوف يختبر هؤلاء يوم القيامة بهذا الطريق، فتنكشف فطرتهم على حقيقتها، ويُجزَون بحسبها".

ثم يأتي بشير الدين محمود بالحديث بنصه في الحاشية كما يلي:"(ونصُّ الحديث:"عن الأسود بن سريع أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أربعة يوم القيامة: رجل أصم لا يسمع شيئا، ورجل أحمقُ، ورجل هَرِمٌ، ورجل مات في فترة. فأما الأصم فيقول: ربِّ، لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئا، وأما الأحمق فيقول: ربِّ، لقد جاء الإسلام والصبيان يحذِفوني بالبَعْر، وأما الهرم فيقول: ربي لقد جاء الإسلام وما أعقِل شيئا، وأما الذي مات في الفترة فيقول:ربِّ، ما أتاني لك رسول؟ فيأخذ مواثيقَهم لَيُطِيعُنّه، فيرسل إليهم أَنِ ادخُلوا النار. قال: فوالذي نفسُ محمد بيده، لو دخلوها لكانت عليهم بَرْدًا وسلامًا .... عن أبي رافع عن أبي هريرة مثلَ هذا، غير أنه قال في آخره: فمَن دخلها كانت عليه بردًا وسلامًا، ومَن لم يدخلها يُسحب إليها" (مسند أحمد: مسند المدنيين رقم الحديث 15712)"([40]).

والحديث التالي رواه ابن القيم([41]): وهو يؤكد ما جاء في مسند أحمد:"أربعةٌ يحتجون يومَ القيامةِ ، رجلٌ أصمٌّ لا يسمعُ ، ورجلٌ هرمٌ ، ورجلٌ أحمقٌ ، ورجلٌ مات في الفترةِ . أما الأصمُّ فيقول : ربِّ لقد جاء الإسلامُ وأنا ما أسمع شيئًا . وأما الأحمقُ فيقول : ربِّ لقد جاء الإسلامُ والصبيانُ يحدفونني بالبعرِ . وأما الهرمُ فيقول : ربِّ لقد جاء الإسلامُ وما أعقلُ . وأما الذي في الفترةِ فيقولُ ربِّ ما أتاني رسولٌ . فيأخذُ مواثيقَهم ليُطعْنَه . فيرسلَ إليهم رسولًا أنِ ادخلوا النارَ . فوالذي نفسي بيدِه لو دخلوها لكانَتْ عليْهِم بَردًا وسلامًا"([42]).

النص الثاني من نصوص تكفير بشير الدين محمود لغير الأحمديين:

يقول بشير الدين محمود([43]):"وأقدم قصة سليمان عليه السلام كمثال آخر. كان الكفار في زمنه يسمّونه كافرًا كما يقول الله تعالى في القُرآن " وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا" أي لم يكفر سليمان البتة، بل أعداؤه الذين كانوا بعيدين عن الله صاروا هم أنفسهم كفّارا بتكفيره".

التعليق: لا يوجد في الآية ما يدل إطلاقًا على ما ذهب إليه بشير الدين محمود أنّ أعداء سَيِّدنا سليمان عليه السلام الذين كانوا بعيدين عن الله صاروا هم أنفسهم كفّارا بتكفيره، وهذا هو نص الآية الكريمة: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إلا بِإذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَو كَانُوا يَعْلَمُونَ}([44]).

ونكمل كلام بشير الدين محمود، يقول:"لقد ذُكرت في هذه الآية نقطة عظيمة تهمكم أيضًا وهي أنّ بعض الناس يقولون إنّ إنكار نبيّ مشرع فقط يعد كفرًا وإنكار الأنبياء الآخرين ليس كفرًا. ولكن سليمان لم يكن نبيّا مشرعًا عند اليهود ولا عند المسلمين بل يقول الجميع أنّه كان نبيّا غير مشرع، ومع ذلك يقول الله تعالى "ولكن الشياطين كفروا" أي أعداؤه كانوا يقولون إنّه كَفَرَ، ولكنهم كانوا كافرين هم أنفسهم. فتبين من ذلك أن إنكار أنبياء غير مشرعين أيضًا كفر. فلو قال منكرو المسيح الموعود عليه السلام أنّه ليس نبيّا مشرعًا فكيف صار منكروه كافرين؟ لَمَا نفعهم هذا العذر. كان المولوي مُحَمَّد علي يركز كثيرًا على إنكار نبيّ مشرع فقط كفر، ولكن الله تعالى يقول في هذه الآية بكل صراحة "وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا" أي لم يكفر سليمان، بل أعداؤه ارتكبوا كفرًا بتكفيره، فالذي يُكَفِّرُ مرسلًا صادقًا من الله أو أتباعه يصبح هو نفسه كافرًا بحسب القُرآن الكريم، بل لو تأملنا في هذه الكلمات بنظره شاملة لتبين أنّها تعني في الحقيقة أنّ المنكر يصبح كافرًا بمجرد الإنكار وإن لم يُكَفِّر"([45]).

واضح أنّ بشير الدين محمود أخرج الآية الكريمة من معناها الواضح إلى معانٍ تخدم هواه فقط، وهي تكفير منكر نبوة الميرزا حتى لو لم يحكم بكفر الميرزا، وللعلم فإنّ بشير الدين محمود ذكر أنّ القائل بعدم كفر من ينكر نبوة نبيّ غير تشريعي هو المولوي (الشيخ) مُحَمَّد علي اللاهوري، ولكن في الحقيقة إنّ مُحَمَّد علي اللاهوري نقل كلامًا للميرزا غلام كما ورد في كتاب (ترياق القلوب) صفحة 305 بالحاشية([46]).

النص الثالث: يقول بشير الدين محمود([47]):"لقد نقلت نصًا من كلام المسيح الموعود عليه السلام ويتبيّن منه بصراحة أنّ المُكفِّرين وغير المؤمنين سواسية ولا فرق بينهم، وكما يصبح مكفّر مسلم كافرًا بنفسه كذلك الذي لا يؤمن بنبيّ يصبح كافرًا نتيجة عدم إيمانه، وأنقل هنا نصًا آخرًا من كلام المسيح الموعود عليه السلام قال فيه إنّ الذي يؤمن بصدقه ولكنه يترد في البيعة لمزيد من الاطمئنان هو أيضًا كافر. فقد نقل المسيح الوعود في ضميمة (البراهين الأحمدية) الجزء الخامس، صفحة 345 سؤالًا:"لم يظهر من حضرتك تأثير إلى الآن بصورة واضحة وباهرة. وإنّ انضمام مئتَي ألف أو ثلاث مئة ألف ليس إلا غيض من فيض. فهل يجوز أم لا أن يتأخّر أحد - بغير الإنكار- ويمتنع عن الانضمام إلى الجماعة إلى وقت ظهور تأثير بيّن؟" فقال في الجواب:"إن التأخُّر والامتناع أيضًا نوع من الإنكار" فكل عاقل فطين يستطيع أن يرى أن السائل اشترط في سؤاله أن شخصًا لا يكذّبك ولا ينكرك ولكنه يتأخر في البيعة لمزيد من الاطمئنان فما حكمه؟ فقال عليه السلام إنه كالمنكر تماما، وإنّ حكم المنكر مذكور في فتواه التي نقلتها من (حقيقة الوحي) أي قد عدّه عليه السلام كافرًا، بل الذي لا يكذّبه ولكن لا يؤمن بادّعائه فقد عدّه عليه السلام كافرًا، وكذلك الذي يحسبه صادقًا في القلب ولا ينكره باللسان ولكنه يتردد في البيعة حسبه المسيح الموعود عليه السلام كافر. فالجدير بالتأمل كم كان موقف المسيح الموعود عليه السلام قويًا بهذا الخصوص".

النص الرابع:يقول بشير الدين محمود([48]):"...الدليل السادس على نبوة المسيح الموعود هو أنه لو لم يُؤمَن به نبيًّا لوقعَ خللٌ خطير يكفي لجعل الإنسان كافرًا".

وفي الحقيقة فإنّ أمر تكفير الأحمديين لغير الأحمديين سواء علموا بالميرزا أو لم يعلموا به واضح شديد الوضوح ولا يحتاج إلى مزيد بيان.

ثالثا نصوص التكفير عند الخليفة الأحمدي الأول الحكيم نور الدين([49]).

في كتاب (نور الدين) تأليف مُحَمَّد ظفر الله خان([50])، تصريح واضح لا يقبل المواربة، حيث أقر (نور الدين) بكفر من لا يؤمن بالميرزا مبعوثًا من عند الله سبحانه وتعالى، في صفحة 280 ينقل المؤلف إجابة نور الدين على سؤال بخصوص الاختلافات بين الأحمديين وغيرهم من المسلمين، حيث يقول:"وفي 27 فبراير (شباط) 1911م استفسر أحد الأشخاص من حضرة خليفة المسيح عما إذا كان الاختلاف العقدي بين الأحمديين وغير الأحمديين هو خلاف في الأساس أو في التفصيل. فقال:"إنه من غير الصحيح القول بأن هذا الخلاف في التفصيل. صحيح أننا نؤدي الصلاة كما يؤدونها، وليس هناك أي فروق فيما يتعلق بالزكاة والحج والصيام، ولكني أعتبر أننا نختلف في الأساس، ويمكن شرح ذلك الأمر على الوجه التالي. إن الدين يتطلب الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشره واليوم الآخر. ويزعم معارضوننا أنهم يؤمنون أيضا بكل هذه الأمور، ولكن هنا يبدأ الخلاف. فلا أحد يعتبر من المؤمنين ما لم يؤمن برسل الله تعالى، أي بجميع الرسل دون أي تفرقة بينهم فيما يختص بالزمان أو بالمكان، فإن رفض المبعوث من لدن الله تعالى يصم الإنسان بالكفر. ومعارضوننا يرفضون قبول دعوى حضرة الميرزا المحترم بأنه مبعوث من الله تعالى، وهذا أمر لا يُعتبر من التفاصيل، إذ يقول القرآن المجيد:"لا نفرق بين أحد من رسله" (البقرة: 268). إن رفض الإيمان بالمسيح الموعود يُعتبر تفريقا بين الرسل. ونحن نؤمن بأن الرسول ﷺ خاتم النبيين، كما جاء ذلك في الكتاب العزيز بسورة الأحزاب، ونؤمن أن كل من لا يعتبره كذلك فإنه لا يكون من المؤمنين. ولكننا نختلف مع معارضينا على معنى تعبير "خاتم النبيين"، غير أن هذا الخلاف لا علاقة له بقوله لا نفرق بين أحد من رسله. وعلى هذا فإني أعتبر أن هناك خلافا في الأساس وليس في التفاصيل بيننا وبين غير الأحمديين".

 


 

رابعا: تصريح علماء الطائفة بتكفير غير الأحمديين، حتى من لم يسمع باسم الميرزا.

في كتاب (شبهات وردود) الأحمدي المنشور في الموقع الأحمدي الرسمي، وكان ما سطروه ردًا على أحد سؤال المعترضين: كيف يقول بشير الدين محمود بكفر غير الأحمديين حتى من لم يسمع باسم الميرزا غلام.

" الاعتراض: الأحمدية تكفر الناس، ثم تشكو من تكفيرها، أليس هذا تناقضا؟ ألم يقل الخليفة الثاني: كل من لم يبايع المسيح الموعود ولو لم يسمع به، فهو كافر وخارج عن الإسلام؟

 

الرد: هنالك مسألتان لا بد من التفريق بينهما: مسألة إطلاق لفظ الكفر أو الإيمان على شخص، ومسألة استحقاقه العذاب. هذان أمران مختلفان ولا تلازم بينهما، أي قد نسمي شخصا كافرا، بينما هو يستحق دخول الجنة، وقد نطلق على شخص صفة الإسلام، وهو في جهنم. مثال على الحالة الأولى : شخص لم يسمع بالإسلام البتة، ولكنه يعبد الله كما وصله من عقائد، ويقوم بالعمل الصالح، فهو في اصطلاحنا - كافر، ولكنه في الجنة. هو كافر لأنه لم يعتنق الإسلام، وفي الجنة لأنه قام بما يجب عليه، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها. ومثال على الحالة الثانية: شخص أعلن الإسلام وباطنه غير ظاهره، فنحكم بإسلامه؛ أي هو مسلم، ولكن مصيره جهنم. وهذه المسألة لا خلاف يُذكر فيها بين المسلمين، فمن يُسمّي اليهود والنصارى مسلمين؟ إنهم كفار بالرسالة الإسلامية، ولكن هل كل يهودي وكل نصراني في النار؟ الجواب: إن ذلك يعتمد على سبب عدم إيمانه بالإسلام. والله وحده من يعلم السبب الحقيقي، وفيما إذا كان معذورا فيه. أي أننا لا نستطيع الإجابة على هذا السؤال البتة. أما وصف شخص بأنه مسلم أو كافر، فهذا يمكننا أن نطلقه بسهولة.

إن القضية الأخرى الهامة هنا هي أن الإيمان بالمسيح الموعود ليس قضية ثانوية، بل هذا الإيمان واجب كوجوب الإيمان بأي نبي سابق، والكفر به جريمة كحال الكفر بأي نبي سابق. إن كفر أي مسلم بالمسيح الموعود يساوي كفر أي يهودي بالمسيح الناصري حين بعث إليهم، ويساوي كفر أي مسلم بالمسيح الناصري حين ينزل من السماء على فرض أنه سينزل. لذا يمكن أن نطلق لفظ كافر على من لا يؤمن بالمسيح الموعود عليه السلام من هذا الباب، ولكن هذا لا علاقة له بالحكم عليه بدخول الجنة أو النار. ولا علاقة له بأنه معذور في عدم الإيمان أو غير معذور، لأن هذا يعلمه الله وحده. هذه الجملة التي قالها الخليفة الثاني للمسيح الموعود عليه السلام لا بد من فهمها في ضوء هذه التوطئة، وفي ضوء سياقها، حيث يقول الخليفة الثاني رضي الله عنه شارحا إياها تحت عنوان عقيدتي بشأن كفر غير الأحمديين): "أعتقد أن الكفر هو نتيجة إنكار الله تعالى. عندما ينزل من الله تعالى وحى يكون الإيمان به ضروريا للناس، وإنكاره كفر. وبما أن الإنسان لا يؤمن بالوحي إلا إذا آمن بمن نزل عليه الوحي، لذا لا بد من الإيمان بصاحب الوحي، ومن لا يؤمن به فهو كافر. ليس بسبب أنه لا يؤمن بزيد أو عمرو، بل لأن إنكاره للوحي وصاحب الوحي يؤدي إلى إنكار كلام الله. وعندي أن سبب الكفر بالأنبياء كلهم يعود إلى هذا المبدأ وليس بسبب إنكار شخصهم. وبما أن الوحي الذي يجب الإيمان به لا ينزل إلا على الأنبياء، لذا فإن إنكار الأنبياء فقط هو الذي يؤدي إلى الكفر، أما إنكار غير الأنبياء فلا يؤدي إلى أي كفر . وبما أن الوحى الذي قد فرض على الناس جميعا الإيمان به قد نزل على المسيح الموعود عليه السلام، لذا أرى أن الذين لا يؤمنون به كافرون بحسب القرآن الكريم حتى لو آمنوا بوحي آخر؛ لأنه إذا وجد وجه واحد من أوجه الكفر في شخص لأصبح كافرا. والكفر عندي هو إنكار مبدأ من المبادئ التي يُعتبر رافضها متمردا وعاصيا الله، أو تموت الروحانية فيه بسبب إنكاره إياها. ولكن هذا لا يعني أن شخصا مثله يُعذب بعذاب غير مجذوذ إلى الأبد. وبما أن أوامر الإسلام تحكم على الظاهر ، لذا فالذين لا يؤمنون بنبي- وإن كان سبب عدم إيمانهم أنهم لم يسمعوا به سوف يُعتبرون كافرين حتى لو كانوا غير مستحقين للعذاب عند الله، لأن عدم إيمانهم لم يكن ناتجا عن خطأ منهم. والمعلوم أن المسلمين كلهم على مر العصور ظلوا يعتبرون الذين لم يدخلوا الإسلام كافرين، وإن لم يسمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم. لم يحدث إلى اليوم أن أحدا قد أصدر فتوى بكونهم مسلمين. كما لم يفتوا بإسلام آلاف مؤلفة من المسيحيين من ساكني الجبال في أوروبا ممن لم يسمع بالنبي ﷺ ولم يطلع على تعليم النبي صلى الله عليه وسلم.(مرآة الصدق، ص 113)".

 

 


 

خامسا: النصوص من كلام الميرزا التي تبيّن قصده بأهل النار

النصوص التالية أتيتُ بها لأنّ الطائفة الأحمدية القاديانية تدعي أنّ تكفيرهم لغيرهم لا يتعلق بمصيره في الآخرة، فقد يكون كافرًا ومصيره في الجنة، وقد يكون مسلمًا ومصيره النار، فهذه النصوص من كلام الميرزا تبين أنّ الميرزا حينما ذكر كفر من لا يؤمن به فقد – كما رأينا في النصوص السابقة من كلام الميرزا - قد قال باستحقاق من يكفر به أن يكون من أهل النار.

وسنجد أنّ الميرزا قَصَدَ بالتكفير هو الكفر الاعتقادي أو الكفر الناتج عن رمي المؤمنين بالكفر عن غير وجه حق.

·   يقول الميرزا([51]):"ويقول الله جل شأنه مشيرا إليهم: {نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ}(3). كذلك من الكفار أهل النار أيضًا من يحتلون درجة عليا؛ حيث تُضرَم في قلوبهم نارُ جهنم قبل أن يدخلوها بصورة كاملة كما يقول الله جلّ شأنه: {نَارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ} (4)".

·   ويقول الميرزا([52]):"والمعلوم أنّ الكافر إنْ مات على الكفر كان من أهل النار حتمًا. فهذان الشخصان[53]- أدخلهما الله الجنة - أفتيا بكفري ودخولي جهنّم، ونشرا إلهاماتهما بكل قوة وشدة. لا أرى ضروريا أن أسهب فيما يتعلق بإلهاماتهم، بل يكفي القول بأن الإلهام إما أن يكون من الرحمن أو من الشيطان. فلو توجّه المرء إلى استكشاف أمر ما، أو إلى الاستخارة أو الاستخبار، واضعا في الحسبان أفكاره وأهواء نفسه، ولا سيما إذا كانت في قلبه أمنية كامنة أن يتلقى كلمة خير أو شر بحق أحد بحسب رغبته هو؛ لتدخلَّ الشيطانُ عندئذ في أمنيته حتما، ولجرت على لسانه كلمات شيطانية".

·   ويقول الميرزا([54]):"يقول الله حكاية عن أهل الجحيم {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ}: أي سيقول أهل النار: لو كنا عقلاء، واختبرنا أمور الدين والعقائد بوسائل عقلية، أو أصغينا إلى أقوال العقلاء والباحثين الكاملين لما كنا اليوم في الجحيم".

وهذه الآيات بكاملها:"وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11)".

·   ويقول الميرزا([55]): "...فكما بيّنتُ مرارًا أنّ الكلام الذي أسرِده هو كلام الله بالقطع واليقين كما أن القرآن والتوراة كلام الله، وأنا نبيّ الله بصورة ظلية وبروزية، وطاعتي واجبة على كل مسلم في الأمور الدينية، وواجب عليه أن يؤمن بي مسيحًا موعودًا وكل من بلغته دعوتي - وإن كان مسلمًا - ولكنه لا يعتبرني حَكَما له ولا يؤمن بي مسيحا موعودا ولا يَعُدّ وحيي من الله تعالى فهو جدير بالمؤاخذة في السماء لأنه ينكر الأمر الذي كان عليه قبوله في حينه. لا أقول فقط بأنني لو كنتُ كاذبا لهلكتُ بل أقول أيضًا بأني صادق مثل موسى وعيسى وداود والنبيّ صلى الله عليه وسلم، وقد أرى اللهُ تعالى أكثر من عشرة آلاف آية لتصديقي. لقد شهد لي القرآن، وشهد لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحدد الأنبياء السابقون زمن بعثتي وهو هذا العصر. وكذلك حدد القرآن الكريم أيضًا زمن بعثتي وهو هذا العصر. لقد شهدت لي السماء والأرض، كذلك ما خلا نبيّ إلا وقد شهد لي".

·   ويقول الميرزا([56]):"ماذا أقول عن أهل الدنيا؛ كيف ناموا، وكم ينفرون من الحق ويحبون الكذب؟، لقد وقعت الحُجُب على عقولهم مع مشاهدتهم مئات الآيات، فقد تنحّوا عن الحق وأحبوا أن يكونوا من أهل النار، لولا سوء الظن لانمحى الكفر، فويل لسوء الظن فبسببه فسد العقلاء أيضا".

·   ويقول الميرزا([57]):"ارفعوا الحجاب قليلا وافحصوا إيمانكم، إنكم تكفِّرونني ولكن قد تكونون بأنفسكم من أهل النار".

·   وفي تفسير الميرزا لسورة البقرة الآية 167 يقول:"وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِأي سيلتمس أهل النار أن يرسَلوا إلى الدنيا مرة أخرى ولو لمدة وجيزة ليتسنى لهم أن يتبرأوا من آلهتهم الباطلة كما تبرأوا منهم، ولكنهم لن يخرجوا من الجحيم".

 

 



[1] كتاب (التذكرة) الصفحة 662.

[2] معنى المؤاخذة عند الله في كلام الميرزا ما ورد في كتاب (حقيقة الوحي) 1905-1907 صفحة 165:"وأي شك في أنّ الذي تمت عليه الحجة عند الله بالكفر من النوع الأول أو الثاني، جدير بالمؤاخذة يوم القيامة".

[3] كتاب (التبليغ) 1892 وهو يصف ابنه الذي سيكون المصلح الموعود في حاشية (1) صفحة 136.

[4] أي الميرزا غلام.

[5] كتاب (الحكم السماوي والآية السماوية) 1892 صفحة 93.

[6] كتاب (التذكرة) صفحة 164، وكتاب (التذكرة) هو من جمع اتباع الميرزا بعد موته، حيث جمعوا فيه ما يدعيه الميرزا من إلهامات ووحي ورؤى وكشوف.

[7] كتاب (التذكرة) صفحة 342.

[8] في كتاب (حمامة البشرى) 1894م صفحة 28 بالحاشية، يقول الميرزا: "والقسم يدل على أنّ الخبر محمول على الظاهر لا تأويل فيه ولا استثناء وإلا فأي فائدة من ذكر القسم؟ فتدبر كالمفتشين المحققين"، وسيتم مناقشة هذا النص في باب أصول الاستدلال في هذا الجزء.

[9] كتاب (إزالة الأوهام) 1891 صفحة 200.

[10] كتاب (تحفة بغداد) 1893م صفحة 36.

[11] كتاب (تحفة الندوة) 1902 صفحة 14.

[12] كتاب (ترياق القلوب) 1899-1902 صفحة 305.

[13] كتاب (حقيقة الوحي) 1905-1907م صفحة 164.

[14] يقصد الميرزا بالأدلة العقلية احتياج العصر والزمن إلى بعثة مصلح.

[15] يقصد الميرزا بالأدلة النقلية؛ الأدلة في الكتب السابقة لزمن الميرزا كما في القرآن والحديث وكتب اليهود والنصارى من قبل ذلك مثل النبوءات على أنّه هو بالفعل المسيح الموعود وأنّه نبيّ ورسول.

[16] يقصد الميرزا بالآيات السماوية الآيات الخارقة للعادة وهي ما يطلق عليها المعجزات، وبالنسبة لحاله يقصد الميرزا النبوءات الغيبية المستقبلية.

[17] كتاب (حقيقة الوحي) 1905-1907 صفحة 164.

[18] كتاب (حقيقة الوحي) 1905-1907 صفحة 166.

[19] سورة المائدة 3.

[20] كتاب (التحفة الجولروية) 1900م والمنشور في 1902 صفحة 34 بالحاشية.

[21] يقصد الميرزا الحديث التالي:"كَيْفَ أَنْتُمْ إذا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ" حديث صحيح، أخرجه البخاري ومسلم.

[22] وصف الميرزا لنفسه بالحكم العدل متكرر جدًا في كتبه، وبإذن الله تعالى سنرى بعض هذه النصوص في الفصل الثالث في هذا الباب.

[23] كتبتُ مقالات كثيرة في هذا الأمر، وبإذن الله تعالى سوف أتناول هذا الموضوع في أجزاء لاحقة من هذا الكتاب في مواضعها المناسبة.

([24])كتاب (فقه المسيح)، هو كتاب من جمع أتباع الميرزا، ينظر الصفحات 93 و94 و95 ومن 174 الى 178، والصفحات 217، 223 و224.

[25] كتاب (فقه المسيح) صفحة 466، ونفس النص في كتاب (التحفة الجولروية) صفحة 48.

[26] كتاب (الملفوظات) المجلد 8 صفحة 37.

[27] يقصد الميرزا غلام بقوله "لم يقتصر الأمر على ذلك" أي على عدم الايمان به مبعوثًا، ولكن بابًا آخرًا أي التعدي باللسان وسلب التوفيق منهم.

[29] كتاب (الملفوظات) المجلد السادس بتاريخ 21/8/1904م، صفحة 283.

[30] كتاب (مرآة الحق) باللغة الأردية، وقد قام المكتب العربي الأحمدي بترجمته إلى اللغة العربية، وقد حصلنا على نسخة منه من أحد أعضاء المكتب العربي الأحمدي الذين تابوا إلى الله وتركوا الأحمدية، ولكن المكتب العربي لم ينشر ترجمته رسميًّا إلى الآن، وسوف نصل إلى نفس ما ورد في هذا الكتاب من نصوص تكفيرية من خلال نصوص أخرى متناثرة في كتب بشير الدين محمود المنشورة في الموقع الرسمي للطائفة الأحمدية القاديانية.

[31] سبق تعريفه.

[32] أي بشير الدين محمود.

[33] هذا هو النص المشار إليه في كتاب (التحفة الجولروية) تأليف الميرزا سنة 1900م والمنشور في 1902 صفحة 34 بالحاشية:" (1) يتضح من هذا الكلام الإلهي أنّ الذين يُكفِّرون ويُكذبون هم قوم هالكون، فلا يستحقون أن يُصلِّي وراءهم أحد أبناء جماعتي، فهل يمكن لحيٍّ أن يُصلِّي خلف ميت، فتذكروا أنّ الله - سبحانه وتعالى - أخبرني أنّه حرام عليكم قطعا أنّ تُصلّوا خلف أي مكفِّر أو مكذب أو متردد، بل يجب أنْ يؤمّكم أحدٌ منكم، وإلى هذا يشير جانب من حديثِ البخاري "إمامكم منكم" أي عندما سينزل المسيح فسيكون لزاما عليكم أن تتركوا نهائيا سائرَ الفِرق التي تدَّعي الإسلام، وسيكون إمامكم منكم. فعليكم أن تعملوا بذلك، فهل تُريدون أن تقوم عليكم حجةُ الله وتَحبط أعمالُكم وأنتم لا تشعرون، فالذي يقبلني بصدق القلب فهو يطيعني أيضًا بإخلاص، ويعتبرني حَكَما في كل أمر ويطلب مني الحكم في كل نزاع. أما الذي لا يقبلني بصدق القلب فسترون فيه نخوة وأنانية؛ فاعلموا أنّه ليس مني لأنه لا ينظر إلى أقوالي التي تلقيتُها من الله بعظمة فلا تعظيمَ له في السماء" منه ".

[34] صفحة 662.

[35] كتاب (التفسير الكبير) الجزء 9 تفسير سورة البيّنة صفحة 477.

[36] يقصد الحديث التالي:"عَن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلا يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ". (مسلم، كتاب الإيمان)"، حديث صحيح.

[37] هم الجماعة الأحمدية اللاهورية.

كتاب (الخلافة الراشدة) تأليف بشير الدين محمود الخليفة الأحمدي الثاني صفحة 9 بالحاشية يقول المترجم:" هم الذين أرادوا إلغاء الخلافة في الجماعة في عهد الخليفة الثاني رضي الله عنه، ولم يبايعوه، وانشقوا عن الجماعة التابعة للخلافة واتخذوا مدينة لاهور مركزا لهم، وكان أول رئيس لهم هو المولوي محمد علي اللاهوري، واشتهروا بألقاب عديدة مثل "غير المبايعين" لرفضهم بيعة الخليفة الثاني رضي الله عنه، و"اللاهوريين" نظرا لمركزهم لاهور، و"البيغاميين" نظرا لجريدتهم "بيغام صلح" أي "رسالة الصلح". (المترجم).

[38] سوف نرى من كلام (بشير الدين محمود) واستدلاله بالحديث الشريف بخصوص أهل الفَتْرة أنّ الله تعالى سوف يأمرهم بدخول النار على سبيل إختبار طاعتهم له سبحانه وتعالى؛ فيأمرهم بأن يذهبوا إلى النار، فمن أطاعه يدخله الجنة، فهل ثبت أنّ الله تعالى سيسأله عن الميرزا لماذا لم تؤمن به!!!.

[39] كتاب (التفسير الكبير) الجزء 4 سورة الإسراء صفحة 477.

[40] إسناده صحيح.

[41] وهذا رأي الميرزا في ابن القيم كما جاء في كتاب (إتمام الحجة) 1893 صفحة 56 يقول الميرزا:" انظروا إلى ابن القيّم المحدّث المشهود له بالتدقيقات...".

[42] إسناده صحيح.

[43] كتاب (السياحة الروحانية) تأليف (بشير الدين محمود).صفحة 716.

[44] سورة البقرة 102.

[45] يقصد وإن لم يتهم غيره بالكفر.

[46] سبق ذكره في الحواشي السابقة.

[47] كتاب (المؤمن من يؤمن بالمبعوثين جميعًا) لبشير الدين محمود، تحت العنوان (فتوى التكفير بحق المتردد).

[48] كتاب (حقيقة النبوة) لبشير الدين محمود صفحة 259.

[49] ذكرت نصوص التكفير لبشير الدين محمود، وهو الخليفة الأحمدي الثاني قبل ذكر نصوص التكفير عند الخليفة الأحمدي الأول الحكيم نور الدين، نظرا لأهمية شخصية بشير الدين محمود في العقيدة الأحمدية القاديانية، فهو مصلحهم الموعود، والمصلح الموعود هو نبوءة الميرزا غلام، وبالتالي فإنّ أهمية بشير الدين محمود وما يقوله مقدم على غيره من بعد الميرزا غلام القادياني.

[50] "محمد ظفرالله خان"؛ كان سياسياً ودبلوماسياً باكستانياً.ومحلف عالمي .وباحث من الطائفة الأحمدية، وكان أول وزير خارجية باكستاني،كما انه مثل باكستان في الأمم المتحدة،وتولى رئاسة الجمعية العامة بها فيما بعد، وخدم أيضاً كقاضي في محكمة العدل الدولية.

[51] كتاب (إزالة الأوهام) 1891 صفحة 302.

[52] كتاب (إزالة الأوهام) 1891 صفحة 467.

[53] هما ميانْ عبد الحق الغزنوي والشيخ "محيي الدين اللكهوكي"، وكانا من المشايخ المعارضين للميرزا.

[54] كتاب (فلسفة تعاليم الإسلام) صفحة 174.

[55] كتاب (تحفة الندوة) 1902 صفحة 14.

[56] كتاب (البراهين الأحمدية) 1905-1908 الجزء الخامس صفحة 124.

[57] كتاب (البراهين الأحمدية) 1905-1908 الجزء الخامس صفحة 132.


تعليقات

التنقل السريع