مقال (574) اتهام الأحمديين للأنبياء بالاجتهاد في العقيدة؛ للتغطية على أخطاء الميرزا نبيهم المزعوم في العقيدة، فهل أقسم سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم بغير الله تعالى حينما قال "أفلح وأبيه إن صدق".
https://ibrahimbadawy2014.blogspot.com/2025/05/574.html
حينما
يرى الأحمديون إشكالية دينية عقائدية عند نبيهم المزعوم الميرزا غلام؛ تثبتُ أنه
دجال وكذاب في دعواه النبوة، أو حتى الولاية والمحدَّثية، يقومون بالتجني
والافتراء على السادة الأنبياء عليهم السلام، بمحاولة إلصاق مثل هذه الإشكالات في
الأنبياء؛ فيصدقهم الجاهل أو الساذج، ومن جملة هذه الإشكالات ارتداد الميرزا عن بعض
عقائده الصحيحة؛ حيث أقر بعقيدة حياة
سيدنا عيسى عليه السلام في السماء، وأنه نازل آخر الزمان؛
ليقتلع الكفر بالجلال؛ أي بالقسوة والقوة في أربع نصوص؛ في الجزء الرابع من كتاب (البراهين الأحمدية)([1])- أي سنة
1884م، بل في مجلد الإعلانات الأول؛ الإعلان رقم 48 لسنة 1888م يؤكد الميرزا على رفع
سيدنا عيسى عليه السلام إلى السماء([2])،
وأنه نازل آخر الزمان ليقتلع الكفر بالجلال؛ أي بالقسوة
والقوة في أربع نصوص، ولم يذكر أي مخالفة
لهذه العقيدة حتى سنة 1891م؛ في كتابه (إزالة الأوهام)، ثم ارتد الميرزا عن كل هذا،
وقرر موت سيدنا عيسى عليه السلام، وأنه مدفون في الجليل([3])،
وبدأ في وصف هذه العقيدة بأنّها شركية([4])،ويصفها
أيضًا بأنها أفكار عبثية([5])،
وأنها معتقد سخيف([6])،
وأنها أفكار بالية([7])،
وأنها اعتقاد فاسد وتصحبه آلاف المثالب المعقدة([8])،
وأنّ هذه العقيدة معصية بلا شك([9])،
وأنها تتيح للمعارضين فرصة للاستهزاء والسخرية([10])،
بل دعا المسلمين للتخلص من هذه العقيدة قائلًا: "سبيل الاستعارة والمجاز
مفتوح أمامكم للتخلص منه"([11]).
وقد أقر الميرزا بأنه
أخطأ([12])
في قوله بعقيدة حياة سيدنا عيسى عليه السلام في السماء، وأنّ هذا الخطأ من الأخطاء
التي يقع فيها كل البشر، بل هي من لوازم البشر، وحتى الأنبياء يقعون في مثل هذه
الأخطاء الاجتهادية.
ومن المعلوم في
العقيدة الإسلامية؛ وبخاصة في مذهب أهل السنة والجماعة، وهو نفس مذهب الميرزا غلام
كما يدعي([13])،
أنّ الأنبياء معصومون، والمقصود بعصمة الأنبياء؛ حفظهم من الوقوع في أمور لا تصح أن تكون فيهم([14])؛ وأذكر منها الآن؛ العصمة في التحمل
وفي التبليغ([15])،
وقد قال صاحب كتاب (فتح الباري) بشرح صحيح البخاري: "...وَعِصْمَةُ
الْأَنْبِيَاءِ عَلَى نَبينَا وَعَلَيْهِم الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حِفْظُهُمْ
مِنَ النَّقَائِصِ وَتَخْصِيصُهُمْ بِالْكِمَالَاتِ النَّفِيسَةِ وَالنُّصْرَةِ
وَالثَّبَاتِ فِي الْأُمُورِ وَإِنْزَالِ السَّكِينَةِ"([16])، ولا شك أنّ ما يدعيه الميرزا والأحمديون من سوء فهم أو خطأ الأنبياء
في العقائد وفهم الوحي من الله سبحانه وتعالى هو من أكبر النقائص، وبلوغ الكمال في التحمّل
والتبليغ للأنبياء يتطلب أعلى مستوى من الفهم لوحي الله تعالى.
وفي
النص التالي يُثبتُ الميرزا أنّ العصمة لسيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم تكون
في التعليم والتبليغ لدعوته، يقول الميرزا تحت العنوان "سيد المعصومين":
"إن
أسباب العصمة وجعل الآخرين معصومين التي تسنت لنبينا الأكرم ﷺ لم تتسن بالقدر نفسه
لأي نبي آخر، لذا فإنّ مرتبة العصمة ودرجتها التي يحتلها رسول الله صلى الله عليه
وسلم لا يحتلها غيره. لا يمكن لأحد أن يصبح معصوما بنفسه أبدا، بل إن جعل
أحد معصومًا بيد الله. من حصل على مال كثير ما حاجته إلى السرقة؟ أما من
كان عرضة لغضب الله وكان محتاجا إلى الأرغفة فمن الممكن، بل الأقرب إلى القياس أنه
إذا وجد مليما واحدا في البراز أيضا لن يرى حرجا في أخذه. كان فضل الله على النبي
ﷺ عظيما كما يقول تعالى: {وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا}. والحق
أن الإنسان يعصم نتيجة الفضل فقط. فمن كان فضل الله عليه عظيما وبعث إلى
العالم كله وجاء رحمة للعالمين يمكن تقدير عصمته من ذلك فقط. من كان واقفا على
ارتفاع عظيم أنى للواقف في الأسفل أن يبارزه؟ إن عزيمة المسيح ودعوته مقتصرة على
خراف بني إسرائيل الضالة، لذا لا بد أن تكون درجة عصمته أيضا مقتصرة على هذا الحد.
أما الذي جاء لنجاة العالم كله وتحريرهم، يمكن لكل عاقل أن يفكر كم سيكون تعليمه
محتويا على الحقائق العالمية وكم سيكون معصوما من حيث تعليمه وتبليغ دعوته"([17]).
ولكن حينما أراد
الأحمديون التلبيس على الناس؛ بإثبات أنّ ما كان يعتقده الميرزا غلام من حياة
سيدنا عيسى عليه السلام في السماء، هو اجتهاد من الميرزا غلام، وقد حدث لبعض
الأنبياء؛ ومنهم سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم، حيث أنّه صلى الله عليه وسلم قد
اجتهد في العقيدة وأخطأ، أو قام بعمل شركيّ من غير علم منه أنه من أعمال الشرك، ثم
بيّن الله تعالى له هذا الخطأ الشركي لاحقًا، ومثال ذلك الحَلِفُ؛ أي القَسَمُ
بغير الله تعالى، وأنّ هذا من الشرك بالله تعالى، فجاؤوا بحديث ورد في صحيح مسلم،
وغيره من كتب الأحاديث الأخرى، أنّ سيدنا مُحَمّدًا صلى الله عليه وسلم أقسم بأب
أحد الصحابة، ثم صحح الله تعالى له صلى الله عليه وسلم هذا الخطأ الاعتقادي، فقرر
سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم أنّ الحلف بغير الله تعالى كفر وشرك.
الرد على عقيدة الأحمديين في قولهم باجتهاد الأنبياء
في العقيدة، وأنه محتمل الخطأ:
أولًا: الحديث المشار إليه في صحيح مسلم:
"أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إنْ صَدَقَ، أوْ دَخَلَ الجَنَّةَ وَأَبِيهِ
إنْ صَدَقَ"([18]).
ونصه الكامل كالتالي:
9 - (11) "حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ
سَعِيدٍ، جَمِيعًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ، غَيْرَ
أَنَّهُ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«أَفْلَحَ، وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ، أَوْ دَخَلَ
الْجَنَّةَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ».
وقد ورد أيضًا في صحيح مسلم حديثًا آخرًا بالنص التالي:
"8 - (11) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ جَمِيلِ بْنِ
طَرِيفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِيمَا قُرِئَ
عَلَيْهِ عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ
عُبَيْدِ اللهِ، يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرُ الرَّأْسِ، نَسْمَعُ دَوِيَّ
صَوْتِهِ، وَلَا نَفْقَهُ مَا يَقُولُ حَتَّى دَنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ،
وَاللَّيْلَةِ» فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ قَالَ: «لَا، إِلَّا أَنْ
تَطَّوَّعَ، وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ»، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟
فَقَالَ: «لَا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ»، وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّكَاةَ، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ:
«لَا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ»، قَالَ: فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ، وَهُوَ يَقُولُ:
وَاللهِ، لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا، وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ»".
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]، الراوي: طلحة بن
عبيدالله، المحدث: مسلم، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو
الرقم: 11، التخريج: أخرجه البخاري (2678)، ومسلم (11).
ثانيا: ألفاظ الروايات.
ورد الحديث
أحيانًا بنفس الألفاظ، وأحيانًا باختلاف فيها، وورد في البخاري أربع مرات([19])
بدون الزيادة "وأبيه"، وفي صحيح مسلم كما رأينا ورد مرتان؛ مرة بالزيادة
"وأبيه"، ومرة بدونها، وفي أبي داود ورد ثلاث مرات بالزيادة
"وأبيه"([20])،
كما ورد في الكثير من كتب الحديث الأخرى بالزيادة مثل كتاب ابن
خزيمة([21])،
وابن عبد البر([22])،
وشعيب الأرناؤوط([23])،
والعيّني([24])،
وابن القيم([25])،
وقد ذكر الألباني([26])
وابن عثيمين([27])
شذوذ هذه الزيادة، بينما أضاف ابن باز([28])
بعدم صحة الرواية التي بها الزيادة، كما يلاحظ في الروايات ورود " أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ
" فقط، بينما في غيرها "أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ
إِنْ صَدَقَ"، وأحيانا بدون حرف العطف "أو" مثل "
أفلَحَ وأبيه
إنْ صَدَقَ، دَخَلَ الجَنَّةَ وأبيه
إنْ صَدَقَ"، وسنرى رأي النووي أنّ هذه الاختلافات ليست من سيدنا مُحَمّد صلى
الله عليه وسلم، ولكنها قد تكون من سوء حفظ الرواة.
ومرتبة
الحديث هي (حديث غريب)؛ من أحاديث الآحاد، فلم أر إلا راوٍ واحد للحديث عن سيدنا
مُحَمّد صلى الله عليه وسلم، وهو طلحة بن عبيد الله، كما أنّ
السلسلة من بعد طلحة بن عبيد الله كانت بعضها لرجال؛ رجل واحد في كل طبقة، كما
سنرى في مبحث أصول الحديث.
ثالثا: رأي علماء الحديث.
سأذكر
رأي بعض علماء الحديث لأصول الروايات، وشرح الأحاديث مثل ابن حجر، والنووي، والعَيْنِي([29])،
وإثبات أنّ من عادة العرب في كلامهم؛ ذكر بعض التعبيرات للزجر ولا يقصدون منها
الدلالة الحرفية؛ مثل قولهم؛ "تربت يمينك"، و"ثكلتك أمك"، أو
قول الله تعالى "قاتلهم الله"، وإثبات قول بعض العلماء أنّ التعبير
بالحلف الذي ورد في بعض هذه الأحاديث كان زيادة من الرواة، وأنّ الحلف المنهي عنه؛
هو الذي فيه تعظيم الحالف للمحلوف به، وأنّ سيدنا مُحَمّدًا صلى الله عليه وسلم
حينما قال "بأبيه"؛ لم يقصد الحلف أو تعظيم المحلوف به، حيث لم تكن هناك
مناسبة أو حاجة لسيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم ليقسم بأب الصحابي على سبيل
التعظيم، بل كان هذا من التعبيرات الدارجة.
أصول الحديث:
صحيح مسلم:
" حدثني يحيى بن أيوب، وقتيبة بن سعيد، جميعا عن إسماعيل بن
جعفر، عن أبي سهيل، عن أبيه، عن طلحة بن عبيد الله، عن النبي صلى الله
عليه وسلم بهذا الحديث نحو حديث مالك [جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
من أهل نجد ثائر الرأس، نسمع دوي صوته، ولا نفقه ما يقول حتى دنا من رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس
صلوات في اليوم، والليلة فقال: هل علي غيرهن؟ قال: لا، إلا أن تطوع، وصيام شهر
رمضان، فقال: هل علي غيره؟ فقال: لا، إلا أن تطوع، وذكر له رسول الله صلى الله
عليه وسلم الزكاة، فقال: هل علي غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوع، قال: فأدبر الرجل،
وهو يقول: والله، لا أزيد على هذا، ولا أنقص منه]، غير أنه قال: فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: أفلح، وأبيه إن صدق، أو دخل الجنة وأبيه إن صدق".
سنن أبي داود (3/ 223)
3252 - حدثنا سليمان بن داود العتكي، حدثنا إسماعيل بن جعفر المدني،
عن أبي سهيل نافع بن مالك بن أبي عامر، عن أبيه، أنه سمع طلحة بن عبيد الله،
يعني في حديث قصة الأعرابي [جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد
ثائر الرأس، نسمع دوي صوته، ولا نفقه ما يقول حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس صلوات في
اليوم، والليلة فقال: هل علي غيرهن؟ قال: لا، إلا أن تطوع، وصيام شهر رمضان، فقال:
هل علي غيره؟ فقال: لا، إلا أن تطوع، وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم
الزكاة، فقال: هل علي غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوع، قال: فأدبر الرجل، وهو يقول:
والله، لا أزيد على هذا، ولا أنقص منه]، قال النبي صلى الله عليه وسلم: أفلح وأبيه،
إن صدق دخل الجنة، وأبيه إن صدق.
سنن الدارمي (2/ 986)
1619 - أخبرنا يحيى بن حسان، حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن أبي سهيل
نافع بن مالك، عن أبيه، عن طلحة بن عبيد الله، أن أعرابيا جاء إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم ثائر الرأس، فقال: يا رسول الله ماذا فرض الله علي من
الصلاة؟ قال: الصلوات الخمس، والصيام، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرائع
الإسلام، فقال: والذي أكرمك لا أتطوع شيئا، ولا أنقص مما فرض الله علي ".
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح وأبيه إن صدق - أو دخل
الجنة وأبيه إن صدق -
السنن الكبرى للنسائي (3/ 89)
2411 - أخبرنا علي بن حجر، قال: أخبرنا إسماعيل وهو ابن جعفر
قال: حدثنا أبو سهيل، عن أبيه، عن طلحة بن عبيد
الله، أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثائر الرأس فقال:
يا رسول الله، أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة؟ قال: " الصلوات الخمس،
إلا أن تطوع شيئا قال: أخبرني ماذا افترض الله علي من الصيام، قال: صيام شهر
رمضان، إلا أن تطوع شيئا قال: أخبرني ماذا فرض الله علي من الزكاة، فأخبره رسول
الله صلى الله عليه وسلم بشرائع الإسلام، فقال: والذي أكرمك لا أتطوع شيئا، ولا
أنتقص مما فرض الله علي شيئا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح - وأبيه -
إن صدق، أو دخل الجنة - وأبيه - إن صدق ".
التعليق:
كل الروايات اجتمعت في سلسلة من الآحاد كالتالي: حدثنا إسماعيل بن
جعفر، حدثنا أبو سهيل نافع بن مالك، عن أبيه (أبي عامر)، عن طلحة بن عبيد الله،
والأحاديث التي فيها رجل واحد في أي طبقة من طبقات الرجال؛ هو من أحاديث الآحاد، بل
في أقل درجة منها، ويسمى حديث غريب.
ثانيًا: سوف أذكرُ رأي بعض علماء الحديث
في شرحهم للحديث المشار إليه؛ مثل ابن حجر، والنووي، والعَيْنِي([30])،
وإثبات أنّه من عادة العرب في كلامهم؛ ذكر بعض التعبيرات للزجر ولا يقصدون منها
الدلالة الحرفية؛ مثل قولهم "ثكلتك أمك"، أو قول الله تعالى
"قاتلهم الله"، وإثبات قول بعض العلماء أنّ التعبير بالحلف الذي ورد في
بعض هذه الأحاديث كان زيادة من الرواة، وإثبات أنّ الحلف المنهي عنه؛ هو الذي فيه
تعظيم الحالف للمحلوف به، وأنّ سيدنا مُحَمّدًا صلى الله عليه وسلم حينما حلف بأب
الصحابي؛ لم يقصد تعظيم المحلوف به، وأنه لم تكن هناك مناسبة أو حاجة لسيدنا
مُحَمّد صلى الله عليه وسلم ليقسم بأب الصحابي على سبيل التعظيم، بل كان من
التعبيرات الدارجة.
شرح صحيح مسلم للنووي([31])
(...أبو سهيل عن أبيه اسم أبى سهيل نافع بن مالك بن أبى عامر الأصبحى،
ونافع عم مالك بن أنس الإمام وهو تابعى سمع أنس بن مالك...قوله صلى الله عليه و
سلم (أفلح وأبيه ان صدق) هذا مما جرت عادتهم أن يسألوا عن الجواب عنه مع قوله صلى
الله عليه و سلم من كان حالفا فليحلف بالله وقوله صلى الله عليه و سلم ان الله
ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم وجوابه أن قوله صلى الله عليه و سلم أفلح وأبيه ليس
هو حلفا انما هو كلمة جرت عادة العرب أن تدخلها فى كلامها غير قاصدة بها حقيقة
الحلف والنهى انما ورد فيمن قصد حقيقة الحلف لما فيه من اعظام المحلوف
به ومضاهاته به الله سبحانه وتعالى فهذا هو الجواب المرضى وقيل
يحتمل أن يكون هذا قبل النهى عن الحلف بغير الله تعالى والله أعلم".
وفي كتاب ( كتاب الأيمان ) يقول النووي: ( باب النهي عن الحلف بغير الله [1646] قوله صلى
الله عليه و سلم (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو
ليصمت ) وفي رواية لا تحلفوا بالطواغي ولا بآبائكم قال العلماء الحكمة في
النهي عن الحلف بغير الله تعالى أن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به وحقيقة العظمة
مختصة بالله تعالى فلا يضاهي به غيره وقد جاء عن بن عباس لأن أحلف بالله
مائة مرة فآثم خير من أن أحلف بغيره فأبر
فإن قيل الحديث مخالف لقوله صلى الله عليه و سلم أفلح وأبيه إن صدق
فجوابه أن هذه كلمة تجري على اللسان لا تقصد بها اليمين فإن قيل فقد
أقسم الله تعالى بمخلوقاته كقوله تعالى والصافات والذاريات والطور والنجم فالجواب
أن الله تعالى يقسم بما شاء من مخلوقاته تنبيها على شرفه. قوله ( ما حلفت بها
ذاكرا ولا آثرا ) معنى ذاكرا قائلا لها من قبل نفسي ولا آثرا بالمد أي حالفا عن
غيري وفي هذا الحديث إباحة الحلف بالله تعالى وصفاته كلها وهذا مجمع عليه وفيه
النهي عن الحلف بغير أسمائه سبحانه وتعالى وصفاته وهو عند أصحابنا مكروه ليس
بحرام. وقوله صلى الله عليه و سلم ( من حلف منكم فقال في حلفه باللات
والعزى فليقل لا إله إلا الله ) إنما أمر بقول لا إله إلا الله لأنه تعاطى تعظيم
صورة الأصنام حين حلف بها قال أصحابنا إذا حلف باللات والعزى وغيرهما من
الأصنام أو قال إن فعلت كذا فأنا يهودي أو نصراني أو بريء من الإسلام أو بريء من
النبي صلى الله عليه و سلم أو نحو ذلك لم تنعقد يمينه بل عليه أن يستغفر الله
تعالى ويقول لا إله إلا الله ولا كفارة عليه سواء فعله أم لا هذا مذهب الشافعي
ومالك وجماهير العلماء وقال أبو حنيفة تجب الكفارة في كل ذلك إلا في قوله أنا
مبتدع أو بريء من النبي صلى الله عليه و سلم أو واليهودية واحتج بأن الله تعالى
أوجب على المظاهر الكفارة لأنه منكر من القول وزور والحلف بهذه الأشياء منكر وزور
واحتج أصحابنا والجمهور بظاهر هذا الحديث فإنه صلى الله عليه و سلم إنما أمره
يقول لا إله إلا الله ولم يذكر كفارة ولأن الأصل عدمها حتى يثبت فيها شرع وأما
قياسهم على الظهار فينتقض بما استثنوه والله أعلم ...".
كتاب
(فتح الباري)([32]).
"قَوْله وَالله فِي رِوَايَةُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ فَقَالَ
وَالَّذِي أَكْرَمَكَ وَفِيهِ جَوَازُ الْحَلِفِ فِي الْأَمْرِ الْمُهِمِّ وَقَدْ
تَقَدَّمَ قَوْلُهُ أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ
رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَذْكُورَةِ أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَأَبِيهِ
إِنْ صَدَقَ وَلِأَبِي دَاوُدَ مِثْلُهُ لَكِنْ بِحَذْفِ أَوْ
فَإِنْ قِيلَ مَا الْجَامِعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ النَّهْيِ عَنِ الْحَلِفِ
بِالْآبَاءِ أُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ النَّهْيِ أَوْ بِأَنَّهَا
كَلِمَةٌ جَارِيَةٌ عَلَى اللِّسَانِ لَا يُقْصَدُ بِهَا الْحَلِفُ كَمَا جَرَى
عَلَى لِسَانِهِمْ عَقْرَى حَلْقَى وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَوْ
فِيهِ إِضْمَارُ اسْمِ الرَّبِّ كَأَنَّهُ قَالَ وَرَبِّ أَبِيهِ وَقِيلَ
هُوَ خَاصٌّ وَيَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَحَكَى السُّهَيْلِيُّ عَنْ بَعْضِ
مَشَايِخِهِ أَنَّهُ قَالَ هُوَ تَصْحِيفٌ وَإِنَّمَا كَانَ وَاللَّهِ فَقُصِّرَتِ
اللَّامَانِ وَاسْتَنْكَرَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا وَقَالَ إِنَّهُ يَجْزِمُ
الثِّقَةَ بِالرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ وَغَفَلَ الْقَرَافِيُّ فَادَّعَى أَنَّ
الرِّوَايَةَ بِلَفْظِ وَأَبِيهِ لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّهَا
لَيْسَتْ فِي الْمُوَطَّأِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَرْتَضِ
الْجَوَابَ فَعَدَلَ إِلَى رَدِّ الْخَبَرِ وَهُوَ صَحِيحٌ لَا مِرْيَةَ فِيهِ وَأَقْوَى
الْأَجْوِبَةِ الْأَوَّلَانِ...".
كتاب
(عمدة القاري)([33]).
"وَمِنْهَا مَا قيل: كَيفَ الْجمع بَين حلفه بقوله: وَأَبِيهِ إِن صدق، مَعَ نَهْيه عَن الْحلف بِالْآبَاءِ؟ وَأجِيب: بِأَن ذَلِك
كَانَ قبل النَّهْي، أَو بِأَنَّهَا كلمة جَارِيَة على اللِّسَان
لَا يقْصد بهَا الْحلف، كَمَا جرى على لسانهم: عقرى حلقى، وتربت يَمِينك،
وَالنَّهْي إِنَّمَا ورد فى القاصد بِحَقِيقَة الْحلف لما فِيهِ من تَعْظِيمه
الْمَخْلُوق، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِح عِنْد الْعلمَاء. وَقَالَ بَعضهم:
فِيهِ حذف مُضَاف تَقْدِيره: وَرب أَبِيه، فاضمر ذَلِك فِيهِ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: لَا يضمر بل يذهب فِيهِ، وَسمعت بعض مَشَايِخنَا يُجيب
بجوابين آخَرين: أَحدهمَا: أَنه يحْتَمل أَن يكون الحَدِيث: أَفْلح وَالله، فقصر
الْكَاتِب اللامين فَصَارَت: وَأَبِيهِ،
وَالْآخر: خُصُوصِيَّة ذَلِك بالشارع دون غَيره، وَهَذِه دَعْوَى لَا برهَان
عَلَيْهَا. وَأغْرب الْقَرَافِيّ حَيْثُ قَالَ: هَذِه اللَّفْظَة وَهِي: وابيه،
اخْتلف فِي صِحَّتهَا، فَإِنَّهَا لَيست فِي الْمُوَطَّأ، وَإِنَّمَا
فِيهَا افلح إِن صدق، وَهَذَا عَجِيب، فَالزِّيَادَة ثَابِتَة لَا شكّ فِي
صِحَّتهَا وَلَا مرية.".
رابعا: بعض التعبيرات الشائعة عند العرب والتي لا
يراد معناها الحرفي، بل يراد بها دلالات محددة شائعة في زمنهم، وكأنها بهذا أصبحت
من مصطلحات شائعة، وبالتالي لا يصح فهمها والتعامل معها بدلالاتها اللغوية.
1. التعبير "تربت يمينك"، أو "تربت
يداك".
لا يراد بهذه التعبيرات حقيقة الدعاء على المُخَاطَب، أي
الدعاء عليه بامتلاء؛ أو وضع اليد في التراب أو ما شابه، ولكن هو تعبير عربي يراد
به الزجر أو غير ذلك من المعاني.
في الحديث: "جَاءَتْ أُمُّ
سُلَيْمٍ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَتْ: يا رَسولَ
اللَّهِ إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، فَهلْ علَى المَرْأَةِ مِن
غُسْلٍ إذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إذَا رَأَتِ
المَاءَ فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ، تَعْنِي وجْهَهَا، وقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ
أوَ تَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ، فَبِمَ
يُشْبِهُهَا ولَدُهَا".
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]، الراوي:
أم سلمة أم المؤمنين، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم:
130 التخريج: أخرجه مسلم (313) باختلاف يسير
شرح الحديث([34])
"الحياءُ كلُّه خَيرٌ، وهو مِن
الإيمانُ، ومِن الأخلاقِ المَحمودةِ التي يجِبُ أنْ يَتحلَّى بها الرِّجالُ
والنِّساءُ على السَّواءِ. وفي هذا الحَديثِ تُخبِرُ زَينبُ ابنةُ أمِّ سَلَمةَ
رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ أمَّ سُلَيمٍ -وهي والدةُ أنسِ بنِ مالكٍ وزَوجةُ أبي طلحة
الأنصاري رَضيَ اللهُ عنهم جميعًا- أتتْ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
في حُضورِ أمِّ سَلَمَة رَضيَ اللهُ عنها زَوجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ،
فمَهَّدَتْ لسُؤالِها، وقالت: إنَّ اللهَ لا يَسْتحيي مِن الحقِّ، فلا يَمتنِعُ
مِن بَيانِه وإظهارِه؛ وذلك لأنَّ ما ستَذكُرُه للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
مِمَّا تَسْتحيي النِّساءُ مِن ذِكْرِه عادةً بحَضْرةِ الرِّجالِ، ثمَّ سَألَتْ
سُؤالَها: هل يَجِبُ على المرأةِ مِن غُسْلٍ إذا احتلَمَتْ، فرَأَتْ في مَنامِها
أنَّ الرَّجُلَ يُجامِعُها؟ فأجابَها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ الغُسْلَ
يَجِبُ عليها إذا رَأَتِ «الماءَ»، أي: المَنِيَّ؛ إذا استَيقظَتْ مِن نَومِها،
فإذا لم تَرَهْ فلا غُسْلَ عليها، فغَطَّتْ أمُّ سَلَمَةَ رَضيَ اللهُ عنها
وجْهَها حَياءً مِن السُّؤالِ؛ لأنَّ نُزُولَ المَنِيِّ منهنَّ يدُلُّ على قُوَّةِ
شَهوتِهنَّ للرِّجالِ، وسَألَتِ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَعجُّبًا:
أَوَتَحتلِمُ المرأةُ؟ أي: أتَرى المرأةُ المَنِيَّ، وتَحتلِمُ كالرِّجالِ،
فأجابَها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نَعمْ؛ تَحتلِمُ وتَرى المَنيَّ. ثمَّ قال
لها: «تَرِبَتْ يَمينُك»، أي: افتقَرَتْ وصارَتْ على التُّرابِ، وهي كَلمةٌ
جاريةٌ على ألْسِنةِ العرَبِ لا يُريدونَ بها الدُّعاءَ على المخاطَبِ،
ثمَّ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فبِمَ يُشبِهُها وَلَدُها؟ والمعنى: فبأيِّ
شَيءٍ يُشْبِهُها وَلَدُها لو لم يكُنْ لها ماءٌ؟ وماءُ الرَّجلِ غَليظٌ أبيضُ،
وماءُ المرأةِ رَقيقٌ أصفرُ، وقد جاء أنَّ أيَّ الماءينِ عَلا الآخَرَ أو سَبَقَ،
كان منه الشَّبَهُ الذي في وَلَدِهما.وفي الحديثِ: النَّهيُ عن الحَياءِ في طَلَبِ
العِلمِ والسُّؤالِ عن الدِّينِ؛ لأنَّه حقٌّ.وفيه: بَيانُ أنَّ للمَرأةِ ماءً،
وأنَّها تَحتلِمُ كالرِّجالِ، ومنه يكون الشَّبَهُ بالأُمِّ.وفيه: الأمْرُ
بالغُسلِ لِمَن يَحتلِمُ إذا رَأى الماءَ «المَنِيَّ» بعْدَ الاستِيقاظِ.وفيه:
ثُبوتُ شَبَهِ الوَلَدِ بأبيهِ أو أُمِّه.
https://dorar.net/hadith/sharh/7217
2. ثكلتك أمك:
الحديث: "صَلَّيْتُ خَلْفَ شيخٍ بمَكَّةَ، فَكَبَّرَ ثِنْتَيْنِ
وعِشْرِينَ تَكْبِيرَةً، فَقُلتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إنَّه أحْمَقُ، فَقالَ: ثَكِلَتْكَ
أُمُّكَ سُنَّةُ أبِي القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ".
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]، الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: البخاري، المصدر:
صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 788 التخريج: من أفراد البخاري على مسلم.
شرح الحديث([35]):
تَبليغُ الدِّينِ وتَعليمُه للناسِ وتَصحيحُ ما انتقَصَ منه، واجبٌ على
كلِّ مُسلمٍ بقدْرِ عِلمِه واستِطاعتِه ، وقد كان التَّابِعون يُرافِقون أصحابَ
النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لِيَتعلَّموا مِن عِلْمِهم، وإذا ما أخْطَؤوا
صوَّبَ لهم الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم.وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التابعيُّ
عِكرِمةُ مَولى ابنِ عَبَّاسٍ أنَّه صلَّى في مَكَّةَ خلْفَ إمامٍ في صَلاةٍ
رُباعِيَّة، وهو الصَّحابيُّ أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه، والصَّلاةُ كانت
صَلاةَ الظُّهرِ، كما في رِوايةٍ لأحمَدَ، فكبَّر اثنتَيْنِ وعِشرينَ تَكبيرةً في
الرَّكَعاتِ الأربَعِ، والمرادُ بالتَّكبيراتِ التي عدَّها عِكْرِمةُ: أنَّ في
كلِّ رَكعةٍ خَمسَ تَكبيراتٍ: تَكبيرةٌ للرُّكوعِ، وتَكبيرتانِ للسَّجدتَينِ،
وتَكبيرةٌ للجلوسِ بينهما، وتَكبيرةٌ للرَّفعِ مِن السَّجدةِ الثَّانيةِ،
بالإضافةِ إلى تَكبيرةِ الإحرامِ، وتَكبيرةِ القيامِ مِن التَّشهُّدِ الأَوَّلِ،
فلمَّا عَدَّ عِكْرِمَةُ عدَدَ التَّكبيراتِ قال لابنِ عَبَّاسٍ مُستنكِرًا فِعْلَ
أبي هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه: «إنَّه أحْمَقُ» بمعنى: لا عَقْلَ له، فهو لا
يَعرِفُ كَيفيَّةَ الصَّلاةِ ومَواضِعَ التَّكبيرِ، فقال له ابنُ عَبَّاسٍ: «ثَكِلَتْك أُمُّكَ!»، أي: فقَدَتْك أُمُّك بالموتِ، وهي كَلمةٌ تَقولُها العَرَبُ
للتَّوبيخِ ولا يُريدونَ حَقِيقتَها، وهذا على سَبيلِ الزَّجْرِ منه،
واستِنكارًا منه لقولِ عِكْرِمَةَ وجَهْلِه بالسُّنَّةِ، وليس للدُّعاءِ عليه،
ثمَّ بيَّنَ له أنَّ هذه الصَّلاةُ بهذا العددِ مِن التَّكبيراتِ هي سُنَّةُ
النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وليستْ جَهْلًا مِن الإمامِ، وأبو القاسمِ
كُنيةُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.وفي هذا إشارةٌ إلى أنَّ الناسَ
رُبَّما تَساهَلوا في أمرِ تَكبيراتِ الصَّلاةِ وإظهارِها في مَواضِعِها، حتَّى
تَصوَّر البعضُ أنَّ الأصلَ هو ما شاع بيْنهم مِن التَّساهُلِ في عدَمِ إظهارِ
التَّكبيرِ في بَعضِ المواضعِ، ويَدُلُّ أيضًا على أنَّ عُلَماءَ الصَّحابَةِ
لَمَّا رَأَوْا هذا التَّساهُلَ والتَّقصيرَ مِن الناسِ أظهَروا التَّكبيرَ كما
كان يُظهِرُه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في مَواضعِ الصَّلاةِ. وفي
الحَديثِ: بَيانُ أنَّ العُلماءَ لا بُدَّ أنْ يُقَوِّموا ما بَدَّله الناسُ
ويُظهِروا لهم الحقَّ.
https://dorar.net/hadith/sharh/23191
ثكلتك أمك يا عمر
"أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَسِيرُ في
بَعْضِ أسْفَارِهِ، وعُمَرُ بنُ الخَطَّابِ يَسِيرُ معهُ لَيْلًا، فَسَأَلَهُ
عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ عن شَيءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه
وسلَّمَ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، وقَالَ
عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: ثَكِلَتْكَ
أُمُّكَ يا عُمَرُ! نَزَرْتَ رَسولَ اللَّهِ
صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، كُلُّ ذلكَ لا يُجِيبُكَ، قَالَ
عُمَرُ: فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أمَامَ المُسْلِمِينَ، وخَشِيتُ
أنْ يَنْزِلَ فِيَّ قُرْآنٌ، فَما نَشِبْتُ أنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ بي،
قَالَ: فَقُلتُ: لقَدْ خَشِيتُ أنْ يَكونَ نَزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ، وجِئْتُ رَسولَ
اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَسَلَّمْتُ عليه، فَقَالَ: لقَدْ أُنْزِلَتْ
عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ، لَهي أحَبُّ إلَيَّ ممَّا طَلَعَتْ عليه الشَّمْسُ،
ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}".
الراوي: عمر بن الخطاب، المحدث:البخاري، المصدر:صحيح البخاري، الصفحة
أو الرقم: 4177، خلاصة حكم المحدث: [صحيح]، التخريج:
من أفراد البخاري على مسلم.
شرح الحديث([36]):
كان صَحابةُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُسارِعونَ في
مَرْضاتِه؛ لعِلمِهم أنَّ رِضاه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جالِبٌ لرِضا اللهِ
تعالَى، وكانوا يَحرِصونَ ألَّا يُرْهِقوه، أو يُوقِعوه في الحرَجِ. وفي هذا
الحَديثِ يُخبِرُ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه كان معَ النَّبيِّ
صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في بعضِ أسْفارِه، قيلَ: في الحُدَيْبيَةِ في العامِ
السَّادِسِ مِن الهِجْرةِ، فسَألَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن شَيءٍ
فلم يَرُدَّ عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حَدَثَ ذلك ثَلاثَ مرَّاتٍ،
فندِمَ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه، وشعَرَ بالخَوفِ الشَّديدِ أنْ
يكونَ أحرَجَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بكَثرةِ سُؤالِه، وقال لنفْسِه: ثَكِلتْكَ
أمُّكَ يا عُمَرُ، أي: فقدَتْكَ أمُّكَ! وهو دُعاءٌ تَقولُه
العرَبُ، ولا تَقصِدُ حَقيقةَ مَعْناه، وإنَّما يُرادُ به التَّوْبيخُ، أوِ
التَّأْنيبُ، «نزَرْتَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثَلاثَ
مرَّاتٍ، كلُّ ذلك لا يُجيبُكَ»، أي: ألحَحْتَ عليه ثلاثَ مرَّاتٍ، أو راجَعْتَه
وأتَيْتَه بما يَكرَهُ مِن سُؤالِكَ، ولم يُجِبْكَ. ثُمَّ تَقدَّمَ عُمَرُ رَضيَ
اللهُ عنه أمامَ المُسلِمينَ، وخَشيَ أنْ يُنزِلَ اللهُ تعالَى في شأْنِه قُرآنًا
يَنْهى عن فِعلِه، أو يَتوَعَّدُ عليه، فما لَبِثَ عُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه حتَّى
سمِع مُناديًا يُنادي عليه، فاشتَدَّ خَوفُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنه أنْ يكونَ نزَلَ
فيه قُرآنٌ، فلمَّا جاء إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قال له النَّبيُّ
صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لقدْ أُنزِلَتْ علَيَّ اللَّيلةَ سورةٌ، لَهِيَ أحبُّ
إليَّ مِمَّا طلَعَتْ عليه الشَّمسُ»، ثُمَّ قَرأَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ:
{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}، فكانت بُشْرى بالفَتحِ وانْتِشارِ
الإسْلامِ، والفَتحُ الظَّفَرُ بالبَلدةِ بحَربٍ أو صُلْحٍ؛ لأنَّه مُغلَقٌ ما لم
يُظفَرْ به، فإذا ظُفِرَ به فقدْ فُتِحَ، وقيلَ: المُرادُ بالفَتحِ فَتحُ مكَّةَ،
وقدْ نزَلَت هذه الآياتُ أثْناءَ رُجوعِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن
الحُدَيْبيَةِ في العامِ السَّادِسِ مِن الهِجْرةِ، وَعدًا لرَسولِ اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ بالفَتحِ، وجيءَ به على لَفظِ الماضي (فَتَحْنَا)، وفَتحُ
مكَّةَ لم يَحصُلْ بعْدُ؛ لأنَّه وَعدٌ مِن اللهِ في تَحقُّقِه بمَنزِلةِ الكائنِ
الواقِعِ فِعلًا، وفي ذلك مِن الفَخامةِ والدَّلالةِ على عُلوِّ شأْنِ المُخبَرِ
به ما لا يَخْفى، وقيلَ: المُرادُ بالفَتحِ هو صُلحُ الحُدَيْبيَةِ؛ فإنَّه حصَل
بسَبَبِه الخَيرُ الجَزيلُ الَّذي لا مَزيدَ عليه، وقيلَ: المَعنى: قَضَيْنا لكَ
قَضاءً بَيِّنًا على أهلِ مكَّةَ أنْ تَدخُلَها أنتَ وأصْحابُكَ منَ العامِ
القابِلِ لتَطوفوا بالبَيتِ. وفي الحَديثِ: بَيانُ أدَبِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه
معَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وخَوفِه مِن إغْضابِه صلَّى اللهُ عليه
وسلَّمَ. وفيه: بَيانُ فَضلِ اللهِ على نَبيِّه، وعلى المؤمِنينَ بأنْ وعَدَهمُ
الفَتحَ والنَّصرَ.
https://dorar.net/hadith/sharh/150599
قاتلهم الله:
·
في تفسير القرطبي:
السَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى
يُؤْفَكُونَ) أَيْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ، يَعْنِي الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، لِأَنَّ
الْمَلْعُونَ كَالْمَقْتُولِ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: "قاتَلَهُمُ
اللَّهُ" هُوَ بِمَعْنَى التعجب. وقال ابن عباس: كل شي فِي الْقُرْآنِ قَتْلٌ
فَهُوَ لَعْنٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ أبان ابن تَغْلِبَ:
قَاتَلَهَا اللَّهُ تَلْحَانِي وَقَدْ عَلِمَتْ ... أَنِّي لِنَفْسِي
إِفْسَادِي وَإِصْلَاحِي
وَحَكَى النَّقَّاشُ أَنَّ أَصْلَ" قَاتَلَ اللَّهُ"
الدُّعَاءُ، ثُمَّ كَثُرَ فِي اسْتِعْمَالِهِمْ حَتَّى قَالُوهُ عَلَى
التَّعَجُّبِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَهُمْ لَا يُرِيدُونَ الدُّعَاءَ.
وَأَنْشَدَ الْأَصْمَعِيُّ:
يَا قَاتَلَ اللَّهُ لَيْلَى كَيْفَ تُعْجِبُنِي ... وَأُخْبِرُ
النَّاسَ أني لا أباليها
·
الكتاب:
حقائق الفرقان([37])
- مجلد 2
{قَاتَلَهُمُ اللهُ}، أي لعنهم. (المرجع السابق) (ضميمة جريدة بدر
قاديان، العدد: 11/ 11/1909 م)".
خامسا: رأي الميرزا غلام في أحاديث الآحاد،
والأحاديث التي تخالف آيات القرآنية؛ أو أحاديث أكثر موثوقية:
1- يرى الميرزا غلام أنّ الأحاديث المتواترة قطعية
الثبوت، بينما يرى أنّ أحاديث الآحاد ظنية الثبوت، وحتى لو كانت قطعية الدلالة، تظل
في ميزان الميرزا ظنية، وكما قال هو بعد سرد أنواع الأدلة؛ أنّ الظنّ لا يغني من
الحق شيئًا.
يقول الميرزا: "وأنت تعلم أن
حمل الإثبات ليس علينا، بل على الذي ادّعى الحياة ويقول إن عيسى ما مات وليس من
الميتين. فإنّ حقيقة الادعاء اختيار طرق الاستثناء بغير أدلة دالة على هذه الآراء،
أعني إدخال أشياء كثيرة في حكم واحد ثم إخراج شيء منه بغير وجه الإخراج وسبب شاهد،
وهذا تعريف لا ينكره صبي ولا غبي، إلا الذي كان من تعصبه من المجنونين. فإذا تقرر
هذا فنقول أنّا نظرنا إلى زمان بُعث فيه المسيح، فشهد النظر الصحيح أنّه كل من كان
في زمانه من أعدائه وأحبائه، وجيرانه.... كلهم ماتوا وما نرى أحدًا منهم في هذا
الزمان؛ فمن ادّعى أن عيسى بقي منهم حيًا وما دخل في الموتى فقد استثنى، فعليه أن
يثبت هذا الدعوى. وأنت تعلم أن الأدلة عند الحنفيين لإثبات ادعاء المدّعين أربعة
أنواع كما لا يخفى على المتفقهين. الأول: قطعيّ الثبوت والدلالة وليس فيها شيء من
الضعف والكلالة، كالآيات القُرآنية الصريحة، والأحاديث المتواترة الصحيحة، بشرط
كونها مستغنية من تأويلات المؤوّلين، ومنَزّهة عن تعارض وتناقض يوجب الضعف عند
المحققين. الثاني: قطعي الثبوت ظني الدلالة، كالآيات والأحاديث المؤوَّلة مع
تحقُّق الصحّة والأصالة. الثالث: ظنّيّ الثبوت قطعيّ الدلالة، كالأخبار الآحاد
الصريحة(*) مع قلّة القوّة وشيء من الكلالة. الرابع: ظنّيّ الثبوت والدلالة،
كالأخبار الآحاد المحتملة المعاني والمشتبهة. ولا يخفى أن الدليل القاطع القوي هو
النوع الأول من الدلائل، ولا يمكن مِن دونه اطمئنان السائل. فإنّ الظنَّ لا يُغْني
مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا، ولا سبيل له إلى يقين أصلا"([38]).
(*) هذا تأكيد من الميرزا أن
الأحاديث غير المتواترة؛ أي الآحاد ظنية الثبوت مهما بلغت من قطعية الدلالة.
2- يقول
الميرزا: " وليس في غير محله الذكر هنا؛ أنه ما دامت كل الأحاديث تقريبا
تطابق القرآن الكريم وتؤيد موقفنا - وإن ورد حديث على سبيل الندرة يعارض مجموعة
الأحاديث اليقينية - فعلينا إما أن نعتبره خارجا عن النصوص، أو نؤوله؛ لأنه
لا يمكن أن نهدم - بناء على حديث ضعيف نادر الوجود - بناءً متينًا شيَّدته نصوص
القرآن الكريم والأحاديث الشريفة. فإما أن يسقط حديث مثله تلقائيا لكونه
معارضا لنصوص القرآن، أو سيُعتبَر قابلا للتأويل. وكل عاقل يعرف
جيدا أن غاية ما يفيده خبر الآحاد هو الظن فقط، ولا يضر الثبوتَ
القطعي واليقيني شيئا. فهناك أحاديث كثيرة في صحيحَي مسلم والبخاري لم
يقبلها رئيس الأئمة. أي الإمام الأعظم([39])، ومنها
ما لم يقبله الإمام الشافعي أيضًا. كذلك ترك الإمام مالك بعض الأحاديث التي
تُعدّ في مرتبة عليا من الصحة. ولقد قال بعض المحدثين إنه عندما سيأتي المسيح
الموعود إلى الدنيا سيبني معظم استدلاله على القرآن الكريم، ويترك بعض الأحاديث
التي يثق المشايخ المعاصرون بصحتها"([40]).
ويقول الميرزا:
"صحيح أن حديث نزوله عند المنارة شرقيّ دمشق وارد في "صحيح مسلم"،
ولكن ذلك لا يثبت إجماع الأمة، بل يتعذر الإثبات أيضًا أن الإمام "مسلم"
كان يعتقد في الحقيقة أنّ المراد من دمشق هو مدينة دمشق المعروفة حقيقة، ولو فرضنا
ذلك جدلا لمَا ثبت منه إلا رأي شخص واحد فقط. ولكن لما كان من المستحيل أن يسلم
رأي أنبياء الله الأطهار أيضًا من الخطأ في الاجتهاد بصدد الأنباء، فأنّى لرأي
الإمام" مسلم" أن يعتبر معصوما من الخطأ؟([41]).
وفي صفحة 186 يقول
الميرزا: "الإمام البخاريّ الذي هو ناقد بصير في فن الحديث؛ لم يعتبر جميع
تلك الروايات مما يعتد به. ولا مجال للظن أن تلك الروايات المبنية على الغث
والسمين لم تصل الإمام البخاريّ الذي كان يقوم بجهد جهيد بهذا الصدد. بل الأصح
والأقرب إلى الفهم هو أن الإمام البخاريّ لم يعتد بها؛ إذ وجدها تعارض ظاهريا
حديث: "إمامكم منكم"، ولما كان هذا الحديث بالغا من الصحة الغاية، فلم
ينقل في صحيحه الروايات التي كانت تعارضه من حيث المضمون، معتبرا إياها ساقطة عن
مرتبة الثقة".
وفي صفحة 223 يقول
الميرزا: "هذا الحديث أورده الإمام مسلم في صحيحه، ولكن قد تركه رئيس
المحدَّثين الإمام مُحَمَّد بن إسماعيل البخاريّ معتبرا إياه ضعيفًا".
وفي صفحة 233 يقول
الميرزا: "فزبدة الكلام أن الحديث عن "دمشق" الذي أورده الإمام
مسلم يسقط من مرتبة الثقة على محك الأحاديث الأخرى الواردة في الكتاب نفسه، ويتبين
بجلاء تام أن الراوي "النواس بن سمعان" قد أخطأ في بيانه. فكان من واجب
الإمام مسلم أن يزيل بقلمه التعارض الحاصل بين الأحاديث التي ذكرها في صحيحه،
ولكنه لم يتطرق إلى التعارض قط. وهذا يثبت أنه كان يعد حديث مُحَمَّد بن المنكدر
قطعيا ويقينيا وواضحا وصريحا، ويعد حديث "النواس بن سمعان" من قبيل
الاستعارات والمجاز، ففوض حقيقته إلى الله".
التعليق:
وكأنّ الله تعالى أراد أن يتكلم الميرزا
غلام على الحديث المشار إليه الذي فيه الزيادة "وأبيه"، فالحديث بالفعل
لم يروه إلا رجل واحد، والذي روى عنه رجل واحد، والذي روى عنه رجل واحد أيضًا،
والحديث فيه زيادة لم تذكر في الروايات الأكثر موثوقية التي جاءت في البخاري، وفي
حديث في صحيح مسلم، ولا ننسى أنّ حديث الآحاد ظني.
إذن كان واجبًا على الأحمديين أن
يطبقوا ما قاله الميرزا غلام نبيهم المزعوم؛ أي ألا يستدلوا بحديث الآحاد المشار
إليه؛ والتي – إن ثبت أنّ سيدنا مُحَمّدًا صلى الله عليه وسلم قصد القسم والحلف
فيها- يناقض ما استقر الشرع الإسلامي من حرمة القسم بغير الله تعالى.
المزيد
من النصوص لإثبات عقيدة الميرزا غلام([42])،
وبشير الدين محمود([43])
أنّ مثل هذه الأحاديث ظنية الثبوت والدلالة؛ فلا يصح البناء العقائدي عليه.
سادسًا: رأي الميرزا غلام في الأدلة مثل الآيات
والأحاديث التي تحتمل لأكثر من معنى:
يقول الميرزا: "ومع
الاحتمال لا يثبت الاستقراء"([44]).
ويقول: "فأنّى
لاستنباط المولوي المحترم أن يعتبر قطعيا مع وجود هذه الاحتمالات كلها؟"([45]).
ويقول صاحب الميرزا
(مُحَمَّد أحسن الأمروهي): " فكيف يكون المعنى الذي ذهبت إليه قطعيا؟ يقول
المثل المعروف والمقبول: "إذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال"([46]).
وقد رأينا أنّ الروايات المشار إليها
احتملت للكثير من الدلالات، فبجانب أنها من الأصل ظنية الثبوت، فهي ظنية الدلالة،
فكان الواجب على الأحمديين ترك الاستدلال بهذه الروايات الظنية، وعدم التعلق بها
لإثبات عقيدة فاسدة؛ خالفت عقائد الإسلام الإجماعية في مذهب أهل السنة والجماعة،
وهو نفس مذهب الميرزا غلام.
سابعا: عدم اجتهاد الميرزا غلام.
لم يجتهد الميرزا غلام في
كتابه (البراهين الأحمدية) في ذكره عقيدة حياة سيدنا عيسى عليه السلام في السماء،
وإنما -كما قال هو بنفسه- ذكر الأدلة التي تثبت صدق القرآن الكريم، وصحة نبوة
سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم من خلال آيات القرآن فقط.
يقول الميرزا: " ثالثا: ليكن واضحا أيضا لكل شخص أن الأدلة
والبراهين التي أوردتها في هذا الكتاب على صدق القرآن الكريم وصدق رسالة سيدنا
خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم، أو ما بينته من فضائل القرآن الكريم ومحاسنه أو
الآيات البينات التي سجلتها على أنها من الله تعالى، أو ما ادعيتُه عن القرآن؛ فكل
تلك الأدلة مأخوذة ومستنبطة من هذا الكتاب المقدس نفسه، أي أنني قد سجلت الادعاء
الذي ادعاه القرآن المجيد نفسه، وأوردت أيضا الدليل نفسه الذي أشار إليه هذا
الكتاب المقدس؛ فلم أورد دليلا باجتهادي الشخصي، ولم أدّع شيئا من تلقاء
نفسي، بل سجلت في كل مكان الآيات كلها التي أخذتُ منها أدلتي وادعاءاتي
فمن أراد أن يكتب شيئا عن كتابه بحذاء أدلتي، أو أراد أن يدعي ادعاء جديدا؛ كان
لزاما عليه أن يلتزم بأسلوبي المعهود والمذكور آنفا. أي يجب أن يقدم
الادّعاء والدليل لإثبات صدق كتابه ومبادئه مما ورد في كتابه"([47]).
التعليق: وقول
الميرزا على خصمه " يجب أن يقدم الادّعاء والدليل لإثبات صدق كتابه
ومبادئه مما ورد في كتابه "؛ يؤكد أنّ كل ما قاله الميرزا غلام في كتابه
(البراهين الأحمدية) لم يكن باجتهاده؛ بل من نصوص القرآن، ولذلك طلب من مخالفيه أن
يلتزموا بنفس المنهج والأسلوب، أي لا يكون استدلالهم باجتهاد منهم.
ثامنا: علوم الأنبياء والأولياء.
إذا كانت عقيدة الميرزا غلام أنّ
الروح القدس([48])،
يرافق الأنبياء، بل أيضًا الأولياء بلا مفارقة؛ إذن فما قيمة هذه الرفقة والصحبة
الدائمة إذا لم يمنع -على سبيل الافتراض- سيدنا جبريل عليه السلام النبيّ من
الخطأ، وبخاصة في الأخطاء العقائدية (والعياذ بالله)، وبالتالي فثبوت هذه العقيدة
عند الميرزا غلام يبين أنّ الميرزا غلام كانت عقيدته في حياة سيدنا عيسى عليه
السلام في السماء صحيحة، وأنه ارتد عنها، كما ارتد عن الكثير من العقائد والأفكار
التي ذكرها في كتابه (البراهين الأحمدية)، وفي غيره أيضًا.
وهذا مختصر([49])
لبعض النصوص للميرزا غلام؛ التي يثبت فيها علاقة روح القدس بالأنبياء والأولياء،
وقد فصّلتُ هذا الأمر في الجزء الخامس من كتاب (حقيقية الطائفة الأحمدية
القاديانية).
تاسعا: علوم الميرزا غلام.
يعتقد الميرزا غلام أنّ ربه
يلاش العاج لا يتركه على خطأ([50])،
فإذا ثبت ذلك، وكانت عقيدة الميرزا غلام في كتاب (البراهين الأحمدية) خطأ، وأنها عقيدة
شركية، فلماذا تركه يعلمها للناس ويستدل بها على صدق القرآن، وصحة نبوة سيدنا
مُحَمّد صلى الله عليه وسلم؟ وقد رأينا في الجزء الأول مكانة وأهمية كتاب (البراهين
الأحمدية).
خلاصة البحث:
·
حقيقة
الحلف بغير الله تعالى؛ هو الحلف بأشياء أو أشخاص يراه الحالف عظيمة.
·
النَّهْي
عن الحلف؛ إِنَّمَا يراد به النهي عن تعظيم الْمَخْلُوق، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِح
عِنْد الْعلمَاء.
·
يكفي
للحالف بغير الله؛ الاستغفار أو قول الحالف "لا إله إلا الله"، وأختلف
العلماء في وجوب الكفارة، وهذا يعني أنّ الحالف لم يصبح مشركًا ولا كافرًا على
الحقيقة بحلفه هذا، لأنه لم يقصد مشاركة المحلوف به لله.
·
قول سيدنا
مُحَمّد صلى الله عليه وسلم "وأبيه" كان على ما جرت به ألسنة العرب، ولا
يقصد به الحلف، وقد يكون قبل النهي عن الحلف بغير الله تعالى، وقد يكون بالإضمار؛
أي بإضمار كلمة "رب"، فيكون قصده صلى الله عليه وسلم "ورب
أبيه"، أو غير ذلك من الاحتمالات.
·
قال البعض
بعدم صحة الحديث؛ لأنّ الزيادة "وأبيه" ليست في الموطأ، بل ليست في
البخاري كما رأينا نصوص الروايات في البخاري في الحاشية، وليست في إحدى الروايتين
في صحيح مسلم.
·
وفيما يخص قول
سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم "بأبيه"، هل كان يرى سيدنا مُحَمّد
صلى الله عليه وسلم أي علاقة بأبِ الرجل؟ وهل ذكره على سبيل التعظيم؟ بالقطع لا
علاقة بأبِ الرجل بالموقف، ولا مناسبة لتعظيم أبِ الرجل بعد انصرافه من أمام سيدنا
مُحَمّد صلى الله عليه وسلم.
·
الميرزا
غلام أعلن في كتابه (البراهين الأحمدية) أنه لم يجتهد لإثبات ما في هذا الكتاب من
أدلة على صدق القرآن الكريم، وإنما جاء بالنصوص من القرآن الكريم، وبالتالي يثبت
كذب الميرزا غلام حينما قال في كتب أخرى أنه اجتهد وأخطأ.
·
موضوع خطأ اجتهاد
الأنبياء في العقيدة؛ من العقائد الخطيرة التي ابتكرها الأحمديون للتغطية على
أخطاء الميرزا في العقيدة الإسلامية.
انتهى البحث والحمد لله رب العالمين
د.إبراهيم
أحمد علي بدوي
16/5/2025
يقول الميرزا في كتاب (البراهين
الأحمدية) الجزء الرابع 1884م صفحة 502: " وكان المسيح عليه السلام يعرف جيدا
أن الله تعالى سوف يقضي عن قريب على هذا التعليم المؤقت وسيُنزل في الدنيا كتابا
كاملا يدعو العالم كله إلى البرِّ الحقيقي ويفتح على عباد الله باب الحق والحكمة.
لذا اضطر للقول ما مفاده: هناك أمور كثيرة جديرة بتعليمكم ولكنكم لا تستطيعون
احتمالها حاليا ولكن هناك من سيأتي من بعدي وسيكشف عليكم الأمور كلها ويوصل علم
الدين إلى مرتبة الكمال. فوصل المسيح عليه السلام إلى السماء تاركا
الإنجيل الناقص ناقصا وبقي الكتاب الناقص نفسه في أيدي الناس إلى مدة طويلة حتى
أنزل الله القرآن الكريم بحسب نبوءة النبي المعصوم عليه السلام وجعله شريعة جامعة
وشاملة لم يرد فيها مثل التوراة أمر السن بالسن دائما، ولم يأمر مثل الإنجيل أن
يتلقى المرء لطمات المعتدين في كل الأحوال".
النص الثاني
والثالث:
ويقول في صفحة 573: " والكلمات الأخيرة من الوحي إشارة
إلى أن النبي ﷺ قد أشار في حديثه المذكور آنفا إلى بعثة هذا الرجل، كما أن الله
تعالى قد أشار إليه في كلامه المجيد. أما الإشارة النبوية فقد سبق أن سُجّلت في
الإلهامات المذكورة في الجزء هذا الكتاب، أما الإشارة القرآنية فهي مذكورة في
الآية: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ
لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ (الصف: 10). هذه الآية تتضمن نبوءة
بحق المسيح عليه السلام ماديا وسياسيا. وإن الغلبة الكاملة التي وعد بها
الإسلام ستتحقق بواسطة المسيح؛ فعندما يأتي المسيح عليه السلام إلى الدنيا
ثانية سينتشر الإسلام على يده في جميع الأقطار والأمصار. وقد كُشف على هذا
العبد المتواضع أن حياتي تماثل حياة المسيح عليه السلام في فترتها الأولى
(*) من حيث الفقر والتواضع والتوكل والإيثار والآيات والأنوار، وأن هناك تشابها
كبيرا بين طبيعتي وطبيعة المسيح، وكأنهما قطعتان من جوهر واحد، أو ثمرتان لشجرة
واحدة ويوجد بينهما اتحاد شديد بحيث لا يوجد بينهما إلا فارق بسيط جدا من حيث
النظرة الكشفية".
(*) هذا هو النص الثالث حيث
قول الميرزا " فترتها الأولى"؛ إقرار منه بأنّ سيدنا
عيسى عليه السلام كانت له فترة أولى، وهي التي كان فيها مع اليهود وقت نزول
الإنجيل، وأنّ الفترة الثانية هي عندما ينزل إلى الدنيا قبل يوم القيامة.
النص الرابع
:
ويقول في صفحة
579: " "وَكُنتُمْ عَلى شَفَا حُفْرَةٍ
فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا"(**) أي هيأ لكم وسائل التخلص منها. "عَسَى
رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمْ عَلَيْكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا، وَجَعَلْنَا
جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا". أي أن الله يريد أن يرحمكم، أما إذا
عدتم إلى الإثم والتمرد فسوف نعود إلى العقاب والعذاب، وقد جعلنا جهنم سجنًا
للكافرين. هذه الآية تشير في هذا المقام إلى ظهور المسيح عليه السلام بالجلال(***)،
أي إذا لم يقبلوا طريق الرفق واللين واللطف والإحسان واستمروا في التمرد ضد
الحق الذي استبان بالأدلة الواضحة والآيات البينة، فالزمن قريب حين يستعمل الله عز
وجل في حق المجرمين الشدة والعنف والقهر والقسوة. وسينزل المسيح عليه السلام في
الدنيا في منتهى الجلال، ويطهر الطرق والشوارع كلها من الكلأ
والأعشاب، ولن يبقى للمعوج أثر أبدا، وإن جلال الله تعالى سيبيد بذرة
الضلال نهائيا بتجليه القاهر. إن العصر الراهن إنما هو إرهاص لذلك العصر، وعندها
سيتم الله الحجة بالجلال. أما الآن فيُتِمُّها بالجمال. أي بالرفق
والإحسان(*****)".
(**) هذا من وحي يلاش العاج
للميرزا، وهو من النصوص التي في أصلها آية قرآنية.
(***)
يقصد الميرزا غلام بالتعبير "بالجلال" أي بالشدة والعنف والقهر والقسوة
والقوة، أي عكس طريق الرفق واللين واللطف والإحسان، وقد أكد الميرزا ذلك كله بقوله
"...ويطهر الطرق والشوارع كلها من الكلأ والأعشاب، ولن يبقى للمعوج أثر
أبدا"، فالتخلص من الكلأ والأعشاب لا يكون إلا بأدوات مادية، وليس بالحجة
والبراهين.
(****) كما جاء في كتاب (مرآة
كمالات الإسلام)، وذكر في كتاب التذكرة، أنّ الله تعالى سيبعث مسيحًا ثالثًا قبل
يوم القيامة عند انتشار الكفر وعبادة سيدنا عيسى عليه السلام مرة أخرى من النصارى.
(*****)
يقصد بقوله " أما الآن فيُتِمُّها بالجمال. أي بالرفق والإحسان" أي في زمن
الميرزا غلام.
([2]) يقول الميرزا في الحاشية على الإعلان: " (1) يتبين من بعض
الإشارات في الإنجيل أن المسيح - عليه السلام - أيضًا كان يفكر في الزواج، ولكنه
رُفع عن عمر صغير وإلا كان من المتأكد أنه كان سيتأسى بأسوة أبيه داود، منه".
([3]) ثم غير رأيه إلى الدفن في أماكن أخرى غير الجليل، ثم أخيرًا قرر
أنّ الدفن في كشمير كما جاء في كتابه (المسيح الناصري في الهند).
([4]) في كتاب (الاستفتاء) 1907م صفحة 51، يقول الميرزا: "فمن سوء
الأدب أن يقال إنّ عيسى ما مات، وإن هو إلا شرك عظيم يأكل الحسنات
ويخالف الحصاة...".
وفي
كتاب (تحفة بغداد) 1893م صفحة 36 يقول الميرزا: "ومع ذلك، إذا
كان نبيّنا - صلى الله عليه وسلم - خاتم الأنبياء، فلا شك أنه مَن آمنَ
بنزول المسيح الذي هو نبيّ من بني إسرائيل فقد كفَر بخاتم النبيّين."([4]).
([12]) في كتاب (التذكرة) صفحة 91 يقول علماء الأحمدية
في الحاشية: " قال المسيح الموعود عليه السلام: كنتُ فسّرتُ خطأً لفظ التوفي
بمعنى الاستيفاء في موضع من البراهين الأحمدية، ويقدّم بعضُ المشايخ قولي هذا بقصد
الطعن، مع أنه لا يصح الطعن فيه فإني أعترف أنه كان خطاً مني، ولكنه
ليس في الوحي. إنما أنا بشر، ولستُ بريئًا كسائر البشر من اللوازم البشرية من سهو
ونسيان وخطأ. ومع أني أعلم أن الله تعالى لا يتركني ثابتاً على الخطأ، إلا أنني
لا أدّعي أني بريء من أن أخطئ في الاجتهاد. إن وحي الله يكون منزها عن
الخطأ، أما كلام البشر ففيه احتمال الخطأ، لأن السهو والنسيان من لوازم البشر.
(أيام الصلح) الخزائن الروحانية مجلد 14، ص 271 [النص في كتاب (أيام الصلح) الترجمة العربية
صفحة 52]، وراجع
أيضا البراهين الأحمدية، الجزء الخامس، الخزائن الروحانية، مجلد 21، ص 93).
وهذا
هو النص الذي في كتاب (أيام الصلح) 26-02-1898م صفحة 52، يقول الميرزا: " الجدير
بالانتباه هنا أنني قد فسرت فعل التوفي في موضع من "البراهين الأحمدية"
خطأً أن المراد منه الاستيفاء، ويثيره بعض المشايخ قصد الاعتراض، ولكن لا مبرر
للاعتراض؛ إذ قد قبلت أني كنت مخطئا في ذلك، ولم يكن الخطأ في الوحي، إنما أنا بشر
وتلازمني لوازم البشرية كالسهو والنسيان والخطأ كسائر البشر. وإن كنت أعلم
أن الله لا يثبّتني على خطأ، لكنني لا أدّعي العصمة في الخطأ في
اجتهادي. إن وحي الله هو المنزه عن الخطأ، بينما كلام البشر يحتمل أن يكون
فيه خطأً؛ وذلك لأن السهو والنسيان من لوازم البشرية. كنت قد صرحت باعتقادي هذا في
البراهين الأحمدية نفسه بأن عيسى - عليه السلام - سيعود. لكن
ذلك كان خطأً مني، وكان في الوقت نفسه يخالف الإلهام الوارد في البراهين
الأحمدية نفسه. لأن الله سماني فيه "عيسى" ووصفني بأني مصداق النبوءة
القرآنية الخاصة بعيسى - عليه السلام - (*) وأنشأ في نفسي جميع صفات المسيح
الموعود القادم. فكان من حكمة الله ومشيئته أني لم أدرك الغاية من تلك
الإلهامات رغم هذه التصريحات الإلهامية، فسجلت في "البراهين الأحمدية"
العقيدة المخالفة لها.
وفي
الحاشية (*): وهي في هذه الآية:{هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على
الدين كله} سورة الصف 10، منه".
وهذا
النص في كتاب الميرزا (البراهين الأحمدية) الجزء 5 صفحة 87 بالحاشية: " فليكن
معلوما أن ترجمة كلمات الله الواردة في البراهين الأحمدية مجملة في بعض الأماكن
لكونها قبل الأوان، وفي بعض الأماكن الأخرى صُرف اللفظ عن معناه الحقيقي، أي صُرف
عن الظاهر نظرا إلى المعنى المعقول. ولما كان كلام الله الأصلي موجودا فيجب
على القراء ألا يهتموا بما فُسِّر به قبل تحقق النبوءة. بل يجب أن يحملوه محمل
الخطأ الاجتهادي لأن وقت التفسير الصحيح لنبوءة هو عندما تتحقق النبوءة بحذافيرها.
منه.".
ويقول الميرزا
في كتاب (حقيقة الوحي) 1905-1907م صفحة 132: " أما الاعتراض: كيف كتبتَ هذا، ولماذا
حصل التناقض في أقوالك، فاسمعوا جيدا وعُوا: إن مَثَل هذا التناقض كمثل الذي ورد
في "البراهين الأحمدية"، حيث كتبتُ أن المسيح ابن مريم سوف ينزل من
السماء، ثم كتبت فيما بعد أنني أنا المسيح الموعودُ ظهورُه. والسبب وراء هذا
التعارض هو أنه مع أن الله تعالى قد سماني عيسى في "البراهين الأحمدية"
وقال لي أيضًا: إن الله ورسوله قد أخبرا بمجيئك، إلا أن طائفة من المسلمين
-وكنتُ من بينهم- كانوا يعتقدون بكل شدة أن عيسى سوف ينزل من السماء، لذلك
ما أردت حمل وحي الله - سبحانه وتعالى - على الظاهر بل أوَّلته، وظللتُ
متمسكًا بعقيدة جمهور المسلمين ونشرتُها في "البراهين الأحمدية". ولكن بعد ذلك نزل علي وحي من الله بهذا الشأن
كالمطر قائلا: إنك أنت المسيح الموعودُ نزولُه. كما ظهرت معه مئات الآيات، وقامت
السماء والأرض كلتاهما شاهدةً على صدقي. وإن آيات الله المشرقة اضطرتني إلى
القناعة أنني أنا ذلك المسيح الموعود مجيئه في الزمن الأخير. وإلا فلم تكن
عقيدتي الشخصية إلا ما سجّلته في "البراهين الأحمدية"".
([13]) ذكرتُ ذلك في الجزء الأول من كتاب
(حقيقية الطائفة الأحمدية القاديانية)، وقد أقر الميرزا غلام بأنه لا يخالف عقيدة إجماعية، حيث
يقول في كتاب (عاقبة آتهم) 1896م صفحة 105: "ولا
دين لنا إلا دين الإسلام، ولا كتاب لنا إلا الفرقان كتاب الله العلام، ولا نبي لنا
إلا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم وبارك وجعل أعداءه من الملعونين. اشهدوا
أنا نتمسك بكتاب الله القرآن، ونتبع أقوال رسول الله منبع الحق والعرفان، ونقبل
ما انعقد عليه الإجماع بذلك الزمان، لا نزيد عليها ولا ننقص منها، وعليها
نحيا وعليها نموت ومن زاد على هذه الشريعة مثقال ذرة أو نقص منها، أو كفر
بعقيدة إجماعية، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. هذا اعتقادي، وهو
مقصودي ومرادي ولا أخالف قومي في الأصول الإجماعية، وما جئتُ بمحدثات
كالفرق المبتدعة، بيد أني أرسلت لتجديد الدين وإصلاح الأمة، على رأس هذه المائة، فأذكرهم
بعض ما نسوا من العلوم الحكمية، والواقعات الصحيحة الأصلية. وجعلني ربي
عيسى ابن مريم على طريق البروزات الروحانية لمصلحة أراد لنفع العامة، ولإتمام
الحجة على الكفرة الفجرة، وليُكمل نبأه وليُنجز وعده ويتم كلمته، ويفحم قوما
مجرمين".
وفي كتاب (أيام الصلح) 1899م صفحة 117 ويقول
الميرزا: "خلاصة القول عليكم أن تؤمنوا بجميع تلك الأمور التي أجمع عليها
السلف الصالح اعتقادا وعملا، وتؤمنوا بجميع تلك الأمور التي تعد من
صميم الإسلام بإجماع أهل السنة. ونحن نشهد السماء والأرض على هذا الأمر أن
هذا هو مذهبنا وإن الذي يتهمنا بما يخالف هذا الدين فهو يفتري علينا
متخليا عن التقوى والأمانة، وسوف نرفع الدعوى ضده يوم القيامة أنه متى شق صدرنا
ورأى أنا نخالف هذه الأقوال رغم تصريحنا بها؟ ألا إن لعنة الله على الكاذبين
والمفترين!".
([15]) التحمل هو ما تلقاه؛ أي تعلمه النبيّ عليه السلام من الوحي من
الله سبحانه وتعالى، ويؤكد هذا المعنى ما قاله الميرزا بخصوص عصمة سيدنا مُحَمَّد
صلى الله عليه وسلم: " معصوما من حيث تعليمه وتبليغ دعوته" كتاب (الملفوظات)
المجلد 3 صفحة 152 و153.بتاريخ بعد أغسطس 1902.
([16]) عصمة الأنبياء في كتاب (فتح الباري): (قَوْلُهُ بَابٌ
بِالتَّنْوِينِ الْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ)، أَيْ مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ
بِأَنْ حَمَاهُ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْهَلَاكِ أَوْ مَا يَجُرُّ إِلَيْهِ
يُقَالُ عَصَمَهُ اللَّهُ مِنَ الْمَكْرُوهِ وَقَاهُ وَحَفِظَهُ وَاعْتَصَمْتُ
بِاللَّهِ لَجَأْتُ إِلَيْهِ وَعِصْمَةُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى نَبينَا
وَعَلَيْهِم الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حِفْظُهُمْ مِنَ النَّقَائِصِ
وَتَخْصِيصُهُمْ بِالْكِمَالَاتِ النَّفِيسَةِ وَالنُّصْرَةِ وَالثَّبَاتِ فِي
الْأُمُورِ وَإِنْزَالِ السَّكِينَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ
غَيْرِهِمْ أَنَّ الْعِصْمَةَ فِي حَقِّهِمْ بِطَرِيقِ الْوُجُوبِ وَفِي حَقِّ
غَيْرِهِمْ بِطَرِيقِ الْجَوَازِ".
([18]) خلاصة حكم المحدث: [صحيح]، الراوي: طلحة
بن عبيدالله، المحدث: مسلم، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم 11، التخريج: أخرجه
أبو داود (3252) واللفظ له، والدارمي (1619)، والنسائي في ((الكبرى)) (2411)
باختلاف يسير.
46
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ
حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَمِّهِ
أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ
سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ
يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرَ الرَّأْسِ يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ وَلَا يُفْقَهُ
مَا يَقُولُ حَتَّى دَنَا فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنْ الْإِسْلَامِ فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي
الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَقَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ لَا إِلَّا أَنْ
تَطَوَّعَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِيَامُ
رَمَضَانَ قَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ قَالَ لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ قَالَ
وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّكَاةَ
قَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ قَالَ فَأَدْبَرَ
الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ".
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]،
الراوي: طلحة بن عبيدالله، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح
البخاري،
الصفحة أو الرقم: 46، التخريج: أخرجه البخاري
(46)، ومسلم (11).
1891 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ
بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي
سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ طَلْحَةَ
بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَائِرَ الرَّأْسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ
اللَّهِ أَخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ فَقَالَ
الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا فَقَالَ أَخْبِرْنِي مَا
فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ الصِّيَامِ فَقَالَ شَهْرَ رَمَضَانَ إِلَّا أَنْ
تَطَّوَّعَ شَيْئًا فَقَالَ أَخْبِرْنِي بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ
الزَّكَاةِ فَقَالَ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ قَالَ وَالَّذِي أَكْرَمَكَ لَا أَتَطَوَّعُ
شَيْئًا وَلَا أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ شَيْئًا فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ أَوْ
دَخَلَ الْجَنَّةَ إِنْ صَدَقَ.". خلاصة حكم
المحدث: [صحيح]، الراوي: طلحة بن عبيدالله، المحدث:
البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو
الرقم: 1891 التخريج: أخرجه مسلم (11)، وأبو داود (391)، والنسائي (458) باختلاف
يسير.
2678 "جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَإِذَا هو يَسْأَلُهُ عَنِ الإسْلَامِ، فَقَالَ
رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: خَمْسُ صَلَوَاتٍ في اليَومِ
واللَّيْلَةِ، فَقَالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَّوَّعَ
فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ،
قَالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَّوَّعَ، قَالَ: وذَكَرَ
له رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الزَّكَاةَ، قَالَ: هلْ عَلَيَّ
غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَّوَّعَ، فأدْبَرَ الرَّجُلُ وهو يقولُ:
واللَّهِ لا أزِيدُ علَى هذا، ولَا أنْقُصُ، قَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عليه وسلَّمَ: أفْلَحَ إنْ صَدَقَ.". خلاصة حكم
المحدث: [صحيح]، الراوي: طلحة
بن عبيدالله، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو
الرقم: 2678 التخريج: أخرجه البخاري (2678)، ومسلم (11).
" 6956 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي
سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ طَلْحَةَ
بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَائِرَ الرَّأْسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ
اللَّهِ أَخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ فَقَالَ
الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ شَيْئًا فَقَالَ أَخْبِرْنِي بِمَا
فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ الصِّيَامِ قَالَ شَهْرَ رَمَضَانَ إِلَّا أَنْ
تَطَوَّعَ شَيْئًا قَالَ أَخْبِرْنِي بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ
الزَّكَاةِ قَالَ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ قَالَ وَالَّذِي أَكْرَمَكَ لَا أَتَطَوَّعُ شَيْئًا وَلَا
أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ شَيْئًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ أَوْ
دَخَلَ الْجَنَّةَ إِنْ صَدَقَ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ فِي عِشْرِينَ وَمِائَةِ
بَعِيرٍ حِقَّتَانِ فَإِنْ أَهْلَكَهَا مُتَعَمِّدًا أَوْ وَهَبَهَا أَوْ احْتَالَ
فِيهَا فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ". خلاصة حكم
المحدث: [صحيح]، الراوي: طلحة بن عبيدالله، المحدث:
البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو
الرقم: 6956 التخريج: أخرجه مسلم (11)، وأبو داود (391)، والنسائي (458) باختلاف
يسير.
يلاحظ في روايات البخاري أنها خلت من الزيادة
"وأبيه".
"أَفْلَحَ
وَأَبِيهِ إنْ صَدَقَ، أوْ دَخَلَ الجَنَّةَ وَأَبِيهِ إنْ صَدَقَ". خلاصة حكم المحدث: [صحيح]، الراوي: طلحة بن
عبيدالله، المحدث: مسلم،
المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 11 التخريج: أخرجه أبو داود (3252) واللفظ له، والدارمي (1619)، والنسائي
في ((الكبرى)) (2411) باختلاف يسير.
"أفلَح وأبيهِ إنْ صدَق، دخَل الجَنَّةَ وأبيهِ إنْ صدَق [في قِصَّةِ الأعرابيِّ]".
خلاصة حكم المحدث: سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح]، الراوي:
طلحة بن
عبيدالله، المحدث:
أبو داود، المصدر: سنن أبي داود، الصفحة أو الرقم: 3252 التخريج: أخرجه
مسلم (11)، وأبو داود (3252).
"أفلَحَ وأبيه إنْ صَدَقَ، دَخَلَ الجَنَّةَ وأبيه إنْ صَدَقَ". خلاصة حكم
المحدث: سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح]، الراوي: طلحة بن
عبيدالله، المحدث:
أبو داود، المصدر: سنن أبي داود، الصفحة أو الرقم: 392 التخريج: أخرجه
مسلم (11).
"أنَّ
أعرابيًّا جاءَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وَهوَ ثائرُ الرَّأسِ ،
فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ، أخبرني ماذا فرضَ اللَّهُ عليَّ منَ الصَّلاةِ؟ قالَ:
الصَّلواتُ الخمسُ إلَّا أن تطوَّعَ شيئًا قالَ: أخبرني ماذا فرضَ اللَّهُ عليَّ
منَ الزَّكاةِ؟ قالَ: فأخبرَهُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بشرائعِ
الإسلامِ قالَ: والَّذي أَكْرمَكَ لا أتطوَّعُ شيئًا، ولا أنقصُ شيئًا ممَّا فرضَ
اللَّهُ عليَّ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: أفلحَ وأبيهِ إن صَدقَ أو دخلَ الجنَّةَ وأبيهِ إن صَدقَ".
خلاصة
حكم المحدث: أخرجه في صحيحه، الراوي: طلحة بن عبيد الله، المحدث: ابن خزيمة، المصدر:
صحيح ابن خزيمة، الصفحة أو الرقم: 1/ 410.
"أَفْلَحَ
وأبيهِ إنْ صدَقَ [يعني حديث: أنَّ
أعرابيًّا جاءَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وَهوَ ثائرُ الرَّأسِ،
فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ، أخبرني ماذا فرضَ اللَّهُ عليَّ منَ الصَّلاةِ؟ قالَ:
الصَّلواتُ الخمسُ إلَّا أن تطوَّعَ شيئًا قالَ: أخبرني ماذا فرضَ اللَّهُ عليَّ
منَ الزَّكاةِ؟ قالَ: فأخبرَهُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بشرائعِ
الإسلامِ قالَ: والَّذي أَكْرمَكَ لا أتطوَّعُ شيئًا، ولا أنقصُ شيئًا ممَّا فرضَ
اللَّهُ عليَّ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: أفلحَ وأبيهِ إن صَدقَ أو دخلَ الجنَّةَ وأبيهِ إن صَدقَ]". خلاصة حكم المحدث:
هذه لفظة غير محفوظة منكرة، الراوي: طلحة بن عبيدالله، المحدث: ابن عبد البر، المصدر:
التمهيد، الصفحة أو الرقم: 14/367 التخريج: أخرجه مسلم (11).
"
أنَّ أعرابيًّا، جاء إلى النَّبيِّ عليه السَّلامُ ثائرَ الرَّأسِ ، فقال: يا
رسولَ اللهِ، أخبِرْني بما فرَض اللهُ علَيَّ منَ الصَّلاةِ، فقال: الصَّلواتُ
الخَمسُ، إلَّا أنْ تطوَّعَ شيئًا. قال: فأخبِرْني ما فرَض اللهُ علَيَّ منَ
الصِّيامِ، قال: صيامُ شهرِ رَمضانَ، إلَّا أنْ تطوَّعَ شيئًا. قال: فأخبِرْني بما
فرَض اللهُ علَيَّ منَ الزَّكاةِ، قال: فأخبَرهُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه
وسلَّمَ شرائعَ الإسلامِ، فقال: والذي أكرَمكَ بالحقِّ لا أتطوَّعُ، ولا أَنقُصُ
ممَّا افترَض اللهُ علَيَّ شيئًا، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ:
أفلَح وأبيهِ إنْ صدَق، دخَل الجَنَّةَ وأبيهِ إنْ صدَق". خلاصة حكم المحدث:
إسناده صحيح، الراوي: طلحة، المحدث:
شعيب الأرناؤوط، المصدر: تخريج مشكل الآثار، الصفحة أو الرقم: 821
التخريج: أخرجه الطحاوي في ((مشكل الآثار)) (821) واللفظ له، والبخاري (6956)،
ومسلم (11) باختلاف يسير.
"أنَّ
أعرابيًّا، جاء إلى النَّبيِّ عليه السَّلامُ ثائرَ الرَّأسِ ، فقال: يا رسولَ
اللهِ، أخبِرْني بما فرَض اللهُ علَيَّ منَ الصَّلاةِ، فقال: الصَّلواتُ الخَمسُ،
إلَّا أنْ تطوَّعَ شيئًا. قال: فأخبِرْني ما فرَض اللهُ علَيَّ منَ الصِّيامِ،
قال: صيامُ شهرِ رَمضانَ، إلَّا أنْ تطوَّعَ شيئًا. قال: فأخبِرْني بما فرَض اللهُ
علَيَّ منَ الزَّكاةِ، قال: فأخبَرهُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شرائعَ
الإسلامِ، فقال: والذي أكرَمكَ بالحقِّ لا أتطوَّعُ، ولا أَنقُصُ ممَّا افترَض
اللهُ علَيَّ شيئًا، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أفلَح وأبيهِ إنْ صدَق، دخَل الجَنَّةَ وأبيهِ إنْ صدَق.". خلاصة حكم المحدث:
إسناده صحيح، الراوي: طلحة، المحدث: شعيب الأرناؤوط، المصدر: تخريج مشكل
الآثار، الصفحة أو الرقم: 821 التخريج: أخرجه الطحاوي في ((مشكل الآثار))
(821) واللفظ له، والبخاري (6956)، ومسلم (11) باختلاف يسير.
"قال النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليه
وسلَّمَ: أفلَحَ وأبيه
إنْ صَدَقَ، دَخَلَ الجَنَّةَ وأبيه إنْ صَدَقَ". خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح، الراوي:
طلحة بن
عبيدالله، المحدث:
شعيب الأرناؤوط، المصدر: تخريج سنن أبي داود،
الصفحة
أو الرقم: 3252 التخريج: أخرجه مسلم (11)، وأبو داود (3252) واللفظ لهما، والدارمي
(1619) باختلاف يسير.
"أَفْلَحَ
-وَأَبِيهِ- إنْ صَدَقَ، [أوْ دَخَلَ الجَنَّةَ -وَأَبِيهِ- إنْ صَدَقَ.]". خلاصة حكم
المحدث: زيادة [وأبيه]
ثابتة لا شك في
صحتها ولا مرية، الراوي:
[طلحة بن
عبيدالله]، المحدث:
العيني، المصدر: عمدة القاري، الصفحة أو الرقم: 1/420.
"أفلَحَ
-وأبيه- إنْ صَدَقَ [يعني حديث: أنَّ
أعرابيًّا جاءَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وَهوَ ثائرُ الرَّأسِ،
فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ، أخبرني ماذا فرضَ اللَّهُ عليَّ منَ الصَّلاةِ؟ قالَ:
الصَّلواتُ الخمسُ إلَّا أن تطوَّعَ شيئًا قالَ: أخبرني ماذا فرضَ اللَّهُ عليَّ
منَ الزَّكاةِ؟ قالَ: فأخبرَهُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بشرائعِ
الإسلامِ قالَ: والَّذي أَكْرمَكَ لا أتطوَّعُ شيئًا، ولا أنقصُ شيئًا ممَّا فرضَ
اللَّهُ عليَّ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: أفلحَ وأبيهِ إن صَدقَ أو دخلَ الجنَّةَ وأبيهِ إن صَدقَ]". خلاصة حكم المحدث:
صحيح، الراوي: [طلحة بن عبيد الله]، المحدث:
ابن القيم، المصدر: أعلام الموقعين، الصفحة أو الرقم: 3/47.
"أفلَحَ
وأبيهِ إن صدقَ، دَخلَ الجنَّةَ وأبيهِ إنْ صدَقَ" خلاصة حكم المحدث:
شاذ بزيادة وأبيه، الراوي: أبو سهيل نافع بن مالك، المحدث: الألباني، المصدر:
ضعيف أبي داود، الصفحة أو الرقم: 392 التخريج: أخرجه مسلم (11)، وأبو داود
(392) واللفظ له. من حديث طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه.
"أفلحَ
وأبيهِ إن صدقَ دخلَ الجنَّةَ وأبيهِ إن صدقَ في قصَّةِ الأعرابيِّ"
خلاصة حكم المحدث: شاذ، الراوي: طلحة بن عبيدالله، المحدث: الألباني، المصدر:
ضعيف أبي داود، الصفحة أو الرقم: 3252 التخريج: أخرجه مسلم (11)، وأبو داود
(3252).
"أَفْلَحَ
-وَأَبِيهِ- إنْ صَدَقَ، [أوْ دَخَلَ الجَنَّةَ -وَأَبِيهِ- إنْ صَدَقَ.]". خلاصة حكم
المحدث: قوله: (وأبيه) شاذة
الراوي:
[طلحة بن
عبيدالله]، المحدث:
ابن عثيمين، المصدر: شرح بلوغ المرام لابن عثيمين، الصفحة أو
الرقم: 1/62.
"أَفْلَحَ
-وَأَبِيهِ- إنْ صَدَقَ، [أوْ دَخَلَ الجَنَّةَ -وَأَبِيهِ- إنْ صَدَقَ.]". خلاصة حكم
المحدث: هذه اللفظة شاذة [يعني وأبيه]، الراوي: [طلحة بن
عبيدالله]، المحدث:
ابن عثيمين، المصدر: شرح مسلم لابن عثيمين، الصفحة أو الرقم:
3/589.
"قصةُ الرجلِ النَّجديِّ الذي جاء يسألُ
النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عنِ الإسلامِ فذكرَ له خمسَ صلواتٍ وصيامَ
رمضانَ والزكاةَ [فقال الرجلُ بعد ذلك]: هل عليَّ غيرُها؟ فقال له النبيُّ صلَّى
اللهُ عليهِ وسلَّمَ: لا إلَّا أنْ تَطوَّعَ، فقال: واللهِ لا أزيدُ على هذا ولا
أنقصُ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: أفلحَ وأبيه إنْ صدقَ.". خلاصة حكم المحدث:
[قوله]: (وأبيه) لفظة شاذة انفرد بها بعض الرواة، الراوي: -، المحدث: ابن
عثيمين، المصدر: شرح بلوغ المرام لابن عثيمين، الصفحة أو الرقم: 6/107.
"قال
في حقِّ الذي سأله عن شرائعِ الإسلامِ: أفلح وأبيه إنْ صدَق". خلاصة حكم المحدث: رواية شاذة مخالفة للأحاديث الصحيحة، الراوي: [طلحة بن
عبيدالله]، المحدث:
ابن باز، المصدر: مجموع فتاوى ابن باز
الصفحة
أو الرقم: 96/23.
([29]) 1- كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري، للإمام أحمد بن علي بن حجر
العسقلاني (المتوفى سنة 852هـ). ويُعد أشهر شرح لصحيح البخاري.
2-
كتاب شرح النووي على صحيح مسلم، للإمام يحيى بن شرف النووي (المتوفى سنة 676هـ)،
وهو أشهر شرح لصحيح مسلم.
3-
كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري، للإمام بدر الدين العيني (المتوفى سنة 855هـ)،
وهو من الشروح الكبرى لصحيح البخاري.
([30]) 1- كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري، للإمام أحمد بن علي بن حجر
العسقلاني (المتوفى سنة 852هـ). ويُعد أشهر شرح لصحيح البخاري.
2-
كتاب شرح النووي على صحيح مسلم، للإمام يحيى بن شرف النووي (المتوفى سنة 676هـ)،
وهو أشهر شرح لصحيح مسلم.
3-
كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري، للإمام بدر الدين العيني (المتوفى سنة 855هـ)،
وهو من الشروح الكبرى لصحيح البخاري.
([33]) كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري، للإمام بدر الدين العيني
(المتوفى سنة 855هـ)، وهو من الشروح الكبرى لصحيح البخاري.
([34]) بحسب موقع الدرر
السَنِيّة.
([37]) كتاب
(حقائق الفرقان) هو من جمع الأحمديين لتفسيرات بعض الآيات القرآنية للحكيم نور
الدين الخليفة الأحمدي الأول.
([42]) النص
الأول: يقول
الميرزا في كتاب (الحرب المقدسة) سنة 1893 صفحة 197 محاورًا قسيسًا نصرانيًا:
"إذا كان الإنسان يُعدّ صادقا بناء على الادعاء وحده فهناك كثيرون
آخرون أيضًا في الدنيا يدّعون دعاوى مختلفة، فإذا كان منهم صادقٌ فليقدم أدلة صدقه
وإلا لا يحق لنا ولا لك أن نصدّق حتى واحدًا من المدّعين العشرة دون دليل،
ما أقوله وأكتبه بالتكرار هو أنكم لم تقدموا إلى الآن أدلة عقلية على ألوهية
المسيح، أما النبوءات المنقولة التي تقدمونها مرة بعد أخرى فليست بشيء
يُعتدّ به؛ فهي متنازع فيها وتستمدون منها معنى ويستخرج الموحدون معنى آخر،
ويستنبط اليهود معنى ثالثا ويستنتج المسلمون شيئا آخر، فكيف صارت قطعية الدلالة
والحالة هذه؟ تعرف أيضًا أنّ المراد من الدليل هو ما كان قطعي
الدلالة ومنيرا في حد ذاته وواضحًا ومثبتًا لأمر وليس محتاجا إلى إثبات نفسه،
لأنّ الأعمى لا يهدي الأعمى الطريقَ، الآن أعود إلى كلامي السابق وأقول بأنك تعرف
أنّ الإنسان بحاجة إلى الاقتناع القلبي والمعرفة التامة دائما في هذا العالَم
المليء بالمفاسد. وكل شخص يريد أن تكون الأدلة التي ينوي أن يقبلها الآخرون
جامعة وشاملة لدرجة استحالة الطعن فيها. وكل طالب حق حين يتذكر موته
ويتصور العقوبات التي يلقاها الملحدون في حالة إلحادهم وضلالهم ترتعدُ لهولها أوصاله
ويجد نفسه جائعا وظامئا لآية يطمئِّن لها وتمثِّل دليلا يستند إليه".
النص الثاني:
يقول الميرزا في كتاب (مناظرة لدهيانة ودلهي) 1891 صفحة 245: "
يمكنكم أن تفكّروا بأنفسكم أيها المستمعون الكرام أن المعنى القطعي هو ذلك
الذي لا يوجد فيه وجهٌ آخر قط، أو إذا وُجد كان باستطاعة مدَّعي القطعية دحض
المعنى المخالف بالأدلة الدامغة".
النص الثالث:
ويقول في كتاب (مناظرة لدهيانة ودلهي) 1891 صفحة 257.: " إن ردّ نصوص
القرآن الكريم القطعية الدلالة بناء على آية واحدة ذات أوجه مختلفة ومتشابهة ليس
من الأمانة في شيء. يقول الله جلّ شأنّه بأن الذين يتَّبعون المتشابهات في قلوبهم
زيغ وليسوا ملتزمين بالصراط المستقيم...".
التعليق:
هذا النص أراه مهمًا، لأنه يؤصل لمبدأ نحتاجه في حواراتنا مع الأحمديين، وخلاصته
أنه لا يصح أنْ يُرَدَّ القطعيّ بالظنيّ، أي حينما يكون لدينا نص قرآنيّ قطعي
الثبوت والدلالة، فلا يَرُدُّ هذا النص القطعي آية ظنية الدلالة أو حديثٌ ظنيّ،
سواء أكانت الظنية في الحديث في الثبوت أو الدلالة، فحينما يقول الميرزا إنه لا
يقبل الحديث الشريف مهما كان صحيحًا طالما يخالف القرآن الكريم، فظاهر كلامه صحيح،
ولكننا نجده عند التطبيق يخلط الأمور، حيث يرى المخالفة التي يقصدها هي مخالفة لما
يفهمه هو من النص القرآني، بالرغم من أنّ دلالة النص القرآني قد تتوافق مع فهم
الميرزا، أو لا تتوافق، أي هي دلالة ظنية، فلا يصح القول بالمخالفة إلا إذا كانت
المخالفة لدلالة قطعية، وقد أقر الميرزا أنّ مخالفة هذا المبدأ، ليس
من الأمانة في شيء، كما يقول الله جلّ شأنّه بأنّ الذين يتَّبعون المتشابهات في
قلوبهم زيغ وليسوا ملتزمين بالصراط المستقيم.
النص الرابع: يقول الميرزا
في كتاب (إتمام الحجة) 1893 صفحة 60: "وأنت تعلم أن حمل الإثبات ليس علينا،
بل على الذي ادّعى الحياة ويقول إن عيسى ما مات وليس من
الميتين. فإنّ حقيقة الادعاء اختيار طرق الاستثناء بغير أدلة
دالة على هذه الآراء، أعني إدخال أشياء كثيرة في حكم واحد ثم
إخراج شيء منه بغير وجه الإخراج وسبب شاهد، وهذا تعريف لا ينكره صبي ولا غبي، إلا
الذي كان من تعصبه من المجنونين. فإذا تقرر هذا فنقول أنّا نظرنا إلى زمان بُعث
فيه المسيح، فشهد النظر الصحيح أنّه كل من كان في زمانه من أعدائه وأحبائه،
وجيرانه.... كلهم ماتوا وما نرى أحدًا منهم في هذا الزمان؛ فمن ادّعى أن عيسى بقي
منهم حيًا وما دخل في الموتى فقد استثنى، فعليه أن يثبت هذا الدعوى. وأنت تعلم أن
الأدلة عند الحنفيين لإثبات ادعاء المدّعين أربعة أنواع كما لا
يخفى على المتفقهين. الأول: قطعيّ الثبوت والدلالة وليس فيها شيء من
الضعف والكلالة، كالآيات القُرآنية الصريحة، والأحاديث المتواترة الصحيحة، بشرط
كونها مستغنية من تأويلات المؤوّلين، ومنَزّهة عن تعارض وتناقض يوجب الضعف عند
المحققين. الثاني: قطعي الثبوت ظني الدلالة، كالآيات والأحاديث
المؤوَّلة مع تحقُّق الصحّة والأصالة. الثالث: ظنّيّ
الثبوت قطعيّ الدلالة، كالأخبار الآحاد الصريحة(*) مع قلّة
القوّة وشيء من الكلالة. الرابع: ظنّيّ الثبوت والدلالة، كالأخبار
الآحاد المحتملة المعاني والمشتبهة. ولا يخفى أن الدليل القاطع القوي هو
النوع الأول من الدلائل، ولا يمكن مِن دونه اطمئنان السائل. فإنّ الظنَّ لا يُغْني
مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا، ولا سبيل له إلى يقين أصلا".
(*) هذا تأكيد من الميرزا أن الأحاديث غير
المتواترة؛ أي الآحاد ظنية الثبوت مهما بلغت من قطعية الدلالة.
النص الخامس: يؤكد الميرزا
فساد الأخذ بكلام الناس ومروياتهم، حيث قد يزيدون وينقصون أو يغيرون في المنقولات،
يقول الميرزا غلام في كتاب (سر الخلافة) 1894م صفحة 40: "هذا هو الأصل الصحيح، والحق الصريح، ولكن العامة لا يحققون
في أمر كأولي الأبصار، بل يقبلون القصص بغض الأبصار، ثم يزيد
أحد منهم شيئا على الأصل المنقول، ويتلقاه الآخر بالقبول، ويزيد عليه شيئا آخر من
عند نفسه، ثم يسمعه ثالث بشدة حرصه فيؤمن به ويلحق به من حواشي أخرى، وهلم جرا،
حتى تستتر الحقيقة الأولى، وتظهر حقيقة جديدة تخالف الحق الأجلى، وكذلك هلك الناس من
خيانات الراوين، وكم من حقيقة تسترت وواقعات اختفت وقصص بدلت وأخبار غيرت
وحرفت وكم من مفتريات نسجت وأمور زيدت ونقصت، ولا تعلم نفس ما كانت واقعة أولًا ثم
ما صُيّرت وجُعلت".
([43]) في كتاب (القدر الإلهي) تاليف بشير الدين محمود صفحة 7 يقول بشير
الدين محمود: "أعلموا أن جميع المسائل الإيمانية التي لا يُسلم أحد بدون
الإيمان بها واردة في القرآن الكريم، ولا تنبني على الأحاديث لأنها لا تُفيد إلا
علما ظنيا. فلا بد لنا من الرجوع إلى القرآن الكريم لمعرفة ما يدخل في الإيمانيات
من مسائل. فما عُدّ إنكاره كفرًا في القرآن الكريم دخل في الإيمانيات، وما لم
نعثر له على شهادة من القرآن الكريم فهمنا أن الكلمات المستخدمة فيه جاءت لبيان
أهميتها والتأكيد عليها فحسب".
أولا: تعليم شديد القوى أي جبريل عليه السلام.
يقول الميرزا في كتاب (مرآة كمالات
الإسلام) 1892م صفحة 462:"... علّمه شديدُ القوى أي جبريل ورآه ذو
القوة بكامله وكان عاليا فوق الأفق".
ثانيًا: مرافقة الروح القدس للأولياء.
يقول الميرزا في كتاب (مرآة كمالات
الإسلام) 1892م صفحة 66:"إن الخوارق الاقتداريّة السابقة الذكر تصدر من هؤلاء
لأن نور روح القدس يحالفهم دائما ويسكن فيهم فلا ينفصلون عنه ولا ينفصل النور
عنهم أبدًا في حين من الأحيان، ولا في حال من الأحوال. يخرج هذا النور مع
نَفَسهم دائما ويقع مع نظرهم على كل شيء، ويُري الناس لمعانه من خلال كلامهم. وإن
هذا النور يسمّى روح القدس؛ ولكن هذا ليس روح القدس الحقيقيّ، بل إنّ روح
القدس الحقيقي هو ذلك الذي في السماء وروح القدس هذا إنما هو ظله الذي يسكن في
الصدور والقلوب والأذهان الطاهرة للأبد ولا ينفصل عنها طرفة عين، ومَن رأى
أن روح القدس هذا ينفصل عنه بكل تأثيراته فهو على الباطل تماما، ويسيء
بأفكاره المظلمة إلى أصفياء الله المقدسين. صحيح تماما أن روح القدس الحقيقي
يبقى في مكانه، ولكن ظله -الذي يسمَّى مجازًا أيضًا روح القدس- يدخل تلك الصدور
والقلوب والأذهان وكافة أعضاء الذين يستحقون نزول حب الله الكاملِ مع بركاته على
حبهم الأصفى والأجلى بعد نوالهم مرتبة البقاء واللقاء. وعندما ينزل روح القدس
المذكور يتعلق بكيان ذلك الإنسان تعلُّقَ الروح بالجسد، فينوب مناب قوة البصر
ويعمل عمل العيون، ويصبح قوة الشم ويهب الآذانَ حِسا روحانيا، ويمثّل كلام اللسان
وتقوى القلب وذكاء الذهن ويسري في اليدين ويوصل تأثيره إلى القدمين أيضًا".
التعليق: يا أتباع الميرزا غلام، إذا كان
الروح القدس المرسل من الله سبحانه وتعالى لمصاحبة ومرافقة ودعم الأنبياء عليهم
السلام، فلماذا يتركهم الروح القدس يخطئون في أمور تخص عقيدة المسلمين، وكما رأينا
من قبل في الجزء الأول، أنّ المهمة الرئيسية للميرزا تصحيح عقائد المسلمين.
ثالثًا: الروح القدس والآية {وما ينطق عن الهوى}
يقول الميرزا في كتاب (مرآة كمالات
الإسلام) 1892م صفحة 457:"يجب التفكّر في أن شمس الصدق والحق الذي جاءت بحقه
الآية الكريمة: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}
هل يسعنا أن نقول إنه كان يخلو من نور الوحي كليا إلى فترات طويلة؟ فقد نُقل مثلا
أن الوحي لم ينزل عليه - صلى الله عليه وسلم - أحيانا إلى أربعين يوما أو عشرين
يوما، وفي بعض الأحيان الأخرى انقطع الوحي إلى ستين يوما أيضًا، فلو أريدَ من
ذلك أن الملاك جبريل هجر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كليا إلى هذه الفترة لكان
ذلك مدعاة لاعتراض شديد إن كان الكلام الذي تكلّم به النبيّ - صلى الله عليه وسلم
- أثناء هذه المدة يدخل في الأحاديث النبويّة أم لا؟ أوَ لا تُسمَّ وحيا غير
متلوٍّ؟ ألم ير النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في أثناء هذه الفترة حتى الرؤى
التي هي بمنزلة الوحي دون أدنى شك؟... وإذا كان صحيحا أن جبريل كان يهجر النبيّ
- صلى الله عليه وسلم - تلك الفترة وكان النبيّ يُحرم من الوحي كليا فلا شك أن
الأحاديث التي غطّت تلك الفترة لن تكون جديرة بالثقة ... إن شمس الحق ذلك
-الذي لم يخطر بباله شيء دون الوحي- يعتقد عنه هؤلاء الناس أنه كان يعيش في الظلام
إلى مدة طويلة دون أن يرافقه أيّ نور، والعياذ بالله. إنني أعلم بناء على
تجربتي الشخصيّة أن قدسيّة روح القدس تعمل في كافة قوى الملهَم، في كل حين وآن دون
الانفصال للحظة واحدة ولا يستطيع أن ينقذ الملهَم نفسه من الرجس ولو للحظة
واحدة دون تأثير قدسيّة روح القدس. والسبب وراء الأنوار الدائمة والاستقامة
الدائمة والحب الدائم والعصمة الدائمة والبركات المستديمة هو بقاء روح القدس مع
الملهَمين في كل حين وآن".
رابعا: الفرقان والروح القدس للمتقين
يقول
الميرزا في كتاب (مرآة كمالات الإسلام) 1892م صفحة 79:"الآيات التي جاءت في
القرآن الكريم عن روح القدس يتبين منها أن المؤمنين الكمَّل يعطَون الروح القدس
للأبد. فمن جملتها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتقُوا اللهَ
يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} ... أي سيعطيكم الله تعالى روح القدس الذي به
تمتازون عن غيركم كليا، ويجعل لكم نورا أي روح القدس الذي سيمشي معكم.
إن اسم روح القدس في القرآن هو "النور"".
خامسا: المقرَّبون يتكلمون حين تُكلِّمهم روح القدس
يقول الميرزا في كتاب (مرآة كمالات
الإسلام) 1892م صفحة 35:"الفرق بين الكلام والإلهام هو أن نبع الإلهام
يجري دائما في المقرَّبين فيتكلمون حين تُكلِّمهم روح القدس. ويرون حين تُريهم روح
القدس ويسمعون حين تُسمعهم روح القدس. وتنشأ جميع إراداتهم بنفخ من روح القدس.
الحق والحق أقول بأنهم يكونون مصداقا ظليا للآية: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى *
إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (1). ولكن المكالمة الإلهيّة أمر آخر، وهو أن كلام
الله تعالى ينزل عليهم كالوحي المتلوّ ويتلقّون أجوبة على أسئلتهم كما يجيب صديقٌ
صديقَه. ولو وصفنا هذا الكلام يمكننا القول بأنه اسم لتجلّي الله جلّ شأنه
الذي يتجلى بواسطة ملاكه المقرَّب. ويكون الهدف من وراء ذلك الإطلاع على استجابة
الدعاء أو على أمر جديد وخفيٍّ آخر، أو الإخبار بالأنباء المستقبليّة، أو الإطلاع
على مرضاة الله أو عدم رضاه - سبحانه وتعالى - عن أمر معين، أو رفعه إلى مرتبة
اليقين والمعرفة عن أحداث أخرى. على أية حال، إن هذا الوحي الإلهي صوت يظهر في
لباس المكالمة والمخاطبة الإلهيّة ليصبِّغ صاحبه بصبغة المعرفة والطمأنينة. يستحيل
بيان كيفيته أكثر من القول بأنه نداء طبيعي من الله تعالى -بتحريض إلهي ونفخ رباني
دون أدنى تفكير أو تدبر أو تأمل أو تدخل من الإنسان- ويشعر به المرء بكلمات ممتعة
ومباركة ويضم في طياته تجليا ربانيا وهيبة إلهيّة".
سادسا: كل نبيّ مؤيَّد بروح القدس بصفة عامة
يقول الميرزا في كتاب (الأربعين)
1900 صفحة 21 بالحاشية:"من الجدير بالانتباه أنه وإن كان كلُ نبيّ يتحلى
بصفة المهدي لأن جميع الأنبياء هم تلاميذ الرحمن، وكما أن كل نبيّ مؤيَّد
بروح القدس بصفة عامة، ولكن يخصّ هذان الاسمان نبيين اثنين بوجه خاص، أي اسمُ
المهدي يخص نبينا الكريم - صلى الله عليه وسلم - أما اسم المسيح أي المؤيَّد
بروح القدس فيخص عيسى - عليه السلام - بوجه خاص. وإن كان نبينا - صلى الله عليه
وسلم - يفوقه من حيث هذا الاسم أيضًا، لأنه تعلَّم من "شديد القوى"، غير
أن مرتبة تلقّي التأييد من روح القدس التي هي أقل من "شديد القوى"
مرتبةً فتخص المسيحَ على وجه خاص. وهاتان الصفتان أو الميزتان مذكورتان في القرآن
الكريم حيث سمَّى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أميًّا وقال في حقه {عَلَّمَهُ
شَدِيدُ الْقُوَى} ووصف المسيحَ حائزا على تأييد روح القدس كما قد قال الشاعر
الفارسي ......وكان الأنبياء قد تنبأوا بأن هاتين الصفتين ستجتمعان في إمام آخر
الزمان وفي ذلك إشارة إلى أنه سيكون نصفُه إسرائيليا والنصف الآخر إسماعيليا".
سابعا: النور سيعمّ أفعال وأقوال وقوى وحواس المتقين
يقول
الميرزا في كتاب (مرآة كمالات الإسلام) 1892 صفحة 110:"إن التقوى الحقيقيّة
تكون مصحوبة بالنور كما يقول الله جلّ شأنه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ
تَتقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}
سورة الأنفال 29، ويقول أيضًا: {وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ} سورة
الحديد 28. أيْ إذا تمسكتم بصفة التقوى ورسختم عليها، سيجعل الله بينكم وبين غيركم
فرقا واضحا وهو أنكم ستُعطَون نورا تسلكون به في جميع مسالككم. بمعنى أن ذلك
النور سيعمّ أفعالكم وأقوالكم وقواكم وحواسكم. فسيكون في عقولكم نور وفي كل ما
تقولونه تقديرا نور، وفي عيونكم نور، وفي آذانكم نور وفي لسانكم نور، وفي كلامكم
نور، وفي كل حركة من حركاتكم وسكناتكم نور. والسبل التي تسلكونها ستصبح نورانيّة.
فباختصار، ستُملأ كافة قواكم وحواسكم نورا وستمشون في النور كليا. يتبين من هذه
الآية بكل جلاء أن التقوى لا يمكن أن تجتمع مع الجهل قط، غير أن فهْم
المرء وإدراكه يمكن أن يزيد أو ينقص بحسب مراتب التقوى. ومن هنا يثبت أيضًا
بأن الكرامة العظيمة والعليا التي يُعطاها الأولياء البالغون درجة الكمال من
التقوى هي أن كافة حواسهم وعقلهم وفهمهم وقياسهم يودَع نورا، وتُغسَل قوتهم
الكشفيّة بمياه النور وتُطهَّر لدرجة لا تكون في نصيب غيرهم. وتغدو حواسهم دقيقة
جدا وتُفتح عليهم الينابيع المقدسة من المعارف والحقائق، ويجري فيض سائغ من الله
تعالى في كل ذرة من كيانهم مجرى الدم".
التعليق:
هذا للأولياء، فما بالنا بالأنبياء!
ثامنا: كلمة "المهديّ" تعني ألا يكون في علوم الدين
تلميذًا أو مريدًا لأحد من الناس، وأن يتربى على الدوام في كنف التجلي الخاص للتعليم اللدنيّ
الذي هو فوق كل تمثل لروح القدس، فإذا كان أمر الميرزا غلام بهذه الكيفية، فلا
يُقبل أن يكون الميرزا حينما قال بحياة سيدنا عيسى عليه السلام في السماء؛ أنه
تعلم هذه العقيدة من المشايخ أو من عموم المسلمين.
يقول الميرزا في كتاب (الأربعين)
1900 صفحة 24 بالحاشية: "ينشأ هنا التباس في الظاهر أن المهدي هو الآخر ينال
الهدى عن طريق روح القدس أيضًا، فجوابه أن من مدلول كلمة "المهدي" أن
لا يكون في علوم الدين تلميذا أو مريدا لأحد من الناس، وأن يتربى على الدوام في
كنف التجلي الخاص للتعليم اللدني الذي هو فوق كل تمثل لروح القدس، وهذا التعلم
من الصفة المحمديّة وإلى ذلك تشير آية: عَلْمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) (النجم: (6)
وإلى دوام هذا الفيض وكونه غير منقطع تُشير آيةُ: مَا يَنْطِقُ عَنِ
الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (النجم: 4-5)، أما كلمة
"المسيح" فتدل على أن روح القدس ملازم له على الدوام، وهذه
الدرجة أقل من شديد القوى" لأن من تأثير روح القدس أنه يثبت الناس على
الطريقة بواسطة من ينزل عليه، أما "شديد القوى" فهو يصبغ قلوب الناس
بأروع صبغة للطريقة بواسطة من ينزل عليه. منه".
تاسعا: المتبعون الحقيقيون سيؤيَّدون وسيُعطى عقلُهم وفهمهم
نورا من الغيب وتُجعَل كشوفهم صافية جدا
يقول
الميرزا في كتاب (ينبوع المعرفة) 1908م صفحة 376:"...وقد وعد القرآن الكريم:
{لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (1). ووعد أيضًا: {وَأَيَّدَهُمْ
بِرُوحٍ مِنْهُ} (2)، ووعد أيضًا: {يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} (3). فقد
أعطاني كل ذلك بحسب هذا الوعد. وتعني هذه الآيات أن الذين يؤمنون بالقرآن
الكريم سيُعطَون الرؤى المبشرة والإلهامات بكثرة، وإلا يمكن لأي شخص أن يرى رؤيا
صادقة على سبيل الندرة. ولكن لا مجال للمقارنة بين القطرة والبحر، كما لا وجه
لتشبيه الملّيم بالكنز. وقال تعالى بأن المتبعين الحقيقيين سيؤيَّدون بروح
القدس، أي سيُعطى عقلُهم وفهمهم نورا من الغيب وتُجعَل كشوفهم صافية جدا.
ويوضَع في كلامهم وأعمالهم تأثير ويُقوَّى إيمانهم كثيرا. ثم قال - عز وجل - بأنه
سيضَع بينهم وبين غيرهم فرقا بيّنا، أي ستكون الأمم الأخرى كلها عاجزة أمام ما
يُعطون من المعارف دقيقة والكرامات والخوارق. فنرى أن وعد الله هذا ظل يتحقق منذ
القِدم، وأنا شاهد عيان عليه في هذا الزمن".
عاشرا: علوم مَنْ كان معلمه شديد القوى
يقول الحكيم نور الدين الخليفة
الأحمدي الأول في كتاب (حقائق الفرقان) - مجلد 4 في تفسير سورة
النجم:"{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، 1 - 5: {وَالنَّجْمِ إِذَا
هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ
هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}. ثم اسمعوا، إن علومه وتعليماته ليست نتيجة تعليم
معلّم ضعيف، وهو ليس غير مثقَّف بل إن تعليمه دليل قويّ على نبوته ورسالته، وهو
تعليم معلّم عظيم. وقد صلح هو بنفسه وحسُن بعد بلوغه أعلى مدارج التعليم.هذا
هو معنى الآيات الثلاثة بما فيها: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ
إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (تصديق البراهين الأحمدية، ص 193 - 195). هذه الصفات العليا
كانت موجودة في محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصورة أكمل. كان الله
شديد القوى قد علّمه، وقد نال لقب: {وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى} وجاء
بحقه: {يُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} (الجمعة: 3) وما قاله - صلى
الله عليه وسلم - لم يكن ناتجا عن الهوى بل كان وحيٌ يوحى. لذا ينطبق عليه
{مَا ضَلَّ} بالتمام والكمال. ولم يكن أجنبيا، فقال الله تعالى: {صَاحِبُكُمْ}.
كان - 10: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ
بِالأُفُقِ الأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ
أَدْنَى}. المبدأ العام في قانون الطبيعة هو أنه بقدر ما أنشأ شيء علاقته مع
شيء آخر يتأثر ويتحد به بالقدر نفسه. الإنعامات التي ينالها خدام مؤهّلون
ومخلصون ونشطاء لسلطان عادل بل العدْل كله والمالك والعليم والخبير، كذلك الإنعامات
والألطاف التي ينالها هؤلاء والخدام الأحباء من ذلك الملك القادر والمقدس لا يمكن
أن يناله خدام غير مؤهلين وعاطلون والمعتزون بأنفسهم والأنانييون والمزيّفون
أبدا. كلما كانت علاقة العباد مع الله أقوى كانوا أحق بالإنعامات. كلما كان
العباد كاملين مال الله إليهم بالقدر نفسه. وبقدر التقدم في العبوديّة ينال المرء
فيضا من روح القدس... كذلك تكون صفة الأنبياء والرسل وفطرتهم أن هؤلاء
الحزب المقدس وأتباعهم المخلصين يصبحون فريدين من حيث "الحب لله والبُغض
لله"، ويقدمون رضا الله - سبحانه وتعالى - على كل اعتقادهم وقولهم وفعلهم،
وبإنطاقه ينطقون وبأمره يمشون. إن رحمهم وغضبهم يكون رحم الله وغضبه. والسبب
وراء هذه الوحدة والاتحاد تكون البيعة على أيديهم والإقرار معهم هي البيعة على يد
الله والإقرار معه. لقد ذُكر الاتحاد نفسه في الآيات التالية: {إِنَّ الَّذِينَ
يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}
(الفتح: 11) و{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ} (النساء: 81)،
و{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى} (الأَنْفال: 18) وغيرها.
وإلا هم بشرٌ ويُثبتون بشريتهم وعجزهم وفقرهم قائلين: {إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ
مِثْلُكُمْ} و: وإن محمدا عبده ورسوله، و{وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا
بِكُمْ} و{وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ
الْغَيْبَ} اللهم اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم. يكونون
حائزين على القرب والدّنوّ من البارئ تعالى القدوس، وإن قوسهم يتحد مع قوس الله
كليا. وقد بيّن القرآن الكريم هذا الموضوع الجميل في سورة النجم كما يلي:
{ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى}. فكان ضروريا
بحسبما سبق بيانه أن يحصل فيض روح الحق وروح القدس بعد تحقق التقرب إلى
الله والعبوديّة التامة على عتباته. لذا قد بُيِّنت نتيجة عبوديّة سيدنا رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - من الدرجة العليا وطاعته وحبه لله وبُغضه في الله وبركاته.
(تصديق البراهين الأحمدية، ص 195 - 197)".
1-
يقول الميرزا في كتاب (مرآة كمالات الإسلام) 1892م صفحة 315: "يا أحمد، بارك الله فيك. الرحمن علّم القرآن، لتنذر قومًا ما أُنذرَ آباؤهم،
ولتستبين سبيل المجرمين. قُلْ إني أُمرتُ وأنا أول المؤمنين...ويعلمك الله من
عنده. تقيم الشريعة وتحيي الدين. إنا جعلناك المسيح بن مريم. والله يعصمك من
عنده ولو لم يعصمك الناس...".
2-
ويقول الميرزا في كتاب (الهدى والتبصرة لمن يرى) سنة 1902 صفحة
73 و74: "يقولون: ما نحن لك بمؤمنين، وقد افترقوا إلى فِرق وليسوا
بمتّفقين. واللهُ أرسل عبدًا ليحكّموه فيما شجر بينهم وليجعلوه من
الفاتحين، وليسلّموا تسليمًا ولا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضى، وذلك هو
الحَكَمُ الذي أتى، فالذين اتّبعوه في ساعة الأذى، وجاءوه بقلبٍ أتقى،
وسمعوا لعنة الخلق وخافوا لعنةً تنزل من السماوات العُلى، أولئك هم الصالحون حقًّا
وأولئك من المغفورين. أيها الناس، كنتم تنتظرون المسيح فأظهره الله كيف شاء،
فأسلِموا الوجوه لربّكم ولا تتّبعوا الأهواء. إنكم لا تُحِلّون الصيد وأنتم حُرُم،
فكيف تُحِلّون آراءكم وعندكم حَكَم (*)؟ وإن الحَكَم لرحمةٌ نزلت
للمؤمنين، ولولا الحَكَم لما زالوا مختلفين...".
وفي الحاشية (*) يقول الميرزا " إنّ الآراء المتفرّقة
تُشابه الطيرَ الطائرةَ في الهواء، والحَكَمُ يُشابه الحرمَ الآمن الذي
يُؤمِنُ من الخطاء، فكما أنّ الصيد حرام في الحرم إكرامًا لأرض الله
المقدّسة، فكذلك اتّباع الآراء المتفرّقة وأخذُها مِن أوكار القوى الدماغية
حرام مع وجود الحَكَم الذي هو معصوم وبمنزلة الحرم من حضرة العزّة، بل يقتضي
مقامُ الأدب أن تُعرَض كلُّ أمر عليه، ولا يؤخذ شيء إلا مِن يديه. منه".
ويقول في صفحة 14 من نفس الكتاب: "...وإن بلاغتي شيء يُجلى به صدأ الأذهان،
ويجلِّي مطلعَ الحق بنور البرهان، وما أنطق إلا بإنطاق الرحمان...".
3-
ويؤكد الميرزا عصمته، وأنّ ربه يلاش العاج عصم قلمه وكلامه من
الخطأ، وما كان للميرزا أن يكتب حرفًا لولا عونُ حضرة الكبرياء يقول الميرزا في كتاب (إعجاز المسيح) 1901م صفحة 100: "وهذا آخر ما أردنا في هذا الباب، بتوفيق الله الراحم الوهاب. فالحمد لله على
هذا التوفيق والرِفاء، وكان مِن فضله أنّ عَهْدَنا قُرِنَ بالوفاء، وما كان
لنا أن نكتب حرفًا لولا عونُ حضرة الكبرياء. هو الذي أَرَى الآياتِ، وأنزل
البيّناتِ، وعصم قلمي وكَلِمي من الخطأ".
4-
وقد تكلم الميرزا على عصمة الصالحين معتبرًا نفسه منهم، يقول
الميرزا في كتاب
(حمامة البشرى) 1894م صفحة 5 و6: "فأوصيك أن لا تمارهم، ولا تخالف قولهم بفهم
أنحَلَ، وعقلٍ أقحَلَ، ولن تبلغ أفهامهم وعلومهم، ولو كان عندك جبل من
الكتب، فإنهم يؤتون علمًا وفهمًا من لدن ربهم، وتنور أفهامهم، وتصفى عقولهم،
وتوسع مداركهم ويعصمهم يد الرب من مزلة...".
5-
ويقول الميرزا في كتاب (نور الحق) 1894م صفحة 192: "ووالله إنّي لست من العلماء ولا من أهل الفضل والدهاء، وكل ما أقول من
أنواع حسن البيان أو تفسير القرآن، فهو من الله الرحمن. وكل ما أخطأت فهو
مني، وكل ما هو حق فهو من ربي. وإن ربي أرواني من كأس العرفان، ومع
ذلك ما أبرئ نفسي من السهو والنسيان، وإن الله لا يتركني على خطأ طرفة عين،
ويعصمني من كل مين، ويحفظني من سبل الشياطين".
6-
ويقول في صفحة 14: "...وإن بلاغتي شيء يُجلى به صدأ الأذهان، ويجلِّي مطلعَ
الحق بنور البرهان، وما أنطق إلا بإنطاق الرحمان...".
7- ويقول الميرزا في كتاب (مكتوب أحمد) 1896 صفحة 9: "فإن أولياء الله يعصمون من كل زيغ وميل ولا يشوب معينهم غثاء سيل،
وتحفظهم عين الله من طرق الضالين".
تعليقات
إرسال تعليق