قصة سيدنا إبراهيم و الذبح العظيم
تفنيد الإدعاء بسوء فهم الأنبياء للوحي من ربهم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد ...
يدعي القاديانيون (الأحمديون) الذين يؤمنون بأن هناك رسول هندي و الذي مات سنة 1908 م أتى بعد سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم أنه قد حدث سوء فهم أو خلط لبعض الأنبياء في فهم الوحي إليهم من الله تعالى أو في تأويل بعض الرؤيا التي يرونها باعتبار أن رؤيا الأنبياء حق و أنها من الله سبحانه و تعالى من أجل التغطية على خيبة نبيهم الكذاب .
و ذكروا أمثلة لذلك للأنبياء مثل سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم في قصة الحديبية و قصة إبن صياد و سيدنا إبراهيم في رؤياه أنه يذبح إبنه إسماعيل و سيدنا نوح مع إبنه و سيدنا يوسف في رؤياه للكواكب و هكذا .
و لبيان فساد هذه الإدعاءات ينبغي التفرقة بين ألفاظ عديدة حيث أن الخلط بينهم أدى إلى سوء الفهم .للقاديانيين .
هذه الألفاظ هي (العلم ) و (سوء أو عدم الفهم) و (الإجتهاد)
1- أمّا العلم فهو أن يعلم النبي أو الرسول علما يقينيا في مسألة معينة من الله سبحانه و تعالى بوحي أو برؤيا بحيث لا يكون هناك مجالا للظن أو الإجتهاد .
2- و أما الإجتهاد فهو أن تختار بين أمرين أو أكثر بحسب القدر المتاح لك من العلم .
أما في حالة الأنبياء فلا يصح لهم الإجتهاد طالما توفر لديهم العلم اليقيني من الله سواء بوحي أو رؤيا.و انما يجتهد في ما ليس فيه علم من الله سبحانه و تعالى , شأنهم شأن بقية البشر في الإجتهاد .
3- و أما سوء الفهم أو عدم الفهم فهو عدم إدراك النبي للمقصود من الوحي سواء بالوحي المباشر أو بالرؤيا
و في حالة الأنبياء لا يصح و لا يجب في حقهم أي سوء أو عدم فهم عن الله على الإطلاق لأن المسئول عن إيصال الوحي سواء وحي مباشر أو غير مباشر أو رؤيا هو الله سبحانه و تعالى فإذا حدث سوء فهم من النبيّ لمراد الله تعالى فإما أن الله تعالى – وحاشاه – قد عجز عن تفهيم النبيّ الرسالة التي يجب إبلاغها للبشر و من يعتقد ذلك كافر , و إما أن الله تعالى – وحاشاه – قد أساء إختيار النبيّ , و اختار نبيا غبيا لا يفهم كلام الله سبحانه و تعالى له و من يعتقد ذلك كافر أيضاً .
و أضيف أنه إذا كان من إيماننا أن الأنبياء معصومون في مسائل كثيرة و من ضمنها التبليغ عن الله تعالى , بل هو أول ما يستحق أن يوصف بالعصمة , فلا يقبل أن لا يكون معصوما في مسألة هي أصل وجوده و سبب إختياره من الله تعالى لإبلاغ الناس ما يراه الله تعالى واجب التبليغ لهم , فكيف يُتَصَوَر أن الأنبياء قد يفهمون وحي الله تعالى لهم بغير المراد من البلاغ سواء في الأمور الشرعية أو الأمور الغيبية المستقبلية , فمن قال من القاديانيين أن النبيّ قد لا يفهم الخبر الغيبي المستقبلي بحسب مراد الله تعالى و أنه يؤمن به على سبيل الإجمال و يترك التفصيل لعلم الله تعالى , قول لا أساس له من الصحة و لا يقوم عليه دليل معتبر إلا من الخيالات و الظنون , فلا يجب الإستدلال فيما يخص نزاهة الأنبياء و عصمتهم إلا بأعلى مستوى من الأدلة اليقينية القطعية سواء بالثبوت أو بالدلالة , لأن الإنباء بالغيب هو من أخص أدلة صدق النبيّ فلا بد من مطابقة وحي الأنبياء في الأمور الغيبية بما فُهِمَ منهم و كان متبادرا من كلامهم وقت الإبلاغ للناس بالنبوءة بما يقع لإثبات صدق النبيّ و إلا فهو دجال , و إذا كان في كلام النبيّ للناس ما يُحتمل فيه الإستعارة و المجاز و كان من المُحتمل أن يفهم الناس خلاف ذلك , فإن النبيّ يبادر بالتوضيح , كما قال سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم للمرأة العجوز ما معناه "لا يدخل الجنة عجوز " فلما بكت , عرف سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم أنها لم تفهم مقصوده فأسرع بالبيان لها , أن كل من في الجنة يعيده الله تعالى لشبابه فلا يكون فيها عجوز , و الأمثلة على ذلك كثيرة و سيأتي في حينه إن شاء الله تعالى .
و نعود إلى التهم الملقاة على المعصومين أنبياء الله سبحانه و تعالى
قصة سيدنا إبراهيم و الذبح العظيم
و من ضمن أقوال القاديانيين [الأحمديين] الضالة في هذا النحو هو القول بأن سيدنا إبراهيم عليه الصلاة و السلام قد أخطأ في فهم الرؤيا بأنه يذبح ابنه اسماعيل عليه السلام و أن التأويل الصحيح هو إما الاشارة الى ترك ابراهيم لإبنه و السيدة هاجر في صحراء مكة في الماضي و إما أن يكون التأويل الصحيح هو سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام .و أنه هو الذبيح و ليس سيدنا إسماعيل و لا الكبش .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد ...
يدعي القاديانيون (الأحمديون) الذين يؤمنون بأن هناك رسول هندي و الذي مات سنة 1908 م أتى بعد سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم أنه قد حدث سوء فهم أو خلط لبعض الأنبياء في فهم الوحي إليهم من الله تعالى أو في تأويل بعض الرؤيا التي يرونها باعتبار أن رؤيا الأنبياء حق و أنها من الله سبحانه و تعالى من أجل التغطية على خيبة نبيهم الكذاب .
و ذكروا أمثلة لذلك للأنبياء مثل سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم في قصة الحديبية و قصة إبن صياد و سيدنا إبراهيم في رؤياه أنه يذبح إبنه إسماعيل و سيدنا نوح مع إبنه و سيدنا يوسف في رؤياه للكواكب و هكذا .
و لبيان فساد هذه الإدعاءات ينبغي التفرقة بين ألفاظ عديدة حيث أن الخلط بينهم أدى إلى سوء الفهم .للقاديانيين .
هذه الألفاظ هي (العلم ) و (سوء أو عدم الفهم) و (الإجتهاد)
1- أمّا العلم فهو أن يعلم النبي أو الرسول علما يقينيا في مسألة معينة من الله سبحانه و تعالى بوحي أو برؤيا بحيث لا يكون هناك مجالا للظن أو الإجتهاد .
2- و أما الإجتهاد فهو أن تختار بين أمرين أو أكثر بحسب القدر المتاح لك من العلم .
أما في حالة الأنبياء فلا يصح لهم الإجتهاد طالما توفر لديهم العلم اليقيني من الله سواء بوحي أو رؤيا.و انما يجتهد في ما ليس فيه علم من الله سبحانه و تعالى , شأنهم شأن بقية البشر في الإجتهاد .
3- و أما سوء الفهم أو عدم الفهم فهو عدم إدراك النبي للمقصود من الوحي سواء بالوحي المباشر أو بالرؤيا
و في حالة الأنبياء لا يصح و لا يجب في حقهم أي سوء أو عدم فهم عن الله على الإطلاق لأن المسئول عن إيصال الوحي سواء وحي مباشر أو غير مباشر أو رؤيا هو الله سبحانه و تعالى فإذا حدث سوء فهم من النبيّ لمراد الله تعالى فإما أن الله تعالى – وحاشاه – قد عجز عن تفهيم النبيّ الرسالة التي يجب إبلاغها للبشر و من يعتقد ذلك كافر , و إما أن الله تعالى – وحاشاه – قد أساء إختيار النبيّ , و اختار نبيا غبيا لا يفهم كلام الله سبحانه و تعالى له و من يعتقد ذلك كافر أيضاً .
و أضيف أنه إذا كان من إيماننا أن الأنبياء معصومون في مسائل كثيرة و من ضمنها التبليغ عن الله تعالى , بل هو أول ما يستحق أن يوصف بالعصمة , فلا يقبل أن لا يكون معصوما في مسألة هي أصل وجوده و سبب إختياره من الله تعالى لإبلاغ الناس ما يراه الله تعالى واجب التبليغ لهم , فكيف يُتَصَوَر أن الأنبياء قد يفهمون وحي الله تعالى لهم بغير المراد من البلاغ سواء في الأمور الشرعية أو الأمور الغيبية المستقبلية , فمن قال من القاديانيين أن النبيّ قد لا يفهم الخبر الغيبي المستقبلي بحسب مراد الله تعالى و أنه يؤمن به على سبيل الإجمال و يترك التفصيل لعلم الله تعالى , قول لا أساس له من الصحة و لا يقوم عليه دليل معتبر إلا من الخيالات و الظنون , فلا يجب الإستدلال فيما يخص نزاهة الأنبياء و عصمتهم إلا بأعلى مستوى من الأدلة اليقينية القطعية سواء بالثبوت أو بالدلالة , لأن الإنباء بالغيب هو من أخص أدلة صدق النبيّ فلا بد من مطابقة وحي الأنبياء في الأمور الغيبية بما فُهِمَ منهم و كان متبادرا من كلامهم وقت الإبلاغ للناس بالنبوءة بما يقع لإثبات صدق النبيّ و إلا فهو دجال , و إذا كان في كلام النبيّ للناس ما يُحتمل فيه الإستعارة و المجاز و كان من المُحتمل أن يفهم الناس خلاف ذلك , فإن النبيّ يبادر بالتوضيح , كما قال سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم للمرأة العجوز ما معناه "لا يدخل الجنة عجوز " فلما بكت , عرف سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم أنها لم تفهم مقصوده فأسرع بالبيان لها , أن كل من في الجنة يعيده الله تعالى لشبابه فلا يكون فيها عجوز , و الأمثلة على ذلك كثيرة و سيأتي في حينه إن شاء الله تعالى .
و نعود إلى التهم الملقاة على المعصومين أنبياء الله سبحانه و تعالى
قصة سيدنا إبراهيم و الذبح العظيم
و من ضمن أقوال القاديانيين [الأحمديين] الضالة في هذا النحو هو القول بأن سيدنا إبراهيم عليه الصلاة و السلام قد أخطأ في فهم الرؤيا بأنه يذبح ابنه اسماعيل عليه السلام و أن التأويل الصحيح هو إما الاشارة الى ترك ابراهيم لإبنه و السيدة هاجر في صحراء مكة في الماضي و إما أن يكون التأويل الصحيح هو سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام .و أنه هو الذبيح و ليس سيدنا إسماعيل و لا الكبش .
و التالي هو بيان بالمعنى الصحيح لكلمة " صدَّقت
الرؤيا " [بتشديد الدال ] و التي قالها الله سبحانه و تعالى في حق سيدنا إبراهيم عليه السلام كما في كتاب الله و كتاب (لسان العرب) و
التفاسير المشهورة بما فيها التفسير
المعتمد للأحمديين القاديانيين أتباع مدعي النبوة الميرزا الهندي لأن هذه الكلمة
تثبت صحة فهم سيدنا ابراهيم عليه الصلاة و السلام للرؤية ول م يكن هناك ثمة خطأ و
أن هذه الرؤيا ما احتاجت للتأويل , بل للتحقيق لأنه من الرؤى التي هي مثل فلق
الصبح .
أولا :معجم لسان العرب
ولقد صَدَّقَ عليهم إبليسُ ظنَّه فمعناه أَنه حقق ظنه حين قال ولأُضِلَّنَّهم)
( والمُصَدِّقُ الذي يُصَدِّقُك في حديثك ) انتهى النقل من لسان العرب .
و بالتالي المصدِّق [بتشديد الدال ] معناه الذي يقر بصحة كلامك آو يؤمن به و قد يعمل أو لا يعمل به فإن كان مؤمنا عمل بما علم به و آمن به و إن كان كافرا فقد يتعدى الى العكس و الله يقول في حق الكفار " قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ " (33) سورة الأنعام
ثانيا :التفسير الكبير القادياني:
يقول صاحب التفسير الكبير في تفسير سورة الليل الصفحة 81 ( ان صدّق بالحسنى تشير إلى صحة التصديق الذي هو وثيق الصلة بالفكر و يقول أيضا صدّق الأمور الحسنة و هذا يشير إلى صحة الأفكار )
و يقول صاحب التفسير الكبير في تفسير سورة الليل الصفحة 84 ( إن الذي صدَّق بالحسنى تعني أن يظل المؤمن في إصلاح افكاره ساعيا الى إعتناق أصح العقائد ) انتهى النقل
و بالتالي معنى التصديق هو الإقرار بصحة الأفكار و الإعتقاد و العمل بما يقتضيه هذا الإعتقاد الذي صدقه.
ثالثا : تفسير مفاتيح الغيب للامام فخر الدين الرازي
قال المفسرون لمّا أضجعه للذبح نودي من الجبل أَن ياإِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا قال المحققون السبب في هذا التكليف كمال طاعة إبراهيم لتكاليف الله تعالى فلما كلفه الله تعالى بهذا التكليف الشاق الشديد وظهر منه كمال الطاعة وظهر من ولده كمال الطاعة والإنقياد لا جرم قال قد صدّقَّت [بتشديد الدال ] الرؤيا يعني حصل المقصود من تلك الرؤيا .انتهى النقل.
أي آمنت بأن الرؤيا المنامية وحي من الله تعالى ثم قمت لتنفيذها مع ما فيها من مشقة عليك يا ابراهيم .
رابعا : تفسير القرطبي
وقوله تعالى : {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا } : أي حققت ما نبهناك عليه ، وفعلت ما أمكنك ثم امتنعت لما منعناك. هذا أصح ما قيل به في هذا الباب
و مما سبق من خلال معجم لسان العرب و مفاتيح الغيب و القرطبي و التفسير الكبير أن كلمة صدّق بتشديد الدال تعني التحقق و الإقرار بأن المشار إليه صحيح و دقيق أي صدَّقَ بتشديد الدال = تحقيق صحة و دقة المشار إليه و العمل بمقتضاه.
و بالتالي عندما يقول الله سبحانه و تعالى لسيدنا ابراهيم عليه الصلاة و السلام " قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا" أي حصل و تحقق المقصود فكرا و اعتقادا و عملا .
أما مسألة ان الذبح العظيم هو سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام فهذا كلام من غير دليل.
أيضا الميرزا غلام أحمد القادياني يقول أن التأويل الصحيح لرؤيا ابراهيم هي ذبح الكبش كما في في كتاب (التبليغ ) صفحة (49) .
و إليكم الآيات الدالة على المعنى الذي قلته لكم لكلمة صدّق بتشديد الدال و سترى أن المعنى متفق تماما مع لسان العرب و التفاسير.
{قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33) وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ } [القصص: 33، 34]
أي يقر بصحة ما أقول لهم و يعمل معي.
{وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20) وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ } [سبأ: 20، 21]
أي أثبتَ صحة أفكاره عنهم و قام بعمل اللازم معهم فثبت صحة ما قال فكرا و عملا.
{إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (36) بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ } [الصافات: 35 - 37]
أي أثبت صحة مقالة المرسلين بالإيمان بالله سبحانه و تعالى و الآخرة وغيره من أصول الإيمان و لم يخالفهم في الأصول .
{وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ } [التحريم: 12]
أي آمنت بالرسل و الأنبياء و بالكتب السابقة عليها مثل التوراة و غيرها فكرا و عملا .
{وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ } [الصافات: 104 - 107]
أي أثبتَ صحة إيمانك و اعتقادك بالإيمان بأن الرؤيا وحي من الله تعالى و لِمَا في الرؤيا و لم تشك فيها بالرغم مما فيها من مشقة و أهوال بل و قمت بتنفيذ ما فيها .
{وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ } [المعارج: 24 - 27]
أي يقرون به قولا و عملا.
{يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ } [الصافات: 52، 53]
أي هل أنت من المعتقدين قولا و عملا بهذا الكلام ؟
{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (32) وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ } [الزمر: 32 - 34]
أي أقره و اعتقده و عمل بمقتضاه.
{فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ } [آل عمران: 39]
أي يقر و يؤمن بكلمة الله عيسى بن مريم عندما يلاقيه .
و الآن نشرح النص القرآني الوارد فيه قصة رؤية سيدنا إبراهيم عليه السلام
و إليكم الآيات و بيان فساد ما ذهبوا إليه
في سورة الصافات
"وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101
[ابراهيم بدوي : أي أن ما سيأتي الحديث عنه زمنه بلوغ ابنه السعي معه و ليس و هو رضيعا ]
( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ " (102) سورة الصافات
[ابراهيم بدوي : و هذا يفيد انه لم يره أنه قد ذبحه بالفعل و انتهى الأمر بل عملية الذبح مستمرة و لم ينتهي و لتكرار الرؤيا كأنه يحاول الذبح و لا يستطيع ذبحه فلو كان قد ذبحه لقال إني ذبحتك (في الماضي) فما قيمة التأويل برؤيا حالية لفعل حدث في الماضي و انتهى الأمر فقد يأتي التأويل متأخر لرؤيا مناميه في الماضي أما التأويل بأن الفداء كان سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام فهو بلا دليل , فأي واحد من الممكن ان يقول ما يشاء من غير دليل و العبرة بالذي يؤيد كلامه بالدليل الصحيح المعتبر و اذا لم يكن عنده دليل من كتاب أو سنة فكلامه لا يلزم الا نفسه و لا يلزم غيره و ينطبق عليه قول الرسول سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام " من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار " و قال " إن الله لا ينتزع العلم من الناس انتزاعا . ولكن يقبض العلماء فيرفع العلم معهم . ويبقى في الناس رؤوسا جهالا . يفتونهم بغير علم . فيضلون ويضلون " و قد قال نبيكم الميرزا الهندي أنه يعرض كلامه على القرآن و السنة الصحيحة فما توافق معهما قال به و ما لم يتوافق رده فأين دليلكم على ما تقولون أن الذبيح العظيم هو سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام ؟.]
(فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى ) (102) سورة الصافات
[ابراهيم بدوي : و هذا يفيد أن سيدنا إبراهيم عليه الصلاة و السلام يسأل ابنه عن رأيه في تنفيذ هذه الرؤيا فلو كان تأويل الرؤيا كما يدعي البعض هو ما فعله سيدنا إبراهيم في الماضي عندما ترك سيدنا إبراهيم هاجر و سيدنا إسماعيل في صحراء مكة و كان سيدنا إسماعيل طفلا رضيعا لكان قال سيدنا ابراهيم انظر يا اسماعيل هذه الرؤيا تأويل لواقعة ترككم انت و امك في الصحراء و لكنكم تفرضون أن اسماعيل ايضا أخطأ في فهم الرؤيا ]
(قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ )(102) سورة الصافات
[ابراهيم بدوي : سيدنا إسماعيل يشير على أبيه أن يفعل ما يؤمر أي ما أمره الله سبحانه و تعالى به في الرؤيا فكيف من الممكن أن تكون الرؤيا اشارة و تأويل لفعل حدث في الماضي كما يقول البعض فالرؤيا انباء بغيب سوف يحدث مستقبلا ]
(قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) (102) سورة الصافات
[ابراهيم بدوي : الصابرين على ماذا ؟ إن لم يكن على الذبح! فهل يصبر على الترك في الصحراء و هو رضيع ؟ و بالتالي هو أيضا سيدنا اسماعيل عليه الصلاة و السلام فهم ما فهمه سيدنا إبراهيم إلا إذا قلتم انه هو أيضا أخطأ في فهم الرؤيا مثل أبيه و انتم فقط الذين تفهمون الرؤيا ]
(فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ) (104) سورة الصافات
[ابراهيم بدوي : السياق و التتابع يفرض علينا و يدفعنا أن نقول:
إن القول بأن سيدنا إبراهيم قد صدَّق [بتشديد الدال] الرؤيا عندما اسلما هو و ابنه و تل ابنه للجبين أي أنه أثبت كمال إيمانه بأن الرؤيا وحي من الله تعالى و قد قام لتحقيقها , و لكن ما الدليل و ما الدافع الذي يجعلنا نفرض أن الرؤيا كان التأويل الصحيح لها و الذي أخطأ فيه سيدنا إبراهيم هو انه تركهما في الصحراء أو أن التأويل الصحيح هو أن الذبيح هو سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام ؟]
(قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) (107) سورة الصافات
[ابراهيم بدوي : و السؤال الأول : هل فدى الله سبحانه و تعالى سيدنا إسماعيل بالذبح العظيم لأن سيدنا إبراهيم تركه و أمه في الصحراء ؟ أم لأن سيدنا إبراهيم و ابنه أسلما لأمر الله سبحانه و تعالى بالذبح ؟
و السؤال الثاني : لماذا لم يفدي الله سبحانه و تعالى هاجر أيضا و قد تركها سيدنا إبراهيم أيضا و الله سبحانه و تعالى يقول" فديناه " و لم يقل و فديناهما بذبح عظيم ]
إن الفعل الماضي يدل على أن الحدث قد تم و اكتمل بينما الفعل المضارع يدل على الإستمرار و التجدد و عم إنتهاء الحدث , فاذا تم الحدث عبرعنه بالفعل الماضي , فالله سبحانه و تعالى عبر عما يحدث في الرؤيا بالفعل المضارع و لم يعبر عنه بالفعل الماضي .
إذن , سيدنا ابراهيم عليه السلام لم يذبح ابنه في الرؤيا بل كان يحاول باستمرار , و هذا هو ما حدث في الواقع تماما لقد حاول سيدنا ابراهيم عليه السلام الذبح و لكنه لم يتم و لم يمكّنه الله تعالى من الذبح في الواقع كما لم يمكنه من الذبح في الرؤيا , و عليه فالرؤيا مطابقة للواقع تماما و لا تأويل فيها , و أما مسألة الذبح العظيم , فسواء كان كبشا أو غيره مما يمكن ذبحه فلم يرد – بحسب علمي- بحديث صحيح أنه كبش و بالتالي لا يصح التحديد بيقين , و لكنه هو فداء بما يذبح بلا شك , و أمّا من قال بأنه كبش فمنهم الميرزا الهندي نفسه و لا نجد من القاديانيين من يعتب على الميرزا الهندي لمّا قال ذلك , و لكنه يهزأ من المسلمين من قال منهم أنه كبش , فواجب علي القاديانيين توجيه سهام اللوم لنبيهم الميرزا الهندي أولا .
و أما بالنسبة للفعل الماضي و المضارع و أهميتهما في فهم رؤية سيدنا ابراهيم عليه السلام , فأنا أحتكم إلى ما أحتكم إليه الميرزا الهندي بالفارق بين الفعل الماضي و المضارع في الإستدلال و الإحتكام إلى النحو و الصرف لبيان المعنى الصحيح لمقصود الله تعالى من كلامه , فقد استدل الميرزا الهندي بالفعل الماضي لإثبات موت عيسى عليه السلام من الآية "فلما توفيتني " بأنه بالفعل الماضي مما يفيد – كما هو يقول – أن سيدنا عيسى عليه السلام قد مات من خلال فهم مدلول الفعل الماضي في الآية يقول الميرزا الهندي في كتاب"مكتوب احمد"/1896 م ص 34
"... فإنه نصٌّ صريح على أن عيسى مات في سابق الزمان , لا أنه يموت في حين من الأحيان , فإن الصيغة تدل على الزمن الماضي , و الصرف ههنا كالقاضي. "
و الإستغراب هنا : هل هناك من يقول بعدم موت عيسى عليه السلام قبل يوم القيامة؟
و هنا أنا أعيد و أطالب الميرزا الهندي و أتباعه بإستخدام نفس الميزان و القاضي في النحو و الصرف في قصة رؤيا سيدنا ابراهيم و محاولته ذبح ابنه سيدنا اسماعيل عليهما السلام , حيث ورد النص في الرؤيا بالفعل المضارع و ليس بالماضي , مما يدل على محاولات الذبح المتكررة من غير إتمامها , فلو تمت لقال سيدنا ابراهيم عليه السلام " يا بني إني أرى في المنام أني ذبحتك" و لكن سيدنا ابراهيم عليه السلام لم يقل هذا و قال "أذبحك" و بالتالي لم يتم الذبح كما حدث بالضبط في الواقع لمّا حاول سيدنا ابراهيم عليه السلام ذبح ابنه عليه السلام , و بالتالي كانت الرؤيا مطابقة للواقع , و لا يوجد أي شبهة مخالفة أوعدم فهم للرؤيا من المعصوم سيدنا ابراهيم عليه السلام .
أولا :معجم لسان العرب
ولقد صَدَّقَ عليهم إبليسُ ظنَّه فمعناه أَنه حقق ظنه حين قال ولأُضِلَّنَّهم)
( والمُصَدِّقُ الذي يُصَدِّقُك في حديثك ) انتهى النقل من لسان العرب .
و بالتالي المصدِّق [بتشديد الدال ] معناه الذي يقر بصحة كلامك آو يؤمن به و قد يعمل أو لا يعمل به فإن كان مؤمنا عمل بما علم به و آمن به و إن كان كافرا فقد يتعدى الى العكس و الله يقول في حق الكفار " قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ " (33) سورة الأنعام
ثانيا :التفسير الكبير القادياني:
يقول صاحب التفسير الكبير في تفسير سورة الليل الصفحة 81 ( ان صدّق بالحسنى تشير إلى صحة التصديق الذي هو وثيق الصلة بالفكر و يقول أيضا صدّق الأمور الحسنة و هذا يشير إلى صحة الأفكار )
و يقول صاحب التفسير الكبير في تفسير سورة الليل الصفحة 84 ( إن الذي صدَّق بالحسنى تعني أن يظل المؤمن في إصلاح افكاره ساعيا الى إعتناق أصح العقائد ) انتهى النقل
و بالتالي معنى التصديق هو الإقرار بصحة الأفكار و الإعتقاد و العمل بما يقتضيه هذا الإعتقاد الذي صدقه.
ثالثا : تفسير مفاتيح الغيب للامام فخر الدين الرازي
قال المفسرون لمّا أضجعه للذبح نودي من الجبل أَن ياإِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا قال المحققون السبب في هذا التكليف كمال طاعة إبراهيم لتكاليف الله تعالى فلما كلفه الله تعالى بهذا التكليف الشاق الشديد وظهر منه كمال الطاعة وظهر من ولده كمال الطاعة والإنقياد لا جرم قال قد صدّقَّت [بتشديد الدال ] الرؤيا يعني حصل المقصود من تلك الرؤيا .انتهى النقل.
أي آمنت بأن الرؤيا المنامية وحي من الله تعالى ثم قمت لتنفيذها مع ما فيها من مشقة عليك يا ابراهيم .
رابعا : تفسير القرطبي
وقوله تعالى : {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا } : أي حققت ما نبهناك عليه ، وفعلت ما أمكنك ثم امتنعت لما منعناك. هذا أصح ما قيل به في هذا الباب
و مما سبق من خلال معجم لسان العرب و مفاتيح الغيب و القرطبي و التفسير الكبير أن كلمة صدّق بتشديد الدال تعني التحقق و الإقرار بأن المشار إليه صحيح و دقيق أي صدَّقَ بتشديد الدال = تحقيق صحة و دقة المشار إليه و العمل بمقتضاه.
و بالتالي عندما يقول الله سبحانه و تعالى لسيدنا ابراهيم عليه الصلاة و السلام " قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا" أي حصل و تحقق المقصود فكرا و اعتقادا و عملا .
أما مسألة ان الذبح العظيم هو سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام فهذا كلام من غير دليل.
أيضا الميرزا غلام أحمد القادياني يقول أن التأويل الصحيح لرؤيا ابراهيم هي ذبح الكبش كما في في كتاب (التبليغ ) صفحة (49) .
و إليكم الآيات الدالة على المعنى الذي قلته لكم لكلمة صدّق بتشديد الدال و سترى أن المعنى متفق تماما مع لسان العرب و التفاسير.
{قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33) وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ } [القصص: 33، 34]
أي يقر بصحة ما أقول لهم و يعمل معي.
{وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20) وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ } [سبأ: 20، 21]
أي أثبتَ صحة أفكاره عنهم و قام بعمل اللازم معهم فثبت صحة ما قال فكرا و عملا.
{إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (36) بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ } [الصافات: 35 - 37]
أي أثبت صحة مقالة المرسلين بالإيمان بالله سبحانه و تعالى و الآخرة وغيره من أصول الإيمان و لم يخالفهم في الأصول .
{وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ } [التحريم: 12]
أي آمنت بالرسل و الأنبياء و بالكتب السابقة عليها مثل التوراة و غيرها فكرا و عملا .
{وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ } [الصافات: 104 - 107]
أي أثبتَ صحة إيمانك و اعتقادك بالإيمان بأن الرؤيا وحي من الله تعالى و لِمَا في الرؤيا و لم تشك فيها بالرغم مما فيها من مشقة و أهوال بل و قمت بتنفيذ ما فيها .
{وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ } [المعارج: 24 - 27]
أي يقرون به قولا و عملا.
{يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ } [الصافات: 52، 53]
أي هل أنت من المعتقدين قولا و عملا بهذا الكلام ؟
{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (32) وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ } [الزمر: 32 - 34]
أي أقره و اعتقده و عمل بمقتضاه.
{فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ } [آل عمران: 39]
أي يقر و يؤمن بكلمة الله عيسى بن مريم عندما يلاقيه .
و الآن نشرح النص القرآني الوارد فيه قصة رؤية سيدنا إبراهيم عليه السلام
و إليكم الآيات و بيان فساد ما ذهبوا إليه
في سورة الصافات
"وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101
[ابراهيم بدوي : أي أن ما سيأتي الحديث عنه زمنه بلوغ ابنه السعي معه و ليس و هو رضيعا ]
( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ " (102) سورة الصافات
[ابراهيم بدوي : و هذا يفيد انه لم يره أنه قد ذبحه بالفعل و انتهى الأمر بل عملية الذبح مستمرة و لم ينتهي و لتكرار الرؤيا كأنه يحاول الذبح و لا يستطيع ذبحه فلو كان قد ذبحه لقال إني ذبحتك (في الماضي) فما قيمة التأويل برؤيا حالية لفعل حدث في الماضي و انتهى الأمر فقد يأتي التأويل متأخر لرؤيا مناميه في الماضي أما التأويل بأن الفداء كان سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام فهو بلا دليل , فأي واحد من الممكن ان يقول ما يشاء من غير دليل و العبرة بالذي يؤيد كلامه بالدليل الصحيح المعتبر و اذا لم يكن عنده دليل من كتاب أو سنة فكلامه لا يلزم الا نفسه و لا يلزم غيره و ينطبق عليه قول الرسول سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام " من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار " و قال " إن الله لا ينتزع العلم من الناس انتزاعا . ولكن يقبض العلماء فيرفع العلم معهم . ويبقى في الناس رؤوسا جهالا . يفتونهم بغير علم . فيضلون ويضلون " و قد قال نبيكم الميرزا الهندي أنه يعرض كلامه على القرآن و السنة الصحيحة فما توافق معهما قال به و ما لم يتوافق رده فأين دليلكم على ما تقولون أن الذبيح العظيم هو سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام ؟.]
(فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى ) (102) سورة الصافات
[ابراهيم بدوي : و هذا يفيد أن سيدنا إبراهيم عليه الصلاة و السلام يسأل ابنه عن رأيه في تنفيذ هذه الرؤيا فلو كان تأويل الرؤيا كما يدعي البعض هو ما فعله سيدنا إبراهيم في الماضي عندما ترك سيدنا إبراهيم هاجر و سيدنا إسماعيل في صحراء مكة و كان سيدنا إسماعيل طفلا رضيعا لكان قال سيدنا ابراهيم انظر يا اسماعيل هذه الرؤيا تأويل لواقعة ترككم انت و امك في الصحراء و لكنكم تفرضون أن اسماعيل ايضا أخطأ في فهم الرؤيا ]
(قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ )(102) سورة الصافات
[ابراهيم بدوي : سيدنا إسماعيل يشير على أبيه أن يفعل ما يؤمر أي ما أمره الله سبحانه و تعالى به في الرؤيا فكيف من الممكن أن تكون الرؤيا اشارة و تأويل لفعل حدث في الماضي كما يقول البعض فالرؤيا انباء بغيب سوف يحدث مستقبلا ]
(قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) (102) سورة الصافات
[ابراهيم بدوي : الصابرين على ماذا ؟ إن لم يكن على الذبح! فهل يصبر على الترك في الصحراء و هو رضيع ؟ و بالتالي هو أيضا سيدنا اسماعيل عليه الصلاة و السلام فهم ما فهمه سيدنا إبراهيم إلا إذا قلتم انه هو أيضا أخطأ في فهم الرؤيا مثل أبيه و انتم فقط الذين تفهمون الرؤيا ]
(فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ) (104) سورة الصافات
[ابراهيم بدوي : السياق و التتابع يفرض علينا و يدفعنا أن نقول:
إن القول بأن سيدنا إبراهيم قد صدَّق [بتشديد الدال] الرؤيا عندما اسلما هو و ابنه و تل ابنه للجبين أي أنه أثبت كمال إيمانه بأن الرؤيا وحي من الله تعالى و قد قام لتحقيقها , و لكن ما الدليل و ما الدافع الذي يجعلنا نفرض أن الرؤيا كان التأويل الصحيح لها و الذي أخطأ فيه سيدنا إبراهيم هو انه تركهما في الصحراء أو أن التأويل الصحيح هو أن الذبيح هو سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام ؟]
(قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) (107) سورة الصافات
[ابراهيم بدوي : و السؤال الأول : هل فدى الله سبحانه و تعالى سيدنا إسماعيل بالذبح العظيم لأن سيدنا إبراهيم تركه و أمه في الصحراء ؟ أم لأن سيدنا إبراهيم و ابنه أسلما لأمر الله سبحانه و تعالى بالذبح ؟
و السؤال الثاني : لماذا لم يفدي الله سبحانه و تعالى هاجر أيضا و قد تركها سيدنا إبراهيم أيضا و الله سبحانه و تعالى يقول" فديناه " و لم يقل و فديناهما بذبح عظيم ]
إن الفعل الماضي يدل على أن الحدث قد تم و اكتمل بينما الفعل المضارع يدل على الإستمرار و التجدد و عم إنتهاء الحدث , فاذا تم الحدث عبرعنه بالفعل الماضي , فالله سبحانه و تعالى عبر عما يحدث في الرؤيا بالفعل المضارع و لم يعبر عنه بالفعل الماضي .
إذن , سيدنا ابراهيم عليه السلام لم يذبح ابنه في الرؤيا بل كان يحاول باستمرار , و هذا هو ما حدث في الواقع تماما لقد حاول سيدنا ابراهيم عليه السلام الذبح و لكنه لم يتم و لم يمكّنه الله تعالى من الذبح في الواقع كما لم يمكنه من الذبح في الرؤيا , و عليه فالرؤيا مطابقة للواقع تماما و لا تأويل فيها , و أما مسألة الذبح العظيم , فسواء كان كبشا أو غيره مما يمكن ذبحه فلم يرد – بحسب علمي- بحديث صحيح أنه كبش و بالتالي لا يصح التحديد بيقين , و لكنه هو فداء بما يذبح بلا شك , و أمّا من قال بأنه كبش فمنهم الميرزا الهندي نفسه و لا نجد من القاديانيين من يعتب على الميرزا الهندي لمّا قال ذلك , و لكنه يهزأ من المسلمين من قال منهم أنه كبش , فواجب علي القاديانيين توجيه سهام اللوم لنبيهم الميرزا الهندي أولا .
و أما بالنسبة للفعل الماضي و المضارع و أهميتهما في فهم رؤية سيدنا ابراهيم عليه السلام , فأنا أحتكم إلى ما أحتكم إليه الميرزا الهندي بالفارق بين الفعل الماضي و المضارع في الإستدلال و الإحتكام إلى النحو و الصرف لبيان المعنى الصحيح لمقصود الله تعالى من كلامه , فقد استدل الميرزا الهندي بالفعل الماضي لإثبات موت عيسى عليه السلام من الآية "فلما توفيتني " بأنه بالفعل الماضي مما يفيد – كما هو يقول – أن سيدنا عيسى عليه السلام قد مات من خلال فهم مدلول الفعل الماضي في الآية يقول الميرزا الهندي في كتاب"مكتوب احمد"/1896 م ص 34
"... فإنه نصٌّ صريح على أن عيسى مات في سابق الزمان , لا أنه يموت في حين من الأحيان , فإن الصيغة تدل على الزمن الماضي , و الصرف ههنا كالقاضي. "
و الإستغراب هنا : هل هناك من يقول بعدم موت عيسى عليه السلام قبل يوم القيامة؟
و هنا أنا أعيد و أطالب الميرزا الهندي و أتباعه بإستخدام نفس الميزان و القاضي في النحو و الصرف في قصة رؤيا سيدنا ابراهيم و محاولته ذبح ابنه سيدنا اسماعيل عليهما السلام , حيث ورد النص في الرؤيا بالفعل المضارع و ليس بالماضي , مما يدل على محاولات الذبح المتكررة من غير إتمامها , فلو تمت لقال سيدنا ابراهيم عليه السلام " يا بني إني أرى في المنام أني ذبحتك" و لكن سيدنا ابراهيم عليه السلام لم يقل هذا و قال "أذبحك" و بالتالي لم يتم الذبح كما حدث بالضبط في الواقع لمّا حاول سيدنا ابراهيم عليه السلام ذبح ابنه عليه السلام , و بالتالي كانت الرؤيا مطابقة للواقع , و لا يوجد أي شبهة مخالفة أوعدم فهم للرؤيا من المعصوم سيدنا ابراهيم عليه السلام .
د.ابراهيم بدوي
استشاري المسالك البولية
01/01/2015
لا تنسى النص التالي :
يقول الميرزا غلام أحمد
بخصوص الالهام للملهمين و من الذي له الحق في شرح معناه و تفسيره :
" المعنى الصحيح للإلهام هو ذلك الذي يبينه الملهَم بنفسه، ولا يفوق
شرح شخص آخر أو تفسيره قط المعنى الذي يبينه الملهَم بنفسه لأن الملهَم يكون مطلعا على كيفية إلهاماته الداخلية
ويفسره مستمدا القوة الخاصة من الله - عز وجل .
أليس بيان الملهَم معنى إلهامه أو شرح المؤلف معتقدا ورد في تأليفه
أوثق عند العقل من بيانات الناس الآخرين؟ بل
يجب التأمل جيدا أنه إذا بيّن المؤلف أمرا غيبيا قبل الأوان وأعلن عن أمر بكل وضوح
فهو المسؤول عن إلهامه وشرحه، والتدخلُ في أموره إنما هو كقول أحد بأن تأليفك لا
يعني ذلك بل يعني كما فكرتُه أنا." انتهى
النقل
( اعلان رقم 43 بتاريخ 7/ 8/1887م من مجلد الاعلانات الاول للميرزا
غلام ).
تعليقات
إرسال تعليق