القائمة الرئيسية

الصفحات

مقال (032): نوعيات ومستويات الأدلة كما يراها الميرزا غلام أحمد القادياني.


مقال (032): نوعيات ومستويات الأدلة كما يراها الميرزا غلام أحمد القادياني.

http://ibrahimbadawy2014.blogspot.com.eg/2015/01/032.html

بما أنّ الميرزا غلام القادياني مدّعي النبوّة وأتباعه أعضاء الجماعة المسماة زورا و تدليسا  "الجماعة الإسلامية الاحمدية" يطالبون المخالفين لهم من المسلمين أنْ يأتوا بدليل قطعي الثبوت والدلالة على عدم موت سيدنا عيسى عليه السلام, وأنه حي في السماء.
فأطالبهم كذلك كلهم من أولهم إلى آخرهم بأنْ يأتوا
 بدليل واحد فقط لإثبات نبوة الميرزا غلام القادياني من نفس مستوى الأدلة التي يطلبونها من مخالفيهم؛ وهو الدليل قطعي الثبوت والدلالة من القُرآن والأحاديث المتواترة.
فإذا ثَبُتَتْ نبوة و رسالة الميرزا غلام بدليل واحد فقط قطعي الثبوت والدلالة يَثْبُتُ تلقائيا كل ما ادعاه الميرزا غلام, ومنه أنّ سيدنا عيسى عليه السلام مات ومدفون في كشمير – كما يدعي – ولم يُرْفَع أحد إلى السماء, ولنْ ينزل.

وإذا لم يأتي أحد منهم بمثل هذا الدليل القطعي الثبوت والدلالة على نبوة الميرزا, فَمَنْ ادعى بعد ذلك صحة نبوة الميرزا فلا حجة له, يستحق الحكم بالكفر كما أعلنت ذلك المجامع الإسلامية العالمية المختلفة.

والآن أوضِّحُ معنى التعبير"قطعي الثبوت والدلالة" بشكل مبسّط ومختصر قدر الإمكان, قبل التطرق لكلام الميرزا في بيان وتفصيل أنواع و مستويات الأدلة التي يطلبها من مخالفيه:

 "قطعي الثبوت" أي لا خلاف على ثبوت النص لصاحبه.

مثل القُرآن الكريم؛ لا خلاف بين المسلمين أنَّه قطعي الثبوت.

 أمّا بالنسبة للأحاديث الواردة في كتب الحديث مثل البخاري وغيره:

فهذه الأحاديث إمّا متواترة أو آحاد.

و الأحاديث قطعية الثبوت هي الأحاديث المتواترة وليست الآحاد.

و وَصْفُها بأنها متواترة معناه: الأحاديث التي رواها جمع من الرواة لا يقل عن أربعة في أقل تقدير, عن جمع من الرواة بنفس القدر أو أكثر في كل طبقة من طبقات الرواة بحيث يستحيل معها التواطؤ على الكذب في الرواية.

أمّا معنى "قطعي الدلالة" أي الذي لا خلاف معتبرعلى معناه وما يدل عليه.

فكل آيات القرآن الكريم قطعية الثبوت, ومنها ما هو قطعي الدلالة وما هو ظني الدلالة.

والأحاديث المتواترة  أيضا قطعية الثبوت, ومنها ما هو قطعي الدلالة, ومنها ما هو ظني الدلالة.

والأحاديث؛ كل ما هو ليس بمتواتر فيسمى أحاديث آحاد, وهي طالما ليست متواترة فهي ظنية الثبوت, ومن حيث الدلالة فمنها ما هو قطعي الدلالة وما هو ظني الدلالة.

هذا باختصار وبتصرف لتوضيح وتبسيط معنى التعبير "قطعي الثبوت وقطعي الدلالة".

ونبدأ بعون الله تعالى بعرض أقوال الميرزا غلام القادياني في بيانه نوعيات الأدلة ومستوياتها و تعريفه للدليل القطعي, وما يؤخذ به وما لا يؤخذ به بالترتيب الزمني التقريبي لتأليف كتبه:

النص الأول: 

في كتاب "الحرب المقدسة" سنة 1893 صفحة رقم 197 يقول الميرزا غلام محاورا قسيسا نصرانيا :
"إذا كان الإنسان يُعدّ صادقا بناء على الادّعاء وحده فهناك كثيرون آخرون أيضا في الدنيا يدّعون دعاوى مختلفة، فإذا كان منهم صادقٌ فليقدم أدلة صدقه وإلا لا يحق لنا ولا لك أن نصدّق حتى واحدا من المدّعين العشرة دون دليل.
ما أقوله وأكتبه بالتكرار هو أنكم لم تقدموا إلى الآن أدلة عقلية على ألوهية المسيح.
أما النبوءات المنقولة التي تقدمونها مرة بعد أخرى فليست بشيء يُعتدّ به؛ فهي متنازع فيها وتستمدون منها معنى ويستخرج الموحدون معنى آخر، ويستنبط اليهود معنى ثالثا ويستنتج المسلمون شيئا آخر، فكيف صارت قطعية الدلالة والحالة هذه؟ تعرف أيضا أن المراد من الدليل هو ما كان قطعي الدلالة ومنيرا في حد ذاته وواضحًا ومثبتًا لأمر وليس محتاجا إلى إثبات نفسه، لأن الأعمى لا يهدي الأعمى الطريقَ.
الآن أعود إلى كلامي السابق وأقول بأنك تعرف أن الإنسان بحاجة إلى الاقتناع القلبي والمعرفة التامة دائما في هذا العالَم المليء بالمفاسد. وكل شخص يريد أن تكون الأدلة التي ينوي أن يقبلها الآخرون جامعة وشاملة لدرجة استحالة الطعن فيها. وكل طالب حق حين يتذكر موته ويتصور العقوبات التي يلقاها الملحدون في حالة إلحادهم وضلالهم ترتعدُ لهولها أوصاله ويجد نفسه جائعا وظامئا لآية يطمئِّن لها وتمثِّل دليلا يستند إليه
." انتهى النقل

النص الثاني:
في كتاب "
مناظرة دلهي" لسنة 1893م صفحة رقم 245 يقول الميرزا غلام القادياني:
" يمكنكم أن تفكّروا بأنفسكم أيها المستمعون الكرام أن المعنى القطعي هو ذلك الذي لا يوجد فيه وجهٌ آخر قط، أو إذا وُجد كان باستطاعة مدّعي القطعية دحض المعنى المخالف بالأدلة الدامغة." انتهى النقل

النص الثالث:
يقول الميرزا في كتاب "تحفة بغداد" سنة 1893م صفحة 34 :
"
ولا نقبل كل ما يعارض الفرقان ويخالف بيناته ومحكماته وقصصه ولو كان امرا عقليا, أو كان من الاثار التي سماها أهل الحديث حديثا أو كان من أقوال الصحابة أو التابعين لأنّ القرآن الكريم كتاب قد ثبت تواتره لفظا لفظا وهو وحي متلو قطعي يقيني... والقرآن مخصوص بالقطعية التامة...و أما غيره من الكتب والاثار فلا يبلغ هذا المقام, ومن آثر غيره عليه فقد آثر الشك على اليقين."انتهى النقل

   النص الرابع:
يقول الميرزا في كتاب "تحفة بغداد" سنة 1893م صفحة 36:
"
ولا يرضى مسلم أن يترك القُرآن اليقيني القطعي بحديث واحد لا يبلغ إلى مرتبة اليقين.
ولو فعلنا كذلك وآثرنا الآحاد على كتاب الله لفسد الدين, وبطلت الملة ورفع الأمان وتزلزل الإيمان..
." انتهى النقل

    النص الخامس:
في كتاب "مناظرة دلهي" لسنة 1893م صفحة رقم 245 يقول الميرزا غلام القادياني:
"
فيا صاحبي، ها قد حسمتُ الموقف في الموضوع الرئيس، ولا حاجة إلى الإسهاب. إن بياناتي وبياناتك سوف تُنشر وسيحكم المنصفون بأنفسهم. بذلتَ قصارى جهدك لتجعل الآية الحمالة الأوجه التي لا يمكن تحديدها بمعنى واحد قطعيةَ الدلالة ...
و يقول أيضا :
" إن ردّ نصوص القرآن الكريم القطعية الدلالة بناء على آية واحدة ذات أوجه مختلفة ومتشابهة ليس من الأمانة في شيء
. يقول الله جلّ شأنه بأن الذين يتَّبعون المتشابهات في قلوبهم زيغ وليسوا ملتزمين بالصراط المستقيم ..."
انتهى النقل

   النص السادس:
يقول الميرزا غلام القادياني في كتابه "إتمام الحجة" صفحة رقم 60 و61:

إنّ أدلة إثبات الادّعاء [إبراهيم بدوي: أي الأدلة المطلوبة لإثبات صحة أي إدعاء] عند الحنفيين [إبراهيم بدوي: يقصد الأحناف] أربعة أنواع هم:

     الأول: قطعي الثبوت وقطعي الدلالة, وليس فيها شيئ من الضعف والكلالة مثل الآيات القرآنية الصريحة والأحاديث المتواترة الصحيحة, بشرط كونها مستغنية عن تأويلات المتؤولين ومنزهة عن تعارض وتناقض يوجب الضعف عند المحققين.

    الثاني: قطعي الثبوت ظني الدلالة, كالآيات [إبراهيم بدوي: يقصد الآيات القرآنية, فهي قطعية الثبوت وقد تكون ظنية الدلالة], والأحاديث المؤولة [إبراهيم بدوي: أي ظنية الدلالة] مع تحقق الصحة والأصالة [إبراهيم بدوي: يقصد الصحة والاصالة للاحاديث وطبعا يقصد قطعية الثبوت بالقول مع تحقق الصحة والاصالة).

   ثالثا: ظني الثبوت قطعي الدلالة كالأخبار [إبراهيم بدوي: أي الاحاديث] الآحاد [إبراهيم بدوي: أي غير المتواترة] الصريحة [إبراهيم بدوي: أي صريحة الدلالة] مع قلة القوة وشيئ من الكلالة.

    رابعا: ظني الثبوت والدلالة كالاخبار اللآحاد [إبراهيم بدوي: لأن الآحاد ظنية الثبوت] المحتملة المعاني والمشتبهة [إبراهيم بدوي:أي ظنية الدلالة].

و يكمل الميرزا قائلا:
"
لا يخفى أن الدليل القاطع القوي هو النوع الأول من الدلائل ولا يمكن من دونه اطمينان السائل.
فإن الظن لا يغني من الحق شيئا, ولا سبيل له إلى يقين أصلا
".انتهى النقل.

    النص السابع:
و
في موضع آخر من كتاب "إتمام الحجة" صفحة رقم 65 يقول الميرزا لأحد مخالفيه:

     "يا منْ ترَك الصدقَ ومانَ، قد نبذتَ الفرقان، ولا تعلم إلا الهذيان، وتمشي كالعمين، لا تعلم إلا الاختراق في مسالك الزور، والانصلات في سكك الشرور، ولا تتقي براثن الأسد وتسعى كالعُمي والعُور، وإنّا كشفنا ظلامك، ومزّقنا كلامك، وستعرف بعد حين.
أتؤمن بحياة المسيح كالجهول الوقيح, وتحسبه كأنّه استُثْنِيَ من الأموات, وما أقمت عليه دليل من البينات والمحكمات, [إبراهيم بدوي: يقصد الأدلة القطعية من القُرآن] ولا من الأحاديث المتواترة من خير الكائنات, فكذبتَ في دعوى الإثبات وباعدت عن أصول الفقه يا أخا الترهات. أيها الجهول العجول, المخطئ المعذول, قِفْ وفكِّرْ برزانة الحصاة, ما أوردت دليلا على دعوى الحياة, وما اتبعتَ إلا الظنيات بل الوهميات. ونتيجة الأشكال لا يزيد على المقدمات, فإذا كانت المقدمتان ظنيتين, فالنتيجة ظنية, كما لا يخفى على ذوي العينين." انتهى النقل

النص الثامن: 
في كتاب "
حقيقة الوحي" لسنة 1905 صفحة 47 يقول الميرزا في الهامش:
 "
أعلموا أنَّه لا يثبت بآية قطعية الدلالة أو حديث صحيح مرفوع متصل أن عيسى قد رفع في الحقيقة إلى السماء حيًا بجسده المادي.
والذي لم يثبت رفعه, فالأمل في عودته أمل فارغ.
عليكم أن تثبتوا أولا صعود عيسى عليه السلام إلى السماء بآية قطعية الدلالة أو حديث صحيح متصل مرفوع, وإلا فالعداوة بغير دليل عمل بعيد عن التقوى
" انتهى النقل

    النص التاسع:
في كتاب "
حقيقة الوحي" لسنة 1905م و منشور سنة 1907م صفحة 118 يقول الميرزا لمخالفيه:
"
وما دام الله جل شأنه قد أناط النجاة باتباع النبيّ عليه الصلاة والسلام فمن عدم الإيمان الإعراض عن هذه الآيات قطعية الدلالة, والسعي إلى المتشابهات.
ولا يخوض في المتشابهات إلا الذين أصيبت قلوبهم بمرض النفاق
" انتهى النقل

   

خلاصة ما سبق من كلام الميرزا غلام من إقرارات :

1.    الإنسان بحاجة إلى الاقتناع القلبي والمعرفة التامة دائما في هذا العالَم المليء بالمفاسد.

2.    كل شخص يريد أن تكون الأدلة التي ينوي أن يقبلها الآخرون جامعة وشاملة لدرجة استحالة الطعن فيها.

3.    على المدعي الصادق أن يقدم أدلة صدقه.

4.    لا يحق لأحد تصديق مدَّعي بغير دليل.

5.    النصوص محتملة الفهم بأكثر من معنى لا تعد قطعية.

6.    المراد من الدليل هو ما كان قطعي الدلالة أي ليس له إلا معنى ووجه واحد فقط, و إذا وُجد له معنى آخر؛ كان باستطاعة مدّعي القطعية دحض المعنى المخالف بالأدلة الدامغة.
و يكون الدليل القطعي
منيرا في حد ذاته وواضحا ومثبتًا لأمر وليس محتاجا إلى إثبات نفسه.

7.    عدم قبول ورفض نصوص مثل الأحاديث, ليس لمجرد أنها تخالف القرآن, بل لمخالفتها بيّنات ومحكمات القرآن؛ أي الآيات قطعية الدلالة.
وبالتالي أفهمُ من كلام الميرزا أنّ النصوص التي تخالف دلالة ظنية لآيات القرآن فلا يحكم عليها بالرفض.

8.    ليس من الأمانة رد نصوص القرآن قطعية الدلالة بآية ذات أوجه مختلفة ومتشابهة, ومن يفعل ذلك ففي قلوبهم زيغ وليسوا ملتزمين بالصراط المستقيم.

9.    عدم وجود قطعية الثبوت أو الدلالة أو كلاهما للنصوص تجعل النص ظنيّ, والظن لا يغني من الحق شيئا.

10.   من عدم الإيمان الإعراض عن الآيات قطعية الدلالة, والسعي إلى المتشابهات, ولا يخوض في المتشابهات إلا الذين أصيبت قلوبهم بمرض النفاق ومَنْ ترك الأخذ بالأدلة القطعية, يصفه الميرزا بأنه ترك الصدق ومان, ونبذ الفرقان, ولا يعلم إلا الهذيان, ويمشي كالعميان, ويسعى كالعُمي والعُور, وأنه في ظلام, وهو جهول وقيح, وأيضا هو عجول مخطئ معذول, متبع للظنيات, بل الوهميات.

11.   لا يصح الاعتداد بالأحاديث إلا إذا كانت صحيحة متصلة مرفوعة.

وهنا نذكر على سبيل التوضيح والتبسيط المقصود بالحديث المرفوع: كل ما أضيف إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير.
يعني المفهوم من كلام الميرزا أن الحديث المنسوب لغير سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فهو غير مقبول عنده حتى لو كان موقوفا على الصحابة, وبخاصة في الاستدلال على أمور العقيدة.
و
الحديث المتصل يقصد به: هو ما اتصل إسناده من رواية التلميذ عن الشيخ مباشرة إلى نهاية السند، سواء انتهى إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أو إلى غيره, يعني لا يوجد بالسند أي نوع من أنواع الانقطاع مثل الحديث المُعَلَّق.
إذن الميرزا غلام أحمد القادياني يشترط أن الحديث الذي يمكن الاستدلال به بشكل قطعي لا إشكال فيه, لا بد أنْ يكون خالٍ من أي سبب من أسباب الضعف المعروفة مثل عدم الإتصال بين الرواة, وأن يكون الحديث مرفوعا أي لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وليس لغيره.

فهل بعد كل ما سبق من كلام الميرزا غلام أحمد القادياني نقبل من الميرزا أو الأحمديين أي نص يخالف ما سبق من تعريفات الميرزا للأدلة ومستوياتها و بيانه المفصل للدليل القطعي وما يؤخذ به وما لا يؤخذ به من النصوص؟

     و للعلم فإن الميرزا غلام القادياني وأتباعه في حالة الاستدلال على نبوته وغير ذلك من أمور العقيدة - كما سنرى بإذن الله تعالى في مقالات لاحقة - يستدلون بنصوص لا ترقى حتى لتكون نصوص ظنية الدلالة, مثل أقوال الناس كنصوص تاريخية لا دليل عليها, ونصوص من كتب أهل الكتاب والتي شهد الميرزا غلام مرارا وتكرارا أنها محرفة وحتى لم يكتبها سيدنا عيسى عليه السلام, ويستدل من كلام جداته لإثبات نسبه لفاطمة رضي الله عنها, ويستدل بالأحاديث الضعيفة والموضوعة وما لا أصل لها.

    أي أن الميرزا غلام القادياني هو أول من خالف منهجه في الاستدلال.

يقيس ليس بمكيالَيْن, بل بمكاييل عديدة.

وأعيد الطلب على أتباعه على سبيل التحدي؛ أن يأتوا بدليل واحد فقط قطعي الثبوت والدلالة على نبوة الميرزا غلام القادياني.

والله المستعان
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

د.إبراهيم بدوي

25/10/2014
‏08‏/03‏/2022

 


 

تعليقات

التنقل السريع