القائمة الرئيسية

الصفحات

مقال (113) سقوط استدلال الميرزا الهندي بآية " قبل موته " على انها دليل صريح على موت المسيح عليه السلام

مقال (113) سقوط استدلال الميرزا الهندي بآية " قبل موته " على انها دليل صريح على موت المسيح عليه السلام .

في هذا المقال و مقالات تالية ان شاء الله نتولى اسقاط ادلة الميرزا القطعية على موت سيدنا عيسى عليه السلام .
لقد استدل الميرزا بثلاث ايات من كتاب الله العزيز على حتمية موت المسيح عليه السلام , و كانت الاية الاولى هي " وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159) سورة النساء
و معلوم اننا لو قلنا ان الاية تدل على معنى محدد صريح قطعي , فاننا نعني انه لا يوجد معنى آخر يُستدل به من الاية يخالف ما ادعينا انه قطعي و صريح , سواء مخالفة تضاد او تكامل و على الاقل من وجهة نظر نفس المستدل بالاية , و لكن عندما نجد ان الميرزا الهندي يستدل بالاية بمعان مضادة لبعضها لنفس الموضوع المستدل به من نفس الاية , فهذا لا يعني الا سقوط الاستدلال بالاية على انها تثبت موت سيدنا عيسى عليه السلام , و لكن ماذا لو قال ان الاستدلال بالاية على موت سيدنا عيسى عليه السلام هو من وحي الله ؟ ألا يدل ذلك على ان الوحي الذي يدعيه الميرزا انه من الله تعالى كذب شكلا و موضوعا ؟
في كتاب " ازالة الاوهام " من الصفحة 306 و كان ذلك في الجواب على سؤال رقم 4 و السؤال كان كالتالي :
السؤال٤: إن الاية : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159) سورة النساء
تدل على حياة المسيح ابن مريم لأنها تعني أن جميع أهل الكتاب سيؤمنون بالمسيح قبل موته. فيبدو من هذه الآية أن المسيح سيعيش حتما إلى أن يؤمن به أهل الكتاب جميعا." انتهى السؤال من السائل .
و بدأ الميرزا في الجواب على السؤال ليثبت امور عديدة , حيث كان المحور هو الاية السابقة و هو اثبات ان المسيح قد مات بالفعل و هو ما يفهم يقينا من الاية - بحسب ادعاء الميرزا - فأي الالفاظ في الاية يدل على موت المسيح عليه السلام يقينا , و هل من المحتمل ان يدل نفس اللفظ على موت الكتابي و ليس موت المسيح ؟
لو كانت الآية من المحتمل ان تدل على موت الكتابي في العبارة " قبل موته" فلا يصح الاستدلال بها على موت المسيح عليه السلام لأن المعنى سيكون هكذا :
و كل اهل الكتاب سوف يؤمنون به ( اي بالقرآن او نبينا محمد صلى الله عليه و سلم او المسيح انه نبي و ليس بانه اله ) , قبل موت الكتابي , فاين ما يدل في هذا التفسير على ان الضمير "هــ " في التعبير (قبل موته) على موت المسيح ؟
و بالتالي فلا معنى لقول من قال بان الميرزا كان يقصد المعنيين , الكتابي و المسيح في قوله " قبل موته " , في ايراده لهذه الاية في كتابه " ازالة الاوهام " , لان موت الكتابي لا يحقق المراد من ايراد الاية كدليل على موت المسيح عليه السلام .
و الذي يؤكد ان الميرزا في كتابه " ازالة الاوهام " كان يقصد موت المسيح و ليس الكتابي ما ورد في كتاب " شبهات و ردود " ذكرا لهذه المسألة , حيث يقولون في صفحة 271 نسخة قديمة و في صفحة 367 نسخة حديثة و مرفق صورة لكل من النسختين :
" أي أنه ما من أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بما قلناه آنفا من أن المسيح نجا من الصلب وأنه شبه لهم أنه مات على الصليب. نعم، يؤمنون أن هذا قد حصل مع المسيح قبل أن يؤمنوا بموته والذي هو أمر حتمي." انتهى النقل .
فقول الشارح في كتاب " شبهات و ردود " يؤكد ان قصد الميرزا لم يكن في التعبير "قبل موته " الا موت المسيح عليه السلام , حيث يقولون " هذا قد حصل مع المسيح قبل أن يؤمنوا بموته " فمن هم الذي سوف يؤمنوا بموته ؟ الجمع في "يؤمنوا" دل على ان المقصود هم اهل الكتاب , فهل من المحتمل ان يكون المعنى ( يؤمنوا بموته اي بموت احدهم ؟ اي من هل الكتاب ) ؟؟.
اذن لا سبيل امامنا الا ان نقول بكل جلاء ان الميرزا في كتابه " ازالة الاوهام " الا انه كان يقصد المسيح عليه السلام .
و لكن هل كان تحليل و تفسير الميرزا للاية و القول بأن الاية تدل بشكل قطعي على موت المسيح عليه السلام من عنديات الميرزا و رأيه الاجتهادي ؟ أم هو من عند الله تعالى كشفا منه ؟
و الاجابة في صفحة 311 في كتاب " ازالة الاوهام " يقول الميرزا حالفا مقسما بالله :
" وأقسم بالذي نفسي بيده أن هذه الحقيقة قد كشفت علي في هذه اللحظة بالذات، بالكشف، وكل ما كتبته آنفا فقد كتبته بتعليم ذلك المعلم الحقيقي، فالحمد لله على ذلك " انتهى النقل و كان هذا في النسخة طبعة 2014 و 2016 , اما النسخة 2012 فليس بها التعبير " آنفا" كما في قوله " وكل ما كتبته آنفا فقد كتبته بتعليم ذلك المعلم الحقيقي" مما يدل على إما التلاعب في الكتب و التحريف , و إما انه كانت الترجمة في 2012 خطأ مما استوجب التصحيح لاحقا , و هذا يمكن معرفته من مراجعة و مقارنة النسخ الاصلية من الكتاب " ازالة الاوهام " , و لكن ليس هذا الان موضوعنا .
المهم مما سبق يثبت يقينا أن الميرزا يدعي ان استدلاله بهذه الاية على موت المسيح عليه السلام في قول الله تعالى " قبل موته " انما قصد اثبات موت المسيح من خلال التعبير "قبل موته " و لم يقصد على الاطلاق الكتابي .
و قبل الانتقال الى الكتب الاخرى التي خالف الميرزا نفسه فيها و قال ان المقصود من الضمير في قول الله تعالى " قبل موته" انما هو الكتابي و ليس المسيح , بل اتهم الصحابي الجليل ابي هريرة بسوء الفهم لانه قال ان "قبل موته" تدل على موت المسيح , و كأن الميرزا قد نسي انه ايضا من قال بذلك كما بينا سابقا .
الميرزا في تفسير للاية في نفس الكتاب " ازالة الاوهام " فسر الايمان في قوله تعالى " يؤمنن به " أن الكتابيين سوف يكون ايمانهم بالحتمية لموت المسيح , و لم يقل ان المقصود بالذي سيؤمنون به إما الله تعالى او نبينا صلى الله عليه و سلم او القرآن او المسيح , انما قال بان ايمانهم بحتمية موت المسيح , يقول الميرزا في صفحة 309 :
" إن الله عزيز ويرزق العزة للذين يصبحون له، وهو حكيم فيفيد بحكمه أولئك الذين يتوكلون عليه. ثم قال تعالى: ما من أهل الكتاب إلا ويؤمن ببياننا الذي ذكرناه آنفا عن أفكار أهل الكتاب أنفسهم، قبل أن يؤمن بحقيقة أن المسيح قد مات موتا طبيعيا "
و يقول في صفحة 316 :
" فقال تعالى: إن هذا بيان لما جرى قبل موته ميتة طبيعية، فلا تستنبطوا من ذلك عدم موته، إذ قد مات المسيح بعد ذلك ميتة طبيعية. فقد قال في هذه الآية بأن اليهود والنصارى يؤمنون ببياننا هذا بالاتفاق على أن المسيح لم يمت حتما على الصليب، وليس لديهم إلا الشكوك والشبهات فقط. بهذا الصدد. فإنهم يؤمنون بالأحداث الني سبقت موته - قبل أن يؤمنوا بموت المسيح الطبيعي الذي حدث في الحقيقة - لأنه ما دام المسيح لم يمت على الصليب - الأمر الذي كان اليهود والنصارى يريدون أن يستنتجوا منه نتائج معينة لتحقيق أهدافهم - صار ايمانهم ،بموته الطبيعي محتوما عليهم، لأن الذي يولد سيموت حتما. فإن تفسير العبارة: (قيل موته) هو: قبل إيمانه بموته." انتهى النقل .

واضح من النصين السابقين ان الميرزا فسر ما يؤمن به اهل الكتاب بأنه حتمية موت المسيح لأن كل مولود يموت , و سوف نثبت مخالفته لتفسيره هذا ايضا في كتبه اللاحقة ان شاء الله في هذا المقال .
و الان ننتقل الى كتاب " حمامة البشرى " سنة 1893 - و كان كتاب " ازالة الاوهام " في سنة 1891 م - يقول الميرزا في صفحة 94 من " حمامة البشرى :
" ثم القرينة الثانية على خطأ أبي هريرة في آية: " قَبْلَ مَوْتِهِ " ما جاء في قراءة أُبَيّ بن كعب.. أعني: موتهم، فإنه يقرأ هكذا: "وإنْ من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موتهم"، فثبت من هذه القراءة أن ضمير لفظ "موته" لا يرجع إلى عيسى عليه السلام ، بل يرجع إلى أهل الكتاب. فإلى أي ثبوتٍ حاجةٌ بعد قراءة أُبَيّ بن كعب لقوم طالبين؟
ثم مع ذلك قد اختلف أهل التفسير في مرجع ضمير "بِهِ"، فقال بعضهم إن هذا الضمير الذي يوجد في آية "لَيُؤْمِننَّ بِهِ" راجع إلى نبينا صلى الله عليه و سلم ، وهذا أرجح الأقوال. وقال بعضهم إنه راجع إلى الفرقان، وقال بعضهم إنه راجع إلى الله تعالى، وقيل إنه راجع إلى عيسى، وهذا قول ضعيف ما التفت إليه أحد من المحققين. فيا حسرة على أعدائنا المخالفين! إنهم يتركون القرآن وبيّناته، بل قلوبهم في غمرة من هذا ويقولون بإخوانهم" إنّا نتبع أخبار رسول الله "، وليسوا بمتّبعين، بل يتركون أقوالا ثابتة من رسول الله تعالى، ويبدّلون الخبيث بالطيب، ويكتمون الحق وكانوا عارفين." انتهى النقل .
اذن في هذا النص من كلام الميرزا في كتابه "حمامة البشرى ", قال بأن ابي هريرة قد اخطأ لمّا قال بان المقصود بالميت في قول الله " قبل موته " هو المسيح عليه السلام و بين ان المقصود هو الكتابي و استدل بالقراءة التي تقول " قبل موتهم " ليدلل انه ليس المقصود هو سيدنا عيسى عليه السلام , كما ان الميرزا اثبت ان ما سوف يؤمنون به اهل الكتاب هو غير " حتمية الايمان بموت المسيح و هو الذي قاله في كتابه ازالة الاوهام " كما اوضحنا سابقا فقال بخلاف ذلك في حمامة البشرى .
فلقد ثبت الان تناقض الميرزا في ان المقصود بالضمير في قول الله تعالى " قبل موته " هو المسيح عليه السلام , و بهذا يسقط الاستدلال بالاية "وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا " (159) سورة النساء , على انها دليل صريح على موت المسيح عليه السلام .
و الان مع نص آخر للميرزا في كتابه " حقيقة الوحي " يؤكد ان المقصود من الضمير هو الكتابي و ليس المسيح , يقول في " حقيقة الوحي " صفحة 40
" كما كان أبو هريرة واقعا في هذا الخطأ منذ البداية، وكان يخطئ في أمور كثيرة بسبب بساطته وضعف درايته. فقد أخطأ أيضا في نبوءة دخول صحابي في النار. وكان يستنتج من الآية: "وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ " معنى خاطئا يبعث السامع على الضحك لأنه كان يريد أن يثبت من هذه الآية أن الجميع سيؤمنون بعيسى قبل وفاته، بينما قد ورد في قراءة ثانية للآية نفسها "قبل موتهم" بدلا من "قبل موته". انتهى النقل
و يؤكد كلامه ايضا في النص التالي من " حقيقة الوحي" ص 524 :
" وهذا ما تشير إليه الآية: " وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ " أي أن كل واحد من أهل الكتاب سيؤمن قبل موته بالنبي , أو بعيسى . " انتهى النقل .
في النص السابق يؤكد الميرزا ما سبق ان اوضحنا و يزيد بان المقصود في " موته " قد يكون سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم .
و قبل انهاء المقال نذكر النصوص و المواضع التي قال فيها الميرزا بالثلاث ايات الدالة تصريحا على موت المسيح عليه السلام و ان الايات الدالة على موت المسيح ثلاثون اية عامة , منها ثلاث ايات خاصة بالمسيح و منها هذه الاية " قبل موته " .
في كتابه ازالة الاوهام و توضيح المرام :
1- ازالة الاوهام صفحة 281 " إضافة إلى ذلك إن الوضوح والجلاء والتفصيل الذي ورد به ذكر موت المسيح في القرآن الكريم لا يتصور أكثر منه؛ لأن الله عز و جل قد بين وفاة المسيح بوجه عام وبوجه خاص أيضا ..." و يقصد بالوجه الخاص الثلاث ايات و التي منها الاية " قبل موته" و الايتين " يا عيسى اني متوفيك" و " فلما توفيتني " و سنتاولهما لاحقا ان شاء الله تعالى .
2- توضيح المرام صفحة 61 " أي أن الذين يدخلون الجنة لن يخرجوا منها، علما أن القرآن الكريم لا يصرح بدخول المسيح الجنة، ولكن وفاته مذكورة في ثلاث ايات ٠ والحق أن وفاة العباد الأطهار ودخولهم الجنة في حكم واحد، لألهم يدخلون الجنة فورا "
3- ازالة الاوهام صفحة 317 " فباختصار، قد ذكر موت المسيح في ثلاث آيات من القرآن الكريم ...."
4- ازالة الاوهام صفحة 172 " إن القرآن الكريم قد بين وفاة المسيح عليه السلام في ثلاث آيات بكل صراحة ويعذره من خطأ تأليه المسيحيين إياه، ويقول إن المسيح ليس مخطئا في ذلك، لأنه قد مات قبل زمن ضلالهم هذا."
5- ازالة الاوهام صفحة 236 " إن لدينا إثباتات يقينية وقاطعة على وفاة المسيح ابن مريم لا يسع هذا الكتاب الوجيز لذكرها بالتفصيل. فاقرأوا القرآن الكريم بعيون باصرة أولا، تروا كيف ينبئ بوفاته بكل وضوح لدرجة لا يسعنا تأويله أيضا! "
و اخيرا ,هل بعد كل ما سبق ان بيناه من تناقض الميرزا مع نفسه في الاستدلال بالاية " قبل موته " , هل من الممكن ان يستمر القول بأن الاية تدل بشكل صريح على موت المسيح من كتاب الله تعالى القرآن ؟
و لا اقول للاحمديين القاديانيين الا ان اتقوا الله في انفسكم و اهليكم .
و الله اعلى و اعلم
اللهم اني قد بلغت , اللهم فاشهد
د.ابراهيم بدوي
تلميد الاخ فؤاد العطار
‏27‏/11‏/2016‏ 09:10:40 م















تعليقات

التنقل السريع