" انت مني بمنزلة اولادي "
و معلوم حينما نقول فلان بمنزلة كذا فلا بد أن يكون صاحب المنزلة الأصلي إما أن يكون أمرا ماديا محسوسا أو معنويا معروفا و لا يقال بمنزلة كذا على سبيل التكريم إلا لشيء موجود و له قيمة معتبرة و لا نقول بمنزلة شيء مجهول أو لا قيمة له و لا وجود له .
و حينما أراد الميرزا أن يتهرب من كفر نسبة الأولاد لله سبحانه وتعالى هرب إلى أن هذا من باب الاستعارة والمجاز .
و معلوم انه للقول بالمجاز أو الاستعارة فلا بد أن يكون هناك نوع من المشابهة أو المناسبة بين المشبه و المشبه به .
يقول حضرة الفخر الدين الرازي في تفسيره للآية 51 من سورة الشورى بخصوص العلاقة بين الحقيقة و المجاز :
" ... والمشابهة سبب لجواز المجاز..." انتهى النقل .
أي للقول بأن فلانا أسد فلا بد من وجود مشابهة أو مناسبة بين المشبه و المشبه به ، و لو مشابهة أو مناسبة واحدة على الأقل لجواز القول بالمجاز أو الاستعارة و هنا يقصد بالمشابهة في الشجاعة مثلا .
و يؤكد الميرزا غلام هذا الكلام في الخطبة الإلهامية في الحاشية ص 28 :
" فإن المشابهة لا توجب إلاّ لونا من المناسبة، ولا تقتضي إلا رائحة من المماثلة.
وإنّا إذا قلنا مثلا إنّ هذا الرجل أسد بطريق المجاز والاستعارة، فليس علينا من الواجب أن نثبت له كل ما يوجد في الأسد من الذنب والزّئر وهيئة الجلد وجميع لوازم السبُعية " انتهى النقل.
إذن لا بد للقول بالمجاز أو الاستعارة أن يكون هناك مشابهة أو مناسبة و إذا لم يكن هناك أي لون من المناسبة أو رائحة على الأقل فالقائل بالمجاز أو الاستعارة مخرف جاهل على أفضل تقدير .
إذن للقول بمنزلة كذا أو بالاستعارة و المجاز فلا بد من لصاحب المنزلة أن يكون له وجود و لو كان معنويا ، و أن يكون هناك مناسبة مهما قلت بين المشبه و المشبه به .
فهل يوجد أي من هؤلاء في القول " بمنزلة أولادي " ؟
و هل لله أولاد بالحق ليكون له اولاد بالمجاز ؟
و هذه بعض من نصوص من كلام الميرزا التي تثبت كون صاحب المنزلة لا بد أن يكون موجودا و معروفا :
في كتاب التذكرة :
"تلطّفْ بالناس وترحّمْ عليهم، أنت فيهم بمنـزلة موسى، واصبرْ على ما يقولون."
" أنت مني بمنـزلة أنبياء بني إسرائيل (أي تُشبِههم على وجه الظلّيّة)."
" أنت فيهم بمنـزلة موسى، فاصبر على جور الجائرين"
'؛وأستطيع القول إنني بمنـزلة تميمة لهذه الدولة، وبمثابة ملاذ يحمي من الآفات."
"وأنت مني بمنـزلة محبوبين. "
"وأنت منّي بمنـزلة توحيدي وتفريدي، وأنت مني بمنـزلة المحبوبين. "
"أنت مني بمنـزلة أولادي"
"إنك بمنزلةِ رَحى الإسلام".
"أنت مني بمنـزلة رُوحي."
"أنت مني بمنـزلة توحيدي وتفريدي، فحانَ أن تُعان وتُعرَف بين الناس. أنت مني بمنـزلةِ عرشي. أنت مني بمنـزلة ولدي . أنت مني بمنـزلةٍ لا يعلمها الخَلْق. "
'فأنت مني بمنـزلة الأولاد."
"وصار بمنـزلة الأولاد له سبحانه وتعالى،"
فإذا قال الميرزا - كما سنرى - أن نسبة الأولاد لله سبحانه وتعالى في وحيه :
" أنت مني بمنـزلة أولادي" و بشكل متكرر أنها على سبيل الاستعارة و المجاز كان لزاما عليه بيان أوجه المشابهة و المماثلة بين أولاد الله تعالى - كما ورد في وحي الميرزا - و بين الميرزا عليه من الله ما يستحق .
فإذا كانت المشابهة أو المماثلة ولو بأقل القليل النادر لا تكون إلا في الماديات أو المعنويات المعروفة ، فهل يكون لله سبحانه وتعالى ولد بل أولاد سواء كانوا ماديين أو معنويين؟
يقول الميرزا في كتاب التذكرة :
" انت مني بمنزلة اولادي "
و في الحاشية :
" لا يغيبنّ عن البال أن الله تعالى منـزه عن الأولاد، فلا شريكَ له وولد، ولا يحقّ لأحد أن يقول إني إله أو ابن إله، لكن هذه الجملة قد وردت هنا على سبيل المجاز والاستعارة ..."
تمامًا كما وصف الله تعالى في كلامه المجيد رسولَه صلى الله عليه وسلم بأن يده يده حيث قال: " يدُ الله فوق أيديهم" ، كذلك قال تعالى له أن يعلن: " قُلْ يا عبادي" بدلاً من أن يقول: "قل يا عبادَ الله"، وقال تعالى: " فاذكروا الله كذكرِكم آباءَكم" . فاقرأوا كلام الله هذا بحذر وحيطة، وآمِنوا به باعتباره من قبيل المتشابهات، ولا تتدخلوا في كيفيته وتفصيله، مفوضين حقيقته إلى الله تعالى، وموقنين بأن الله منـزه عن اتخاذ ولد، إلا أن كلامه يحوي كثيراً من المتشابهات، فاتقوا اتّباع المتشابهات فتهلكوا. ولقد ورد عني من البينات الوحيُ التالي في البراهين الأحمدية: "قُلْ إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد، والخيرُ كله في القرآن." (دافع البلاء، الخزائن الروحانية، مجلد 18، ص 227) انتهى النقل.
و للرد على اعتبار الميرزا أن الآية " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم..." تعني العباد لرسول الله صلى الله عليه وسلم تابعوا المقال التالي :
مقال (323) الميرزا جاء ليكحلها فأعماها في شرحه لوحيه " انت مني بمنزلة أولادي"
https://ibrahimbadawy2014.blogspot.com/2019/10/323.html
و سنلحق بإذن الله تعالى هذا المقال بمقال للرد على بقية كلام الميرزا و علاقة المجاز و الاستعارة بالآيات :
" يد الله فوق أيديهم "
" فاذكروا الله كذكرِكم آباءَكم"
و الله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
د ابراهيم بدوي
4/10/2019
مقال (323) الميرزا جاء ليكحلها
فأعماها في شرحه لوحيه " انت مني بمنزلة أولادي"
مقال (325) تعلق بالميرزا بالآية "يد الله فوق أيديهم
" في شرحه لوحيه الكفري" أنت مني بمنزلة أولادي "
تعليقات
إرسال تعليق