مقال (488) الميرزا غلام
مدعي النبوة يتبرع و يدعو للحكومة الانجليزية لمساعدتها في احتلال دولة ترانسفال
الديموقراطية المستقلة , فهل هذه اخلاق المسلم ؟
الميرزا
مدعي النبوّة يتبرع، ويدعو ربه يلاش لنصرة الحكومة الإنجليزية لمساعدتها في احتلال
دولة (ترانسفال) الديموقراطية المستقلة، فهل هذه أخلاق المسلم!!!
يقول سيدنا
مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم "انْصُرْ أخاكَ ظالِمًا أوْ مَظْلُومًا. فقالَ
رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، أنْصُرُهُ إذا كانَ مَظْلُومًا، أفَرَأَيْتَ إذا كانَ
ظالِمًا، كيفَ أنْصُرُهُ؟ قالَ: تَحْجُزُهُ -أوْ تَمْنَعُهُ- مِنَ الظُّلْمِ؛
فإنَّ ذلكَ نَصْرُهُ"([1])، وحتى لو كان
الظالم من المسلمين، فهل يصح مساعدة الظالم المسلم على ظلمه وقتله لغيره من غير
المسلمين؟
ولو اعتبرنا
أنّ كلّام الميرزا صحيحًا في زعمه أننا يجب أن نكون مخلصين للحكومة الإنجليزية في
الهند لأنها أنقذت المسلمين من السيخ الذين كانوا يمنعون المسلمين من القيام
بالشعائر الإسلامية، فهل من المقبول أن نساعد الإنجليز في حربهم ضد دويلة صغيرة
ديموقراطية مستقلة وهي دويلة (ترانسفال) في جنوب أفريقيا، بأن نتبرع بالمال لجرحى وأيتام
الجنود الإنجليز؟ وليس هذا فقط، بل بالاجتماعات والدعاء لنصرة الإنجليز في حربهم
ضد هذه الدويلة.
ماذا اقترفت
هذه الدويلة الصغيرة حتى تحاربها الحكومة الإنجليزية لتحتلها؟ إلا أنها دويلة غنية
بالذهب والألماس، وهذا يؤكد أسباب احتلال الحكومة الإنجليزية للدول الأخرى ومنها
الهند، فهل كانت ترانسفال تعاني من الاحتلال من مجموعات تمنع الشعب من إقامة أمور
دينهم؟
بل إننا نجد
الميرزا يلوم هذه الدويلة الصغيرة ويَسْخَر منها على مقاومتها للاحتلال، ويقول
إنها دويلة أصغر من محافظة البنجاب الهندية، يقول الميرزا: "من حمقها المحض أنّها بدأت مواجهة سلطنة كبيرة
جدًا، أما الآن وقد بدأت المواجهة فعلى كل مسلم أن يدعو لانتصار الإنجليز".
يقول
الميرزا: "ففي هذه الأيام تخوض حكومتنا مواجهة مع سلطنة ديمقراطية
صغيرة اسمها "ترانسفال"، هذه الدولة ليست أكبر من البنجاب. ومن
حمقها المحض أنّها بدأت مواجهة سلطنة كبيرة جدًا، أما الآن وقد بدأت
المواجهة فعلى كل مسلم أن يدعو لانتصار الإنجليز، ما لنا
ولترانسفال، بل علينا أن نكون ناصحين لمن أحسن إلينا آلاف الحسانات.
إن للجار على الجار حقوقا كبيرة بحيث يضطرب المرء لدى السماع عن معاناته.
ألا تحزن قلوبنا حين نقرأ عن مصائب جنود الحكومة الإنجليزية الأوفياء.
إن القلب الذي لا يشعر بآلام الحكومة كما يشعر بآلامه مسودٌّ بحسب رأيي. اعلموا
أن للجذام عدة أنواع، فهناك جذام يصيب الجسد، وهناك جذام يصيب الروح، وبسببه يعتاد
المصاب به عادة سيئة بحيث إن أصابت الناس سيئة فرح وإن أصابتهم حسنة استاء لها.
كان هناك شخص من هذا القبيل يسكن في زقاق قربنا، فإذا رُفعت على أحد قضية كان
يسأله مرارا عن كيفيتها. فإذا قال أحد بأنه قد بُرِّئت ساحته أو وضعها جيد حلّت به
مصيبة وصمتَ. وإذا قال أحد بأنه أدين فيها فرح بذلك وسمع منه القصة بأسرها
متلذذًا، فتكون عادة التفكير السيئ راسخة في طبائع البعض فيحبذون أن يسمعوا
أخبارا سيئة، ويفرحون إذا أصابت الناس سيئة لأن سيرتهم شيطانية. فلما كان
لا يجوز التفكير السيئ تجاه أيّ إنسان فما بالك إذا كان هذا الإنسان محسنا إليك.
لذا أقول لجماعتي ألا يحذوا حذو هؤلاء الناس، بل يجب أن يدعوا لانتصار
الحكومة الإنجليزية بالمواساة والنصح الكامل، وأن يضربوا مثلا عمليا أيضًا في
الوفاء. لا نقول ذلك لنيل أجر أو إنعام، فما لنا ولأجر أو إنعام أو ألقاب
دنيوية. الله تعالى أعلم بنياتنا، إن عملنا هو لوجه الله وحده وبأمره. هو
الذي علّمنا أن نشكر المحسن. ففي أداء هذا الشكر نحن نطيع الله تعالى في الحقيقة
ومنه نتوقع الأجر. فيا مَن كنتم في جماعتي قدِّروا حكومتكم المحسنة حق
التقدير، والآن أريد أن ندعو من أجل حرب ترانسفال"([2]).
ويقول
الميرزا أيضًا في إعلان هام للجماعة: "بسم الله الرحمن الرحيم نحمده ونصلي على رسوله الكريم
لما كانت للحكومة البريطانية أيادي بيضاء كثيرة على مسلمي الهند عامة وعلى مسلمي
البنجاب خاصة فمهما شكر المسلمون حكومتهم المحسنة لن يؤدوا حقه لأن المسلمين لم
ينسوا بعد زمنا كانوا يواجهون فيه أتونا مشتعلا على أيدي السيخ. ولم تكن دنياهم
فقط عرضة للدمار على أيديهم، بل كانت حالة دينهم أسوأ منها، إذ كان بعضهم يُقتَلون
على رفع الأذان فقط دع عنك أداء شعائرهم الدينية. ففي هذه الحالة المزرية أرسل
الله تعالى لنجدتنا كالغيث المغيث هذه الحكومة المباركة التي لم تُنقذنا من براثن
هؤلاء الظالمين فقط، بل أقامت الأمن والسلام العام في البلاد وهيأت أسباب الراحة
من كل نوع وأعطت الحرية الدينية لدرجة نستطيع أن نبلّغ ديننا المتين على خير وجه،
لقد ألقيتُ بمناسبة عيد الفطر خطبة مفصلة عن هذا الموضوع ونُشر ملخّصها في الجرائد
الإنجليزية، أما بيانها المفصل فسينشره حبي في الله السَيِّد ميرزا خدا بخش قريبًا
لقد ذكرتُ بمناسبة ذلك العيد المبارك منن الحكومة ووجّهت أفراد جماعتي -
الذين يكنّون إخلاصا قلبيا للحكومة ويرون حياة النفاق مثل الآخرين ذنبا
كبيرا - إلى أن يدعو الجميع من الأعماق لحكومتهم المحسنة أن يهبها الله
تعالى فتحا عظيما في الحرب الحالية الدائرة في ترانسفال. وقلت أيضًا إن
أعظم فريضة في الإسلام بعد حق الله هي مواساة الخلق، خاصة مواساة خدام الحكومة
المحسنة التي تحمي أرواحنا وأموالنا وفوق كل ذلك تحمي ديننا فهي مدعاة للثواب.
لذا على أفراد جماعتنا حيثما كانوا أن يتبرعوا بقدر استطاعتهم وتوفيقهم
لجرحى الحكومة البريطانية الذين جُرحوا في حرب ترانسفال. فنُطلع أفراد
الجماعة بواسطة هذا الإعلان أن يجهزوا في كل مدينة قائمة مكتملة ويجمعوا التبرعات
ويرسلوها قبل أول مارس/آذار إلى السَيِّد ميرزا خدا بخش في قاديان لأنه مكلَّف
بهذه المهمة. عندما تصله نقودكم مع القوائم ستُسجَّل التبرعات في التقرير الذي سبق
ذكره قبل قليل. فعلى جماعتنا أن يتمّوا هذا سريعا نظرا إلى أهميته، والسلام،
الراقم: الميرزا من قاديان بتاريخ 10/ 2/1900 م".
وهناك
إضافات مفيدة في الموضوع وضعتُها في الحاشية وهي متابعات من أتباع الميرزا حينها([3]).
ألا لعنة الله القوي العزيز على كل من عرف
الحقيقة وأغمض عينيه وأغلق قلبه، وسحق ضميره، ورضي بالتلبيس والتغفيل، والدجل،
فأهلك نفسه وأهلك من معه، فلا دنيا له ولا آخرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي
العظيم.
([3]) يقولون: بعد ذلك رفع سَيِّدنا المسيح الموعود يديه للدعاء بكل
حماس وإخلاص، كذلك دعا الحضور جميعًا الذين كان عددهم يربو على ألف شخص. ولقد
طال الدعاء للفتح والفلاح. ثم اقترح (أنه يجب أن تُجمع التبرعات أيضًا
لجرحى الحكومة البريطانية ولهذا الغرض نُشر الإعلان التالي، (الراقم: ميرزا خدا
بخش من قاديان): البشرى لقد أُظهرت الرغبةُ في إعلان 10/ 2/1900م أن تُنشر قائمة
أسماء المتبرعين مع وقائع الجلسة، ولكن لما طال بيان الوقائع كثيرًا فلم ير الإمام
الهمام هادي الأنام نشر القائمة مناسبا. لقد وصلتنا المبالغ الكبيرة من بعض الإخوة
المعدودين أما بقية المبالغ فكانت صغيرة. فالمبلغ الأكبر كان 150 روبية جاءتنا من
السَيِّد نواب مُحَمَّد علي خان زعيم ماليركوتله، وأقل مبلغ كان ثلاثة أرباع
الروبية. ولأن سَيِّدنا المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام كان لا يحب تأخيرًا
كثيرًا في إرسال النقود فقد أُرسلت 500 روبية إلى السكرتير الأعلى في حكومة
البنجاب بعد انتظار التاريخ المحدد في الإعلان. وسنورد بعد قليل الوصل الذي جاءنا
منه بهذا الصدد، ولكن قبل أن ننقل مضمون الوصل نرى ضروريًا أن نذكر أنه عليه
السلام سُرّ كثيرًا من الذين تبرعوا بقدر استطاعتهم من أجل مساعدة جرحى وأرامل
وأيتام حكومة بريطانيا ومواساتهم. فطوبى للذين لم يُرضوا مرشدهم فقط
بطاعتهم إمامًا صادقًا، بل نالوا رضا مالك الملك الحقيقي والحكام المجازيين لأن
مَلك السماوات والأرض أكّد كثيرًا في كتابه العزيز الذي في أيدي المسلمين على
الاهتمام بحقوق العباد بعد حق الله، وعدّ مواساة البشر من رضاه
سبحانه وتعالى، وأمر بمواساتهم أيا كان دينهم أو ملتهم، وسواء أكانوا من الشرق أو
الغرب. ثم الذي كان محسنًا ويحمي حقوقنا فإن مواساته ضرورية بالدرجة
الأولى. من سيكون أكثر إحسانًا إلينا ونصحًا لنا من الحكومة البريطانية التي أعانت
المسلمين في مواطن كثيرة ونجّتهم من مصائب تقصم الظهر وبوَّأتهم كنف الأمن
والعافية. التبرع الذي أُرسل من قبل هذه الجماعة الفقيرة كان قليلًا جدًا طبعًا
مقارنة بالحكومة العالية الشأن، ولكن الحكومة الرحيبة الصدر قبلته باحترام وأظهرت
سعادتها أيضا. فطوبى للذين يشاركون الحكومة في الأفراح والأتراح ويتنبّهون إلى
مراتب الحاكم والمحكوم. وكم هي رحيبة الصدر وعالية الشأن الحكومةُ التي تنظر إلى
تبرعات الرعية المتواضعة وتهانيها بنظر التعظيم والاحترام. أليس من دواعي التبجيل
أن أرسل الحاكم المحترم وصلًا يوحي برضاه عن مبلغ زهيد قدره 500 روبية فقط، وكذلك
أظهر الحاكم العام المحترم والسكرتير العام في حكومة البنجاب سعادتهما - على برقية
تهنئة أُرسلت بمناسبة فتوحات الحكومة في جنوب أفريقيا - في رسائلهما
المنفصلة باسم الإمام الهمام هادئ الأنام وشَكَراه. على أية حال، إن هذه الحكومة
جديرة بالشكر والامتنان. ندعو الله تعالى أن يطيل أمد هذه الحكومة التي
تحافظ على الأمن والحرية، ويرزقها حظًا وافرًا من الملكوت السماوي. ونورد
فيما يلي ترجمة الرسائل الثلاث ليفرح قراؤنا الكرام بقراءتها.: الرسالة رقم 234:
"من جي ايم سي دوئي المحترم سي آئي ايس، قائم مقام السكرتير العام، حكومة
البنجاب إلى الميرزا (غلام أحمد القادياني) المحترم زعيم قاديان محافظة غورداسبور
في 26/3/1900م من لاهور: " سَيِّدي الكريم! لقد أمرني الحاكم العام المحترم
أن أخبركم بأنه قد وصلت الهدية السخية وقدرها 500 روبية التي أرسلتموها باسمكم
وباسم مريديكم لمساعدة الإخوة مرضى وجرحى حكومة بريطانيا في جنوب أفريقيا، وأُرسلت
إلى المشرفين على منظمة كنغ كنغ في مومباي، الراقم: خادمكم المطيع جدا، جي ايم
دوئي قائم مقام السكرتير العام، حكومة البنجاب"
تعليقات
إرسال تعليق