القائمة الرئيسية

الصفحات

مقال (538) المقال الثاني في الاختلاف بين أوصاف المسيح سيدنا عيسى بن مريم و الميرزا غلام القادياني.

 

 

 

 

 

 

مقال (538) المقال الثاني في الاختلاف بين أوصاف المسيح سيدنا عيسى بن مريم و الميرزا غلام القادياني.

https://ibrahimbadawy2014.blogspot.com/2024/08/538.html

يقول الميرزا([1]):"...وبالإضافة إلى ذلك قد أشار النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أيضًا في أحاديثه المقدسة إلى أن المسيح الآتي ليس المسيح ابن مريم الحقيقي بل مثيله، لأنه - صلى الله عليه وسلم - ذكر ملامح المسيح الراحل مختلفةً عن ملامح المسيح الآتي، وقال عن المسيح الراحل بصورة قاطعة إنه كان نبيّا، أما المسيح الآتي فذكره على أنه شخص من الأمة كما يتبين من حديث:"إمامكم منكم". وفي حديث:"علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل" أنبأ - صلى الله عليه وسلم - على سبيل الإشارة بمجيء مثيل المسيح. وعلى ذلك فإن المسيح المقبل نبيّ أيضًا مجازا، لكونه محدَّثا. فأي بيان أوضح وأجلى من ذلك؟".

التعليق:

أولًا: لم يقل سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم على الإطلاق بمجيء المثيل لسيدنا عيسى عليه السلام لا نصًا ولا بالإشارة، وعلى المدعي بذلك عبء الإثبات بالأدلة القطعية([2]) وليس بالإشارة، كما صرح الميرزا في النص السابق، ولن نقبل لإثبات أنّ المسيح القادم سيكون مثيلًا لسيدنا عيسى عليه السلام بغير هذه النوعية من الأدلة.

ثانيًا: قول الميرزا عن المسيح المقبل "المسيح المقبل نبيّ أيضًا مجازا"، بسبب التالي:

لأنه فقط "شخص من الأمة" كما يقرر الميرزا، وقد قرر- كما رأينا - في نفس الكتاب بأنّ سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم لم يشترط النبوة للمسيح القادم، وقرر أيضًا أن سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم قال صراحة إنه سيكون مسلمًا وملتزمًا بشريعة القرآن الكريم مثل بقية المسلمين، ولن يفعل شيئا أكثر من ذلك لإظهار إسلامه وكونه إمامَا للمسلمين، وأنه لن يكون نبيًّا، بل أحد من الأمة فقط.

التشبيه بحرف "ك" في كلمة "كأنبياء" في التعبير "علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل"، فبسبب المشابهة بحرف "ك" فاستحق أن يكون نبيًّا مجازيًّا.

في نفس الكتاب اعتبر الميرزا أنّ مثيل الأنبياء لا يكون نبيًّا، وأن الميرزا قرر في هذا الكتاب وفي غيره بأنه مثيل مثل الكثير من المثلاء للاُنبياء([3])، وبالتالي فهو ليس نبيًّا حقيقيًّا، وإنما فقط مجازيًّا.

يعتبر الميرزا نفسه أنه من المُحَدَّثين بسبب المشابهة بين الأنبياء والمُحَدَّثين في علم بعض الغيب، فاستحق أن يكون نبيًّا مجازيًّا وليس حقيقيًّا.

ثالثا: قول الميرزا بخصوص المسيح القادم أنه " شخص من الأمة كما يتبين من حديث:"إمامكم منكم"، وأن هذا البيان من الميرزا لا يوجد أوضح وأجلى منه، بناه الميرزا على افتراضية خاطئة، حيث جعل معنى "وإمامكم منك" كما جاء في صحيح البخاري([4])، أنّ الإمام في نص الحديث يُقصد به سيدنا عيسى عليه السلام، والصحيح خلاف ذلك، حيث حرف "الواو" في "وإمامكم منكم" هي (واو الحال)، وزمن ما يأتي بعد واو الحال يكون سابقًا لزمن ما جاء قبل واو الحال، أي أنّ زمن الإمام في قوله صلى الله عليه وسلم "وإمامكم" سابق لزمن نزول سيدنا عيسى عليه السلام، أي أنهما شخصان مختلفان وليسا شخص واحد، والأحاديث كثيرة التي تبين أنهما شخصان وسيصلي سيدنا عيسى عليه السلام خلف هذا الإمام، وحتى –تنزلًا- لو هناك اختلاف في بيان حقيقة هذا الإمام، فتصبح دلالة الحديث ظنية، وكما قال الميرزا ومعه عالم الأحمدية محمد أحسن الأمروي في كتاب (مناظرة لدهيانة ودلهي) إذا تطرق الاحتمال إلى الدليل سقط الاستدلال به، وبناء على ما سبق فلا يصح اعتبار دلالة التعبير "وإمامكم منكم" دلالة قطعية على أنّ الإمام هو نفسه من سينزل، وبالتالي لا يصح أن يبني الميرزا أصلًا من أصول الفكر والعقيدة الأحمدية القاديانية أن المسيح القادم لا بد من أن يكون من أمة الاسلام المولودين مسلمين من الابتداء([5]).

رابعا: وبالنسبة لمسألة الاختلاف في الملامح كما يدعي الميرزا؛ فحقيقة الأمر أنّ سيدنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم رأى في رؤيا منامية([6]) وليس في كشف([7] ولا في حديث مباشر صريح لأصحابه رضي الله عنهم أنّ سيدنا عيسى عليه السلام رَجُل آدَمَ، كَأَحْسَنِ ما يرى مِن أُدْمِ الرِّجالِ([8])، والغالب أنّ المقصود من (رجل آدم) هو أنّ لونه آدم أي أسمر اللون، ولا يَقصد صلى الله عليه وسلم بالآدم شيئًا آخرًا لأن ابن عمر رضي الله عنه في أول الحديث أنكر على من قال بأنّ لون سيدنا عيسى عليه السلام أحمر، بينما في حديث مباشر صريح([9]) كان سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم يتكلم فيه مع أصحابه رضي الله عنهم مبيّنًا لهم ملامح سيدنا عيسى عليه السلام القادم بأنه أبيض أحمر([10])، وأنه مربوع([11]) وغير ذلك من الملامح التي لا تنطبق على الميرزا، وكانت هذه الملامح التي ذكرها سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم مطابقة لملامح سيدنا عيسى عليه السلام كما رآه في معراجه([12])، ومعلوم أنّ ما في الرؤيا إذا اختلف مع الواقع، فيجب تأويله ليتوافق مع الواقع، ولكن الميرزا ومن معه يصرون على الباطل؛ فيتركون الأحاديث الصريحة الواضحة وهي من كلام سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم المباشر لأصحابه رضي الله عنهم ويتمسكون بالرؤى التي يكثر فيها الترميز والاستعارة، والتي تحتاج للتأويل في الكثير من الأحيان، ومعلوم أنّ من بين طرق درء التعارض بين النصوص يكون بجعل أحدها يُفهم بالتأويل باعتبار المجاز والاستعارة للنص القابل لذلك ليتوافق مع النص الآخر، وهذا من المبادئ التي قررها الميرزا في كتابه (إزالة الأوهام) حينما أراد تأويل حديث صحيح مسلم الخاص بالدجال ليتوافق الحديث مع ما جاء في صحيح البخاري بحسب رأي الميرزا([13]).

وحينما تكلم سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم على سيدنا عيسى عليه السلام ووصفه بالنبيّ أربع مرات، فهل يستطيع أحد إثبات أنّ الذي كان في ذهن سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم هو مثيل وليس سيدنا عيسى عليه السلام بنفسه، وهل ثَبُتَ في أي موضع من القرآن الكريم أو من أحاديث سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم مسألة المثيل أو النبيّ المجازي، سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم كان يتكلم على الذي عرفه وقد رآه في معراجه بمواصفات وملامح محددة، ولم يكن أيضًا في ذهن الصحابة رضي الله عنهم إلا سيدنا عيسى بن مريم عليه السلام المذكور في القرآن الكريم، والذي يعرفونه من خلال وصف سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم له في رحلة المعراج، وقد انطبقت الصفات والملامح التي ذكرها سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم عن سيدنا عيسى عليه السلام في معراجه مع نفس ملامح سيدنا عيسى عليه السلام التي وصفها سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم في كلامه للصحابة رضي الله عنهم، وأن يعرفوه أي يتعرفوا عليه إذا حضر أحد منهم نزول سيدنا عيسى عليه السلام بهذه الملامح والصفات، وسنرى بعد قليل أنّ حديث تعريف سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم لملامح سيدنا عيسى عليه السلام للصحابة قد جاء به بشير الدين محمود في كتابه (حقيقة النبوة) ناقصًا ومبتورًا لغرض في نفسه، حيث ينتقي بشير الدين محمود ما يريد من الحديث الواحد، ويهمل أو يغض الطرف عن بقية الحديث، وبالتالي نعود إلى المربع الأول؛ وهو مطالبة الأحمديين بإثبات أنّ الميرزا غلام هو المثيل لسيدنا عيسى عليه السلام الذي يقصده سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، وأنه نبيّ سواء مجازيّ أو حقيقيّ، وكل ذلك بالأدلة القطعية وليس بمجرد الادعاء([14]).

وأما مسألة الاختلافات في الأوصاف والملامح لسيدنا عيسى عليه السلام في وصف سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، بين أنه آدم أو أنه أبيض أحمر، وهل يعتد في مثل هذه المسائل بالرؤى المنامية بالتأويل فيها في مقابل النصوص التي قالها بالتصريح في كلام سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، أضع لكم هذه النصوص من كلام الميرزا غلام كنوع من الإلزام لأتباعه، حيث يريد الميرزا في النصوص التالية أن يقول إنّ عدم وضوح نبوءة في توصيف أحد سوف يأتي في المستقبل يدفعنا للتأويل واعتبار الاستعارة والمجاز لفهم النبوءة، وأنّ سيدنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم لو كان يقصد رجلًا محددًا خاصًا لكان ذكره باسمه واسم والده ووالدته، وغير ذلك من الأوصاف التي لا تجعلنا في فتنة وحيرة في تحديد هذا الرجل المنبأ عنه.

يقول الميرزا([15]):"...ولو كان المراد من لفظ الدجّال رجلا خاصّا لبيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - اسم ذلك الرجل الذي لُقّب بالدجّال، أعني الاسم الذي سماه والداه، وبيّن اسم والديه، ولكن لم يُبين ولم يصرّح اسم أبيه وأمه. فوجب علينا أن لا ننحت من عند أنفسنا رجلا خاصا، بل ننظر في لسان العرب، ونقدم معنى يهدي إليه لغة قريش، فإذا ثبت معناه أنه فئة الكائدين فوجب بضرورة التزام معنى اللفظ أن نقر بأنه فئة عظيمة فاقوا مكرا وكيدا وتلبيسا أهلَ زمانهم، ونجّسوا الأرض كلها بخيالاتهم الفاسدة ".

 

ويقول الميرزا([16]): "والآن نلقي نظرة على نبوءات التوراة عن نبينا الأكرم - صلى الله عليه وسلم -. فهناك نبوءتان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في التوراة تبرهنان بكل جلاء للمتدبرين - إذا كانوا منصفين - أنهما وردتا بحقه - صلى الله عليه وسلم - حتما. ومع ذلك هناك مجال واسع لنقاش عقيم أيضا بشأنهما. فمثلا قد ورد في التوراة أن موسى - عليه السلام - قال لبني إسرائيل: قَالَ لِيَ الرَّبُّ: أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ. والمعضلة في هذه النبوءة هي أن بني إسرائيل أنفسهم قد ذُكروا كأخوة بني إسرائيل في بعض الأماكن في التوراة، وفي بعض الأماكن الأخرى ذُكر بنو إسماعيل أيضا كإخوة بني إسرائيل بالإضافة إلى ذِكر إخوة آخرين. والآن، كيف يمكن القطع والجزم أن المراد من إخوة بني إسرائيل هم بنو إسماعيل وحدهم؟ بل الجملة: "مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ" تزيد العبارة تعقيدا. ومع أننا نثبت نظريا لطالب الحق بجمع أدلة وقرائن كثيرة وإثبات المماثلة بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وموسى، أنه لا مصداق لهذه النبوءة في الحقيقة سوى نبينا الأكرم - صلى الله عليه وسلم -، ولكن النبوءة بحد ذاتها ليست واضحة وبديهية حتى نتمكن بناء عليها من إقناع كل جاهل وغبي أيضا، بل إن فهمها وإفهامها للآخرين يقتضي فطنة كاملةلو لم يُرِد الله تعالى ابتلاء خلقه، وكان بيان النبوءة بصورة بينة وجلية مقدّرًا في مشيئة الله، لكان من المفروض أن تُصَرِّح النبوءة بما يلي: يا موسى، سأبعث في القرن الثاني والعشرين بعدك في بلاد العرب من بني إسماعيل نبيًّا يكون اسمه محمدا (صلى الله عليه وسلم) واسم أبيه عبد الله واسم جده عبد المطلب واسم أمه آمنة، سيولَد في مكة وتكون ملامحه كذا وكذا. فالواضح أنه لو جاءت النبوءة في التوراة بهذه الطريقة لما كان لأحد مجال للقيل والقال، ولكُمّت أفواه الأشرار كلهم. ولكن الله تعالى لم يفعل ذلك. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: ألم يكن الله قادرا على ذلك؟ وجوابه أنه كان قادرا دون أدنى شك، بل لو شاء لسجل آيات أكثر وضوحا من ذلك لتخضع لها الرقاب كلها دون أن يبقى منكِرٌ واحد في العالم كله. ولكنه - سبحانه وتعالى - ما شاء أن يصرّح ويوضّح أكثر من ذلك، لأنه يريد دائمًا الابتلاء أيضا نوعا ما من وراء النبوءات حتى يفهمها الفاهمون وطلاب الحق، ويُحرم من قبولها مَن كان في نفوسهم الحميّة والاستكبار والتهوّر والاستهتار وعادة التمسك بظواهر الأمور".

 

ويقول الميرزا([17]):"الحق أن سنة الله في النبوءات هي أن يكون فيها جانب من الإخفاء والابتلاء، لأنه لولا ذلك لما بقي أي خلاف ولصار مذهب الجميع واحدا، ولكن الله تعالى شاء من أجل التمييز أن يجعل في النبوءات جانب الابتلاء، فيصر عليه قصيرو النظر والمتمسكون بظواهر الأمور وبذلك ينحرفون عن الهدف الحقيقي. وعلى غرار ذلك واجه اليهود مشكلة ووقعوا في الشبهات بشأن النبيّ صلى الله عليه وسلم. لو وردت في التوراة نبوءة بكلمات صريحة أن القادم سيكون من بني إسماعيل وسيكون اسمه محمد (ﷺ) واسم أبيه عبد الله بن عبد المطلب واسم أمه آمنة فكيف كان لليهود أن ينكروه؟ ولكن لسوء حظهم لم يكن في النبوءة هذا التصريح بل جاء فيها أنه سيكون من إخوتكم ولكنهم زعموا أن المراد من ذلك هم بنو إسرائيل حصرا".

 

كما رأينا يقرر الميرزا أنه لو كان الدجال رجلًا محددًا لكان سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم بيّن ذلك بذكر اسم هذا الرجل واسم والديه، ويرى الميرزا أنه بما أنّ سيدنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم لم يبيّن ولم يصرح باسم الدجال ولا اسم والديه، إذن علينا ألا نتصور أنه رجل محدد، ويجب أن نبحث عن معنى لكلمة الدجال من خلال القواميس العربية، وأيضًا رأينا أنّ الميرزا يرى أنه لتوضيح النبوءات وجعلها جلية بيّنة عن شخص محدد سيأتي في المستقبل، فلا بد من ذكر ما يَتَعَرّف به الناس على هذا الشخص بكل سهولة ولا يقعوا في الفتنة والابتلاء.

وبنفس هذا المبدأ العقلي التي قرره الميرزا، نقول: إنّ سيدنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم حينما أراد تحديد شخصية المسيح الموعود القادم في آخر الزمان، فقد قام صلى الله عليه وسلم في حديثه لأصحابه رضي الله عنهم ليتعرفوا عليه لو قابلوه أو لو قابله غيرهم من المسلمين، فقام صلى الله عليه وسلم بذكر اسمه واسم أمه وملامحه وصفاته، والحالة الجسدية التي سيكون عليها حينما يرونه لأول مرة، واسم البلدة وأي جهة من هذه البلدة التي ينزل عندها سيدنا عيسى عليه السلام، بل ذكر لون ملابسه، وعدد قطع ملابسه، وبالتالي لا يصح من الأحمديين مع كل هذه المواصفات تمييع شخصية المسيح الموعود، وذلك بالتأويل لكل ما ذكره سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، فيأوّل الميرزا اللون الأصفر للملابس بمعنى الأمراض التي يعانيها، وأنّ النزول بمعنى المجيء، وأنّ الملائكة التي تكون معه بأنهم أصحاب الميرزا المخلصين، وأنّ البلدة دمشق ليست بالمعنى الحرفي الحقيقي لبلدة دمشق، وإنما المقصود قرية تشبهها وهي قاديان، وأما بالنسبة لما يراه الميرزا أنّ سيدنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم قد وصف المسيح القادم في رؤيا بأنه آدم أي أسمر اللون، وأنّ لون سيدنا عيسى عليه السلام أبيض أحمر، وهذا يمنع أن يكون القادم هو سيدنا عيسى عليه السلام، فإنه من المعلوم أنّ الرؤى على العموم تزخر بالرمزيات والاستعارات، وتحتاج إلى التأويل وبخاصة إذا كانت تتعارض مع الواقع كما رأينا في وصف سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضي الله عنهم المسيح القادم بأنه أبيض أحمر، وكان متوافقًا مع الرؤية البصرية لسيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم  لسيدنا عيسى عليه السلام في المعراج، فكان لزامًا تأويل رؤيا سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم لسيدنا عيسى عليه السلام بأنه آدم رَفعًا للتناقض الظاهري في النصوص الحديثية([18]).

والنص التالي في منتهى الأهمية، حيث سنرى الميرزا بعد أن ذكر كثيرًا جدًا في كتبه الأخذ بظاهر حديث رؤيا سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم بأنّ المسيح القادم آدم أي أسمر اللون، وأنّ هذا اللون هو لونه – أي لون الميرزا، وأنّ طوافه بالبيت كطواف الحارس للحفاظ على البيت، بينما الدجال من خلفه كان يطوف بالبيت العتيق كما يطوف السارق الذي يريد سرق البيت الذي كان يطوف حوله الحارس، فقد ذكر الميرزا في كتابه (أيام الصلح) أنّ الدجال الذي كان يطوف بالبيت ليس هو الدجال الكافر، بل هو من أسلم وآمن من الدجالين، وأنّ طوافهم بالبيت العتيق ليس كمن يطوف لسرقة البيت، وإنما هو طواف المسلمين. يقول الميرزا([19]):"... أما إذا كانت أُوْلَى مهمات المسيح الموعود استئصالَ الفتن الدجالية، فإن التوجه إلى الحج مخالف للنبوءة النبوية ما لم نفرغ من هذا العمل، وسيكون حجُّنا عندما يقوم الدجال أيضًا بالطواف ببيت الله بعد أن يقلع عن الكفر والدجل (1)، لأنه بموجب الحديث الصحيح ذلك هو الوقت المناسب لحج المسيح الموعود. فاقرأوا الحديث في مسلم حيث رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - المسيح الموعود والدجال يطوفان بالكعبة متقاربين، فلا تقولوا إن الدجال سوف يُقتل؛ ذلك لأن الحربة السماوية التي بيد المسيح الموعود لا تقتل جسدَ أحد، بل سوف تقضي على كفره وأعذاره الباطلة، وأخيرًا سوف يؤمن حزب من الدجال فيحج، فعندما تتولد أفكار الإيمان والحج عند الدجال فتلك هي الأيام لحَجنا، أما الآن فمهمتنا الأولى التي فوَّضها الله إلينا هي قمع الفتنة الدجالية، فهل يمكن لأحد أن يتصرّف بما يخالف مشيئة سيده؟".

وفي الحاشية (1) يقول الميرزا:"فلا يعترضنْ أحد هنا على أنه قد ذكرتُ في كتاب "إزالة الأوهام" أن طواف الدجال سيكون بسوء النية كما يطوف اللص بالبيت بنية فاسدة، وأن هذا البيان يُنافي ذلك، لأن الدجال في الحقيقة اسم حزب المفسدين الذين يريدون نشر الشرك والنجاسة في الأرض. فيتبين من التأمل في القرآن والأحاديث بتعمُّق أنه صحيح أن حزبًا من الدجالين سيَهُمّ إلى يوم القيامة أن يضر الحق، وأن طوافهم سيكون على شاكلة طواف اللصوص الذين يطوفون بالبيوت ليلًا، إلا أن الفئة التي سيهَب الله لها البصيرة والهدى فإن طوافهم يكون بالإيمان والاهتداء .. فالمعنى الحقيقي للحديث حصرًا أن الحديث الذي يفيد طواف الدجال سيتحقق بوجهيه، والأحداث الخارجية أيضا تشهد على ذلك؛ إذ يستعد بعض النصارى لاعتناق الإسلام وقد تخلوا عن الدين المسيحي من قلوبهم، بينما البعض يريدون تخريب بيت الله كاللصوص ويقومون بأنواع المكر. منه".

إذن طالما ارتد الميرزا عن موقفه بخصوص الدجال الذي كان يطوف بالبيت من حزب واحد يطوف بالبيت في محولاته لهدم الإسلام، إلى أنّ الدجال حزبان، وأنّ من يطوف بالبيت هم حزب من آمن من الدجالين وأرادوا الحج، فلماذا لا نؤول أيضًا أنّ المسيح القادم هو سيدنا عيسى عليه السلام وقد تغير لونه من الأبيض الأحمر إلى اللون الآدم بسبب التعرض للشمس، أو نؤول أنّ هذا الرجل الآدم أنه ليس سيدنا عيسى عليه السلام على الحقيقة وإنما هو رجل أسمر اللون واسمه عيسى بن مريم أيضًا، وأنه أراد خداع المسلمين وادعاء النبوة بأنه المسيح بن مريم، وأنّ كلا هذا المسيح الآدم والدجال كانا يطوفان بالبيت كطواف السراق، ونرى ذلك جليًا في الميرزا الآدم اللون، وكذلك (عبد الرحمن كوناتي) أسود اللون الذي يدعي أنه هو المسيح الموعود.

د.ابراهيم بدوي

27/9/2024

 

 

 


[1] كتاب (إزالة الأوهام) 1891م صفحة 296.

[2] قال الميرزا في كتاب (إتمام الحجة) 1893م صفحة 60 أنّ الأدلة القطعية لا تكون إلا في القرآن الكريم والأحاديث المتواترة بشرط قطعية الدلالة.

[3] في كتاب (إزالة الأوهام) 1891م صفحة 210 يقول الميرزا:" ... يعرف المنصفون والمحققون جيدا أن بعض المشايخ المعاصرين قد اعتبروني معارضا لأفكارهم القديمة إلى حد كبير، ولكن التأمل الرصين يبرهن على أني لا أعارض أفكارهم بالقدر الذي أثاروا به ضجة، إذ ما ادّعيت إلا كوني مثيل المسيح، وكذلك ما ادّعيت أن فكرة المماثلة قد انقطعت من بعدي، بل من الممكن عندي أن يأتي في المستقبل حتى عشرة آلافٍ من أمثال المسيح مثليأما في هذا العصر فأنا مثيل المسيح فيه، ولا جدوى من انتظار مثيل آخر. والواضح أيضا أن القول بإمكانية ظهور عديدٍ من أمثال المسيح ليس من بنات أفكاري فقط، بل يتبين ذلك من الأحاديث أيضا؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال إنه سيكون هناك نحو ثلاثين دجالا إلى نهاية الدنيا. فمن الواضح أنه إذا كان ظهور ثلاثين دجالين ضروريا، فلا بد أن يكون هناك ثلاثون مسيحا أيضا بحكم المثل: "لكل دجال عيسى". فمن الممكن بحسب هذا القول، بل ممكن جدا؛ أن يأتي في زمن من الأزمان مسيح تنطبق عليه بعض كلمات الحديث الظاهرية أيضا ".

[4] " حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ تَابَعَهُ عُقَيْلٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ" البخاري، حديث صحيح.

[5] يقول الميرزا:"وإذا قلتم: أين وُصِفَ عيسى - عليه السلام - كشخصٍ من الأمة؟ قلتُ: اقرأوا في صحيح البخاري حديثا جاء فيه:"إمامكم منكم" لا شك في أن الخطاب في "منكم" موجَّه إلى جميع أفراد الأمة الذين سيأتون منذ زمن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى نهاية الزمن. ولكن من الواضح تماما أنه إذا كان المراد به أفراد الأمة فقط، وقد بشِّر أبناؤها أن ابن مريم الآتي سيكون "منكم" وسيولد فيكم؛ فمعنى ذلك، بتعبير آخر، أن ابن مريم الآتي لن يكون نبيّا، بل أحد من الأمة فقط".

[6] "حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَا وَاللَّهِ مَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعِيسَى أَحْمَرُ وَلَكِنْ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ سَبْطُ الشَّعَرِ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً أَوْ يُهَرَاقُ رَأْسُهُ مَاءً فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا ابْنُ مَرْيَمَ فَذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ جَسِيمٌ جَعْدُ الرَّأْسِ أَعْوَرُ عَيْنِهِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا هَذَا الدَّجَّالُ وَأَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ قَالَ الزُّهْرِيُّ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ هَلَكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ" البخاري، صحيح.

[7] تعريف الكشف: قال الجرجاني في "التعريفات" (1178) : (الكشف في اللفظ : رفع الحجاب ، وفي الاصطلاح: هو الإطلاع على ما وراء الحجاب من المعاني الغيبية والأمور الحقيقية وجوداً وشهوداً).

وسواء أكان الإسراء أو المعراج بالحقيقة أو بالكشف فإن رؤية سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم لسيدنا عيسى عليه السلام، فهي من الأمور الحقيقية وجودًا وشهودًا لأنّ سيدنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بعد ذلك وصف سيدنا عيسى عليه السلام بنفس الملامح لأصحابه رضي الله عنهم، ولم يصفه سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضي الله عنهم بأنه آدم لأنه صلى الله عليه وسلم يعرف أنها رؤيا منامية يجب تأويلها في مقابل ما رآه بالحقيقة من ملامح سيدنا عيسى عليه السلام في الإسراء والمعراج.

[8] "بَيْنا أنا نائِمٌ رَأَيْتُنِي أطُوفُ بالكَعْبَةِ، فإذا رَجُلٌ آدَمُ، سَبْطُ الشَّعَرِ، بيْنَ رَجُلَيْنِ، يَنْطُفُ رَأْسُهُ ماءً، فَقُلتُ: مَن هذا؟ قالوا: ابنُ مَرْيَمَ، فَذَهَبْتُ ألْتَفِتُ فإذا رَجُلٌ أحْمَرُ جَسِيمٌ، جَعْدُ الرَّأْسِ، أعْوَرُ العَيْنِ اليُمْنَى، كَأنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طافِيَةٌ، قُلتُ: مَن هذا؟ قالوا: هذا الدَّجَّالُ، أقْرَبُ النَّاسِ به شَبَهًا ابنُ قَطَنٍ" الراوي عبد الله بن عمر، البخاري، حديث صحيح.

"حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَا وَاللَّهِ مَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعِيسَى أَحْمَرُ وَلَكِنْ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ سَبْطُ الشَّعَرِ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً أَوْ يُهَرَاقُ رَأْسُهُ مَاءً فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا ابْنُ مَرْيَمَ فَذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ جَسِيمٌ جَعْدُ الرَّأْسِ أَعْوَرُ عَيْنِهِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا هَذَا الدَّجَّالُ وَأَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ قَالَ الزُّهْرِيُّ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ هَلَكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ" الراوي عبد الله بن عمر، البخاري، حديث صحيح.

أُرانِي اللَّيْلَةَ عِنْدَ الكَعْبَةِ، فَرَأَيْتُ رَجُلًا آدَمَ، كَأَحْسَنِ ما أنْتَ راءٍ مِن أُدْمِ الرِّجالِ، له لِمَّةٌ كَأَحْسَنِ ما أنْتَ راءٍ مِنَ اللِّمَمِ، قدْ رَجَّلَها، تَقْطُرُ ماءً، مُتَّكِئًا علَى رَجُلَيْنِ أوْ علَى عَواتِقِ رَجُلَيْنِ، يَطُوفُ بالبَيْتِ، فَسَأَلْتُ: مَن هذا؟ فقِيلَ: المَسِيحُ ابنُ مَرْيَمَ، ثُمَّ إذا أنا برَجُلٍ جَعْدٍ قَطَطٍ، أعْوَرِ العَيْنِ اليُمْنَى، كَأنَّها عِنَبَةٌ طافِيَةٌ، فَسَأَلْتُ: مَن هذا؟ فقِيلَ: المَسِيحُ الدَّجَّالُ" الراوي عبد الله بن عمر، البخاري، حديث صحيح.

"أَرانِي لَيْلَةً عِنْدَ الكَعْبَةِ، فَرَأَيْتُ رَجُلًا آدَمَ كَأَحْسَنِ ما أنْتَ راءٍ مِن أُدْمِ الرِّجالِ، له لِمَّةٌ كَأَحْسَنِ ما أنْتَ راءٍ مِنَ اللِّمَمِ، قدْ رَجَّلَها فَهي تَقْطُرُ ماءً، مُتَّكِئًا علَى رَجُلَيْنِ، أوْ علَى عَواتِقِ رَجُلَيْنِ، يَطُوفُ بالبَيْتِ، فَسَأَلْتُ مَن هذا؟ فقِيلَ: هذا المَسِيحُ ابنُ مَرْيَمَ، ثُمَّ إذا أنا برَجُلٍ جَعْدٍ قَطَطٍ، أعْوَرِ العَيْنِ اليُمْنَى كَأنَّها عِنَبَةٌ طافِيَةٌ، فَسَأَلْتُ مَن هذا؟ فقِيلَ: هذا المَسِيحُ الدَّجَّالُ" الراوي عبد الله بن عمر، صحيح مسلم، حديث صحيح.

[9] "أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ، والْأَنْبِيَاءُ أَوْلَادُ عَلَّاتٍ، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ" البخاري، صحيح.

"حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ، الْأَنْبِيَاءُ أَوْلَادُ عَلَّاتٍ، وَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ" (2365) مسلم، صحيح.

"حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ آدَمَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ليس بَيني وبينه نَبِيٌّ – يعنى عيسى – وإنَّه نازلٌ، فإذا رأَيْتُموه فاعْرِفوهرجُلٌ مربوعٌ، إلى الحُمْرةِ والبَيَاضِ، بين ممصَّرتَيْنِ، كأنَّ رأسَهُ يقطُرُ، وإنْ لم يُصِبْهُ بَلَلٌ، فيقاتِلُ النَّاسَ على الإسلامِ، فيدُقُّ الصَّليبَ، ويقتُلُ الخِنْزيرَ، ويضَعُ الجِزْيةَ، ويُهلِكُ اللهُ في زمانِهِ المِلَلَ كلَّها، إلَّا الإسلامَ، ويُهلِكُ المسيحَ الدَّجَّالَ، فيمكُثُ في الأرضِ أربعين سَنَةً، ثمَّ يُتوفَّى، فيُصلِّي عليه المُسلِمونَ.، الراوي:أبو هريرة، المحدث:أبو داود، المصدر:سنن أبي داود، الصفحة أو الرقم:4324، خلاصة حكم المحدث:سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح].

"الأنبياءُ إخوةٌ لعَلَّاتٍ ، أمهاتُهم شتَّى ، ودينُهم واحدٌ ، وأنا أولى الناسِ بعيسى ابنِ مريمَ ؛ لأنه لم يكنْ بيني وبينَه نبيٌّ ، وإنه خليفتي على أمتي ، وإنه نازلٌ ، فإذا رأيتموه فاعرِفوه ، فإنه رجلٌ مربوعُ الخَلْقِ إلى الحُمرةِ والبياضِ ، سَبِطُ الشَّعْرِ ، كأنَّ شَعْرَه يقطُرُ ، وإنْ لم يُصبْه بللٌ ، بين ممصرتين ، يدُقُّ الصليبَ ، ويقتُلُ الخِنزيرَ ، ويَفيضُ المالُ ، ويقاتلُ الناسَ على الإسلامِ حتى يُهلكَ اللهُ في زمانِه المِلَلَ كلَّها ، ويُهلكَ اللهُ في زمانِه مَسيخَ الضلالةِ الكذَّابَ الدجَّالَ ، وتقعُ في الأرضِ الأمَنَةُ حتى ترتَعَ الأسودُ مع الإبلِ ، والنُّمُرُ مع البقرِ ، والذئابُ مع الغنمِ ، وتلعبَ الغِلمانُ بالحياتِ ، لا يضرُّ بعضُهم بعضًا ، فيثبُتُ في الأرضِ أربعين سنةً ، ثم يُتوفَّى ويصلِّي المسلمون عليه ويدفِنوه"

الراوي:أبو هريرة، المحدث:ابن جرير الطبري، المصدر:تفسير الطبري، الصفحة أو الرقم:3/1/373، خلاصة حكم المحدث:متواتر، التخريج:أخرجه أبو داود (4324)، وأحمد (9630) باختلاف يسير، والطبري في ((تفسيره)) (6/459) واللفظ له

[10] يُقصد بالتعبير "أبيض أحمر" أن بياضه صحي يرمي إلى الإحمرار، وليس بالبياض المرضيّ مثل من يعانون من أمراض جلدية تتسبب في اللون الأبيض شديد البياض للجلد مثل مرض البهاق.

[11] المربوع أي من لا يكون طويلًا أو قصيرًا، أي بين ذلك وذلك.

[12] رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بي مُوسَى رَجُلًا آدَمَ طُوَالًا جَعْدًا، كَأنَّهُ مِن رِجَالِ شَنُوءَةَ، ورَأَيْتُ عِيسَى رَجُلًا مَرْبُوعًا، مَرْبُوعَ الخَلْقِ إلى الحُمْرَةِ والبَيَاضِ، سَبِطَ الرَّأْسِ، ورَأَيْتُ مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ، والدَّجَّالَ في آيَاتٍ أَرَاهُنَّ اللَّهُ إيَّاهُ؛ {فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ} [السجدة: 23]. قالَ أَنَسٌ، وأَبُو بَكْرَةَ: عَنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: تَحْرُسُ المَلَائِكَةُ المَدِينَةَ مِنَ الدَّجَّالِ" الراوي:عبدالله بن عباس، المحدث: البخاري، المصدر:صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم:3239، خلاصة حكم المحدث:[صحيح] [وقوله: قال أنس وأبو بكرة... معلقان، وصلهما في موضعين آخرين].

"مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بي علَى مُوسَى بنِ عِمْرانَ عليه السَّلامُ، رَجُلٌ آدَمُ طُوالٌ جَعْدٌ كَأنَّهُ مِن رِجالِ شَنُوءَةَ، ورَأَيْتُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ مَرْبُوعَ الخَلْقِ إلى الحُمْرَةِ والْبَياضِ، سَبْطَ الرَّأْسِ، وأُرِيَ مالِكًا خازِنَ النَّارِ، والدَّجَّالَ في آياتٍ أراهُنَّ اللَّهُ إيَّاهُ، {فَلا تَكُنْ في مِرْيَةٍ مِن لِقائِهِ} [السجدة: 23]، الراوي:عبدالله بن عباس، المحدث:مسلم، المصدر:صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم:165، خلاصة حكم المحدث:[صحيح].

[13] كتاب (إزالة الأوهام) 1891م صفحة 410، يقول الميرزا:" وليس في غير محله الذكر هنا؛ أنه ما دامت كل الأحاديث تقريبا تطابق القرآن الكريم وتؤيد موقفنا - وإن ورد حديث على سبيل الندرة يعارض مجموعة الأحاديث اليقينية - فعلينا إما أن نعتبره خارجا عن النصوص، أو نؤوله؛ لأنه لا يمكن أن نهدم - بناء على حديث ضعيف نادر الوجود - بناءً متينًا شيَّدته نصوص القرآن الكريم والأحاديث الشريفة. فإما أن يسقط حديث مثله تلقائيا لكونه معارضا لنصوص القرآن، أو سيُعتبَر قابلا للتأويل. وكل عاقل يعرف جيدا أن غاية ما يفيده خبر الآحاد هو الظن فقط، ولا يضر الثبوتَ القطعي واليقيني شيئا. فهناك أحاديث كثيرة في صحيحَي مسلم والبخاري لم يقبلها رئيس الأئمة .. أي الإمام الأعظم، ومنها ما لم يقبله الإمام الشافعي أيضا. كذلك ترك الإمام مالك بعض الأحاديث التي تُعدّ في مرتبة عليا من الصحة. ولقد قال بعض المحدثين إنه عندما سيأتي المسيح الموعود إلى الدنيا سيبني معظم استدلاله على القرآن الكريم، ويترك بعض الأحاديث التي يثق المشايخ المعاصرون بصحتها".

وفي صفحة 649 يقول الميرزا:" لقد قلتُ قبل قليل بأنه كان من عادة الصحابة والسلف الصالح أنهم كلما وجدوا تعارضا واختلافا بين حديث وآية، انصرفوا إلى تأويل الحديث".

وفي صفحة 683 يقول الميرزا:" لقد جاء أحيانا في الأحاديث، في بيان ملامح المسيح - عليه السلام - أنه: أحمر، رجِلُ الشعر، وجاء أحيانا أخرى، " آدَمُ أسمر [لاحظوا أن الحديث الذي جاء فيه أنه عليه السلام آدم أي أسمر كان رؤيا منامية قابلة للتأويل]، سَبِط الشعر"، فهناك تأويلات للتوفيق بين هذين القولين [يجب تأويل الرؤيا المنامية للتتوافق مع الواقع الحقيقي الحرفي الذي ذَكَرَ فيه سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ملامح سيدنا عيسى عليه السلام كما جاء في وصفه له عليه السلام في الإسراء والمعراج، وكذلك في كلامه صلى الله عليه وسلم المباشر لأصحابه رضي الله عنهم بأنه عليه السلام أبيض أحمر] . وكذلك إن استخدام التمثيلات والاستعارات والمجاز في كلام الله في أمور أخرى أيضا مسلَّم به عند المسلمين. ولكن لو استُخدمت التأويلات والتمثيلات والاستعارات والمجاز في كل مكان، لأمكن لملحد ومنافق ومبتدع أن يفسر كلمات الله الطيبات بحسب رأيه الخاطئ وأفكاره الباطلة، لذا لا بد من وجود أسباب قوية وموجبات حقة لاستنباط معانيَ أخرى إضافة إلى المعاني الحرفية. توجد في كلمات الله الطيبات استعارات كثيرة، ولكن هل يمكننا بناء على ذلك أن نتشجع على استخدام الاستعارة والمجاز في كل مكان؟ كلا. هل يمكن أن نستخدم الاستعارات في العبادات والمعاملات وأمور التمدن والعِشرة، وفي أحكام الأخلاق والسياسة أيضا؟ كلا. بل قد بيّن لنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه هذه الأمورَ عمليًّا، وقد بلغتنا صورتها العملية بتعامُل الأمة، فجزاهم الله أحسن الجزاء. أما ما ذُكر في النبوءات، وما نراه في كُشوف الأنبياء عليهم السلام وفي الرؤى الصالحة، فلا شك أنه يحدث في عالم الأمثالكذلك إن بعض أخبارهم الماضية والحقائق الكونية وأشكال عالَم الأمثال وأساليبه تختلف جذريا عن أشكال العالم المادي وأساليبهففي مثل هذه المواضع ستُحوِّل العلومُ الضروريةُ واليقينيةُ، والإلهاماتُ الصادقة ومشاهداتُ واقع الأمور وحقائقُها والقواعدُ الشرعية، تلك النصوصَ من الظاهر إلى معنى آخر لا محالة".

إذن كما قرر الميرزا أنّ "مشاهداتُ واقع الأمور وحقائقُها" كما كان سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم يصف لأصحابه سيدنا عيسى عليه السلام بأنه أبيض أحمر، وهذا هو الواقع الحقيقي الحرفي في كلامه صلى الله عليه وسلم، فيجب تحويل ما يخالف الواقع كما يحديث في الرؤى المنامية الى التأويل واعتبار ما فيها استعارات ومجازات، وليس العكس.

بينما في كتاب (أيام الصلح) 1899م صفحة 219 نجد عكس ما أثبته الميرزا كما رأينا في كتاب (إزالة الأوهام) حيث دار حوار بين الميرزا وبين أحد المعارضين بخصوص مسألة ملامح سيدنا عيسى عليه السلام وعلاقتها بالرؤى كالتالي: "قوله [أي قول المعارض للميرزا]: بيان الملامح بالصورتين الوارد ذكرهما في الأحاديث هو رؤيا وكشف، لهذا كما تكون الرؤى يمكن أن تتراءى حلية واحدة في حليتين.

أقول [أي إجابة الميرزا للمعارض]: هذه إساءة الظن في الكشف الأكمل والأتم، فقد أجمعت الفِرق الإسلامية كلها على أن كشف النبي - صلى الله عليه وسلم - ورؤياه من الوحي. وإذا حصل اختلافٌ في الوحي لفسدت الشريعة كلُّها، لذا فإن مثل هذا الظن في رؤيا النبي - صلى الله عليه وسلم - إساءة شنيعة. ويجب أن يتوب صاحبُه، فلو ورد في وحي النبوة شيء مرة وشيء آخر مرة أخرى، لارتفع الإيمان. يقول الله - سبحانه وتعالى -: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} فتأمل".

فقد رأينا الكثير من الرؤى للأنبياء حيث اختلف ما في الرؤى مع الواقع مثل رؤيا سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم لأصحابه كبقر يذبح، ورؤيا سيدنا يوسف عليه السلام لأبيه وأمه وأخوته بالشمس والقمر والكواكب، ولو أقررنا تنزلًا بما يراه الميرزا أن معراج سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم كان بالكشف وليس بالحقيقة، فقد كانت ملامح سيدنا عيسى عليه السلام في المعراج حيث كان أبيض أحمر وقد اختلفت عما في الرؤيا المنامية أنه عليه السلام آدم أي أسمر.

[14] في كتاب (البراهين الأحمدية) الأجزاء الأربعة الأولى من 1880 الى 1884م صفحة 90 في معرض كلام الميرزا على رأي الآريين والقساوسة وطعنهم في سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وكتاب الله بدون أدلة يقول الميرزا:"أن كافة علامات الصدق التي اجتمعت في شخص النبيّ صلى الله عليه وسلم  بوجه كامل لا يمكن لأحد أن يثبت ولا واحدة منها في أي نبيّ غيره . إن الآتيان بهراء الكلام ليس صعبا، فللمرء أن يهذي كما يشاء فلا وازع له ولا رادع . أمّا الرد المعقول والمدعوم بالدليل فهو شرط الانصاف".

وفي النص التالي  يتهم الميرزا الآريين الهندوس أنّهم يدّعون أنّ كتابهم المقدس "الفيدا" هو من عند الله تعالى، ولم يأتوا بأدلة على هذا الادعاء إلا من نصوص هي في كتابهم تقول إنّه من الله تعالى، فيصفهم الميرزا بأنهم غير عاقلين، ففي كتاب (ينبوع المعرفة) 1908م صفحة 68 يقول الميرزا:"من المؤسف أن هؤلاء الناس لا يدرون أن الادعاء بلا دليل ثم الإتيان بكلام هراء بناء على الادعاء نفسه وتسميته دليلا ليس من شيمة العاقلين. فليكن معلوما أن مسؤولية إثبات أن تاريخ الفيدا يعود إلى بداية الدهر تقع على الآريين أولا، ثم يمكنهم أن يقولوا شيئا آخر".

وأيضًا في كتاب (ينبوع المعرفة) 1908م صفحة 143 يقول الميرزا:"...وإن تقديم الشبهة مقابل ذلك أن الحيوانات التي تأكل اللحم قد أكرهت على ذلك عقوبة لها ما هو إلا ادعاء بلا دليلكذلك يكتفي هؤلاء القوم بادعاء فقط دائما بدلا من تقديم الدليل. لا ندري هل يريدون أن يخدعوا بذلك عامة الناس أو لا يستطيعون إلى الآن أن يميزوا بين الادعاء والدليل...".

وفي كتاب (ترياق القلوب) 1898م صفحة 226 يقول الميرزا:"ومن الجدير بالذكر أن من خواص الطبائع في الدنيا منذ الأزل أن يميل معظم بني آدم إلى الكذب والافتراء والمبالغاتوبسبب هذه الفتن مسّت الحاجة لشهود عدلٍ وشهادات الرؤية. فمن الواضح أنه لو كان بيد أحد من أهل السنة أو الشيعة كرامات لمرشديهم، من بعد زمن النبي صلى الله عليه وسلم، مدعومة بالأدلة البينة وشهادات الرؤية كما قدمنا آياتنا، لما جلسوا صامتين واجمين كل هذه المدة. قبل زمن بعيد ناشدتُ بالله هؤلاء الناس أن يقدِّموا، إن كان لديهم، نظير هذه الآيات، ولكن لم يقدر على ذلك أحد. والمعلوم أن ما يُقدَّم بلا دليل غير جدير بالقبول، والقصص المنسوجة لتعليل النفوس فقط لا يمكن أن تسمَّى كرامةًمن المؤسف حقا أن الناس لا يفرِّقون في هذا الزمن بين الادّعاء والدليلولو طُلب منهم على الادّعاء دليلٌ لقدموا ادَعاءً آخر ولا يدرون ما هو الادّعاء وما هو الدليل...".

[15] كتاب (حمامة البشرى) 1894م صفحة 74.

[16] كتاب (إزالة الأوهام)1891م صفحة 255.

[17] كتاب (الملفوظات) المجلد 6 صفحة 339 تحت العنوان " سنة الله في النبوءات".

[18] وهذه بعض النصوص من الميرزا تبيّن رأيه في ضرورة الاحتياج للتأويل للرؤى وبخاصة إذا تعارضت مع نصوص أخرى واضحة:

في كتاب (أيام الصلح) 1899م صفحة 58 يقول الميرزا:"... إن رؤية نبينا - صلى الله عليه وسلم - أدعياء النبوة الكاذبين على صورة سوارين هو من هذا القسم من الوحي. كما كانت رؤيته ذبح البقرات أيضا من هذا النوع من الوحي، وإن وفاة أطول الأزواج يدًا قبل غيرها أيضا من هذا النوع من الوحي، وإن البيان في وحي النبي ملاخي أن النبي إيليا سيُبعث ثانية، وأنه سينزل في قرية معينة من قرى اليهود، كان أيضا من هذا النوع من الوحي، كذلك ظهور وباء المدينة على صورة امرأة شعثاء أيضا كان من هذا النوع من الوحي، وكذلك الدجال الذي هو فريق مخادع قد رُئي على هيئة شخص واحد، فهو أيضا من هذا النوع من الوحي. فهناك آلاف النماذج لذلك في وحي الأنبياء، حيث ظهرت أمور روحانية في صورة مادية أو شوهدت جماعة في صورة شخص واحد، فمن سنة الله لجميع الناس بمن فيهم الأنبياء أيضا أن السمة الغالبة على الإلهام والوحي والرؤيا والكشف هي الاستعارات، فمثلا لو جمعتم مئتي أو أربعمائة شخص وسمعتم رؤاهم لوجدتم معظمها زاخرة بالاستعارات، فبعضهم يكون قد رأى ثعبانا وغيره ذئبا وغيرُه فيضانات وغيرُه بستانا وبعضهم فواكه وبعضهم نارا، وستكون كل هذه الأشياء قابلةً للتأويل؛ فقد ورد في الأحاديث أن الأعمال الصالحة وغير الصالحة تتمثل في القبر إنسانا، فبهذه النقطة تزول جميع التناقضات وتنجلي الحقيقة، فطوبى لمن تدبَّرها".

وفي كتاب (التحفة الجولروية) 1900م صفحة 131 ويقول الميرزا:"...ويُذكر مقابل كل هذا حديثٌ ظني ورد في مسلم تلتصق به مئات الشبهات كالنمل، وهو يناقض بظاهر النص القرآنَ الكريم صراحة وينافيه. والغريب في الأمر أنه لم ترد في رواية مسلم كلمةُ "السماء" أيضا. ومع ذلك هم يفسرون الحديث بأن عيسى - عليه السلام - سينزل من السماء (1). مع أن القرآن الكريم يعلن بأعلى صوته إن عيسى ابن مريم رسول الله قد دُفن في الأرض وليس لجسمه أي أثر في السماء. فأخبرونا الآن أيًّا من هاتين النبوءتين المتعارضتين نقبل؟ فهل نترك القرآن من أجل رواية مسلم؟ ونرمي من أيدينا كومة البراهين؟ فمن منتنا على "مسلم" أننا قبلنا الحديث باللجوء إلى التأويل، وإلا كان من حقنا لرفع التناقض أن نعدّ الحديث موضوعا. لكن بالتدبر بإمعان يتبين أن الحديث في الحقيقة ليس موضوعا، لكنه زاخر باستعاراتومعلوم أنه إذا أُريد بنبوءةٍ اختبارٌ تكون فيها استعاراتٌ، وليس شرطًا أن يفسَّر كل نبأ بحسب نصه الظاهر. وأمثال ذلك في الأحاديث وكتاب الله تقدر بمئات...".

[19] كتاب (أيام الصلح) 1899م صفحة 228.

 

تعليقات

التنقل السريع