مقال (547) الكشوف عند مؤسسي الطائفة الأحمدية القاديانية، ومشاركة الغير مع صاحب الكشف.
الكشوف
وتأولها وما يتفرع عنها هي من جملة العلوم الأساسية التي يعتمد عليهًا الأحمديون
القاديانيون، وعلى رأسهم مدعي النبوة المؤسس الميرزا غلام، والخلفاء الأحمديون
القاديانيون، وعلى رأسهم بشير الدين محمود الخليفة الأحمدي الثاني، والحكيم نور
الدين الخليفة الأحمدي الأول، فيعتبرون وقائعًا وقعت بالفعل؛ أنها لم تكن على
الحقيقة الواقعية، بل كانت كشوفًا، أي تصورات ذهنية خيالية حدثت للأنبياء في
اليقظة، ثم يأولونها بتأويلات تخرج هذه الوقائع من دلالاتها الظاهرة التي لا تتفق
مع أفكار وعقائد الأحمديين، إلى دلالات يريدونها عمدًا مغايرة لأصل الواقعة، ويريدون
تثبيتها في ذهن أتباعهم؛ بدعوى أنّ هذه الوقائع لم تكن على الحقيقة، ولأنّ هذه
الوقائع قد حدثت أمام البعض ممن كانوا حول الأنبياء، فاضطر الميرزا غلام وأتباعه
من الخلفاء الأحمديين إلى الزيادة على هذه العقيدة، بالادعاء أنّ الناس سواءً
أكانوا من المسلمين أو كانوا من غيرهم، وفي نفس مكان صاحب الكشف أو في أماكن أخرى
بعيدة، قد شاركوا أصحاب الكشوف في مشاهدة ما يرونه من أمور غيبية، بل وتفاعلوا
معهم أيضًا، وعقيدة الكشوف والمشاركة فيها من أخطر العقائد التي تبنتها الأحمدية،
ولذلك كان لا بد من بحثها، وبحث ما يتعلق بها، وذلك لبيان فسادها، وأنّه ليس عند
الأحمديين أي دليل قطعي من الشريعة الإسلامية عليها.
ومن أخطر
المساوئ لعقيدة الكشوف، والتي من شأنها تخريب كل أصول الإسلام، حيث يعتبر الميرزا
غلام أنّ الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة بحسب رأي المُحَدِّثين وعلماء الحديث،
أحاديثًا صحيحةً من خلال الكشوف، وأنّ ما يراه علماء الحديث صحيحًا، فالميرزا
بالكشف يعتبره ضعيفًا، ضاربًا عرض الحائط بكل علوم الحديث التي تأسست عليها كافة
العلوم الإسلامية، ومنها القرآن الكريم نفسه، وبهذا الفكر المدمر يفتح الميرزا
غلام لكل أتباعه الذين هم أيضًا يرون كشوفًا، أن يقولوا مثل ما قال، ومقالة
الميرزا غلام هذه تبين كم الاختلاف والتناقض، حيث نجده في مواضع أخرى يعتبر
البخاري ناقدًا بصيرًا في فن الحديث، وفي نفس الوقت لا يعتد بما جاء في البخاري إذا
تعارض مع أفكاره([1]).
يقول الميرزا
غلام([2]):"....
إن مذهبي في الأحاديث عن صحة حديث أو عدم صحته هو أنه إذا كشف الله علي صحة حديث
يحسبه علماء الظاهر والمحدِّثون موضوعا أو مجروحا، فإني أعده حديثا صحيحا، وسأعد
الحديث الذي يخالفه ويعارضه، والذي يحسبه هؤلاء العلماء صحيحا، ضعيفا أو موضوعا.
فمثلا إن للمحدثين كلامًا في حديث "لا المهدي إلا عيسى"([3])،
ولكن الله تعالى قد کشف علي أنه حديث صحيح. وإن مذهبي هذا ليس من اختراعي
أنا، بل من القضايا المُسَلّم بها أن أصحاب الكشف والإلهام لا يحتاجون إلى نقد
المحدثين للأحاديث، وليسوا ملزمين بقولهم".
وسنرى بإذن
الله تعالى في هذا البحث أنه من حيث المعنى اللغوي والاصطلاحي، فإنّ الكشف هو
إظهار لما كان خافيًّا من الغيوب المعنوية، أو المادية؛ سواء أكانت هذه الغيوب
المادية غائبة بسبب بُعْد المكان([4])،
أو بسبب وجود ساتر أو حجاب يمنع الرؤيا في نفس الوقت والمكان([5])،
أو كان الغيب في مستقبل الزمان، وإذا كانت الرؤيا المنامية يغلب عليها الترميز
والاحتياج إلى التأويل، فلا يصح أن يقال لها على العموم أنها أحد أنواع الكشف([6])
بمعناه الاصطلاحي كما سنرى([7])،
مثل رؤيا سيدنا يوسف عليه السلام، فلا يصح أن يطلق عليها أنها كانت كشفًا لا
بالمعنى ولا بالاصطلاح، لأنّها لو كانت من أنواع الكشف لما احتاج سيدنا يوسف عليه
السلام للتاويل لفهم معناها الذي لم يظهر بظاهر ما جاء في الرؤيا، ولكن إذا كانت
الرؤيا المنامية مطابقة للواقع وكاشفة لما سيحدث في المستقبل، كما حدث في رؤيا
سيدنا إبراهيم عليه السلام، حينما رأى في المنام أنه يذبح ابنه اسماعيل عليه
السلام، فقد تطابق ما رآه مع ما حدث في الواقع([8])، فهي رؤيا منامية
كاشفة باعتبار المعنى اللغوي للكشف، وليس المعنى الاصطلاحي، أي ليست من الكشف
الاصطلاحي الذي يكون في اليقظة.
كما أنّ
شهادة بشير الدين محمود التالية مهمة وتبيّن حقيقة أنّ في الكشوف ترى الحقائق كمن
يرى بالمرقب الأشياء البعيدة على حقيقتها، وفي نفس الوقت نرفض رأيه؛ بأنّ بعض
أنواع الكشوف يحتاج إلى التأويل لأنه لم يستند في رأيه هذا إلى أي دليل معتبر، بل
يخالف المعنى اللغوي والاصطلاحي للكشوف كما سنرى.
يقول بشير
الدين محمود([9]):"
واعلم أنّ الكشوف ثلاثة: 1- ما تكون مناظره مطابقة للواقع المادي، تماما كما
يرى الإنسان بالمرقب الأشياء البعيدة، 2- ما يكون بعض مناظره مطابقا للواقع
المادي، وبعضه يتطلب التأويل، 3- ما تحتاج كل مناظره إلى التأويل".
أولّا: تعريف الكشف في اللغة والاصطلاح:
الكشف في (لسان العرب)([10]) :
"الكشْفُ
رفعُك الشيء عما يُواريه ويغطّيه كشَفه يكشِفه كشْفاً وكشَّفه فانكَشَف،...وكشَف
الأَمر يكْشِفه كَشْفاً أظهره،...وفي الحديث لو تَكاشَفْتم ما تَدافَنْتم أَي لو
انكشَفَ عَيبُ بعضكم لبعض، وقال ابن الأَثير أَي لو علم بعضُكم سَريرةَ بعض
لاستثقل تَشْيِيع جنازَتِه...".
الكشف بالمعنى اللغوي في القرآن
والآن نطلع
بعون الله تعالى على بعض آيات القرآن لفهم الدلالة اللغوية للكشف:
{وَجَاءَتْ
كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ
هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} (22)([11]).
يقول
القرطبيّ في تفسير سورة (النور):"...إِنَّ قُلُوبَ الشَّاكِّينَ تَتَحَوَّلُ
عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ الشَّكِّ، وَكَذَلِكَ أَبْصَارُهُمْ لِرُؤْيَتِهِمُ
الْيَقِينَ، وَذَلِكَ مثل قول تَعَالَى:"فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ
فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ" [ق: 22] فَمَا كَانَ يَرَاهُ فِي
الدُّنْيَا غَيًّا يَرَاهُ رُشْدًا، إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْفَعُهُمْ فِي
الْآخِرَةِ".
ويقول في
تفسير سورة (ق):" وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ بَصَرُ الْعَيْنِ وَهُوَ
الظَّاهِرُ أَيْ بَصَرُ عَيْنِكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ، أَيْ قَوِيٌّ نَافِذٌ
يَرَى مَا كَانَ مَحْجُوبًا عَنْكَ".
إذن قول الله
سبحانه وتعالى {بَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيد} أي أنّ البصر بعد كشف الغطاء؛
أي إزالة الحجب يصبح قويًّا نَافِذًا يَرَى بوضوح لا خفاء فيه مَا كَانَ
مَحْجُوبًا عَنْه من قبل، سواء أكان الغائب معنويًّا أو كان ماديًّا.
ويقول الله
سبحانه وتعالى:{قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ
لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ
قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ
لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}(44)([12]).
إذن بكشفها
عن ساقيها لم يعد هناك شيئ مختفيًّا، بل أظهرت ساقيها بكل وضوح.
الكشف بالمعنى اللغوي والاصطلاحي عند (الجرجاني)([13]):
وأما بالنسبة
لتعريف الكشف
من جهة الاصطلاح عند الجُرجاني، فيقول:"(الكشف) في اللفظ:
رفع الحجاب، وفي الاصطلاح: هو الاطلاع على ما وراء الحجاب من المعاني الغيبية،
والأمور الحقيقية وجوداً وشهوداً".
وبقوله "وجوداً
وشهوداً"، يرى الجرجاني أنّ الأمور المادية التي يُكشَف عنها، لها وجود
بالفعل، ولكنها غائبة كما بيّنت من قبل، وليست تصورات ذهنية أو خيالات ولا أوهام،
وقد شاهدها صاحب الكشف، أي أنه لا يصح أن يقال لا وجود لها في الواقع كما سنرى من
كلام بشير الدين محمود.
إذن من خلال ما
ورد في كتاب (لسان العرب)، والآيات القرآنية، وتعريف الجُرجاني، فإنّ الكشف هو رفع
الحُجُب أي إزالة السواتر المانعة لرؤية الحقائق المادية أو الحقائق المعنوية([14]).
الكشف عند الميرزا غلام:
النص الأول:
تحت العنوان
"ثلاث طرق لكلام الله تعالى"، يقول علماء الأحمدية([15]):"سأل
المولوي نور الدين عن معنى قول الله تعالى : {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ
اللَّهُ إِلَّا وَحْيَا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا
...الآية} (الشورى: 52)، وقال هناك اختلاف كبير حول هذا الأمر . فقال المسيح
الموعود عليه السلام: قبل أن أتوجه إلى بيان معنى هذه الآية أقول: إننا نرى على
أرض الواقع أن لكلام الله تعالى طرقًا ثلاثا لا رابع لها: وهي الرؤيا والكشف
والوحي. ثم بعد التسليم من صلاة العشاء قال عليه السلام: حضرة المولوي، لقد
انكشف معنى هذه الآية جيدا، فقوله تعالى: {من وراء حجاب} يعني الرؤيا، وكلام
الله الذي يكون من قبيل {من وراء حجاب} تغلب عليه الاستعارات التي هي نوع من الحجاب،
وهذه هي حال الرؤى. أما قوله تعالى {يرسل رسولا} فالمراد منه الكشوف، وليس
تمثل الرسول إلا كشفًا، والكشوف سلسلة من التمثلات. ثم قال عليه السلام بمنتهى الحماس والسعادة: كم بيّن القرآن الكريم
من علوم حقيقية وعظيمة، فهل بوسعهم أن يدلونا على آية مماثلة في الإنجيل والتوراة.
قبل بيان المسيح الموعود عليه السلام هذا
التفسير كان حضرة المولوي سأله: هل المراد من {من وراء حجاب} أن رؤية الله ليست
ضرورية، فقال عليه السلام: ليس هذا هو المراد، إنما المراد من {من وراء حجاب}
هو الرؤيا، وهذه الكلمة إنما تبين فلسفة حقيقة الرؤيا".
التعليق:
في النص
السابق بيان للفروق بين الرؤى المنامية والكشوف فيما يتعلق بالترميز والاستعارات
والاحتياج إلى التأويل، وهذا بخلاف الكشوف، ولا يعني هذا موافقتي على ما قاله أنّ
الكشوف هي تفسير لقوله الله تعالى {أو يرسل رسولا} وأنها تعني تمثل الملائكة.
النص الثاني:
ينقل علماء
الأحمدية كلامًا للميرزا غلام تحت العنوان "ما هو الكشف"، حيث يقول
الميرزا غلام([16]):"إنه
أعلى مراتب الرؤيا، وإن حالته الابتدائية التي يرافقها الغياب عن الوعي هي
التي تسمى بالرؤيا، وذلك حين يكون الجسم عاطلا وتتعطل الحواس المادية تماما.
أما الكشف فلا تغيب فيه الحواس الأخرى، فيرى الإنسان
في اليقظة ما كان يراه في النوم([17]) أي في حالة تعطل
حواسه. المراد من الكشف أن يكون الإنسان في حالة شبه
غيبوبة([18]) عن الوعي في عالم
اليقظة وهو يدرك كل شيء، وتعمل حواسه الخمسة أيضا عملها. ثم ينال
حواسّ جديدة يرى بسببها مشاهد عالم الغيب. تنال تلك الحواس بأساليب مختلفة أحيانا
في حاسة البصر وأحيانا في الشم وأخرى في السمع. أما في الشم فكما قال والد
يوسف عليه السلام: {إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ}([19]).
كان المراد من ذلك الحواس الجديدة نفسها التي أعطيها يعقوب عليه السلام وعلم
بسببها أن يوسف حي وسيلقاه قريبا. ولم يستطع
الآخرون القريبون منه أن يشموا تلك الرائحة لأنهم لم يُعطوا الحواس التي أعطيها
يعقوب عليه السلام كما يُصنع من السكر
الخام السكر الأصفر ثم السكر الأبيض ثم تصنع منه أنواع الحلويات الطيبة، كذلك
تتطور حالة الرؤيا فتأخذ صبغة الكشف، وعندما تبلغ ذروة النقاء تسمى كشفا.ولكن
الوحي أجلى وأصفى منه([20])
بكثير، ولا بد لمتلقيه أن يكون مسلما. الكشف يمكن أن يراه الهندوسي بل الملحد أيضا
الذي لا يؤمن بالله تعالى، ويستطيع أن ينال بعض الكمال فيه. ولكن الوحي
لا يمكن أن يحظى به إلا المسلم، فهو في نصيب هذه الأمة فقط، لأن الكشف جزء
من طبيعة الإنسان ويمكن أن يناله كل من يقوم بالمجاهدة، لأنه من الطبيعي أنه
كلما تمرن أحد واجتهد طرأت عليه الحالات بحسبه، وإن تلقي كل صالح وطالح الرؤيا
دليل على ذلك. لعلكم لاحظتم أن الفساق والفجار أيضا يرون رؤى صالحة أحيانا، كذلك
يمكن أن يحظوا بالكشوف أيضا بكثرة الممارسة بل يمكن أن يحظى به الحيوان أيضا.
أما الإلهام أي الوحي الإلهي فلا يحظى به أحد ما لم يتصالح مع الله كليا
وما لم يضع عنقه تحت نير طاعته. يقول الله تعالى في القرآن الكريم: إِنَّ
الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ
الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ
الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ (السجدة: 31) وقد أشير إلى ذلك في هذه الآية. إن نزول
الوحي منوط بالذين يستقيمون في سبيل الله، وهم المسلمون فقط. الوحي هو الشيء
الوحيد الذي يتناهى بسببه صوت "أنا الموجود" إلى الآذان ويخلص
الإيمان من كل شبهة، وبدونه لا يمكن أن ينال الإنسان مرتبة اليقين الكامل. ولكن
لا يُسمع هذا الصوت في الكشف مطلقا، لذلك يمكن أن يكون صاحب الكشف ملحدا
أيضا، ولكن لا يمكن للملحد أن يتلقى الوحي. في هذا المقام قال حضرة حكيم الأمة
مولانا نور الدين السائل يقصد أن تتلاشى هذه الأمنية من قلبه نهائيا، فقال صفي
الله وحبيبه عليه السلام: كيف يمكن علاج ذلك ما لم تزل عظمة الكشف المترسخة في
قلبه؟ لذلك أبين هذا الفرق. هناك كناسة تعمل في بيتنا وتسرد سلسلة من الرؤى
الصادقة، ولكن هذا لا يثبت كون المرء مقربا عند الله أو كونه صاحب كرامات. غير
أنه صحيح تماما أن كشف غير المسلم لن يكون واضحا وضوح كشف المسلم، لأن الله
تعالى يجعل تمييزا بين المسلم وغيره إذ يقول : قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا
(الشمس: 10)، ولكن الكشف لا يبلغ مبلغ الوحي. إنها ميزة خاصة بالوحي أن الله
يختار له أحدا من الناس بنفسه ويشرفه بمكالمته ويكون حافظه وناصره في كل موطن
وتنشأ علاقة صاحب الوحي بالله وتتطور يوما إثر يوم، فيلاحظ تقدما غير عادي في
إيمانه كل يوم".
التعليق:
أولًا: يقسم الميرزا غلام الكشف في عمومه
إلى عدة أقسام:
1- أولها وأدناها هي الرؤيا المنامية،
حيث يكون الإنسان غائبًا عن الوعي تمامًا، كما أنّ حواسه المادية تكون معطلة، وأنّ
الرؤيا المنامية حينما تكون في ذروة النقاء تسمى كشفًا، وهذا ما قلتُه من قبل، أنه
ينطبق على الرؤيا الواقعية المنبئة عن حدث سيحدث في المستقبل، ويمكن تحققه بنفس
الصورة التي كانت في المنام، ومثال ذلك رؤيا سيدنا إبراهيم عليه السلام حينما رأى
أنه يذبح ابنه سيدنا إسماعيل عليه السلام، وتسمية مثل هذه الرؤى بالكشف بالمعنى
الاصطلاحي لا يصح، ولكن بالمعنى اللغوي فهو مقبول.
2- وثاني الأقسام هو الكشف، ويقصد به ما يكون في
اليقظة، ومن خواصه:
·
أنه أعلى
مراتب الرؤيا، ويقصد الميرزا غلام أنه أعلى من الرؤيا المنامية التي في ذروة
النقاء والتي سماها كشفًا.
·
وأنّ ما
يراه صاحب الكشف هو في ذروة النقاء، كما أنه أعلى مرتبة من الرؤية
العادية للبشر في اليقظة، أي التي تكون في غير الكشف، حيث يرى المكشوف له ما لا يراه
غيره في يقظته المادية العادية من غير الكشف.
·
عدم غياب
الحواس في الكشف، مثل الشم والحس والبصر الطبيعي العادي.
·
في الكشف
يكون الإنسان في حالة شبه غيبوبة عن الوعي بالرغم من كونه في عالم اليقظة، فهو
يدرك كل شيء حوله، وتعمل حواسه الخمسة أيضًا عملها، ثم ينال حواسًا جديدةً يرى
بسببها مشاهد عالم الغيب.
·
ويضرب
الميرزا غلام مثالًا قرآنيًّا لحاسة الشم الجديدة، وهي أنّ سيدنا يعقوب عليه
السلام وجد رائحة ابنه يوسف عليه السلام عن بُعد، ولم يشمها بقية أبنائه وهم
بجواره، وهذا النص يوضح أنّ عقيدة مشاركة الناس مِنْ حول صاحب الكشف لِمَا يراه،
لا يمكن الاستدلال عليها من هذه الواقعة، وأمّا ادعاء الميرزا غلام والأحمديين أنّ
قدسية صاحب الكشف تجعل الناس حوله يشاهدون ما يراه في الكشف، فهل ليس لسيدنا يعقوب
عليه السلام هذه القدسية، وقد كان في أحوج الأوقات أن يقتنع أولاده ومَنْ معه بما
يعتقده من وجود سيدنا يوسف عليه السلام حيًّا في مكان ما.
ثانيًا: يقرر الميرزا غلام أنّ الكشف سواء
في نوعه الابتدائي الأوليّ؛ أي الرؤيا المنامية، أو بأعلى صوره؛ أي الكشف أثناء
اليقظة، من الممكن أن يُنال بالمجاهدة، ومن الممكن أن يقع لغير المسلمين وحتى
الفساق والزناة والملحدين، وحتى للحيوانات([21])،
كما يرى الميرزا غلام وأنّ الوحي والإلهام؛ أي مكالمة الله تعالى في غير الكشف
المشار إليه لا تكون إلا للمسلمين الصالحين.
ثالثًا: ويقرر الميرزا غلام أنّ غير
المسلمين قد ينال بعض الكمال في الكشف، والكمال في الكشف لا يكون إلا في شدة
الوضوح في مشاهدة الغيب الذي كان محجوبًا مستورًا من قبل، وكل هذا يتعارض مع
إقرارات الميرزا غلام المتكررة في كتبه أنّ الله سبحانه وتعالى قد خص الرسل بعلم
الغيب([22]).
رابعًا: يقرر الميرزا غلام أنّ الوحي
الإلهي بخلاف الرؤيا المنامية والكشوف، هو الشيء الوحيد الذي يُخَلّص
الإيمان من كل شبهة.
إذن هذا تأكيد من الميرزا غلام أنّ ما يراه صاحب الرؤيا أو الكشف لا
يُعَوّل عليه ليخلص صاحبه من الشبهات التي قد تطرأ على الإيمان، فكيف يمكن
الاعتماد على تأويل الكشوف التي تكون في اليقظة لتبيّن وتوضّح ما حدث في الكشف، مع
أنّ الكشف كما رأينا هو بحد ذاته كاشفٌ لما كان خافيًّا بحسب رأي الميرزا غلام
وبشير الدين محمود كما سنرى.
خامسًا: إقرار الميرزا غلام
بخصوص الوحي خلافًا للكشوف بقوله إنّ "الله يختار له([23])
أحدا من الناس بنفسه"، وقوله " الكشف جزء من طبيعة الإنسان ويمكن
أن يناله كل من يقوم بالمجاهدة"، وقوله "من الطبيعي أنه كلما
تمرن أحد واجتهد طرأت عليه الحالات بحسبه"، يؤكد أنّ النبوة والرسالة لا
يمكن أن تتحصل بالمجاهدة والتمرين والطاعة مهما تفانى فيها العبد.
سادسًا: يقرر الميرزا غلام أنّ
المعرفة اليقينية بوجود الله تعالى، لا تكون من خلال الكشف أو الرؤى المنامية،
لأنّ صوت الله سبحانه وتعالى الذي نعرف منه يقينًا أنه موجود بالفعل، لا يكون إلا
من خلال الوحي الذي هو أجلى وأصفى من الكشوف والرؤى المنامية بكثير، ولا بد
لمتلقيه أن يكون مسلمًا، وبناء على إقرار الميرزا غلام هذا، فحينما يقول إنه
بالكشف عرف كذا وكذا، أو كُشِف عليه بالكشف كذا وكذا، فكل هذا لا يجب معاملته على
أنه من العلم اليقينيّ القطعيّ، بل هو أقل من ذلك بإقرار الميرزا غلام، حتى وإن
كان فيه نبوءات وتحققت، فقد أقر الميرزا غلام بأنّ الكشوف قد تكون للفساق والزناة
وللكافر والملحد، وقد سمّى الوحي والإلهام للفساق والملحدين في كتابه (حقيقة
الوحي) 1907م بوحي الشيطان الصادق، أي أنّ الشيطان يوحي لهم بنبوءات وتتحقق كما
نبأهم بها([24])،
وقد مثَّل لذلك الميرزا غلام بقوله:" هناك كناسة تعمل في بيتنا وتسرد
سلسلة من الرؤى الصادقة، ولكن هذا لا يثبت كون المرء مقربا عند الله أو كونه صاحب
كرامات".
النص الثالث:
يقول الميرزا
غلام([25]):"...وليكن
معلوما أيضا أن الكشف نوعان؛ في أحدهما يغيب المرء عن وعيه أكثر نسبيا،
والنوع الثاني يكون في اليقظة تماما. وهذا النوع من الكشف لا يمكن أن نسميه
حلما أبدا([26])،
بل تسميته حلما خطأ كمثل خطأ من يسمي النهار ليلا. في هذه الحالة من
الكشف يرى صاحبه ما لا يراه الآخرون، ويشاهد أسرارا لا تكون في نصيب غيره. هذه
اليقظة تكون في مئات الحجب والأستار مقارنة بيقظة عامة الناس. لو حسبنا غيره أعمى مقارنة مع صاحب هذا الكشف لكان أنسب، وإذا حسبناه أصم كان أولى. أما في يقظة الكشف فيُعطى صاحبه حاسة سمع
وبصر أعلى وأسمى فيرى أشياء لم يرها غيره، ويسمع ما لم يسمعه غيره قط.
فكان المعراج بهذا النوع من اليقظة وكان بجسم لطيف وروحاني. للإنسان جسمان، أرضى
وسماوى. وجاء في القرآن الكريم عن الجسم الأرضي :{أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ
كِفَانًا}. فالجسم الذي عُرج به النبي ﷺ كان جسما سماويا. المعراج كما يزعمه عامة
الناس لا يستحق المديح، ولكن ما دام كل شخص يتكلم بقدر فهمه، كما أن حديث
الطفل يكون مقصورا على أمور اللعب، ويتحدث قليل العلم بقدر علمه، كذلك ما
دام هؤلاء الناس يجهلون هذه الحقيقة كليا فهموا هذا السر إلى هذا الحد. ولكن
الله تعالى كشف علي حقيقته([27])،
أما عامة الناس فيجهلونه كليا لذا يثيرون مثل هذه الاعتراضات الحق أنه كان كشفا
ولا يمكن عده حلما قط. وقد نال النبيّ صلى الله عليه وسلم هذا الكمال في يقظة
كاملة. وهذا الكمال لا ينال ما لم يكن المرء حائزا على قدسية وطهارة كاملة".
التعليق:
يؤكد الميرزا
غلام أنّ الكشف نوعان، النوع الأول حيث يغيب المرء عن وعيه بعض الشيء، وهو
ما يحدث في الغفوة، وليس في المنام كما سنرى تفصيل ذلك من كلام الميرزا غلام
لاحقًا، وأمّا النوع الثاني حيث يكون في اليقظة التامة والكاملة، ويرى
الميرزا غلام أنه لا يصح تسمية الكشف بالحلم، وفي هذا النوع من الكشوف يرى صاحبه ما
لا يراه الآخرون، ويشاهد أسرارا لا تكون في نصيب غيره، ويقصد الميرزا غلام
بقوله "وأن هذه اليقظة تكون في مئات الحجب والأستار مقارنة بيقظة عامة
الناس"، أي أنّ مئات الحجب والأستار التي تمنع عموم الناس من الرؤيا
الحقيقية، تُكشف لصاحب الكشف، كما أنّ صاحب الكشف يُعطى حاسة سمع وبصر أعلى وأسمى
فيرى أشياءً لم يرها غيره، ويسمع ما لم يسمعه غيره، ويقرر الميرزا غلام أن
"تسميته حلما خطأ كمثل خطأ من يسمي النهار ليلا"، وقوله
"حسبنا غيره أعمى مقارنة مع صاحب هذا
الكشف لكان أنسب، وإذا حسبناه أصم كان أولى"، يبين أنّ في الكشف لا
يخفى شيء عن صاحب الكشف، بخلاف الأحلام أي الرؤى المنامية، فقد شبهها الميرزا غلام
بالليل الذي نحتاج فيه لما يساعدنا لمعرفة الحقيقة، أي التأويلات لما استشكل علينا
بظاهر النص.
كما أنّ قول
الميرزا غلام "ولكن الله تعالى كشف علي حقيقته"، هو بيان لقصد
(الجرجاني) من قوله في تعريفه للكشف من جهة الاصطلاح أنه "الاطلاع على ما
وراء الحجاب من المعاني الغيبية"، أي أنّ الكشف كما يكون للماديات، فهو أيضًا
للأمور المعنوية، فتُكشف أي تَظهر على حقيقتها التي كانت غائبة من قبل، وكل هذا
يؤكد أنّ الكشف يكشف ما كان محجوبًا مستورًا، ولا يحتاج للتأويل.
ومما يعتمد
عليه الميرزا غلام في اعتبار الكثير من الوقائع الفعلية كشفًا، أنه يرى أنّ
الملائكة لا تفارق مقامها في السماء، وبالتالي فحينما توجد نصوص تذكر تعامل
الملائكة مع البشر، فيقوم الميرزا غلام بتأويلها أنها نوع من التمثّل الظليّ
للملائكة([28])،
وأنها ليست هي الملائكة على حقيقتها، وبالتالي فما يراه البشر من الملائكة هو نوع
من الكشوف وليس وقائع حقيقية، وقد رددت على بطلان هذا الاعتقاد بتمثل الملائكة في
صور ظلية غير حقيقية في صفحات سابقة.
الكشف عند بشير الدين محمود
النص الأول:
يقول بشير
الدين محمود([29]):"وإذا
فحصنا الآيات التي استعمل فيها القرآن الكريم لفظ ثعبان، لتبين لنا أنها تتحدث عن
الحادث الذي وقع أمام فرعون في بلاطه، وحيث إن الله تعالى أراد تخويف فرعون، فقد
تراءت له العصا على صورة ثعبان عظيم".
إذن بشير
الدين محمود يرى أنه في الكشف لا يحدث تغير ماديّ عندما تحولت العصا إلى ثعبان في
الحقيقة، وإنما هي أمور ذهنية خيالية تتراءى لصاحب الكشف ومن معه.
النص الثاني:
ويقول بشير
الدين محمود([30]):"لا
شك أن فرعون ظنّ عصا موسى عليه السلام ثعبانا ماديا، ولكن تأويله في الواقع
أن جماعة موسى عليه السلام ستلتهم فرعون وجنوده كما تلتهم الأفعى الناس، وأن بني
إسرائيل الذين لم يكن فرعون يريد أن يرسلهم مع موسى سيتسببون في هلاكه ودماره،
فيصبح موسى من الغالبين. فقد ورد في كتب التعبير: "من رأى أنه ملك ثعبانا
فإنه يصيب سلطانا عظيمًا". (تعطير الأنام في تعبير المنام: كلمة ثعبان).
إذن بشير
الدين محمود يؤكد في هذا النص أنه لم يحدث تغير ماديّ للعصا، وإنما هو مجرد ظن من
فرعون، وبالتالي فلا بد من تأويله.
وإذا كان
التأويل هو وسيلة مشروعة لبيان حقيقة القصد من النصوص التي ظاهرها غير واضح المراد
منه، فإنّ ما يُكشف عنه كما قال الميرزا غلام يكون في ذروة النقاء- وأن
صاحب الكشف فيُعطى حاسة سمع وبصر أعلى وأسمى فيرى أشياء لم يرها غيره، ويسمع ما لم
يسمعه غيره قط، وإذا كان الذي يُرى بالعين لا يحتاج إلى تأويل كما يقول بشير
الدين محمود([31])،
فلا حاجة لتأويله، لأنه في ذروة النقاء، والذي يُرى بالعين لا يحتاج إلى تأويل.
أما بالنسبة
لما يدعيه الميرزا غلام وبشير الدين محمود بخصوص الكشوف والمشاركة فيها؛ أي
المشاهدة الذهنية لأشياء خيالية غير موجودة في الحقيقة، فنفس مواصفات الكشوف كما
سنرى في البحث المفصل موجودة في المِسْمَرِيَّة، وبعضها في السحر والتخاطر، وسوف
أذكر في البحث المفصل للكشوف وما يتعلق بها بيانًا مختصرًا للسحر والتخاطر
والمِسْمَرِيَّة، لنكتشف بسهولة ويسر كمية التشابه مع الكشف كما في السحر
والتخاطر، والمطابقة كما في المِسْمَرِيَّة.
ولأن موضوع
الكشوف وما يتعلق بها، مرتبط ارتباطًا وثيقًا ببعض الموضوعات؛ مثل انشقاق القمر،
ومعجزات سيدنا موسى عليه السلام مثل العصا، ومعجزات سيدنا عيسى عليه السلام مثل
خلق الطيور وإحياء الموتى، والتي خصصت مناقشتها تفصيلًا في الجزء الرابع، فقد جعلت
تفصيل موضوع الكشوف في فصل مستقل في الجزء الرابع، وسيتضح بعون الله سبحانه وتعالى
أنّ ما قام به الميرزا غلام وبشير الدين محمود من اعتبار بعض الوقائع التي نص
عليها الشرع أنها وقعت بالفعل، ثم يدعون أنها كانت كشفًا، بلا أي دليل معتبر
يمكننا الاستناد إليه.
[1] في كتاب (إزالة الأوهام) 1891م صفحة 186 يقول الميرزا
غلام:"...وزدْ إلى ذلك أن روايتهم أيضا لا تثبت بوجه عام، لأن الإمام
البخاري الذي هو ناقد بصير في فن الحديث؛ لم يعتبر جميع تلك الروايات مما
يُعْتَدُّ به.".
وفي كتاب
(التحفة الجولروية) 1902م صفحة 89 يقول الميرزا غلام:"...أما الإمام البخاري
الذي هو حافظ الحديث وناقد من الطراز الأول فلم يأخذ في هذا الموضوع أيَّ
حديث يفيد بأن المسيح الإسرائيلي كان آدم اللون ولم يذكر بأن المسيح القادم سيكون
أحمر اللون. بل إن الإمام البخاري عند نقل الحديث اهتم بهذا الشرط عن عمد والتزم
به بانتظام من البداية إلى النهاية. فالحديث الذي يخالف شرط الإمام البخاري
لا يجدر بالقبول".
[2] كتاب (الملفوظات) المجلد 2 صفحة 410 بتاريخ 3/12/1901م.
[3] يستفاد من هذا النص إقرار الميرزا غلام بأنّ حديث ابن ماجة
:"لا المهدي إلا عيسى" من الأحاديث التي يعتبرها المحدثون وعلماء
الحديث حديثًّا ضعيفًّا.
[4] مثلما حدث لسيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم، عندما طلب كفار قريش منه
أن يصف لهم بيت المقدس ليصدقوا أنه أسري به إلى هناك، ولم يكن صلى الله عليه وسلم
رآه بتفاصيله في هذه الليلة، فجاء به الله سبحانه وتعالى أمامه، فوصفه لهم
بالتفصيل، أي قد كُشِفَ عليه صلى الله عليه وسلم بيت المقدس بالرغم من البعد
المكانيّ.
يقول سيدنا
مُحَمّد صلى الله عليه وسلم:"لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ، قُمْتُ في
الحِجْرِ، فَجَلا اللَّهُ لي بَيْتَ المَقْدِسِ، فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عن
آياتِهِ وأنا أنْظُرُ إلَيْهِ"، الراوي: جابر بن عبدالله، المحدث: البخاري،
المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3886، خلاصة حكم المحدث:صحيح.
ويقول:"لَمَّا
كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ قُمْتُ في الحِجْرِ فَجَلَّى اللَّهُ لي بَيْتَ المَقْدِسِ،
فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عن آياتِهِ وأنا أنْظُرُ إلَيْهِ.وقال: زاد يعقوب بن
إبراهيم حدثنا ابن أخي ابن شهاب عن عمه: (لما كذبتني قريش حين أسري بي إلى بيت
المقدس .نحوه)، الراوي: جابر بن عبدالله، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري،
الصفحة أو الرقم: 4710، خلاصة حكم المحدث:صحيح.
[5] كما فعلت ملكة بلقيس حينما كشفت عن ساقيها، وهذا من خلال اعتبار المعنى
اللغوي للكشف.
[6] هذا قول الميرزا غلام كما سنرى.
[7] النص التالي من كلام بشير الدين محمود يؤكد عدم صحة تسمية الرؤيا
المنامية على عمومها بالكشوف، يقول بشير الدين محمود(*):" وجدير بالذكر أنه
مما لا شك فيه أن القرآن الكريم قد استخدم للإسراء كلمة الرؤيا، ولكن يجب أن لا
ينخدع بذلك أحد فيظنها كالأحلام والرؤى العادية. فإن "الرؤيا" بلغتنا
الأردية تطلق فقط على ما يراه النائم من مناظر ومشاهد، ولكنها في العربية
تطلق على الحلم وكذلك على الكشف الروحاني. والكشف هو غير الحلم العادي، ولا يراه
الإنسان في النوم، وإنما يراه ما بين النوم واليقظة...أي في حالة شبه غيبوبة حين
لا يكون نائما، وإنما تكون حواسه الظاهرة نشيطة في عملها، بل أحيانًا يرى
الإنسان الكشف وهو يحاور صاحبه، وكشوف الأنبياء أكثر لطافة وشفافية من كشوف
الآخرين، لأنهم يستطيعون أن يروا بعيونهم الكشفية ما يقع بالضبط في أماكن نائية للغاية.(*)
كتاب (التفسير الكبير) الجزء الرابع سورة الإسراء صفحة 444.
[8] في كتاب (حقيقية الطائفة الأحمدية القاديانية) الجزء الثالث، ذكرت
تفصيلًا رؤيا سيدنا إبراهيم عليه السلام، وأنها تحققت كما رآها.
[9] كتاب (التفسير الكبير) الجزء الرابع سورة الإسراء صفحة 444.
[10] كتاب (لسان العرب) المؤلف : محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري،
الناشر : دار صادر – بيروت، الطبعة الأولى، عدد الأجزاء : 15.
[11] سورة (ق).
[12] سورة (النمل).
[13] كتاب (التعريفات) للجُرجاني.
[14] الحقيقة المعنوية هي مثل فهم أمر ما على حقيقته بعد أن كان مبهمًا، أو
رؤية ما كان موجودًا ماديًا من قبل، ولا وجود ماديٍّ له في زمن الكشف، مثل رؤية من
ماتوا من قبل، أو رؤية شيءٍ ماديٍ موجود بالفعل في زمن الكشف، ولكنه غائب سواء
أكان الغياب بسبب بُعدِ المكان أو كان في مستقبل الزمان، مثل ما ذكرته من قبل
بخصوص ما حدث مع سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم، عند عودته من مسراه، وسأله البعض عن تفاصيل بيت المقدس كما رأوها هم
من قبل في أسفارهم، ولم يكن صلى الله عليه وسلم انتبه إلى مثل هذه التفاصيل لبيت
المقدس، فأظهر الله تعالى بيت المقدس لسيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم، يراها
صلى الله عليه وسلم ولا يراها غيره، وقام سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم بوصف
بيت المقدس تفصيلًا لهم.
[15] في كتاب (الملفوظات) المجلد 2 بتاريخ 8/9/1900م صفحة 3 ينقل علماء
الأحمدية رأي الميرزا غلام في طرق كلام الله تعالى للأنبياء.
[16] كتاب (الملفوظات ) ج 7 بتاريخ 10/3/1905 صفحة 91.
[17] أي يرى ما يراه النائم من أمور حقيقية واقعية لا تحتاج إلى التأويل،
كما حدث في رؤيا سيدنا إبراهيم عليه السلام أنه يذبح ابنه اسماعيل عليه السلام.
[18] قول الميرزا غلام بشبه الغيبوبة، بالرغم من أنه في نفس الوقت في عالم
اليقظة وهو يدرك كل شيء، وتعمل حواسه الخمسة عملها؛ حيث يقصد الميرزا غلام حالة
عدم انفعال صاحب الكشف مع من حوله ساعة الكشف، فكأنه في غيبوبة غير كاملة.
[19] {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ
يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94)} سورة يوسف.
[20] أي الوحي المباشر من الله تعالى من غير الرؤيا المنامية أو الكشوف.
[21] سنجد كما سنرى أنّ هذا التوصيف ينطبق تمامًا على المِسْمَرِيَّة.
[22] في كتاب (الملفوظات) مجلد 9 بتاريخ 5/5/1907م صفحة 158 يقول الميرزا
غلام:"لقد خطرت ببالي اليوم نقطة عند التدبر في الآية: {فَلا يُظْهِرُ عَلَى
غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} (الجن: 27 - 28)، وهي أن
الله تعالى يقول في هذه الآية إنه لا يُظهر على الغيب أحدا إلا الرسل.".
كتاب (مرآة
كمالات الإسلام)1892م صفحة 258 يقول الميرزا غلام:"ومن آيات صدقي أنه أظهرني
على كثير من أمور الغيب، وهو لا يظهر على غيبه أحدا إلا الذين هم يرسلون.".
في كتاب
(مناظرة لدهيانة) 1893م صفحة 143 يقول الميرزا غلام:"يقول الله جلّ شأنه:
{فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ}
(1). أي أن الله تعالى لا يُطلع على غيبه أحدا إلا الذين يبعثهم الله مع وحي
الرسالة أو وحي الولاية...".
وفي كتاب (أيام
الصلح) 1899م صفحة 232 بالحاشية يقول الميرزا غلام:"لقد ورد في القرآن
الكريم: {فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ
رَسُولٍ} (الجن: 27 - 28)، أي أن بيان الغيب على أكمل وجه من عمل الرسل فقط،
ولم يؤتَ غيرهم هذه الدرجة، وإن المراد من الرسل الذين يُبعثون من الله سواء
كانوا أنبياء أو رسلا أو محدَّثين أو مجددين. منه".
[23] أي للوحي.
[24] كتاب (حقيقة الوحي )1907م الباب الأول.
[25] كتاب (الملفوظات) الجرء 7 بتاريخ 13/8/1905 صفحة 190.
[26] يقصد الميرزا غلام الكشف الذي يكون في اليقظة سواء التامة أو الأقل
نسبيا وهي ما يسميه الميرزا غلام الغفوة.
[27] أي حقيقة المعراج.
[28] يقصد الميرزا
غلام بالتمثّل، أنّ الله تعالى يخلق مثيلًا
ظليًّا أي مطابقًا للملك.
[29] كتاب (التفسير الكبير) الجزء 7 سورة الشعراء صفحة 148.
[30] كتاب (التفسير الكبير) الجزء 7 سورة الشعراء صفحة 146.
[31] في كتاب (التفسير الكبير) الجزء الرابع سورة الإسراء صفحة
442.يقول بشير الدين محمود:" يقول بشير الدين محمود:"...فرؤية النبي صلى
الله عليه وسلم الدنيا على صورة عجوز تدل صراحة على أن الإسراء كان كشفا من الكشوف
الروحانية اللطيفة، وإلا لقال النبي ﷺ لجبريل على الفور: لماذا تتكلف وتلجأ إلى
التأويل، فقد رأيت هذه العجوز بأم عيني الجسمانية آنفا؛ فهل يحتاج ما يُرى
بالعين إلى تأويل؟...".
تعليقات
إرسال تعليق