القائمة الرئيسية

الصفحات

مقال (1003) الرد على عقيدة الجنّ في كتاب (شبهات وردود)، وكتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة)، تأليف العالم الأحمدي محمد حلمي محمد الشافعي.

 






مقال (1003) الرد على عقيدة الجنّ في كتاب (شبهات وردود)، وكتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة)، تأليف العالم الأحمدي محمد حلمي محمد الشافعي.

 https://ibrahimbadawy2014.blogspot.com/2025/02/1003.html

كتاب (حقيقة الجنّ عند الطائفة الأحمدية القاديانية)[1].

مقدمة

موضوع حقيقة الجنّ، من الموضوعات التي كانت تدندن عليها كثيرًا الطائفة الأحمدية القاديانية، حيث كانوا يرون أنه لا يوجد مخلوقات جِنية بالمفهوم المعروف لدى المسلمين، وأنّ من يعتقد بوجود الجن الشبحيّ هو من المتخلفين، وأنّ ما جاء في القرآن الكريم من ذكر لمثل هذه التسميات، إنما هو لأصناف من البشر، أي من بني آدم عليه السلام، وقد امتازوا عن بقية بني آدم بالعلو والكبر وعدم الظهور الكثير أمام الناس، أي مخفيون نسبيًّا عن بقية الناس، ولذلك يُسمَّون بالجنّ، لأنّ كلمة الجنّ تفيد الخفاء، كما سنرى أسبابًا أخرى دعت علماء الأحمدية لهذه العقيدة.

فكان من أهم ما نُشِر لبيان هذه العقيدة، ما نشرته الجماعة سنة 1995م على صورة مقالات متتالية في مجلة التقوى، وهي التي كان يشرف عليها العالم الأحمدي محمد حلمي محمد الشافعي([2])، ومازال هذا العدد منشور حتى الآن([3])، ثم نَشَرَ الموقع ما جاء في مجلة التقوى على هيئة كتاب بعنوان (الجن بين الحقيقة والخرافة)، تأليف محمد حلمي محمد الشافعي، وكان تاريخ النشر في سنة 2020م، والكتاب مازال منشورًا في الموقع الرسميّ حتى كتابة هذه السطور في يناير 2025م.

ولكننا في مقابل هذه العقيدة لأغلب علماء الطائفة، نجد الميرزا غلام في كل ما كتبه في كتبه وفي الصحف وفي المجلات الأحمدية، وكذلك الحكيم نور الدين الخليفة الأحمدي الأول في بعض ما كتبه، كانا يعتقدان بأنّ الجِنّة هم خلق مختلف عن الملائكة وعن البشر، وأنّ أدلة إثبات هذا الاعتقاد من القرآن الكريم والأحاديث، وأنّ الاعتقاد بعدم وجود مخلوقات إلا المخلوقات المرئية والمحسوسة حمق وجهل، فبدأ علماء الأحمدية بالتراجع عن العقيدة، فنشروا في كتابهم (شبهات وردود) الإقرار بأنّ الجِنّ خلق خلقه الله تعالى([4])، وأنهم ضعفاء وغير مكلفين، ويشبهون الملائكة في عدم التكليف، ولكن الملائكة وهبهم الله تعالى قوى كبيرة، كما نشروا فيديوهات توضح رأيهم في المسألة، وأنّ الموضوع قد فُهِمَ في السابق بشكل خاطئ، وحتى لو أقر كل علماء الأحمدية الآن بكل ما يعتقده الميرزا غلام، فالإشكالية تبقى كما هي، لأنّ من خَالَفَ عقيدة الميرزا غلام ليس هم في المقام الأول، بل من خالف الميرزا غلام هو بشير الدين محمود، وهو الموصوف عند الطائفة الأحمدية القاديانية بالمصلح الموعود، وهو في عُرفهم يمثل نبوءة الميرزا غلام بالابن الموعود، وقد قال الميرزا غلام في حقه "كأنّ الله نزل من السماء"، وهو من المُلهمين الذين يوحَى إليهم، فكيف يتعارض ما كتبه في كتابه (التفسير الكبير) مع ما قاله الميرزا غلام، فإمّا أنه جاهل بما كتبه واعتقده الميرزا غلام، وإما أنه لا يعبأ بما قاله الميرزا غلام، وفي هذا الجزء الرابع من كتابي (حقيقية الطائفة الأحمدية القاديانية) أثبتُ الكثير من الاختلافات والتناقضات بين الميرزا غلام وبين ما سطره بشير الدين محمود في كتبه، ولعل الله تعالى يمد في عمري، فأكمل قدر المستطاع ما عارض بشير الدين محمود ما اعتقده الميرزا غلام.

والنصوص من الميرزا غلام، ومن الحكيم نور الدين الخليفة الأحمدي الأول قطعية الثبوت والدلالة، وفيها الكفاية للرد على ما جاء في كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة)، الذي كما قال مؤلفه أنه استرشد فيه بما كتبه بشير الدين محمود في كتبه، وفي ردي على ما ورد في هذا الكتاب، سيكون التركيز على ما يتعلق بحقيقة الجِنّ، أو بعض الموضوعات العقائدية المهمة، مثل عقيدة الميرزا غلام أنّ الله تعالى سوف يخرج جميع الكفار، حتى فرعون، وأبي جهل وأبي لهب، بعد أحقاب من العذاب في النار، ليدخلهم الجَنّة، أما ما قد يتطرق إليه المؤلف من موضوعات أخرى؛ مثل تسبيح الجبال مع سيدنا داوود عليه السلام، وهل الهدهد والنملة طيور وحشرات حقيقية تكلمت مع سيدنا سليمان عليه السلام، أم هي شخصيات بشرية بهذه الأسماء، فهذه الموضوعات قد فصّلتُ الكلام فيها سابقًا أثناء كلامي على عقيدة الميرزا غلام والأحمديين بخصوص خوارق الأنبياء في الجزء الأول.

وقد رأينا من قبل أنّ الميرزا غلام القادياني يدعي أنه الحكم العدل، وأنه من المطهرين([5])، وأنّ من أهم أسباب بعثته للأمة الإسلامية، أنه يبيّن التفسير الصحيح للقرآن الكريم، ولأنه نبيّ ورسول، فكلامه وكتاباته -كما قال هو- بحول الله وقوته، وأنّ الله تعالى لا يتركه على خطأ طرفة عين.

فحينما يخالف الخلفاء الأحمديون أتباع الميرزا غلام؛ مثل الحكيم نور الدين، أو بشير الدين محمود، أو بعض علماء الطائفة الأحمدية تفسير الميرزا غلام للقرآن، فهذا يناقض كل ما سبق من أوصاف وكمالات وصف الميرزا غلام بها نفسه، إذ ليس فقط أنهم يرون ما لم يره الميرزا، بل يخالفون ويناقضون ما قاله الميرزا كما سنرى.

لذلك فانّ التركيز على إظهار التناقضات بين ما يعتقده الميرزا- وخاصة إذا كان ما يعتقده موافقًا للعقائد الإجماعية التي يعتقدها أهل السنة والجماعة- وبين ما يعتقده أتباعه، يبيّن أنّ هذه الجماعة الأحمدية القاديانية ليست جماعة على منهاج النبوة - كما تدعي - وإنما هي جماعة تسعى لجمع التبرعات والأموال من الاتباع بإغرائهم بالتفسيرات العقلانية للقرآن، حتى لو خالفوا نبيهم الميرزا غلام.

النصوص من كلام الميرزا غلام التي تثبت اعتقاد الميرزا غلام في حقيقة الجنّ.

 وقبل أن أبدأ بسرد هذه النصوص([6]) بترتيب زمنيّ، أعرض بعض النصوص للميرزا غلام، أراها أساسية في مناقشة حقيقة الجانّ.

النص من كتاب (ينبوع المعرفة) 1908م:

أهمية النص التالي أنه في سنة موت الميرزا غلام، أي لا مكان للقول بأنه رجع على ما فيه من إقرارات تنسف عقيدة الطائفة الأحمدية القاديانية نسفًا.

يقول الميرزا غلام([7]):"...أما الظنّ أنّ يأجوج ومأجوج ليسوا من بني آدم، بل هم خلق آخر فليس إلا جهلًا لأنّ القرآن الكريم ذكر المخلوقات العاقلة الذين يستخدمون العقل والفهم ويستحقون الثواب أو العذاب على نوعين فقط: (1) البشر، الذين هم أولاد آدم عليه السلام. (2) الجنَّة. لقد سميت فئة الناس بـ معشر الإنس وسميت فئة الجنَّة معشر الجن،... وإن قلتم إن يأجوج ومأجوج من الجِنّة وليسوا أناسا ، فهذا حُمق أكبر لأنه إذا كانوا من الجِنّة، فكيف كان ممكنا أن يعرقلهم جدار بناه الإسكندر؟ ما دامت الجِنّة يصلون إلى السماء كما يتبين من الآية: {فأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} (الصافات: 11). أفلم يكونوا قادرين على التسلق على جدار الإسكندر؟...".

التعليق:

·                  يثبت الميرزا غلام في النص السابق أنّ المخلوقات العاقلة الذين يستخدمون العقل والفهم ويستحقون الثواب أو العذاب نوعان، النوع الأول هم بنو آدم عليه السلام، ويطلق عليهم معشر الإنس، والنوع الثاني من العقلاء هم الجن، ويطلق عليهم معشر الجن.

·                  ونلاحظ أنّ الميرزا غلام لم يقل إنّ معشر الجن هم نوع أو صنف من البشر كما يدعي بشير الدين محمود، وعلماء الأحمدية؛ ومنهم مؤلف كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة)، بل هم نوع مخالف، وسيزداد الأمر وضوحًا من النصوص التالية من كلام الميرزا غلام والحكيم نور الدين.

·                  ويؤكد الميرزا غلام بتفسيره للآية {فأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ}، أنّ إمكانيات الجِنّة عالية جدًا، وتفوق إمكانيات البشر، لأنهم يستطيعون الوصول إلى السماء لاستراق السمع من الملأ الأعلى، كما أنّ تفسير الميرزا غلام لهذه الآية، وغيرها من الآيات التي تتكلم على الشياطين ورجمهم بالشهب أكثر من أن أنقله هنا، فهي موجودة في تفسير الميرزا غلام لسورة (المؤمنون) وغيرها، وكذلك تفسير الحكيم نور الدين لرجم الشياطين، في المجلد الثالث الجزء الثاني منه، والمجلد الرابع الجزء الأول منه، وذكره لنوعيات الشهب وتركيبها، وأماكنها التي حفظت فيها في المتاحف في البلاد الغربية.

·                  وهذه الإقرارات من الميرزا غلام فيها الرد الواضح كما سنرى- على ما قاله علماء الأحمدية في كتاب (شبهات وردود) الأحمدي، حيث قالوا إنّ الجِنّة غير مكلفين، فقول الميرزا غلام بأنهم عقلاء ويستحقون الثواب والعذاب، يثبتُ جهل علماء الأحمدية بالقرآن وتفسيره من الأصل، وبما قاله الميرزا غلام.

·                  لم يذكر لنا الميرزا غلام أين جاء في الكتب السابقة على الإسلام التي جاء فيها أنّ يأجوج ومأجوج مذكورون بالاسم، وأنهم هم الأوربيون، وعلى العموم فكل ما جاء في كلام الميرزا غلام بخصوص يأجوج ومأجوج مؤجل لوقت لاحق إن شاء الله تعالى.


 

أقوال الميرزا غلام التي ينصح فيها أتباعه بعدم الخوض فيما لا فائدة منه:

إنّ مناقشة حقيقة الأمور الغيبية مثل الملائكة والجِنّة، يجب ألا تخضع للقياسات العقلية، فهي خارج نطاق وقدرة العقل، ولكننا سنجد مؤلف الكتاب المشار إليه، قد خاض بكل ما يملك من قوة في هذه الأمور الغيبية، مع ثبوت إقرارات الميرزا غلام، والحكيم نور الدين، والكثير من علماء الأحمدية أنّ الجِنّة من العلوم الغيبية.

·        يقول الميرزا غلام([8]): "...قد ورد في الحديث أنّ على الإنسان أن يجتنب أمور معقدة جدا وغير مفيدة...".

·        ويقول أيضًا: "... قد ورد في الحديث الشريف ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه([9])".

·                  كما يرى الميرزا غلام ضرورة اجتناب الأسئلة التي لا تفيد المسلم في حياته العملية([10]).

 


 

أقوال الميرزا غلام لبيان حقيقة الجِنّة

النص الأول من كتاب (البراهين الأحمدية)([11]) 1884م.

يقول الميرزا غلام([12]): "...وحين رُدَّ عليهم في القرآن الكريم بأنه إذا كان القرآن من صُنع جماعة من العلماء والأدباء والشعراء فلهم أيضا أن يأتوا بنظيره مستعينين بجماعة مثلها حتى يثبت صدقهم. ولكنهم لزموا الصمت والوجوم وتخلوا عن هذا الرأي أيضا وأبدوا رأيا ثالثا وهو أنه قد أُلِّف بمساعدة الجن وليس ذلك من فعل البشر. ولقد ردّ الله تعالى على ذلك ردًّا مفحما حتى عجزوا عن أن ينبسوا تجاهه ببنت شفة كما في قوله تعالى: (وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ * فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) (التكوير: 24-26)...وقوله: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (الإسراء: 89)، أيْ أن القرآن الكريم يشمل كل نوع من أمور الغيب، وبيان هذا القدر من الغيب ليس بوسع الجنّ...".

التعليق:

·                  الميرزا غلام يقرر أنّ الجِنّة يعلمون بقدرٍ ما الغيب، ولكنه ليس كما في القرآن، ولا يسعهم ذلك، كما أنهم من غير البشر، ولو كان الميرزا غلام ينكر أنّ تكون الجِنّة من غير البشر حينما نقل كلام الكفار، فكان واجبًا عليه، وهو الحكم العدل، أن يذكر الحقيقة، فكما هو معلوم أنّه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.

·                  كما في الآية الكريمة حيث قال الله تعالى {لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ}، ما يناقض عقيد بشير الدين محمود، فلو كانت الجِنّة هم أعالي القوم، من حيث القوة والسلطان والفطنة والتأثير، وأنّ الإنس هم الضعفاء والفقراء، فلماذا يحتاج المساعدة والمعاونة من هم أعلى ممن هم أقل منهم!

النص الثاني من كتاب (الكحل لعيون الآريا) 1886م.

يقول الميرزا غلام([13]): " فالميزة الأصلية للقرآن وحسنه يرتبط بأنواع ثلاثة من المعجزات، بل الآية العظمى لكل كلام يتضمن شيئا من المعجزات من هذه الأنواع الثلاثة. أما القرآن الكريم فتتوفر فيه هذه الأنواع الثلاثة كلها على أعلى وأكمل وأتم وجه. ويقدمها القرآن الكريم مرارا إثباتا على كونه منقطع النظير وعديم المثال، كما يقول: {قُلْ لَئِن اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ الكريم ظهيرا} (الإسراء: 89)..فقوله: الإنس والجن أي جميع المخلوقات.".

التعليق:

قول الميرزا غلام " فقوله: الإنس والجن أي جميع المخلوقات"، يبين أنّ الميرزا غلام يرى أنّ خلقة الإنس غير خلقة الجِنّ، ولو كان يرى كما يؤمن مؤلف كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة)، أنهم أنواع وأصناف من البشر، لكان من الأنسب أن يقول الميرزا غلام "جميع البشر".

النص الثالث من كتاب (توضيح مرام) 1891:

يقول الميرزا غلام([14]): "ولكن شريعة القرآن لم تفعل ذلك([15])، بل ذكرت النفوس النورانية، المرتبطة بالأجرام السماوية والعناصر والدخانات ارتباط الروح بالجسم، باسم الملائكة أو الجِنّة".

التعليق:

تعلم الميرزا غلام الكثير – كما يقرر هو – من علم الفلك على يد أبيه([16])، فهو يعتقد جازمًا أنّ هناك نفوسًا مرتبطة بالأجرام السماوية وغيرها، كارتباط الروح بالجسد، وأنها تسمى الملائكة والجِنّة كما يدعي، فهل يمكن أن نتصور أنّ يكون معنى الجِنّة في هذا النص أكابر ورؤساء البشر، أو القادة الذين لا يَظهرون لعامة الناس كما سنرى من كلام مؤلف كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة)!!!

النص الرابع من كتاب (مرآة كمالات الإسلام) 1892.

يقول الميرزا غلام([17]): " والآن يجب أن يكون معلوما أن العرب بسبب الأفكار التي انتشرت فيهم من كهّانهم كانوا يعتقدون بشدة أنه عندما تسقط الشهب([18]) بكثرة يولَد شخص عظيم. وخاصة أن كهانهم الذين كانوا يُخبرون بأنباء الغيب، كانوا يُنشئون نوعا من العلاقة بالأرواح الخبيثة ويعتقدون بشدة ويقين بأن كثرة الشهب أيْ سقوطها بكثرة هائلة وغير عادية يدل على أن نبيا سيولَد في الدنيا عن قريب. وحدث أن سقطت الشهب في زمن بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - بكثرة هائلة كما شهد الله تعالى في سورة الجن على هذا الحادث بلسان الجن فقال: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا} (الجن: 9 - 10) ملئت حرسا: أي مليئة بالملائكة والشهب، وكنا نقعد من قبل في المرصاد في السماء لسماع الأمور الغيبية، أما الآن فحين نجلس للغرض نفسه نجد شهابا في المرصاد لنا يسقط علينا".

التعليق:

·                  ما هي الأرواح الخبيثة التي كانت على علاقة بالكهان الذين يخبرون بأنباء الغيب! فإذا لم تكن هي الجِنّة، فما هي؟ وهذا إقرار من الميرزا غلام بأنّ الجِنّة هم الأرواح الخبيثة التي كانت تسترق السمع، لتعرف بعض الغيب، لتخبر به الكهان([19]).

·                  لو كانت الجِنّة من البشر، أي من رؤساء وأعالي القوم، فهل هؤلاء البشر لمسوا السماء في زمن سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم، وهل كان هؤلاء البشر يقعدون منها مقاعد للسمع، ولو فعل البشر ذلك أيام سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم، هل وجدوا شهابًا رصدًا، أليس كل ذلك يبين جليا أنّ عقيدة الميرزا غلام بخصوص الجِنّة أنهم مخلوقات غير البشر وغير الملائكة، وكما سنرى أنهم خلقوا من قبل خلق سيدنا آدم عليه السلام.

النص الخامس من كتاب (مرآة كمالات الإسلام) 1892

يقول الميرزا غلام([20]): "...وقد أورد الإمام أحمد رحمة الله عليه الحديث التالي: "حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَبِيِه عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِن الْجِنِّ وَقَرِينُهُ مِن الْمَلَائِكَةِ. قَالُوا وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ وَإِيَّايَ لَكِنَّ اللهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ". انفرد بإخراجه مسلم. فمن هذا الحديث يتبين بكل وضوح أنه كما وُكِّل بالإنسان داعي الشر الذي يرافقه دائما، كذلك موكَّل بكل بشرٍ داعِ الخير أيضا الذي لا يهجره في حال من الأحوال، بل هو قرينه ورفيقه دائما ".

التعليق:

الميرزا غلام يروي حديثًا في صحيح مسلم، أي أنّه يؤمن بما جاء فيه يقينًا طالما لم يصرح بأنه لا يقبله، فإذا كان القرين الذي يدفع إلى الشر هو من أكابر القوم والرؤساء من البشر، فمن كان هذا القرين البشري لسيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم، فهل هناك رجل من علية القوم كان ينهى سيدنا مُحَمّدًا صلى الله عليه وسلم عن الخير، ولمّا أسلم فلم يأمره إلا بخير!، ألا يدل ذلك على أنّ هذا القرين كان غير بشريّ، وكان جنيًا شيطانيًا حقيقيًّا، يأمر بالشر وينهى عن الخير!!!

النص السادس من كتاب (مرآة كمالات الإسلام) 1892

يقول الميرزا غلام([21]): "...بل بقدر ما نمعن النظر ونستخدم فكرنا وذهننا نرى بكل صراحة ووضوح أن هناك عِلَلا تتوسط بيننا وبين الله تعالى لنيل كل نوع من الفيض، وبواسطتها تنال كل قوة فيضا بقدر حاجتها. فمن هذا الدليل وحده يثبت وجود الملائكة والجِنّة أيضا، لأن الذي نريد إثباته هو أن قوانا وحدها لا تكفي لاكتساب الخير أو الشر، بل نحن بحاجة إلى مُـمِدَّات ومعينات خارجية تملك تأثيرا خارقا للعادة، ولكن تلك الممِدَّات والمعينات ليست هي الله تعالى بذاته مباشرة ودون واسطة، بل بواسطة بعض الأسباب...وإن مطالعة النواميس الطبيعية كشفت لنا بالقطع واليقين أن تلك الممدات والمعينات موجودة في الخارج وإن لم نعلم كنهها وكيفيتها، ولكنه معلوم يقينا أنها ليست الله تعالى مباشرة ولا قوانا ومَلكاتنا بل هي خلقٌ آخر غير هذين القِسمين، ويملك كيانا مستقلا. وعندما نسمِّي أحدهما الداعي إلى الخير فسندعوه روح القدس أو جبريل، وحين نسمي غيره داعيا إلى الشر نسميه شيطانا وإبليس أيضا. ليس ضروريا أن نُري روحَ القدس أو الشيطانَ عيانا لكل قلب مظلم، وإن كان العارفون يرونهما إذ يمكن رؤيتهما في الكشوف ".

التعليق:

المعين الخارجي لا يكون من داخل نفس الإنسان، ولا نعلم كنهه، وهو ليس الله تعالى ولا من قوانا، وهي خلق آخر مستقل، وهم يروننا من حيث لا نراهم([22])، واسم هذا المعين الخارجي شيطان أو إبليس.

النص السابع من كتاب (مرآة كمالات الإسلام) 1892

يقول الميرزا غلام([23]): "...ولكن لا سبيل للاستدلال على وجوده([24]) أمام المحجوب إلا أن يؤمن بالمؤثر الحقيقي من خلال النظر فيما يحدث فيه التأثير. فبهذه الطريقة يثبت وجود روح القدس والشياطين، ولا يثبت فقط، بل يُرى بكل جلاء. ولكن الأسف على الذين أنكروا وجود الملائكة والشياطين متأثرين بظلمة الفلسفة الباطلة، وبذلك أنكروا البينات والنصوص القرآنية الصريحة وسقطوا لغبائهم في هوّة الإلحاد. فليكن واضحا هنا أنّ هذه المسألة من المسائل التي لإثباتها أفردني الله تعالى في استنباط الحقائق من القرآن الكريم، فالحمد لله على ذلك".

التعليق:

·                  يقصد الميرزا غلام بالفلسفة علم الطبيعة، أو ما يسمى علم الفيزياء، وعندما يذكر الميرزا غلام الفلاسفة فهو يقصد علماء الطبيعة، وأكثر ما يعيب الميرزا غلام في علماء الطبيعة أنهم لا يعتقدون إلا بوجود الأشياء المادية المحسوسة والمرئية.

·                  قول الميرزا " ولكن الأسف على الذين أنكروا وجود الملائكة والشياطين متأثرين بظلمة الفلسفة الباطلة وبذلك أنكروا البينات والنصوص القرآنية الصريحة وسقطوا لغبائهم في هوّة الإلحاد" في منتهى الأهمية، لأنّ الميرزا غلام يقصد بإنكار وجود الشياطين الإنكار للوجود الحقيقي الفعلي لكائنات غير بشرية وغير ملائكية، أو ما يسمى بالكائنات غير المرئية، وفي الحقيقة فإنّ مؤلف كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة)، وقد كتبه مسترشدًا – كما قال – بما كتبه بشير الدين محمود في تفسيره- والكثير من علماء الأحمدية هم المنكرون للوجود الحقيقيّ للجِنّة، وبالتالي فتوصيف الميرزا غلام أنهم أنكروا البينات والنصوص القرآنية الصريحة، وسقطوا لغبائهم في هوّة الإلحاد، ينطبق عليهم.

النص الثامن من كتاب (إتمام الحجة) 1894م.

يقول الميرزا غلام([25]): "يا حسرة عليهم ! لِمَ لا يفكرون في أنفسهم أن لفظ التوفّي لفظ قد معناه اتضح من سلسلة شواهد، القرآن ثم من تفسير نبيّ الإنس ونبي الجان، ثم من تفسير صحابيّ جليل الشأن، ومن فسّر القرآن برأيه فهو ليس بمؤمن، بل هو أخ الشيطان، فأي حجة أوضح من هذا إن كانوا مؤمنين؟ ولو جاز صرفُ ألفاظ تحكما من المعاني المرادة المتواترة، لارتفع الأمان عن اللغة والشرع بالكلية وفسدت العقائد كلها، ونزلت آفات على الملة والدين وكل ما وقع في كلام العرب من ألفاظ علينا أن لا ننحت معانيها من عند أنفسنا، ولا نقدّم الأقل على الأكثر إلا عند قرينة يوجب تقديمه عند أهل المعرفة، وكذلك كانت سُنن المجتهدين."([26]).

التعليق:

ألا يكفي لو أنّ الجِنّة هم أعالي القوم من البشر، أن يقول الميرزا غلام نبيّ الإنس وكفى، فما القيمة من قول الميرزا غلام "ونبيّ الجان"، إلا أنه يقصد أنّ صنف الإنس غير صنف الجِنّة، ولذلك قال "نبيّ الإنس ونبي الجان"، وسنرى نصوصًا أخرى للميرزا تفرق بين نبيّ الإنس ونبيّ الجان.

النص التاسع من كتاب (إتمام الحجة) 1894م

يقول الميرزا غلام([27]): " ولما تفرقت الأمة على ثلاث وسبعين فرقة من الملة، وكل زعم أنه من أهل السنّة، فأي مخرج من هذه الاختلافات، وأي طريق للخلاص من الآفات من غير أن نعتصم بحبل الله المتين؟ فعليكم معاشر المؤمنين باتباع الفرقان، ومن تبعه فقد نجا من طرق الخسران. ففكّروا الآن. إن القرآن يتوفَّى المسيح ويكمل فيه البيان، وما خالفه حديث في هذا المعنى، بل فسّره وزاد العرفان وتقرأ في البخاري والعيني وفضل الباري أن التوفّي هو الإماتة، كما شهد ابن عبّاس بتوضيح البيان، وسيدنا الذي إمام الإنس ونبي الجانّ فأي أمر بقي بعده يا معشر الإخوان وطوائف المسلمين؟"([28]).

النص العاشر من كتاب (إتمام الحجة) 1894م

يقول الميرزا غلام([29]): " يا قوم إني من الله. إني من الله. إني من الله، وأشهد ربي أني أؤمن بالله وكتابه الفرقان وبكل ما ثبت من سيّد الإنس ونبي الجان. وقد بُعثتُ على رأس المائة، لأجدد الدين وأنور الملة، والله على ذلك شهيد، ويعلم من هو شقي وسعيد"([30]).

النص الحادي عشر من كتاب (القول الحق) 1895م

يقول الميرزا غلام([31]):" فمن الجلي أن الإيمان بقدم الله وأزليته يستلزم القول بأن مخلوقاته أيضا أزلية من حيث القدم. وبسبب التجليات القديمة للصفات القديمة ظل عالم يختفي وينعدم ويظهر مكانه عالم آخر. ولا أحد يقدر على أن يعد العوالم التي أفناها الله سبحانه وتعالى وخلق مكانها غيرها. فقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى هذا القدم للعالم عينه في قوله في القرآن الكريم بأنه خلق الجان قبل آدم أما النصارى فرغم وجود الإثبات البديهي بأن قدم العالم ضروري، فهم لم يقدموا إلى الآن أي قائمة تبين كم مرة علق ابن الله على الصليب في هذه العوالم غير المحدودة التي لم تكن بينها أي علاقة؛ لأن من : أن المسيحيين لا يرون أحدا غير ابن الله - طاهرا من الذنب. ففي هذه الحالة ينشأ السؤال المهم أن المخلوق الذي خلا قبل آدمنا هذا والذي ليس له أي علاقة بسلسلة بني آدم هذه كيف نال أولئك العفو عن ذنوبهم؟ فهل هذا الابن نفسه قد أُعدم مرات عديدة لنجاتهم أم كان ابن آخر - ظل يُصلب في الأزمنة السابقة من أجل المخلوق السابق؟".

التعليق:

·                  هل لو كان الجن هم من البشر الأكابر، والمختبئين في القصور، أو هم كل من لا يظهر لعامة الناس، أو أنهم من أي شعبة من بني آدم عليه السلام، فكيف خلقهم الله تعالى قبل سيدنا آدم عليه السلام، فهل علماء الأحمدية وعلى رأسهم بشير الدين محمود ومن تبعه، لا يعقلون إلى هذا الحد، أم أنهم جهلة بما كتبه الميرزا غلام في كل هذه الكتب، أم أنهم لا يعيرون كلام نبيهم الحكم العدل المُطَهّر أي اعتبار، أم أنهم ضلوا الطريق، ويتكبرون على الحق، فلا يريدون الرجوع إلى الحق الواضح الجليّ.

·                  يقول الميرزا غلام إنه يؤمن بكل ما ثبت من سيّد الإنس ونبي الجان، فهل ثبت من كلام الله تعالى أو أحاديث سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم المتصلة الصحيحة المرفوعة، أي ذكر بخصوص نبوة الميرزا غلام الظلية أو البروزية أو غيرها من المصطلحات التي ابتكرها الميرزا غلام لنبوته، بل الكثير من العقائدة الميرزائية التي خالف فيها الميرزا غلام عقائد أهل السنة والجماعة!!!

·                  قول الميرزا غلام؛ نبيّ الإنس والجان، وإمام الإنس والجان، وسيد الإنس والجان، يؤكد تمام الفصل بين الإنس والجان، كنوعين مختلفين من مخلوقات الله تعالى العاقلة والمسؤولة عن أفعالها، وإلا لكان يكفي الميرزا غلام أن يقول نبيّ أو إمام أو سيد الإنس، وقد اشتمل الإنس على كبراء وعظماء الإنس!!!

النص الثاني عشر من كتاب (الملفوظات) الجزء 5 بتاريخ 1903م

ينقل علماء الأحمدية في كتاب (الملفوظات) تحت العنوان "هل كان الناس موجودين في زمن آدم"، سأل أحدهم أنه حين بعث آدم عليه السلام خليفة فأي أمة كانت موجودة كان آدم خليفة لهم؟ وإذا كانت أمة موجودة فلم تكن حاجة لخلق زوجته حواء من جديد، إذ كان يمكن أن يتزوج في تلك الأمة، فقال حضرته عليه السلام([32]): قد ورد في الحديث أن على الإنسان أن يجتنب([33]) أمور معقدة جدا وغير مفيدة. ويمكن الاستنباط من قوله تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (البقرة: 31) أن تكون أمةٌ قبله أيضا، وفي موضع آخر يقول الله تعالى في القرآن الكريم: {وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ} (الحجر:28) أي أن أمة الجان كانت موجودة قبل آدم فقد ورد في حديث البخاري أن الله خالق منذ الأزل، وهذا هو الحق. لأنه إن لم نؤمن بأنه خالق منذ الأزل، فسيرد الاعتراض على ذاته والعياذ بالله بما يفرض علينا الإيمان بأن الله كان معطلا قبل آدم لكن لما كان القرآن الكريم يصف صفات الله بأنها أزلية، لذا فموضوع هذا الحديث صحيح. فكل ما يوجد في القرآن الكريم يدل على استمرار هذه الصفات([34])، لكن لو كان بدء الخلق من آدم ولم يكن من قبله خلق لما كان هذا التركيب النحوي في القرآن الكريم([35]). أما وجود الفتيات والسؤال أنه رغم وجودهن أي حاجة كانت إلى خلق حواء، فلْيُفهم أن من المحتمل أن يكون سكان المنطقة التي ولد فيها آدم عليه السلام قد هلكوا بعذاب إلهي ولم يبق هناك أي إنسان فهذا الطريق مستمر في العالم فقد يدمر موضع ما نهائيا ثم يعمر الخراب ويعمر المدمر من جديد فانظروا كيف يتخبط الأوروبيون إلى الآن أنه قد يكون القطب الشمالي مسكونا وهم يبحثون ويتقصون أيا من القطع الأرضية كانت مسكونة وعامرة ثم دُمرت ففي هذه الحالة أي داع للتورط في هذه المشاكل؟ يجب الإيمان بأن الله رب ورحمن ورحيم ومالك يوم الدين منذ الأزل. فبعض الحيوانات تخلق من التكوُّن وبعضها من التكوين. فمن المحتمل أن تكون هناك مخلوقات أخرى في زمن آدم ولا تكون من جنسه، وحتى لو كانت فما الحرج في أن يخلق الله حواء من ضلعه لإظهار قدرته. حين يبايع المرء عليه أن يستجيب لجميع الأوامر ويمتنع عن جميع المنهيات وأن يؤمن بقدرات الله إن الله قادر مطلق، فمن الممكن أن تكون هناك أمة، ويخلق رغم وجودها أمةً أخرى، أو يهلك أمة ويخلق أخرى فقد ورد في حدث موسى أيضا مثل هذه القصة، وفي زمن آدم أيضا كان الله قد أهلك الأمم السابقة، وحين خلق آدم خلق معه أمة أخرى. فليس من الضروري للخليفة أن تكون أمةٌ قبله حتما. فمن المحتمل أن تخلق أمة وتعد خليفةً للأمة السابقة، ويكون آدم مورثها الأعلى، لأن ذات الله أزلية...".

التعليق:

·                  يقرر الميرزا غلام أنّ سيدنا آدم مولود في منطقة ما، ولم يقل إنّ الله تعالى خلقه على صورته، أي خلقه على الصورة التي عليها رجلًا بالغًا، ولم يمر بالأطوار التي يمر عليها أبناء آدم المخلوقين من النطفة.

·                  يرى الميرزا غلام بضرورة اجتناب الأسئلة التي لا تفيد المسلم في حياته العملية.

·                  يقرر الميرزا غلام أنّ أمة الجنّ كانت سابقة على أمة سيدنا آدم عليه السلام.

·                  يقرر الميرزا غلام أنه من المحتمل أن تكون هناك مخلوقات أخرى في زمن آدم ولا تكون من جنسه، وأنه من الممكن أن تكون هناك أمة، ويخلق رغم وجودها أمةً أخرى.

·                  كما يقرر أنه لا حرج في أن يخلق الله حواء من ضلعه لإظهار قدرته.

·                  كما يقرر الميرزا غلام أنه من المحتمل أن تخلق أمة وتعد خليفةً للأمة السابقة، ويكون آدم مورثها الأعلى، لأنّ ذات الله أزلية.

النص الثالث عشر من كتاب (ينبوع المعرفة) 1908م.

يقول الميرزا غلام([36]): " بعض الناس لا يؤمنون بوجود الله مع كونهم مسلمين، وقد ارتدى البعض لباس أتباع مذهب الطبيعة والفلسفة وأنكروا قدرات الله الخارقة للعادة. ويعيشون عيش التحرر والخلاعة تماما، يسخرون من الصلاة والصيام والحج، والزكاة، والجَنّة، والنار. ينكرون الملائكة والجِنّ نهائيا ".

التعليق:

·                  مرة أخرى ينكر الميرزا غلام على من يتبع مذهب الفلسفة والطبيعة، ومن المعلوم كما قلتُ سابقًا أنّ أصحاب هذا المذهب؛ هم مَنْ لا يصدقون بوجود غير الماديات المرئية والمحسوسة.

·                  كما ينكر الميرزا غلام على من ينكرون الملائكة والجنّ نهائيًا، والمسلمون وبخاصة مذهب أهل السنة والجماعة لا ينكرون لا الملائكة ولا الجِنّة، بل من ينكر وجود الجنّ غير المرئي هم بشير الدين محمود ومن تبعه من الأحمديين مثل مؤلف كتاب (الجن بين الحقيقة والخيال).


 

خلاصة ما سبق من أقوال الميرزا غلام:

1-              الجِنّة ليسوا من البشر، بل هم أرواح خبيثة، وهم مثل الملائكة في الارتباط بالأجرام السماوية وغيرها من العناصر والدخانات.

2-              يقسّم الميرزا غلام المخلوقات العاقلة إلى نوعين؛ البشر والجِنّة، وأنّ من إمكانيات الجِنّة الصعود إلى الملأ الأعلى في السماء لاستراق السمع.

3-              قول الميرزا غلام " فقوله: الإنس والجن أي جميع المخلوقات"، يبين أنّ الميرزا غلام لا يرى خلقة الإنس مثل خلقة الجنّ، ولو كان يرى كما يؤمن مؤلف كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة)، لكان من الأنسب أن يقول الميرزا غلام "جميع البشر".

4-              يرى الميرزا غلام ارتباط الجِنّة، كارتباط الملائكة بالأجرام السماوية، والعناصر الأخرى والدخانات.

5-              الله تعالى تكلم في سور الجِنِّ بلسان حال الجِنّة.

6-              وأنهم يعرفون بعض أخبار الغيب، فيدلون بها للكهنة قبل بعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأنّ هناك أحاديثًا كثيرةً تؤيد ما جاء في سورة الجنّ.

7-              للإنسان قرين من الجنّ يرافقه ويسمى شيطان وإبليس، وهو داعي الشر، يأمر بالشر وينهى عن الخير، وكذلك قرين يرافقه من الملائكة، وهو داعي الخير، ويسمى الروح القدس.

8-              إنّ قوانا وحدها لا تكفي لاكتساب الخير أو الشر، بل نحن بحاجة إلى مُـمِدَّات ومعينات خارجية، أي خارج الإنسان، وأنّ هذا الدليل وحده يثبت وجود الملائكة والجِنّة.

9-              تلك الممدات والمُعِينات الموجودة في الخارج أي خارج الإنسان، لا نعلم كنهها وكيفيتها، ولكنه معلوم يقينًا أنها ليست الله تعالى مباشرة، ولا قوانا ومَلكاتنا، بل هي خلقٌ آخر غير هذين القِسمين أي الله والإنسان، وتملك كيانًا مستقلًا.

10-          الجِنّة لا يمكن رؤيتهم لعامة الناس.

11-          ليس ضروريًا أن نُري روحَ القدس أو الشيطانَ عيانًا لكل قلب مظلم، وإن كان العارفون يرونهما إذ يمكن رؤيتهما في الكشوف.

12-          بهذه الطريقة يثبت وجود روح القدس والشياطين، ولا يثبت فقط، بل يُرى بكل جلاء، ولكن الأسف على الذين أنكروا وجود الملائكة والشياطين، متأثرين بظلمة الفلسفة الباطلة، وأتباع مذهب الطبيعة.

13-          هذه المسألة من المسائل التي لإثباتها أفرد يلاش العاج نبيّه الميرزا غلام في استنباط الحقائق من القرآن الكريم.

14-          قول الميرزا غلام "نبيّ الإنس ونبي الجان"، وقوله " إمام الإنس ونبي الجانّ "، وقوله " سيد الإنس ونبي الجانّ "، وقوله " سيد الإنس والجان"، يؤكد أنّ عقيدة الميرزا غلام هي وجود الصنفين، وليس أنّ الجِنّة هم من البشر ذوي صفاتٍ عليا.

15-          يعتقد الميرزا غلام بأنّ الله تعالى خلق الجان قبل سيدنا آدم عليه السلام، وأنه ليس هناك علاقة لهم بسلسلة بني آدم.

16-          يؤكد الميرزا غلام حقيقة الجِنّة، وأنّ خلقَهم مختلفٌ عن خلقة البشر بأكثر من نص:

·                  يقول الميرزا غلام: "يقول الله تعالى في القرآن الكريم: {وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ} (الحجر:28) أي أنّ أمة باسم الجانّ كانت موجودة قبل آدم".

·                  ويقول: "فمن المحتمل أن تكون هناك مخلوقات أخرى في زمن آدم ولا تكون من جنسه".

·                  ويقول: "فمن الممكن أن تكون هناك أمة، ويخلق رغم وجودها أمةً أخرى".

·                  ويقول: "فليس من الضروري للخليفة أن تكون أمةٌ قبله حتما. فمن المحتمل أن تخلق أمة وتعد خليفةً للأمة السابقة، ويكون آدم مورثها الأعلى".

 


 

المبحث الثاني

الجن عند الخليفة الأحمدي الأول نور الدين.

معلوم أنّ الحكيم نور الدين لا يؤمن بخوارق الأنبياء، ويتأوّلَهَا كثيرًا، مما اضطر الميرزا غلام إلى معارضته، كما جاء في كتاب (سيرة المهدي)، وكان ذلك واضحًا في مسألة نار سيدنا إبراهيم عليه السلام، حيث كان يراها الحكيم نور الدين نار المعارضة، وليست نارًا حقيقية، وقد ذكرتُ ذلك تفصيلًا في هذا الجزء([37])، ولكننا سنجده يؤمن بحقيقة الجِنّة، أنهم مخلوقات غير مرئية ولا محسوسة، ويرى ألا تفسر كل آيات القرآن الكريم التي ذَكَرت الجِنّة على أنهم المخلوقات غير المرئية المعروفة، بل يجب أن تفسر الجِنّة بحسب السياق.

يقول الحكيم نور الدين([38]): "{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا}، {اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ}، الجنّ خلق الله مثل الملائكة وغيرهم. لا أرفض وجود الجنّ والملائكة مطلقا، بل أعتقد بوجود كليهما، ولكن كلمة الجنّ لا تعطي معنى واحدا في كل مكان. وما يُظَنّ أن الجنّ تتلبّس بعض النساء والأولاد فلا أقبل ذلك. الجنّ في اللغة يقال للحيوانات المؤذية الصغيرة أيضا التي لا تُرى بالعين المجردة، بل تشاهَد بالمناظير فقط. إن ميكروبات الطاعون أيضا تُسمّى جنًّا لذلك قال - صلى الله عليه وسلم - عن الطاعون: "وَخْزُ أَعْدَائِكُمْ مِنْ الْجِنِّ" رواه أحمد عن أبي موسى الأشعري، في الطبراني الأوسط عن ابن عمر - رضي الله عنه([39]). من معاني الوخز، اللسع والطعن أيضا. كبار الناس أيضا يسمَّون جنًّا في اللغة: "جنّ الناس مُعَظَّمُهم([40])". لعل اسم "مهاجن" .... الإنسان الذي يركض وراء الحمامة أيضا يسمّى جِنًّا. لقد ذُكر في سورة الأحقاف قومٌ: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} (الأَحقاف: 30)، {إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى} (الأَحقاف: 31). ويقابل الجنَّ أناسٌ. الإنس هم الفقراء من الناس، والجنُّ كبارهم. وفي سورة الحجر ذُكر خلق الإنسان والجانّ معا واحدا بعد الآخر في الآية نفسها وهي: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ} (الحجر: 27 - 28). كان الجِن وذريتهم موجودين قبل آدم عليه السلام، وهذا لا يمكن إنكاره بأي شكل. وحتى الآن، لا يزال والجِنَّة موجودين بطرق غير مرئية، وهذا ما لا يمكن إنكاره بأي حال. إن نظام الكون ليس مقتصرا على المحسوسات والمرئيات فقط، لذا فإن إنكار العالم غير المحسوس وغير المشهود وغير المرئي حمق وغباوة محضة. لذا كلما تتقدم العلوم تظهر للعيان أمور كثيرة كان قبولها من قبل متعذرا. لقد أثبتت المناظير والتلسكوبات كم من حيوانات توجد في الجو. كذلك توجد في قطرة ماء واحدة حيوانات لا تُحصى. كما أن هناك حيوانات كثيرة في قطرة منيٍّ واحدة. فيتبين من ذلك كله أن إحاطة خلق الله وأنواع خلقه محال محض، وإنكار المرء نتيجة علمه المحدود حمق بحتٌ. لذا يجب التذكر عن الجِنّ أولا أنه لا يحق لنا أن ننكر خلقا يختلف عن البشر. لدينا أوجه للقول بأن الجنّ خلْقُ الله الذي لا تراها عيون ظاهرية لأن تركيبها المادي شفاف للغاية فلا يستطيع الناس أن يروها بعيون ظاهرية، بل هناك حاجة لرؤيتها إلى حاسة أخرى أي العين الروحانية. لهذا السبب إن الأنبياء عليهم السلام وأولياء الله والمؤمنين الصادقين يستطيعون أن يروا الملائكة وغيرهم من المخلوقات غير المرئية، بل يحدثونهم أيضا. ملخص الكلام أن إنكار أيّ من خلق الله من هذا القبيل ليس من العقل في شيء. نحن نؤمن بأن في العالم خَلْق الله المستورُ عن أعين البشر، فيسمَّون جِنًّا لأن الجّن في العربية يُطلق على من كان من صفاته الخفاء والاستتار. فالجَنَّة خافية عن أعين الناس، والجُنَّة تُخفي الإنسان وراءها وتنقذ الإنسان من هجمة السيف. الجنين: ولدٌ يكون خافيا في بطن أمّه. الجنون: مرض يغشي العقل. فالجنّ مخلوق، أيا كان نوعه، يخفى عن أعين الناس عادة. باختصار، الجنّ نوع من المخلوق. هناك أمر آخر جدير بالذكر وهو أن الجنّ قد أُطلق في الحديث على كل من الحية والكلب الأسود والذبابة والنمل ذي اللون البُنّي الفاتح، والجراثيم الوبائية والبرق والحمامة والصقر والزقوم وعلى من يأكل باليد اليسرى والحمار وأشعث الرأس والغراب ومبتور الأنف أو الأذن، والشرير، والزعيم وغيرهم. وبالتأمل في هذه الأمور تتبين حقيقة المفاسد والمضار التي تُنسب إلى الجِنَّة. بعد بيان ذلك لا بد من الاطلاع على ما هو المراد مما ذُكر في القرآن بهذا الخصوص؟ فليكن معلوما أن هذا حادث تاريخي. كانت مدينة نصيبين مدينة مأهول، وسكانها اليهود كانوا يسمَّون جِنًّا، وكانوا يزورون سوق عكاظ. لقد ذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - يائسا من أهل مكة إلى الطائف حيث آذاه أشرارها. كان - صلى الله عليه وسلم - قادما إلى عكاظ وقابله الناس في نخلة في طريقه. كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي صلاة الفجر فرقّت قلوبهم بسماعهم القرآن الكريم، فآمنوا وبلّغوا قومهم حين رجعوا إليهم. (الحكم، عدد: 26/ 2/1908 م، وجريدة بدر، عدد: 5/ 3/1908 م، ص 4). ويقول الحكيم نور الدين: " يقول الله تعالى في القرآن الكريم .... {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ للهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا * وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا * قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} وما علي إلا إبلاغ رسالة الله. (نور الدين الطبعة الثالثة ص 102). {قَامَ عَبْدُ اللهِ} لقد وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - "عبد الله". وقد وُصف بالاسم نفسه عندما عُرج به - صلى الله عليه وسلم - إلى السماء: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} (الإسراء: 2)، ووُصف بالاسم نفسه عند ذكر نزول القرآن الكريم: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} (الفرقان: 2). {كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} الضمير في "كادوا" يمكن أن يعود إلى الجنّ، أو الإنس، أو الكفار أو المؤمنين. "لَبِدٌ" جمع "لبدة". لَبِدَه: أي لفَّ بعضٍ على بعضٍ. لُبَد: يُقرأ بضم اللام وفتح الباء، ومعناه أن الكفار يتكالبون على النبي - صلى الله عليه وسلم - معارضين إياه عند قراءته القرآن على الناس. أما المؤمنون والمسلمون فيتسابقون في الطاعة والانقياد وبنية حفظ الكلام. ويمكن أن تكون الجنُّ مرجع الضمير "كادوا" للسبب نفسه.".

التعليق على كلام الحكيم نور الدين:

·                  يقر نور الدين أنّ الجنّ خلق الله مثل الملائكة وغيرهم. ولا يرفض وجود الجنّ والملائكة مطلقًا، بل يعتقد بوجود كليهما، ولكن كلمة الجنّ لا تعطي معنًى واحدًا في كل مكان.

·                  لا يقبل نور الدين فكرة أنّ الجنّ تتلبّس بعض النساء والأولاد.

·                  مسببات الأمراض الميكروسكوبية مثل الطاعون، وكبار الناس أيضًا يسمَّون جنًّا.

·                  وفي تفسيره لآية سورة الحِجْر { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ}، يقر نور الدين بذُكر خلق الإنسان والجانّ معًا واحدًا بعد الآخر في الآية نفسها، وأنّ الجِنّة وذريتهم خلقوا من قبل سيدنا آدم عليه السلام، وهم موجودون حتى الآن بطريقة غير مرئية.

·                  نظام الكون ليس مقتصرًا على المحسوسات والمرئيات فقط.

·                  والإحاطة بخلق الله وأنواع خلقه، محال محض.

·                  وإنكار المرء نتيجة علمه المحدود حمقٌ بحتٌ، لذا فإنّ إنكار العالم غير المحسوس وغير المشهود وغير المرئيّ حمق وغباوة محضة.

·                  كلما تتقدم العلوم تظهر للعيان أمورًا كثيرةً، كان قبولها من قبل متعذرًا، ويضرب مثالًا لذلك بالكائنات الميكروسكوبية.

·                  لذا يجب التذكر عن الجِنّ، أنه لا يحق لنا أن ننكر خلقًا يختلف عن البشر.

·                  لدينا أوجه للقول بأنّ الجنّ خلْقُ الله الذي لا تراها عيون ظاهرية لأنّ تركيبها المادي شفاف للغاية، فلا يستطيع الناس أن يروها بعيون ظاهرية، بل هناك حاجة لرؤيتها إلى حاسة أخرى أي العين الروحانية.

·                  ولهذا السبب إنّ الأنبياء عليهم السلام، وأولياء الله والمؤمنين الصادقين يستطيعون أن يروا الملائكة، وغيرهم من المخلوقات غير المرئية، بل يحدثونهم أيضًا.

·                  ملخص الكلام أنّ إنكار أيّ من خلق الله من هذا القبيل ليس من العقل في شيء.

·                  نحن نؤمن بأنّ في العالم خَلْق الله المستورُ عن أعين البشر، فيسمَّون جِنًّا لأنّ الجِنّ في العربية يُطلق على من كان من صفاته الخفاء والاستتار، فالجِنّ مخلوق، أيا كان نوعه، يخفى عن أعين الناس عادة، باختصار؛ الجنّ نوع من المخلوقات.

·                  الجنّ قد أُطلق في الحديث على كل من الحية والكلب الأسود والذبابة والنمل ذي اللون البُنّي الفاتح، والجراثيم الوبائية والبرق والحمامة والصقر والزقوم، وعلى من يأكل باليد اليسرى، والحمار، وأشعث الرأس والغراب، ومبتور الأنف أو الأذن، والشرير، والزعيم، وغيرهم.

·                  الضمير في "كادوا" في الآية {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ للهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا * وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} يمكن أن يعود إلى الجنّ، أو الإنس، أو الكفار أو المؤمنين ويمكن أن تكون الجنُّ مرجع الضمير "كادوا" للسبب نفسه.


 

المبحث الثالث

ذكر ما قاله علماء الأحمدية في كتابهم (شبهات وردود) والتعليق عليه.

نص ما جاء في كتاب (شبهات وردود) الأحمدي، حيث يأتون بنص للمعترضين، ثم يقومون بالرد عليه.

"الاعتراض: كان المؤسس([41]) يؤمن بتمثل الجن، ولكنكم تنكرون الجنّ من أصله، فما هذا التناقض؟ والدليل ما قاله في كتاب التبليغ وهو([42]): "أيها الأعزةُ .. إن حضرة الله تعالى حضرة عجيبة، وفي أفعال الله أسرار غريبة، لا يبلغ فهم الإنسان إلى دقائقها أصلا فمن تلك الأسرار تمثل الملائكة والجن، ومنها حقيقة نزول المسيح التي دق فهمُها وعسُر اكتناهها على أكثر الناس، فلا يفهمون الحقيقة، ولا أرى في فطرتهم إلا غضبا. (التبليغ).

 

الرد([43]): أولا نحن لا ننكر الجن من أصله، بل نرى أن للجن معاني عديدة تفهم وفق السياق؛ فلا نقصره على الشياطين غير المرئية. وننكر التلبس وما يتعلق به من أفكار خرافية وبدع. وهذا الفهم هو فهم المسيح الموعود عليه السلام، حيث كان المسيح الموعود عليه السلام قد أشار إلى أن جنّ سليمان عليه السلام بَشَر من أعدائه الذين سُخّروا للعمل عنده. وقد ورد قوله عليه السلام هذا في بيت شعر بالعربية.. ففي كتابه سرّ الخلافة نظم المسيح الموعود عليه السلام قصيدة سماها: القصيدة في مدح أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.. قال فيها عن أبي بكر:

"وإني أرى الصدّيق كالشمس في الضحى..... مآثره مقبولة عند هوجرِ"

ثم تحدث حضرته عن أبي بكر في عدد من الأبيات، ثم تحدث بعد ذلك عن عمر رضي الله عنه فقال:

"وشابهه الفاروق في كل خطةٍ             وساس البرايا كالمليك المدبّر".

ثم بعد عدد من الأبيات قال حضرته عليه السلام واصفا حكم الفاروق عمر:

"وفي وقته أفراس خيل محمد                أثرنَ غبارا في بلاد التنصر.

وكسر كسرى عسكر الدين شوكةً     فلم يبق منهم غيرُ صُور التصوّر.

وكان بشوكته سليمانَ وقته                وجعلت له جِنُّ العِدا كالمسخَّرِ".

أي أن مُلك عمر رضي الله عنه كان مثل مُلك سليمان عليه السلام، حيث سُخرت له جنّ الأعداء. ومعلوم أنّ عمر رضي الله عنه لم تُسخَّر له أشباح الفُرْس، بل إنّ أعدادًا كبيرة من الأعداء الغرباء صاروا عمالا عنده، كما صار أعداء غرباء عمالًا عند سليمان عليه السلام.

فالحق أن حضرته يقصد بالجنّ في الفقرة السابقة محل الاعتراض([44]) الشيطان الذي يوسوس للناس. وهذا من علم الغيب كما هم الملائكة من علم الغيب. ولا يعني أنه عليه السلام يؤمن أن هناك كائنات مكلفة بالشريعة الإسلامية اسمها الجنّ، وأنها تتلبس بالناس كما هو في ذهن العامة؛ بل إن كلمة الجن تُطلق على الشيطان أيضا. ولا بد أن حضرته عليه السلام قد قصد بها الشياطين هنا، وهي مخلوقات غير مرئية، عملها الوسوسة والإيحاء بالأفكار الشريرة، وهذه المخلوقات مسيرة غير مكلفة. وهي ضعيفة وليس لديها قوى للسيطرة على البشر أو غيرهم من المخلوقات. وهذه المخلوقات هي نقيض الملائكة؛ المسيرة غير المكلفة، التي توحي بالأفكار الحسنة، والتي لديها قوى جبّارة، وموكول إليها عظيم الأعمال بأمر الله".

التعليق:

·        كما رأينا؛ يقر علماء الأحمدية بأنّ الجِنّة مخلوقات غير مرئية.

·        ويرى الميرزا غلام أنّ في أفعال الله أسرارًا غريبةً، لا يبلغ فهم الإنسان إلى دقائقها، فمِن تلك الأسرار تَمُثّل الملائكة والجن، كما تَمَثّلَ – من وجهة نظر الميرزا غلام – سيدنا جبريل عليه السلام أمام سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم، كما في حديث مسلم؛ أنّ سيدنا جبريل عليه السلام جاء ليُعَلّم المسلمين دينهم، ثم يأتي الميرزا غلام بأمر آخر يشابه تمثل الملائكة، ويوجد في الواقع – بحسب عقيدة الميرزا غلام – وهي مسألة مجيء المثيل بدلًا عن الأصل، أي مجيء الميرزا غلام بدلًا عن سيدنا عيسى عليه السلام، ومجيء سيدنا يحيى عليه السلام بدلًا عن إلياس، فإذا كان الميرزا غلام يرى أنه هو المثيل الفعليّ الماديّ لسيدنا عيسى عليه السلام، وأنّ الملائكة والجنّ -كما رأينا من قبل- مخلوقات غير البشر، فإنّ الميرزا غلام يؤمن ويعتقد جازمًا بأنّ الجنَّ أيضًا يتمثل في صور مادية، والخلاصة؛ يرى الميرزا غلام جواز أن يتمثل الجانّ في صور مادية، وأنّ أكثر الناس لا يفهمون هذه الحقيقة، وطبعًا كما سنرى أنّ مؤلف كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) من هؤلاء الناس، ومن قبله بشير الدين محمود، ومن وراه الكثير من الأحمديين.

·        إنكار التلبس بمفهوم العامة، وهو دخول الجنّ في أجساد البشر، فيتصرف هؤلاء البشر بتصرفات غير مفهومة([45]).

·        يدعي علماء الأحمدية أنّ الميرزا غلام قد أشار في البيت الأخير المذكور، أنّ جنَّ سيدنا سليمان عليه السلام كانوا بشرًا، وهذا ردي:

o       في الشطر الأول من البيت، يقول الميرزا غلام "وكان" أي سيدنا عمر رضي الله عنه، في شوكته، أي في قوته، كسليمان عليه السلام في وقته، أي مثل سيدنا سليمان عليه السلام في زمن سيدنا سليمان عليه السلام، وانتهت جملة الشطر الأول.

o       ثم في الجملة الاستئنافية في الشطر الثاني؛ بدأت بقول الميرزا غلام "وجُعِلَت له"، وهنا سؤال: على مَنْ يعود الضمير في قول الميرزا غلام "له"؟ هل يعود على سيدنا سليمان عليه السلام، أم يعود على سيدنا عمر رضي الله عنه، فالضمير كما هو معروف يعود إلى أقرب مذكور، وقد أقر بهذا المبدأ مؤلف كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة)([46])، إلا إذا جاءت قرينة قوية واضحة صارفة، أي تبيّن أنه لا يصح عود الضمير على أقرب مذكور، وساعتها من خلال السياق سوف نعرف على من يعود الضمير، وأقرب مذكور هو سيدنا سليمان عليه السلام، كما في التعبير"وقته"، أي وقت سليمان عليه السلام.

o       وبناء على ما سبق، فالجملة " وجعلت له جِنُّ العِدا كالمسخَّرِ"، ليست لها علاقة بسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بل الجملة تتعلق بسيدنا سليمان عليه السلام.

o       وإذا كان على سبيل التَّنَزُّل أنّ الجملة "وجعلت له جِنُّ العِدا كالمسخَّرِ"، تعود على سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فهذا يعني أنّ الجملة ليست قطعية الدلالة في تقرير وتحديد على من يعود الضمير، وهذا يكفي لاعتبار النص لا يصح البناء عليه، ولا يصح الجزم أنّ الميرزا غلام قد قصد أنّ جنَّ سيدنا سليمان عليه السلام هم من البشر.

·        ثم يقر الأحمديون أنّ ما قصده الميرزا غلام بالجنِّ في الجملة من كلام الميرزا غلام في نص الاعتراض، هو الشيطان الذي يوسوس للناس، وأن هذا الجنَّ هو من المخلوقات غير المرئية، وأنها مخلوقات مُسَيرة، وغير مكلفة، وأنها ضعيفة، وقد رأينا عكس ذلك من قبل من كلام الميرزا غلام؛ أنّ الجنَّ يستحقون الثواب أو العذاب، فمن كان كذلك فهو مكلف وليس مسيرًا كما في حال الملائكة، كما رأينا من كلام الميرزا غلام أنّ الجِنّة ترقى إلى الملأ الأعلى في السماء، لتسترق السمع وتعرف بعض الغيب، فكيف تكون ضعيفة، بل كيدها هو الضعيف كما قال الله تعالى([47]).

·كما يقر الأحمديون أنّ الجِنّ شيطان يوسوس للناس، وهو من علم الغيب، كما أنّ الملائكة من علم الغيب، وتعليقًا على إقرارهم هذا، أقول: إذا كان من علوم الغيب، فلا يصح التكلم في ما لا نعلمه، من حيث كيفية الخلق، أو الوجود أو عدم الوجود، وكيف تتمثل، فلا بد من الإيمان بالغيب؛ أن نؤمن به كما قاله صاحب الغيب، ولا نزيد ولا ننقص منه شيئًا، ولا نتأوّله، بل نؤمن به كما جاء، وإقرار علماء الأحمدية هذا؛ أبلغ رد على مؤلف كتاب (الجن بين الحقيقة الخرافة)، حيث ادعى أنّ الجِنَّ من الوهم وليس من الغيب، يقول المؤلف([48]): " وشتان ما بين الغيب والوهم. فالغيب موجود فعلا وإن خفي عن الحواس الجسدية، لأنه إنما يدرك بالملكات المناسبة المؤهلة لإدراكه([49]).. الملكات الروحية من فكر وقلب. أما الوهم فهو عدمٌ.. يخترعه الخيال السقيم.. في غيبة العقل السليم".

انتهيت من النصوص من كلام الميرزا غلام، والحكيم نور الدين ،وعلماء الأحمدية، والتعليق عليها، وقد رأينا أنّ عقيدة الميرزا غلام لا تختلف كثيرًا عن عقيدة السلف الصالح في حقيقة الجنّ، كما رأينا رأي الحكيم نور الدين الخليفة الأحمدي الأول في حقيقة الجِنّ كمخلوقات موجودة بالفعل لا نراها ولا نحس بها، ورأينا إقرارات علماء الأحمدية، كما في كتاب (شبهات وردود)، بحقيقة الجنّ كمخلوقات حقيقية موجودة بالفعل وأنها غير مرئية.


 

المبحث الرابع

والآن أبدأ بعون الله تعالى بالتعليق على ما جاء في كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) لمحمد حلمي محمد الشافعي.

يقول المؤلف([50]) "فكتبتُ هذه الصفحات مسترشدًا بتفسيرً القرآن لسيدنا الخليفة الثاني رضي الله عنه"([51])".

لذلك لن أذهب إلى كتاب (التفسير الكبير) تأليف بشير الدين محمود، وسأكتفي بما نقله المؤلف حلمي الشافعي.

أصول منهجية يقررها المؤلف للتعامل مع القرآن الكريم والحديث الشريف.

بدأتُ بذكر بعض الأصول المنهجية التي يقر بها المؤلف، لأنها ستبيّن قدر تناقض المؤلف مع نفسه في تناوله لحقيقة الجنّ، وتناقضه مع الكثير من المعتقدات والأفكار التي تعتنقها الجماعة الأحمدية.

1-     يقر المؤلف([52]) أنّ الله تعالى أنزل على النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم كتابًا يقوم على الحق، وقرره منهجًا لعبادته([53])، وهذا المنهج الإلهي ليس لغير الله يد فيه([54])، والمنهج الذي يحقق العبادة هو الإسلام([55])، والوسيلة لذلك العمل بما في القرآن المجيد.

التعليق: وكل هذا حق لا شك فيه.

 

2-     ويقرر المؤلف([56]) أنّ كل منهج غير القرآن عند الله مرفوض مردود، لأنّ القرآن هو المنهج الوحيد الصحيح الذي يحقق عبادة الله سبحانه، والذي يخلص به العابد دينه لله وحده، ويُسلم إرادته كاملة له.

كما يقول المؤلف: "جاء الإسلام. ذلك الدين الذي ارتضاه الله للبشر منذ أن كان على الأرض بشر مدرك، جاء بمنهجه النهائي على يد خير البشر.. إمام الأنبياء وصفوة الرسل صلى الله عليه وسلم.. ليضع اللمسات الجمالية الأخيرة التي تحدد معا معالم الطريق السوي إلى الله تعالى.. أي العبادة. ولقد تضمن المنهج القرآني، متلُوا في آيات القرآن، أو مُطَبَّقا في سنة محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم.. كل المبادئ والسلوكيات التي توجه الإنسان في طريقه إلى الله تعالى.. تحدد له اتجاه المسير، وكيفية الخطو، والوسائل التي تعينه على اجتياز الطريق في سعادة واطمئنان، وعلاقته برفاق المسيرة. كما حذره من المزالق التي قد يقع فيها، والمصاعب التي قد تعوق خطاه، ودله على وسائل الوقاية منها."([57]).

 

التعليق:

·                  الأحاديث الصحيحة من كلام سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم، هي أيضًا منهج صحيح يُفَصّل ما جاء في القرآن الكريم، وذلك لأنّ الله تعالى هو من أخبرنا بذلك في القرآن الكريم في آيات كثيرة، ومنها الآيات التالية:

يقول الله تعالى: { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (92)}([58]).

ويقول الله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (12)}( [59]).

ويقول الله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}([60])

ويقول الله تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}([61]).

ويقول الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}([62]).

ويقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}([63]).

وفي الحديث الصحيح([64]): "لَعَنَ عبدُ اللَّهِ، الواشِماتِ والمُتَنَمِّصاتِ ، والمُتَفَلِّجاتِ لِلْحُسْنِ المُغَيِّراتِ خَلْقَ اللَّهِ فقالَتْ أُمُّ يَعْقُوبَ: ما هذا؟ قالَ عبدُ اللَّهِ: وما لي لا ألْعَنُ مَن لَعَنَ رَسولُ اللَّهِ، وفي كِتابِ اللَّهِ؟ قالَتْ: واللَّهِ لقَدْ قَرَأْتُ ما بيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَما وجَدْتُهُ، قالَ: واللَّهِ لَئِنْ قَرَأْتِيهِ لقَدْ وجَدْتِيهِ: {وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وما نَهاكُمْ عنْه فانْتَهُوا}([65]).

وإذا كان الميرزا غلام يرى أنّ الأدلة القطعية من الأحاديث، لا توجد إلا في الأحاديث المتواترة بشرط قطعية الدلالة([66])، وأنّ الأحاديث التي يمكن أن نفسر بها القرآن الكريم، لا بد أن تكون متصلة صحيحة مرفوعة([67])، وكما قال بشير الدين محمود الذي استرشد بما قاله المؤلف، فقد قال في كتابه (القدر الإلهي) إنّ المسائل الإيمانية لا تؤخذ إلا من القرآن الكريم، وليس من الأحاديث لأنه ظنية([68])، فلذلك نُلْزِم المؤلف بما سبق وبما أقر به، أن يجيب على المسائل التالية:

o                 أين في القرآن المهدي المنتظر؟.

o                 وأين في القرآن أنّ المسيح الموعود هو المهدي؟.

o                 وأين في القرآن النبوة البروزية، أو الظلية، أو المجازية، أو الاستعارية؟.

o                 وأين في القرآن أنّ الله تعالى سوف يخرج فرعون وأبا لهب وأبا جهل بعد عذابهم لأحقاب من النار، ليدخلهم الجنة في نهاية الأمر؟.

o                 وأين الكثير من العقائد الأحمدية الأخرى في القرآن الكريم؟

o                 وهل يصح أن يقول الميرزا غلام وبشير الدين محمود إنّ القرآن لا يمنع من مجيء نبوة غير مباشرة، أي نبوة ليست بالاجتباء المباشر من الله تعالى، أي يمكن أن يأتي نبيّ عن طريق الفناء في سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم([69]).

 

3-              ويقرر المؤلف([70]) أنّ الأسوة والبيان هما في اتباع رسول الإسلام سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم، والعمل بسنته وسنة خلفائه المهديين من بعده، وأنّ الإخلال بشرط واحد مما سبق يحيد بالمرء بعيدًا عن الغاية المطلوبة([71])، وليس هناك عاقل عارف بالقرآن يماري في الحقائق المبينة آنفا([72])، وإذا قرأنا القرآن ودار بخلدنا معنى يخالف ما ينبغي لكتاب الله من الكمال المطلق، فعلينا أن نراجع أنفسنا لنعدل من فهمنا كي نصل إلى ما يتفق والكمال([73]).

التعليق:

نعم صحيح، فهل كان في سُنّة سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم، والخلفاء المهديين من بعده، نبوة بروزية أو ظلية أو مجازية أو لغوية، وهل قالوا إنّ سيدنا عيسى عليه السلام مات ومدفون في كشمير، وهل قالوا إنه عُلِّق على الصليب ولم يمت عليه، وإنّما أنِْزل من على الصليب، ودفن ثم خرج وهرب إلى كشمير، فمن الذي حاد عن المبادئ، ومن العاقل ومن غير العاقل!!!

 

4-              يستنكر المؤلف الاستدلال بالنصوص في غير مناسبتها، كما يستنكر التأويل في غير وجهه الصحيح، فيصدّق الناس الترهات، ويعتقدون بصحتها([74]).

التعليق على الملاحظة 4:

·         كلامه صحيح، فما هي القواعد الحاكمة لمسألة تأويل النصوص، أليس يجب الالتزام من المؤلف بما قرره نبيه الميرزا غلام، أنّ النصوص القرآنية والحديثية تفسر بالظاهر، ولا يحال إلى التأويل إلا بقرينة قوية صارفة، فلم نرَ المؤلف يبيّن القرينة القوية الصارفة، حينما أوّل النصوص القرآنية، وإنما كما رأينا من النصوص السابقة للميرزا غلام، والحكيم نور الدين في حقيقة الجِنّة، أنّ المؤلف خالفهما.

·         وإذا كان لا يوجد قرينة نصية قوية صارفة، ولكن النص يعارض العقل، فتأويل المؤلف اعتمادًا على أنّ الاعتقاد بوجود مخلوقات شبحية يخالف العقل، وبالتالي اضطر المؤلف إلى تأويل النصوص القرآنية، فهذا التصرف من المؤلف يطعن في عقلية وفهم نبيه الميرزا غلام، وفي عقل الحكيم نور الدين الخليفة الأحمدي الأول، وفي عقل علماء الأحمدية الذين تراجعوا عن عقيدة بشير الدين محمود، وأقروا بوجود مخلوقات غير مرئية ولا محسوسة، وهم الجِنّة.

يقول الميرزا غلام)[75](: "فغاية القول: إنّ الحديث "إمامكم منكم" يعني أن المسيح القادم ليس إسرائيليًا البتة، بل هو من هذه الأمة حصرًا، كما يدل على ذلك ظاهر النص، أي: إمامكم منكم. أما التكلف والتأويل بأنّ عيسى - عليه السلام - سيصبح من الأمة بعد النزول ولن يبقى نبيّا، فليس هناك أي قرينة عليه. والعبارة تجدر أن تُحمل على ظاهرها قبل وجود قرينة، وإلا عُدَّ تحريفا كتحريف اليهود، باختصار؛ إنّ القول بأنّ عيسى - عليه السلام - بعد النزول يرتدي زي المسلمين ويُدعى فردا من الأمة، تأويلٌ غير عقلاني ويتطلب دلائل قوية، فمن حق جميع النصوص الحديثية والقرآنية أن تُفسَّر نظرًا لظاهر الكلمات ويُحكم عليها بحسب الظاهر إلا أن تنشأ قرينةٌ صارفة، ودون القرينة الصارفة القوية يجب أن لا تفسَّر خلافا للظاهر، وأنّ المعنى الحرفي لـ"إمامكم منكم" يقتضي أن يولد ذلك الإمام في هذه الأمة حصرًا([76])، وإذا ادَّعى أحد خلاف ذلك بأنّ عيسى - عليه السلام - الإسرائيلي الذي نزل عليه الإنجيل هو نفسه سيصبح من الأمة بعد العودة إلى هذا العالم؛ فهذه الدعوى جديدة([77]) وتنافي ظاهر النص، وتحتاج إلى دليل قاطع، فالدعوى دون إثبات غير جديرة بالقبول".

5-     يذكر المؤلف([78]) أنّ الأنبياء والرسل قد أقاموا الأدلة البيّنة على أنهم من عند الله تعالى.

التعليق على الملاحظة 5:

معلوم أنّ الأدلة البيّنة هي الأدلة قطعية الثبوت والدلالة، فهل جاء المؤلف بأدلة قطعية على عقيدته؛ أنّ الجنّ ليسوا إلا أوهامًا وخرافات في عقول المسلمين، وهل جاء الميرزا غلام ومن بعده الأحمديون بأي دليل قطعي الثبوت والدلالة على نبوته!!!

وقد فصّلت الكلام في نوعيات الأدلة ومستوياتها في الجزء الأول من كتاب (حقيقية الطائفة الأحمدية القاديانية)، وهذا هو أحد نصوص الميرزا غلام في تعريفه للأدلة القطعية:

يقول الميرزا([79]): "وأنت تعلم أن حمل الإثبات ليس علينا، بل على الذي ادّعى الحياة([80]) ويقول إن عيسى ما مات وليس من الميتين. فإنّ حقيقة الادعاء([81]) اختيار طرق الاستثناء بغير أدلة دالة على هذه الآراء([82])، أعني إدخال أشياء كثيرة في حكم واحد([83]) ثم إخراج شيء منه بغير وجه الإخراج وسبب شاهد([84])، وهذا تعريف لا ينكره صبي ولا غبي، إلا الذي كان من تعصبه من المجنونين. فإذا تقرر هذا فنقول أنّا نظرنا إلى زمان بُعث فيه المسيح، فشهد النظر الصحيح أنّه كل من كان في زمانه من أعدائه وأحبائه، وجيرانه.... كلهم ماتوا وما نرى أحدًا منهم في هذا الزمان؛ فمن ادّعى أن عيسى بقي منهم حيًا وما دخل في الموتى فقد استثنى، فعليه أن يثبت هذا الدعوى. وأنت تعلم أن الأدلة عند الحنفيين([85])لإثبات ادعاء المدّعين أربعة أنواع كما لا يخفى على المتفقهين. الأول: قطعيّ الثبوت والدلالة وليس فيها شيء من الضعف والكلالة، كالآيات القُرآنية الصريحة، والأحاديث المتواترة الصحيحة، بشرط كونها مستغنية من تأويلات المؤوّلين، ومنَزّهة عن تعارض وتناقض يوجب الضعف عند المحققين. الثاني: قطعي الثبوت ظني الدلالة، كالآيات والأحاديث المؤوَّلة مع تحقُّق الصحّة والأصالة([86]). الثالث: ظنّيّ الثبوت قطعيّ الدلالة، كالأخبار الآحاد الصريحة([87]) مع قلّة القوّة وشيء من الكلالة([88]). الرابع: ظنّيّ الثبوت والدلالة، كالأخبار الآحاد المحتملة المعاني والمشتبهة. ولا يخفى أن الدليل القاطع القوي هو النوع الأول من الدلائل، ولا يمكن مِن دونه اطمئنان السائل. فإنّ الظنَّ لا يُغْني مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا، ولا سبيل له إلى يقين أصلا".

التعليق:

فليراجع كل الأحمديون أنفسهم، هل الأمور التي خالف فيها الميرزا غلام عقيدة أهل السُنّة والجماعة، جاء عليها بأدلة بيّنة؛ أي قطعية الثبوت والدلالة!!!

 

6-     ويقرر المؤلف([89]) أنّ أسماء الله تعالى لا بد أن تكون من مصدر إلهيّ.

التعليق على الملاحظة 6:

·     هذا كلام صحيح، فما هو الدليل على أنّ الاسم الذي ذكره الميرزا غلام لله "يلاش"، ووصفه لله أنه "عاج"([90])، أنّه من مصدر إلهي، يستطيع أي دجال أن يقول إنّ الله تعالى عرّفه أسماءً له سبحانه وتعالى، وبالتالي ينفرط عقد أسماء وصفات الله تعالى، والحل هو الالتزام بما جاء في القرآن الكريم، أو في أحاديث متواترة متصلة صحيحة مرفوعة؛ قطعية الدلالة بأسماء وصفات الله تعالى.

·     وهل إذا عَرّف الله تعالى البعض من أولياءه بعض الأسماء والصفات له سبحانه وتعالى، فهل لا يُعَرّفه معناها، وقد رأينا الميرزا غلام يقول إنّ ربه أوحى له أنه "عاج"، ومع ذلك لم يعرف الميرزا غلام معنى هذا الاسم أو الصفة، فما هي الحكمة أن يقول رب الميرزا غلام له أنه "عاج"، ولا يقول له معناه، وقد أنكر الميرزا غلام على الفيدا([91]) أن به نصوصًا بلغات لا يعلمها غير رب الفيدا([92]).

·         وإذا كان العلم بأسماء الله تعالى وصفاته من أدق أمور العقيدة والإيمان، وقد رأينا في حاشية سابقة رأي بشير الدين محمود، فيما لا يصح الإسلام إلا به؛ أي أنه لا يكون إلا من القرآن الكريم([93])، فهل ما قاله الميرزا غلام إنّ "يلاش" هو اسم الله سبحانه وتعالى، أو وصفه لله سبحانه وتعالى أنه "عاج" من القرآن الكريم!!!

 

7-              يشير المؤلف -من غير التصريح- بالفرق بين التعبير "العباد"، و"العبيد"، حيث جعل العباد للمؤمنين، بينما العبيد للمخلوقات من غير الإنس والجن([94])، والحقيقة أنه ذُكِرَ في القرآن الكريم عبادًا لله، وهم ليسوا من المؤمنين([95]).

 

8-              وفي إقرارٍ من المؤلف بأنّ كلمة (الآخرة) في القرآن لها خصوصية في التناول القرآنيّ، وأنّ القرآن لم يستخدمها بمعناها اللغوي، أي أنّ القرآن استخدم بعض الكلمات بدلالة اصطلاحية، فلا تكون دلالة هذه الكلمات إلا ما قصده القرآن بالمعنى الشرعي الاصطلاحي، وهذا صحيح، وقد وافق المؤلف نبيه الميرزا غلام من ناحية التأصيل، ولكننا سنجد أنّ هذا الإقرار يعارض ما ذهب إليه الميرزا غلام وبشير الدين محمود في اعتبار أنّ معنى (الآخرة) بالمعنى اللغوي في قول الله تعالى :{وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)}([96]) تعني البعثة الأخيرة والوحي الأخير، أي البعثة الأخيرة لسيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم في بروز وصورة الميرزا غلام القادياني، وقد فصّلتُ الرد على ما ادعاه الميرزا غلام وبشير الدين محمود في الجزء الثاني من كتاب (حقيقية الطائفة الأحمدية القاديانية).

أيضًا الميرزا غلام في بعض كتبه، فسر التعبيرات الاصطلاحية الساعة والقيامة في القرآن بمعانٍ لغوية، ضاربًا عرض الحائط كونها عبارات اصطلاحية، لا يصح تفسيرها لغويًا وترك الاصطلاح الشرعي إلا بقرينة لازمة قوية.

يقول المؤلف([97]): " وهناك الكثير من الكلمات العربية التي استعملها القرآن لدلالات خاصة، ولم يرد تماما المعنى الأصلي الذي استعمله العرب الجاهليون؛ ولكن ظلال المعاني لا تزال تشع في الاستعمال القرآن الجديد من هذه الكلمات: الساعة([98])، القيامة، البعث، الأُولى، الآخرة، الحياة، الموت، الزكاة، الهجرة، المعصية، الشهادة، الصدقة.".

 

9-         يقول المؤلف في بيان بعض الأمور المتعلقة بالآية:{‏وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ([99]): "...وثانيهما: إن بعض الناس يفهمون الآية فهما خاطئا.. إذ يحسبون أن قوله تعالى {ولذلكَ خَلَقَهُمْ} يعني أن الناس خُلقوا للاختلاف: والحقيقة أن الخالق.. الرحمن الرحيم، الذي وسعت رحمته كل شيء، إنما خلق الناس لينهلوا من معين رحمته فالإشارة في كلمة (لذلك) إنما تعود على المشار إليه الأقرب.. وهو قوله {إلا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ} أي.. لرحمته تبارك وتعالى.".

التعليق:

هنا المؤلف استدل لبيان سبب خلق الله تعالى للبشر هو أن يرحمهم، وليس للاختلاف بينهم، باعتبار أنّ اسم الإشارة يعود إلى أقرب مذكور في الآية، أي إلى الرحمة وليس الاختلاف، حيث أقرب مذكور هو الرحمة وليس الاختلاف، وبنفس الدليل الذي استخدمه المؤلف سوف أقيمُ عليه الحجة لاحقًا في الآية التالية {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ (100)}، فالضمير العائد على مَنْ خلقهم الله تعالى في قوله {وخلقهم} يعود أيضًا إلى أقرب مذكور، وهم الجِنّة الذين جعلهم الكفار شركاء لله سبحانه وتعالى، أي أنهم ليسوا وهمًا كما قال ذلك المؤلف في نص لاحق([100]).

إخلال المؤلف بما أعلنه من أصول منهجية، واستدلاله بأحاديث موضوعة، واستدلاله برأيه المجرد.

للأسف بعد ما رأينا حرص المؤلف على التصريح بالأصول، نجده يخالف ما ذكره من أصول، فيستدل بحديث موضوع، وقد خالف أيضًا ما أصّلَهُ الميرزا غلام بخصوص الكتب المُسَلّم بها([101])، كما خالفه أيضًا حيث يرى الميرزا غلام أنّ تفسير القرآن لا يكون إلا بآيات متواترة من القرآن، أو بأحاديث متصلة صحيحة مرفوعة([102])، والأثر الذي جاء به المؤلف، لا يرقى حتى أن يكون من الأحاديث الضعيفة.

1-              يقول المؤلف: " وهناك حديث قدسيّ مشهور يقول فيه رب العزة: "كنتُ كنزا مخفيا، فأحببت أن أعرف فخلقت خلقاً، فتعرفت إليهم.. فبي عرفوني"([103]).

2-     يفسر المؤلف([104]) الآية {وعلم آدم الأسماء كلها}، بتعليم الله تعالى لسيدنا آدم عليه السلام أسماء وصفات الله تعالى، ثم من خلال إشعاع هذه الصفات يستطيع سيدنا آدم عليه السلام أن يضع أسماء للأشياء المادية من عنده، وهذا أيضًا مخالف لما ورد في كتب الميرزا غلام باعتبار الأسماء التي علمها الله سبحانه وتعالى لآدم هي أسماء الأشياء.

·         يقول الله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33)([105]).

والسؤال: إذا كانت هذه الأسماء هي نفس الأسماء التي سأل الله تعالى عليها الملائكة، ولم يعرفوها، فهل الملائكة، ومنهم سيدنا جبريل عليه السلام، والملائكة التي تحمل العرش، لا يعرفون أسماء الله سبحانه وتعالى!!!

·                  ويقول الميرزا غلام([106]): "...وقال: عَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ ، فهذا التعليم يدل على أشياء منها أنه كان معلم بتوسط المسميات، ونعني بالمسميات كل ما يمكن بيانه بالإشارات، فعلاً كان أو من أسماء المخلوقات. ومنها أنه كان مُعلِّمَ حقائق الأشياء، وخواصها المكتومة المخزونة في حيّز الاختفاء، بلغة عربي مبين".


 

وظيفة المجددين في الإسلام

يقرر المؤلف أنّ وظيفة المجدد -وهو الطبيب الروحي- أن يشخص في جسد الأمة الإسلامية الأمراض التي أنهكت روحها وجسدها. ومن أشدها ضررا على الأمة تلك المفاهيم الباطلة التي أعاقتهم.. ولا تزال تعوقهم.. عن الانتفاع الكامل بالمنهج القرآني([107]).

التعليق:

·         وهل لم يكن الميرزا غلام مجددًا وطبيبًا روحانيًا، بل هل لم يكن نبيًّا، حينما قال بأنّ سيدنا عيسى عليه السلام حي في السماء، وأنه نازل آخر الزمان ليكمل مهمته وينظف الشوارع من اليهود!!!([108]).

·     وكما هو معلوم في العقيدة الأحمدية، أنّ المجددين ملهمون، ومُؤَيّدون بالروح القدس([109])، وقد أرسل الله تعالى المجددين ليجددوا للناس دينهم، وكما يقول المؤلف أنهم الأطباء الروحانيون، فلماذا ترك الله تعالى كل المجددين من قبل الميرزا غلام، ولم يشخصوا ويعالجوا أهم مرض كان وما زال في الأمة، وهو كما يدعي الميرزا غلام العقيدة الشركية، أي حياة سيدنا عيسى عليه السلام في السماء، وهل يصح عند المؤلف ما قاله الميرزا غلام؛ أنّ الله تعالى أخفى عقيدة موت سيدنا عيسى عليه السلام عن الأمة الإسلامية لمدة أكثر من 1300 سنة([110])، حتى يأتي الميرزا غلام لإصلاح هذا الخلل، هل إصلاح شرك أصاب الأمة-كما يعتقد الميرزا غلام-يجب توليته الاهتمام الأول، أم حقيقة الجنّ.


 

الغيب والوهم واعتبار الجِنّة من الأوهام.

1- يقول المؤلف([111]): " وشتان ما بين الغيب والوهم. فالغيب موجود فعلا وإن خفي عن الحواس الجسدية، لأنه إنما يدرك بالملكات المناسبة المؤهلة لإدراكه([112]).. الملكات الروحية من فكر وقلب. أما الوهم فهو عدم.. يخترعه الخيال السقيم.. في غيبة العقل السليم".

التعليق:

·            كما رأينا من قبل، فإنّ كلام الميرزا ونور الدين فيه الكفاية للرد على المؤلف، هل الجِنّة مجرد أوهام، أو هي مخلوقات حقيقية.

·         وهذا نص إضافيّ من كلام الميرزا، يجيب فيه على كلام المؤلف الذي يدعي أنّ الجِنّة ليست من الغيب، وإنما هم من الوهم، يقول الميرزا غلام([113]): "... فمعنى العبارة: "كان من الجن"([114]) أن إبليس وحده كان من قوم الجنّ ولم يكن من الملائكة. فالملائكة جنس مقدس والشيطان جنس مختلف. إن سر الملائكة وإبليس سر خفي جدا ولا يسع الإنسان إلا القول: آمنا وصدّقنا. لم يجعل الله الشيطانَ مخوّلا ولم يعطه قدرة غير أنه يوسوس. وكما أن الملائكة هم الدافع وراء التقدم في الروحانية والطهارة كذلك فإن الشيطان دافع وراء تحريك العواطف المنكَرَة. يود الملائكة أن يتطهّر الإنسان ويتحلى بأخلاق فاضلة بينما يود الشيطان أن يبقى الإنسان قذرا وغير طاهر. الحق أن قانون الله عن تحريض الملائكة وإبليس يمشي جنبا إلى جنب. ولكن مشيئة الله تتغلب في نهاية المطاف. فكأن هناك حربا تجري في الخفاء تلقائيا فيغلب الله القادر المقتدر وينهزم الباطل. هناك أربعة أشياء إدراك كنهها يفوق قدرة الإنسان، وهي: أولا: الله جلّ شأنه، ثانيا: الروح، ثالثا: الملائكة، رابعا: إبليس. كل من كان يعتقد بالله تعالى من بينها ويؤمن بصفات ألوهيته لا بد وأن يؤمن ببقية الأشياء الثلاثة أي الروح والملائكة وإبليس. يجب على الإنسان أن يتبع رضا الله تعالى في كل حال وألا يتدخل في نظام الله، بل عليه أن يتقدم في التقوى، والطهارة، والطاعة، والوفاء. وهذا لا يمكن إلا إذا بقي الإنسان ثابتا صامدا بالإيمان واليقين الكامل، وكان صادقا ومخلصا مع مولاه الكريم. ولا يسعى عبثا للاطلاع على كنه ما كان خافيا في علم الله الغيب ... والذي يحاول لتقصي خواص كل شيء وماهيته يجهل لحُمقه نظام الله ومشيئته تعالى تماما...".

·         وقد رأينا أيضًا سابقًا في النص من كلام علماء الأحمدية، في كتابهم (شبهات وردود)، أنّ الجنّ من علوم الغيب، كما أنّ الملائكة من علوم الغيب.

 

2-         ويقول المؤلف([115]): وتمضي آيات سورة الأنعام تلومُ أولئك الذين ينصرفون عن آيات الله وينساقون إلى الشرك. فيعبدون آلهة ليس لها حضور في عالم الواقع، وما هي إلا خيالات في أذهانهم المشوشة، يصرون عليها ويضلل بعضهم بعضا بقول مزخرف، ولكنه زور وباطل، يقاومون به دعوات الإصلاح والهداية التي يأتي بها أنبياء الرحمن ".

3-              ويقول المؤلف([116]): ".ولفظ (الجن) من الكلمات التي وردت في القرآن الكريم مرات عديدة، لتؤدي من المعاني ما يحمل ظلالا من مادة الكلمة، ولكنها لا تتفق مع المفهوم الخرافي الذي شاع بين المتخلفين من أهل البادية ومن أخذ عنهم. ولقد رأينا من الآيات السابقة في سورة الأنعام كيف أن كلمة (الجن) تعني الآلهة الخيالية المزعومة والمتوهمة، وتعني أيضا فريقا من البشر المتميز بموقعه الخاص بين قومه.".

التعليق على النصوص السابقة:

المؤلف بسبب جهله المطبق، يسب ويشتم كل من قال بأنّ الجِنّة مخلوقات حقيقية خلقها الله تعالى، وأنها غير مرئية وغير محسوسة، وأنّ لها وظائف محددة، وقد ثبت أنّه من عقيدة الميرزا غلام والحكيم نور الدين، وبعض علماء الأحمدية وجود الجنّ، فقد وقع وصف المتخلفين من أهل البادية ومن أخذ عنهم، الذي قاله المؤلف على نبيه الميرزا غلام، وعلى بقية علماء الأحمدية بإقرارهم بوجود الجن الشبحيّ.

 

4-              ثم يأتي المؤلف بالآية من سورة الأعراف {يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27)}، ويبدأ في استنتاج آراء ليست فقط تعارض العقائد الإسلامية التي أجمعت عليها الأمة، بل تعارض ما استقر عليه نبيه الميرزا غلام والخليفة الأحمدي الأول الحكيم نور الدين.

يقول المؤلف([117]): " لقد ذهب كثير من المفسرين في فهمها بعيدا، وجاءوا بأقوال هي خليط من جاهلية أهل الكتاب وخرافات الخيال...".

وفي صفحة 45، يأتي المؤلف بالأصل لكلمة الشيطان، فهي من (ش ط ن)، أي البعد، أو من الأصل (ش ي ط) أي الاحتراق، ويقول المؤلف إنّ بين الأصلين قرابة، أي من ابتعد عن الهداية الإلهية فقد احترق بنار الجحيم.

5-              ويقول المؤلف([118]): "والمؤثر النفسي أو المعنوي الذي يبعد المرء عن المنهج الإلهي، ويحيد به عن سبل الخير .. شيطان. وهو شيطان الجن لأنه يفعل فعله في خفاء فلا يتنبه له المرء، ولذلك وصفه القرآن بأنه شيطان يرى ضحيته - أي يصل إليها ويؤثر من حيث لا تراه الضحية أي لا تدرك تأثيره ولا تفطن له. وتقدم الآية الكريمة تحذيرا إلى كل البشر، إنسا وجنا، من فتنة هذه من المؤثرات الشيطانية، التي تتسلل إلى النفس البشرية على حين غفلة صاحبها.. تحت ستار براق من المغريات المشروعة أو غير المشروعة.. فيقع فيها وتورثه الندم. وقد مر سيدنا آدم – أبو السلسلة الحالية من البشر الذين تشرفوا بالتكليف الإلهي، وأول نبي حمل شريعة الله إلى بني جنسه، فنُسبوا إليه تخليدا لهذا المنعطف الخطير في تاريخ البشرية وتحولها إلى الإنسانية.. أقول مر بتجربة مع هذا الشيطان. أمر آدم (عليه السلام) أن يجتنب زعيما مغرورا من زعماء قومه.. كان قد أعلن العصيان والخروج على طاعة آدم الرسول المبلغ عن ربه. أعلن العصيان وأصر عليه استعلاء واستكبارا وبغيا، بل وجاهر بعزمه على مقاومة الأمر الإلهي والإفساد بكل السبل. وحذر الله آدم من نوايا هذا العدو الحاقد الحاسد وعمل آدم فترة من الزمن بهذا التحذير، ولكنه بعد مضي الوقت قل حذره، ووقع تحت تأثير الاعتقاد بقدرته على إصلاح (إبليس) ومن معه من أتباع وأعوان. وظن أنه إذا نجح في هذه المهمة الصعبة فإنه يكون بذلك قد قام بإنجاز عظيم يكسبه المجد وخلود الذكر، وهو قبل كل شيء من صميم واجباته كنبي معلم. وحسب أن تكون ضغينة إبليس قد خفت حدتها الزمن، ولا بأس من المحاولة الخيرة. لقد كانت هذه الخواطر الطيبة.. في نفس النبي الحريص على نجاح مهمته.. شيطانا أنساه الحذر الواجب، والالتزام بالتحذير الإلهي من ربه العليم الخبير .. الذي لا تخفى عليه خافية. وهكذا وقع آدم في الفخ الشيطاني، المموه بالنوايا الطبية، واستطاع إبليس وجماعته مهاجمة آدم من حيث لم يحتسب.. بعد أن عرفوا مواطن الضعف في منطقته، وفاجأه مفاجأةً لم يُغن معها استنفار آدم لشباب قومه (من ورق الجَنّة)، وأجبر آدم وجماعته على الخروج من منطقتهم الغنية بالثمار والمياه. لقد نسي آدم ووضع سلاحه القوي الذي كان يحميه من عدوه.. ذلك بفعل الإغراء الشيطاني{ ينزعُ َعنْهُمَا لَبَاسَهُمَا}، فانكشفت ثغوره {ليُرِيَهُمَا سَوْءَاتهما}. نعم، تنكشف العورات إذا انحسر اللباس عن الجسد.".

التعليق:

·         المؤلف اعتبر المؤثر النفسي أو المعنوي الذي يبعد المرء عن المنهج الإلهي شيطان الجن.

·     وأنه كان قوم مع سيدنا آدم عليه السلام، وهو نبيّهم ورسولهم، وأنّ أحد زعماء هذه القبيلة هو من قام بغواية سيدنا آدم عليه السلام.

·     كما اعتبر المؤلف ورق الجَنّة الذي أراد سيدنا آدم عليه السلام أن يستر به عورته، هم شباب قبيلة سيدنا آدم عليه السلام، الذين كانوا معه في الجَنّة.

لم يأتِ المؤلف بأي قرينة أو دليل على كل هذه التأويلات الباطنية لآيات القرآن الكريم، وبذلك فقد خرج المؤلف عن كل ما قرره الميرزا غلام من أصول للتعامل مع النصوص القرآنية والحديثية تمنع التأويل بغير دليل، مثل عدم جواز التفسير بالرأي([119])، أي بلا دليل معتبر، أو أنّ تفسير القرآن لا بد له من آيات متواترة من القرآن الكريم، أو حديث لسيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم متصل صحيح مرفوع، فقد اعتبر المؤلف ما في رأسه من أوهام، هي المستند له حتى يغير دلالات الآيات لتوافق هواه.

·     ومن المعلوم أنّ الأنبياء لا يعصون الله تعالى، ولكن الله تعالى ذكر أنّ سيدنا آدم عليه السلام عصاه، وأنه غوى، أي فسد حاله، فهذا يعني أنّ سيدنا آدم عليه السلام لم يكن نبيًّا وقتها، فالمؤلف هنا سقط سقوطًا كبيًرا بقوله إنّ سيدنا آدم عليه السلام كان نبيًّا وقد خدعه إبليس فعصى سيدنا آدم عليه السلام ربه، فلم أر في الحقيقة حتى مما قرأتُه في كتب الميرزا غلام أنّ الأنبياء يعصون الله سبحانه وتعالى.

·     لم يأتِ في القرآن الكريم أي ذكر عن قوم كانوا معاصرين لسيدنا آدم عليه السلام، كل الحوارات كانت بين الله سبحانه وتعالى، وبين سيدنا آدم عليه السلام أو إبليس، وحينما أخرجهم الله تعالى من الجَنّة – سواء أكانت في السماء أو كانت في الأرض كما يعتقد الأحمديون- فكان الأمر للخروج مرة لأثنين؛ أي سيدنا آدم عليه السلام والسيدة حواء، ومرة بالجمع؛ أي مضاف لهما إبليس.

أدلة المؤلف على أن الجِنّة هم نوع من البشر، والرد عليها:

1-     يدعي المؤلف أنّ أول أمر بالعبادة كان للناس، ولم يكن لغيرهم، هو ما جاء في الآيات {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21)}([120])، يقول المؤلف([121]): " ...في السورة التالية – سورة (البقرة) نسمع أول نداء قرآني.. موجه إلى من يخاطبهم القرآن إلى من نزل لأجلهم.. إلى من خُلقوا لعبادة الله.. يقول النداء: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُمْ...} (البقرة : 22) النداء للناس. والنداء توجيه إلى عبادة الرب الخالق الذي خلق الناس لهذه العبادة. ولو كان القرآن يخاطب خلقاً غير الناس لكان المناسب أن يوجه من إليهم الخطاب ها هنا.. لأنه أول([122]) أمر عام بالعبادة. يترتب على ذلك أن المنادى في هذه الآية -وهُمُ الناس - يشمل كل مكلف بعبادة الله عن طريق هذا القرآن وعلى لسان نبي الإسلام".

التعليق: سيكون مع التعليق على النص التالي.

 

2-              ثم يأتي المؤلف بآية من سورة الأنعام، حيث يقول الله تعالى:{‏وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ (100)}([123])، ثم يأتي بالآيات التي تلي هذه الآية، ليثبت منها أنّ الجِنّة المذكورة إنما هي وهمٌ في عقول المشركين، ولا حقيقة لهم، ولا أدري من أي كلمة من كلمات الآيات التي ذكرها المؤلف، هي التي فهم منها؛ أنّ ما يعبد المشركون إلا وهمًا، يقول الله تعالى:{‏بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102)}([124]).

التعليق على النصين السابقين:

·     توجيه الكلام إلى فئة لا يعني عدم وجود غير هذه الفئة في الوجود، فعدم الذكر لا يعني عدم الوجود.

·     الأصل في فهم الألفاظ القرآنية بالظاهر، ولا تأويل إلا بقرينة.

·     إذا كانت هناك كلمة تحتمل لأكثر من وجه، فلا يصح البناء عليها في أمور العقيدة بناء على وجه من هذه الوجوه، فكلمة "وَخَلَقَهُمْ " كما فالآية {‏وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ (100)}، قد تعني خلق الله تعالى للجنّ، أو خلقه للبشر الذين جعلوا من الجِنّة شركاءً لله، وقد رأينا رأي الميرزا غلام، والحكيم نور الدين، ورأي علماء الأحمدية في كتاب (شبهات وردود)، أنّ الجِنّة خلقٌ من خلق الله تعالى؛ غير مرأي ولا محسوس، وأنه من الغباء والحمق الاقتصار في إثبات وجود خلق لله تعالى على ما نراه بأعيننا أو نسمعه أو نحسه فقط.

·     من جملة مخالفة المؤلف للأصول التي يقرها الميرزا غلام، أنّ الميرزا غلام يعتقد بعدم صحة مخالفة العقائد الإجماعية التي عليها مذهب أهل السنة والجماعة، وعقيدة أهل السنة والجماعة معلومة في مسألة حقيقة الجِنّة.

 

3-     ثم ينتقل المؤلف إلى سورة الأعراف، ويذكر أنّ النداءات فيها كانت لبني آدم وليس لغير بني آدم، ثم يبدأ في بيان معنى الجزء التالي {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} من الآية الكريمة([125]):

يقول المؤلف([126]): " ولعل التحذير الإلهي في قوله تعالى: {إنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ...} (الأعراف: 28) من الأسباب التي جعلت البعض يقول بوجود خلق آخر، يختلف عن الإنسان.. وأن من صفاته أنه غير مرأي لنا. والآية بريئة من هذا المفهوم لأنها تتحدث عن الشياطين.. ومنهم شياطين الإنس، كما أن منهم شياطين الجن. والإنس مرأي ظاهر، والفتنة والخطر ليسا وقفاً على شياطين الجن وحدهم، فكلمة يرَاكُمْ يعني أنه يرى مواطن ضعفكم فيصل إليها، أما قبيله فهو ما يلحق به من عوامل تساعده على التأثير. وقوله من حَيْثُ لا ترونهم أي من حيث لا ينتبه المرء إلى تأثيرهم.. وذلك حين الغفلة.. حين الانشغال بالهوى عن التعقل والتفكير. وإبصار الشيطان وعدم رؤيته لا يحدث فرقا في مدى تأثيره...".

 التعليق:

·         يفسر المؤلف رؤية الشيطان للبشر برؤية نقاط ضعف البشر، ويفسر التعبير (قبيله) بالعوامل التي تساعد شياطين الإنس أو شياطين الجن – بمفهومه الخاص لشياطين الجن- في تأثيرهم، وقد خالف كل الأصول التي قررها الميرزا غلام كما بيّنت من قبل، وأنّ الأصل أنّ النص المحتمل لأكثر من دلالة، فلا يؤسس عليه عقائد، وأنّ التفسير بالرأي معصية في ديننا.

·     وقد رأينا رأي الحكيم نور الدين أنّ الجِنّة لا نراهم ولا نحس بهم، وأنهم خُلِقوا من قبل خلق سيدنا آدم عليه السلام، وأنهم أمة ولهم ذرية، ومازالوا موجودين حتى الآن([127]).

 

4-              ثم يقول المؤلف([128]): "...فإذا وصلنا إلى قوله تعالى { يَابَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (35)}([129]). أدركنا أن الرسل الذين يهدون إلى منهج الله تعالى هم من بني آدم..من البشر...أما من أشرك وكفر فحق عليه قول الله: { قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ، وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ} (الأعراف: 39) وهكذا يزداد الأمر وضوحا. فالأمم التي يخاطبها القرآن الكريم تتكون من (جن) و(أنس). الجن هم أصحاب القيادة في الحياة الدنيا، ومن ثُم يُقدمون على غيرهم عند دخول النار. وهذا الوعيد يبرز دور القيادة ومسئوليتها. فمن يقود قومه إلى الشر يقودهم أيضا إلى جهنم. ولقد أشار القرآن إلى هذا عندما حكى عن فرعون وقومه فقال: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ} (هود: 99) فهو يخجل على رأس قومه ليكون أول من يصلى لظى جهنم. كما كان على رأس قومه الذين غرر بهم في الدنيا. فإذا تم عدد الزعماء (الجن) في النار دخل بعدهم الأتباع (الإنس). وهناك يلتقي الفريقان ليتلاعنا. الأتباع يلعنون سادتهم غضبا وتحسرا.. لأنهم كانوا سبب ضلالهم وسوء مآلهم...".

التعليق:

·     يخاطب الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات بني آدم، ولا مانع من مخاطبة البعض دون البعض الآخر، فهناك خطاب من الله تعالى للناس في آيات كثيرة، وخطاب للمؤمنين فقط، وخطاب للرسل فقط([130]).

·     حينما خاطب الله تعالى بني آدم ذَكَرَ أنه سبحانه وتعالى أرسل إليهم رسلًا منهم، وهذا لا يمنع أن يرسل الله تعالى رسلًا من البشر للإنس والجان، وقد ذكرتُ من كلام الميرزا غلام والحكيم نور الدين الكثير من النصوص حيث صرحا فيها أنّ سيدنا مُحَمّدًا صلى الله عليه وسلم نبيّ الإنس والجان، مع إيمانهما باختلاف الجِنّة عن البشر في طبيعة التكوين، وفي أسبقية خلق الجِنّة على البشر.

·     دخول أمم في أمم أخرى أختها، أي أمة الجنّ المتأخرة تدخل جهنم، فتلعن أختها من أمة الجنّ السابقة لها، وكذلك بالنسبة للإنس، أو أنّ الأمم الكافرة إخوة في الكفر، فكفر إبليس وأمته من شياطين الجنّ، قد قدموه للأمم الأخرى سواء أكانت من الجنّ، أو من الإنس، وليس في الآية أي دليل على بشرية أمم الجنّ.

·      رأينا في السابق إقرار الميرزا غلام، بأنه من المحتمل أن يكون سيدنا آدم عليه السلام، كان على رأس أمة، هي خليفة لأمة سابقة أهلكها الله تعالى، وأنّ سيدنا آدم عليه السلام مورثها الأعلى في الأمة الجديدة ([131])

 

5-  ويقول المؤلف([132]): " وكما كان إبليس {مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ}([133]) أي زعيما مأمورا بطاعة منهج الله .. كذلك الذين جاءوا من بعده.. كانوا من الجن وفسقوا عن أمر ربهم. وسيبقى إبليس دائما موجودا على الأرض بين الناس ممثلاً في أشخاصهم، لأن الله لم يكتب الخلود لأحد أبدا في الدنيا.. مصداقا لقوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لَبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ) (الأنبياء: 35) ولكن دور إبليس (الأول) متجدد بمن يخلفه ويسير على منواله في الغرور والغطرسة والاستكبار والعمى عن الهدى".

التعليق:

·     هنا اعتبر المؤلف أنّ الزعيم من قوم سيدنا آدم عليه السلام الذي خدعه عليه السلام، والموصوف بشيطان الجنّ عند المؤلف، فإنه يمكن تسميته إبليس.

·     يؤكد المؤلف عقيدته أنّ إبليس الذي قال الله تعالى في حقه إنّه كان من الجنّ بصريح العبارة، هو من الزعماء الضالين.

·     ثم يكرر المؤلف الاعتماد على فهمه وعقيدته في اعتبار الجنّ هم من البشر، ليفسر الآية القرآنية {وَمَا جَعَلْنَا لَبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ}، فيقرر أنّ الله تعالى لم يجعل للبشر الخلد، فهذا دليل عند المؤلف على موت وتَعَاقُب الأبالسة، فلا خلود لهم، بينما يقرر الله تعالى اختلاف الخلقة، حيث إنّ إبليس من الجنّ الذين خلقهم الله تعالى من نار السموم، وقد خلق الله تعالى سيدنا آدم عليه السلام من طين، وقد رأينا من قبل رأي الميرزا غلام والحكيم نور الدين في الفوارق الخلقية التكوينية بين الجنة وبين البشر.

 

6-     ثم يعلن المؤلف مخالفته الصريحة لكل كلام الميرزا غلام والحكيم نور الدين، حيث يقول([134]): "...وهكذا نرى أن القرآن المجيد لم يفرق بين جن وإنس.. سواء في التكليف أو في الجزاء. ولا معنى لذلك إلا أن الجن والإنس سواء في تكوينهم النفسي والجسدي.. وأنهم نوع واحد.. لا فرق بينهم إلا في الدور الوظيفي داخل المجتمع البشرى".

التعليق: رأينا من كلام الميرزا غلام والحكيم نور الدين ما يعارض كل ما قاله المؤلف، ولا داعي للتكرار.

 

7-     ثم يأتي المؤلف بآية من سورة هود، يقول المؤلف([135]): " {وما كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بظلم وأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ وَلَوْ شَاءَ ربُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمّةً واحدةً وَلا يَزَالُونَ مُختلفين إلا من رحم رَبُّكَ، وَلذَلكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةَ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (هود: 119) ما دور الجِنّة هنا؟ ولماذا يهددون بدخول النار مع الظالمين من أهل القرى؟ الجواب المنطقي للجمع بينهما في هذا السياق.. هو أن الجِنّة فريق من أهل القرى يمتاز بالقيادة، ولذلك جاء ذكرهم في مقدمة الذين تمت كلمة رب العالمين ليدخلنهم النار.. مع من يتبعهم من الرعية. وتأمل كلمة (الناس) في الآية! عندما تحدثت الآية عن أهل القرى بصفة عامة أسمتهم (الناس)، ثم صنفتهم صنفين الجِنّة والناس فكأن كلمة (الناس) تطلق على البشر عموما من كل صنف ونوع ولون وطبقة وكلمة (الجن) في مقابلها الخاصة، أي الطبقة القيادية أو أولى الأمر والفئة المتميزة. ويلاحظ هنا أن كلمة (الجِنّة) تعني صنفا معينا من الجن.. هم في هذه الحالة القادة الظلمة الفسدة، المستحقين للعقاب الإلهي".

التعليق:

·                  يسأل المؤلف عن دور الجِنّة، وكما رأينا من كلام الميرزا غلام والحكيم نور الدين فالجِنّة هم من يوسوسون لأهل القرى، فاستحقوا العذاب معهم، وكلام الميرزا غلام يكفي للرد على بقية كلام المؤلف.

 

8-         يقول المؤلف([136]): " ثم نأتي بعد ذلك إلى سورة الحِجر، إذ يقول الله تعالى:{‏وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (27)}([137]). هذه هي الآية الأولى من القرآن الكريم التي تتحدث عن خلق الإنسان والجان... وعلى ضوء هذه الآيات يمكن أن نتعرف على المراحل الأساسية التي مر بها خلق الإنسان من البنية المادية. ولكن الأهم من ذلك هو أن نتنبهه إلى الصفات الرئيسية الكامنة في الفطرة البشرية والملكات التي اختص بها دون سائر المخلوقات...".

ثم يقول([138]): "...ولا يغيبن عن البال أن القرآن أعلنها صريحة بأن الماء هو مصدر الحياة لكل مخلوق يعيش ويدب على هذه الأرض ويعتمد على مادتها في بقائه حيا.. حيث قال: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيْ..) (الأنبياء: 31)، {وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَاء فَمِنْهُم مِّن يَمْشِي عَلَى بَطْنه، وَمِنْهُم مِّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ، وَمِنْهُم مِّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعِ..}([139]) (46:24). والجان من الأحياء التي تعيش في الأرض وتدب عليها، فهو مخلوق من الماء، والماء ضروري لاستمرار حياته والماء مادة موزونة محسوسة، وإذا دخلت في بنية كائن جعلته حتما محسوسا موزونا. وإذن فالجان من الخلق المحسوس الموزون.. وليس من الخيالات أو غير الماديات كما يظن البعض.".

مرة أخرى يفسر المؤلف الآيات القرآنية بحسب فهمه الخاص، فلأنه يؤمن بأنّ الجِنّة هم من البشر مثل الزعماء المضلين لقومهم، ولذلك فالجِنّة يدخل في تركيبهم الماء هم أيضًا، والماء محسوس ومرأي، وقد عارض المؤلف ما قاله الميرزا غلام، كما عارض الحكيم نور الدين حيث يقر الحكيم نور الدين كما رأينا، بأنّ الجِنّة من الكائنات غير المرئية ولا المحسوسة.

 

9-           ثم يأتي المؤلف إلى سورة الإسراء، إلى الآية { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85) وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا (86) إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا (87) قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (89)}.

يقول المؤلف([140]): " يتضح من الآيات الكريمة أنها تتحدث عن القرآن المجيد، فتجيب من يتساءل عن مصدره بأنه من عند الله تعالى، وأنه لا دخل لأحد غير الله به .. فهو من أمر الله مصدرا ونزولا وحفظا، وأنه نعمة جليلة، بل هو أعظم نعمة على البشرية...".

ويقول المؤلف([141]): " لنتأمل قوله تعالى: {صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ} وقوله: {فَأَبَى أَكثرُ النَّاسِ}. فالقرآن وحي الله إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم.. موجه إلى الناس.. جميع الناس بلا استثناء.. بصنفيهم أي الإنس والجن. ويؤكد ذلك أن التحدي جاء موجهًا للفريقين.. أي لجميع المخاطبين به، ليبين لهم جميعا أنه لو اجتمعت جهود الإنس على كثرتهم.. والجن على قدراتهم وتفوقهم.. لا ينجحون في الإتيان بمثل القرآن منهجا إلى الله تعالى، يحقق سعادة الدنيا والآخرة. ويلاحظ أن ذكر الإنس جاء لأول مرة قبل الجن، ذلك لأن جماعة المشعوذين أوهموا الناس أنهم يستعينون بقوى خفية وأرواح مستترة تسر إليهم بأسرار الغيب والعلوم. فجاء التحدي للإنس ومن يدعون بأنهم أعوان لهم من الجن. والآية بوجه عام توجه التحدي البليغ إلى كل الناس: عامتهم وخاصتهم، جمهورهم وصفوتهم، شعوبهم وقادتهم.. أن يأتوا بمثل هذا القرآن معنى ومبنى.. مصدرا وأثرا.. صدقا وشرفا.".

التعليق:

حصر المؤلف أنّ معنى الروح في قول الله تعالى {ويسألونك عن الروح}، هي القرآن الكريم، مخالفًا لما قرره الميرزا غلام، وبشير الدين محمود، ومطابقًا لأحد آراء الحكيم نور الدين، وهذه هي النصوص:

يقول الميرزا غلام([142]): " في هذا الموضوع هناك آية قرآنية: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}. أي يسألونك ما هي الروح وكيف تتولد، فقل لهم أنها تتولد بأمر تتولد بأمر ربي، أي أنها سر من أسرار الله ولا تعلمون عنها إلا قليلا. أي تقدرون أن تروا الروح تتولد وليس أكثر من ذلك كما نرى بأعيننا أن بعض الحشرات تتولّد من مادة ما أمام أنظارنا. إن قانون الله تعالى الطبيعي في خلق روح الإنسان هو أنه عندما يتكوّن القالب رويدا رويدا بعد اجتماع النطفتين، يتولد في القالب- الذي هو مجموعة الدم والنطفتين - جوهر خاص كما يتكون باختلاط بعض الأدوية تأثير معين في مزيجها ولا ينشأ ما دامت منفصلة عن بعضها ويكون ذلك الجوهر على خاصية الفسفور نوعا ما ثم عندما تهب عليه رياح التجلي الإلهي بأمر كُن، يشتعل دفعة واحدة وينشر تأثيره في جميع أجزاء ذلك القالب، عندها تدب الحياة في الجنين. فهذا الشيء المشتعل الذي يتولد في الجنين بالتجلي الإلهي يسمى الروح، وهو الذي يسمى كلمة الله. ويقال إنه من أمر ربي لأن الطبيعة المدبّرة للمرأة الحامل تخلق جميع الأعضاء بأمر الله القادر على كل شيء وتكون القالب كشبكة العنكبوت، ولا دخل للطبيعة المدبّرة في الروح، بل تتولد الروح نتيجة التجلي الإلهي الخاص فقط. ومع أن فسفور الروح يتكون من تلك المادة نفسها، ولكن النار الروحانية التي اسمها الروح لا يمكن أن تتولد فقط دون مس النسيم السماوي. هذا هو العلم الحقيقي الذي علمنا إياه القرآن الكريم ولا يمكن أن تصله عقول الفلاسفة كلهم...".

ويقول بشير الدين محمود تحت العنوان "الروح البشرية"([143]):"القرآن المجيد هو الكتاب السماوي الوحيد الذي تناول بتفصيل طويـل موضوع الروح الإنسانية وخلقها. وأما الكتب المقدسة الأخرى، فهي إما تجاهل الموضوع برمته، أو أن كل ما تذكره مجرد تخمينات. يقول القرآن المجيد: {وَيَسْأَلُونَكَ عَن الرُّوح قُل الرُّوحُ مِنْ أمْر رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ العلم إلا قليلا} (الإسراء: 86) إن هذه الآية الكريمة تدحض النظرية التي تقول بأن أرواح البشر أزلية، موجودة بذاتها كما لو أنها كانت في كون آخر، ثم تنزل إلى الأرض من وقت لآخر لتدخل الجسم الإنساني. فتشير الآية إلى أن الله تعالى يخلق الروح، ذلك شأن بقية المخلوقات وهي تنمو وتتطور بتوجيه الله تعالى. وتبين الآية أيضًا أن مولد الروح ليس بعملية منفصلة عن مولد الجسم. فإن سلسلة التطورات التي تؤدي إلى ولادة الجسم هي نفسها التي تؤدي إلى ولادة الروح وتعمل على رقيها...".

ويقول الحكيم نور الدين([144]): " السؤال الثاني عشر: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} ... من هو خالق القرآن؟ أُجِبَ عليهم: {مِنْ أَمْرِ رَبِّي} (الإسراء: 86) أي القرآن أمر ربي وكلامه. اعلموا أنني ترجمتُ الروح بالقرآن ولذلك لعدة أسباب. الأول: لقد عُدّ هذا الوحي وكلام الله روحا في القرآن نفسه، والقرآن يفسر بعضه بعضا. فاقرأوا: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} (الشورى: 53). الثاني: الحديث قبل {ويَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} وبعده يجري عن القرآن الكريم، غير أنه من الممكن أن نأخذ في هذه الآية معنى الملاك الذي جاء بالوحي ويسميه المسلمون جبريل. أو قولوا إن شئتم أنه قد طُرح سؤال عن كون الروح مخلوقة أو غير مخلوقة ورُدّ عليه أن الروح حادثة وبأمر الله.".

 

10-   ثم يأتي المؤلف بآية من سورة الكهف، حيث يقول الله تعالى:{‏ إِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50)}.

يقول المؤلف([145]): " ويلاحظ هنا أن القرآن وصف إتباع المنهج الإبليسي بأنهم (ذريته).. لأنه قائدهم الأول، فهو منهم بمنزلة الوالد وهم الأبناء.. وذلك مماثلا لوصف الناس بأنهم بنو آدم باعتباره معلمهم وإمامهم الأول إلى الهدى والخير.. وأنهم مكلفون بإتباعه وطاعة منهجه فهو كوالدهم وهم بنوه.".

التعليق:

·            يستمر المؤلف في تفسيره بأنّ إبليس الذي من الجنّ؛ هو أحد الأبالسة المضلين في كل زمان ومكان، ويحاول إثبات أنّ ذرية إبليس لا تعني أنهم أبناء بالمعنى التكوينيّ، بل هو وصف تمثيليّ، كما يقال على البشر بنو آدم، بينما رأينا إقرار الميرزا غلام والحكيم نور الدين بأنّ للجنّ ذرية وذراري.

والنص التالي هو تفسير الميرزا غلام للآية من سورة الكهف، وفيه الرد على كلام المؤلف:

يقول الميرزا غلام([146]): " الآية 51: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا}. العرب يستخدمون مثل هذه الاستثناءات. وإذا نظرنا في علم الصرف والنحو لوجدنا استثناءات وأمثالا كثيرة من هذا القبيل، مثل قولهم: جاءني القوم كلهم إلا الحمار. فمن الخطأ الظن أن القوم كلهم كانوا من جنس الحمار. فمعنى العبارة: "كان من الجن" أن إبليس وحده كان من قوم الجن ولم يكن من الملائكة. فالملائكة جنس مقدس والشيطان جنس مختلف. إن سر الملائكة وإبليس سر خفي جدا ولا يسع الإنسان إلا القول: آمنا وصدّقنا. لم يجعل الله الشيطانَ مخوّلا ولم يعطه قدرة غير أنه يوسوس. وكما أن الملائكة هم الدافع وراء التقدم في الروحانية والطهارة كذلك فإن الشيطان دافع وراء تحريك العواطف المنكَرَة. يود الملائكة أن يتطهّر الإنسان ويتحلى بأخلاق فاضلة بينما يود الشيطان أن يبقى الإنسان قذرا وغير طاهر. الحق أن قانون الله عن تحريض الملائكة وإبليس يمشي جنبا إلى جنب. ولكن مشيئة الله تتغلب في نهاية المطاف. فكأن هناك حربا تجري في الخفاء تلقائيا فيغلب الله القادر المقتدر وينهزم الباطل. هناك أربعة أشياء إدراك كنهها يفوق قدرة الإنسان، وهي: أولا: الله جلّ شأنه، ثانيا: الروح، ثالثا: الملائكة، رابعا: إبليس. كل من كان يعتقد بالله تعالى من بينها ويؤمن بصفات ألوهيته لا بد وأن يؤمن ببقية الأشياء الثلاثة أي الروح والملائكة وإبليس. يجب على الإنسان أن يتبع رضا الله تعالى في كل حال وألا يتدخل في نظام الله، بل عليه أن يتقدم في التقوى، والطهارة، والطاعة، والوفاء. وهذا لا يمكن إلا إذا بقي الإنسان ثابتا صامدا بالإيمان واليقين الكامل، وكان صادقا ومخلصا مع مولاه الكريم. ولا يسعى عبثا للاطلاع على كنه ما كان خافيا في علم الله الغيب ... والذي يحاول لتقصي خواص كل شيء وماهيته يجهل لحُمقه نظام الله ومشيئته تعالى تماما...".

 

11-   ثم يأتي المؤلف إلى سورة (النمل) إلى الآية {وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَامُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10)}، فيقرر أنّ ما حدث لسيدنا موسى عليه السلام كان كشفًا، وأنّ الكشف يحتاج إلى التأويل.

يقول المؤلف([147]): " وفي هذه التجربة رأى موسى في الكشف - أثناء رحلة العودة مع أهله من سيناء - أن هناك نارا، فلما جاءها ناداه الله تبارك وتعالى وأمره أن يذهب إلى فرعون لإنقاذ قومه بني إسرائيل من نير فرعون واضطهاده لهم. ووهب الله سيدنا موسی آيات تؤيده في مهمته وفي نفس الوقت تدله على كيفية القيام بها. وكانت عصا موسى واحدة من هذه الآيات تعينه على إثبات صدقه..".

ويقول المؤلف([148]): " وبيان هذا الكشف بحسب تأويل الرؤى كما يلي: النار تأويلها (المحبة الإلهية) وحرارتها ففيها الدفء والهداية تشعهما في كل اتجاه، فتبارك من فيها ومن حولها. أما العصا فهي (قوم موسى) أي بنو إسرائيل. والجان وهو الحية الصغيرة السريعة - ترمز ل (عدو). ويبين الكشف أن موسى مكلف بالعودة إلى قومه بني إسرائيل، لأنه إذا تركهم استمروا في فسادهم وحياتهم الشريرة، وظلوا أعداء لأنفسهم. ولكن إذا أخذهم وضمهم إلى رعايته انقلبوا عصا مباركة فيها النفع والخير، وليس من ورائها أذى. ومحبة الله تعالى سوف تشمل الجميع.. تبث فيهم دفء الحياة الصالحة، وتجعل منهم جماعة متآلفة متآزرة من الأتقياء الصالحين. غير أن ما يعنينا في هذا البحث هو ما جاء في الآية الكريمة وصفا لعصا {تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌ}، وفي آية أخرى ذكر الله تعالى أن موسى ألقى العصا {فإذا هي حية تسعى} (طه:21)، فإطلاق اسم الجان على الحيات والثعابين التي تتميز بالاختفاء عن الأنظار.. يدل على أن الكلمة لا تطلق على الأرواح الشريرة فقط كما يتصور بعض الناس.. وإنما تطلق أيضا على الثعابين والحيات وغيرها من الدواب والحشرات المشابهة في اختفائها.".

التعليق:

·         في الجزء الأول من كتاب (حقيقية الطائفة الأحمدية القاديانية)، ذكرتُ أنّ من الأسس الفكرية والعقائدية عند الميرزا غلام والأحمديين؛ اعتبار الكثير من الحوادث الواقعية التي وقعت للأنبياء أنها من الكشوف، وقد أثبتُ أنّ هذه العقيدة عند الأحمديين بلا أي دليل معتبر، كما أنهم يعتبرون الكشوف رؤية ذهنية خيالية، وبالتالي هذه الرؤية الذهنية مثلها مثل الرؤى المنامية تحتاج إلى التأويل، فيتصرفون فيها بالتأويل، لإخراجها من الواقع الفعلي الذي وقع وله دلالاته، إلى صور وخيالات تناسب أهواءهم وما يريدون إثباته خداعًا للسذج، كما بيّنتُ في هذا الجزء الرابع، بنصوص قطعية الثبوت والدلالة من كلام الميرزا غلام؛ أنّ عصا سيدنا موسى عليه السلام كانت حقيقية، وأنها تحولت بالحقيقة إلى ثعبان مرات كثيرة، وأنها ليست خيالات ذهنية، كما يعتقد بشير الدين محمود ومن تبعه من الأحمديين، أنّ نار سيدنا إبراهيم عليه السلام كانت نار المعارضة، وإذا كانت نارًا حقيقية فقد أطفاها الله تعالى بالمطر أو الرياح، وقد أثبتُ أيضًا أنّ الميرزا غلام يرى أنها نار حقيقية، وقد أوقف الله تعالى فيها خاصية الإحراق، وقياسًا على ما سبق، فكل ما يدعيه الأحمديون من تحويل الأمور والوقائع إلى كشوف ثم يقومون بتأويلها، فقد ثبت كذبهم وافتراءهم.

·     وكما بينتُ مرارًا وتكرارًا أنّه من جملة أصول الاستدلال والتفسير لآيات القرآن عند الميرزا غلام؛ أنّه لا يجوز أن يُفسر القرآن إلا بآيات من القرآن، أو بحديث متصل صحيح مرفوع، وأنّ التفسير من غير ذلك هو تفسير بالرأي، وقد قرر الميرزا غلام بأنّ التفسير بالرأي معصية، كما لا يصح تحويل الدلالة الظاهرة للنصوص القرآنية أو الحديثية إلى التأويل إلا بدليل قطعي، وقد رأينا إقرارات الميرزا غلام بحقيقة الجِنّة، فأين الدليل الذي اعتمد عليه المؤلف ليقول بالتأويل للجنة أنهم بشر، وأنّ النار التي رآها سيدنا موسى عليه السلام أنها المحبة الإلهية، وأنّ العصا هي قوم سيدنا موسى عليه السلام، وأنّ الحية هي عدو لسيدنا موسى عليه السلام وقومه، وأنّ ورق الجَنّة هم شباب قوم سيدنا آدم عليه السلام.

·     كما أنّ المشابهة بين الكائنات في بعض الصفات لا تعني إلا المشابهة الجزئية، وتبقى الكائنات في غير هذه الصفات المتشابهة كما هي، فلو قلنا أنّ أحمد أسد، فذلك لأنّ أحمد يشابه الأسد على سبيل المثال في الشجاعة، فلا أحمد سيصبح أسدًا حقيقيًّا، ولا الأسد سيصبح أحمد، وبالمثل حينما قال الله تعالى {تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌ}، فذلك لمشابهة حجم وحركة الثعبان الذي نشأ من تحول العصا للثعبان المسمى بالفعل جان، وَالجَمْعُ جِنَّانٌ، كما في الْحَدِيثُ([149])، وبناء على ما سبق لا يمكننا أن نقول أنّ العصا لم تتحول إلى ثعبان، لأن الثعبان غير الجان، وأيضًا لا يمكننا أن ننكر حقيقة الجان، لأنّ هناك مسميات لبعض الكائنات بنفس اسم الجان، وذلك لمشابهتها لسرعة تحرك الجان، فقد رأينا من كلام الميرزا غلام إقراره بصعود الجِنّة إلى الملأ الأعلى لاستراق السمع، وهذا لا يتأتى إلا لكائنات فائقة القوة والسرعة.

 

12-    ثم يأتي المؤلف بآية من سورة سبأ { فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14)}، ومارس المؤلف عادته بالتأويل بلا أي دليل، فقام بتأويل منسأة([150]) سيدنا سليمان عليه السلام، بصولجان الملك([151]) أي صولجان سيدنا سليمان عليه السلام، وأوّل دابة الأرض بابنه ضعيف الشخصية، وأوّل موت سيدنا سليمان عليه السلام بضعف الدولة وضياع هيبتها.

يقول المؤلف([152]): " ولما مات سيدنا سليمان عليه السلام خَلَفَه ابنه رحبعام. وكان على عكس أبيه وجده - ضعيفا سيئ التصرف، فطمعت فيه القبائل وخرجت عليه...وتكاثرت المؤامرات التي أضاعت هيبة الملك فانقسمت الدولة وفقدت سطوتها وسلطانها. وكان هذا الابن من أبيه بمثابة الأرضَة (حشرة السوس) التي تأكل صولجان الملك (منسأته)، وإذا ضعف المُلك فقد مات مؤسسه. إن سقوط سليمان لم يكن بسبب موته المادي.. وإنما بسبب ضعف ابنه الذي أضاع ميراث أبيه حتى خرجت قبائل الجبال من سلطانه، وأحسوا بموت سليمان.. وأدركوا غياب ذلك الملك القدير عن توجيه دفة الأمور، فتحرروا من طاعة رحبعام ومن العمل تحت يده. وتمنى أهل الجبال الذين أخضعهم سليمان (الجن)، والأسرى الذين كانوا يعملون في السخرة الشياطين المقرنين في الأصفاد لو أنهم علموا ما يخفيه لهم المستقبل.. ما عاشوا سنوات طوالاً في حسرة.. يندبون حظهم لوقوعهم تحت سيطرة الحكم الإسرائيلي، ولخفف عنهم هذا العذاب إحساسهم بقرب الخلاص في عهد الابن الضعيف، كذلك لو كانوا يعلمون أن الابن سيكون بهذا الضعف لثاروا عليه وخلصوا أنفسهم بعض فور موت سليمان ولما استمروا مدة من الوقت في عذاب الأسر المهين. ولقد أطلقت الآية وصف (دابة الأرض) على من أضاع ملك أبيه، لأنه كالسوس أو الحشرات التي تنخر وتخرب الأخشاب وتفقدها صلابتها وصلاحيتها. وما أصدقه من وصف لو أن الابن كان كأبيه لبقى ميراث بيت داود زمنا أطول، ولصدق قول القائل: من أنجب لم يمت. !".

التعليق:

والآن ننظر هل كان المؤلف موفقًا في تأويله، أم كعادته خالف نبيّه الميرزا غلام.

يقول الميرزا غلام([153]): " ثانيا: القرينة الثانية هي أن القرآن يفسر بعضه بعضا، ونرى أنه كلما وردت هذه الكلمة في القرآن الكريم مضافة([154])، أُريد منها ذلك الكائن دائما. ومثال ذلك الآية: { فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ} أي حين قُدّر على سليمان الموتُ لم يُطلع الجنَّةَ على موته إلا دابةُ الأرض التي كانت تأكل عصاه.".

 

وينقل علماء الأحمدية نصًا للميرزا بتاريخ 1902م تحت العنوان "حقيقة دابة الأرض"([155]): "خرج عليه السلام للتنزه كالمعتاد وتوقف قليلا أمام بيت السيد نواب محمد علي خان ينتظره، وعندما خرج السيد محمد علي انطلق حضرته وقال: لقد أيدت البحوث الحديثة فكرة دابة الأرض كثيرا، وكشفت معانيها بأنها دودة فقط، وهي دقيقة جدا كما جاء في قصة سليمان عليه السلام {تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ}. كانت دقيقة فظلت تأكل المنسأة داخليا دون أن يُعلم عنها...".

للأسف خالف المؤلف نبيّه الميرزا غلام بشكل واضح.

 

13-   ثم يأتي المؤلف بآية من سورة (الصافات)، يقول الله تعالى:{‏ وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (158) سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (159) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (160)}.

لم يقل المؤلف شيئا مفيدًا، لأنّ الآيات بكاملها تبين حقيقةً تفادها المؤلف، وهي أنّ الكفار ادعوا أنّ الملائكة بنات الله تعالى، ورد الله تعالى عليهم، ثم جاءت بقية الآيات لتبين أنّ بعض الكفار ادعوا أيضًا نسب وقرابة إبليس لله، فهل هناك من البشر ادعى أنّ أكابر القوم والعظماء من بني آدم لهم نسب وقرابة لله، هذه الآيات تثبت أنّ الجِنّة هم قوم لا علاقة لهم بالبشر، وأنهم جنس مختلف عن البشر وعن الملائكة.

وهذه هي الآيات كاملة: {فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (149) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ (150) أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (151) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (152) أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ (153) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (154) أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (155) أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ (156) فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (157) وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (158) سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (159) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (160) }([156]).

 

14- ثم يأتي المؤلف بآية من سورة (فصلت)، تقول {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6)}، فيقول المؤلف: "ولو كان الجن من خلق يختلف عن البشر لما صلح للنبيّ صلى الله عليه وسلم أن يخاطب الجن ليقول لهم أنه بشر مثلهم.. إلا إذا كان الجن صنفا من البشر. وإذا اقتصر الخطاب على الإنس وحدهم فأين بلاغه للجن؟ وكيف يعرفون أنهم مكلفون بالاستماع إلى القرآن والعمل بما جاء فيه.. والخطاب لا يشملهم؟ وكيف يدخلون الإسلام.. وكتابه لا يخبرهم شيئا ولا يوجه إليهم حديثا.. اللهم إلا التهديد بالنار والوعيد بالعذاب؟!!".

التعليق:

·       حينما أمر الله سبحانه وتعالى الملائكة بالسجود لآدم عليه السلام، فلو كان الأمر للملائكة فقط، لأنهم هم المخاطبون كما تصرح بذلك الآيات، فلماذا وجه الله سبحانه وتعالى اللوم لإبليس، وقال له سبحانه وتعالى {إِذْ أَمَرْتُكَ}، بالرغم من أنّ الأمر في صورته الصريحة للملائكة فقط، ولم يكن فيه أي أمر لغيرهم، فهل قال إبليس إنّ الأمر لم يكن له، لم يحدث هذا، وبالتالي فخطاب سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم كما ذكر المؤلف للبشر، والجِنّة مشمولون فيه، كما أمر الله تعالى الملائكة بالسجود، وإبليس مشمول فيهم، يقول الله تعالى {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12)}([157]).

·       في حديث في سنن الترمذي " خرج رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم على أصحابِه، فقَرَأَ عليهم سورةَ الرحمنِ مِن أولِها إلى آخرِها فسَكَتُوا، فقال: لقد قرأتُها على الجنِّ ليلةَ الجنِّ، فكانوا أحسنَ مَرْدُودًا منكم؛ كنتُ كُلَّما أَتَيْتُ على قولِه: فبأي آلاء ربكما تكذبان قالوا: لا بشيءٍ مِن نعمِك ربَّنا، نُكَذِّبُ فلك الحمدُ"([158])، يلاحظ قول سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم، إنّه عندما قرأ سورة الرحمن([159]) على الجِنّة، فكان كلما قال {فبأي آلاء ربكما تكذبان} قالوا:{لا بشيءٍ مِن نعمِك ربَّنا، نُكَذِّبُ}، وقد قرأ السورة من أولها إلى آخرها صلى الله عليه وسلم، فلماذا أجابت الجِنّة بهذا الرد، بالرغم من أنّ أول ذكر للجِنّة في السورة، كان بعد السؤال {فبأي آلاء ربكما تكذبان}، وليس قبله، أي أنهم أجابوا على السؤال بالرغم من عدم توجيهه صراحة لهم، وهذا يعني أنّ رسالة سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم كما هي لبني آدم، فهي أيضًا للجِنّة.

 

15- ثم جاء المؤلف بآيات من سورة (الرحمن) كالتالي، ولم يضف شيئًا جديدًا عما قاله من قبل:

{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15)}

 

{سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (31) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (32) يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33)}

 

{فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (38) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (39) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (40)}

 

{فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57)}

{حورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (73) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (74)}

 

16- ثم ذكر المؤلف سورة (الجنّ)، وقال إنّ هناك مجموعة من البشر سمعوا القرآن الكريم من سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم، أو من صحابته رضي الله عنهم، ولم يكن يعلم سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم بهذه الواقعة، وأنهم في الغالب من النصارى، لأنهم تكلموا في الاعتقاد بالبنوة لله، كما يقرر المؤلف أنّ الجماعة التي جاء ذكرها في سورة الاحقاف غير هذه الجماعة المذكوررة في سورة (الجنّ) ، لأنّ جماعة سورة الاحقاف تكلموا على كتاب سيدنا موسى عليه السلام، ولم يذكروا شيئًا عن سيدنا عيسى عليه السلام.

وقد تفادى المؤلف الخوض في آيات سورة (الجنّ) الواضحة في بيان اختلاف الجِنّة عن بقية البشر، حيث يقول الله تعالى على لسان الجنّ:{‏ وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9)}، فهل أكابر الناس الذين يصفهم المؤلف بأنه هم الجِنّة لمسوا السماء فوجدوها ملئت حرسًا شديدًا وشهبا، وهل كانوا يقعدون من السماء مقاعد للسمع، الآيات واضحة يقينية في أنّ الجنّ هم أمة غير البشر، وأنهم سبقوا بني آدم في الخلق، وأنهم ليسوا ضعفاء كما قال علماء الأحمدية في كتاب (شبهات وردود) ، وأنّ الله تعالى وصف كيدهم بالضعيف، لأنه ليس إلا الوسوسة.


 

أدلة المؤلف أنّ الجِنّة هم أكابر القوم والأغنياء، وبيان الفرق بين الشيطان وإبليس([160]).

1-         جاء المؤلف بآية من سورة الأنعام تقول :{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112)}([161])، ويحاول بيان معنى الشيطان، وبالتالي معنى شياطين الإنس والجنّ، يقول المؤلف([162]): "...وكلمة (شياطين) جمعُ شيطان من مادة (ش ط ن)، وتعني البعد، يقال شطنت الدار، بعدت وشطن عنه: خالفه قصده عن ووجهته. فالمؤثر الذي يبعد الإنسان عن الحق والخير، وينأى به عن الهدى والصواب يُسمّى شيطانا. والذي يسعى ليغير وجهة المرء من طريق صالح إلى طريق فاسد أو أقل صلاحا هو شيطان. ومثلُ هذا المؤثر المضلل قد يأتي الإنسان من الخارج أو داخله. فشيطان الخارج قد يتمثل في دعوة من شخص فاسد، أو إغواء من فاسق، أو تزيين من ماكر. وقد يكون شيطان الباطن كامنا في شهوة، أو عاطفة، أو غريزة، أو رغبة أو عقيدة أو ظنُّ أو حاسةً أو فكرة أو خاطر أو نحو ذلك. وإذا كان المؤثر المحرض بشراً سمي (شيطان الإنس)، وإذا كان المؤثر خفيا في داخل الإنسان سُمي (شيطان الجن). والشيطان الذي يقف في طريق دعوة الأنبياء إما أن يكون شخصية كبيرة.. أو بتعبير العصر: شخصية قيادية.. فإنه يدعى في التعبير القرآني (شيطان الجن).. ذلك لأن هؤلاء الكبراء يتصفون عادة بالكبر الذي يجعلهم بمنأى عن عامة الناس. أو يكون مناهضو الأنبياء من عامة الناس.. أو الجمهور بتعبير اليوم.. فيسمى (شيطان الإنس). فلفظ (شيطان) اسم وصفي.. وليس علمًا على أحد بعينه. قد يكون الشيء شيطانا في موقف، ولا يكون شيطانا في موقف غيره. فشعور الجوع مثلا يدفع المرء إلى طلب الطعام.. وهذا عمل مشروع، فإذا دفع الإنسان إلى تناول طعام محرم أو ضار بصحته كان الجوع أو طلب الطعام في هذه الحالة شيطانا. وكذلك التفكير في شئون الحياة وأمور العمل واجب على كل إنسان، ولكن إذا شغله ذلك عن الانتباه في صلاته مثلا كان شيطانا. وكأن الآية الكريمة تبين أن المشركين إذ يتبعون سدنة الأصنام وكهنة المعابد.. ويعبدون تلك الآلهة الباطلة يكونون قد انشغلوا عن دعوة الحق التي أتاهم بها نبيهم من عند الله تعالى، وهم بتصرفهم هذا المتسم بالحمق يبتعدون عن الصراط السوي. وجدير بهم أن يُسموا (شياطين الإنس).. فكلهم مشارك في الفساد، يغرى بعضهم بعضا بباطل من الأماني التي لن تجديهم نفعا، والله تعالى قادر على أن يزيحهم من طريق الدعوة، ولكن اقتضت مشيئته أن يكون للبشر حرية وإرادة".

 

2-         ويقول المؤلف([163]): " والمراد بالشياطين الذين يغوصون ويعملون أعمالا أخري.. العمال المهرة وأهل الحرف كالنجارين والبناءين والحدادين فالشياطين تشمل الغواصين المهرة من أهل الخليج العربي الذين كانوا يغوصون لطلب اللؤلؤ والمرجان. وقد شرحت آيات سورة (ص) عملهم في قوله تعالى: {وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاص} (ص:38) فالشيطنة هنا تعني الخروج على المألوف، أي المهارة الزائدة في الحرف والفنون. ولقد رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب سنن أبي داود)([164]). وهذا يعني أن البعد عن المألوف والشذوذ شيطنة. كذلك من الشيطنة أيضا العصيان والخروج على النظام".

 

3-     ويقول المؤلف([165]): " وكل من نهج منهج إبليس فهو إبليس مثله، وكل من تزعم فريقه إلى الشر فهو إبليس. وكل خاطر ينسي الحذر شيطان وكل موسوس بالشر شيطان كذلك. وجدير بالملاحظة أن قصة آدم عليه السلام مع إبليس تتكرر في القرآن الكريم مرات عديدة وفي كل مرة جاء فيها ذكر من رفض الدخول في طاعة (آدم) سماه القرآن (إبليس)، والذي حرض آدم وأوقعه في النسيان سماه القرآن (شيطانا). وهذا دليل كاف على أن إبليس شيء والشيطان شيء آخر.. ولكل منهما موقفه ودوره الذي يختلف عن دور الآخر وموقفه. ولكن هذا لا يمنع من أن يطلق على أمثال (إبليس) وصف (شيطان) باعتباره محرضا على الشر وزعيما للشياطين".

 

4-              يقول المؤلف([166]): " فسياق السرد القرآني لا يُفهم منه ما يُخرج المخاطبين عن مألوف البشر، غاية ما في الأمر أنه يبين أن مسئولية البشر عامة.. يشترك فيها الحكام والرعية، وأن الهداية الربانية عامة ليهتدي بها الخاصة والعامة، وأن الرسل للبشر وهُم منهم. والنبي الأعظم محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم.. هو نبي للإنس والجن بلا خلاف والكتابُ الذي أنزل عليه - أي القرآن المجيد- يخاطب الجن والإنس. فلا مناص من أن يكون الفريقان اللذان أُرسل إليهما رسول منهما من جنس واحد.. أي من البشر. وخلاصة القول إن الفريقين جنس واحد، ولا فرق بينهما إلا في بعض الخصائص التي تتعلق بالوظيفة الاجتماعية أو المركز الأدبي بين الناس. ولا بأس من زيادة الإيضاح هنا؛ فنذكر أنفسنا بأن الفئة الحاكمة في القرآن سمیت (جنا) لأن صفة الخفاء أو الإخفاء تلازمهم من زاويتين: الأولى لأنهم في العادة ناءون عن العامة والرعية بحكم مراكزهم القيادية.. خلف أسوار قصورهم وأبواب عروشهم.. يحجبهم الحراس والحجاب عن الناس. والثانية لأنهم يحجبون الناس ويغطون عليم إذا كانوا معهم.. ذلك لأن زخارف الملك وبهارج السلطان من حولهم تبهر العيون وتجذب الأنظار نحوهم، فلا يُرى في وجودهم غيرهم...".

 

التعليق على النصوص السابقة:

·        الشيطنة من حيث المعنى اللغوي، هي البعد والمفارقة والخروج على النظام، فكل من ابتعد عن الحق عمدًا، واجتهد في إضلال الخلق، فهو شيطان من حيث الدلالة اللغوية، وقد رأينا من آيات القرآن الكريم، الآيات الكثيرة التي تدل على أنّ الشياطين من الجنّ ومن الناس، كما في سورة الناس.

·            أمرنا سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم بأنّنا إذا كنا ثلاثة أو أكثر في سفر، فلنجعل أحدَنا أميرًا وإمامًا علينا([167])، وذلك لدرء الخلاف وافتراق الآراء، والثلاثة في وجود أمير، أبعد من العدد الأقل عن المخاطر أثناء السفر في الأماكن الموحشة، ولذلك إذا كان السفر منفردًا أو أثنين، فهو أقرب للمخاطر، وأبعد عن هدي سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم، ولذلك أطلق سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم، على المسافر المنفرد، أو الاثنين؛ شيطان وشيطانان، ونلاحظ في الحديث النبوي، الذي جاء به المؤلف، أنّ سيدنا مُحَمّدًا صلى الله عليه وسلم استخدم كلمة (شيطان) و(شيطانان) بصيغة النكرة، ولم يستخدمهما بصيفة التعريف بالألف واللام، الدالة على المعنى الاصطلاحيّ للشيطان المعروف لعموم المسلمين كعقيدة إجماعية([168])، وكأنه صلى الله عليه وسلم يريد ألا نتوهم أنه يقصد الشيطان بمعناه الاصطلاحي المعروف، وإذا تتبعنا كلمة (شيطان) في القرآن الكريم، سنجد أنّ كل استخدامات القرآن الكريم لكلمة شيطان، لم يكن إلا معرفًا بألف ولام التعريف، دلالة على القصد الاصطلاحي المعروف، مثل الآيات {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)}([169])، و{يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168)}([170]) ، و{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268)}([171])، وفي حالة استخدامها من غير التعريف بألف ولام التعريف، لم تستخدم كلمة شيطان إلا ومعها وصفًا لا ينطبق إلا على الشياطين بالمعنى الاصطلاحي المعروف، مثل قول الله تعالى: {وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ(17)}([172])، و{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (3)}([173])، و{وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7)}([174])، و{وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25)}([175])، و{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112)}([176])، وقد رأينا إقرارات الميرزا غلام والحكيم نور الدين، وبعض علماء الأحمدية بحقيقة الجنّ، وقد بيّنت كثيرًا أنه لا يصح تفسير الكلمات الاصطلاحية الشرعية إلا بما جاء في الشرع، ولكننا قد نضطر إلى تفسيرها بالمعاني اللغوية، إذا كان هناك قرينة تمنع المعنى الاصطلاحي، وقد تكون القرينة عقلية، فليس من العقل أن يصف سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم الراكب الواحد أو الاثنين بأنهما شياطين، إلا بالمعنى اللغوي وليس الاصطلاحي.

·        إبليس هو اسم الجنّي الذي عصى أمر الله تعالى بالسجود لسيدنا آدم عليه السلام، فكفر وتعهد بإضلال بني آدم عليه السلام، فاستحق الخروج من الجنة والخلود في النار، وله ذرية، وجنود من اتباعه سواء أكان هؤلاء الاتباع من الجِنْةّ أو من الناس؛ فهم شياطين، يقول الله تعالى {إِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50)}( [177]) ، ويقول تعالى { وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (92) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (93) فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95)}( [178]).

·        من خلال الآيات السابقة نفهم أنّ أمة الجنّ كانت موجودة قبل خلق آدم عليه السلام، بدلالة قول الله تعالى إنّ ابليس كان من الجنّ، وأسبقية وجود ابليس قبل آدم، حيث كان مأمورًا بالسجود لآدم عليه السلام مع الملائكة، وهم كأمة منهم الصالح ومنهم الطالح، فمن صلح منهم فهو من المسلمين، ومن كفر منهم واتبع ابليس فهو شيطان، وليس إبليس، وإنما هو من جنوده.

·        فإبليس الذي تسبب في معصية سيدنا آدم عليه السلام هو شيطان لابتعاده عن الحق، ويظهر هذا من وصف الله تعالى له بالشيطان، يقول الله تعالى {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37)}([179])، واضح من الآيات أنّ الله تعالى كان يكلم سيدنا آدم عليه السلام وحواء عن من تسبب في معصيتهم، ومعروف أنه إبليس، ولم يكن أحد غيره مع سيدنا آدم عليه السلام.

 


 

الحرية والإرادة والمسؤولية.

1- يقول المؤلف([180]): " ولكن اقتضت مشيئته أن يكون للبشر حرية وإرادة.. يختار بها العبادة عن رضى واقتناع، وأن يعصي أو يكفر برغبته. والجزاء يأتي بعد فرصة الاختيار والتفكير والتجربة. ويكون الارتقاء والنعيم لمن أحسن الاختيار، والحسرة والعذاب الأليم لمن عطّل ملكاته وعقله فأساء الاختيار".

 

2-              ويقول المؤلف([181]): "...وإذا كانت مشيئة الله أن يتركهم أحرارا يختارون الإيمان أو الكفر فليس للنبي أو غيره أن يتجاوز حد التبليغ.".

التعليق: في هذه النصوص يؤكد المؤلف على عقيدة حرية الاختيار، أي عكس عقيدة الجبر، ويؤكد ما قاله الميرزا غلام في النص التالي([182]): "...فباختصار، قد أجبناك هنا بما فيه الكفاية أنه لا يمكن أن يوجَّه إلى القرآن الكريم القول بالجبر والإكراه، ولسنا من "الجبرية". إنك لا تدري إلى الآن عن معتقدات المسلمين شيئا؛ إذ لا تدري أن الله تعالى قد أمر في القرآن الكريم بقطع يد السارق ورجم الزاني بكل وضوح، فإذا كان هذا التعليم مبنيًّا على الجبر لما رُجم أحد. القرآن الكريم لا يصرح أن الإنسان مخيّر في آية أو آيتين فقط، بل في مئات الآيات. ولو أردتَ لقدّمتُ قائمةً كاملة لها. وأنت أيضا تقبل بأن الإنسان ليس مخيرًا مطلقا من كل الوجوه، وأن سلسلة حكم الله تعالى على قواه وجوارحه والأسباب الأخرى الخارجية والداخلية جارية. وهذا هو مذهبنا نحن أيضا، فلماذا تطيل هذا النقاش العقيم؟".

 

3-           ويقول المؤلف أيضًا([183]): "وحين ينكشف النقاب عما كان يدور بين الكبراء والأتباع.. يبادر هؤلاء إلى الاعتراف بأنهم قد اشتغلوا فعلا بتحصيل الفتات الذي كان يلقي به سادتهم إليهم، وأنهم استمتعوا بزائل من المال والجاه، وأنهم سرعان ما انقضى أجلُهم، ولم ينتبهوا إلا بعد فوات الأوان. كما أن السادة قد استمتعوا بدورهم، فكان لهم السلطان، والجاه، والعز، والثراء. ومثل هذا العذر لقبيح غير مقبول عند الحكيم العليم، لأنه تبارك وتعالى زوّد كل أمرئ بنعمة العقل التي يميز بها بين الخير والشر. ومنحه حرية الاختيار والإرادة ليتجه حيث شاء. إن الجزاء العادل المناسب لكل من السادة الضالين والتابعين لهم على طريق الضلال من منافقيهم وأذنابهم هو ألم الحسرة وعذاب السعير. إن الله الحكيم قد جعل لبني الإنسان الحواس والملكات والإدراك، ورسم لهم منهاجا سماويا لو أنهم اتبعوه.. حكاما ومحكومين.. لحققوا الغرض من خلقهم.. ولجعلوا الأرض جنة تتجاوب في أرجائها أصداء تسبيحهم لربهم. والله العليم محيط بكل ما ارتكبوه من فساد، عليم بنصيب كل منهم ودوره ومسئوليته، ولذلك فالجزاء عادل.. لأنه نابع من علمه وحكمته عز وجل ولقد جرت سنة الله تعالى أن يكون الجزاء من جنس العمل. ومن يضعُ الأمر في غير موضعه الصحيح هو ظالم لنفسه ولغيره. كل امرئ عليه واجبه ومسئوليته قبل نفسه وقبل غيره، وإذا تهرب منها واشتغل بغيرها اختل نظامه، وهدد نظام غيره بالخلل. وهكذا إذا ظلمت الرعية بانحرافها عن المنهج الإلهي تسلط عليهم حكام على شاكلتهم. وإذا فسد الحكام وسكتت الرعية عن النصح لهم ونافقوهم. حق القول عليهم جميعا ودمروا تدميرا. مصداقا لسنة الله تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أن نُهْلكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْميرًا} (الإسراء: 17) وبعد نعمة العقل والحواس والملكات.. أعذر الله الخلق المكلف بالخلافة والعبادة.. إذ أرسل إليهم جميعا.. في كل الأزمنة والأمكنة.. رسلاً منهم.. معروفين لهم بالاستقامة والأمانة والصدق .. فحملوا لهم المنهج الذي ارتضاه الله لخلافته وعبادته في الأرض.. وحذروهم مغبة المخالفة عن أمره. ذلك لدن الحكيم العليم.. يعطى كل ذي حق حقه، ويطالب كل فرد المنهج من بأداء واجبه والوفاء بمسئوليته. وتمضي السورة لتبين لنا من عالم الغيب هذا الموقف من يوم الحساب ليكون تذكرة وتبصرة: {يَا مَعْشَرَ الجن والإنس، أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُونَ عَلَيْكُمْ آياتي وينذرونَكُمْ لقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا؟ قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسَنَا. وَغَرَّتْهُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا، وَشَهدُوا عَلَى أَنفُسهمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ} (الأنعام: 6: 131) نداء واستفهام للتقرير والتقريع. ينادي: يا جماعة الكبراء ويا جماعة العامة! يا جماعة القادة ويا جماعة الأتباع، يا معشر أولي الأمر ويا أيها الرعية! هل تعترفون بأن الله أرسل إليكم رسلا من بينكم.. تعرفونهم ويعرفونكم.. تشهدون لهم بالصلاح وحسن الخلق، وشرف الكلمة، وطهارة السيرة. أقاموا الأدلة البينة على أنهم من عند الله تعالى.. وبلغوكم منهج الحياة الذي ارتضاه الله لسعادتكم، وحذروكم سوء العاقبة إذا خالفتم منهج الله ؟ فلا يملكون إنكاراً، ويبادرون إلى الاعتراف والتسليم. ولكن الفريقين كانوا منغمسين في ملذات الدنيا ومطالب العيش، وغفلوا عما وراء ذلك. فلا جزاء لهم إلا سوء حالهم، وضياع دولتهم، وكسر شوكتهم، وخراب عامرهم..جزاء وفاقا لسوء سلوكهم وتعاميهم عن سواء السبيل.. مصداقا لقول الله تعالى: {ذلكَ أَن لَّمْ يَكُن ربُّكَ مُهْلكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ} (الأنعام: 132). وتمضى الآيات التي تخاطب الجن والإنس.. لتقرر أن الله تعالى لا يغيب عنه ما يفعله كل فرد منهم، وأن كلا منهم سينال جزاءه الذي يستحقه بحسب عمله. وسردت الآيات بعضاً أباطيلهم..إذ حلّلوا وحرموا من الأنعام كما زين لهم هواهم، مع أن الله تعالى خلقها لمنفعة الناس جميعا."

التعليق على النصوص السابقة:

·يؤكد المؤلف في الجمل التالية على حرية العبد في أن يعمل ما يشاء، ولذلك فهو يستحق العذاب الذي قرره الله تعالى:

o   "ومثل هذا العذر لقبيح غير مقبول عند الحكيم العليم، لأنه تبارك وتعالى زوّد كل أمرئ بنعمة العقل التي يميز بها بين الخير والشر. ومنحه حرية الاختيار والإرادة ليتجه حيث شاء".

o   "إن الجزاء العادل المناسب لكل من السادة الضالين والتابعين لهم على طريق الضلال من منافقيهم وأذنابهم هو ألم الحسرة وعذاب السعير".

o   "إن الله الحكيم قد جعل لبني الإنسان الحواس والملكات والإدراك، ورسم لهم منهاجا سماويا لو أنهم اتبعوه.. حكاما ومحكومين.. لحققوا الغرض من خلقهم".

o   "والله العليم محيط بكل ما ارتكبوه من فساد، عليم بنصيب كل منهم ودوره ومسئوليته، ولذلك فالجزاء عادل".

o   "ولقد جرت سنة الله تعالى أن يكون الجزاء من جنس العمل. ومن يضعُ الأمر في غير موضعه الصحيح هو ظالم لنفسه ولغيره. كل امرئ عليه واجبه ومسئوليته قبل نفسه وقبل غيره".

o   "وبعد نعمة العقل والحواس والملكات.. أعذر الله الخلق المكلف بالخلافة والعبادة.. إذ أرسل إليهم جميعا.. في كل الأزمنة والأمكنة.. رسلاً منهم.. معروفين لهم بالاستقامة والأمانة والصدق .. فحملوا لهم المنهج الذي ارتضاه الله لخلافته وعبادته في الأرض.. وحذروهم مغبة المخالفة عن أمره. ذلك لدن الحكيم العليم.. يعطى كل ذي حق حقه، ويطالب كل فرد المنهج من بأداء واجبه والوفاء بمسئوليته".

وفي نفس الوقت، ولإنّ الله" تعالى يرزق مدعي النبوة الكذاب الاختلاف والتضاد في كلامه، ليثبت لنا الله تعالى كذبه ودجله، فقد جعل كل ما قاله المؤلف في النصوص السابقة يخالف ما ادعاه الميرزا غلام أنّ الله تعالى له دخل في شقاوة الإنسان، ويرى الميرزا غلام أنّ الله تعالى قرر ألا يبقي من في النار للأبد بلا خروج منها، بل يخرجهم الله تعالى بعد أحقاب من العذاب ويدخلهم الجَنّة([184]).

 

4-              ثم يأتي المؤلف إلى سورة السجدة في الآية {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13)}.

يقول المؤلف مرة أخرى في معرض بيان حرية العقيدة والإيمان([185]): "... يقول الله جل ثناؤه: إني خلقت الإنسان حُراً مفكرا مختارا مريدا.. إن شاء آمن بي، وإن شاء كفر. إن شاء دخل في الإيمان وإن شاء عدل عنه. فلو كانت مشيئتي أن يكون البشر جميعا من المهتدين العاملين حسب منهجي.. لخلقتهم جميعا كذلك، ولفطرتهم على الهدى وجبلتهم على الطاعة، ولكن كمال حكمتي اقتضى أن يكون من بين خلقي كائن حر مريد، يختار محبتي ورضاي وطاعتي عن فهم مقامي وإدراك أسمائي الحسنى.. فيطمع في ثوابي وسويته ويهاب جلالي ويطلب كمالاتي ويعشق جمالي. لذلك خلقت بشرا.. بيدي وأكملته بروحي، وأطلقت له العنان في أرضي ورزقي. فإن هو اختار منهجي فبها ونعمت؛ حقق الهدف من خلقه وفاز برضاي ولأدخلنه جنتي. وإن هو اختار الكفر والفسوق والعصيان.. فبعزتي وجلالي لأدفعنه في جهنم وبئس القرار. الإنسان له مني حرية العقيدة.. أما الجزاء فهو حقي وحدي فأنا مالك يوم الدين، لا شريك لي في حساب خلقي.. أغفر لهم أو أعذبهم في الدنيا أو في الآخرة أو كيف ما شئت.. لا يملك الجزاء سواي. ومن ادعى لنفسه حق مجازاة أحد على كفره أو عقيدته فقد نازعني مالكيتي وخالف إرادتي. هذا ما يعلنه الدستور الإلهي في هذه الآية الكريمة وفي آيات أخرى عديدة تعلن الحرية الدينية حقا مقررا للإنسان. وهو حق يعترف ويتشدق به مسلمو آخر الزمان.. ولكنهم في الواقع لا يعملون به، إذ يدينون بالإرهاب الفكري والعقائدي. والويل لمن رماه قدره في أيديهم، فهم خير من يفتي بقتل الكافر والمرتد والمخالف لهم في أفكارهم البالية وأفهامهم السقيمة. إن فتاوى التكفير تملأ كتبهم المسمومة.. يكفّر بعضهم بعضا. ويكفّرون مخالفيهم، ويفتون بالقتل والرجم جزاء لمن حكموا بكفرهم. ولا حول ولا قوة إلا بالله... فالمنهج الإلهي مسئولية الجميع، والكل حر في اتباعه والكل مسئول عن ذلك أمام صاحب المنهج وحده والنعيم للجن والإنس وجهنم للجنة والناس أجمعين. والآن لو أن الجنة صنف من الخلق غير البشر، فما مناسبة ذكرهم ههنا؟ إن الآيات السابقة تتحدث عن بدء خلق الإنسان، وتكاثره، ونفخ الروح فيه، وتزويده بأدوات الإدراك، ثم كفرانه بنعم الله وإنكاره الحساب، ثم موته وبعثه وحسابه فأين دور الجن في كل هذا.. وسياق الحديث كله الإنسان؟ تحدثت السورة عن المؤمنين وصفاتهم وجزائهم.. دون أن تتعرض لخلق يخالف البشر. وهل من المعقول أن تحشر الآية القرآنية ذكر الجنة هنا من غير سبب؟ الحق أن الجنة هم من البشر .. ولكنهم صنف متميز بموقعه الاجتماعي والسياسي.. مما قد يتوهمون به أن لهم امتيازا في الآخرة، فلا يحاسبون أو لا يعاقبون، كما ظن أولئك الذين قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة، اعتمادا على فوقيتهم المزعومة على غيرهم من الناس، وظنا بأنهم شعب الله المختار الذي فضله الله على العالمين. والآية تؤكد على أن جهنم عقاب لهم قبل العامة من الناس العاديين".

التعليق:

لقد علقت في النصوص السابقة على موضوع الحرية الدينية، ولكن في هذا النص تكلم المؤلف على تكفير الناس لبعضهم، ويبدو أنّ هذا الرجل لا يعلم أنّ أول المكفرين لغيرهم هم الأحمديون القاديانيون، وعلى رأسهم الميرزا غلام أحمد القادياني، والحكيم نور الدين، وبشير الدين محمود، وبقية علماء الأحمدية كما جاء في كتاب (شبهات وردود)، وقد فصّلت هذا الأمر بالكثير من النصوص ممن ذكرتُ، وبينت في الجزء الأول من كتاب (حقيقية الطائفة الأحمدية القاديانية)، أنهم جميعهم يؤمنون بأنّ من لا يؤمن بالميرزا نبيًّا ورسولًا، فهو كافر حتى لو لم يسمع باسم الميرزا غلام من الأصل.

انتهى كلام المؤلف في استدلاله على حقيقة الجِنّة من القرآن الكريم، ثم بدأ في إثبات عقيدته من الأحاديث الشريفة، ولم يقدم المؤلف شيئًا يستحق التعليق عليه، والرد على ما جاء به سابقًا يكفي للرد على ما قاله وأكثر في الأحاديث الشريفة.

د.إبراهيم بدوي

23/2/2025



([1]) هذا الكتيب هو الفصل السادس من كتاب (حقيقية الطائفة الأحمدية القاديانية)، الجزء الرابع، الباب الأول.

([2]) وُلد محمد حلمي الشافعي في 21 مارس/آذار سنة 1929، وانضمّ إلى الجماعة الأحمدية القاديانية في ستينيات القرن الماضي، وكان يترجم كتب الجماعة وخطب الخليفة الأحمدي الرابع، وكان رئيس تحرير مجلة "التقوى" الأحمدية، وقد توفي 12 – 2 – 1996، وإنّ معظم ما نُشر في مجلة التقوى منذ سنة 1990 وحتى وفاته كان بقلمه أو من تراجمه. وأذكر أيضًا تعريف الجماعة الأحمدية المرفق لموقع تحميل كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة حيث يقولون: "هذا الكتاب للعلامة الأستاذ المرحوم محمد حلمي الشافعي وهو شخصية بارزة في أوساط الجماعة الإسلامية الأحمدية ولا يحتاج الى تعريف حيث إن خدماته الجليلة للإسلام أحسن شاهد على تضحياته العظيمة. وخلال زياراته التبليغية في دول أفريقيا وفي بلاد أوروبية مختلفة لم تخل مجالسه من أسئلة مختلفة كان يطرحها الحضور حول الجِنّ فرأى أنه من الأنسب تقديم بحث شامل عن ذكر الجن في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة مسترشداً بتفسير القرآن الكريم لحضرة مرزا بشير الدين محمود أحمد - رضي الله عنه - الخليفة الثاني لسيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام.".

محتوى هذا الكتاب نشر أول مرة في مجلة التقوى سنة 1995م شهر أكتوبر، والكتاب نشر ككتاب مستقل في سنة 2020م، ويقول المؤلف إنه كتب في هذا الموضوع مسترشدًا بما كتبه بشير الدين محمود تفسيرًا للقرآن.

([3]) رابط العدد من مجلة التقوى لسنة 1995م الذي جاء فيه بداية ما كتبه محمد حلمي الشافعي عن الجن:

https://www.ahmadiyya-islam.org/altaqwa/articles/%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%82%d9%8a%d9%82%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%ae%d8%b1%d8%a7%d9%81%d8%a9-2/

([4]) سأناقش ما جاء في هذا كتاب (شبهات وردود) لاحقًا.

([5]) يرى الميرزا غلام أنّ قول الله تعالى {لا يمسه إلا المطهرون}سورة الواقعة 79، يعني أنه لا يستطيع أحد تفسير القرآن على الوجه الصحيح إلا من طهر الله تعالى نفسه.

([6]) هناك بعض النصوص التي تشابهت في مضمونها مع بعض النصوص المذكورة، فوضعتها في الحاشية.

([7]) كتاب (ينبوع المعرفة) 1908م صفحة 78، وهذا هو النص بالكامل، يقول الميرزا غلام: "وإلى جانب هذه النبوءة هناك نبوءة أخرى في القرآن الكريم تدل على اجتماع روحاني بعد اجتماع مادي، وهي: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضِ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا}". وفي الحاشية، يقول الميرزا غلام: " هذه الآية وردت في سورة الكهف في ذكر يأجوج ومأجوج. ويتبين ذلك بكل صراحة من كتب سابقة نزلت على أنبياء بني إسرائيل، بل قيل بذكر الاسم أيضا بأن المراد من يأجوج ومأجوج هم الأقوام المسيحية الأوروبية. وهذا البيان مذكور في تلك الكتب بصراحة بحيث لا يمكن إنكاره أبدا. أما القول بأن تلك الكتب محرفة لذا لا يمكن الثقة ببيانها، فلن يقوله إلا من يجهل القرآن الكريم، لأنّ الله جل شأنه يقول في القرآن الكريم للمؤمنين: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (النحل: 44) أي اسألوا أهل الكتاب كذا وكذا إن كنتم لا تعلمون. فإذا كانت شهادة الكتب السابقة غير صحيحة في كل شيء لما قال الله تعالى للمؤمنين أن اسألوا أهل الكتاب إن كنتم لا تعلمون. وإذا كانت الاستفادة من كتب الأنبياء حراما بتاتا لكان غير جائز كذلك في تلك الحالة أن تقدم نبوءاتها بحق النبي على سبيل الاستدلال. بينما ظل الصحابة رضي الله عنهم والتابعون بعدهم يقدمون هذه النبوءات حجةً. بل الحق أن بيانات الكتب السابقة تنقسم على ثلاثة أقسام: (1) الأمور الواجبة التصديق، مثل وحدانية الله وذكر الملائكة والبيان عن وجود الجَنّة والنار، ولو أنكرناها لضاع الإيمان. (2) الأمور القابلة للرفض مثل التي تعارض القرآن الكريم. (3) الأمور التي ليست مذكورة في القرآن الكريم مفصلا، ولكنها لا تعارضه، بل إذا تأمل فيها الإنسان لوجدها مطابقة له تماما مثل قوم يأجوج ومأجوج الذي ذكر إجمالا في القرآن الكريم، بل ذُكر أيضا بأنهم سيسيطرون على الأرض كلها في الزمن الأخير كما يقول: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَب يَنْسِلُونَ} (الأنبياء: 97). أما الظن أن يأجوج ومأجوج ليسوا من بني آدم، بل هم خلق آخر فليس إلا جهلا لأن القرآن الكريم ذكر المخلوقات العاقلة الذين يستخدمون العقل والفهم ويستحقون الثواب أو العذاب على نوعين فقط: (1) البشر، الذين هم أولاد آدم عليه السلام. (2) الجنَّة. لقد سميت فئة الناس بـ معشر الإنس وسميت فئة الجنَّة معشر الجن. فإذا كان يأجوج ومأجوج الذين وعدوا بالعذاب في زمن المسيح الموعود يدخلون في معشر الإنس بمعنى أنهم أناس فالقول بأنهم خلق غريب وبأن آذانهم طويلة إلى هذه الدرجة وأيديهم طويلة إلى درجة كذا وسينجبون بكثرة إنما هو فعل الذين عقلهم سطحي بحت ومثل الصغار. وإذا ثبت في هذا الموضوع فسيكون على سبيل الاستعارة فقط. كما نرى أن آذان الأقوام الأوروبية طويلة دون شك بمعنى أن الأخبار من مناطق بعيدة تتناهى إلى آذانهم بواسطة البرقيات. كذلك قد أعطاهم الله تعالى أيادي طويلة من حيث التمرس في الحروب البرية والبحرية لدرجة لا يدان لأحد بقتالهم والتوالد والتناسل عندهم أكثر من الأمم الآسيوية بكثير. فلما أثبتت الأحداث الحالية أن هذا هو معنى هذه الأحاديث والعقل لا يقبل فقط هذا المعنى، بل يتمتع به فما الحاجة إلى اعتبارهم خلقا غريبا يفوق الإنسان، وغير معقول تماما ومناف لقانون الطبيعة الجاري للناس منذ القدم؟ وإن قلتم إن يأجوج ومأجوج من الجِنّة وليسوا أناسا ، فهذا حُمق أكبر لأنه إذا كانوا من الجِنّة، فكيف كان ممكنا أن يعرقلهم جدار بناه الإسكندر؟ ما دامت الجنة يصلون إلى السماء كما يتبين من الآية: {فأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} (الصافات: 11). أفلم يكونوا قادرين على التسلق على جدار الإسكندر؟ وإن قلتم بأنهم نوع من السباع التي لا تعقل، قلتُ: لماذا إذًا وعد في القرآن والأحاديث بإنزال العذاب عليهم، لأن العذاب ينزل نتيجة الذنوب فقط؟ كذلك إن خوضهم الحروب وغلبتهم على الجميع وإطلاق السهام إلى السماء في نهاية المطاف يدل بوضوح على أنهم ذوو العقول، بل يفوقون الجميع من حيث العقل الدنيوي.".

([8]) كتاب (الملفوظات) الجزء 5 بتاريخ 1903م صفحة 182.

([9]) كتاب (الملفوظات) الجزء 5 بتاريخ 1903م صفحة 182.

([10]) كتاب (الملفوظات) الجزء 5 بتاريخ 1903م صفحة 182.

([11]) كتاب (البراهين الأحمدية): الجزء الأول المنشور في سنة 1880 يبدأ من صفحة 2 ينتهي في الصفحة 30، الجزء الثاني المنشور في سنة 1880 يبدأ من الصفحة 31 ينتهي في الصفحة 102، الجزء الثالث المنشور في 1882 يبدأ في الصفحة 103 وينتهي في الصفحة 146، الجزء الرابع المنشور في سنة 1884 يبدأ من الصفحة 147، وينتهي في الصفحة 611.

([12]) كتاب (البراهين الأحمدية) الجزء الرابع 1884م صفحة 175.

([13]) كتاب (الكحل لعيون الآريا) 1886م صفحة 15.

([14]) كتاب (توضيح المرام) 1891م صفحة 81.

([15]) أي لا يسمح بعبادة الملائكة أو الجِنّة.

([16]) في كتاب (التبليغ) 1893 صفحة 96 يقول الميرزا غلام: "...وكان أبي عَرّافًا حاذقًا، وكانت له يد طولى في هذا الفن، فعلمني من بعض كتب هذه الصناعة، وأطال القول في الترغيب لكسب الكمال فيها، فقرأت ما شاء الله، ثم لم أجد قلبي إليه من الراغبين. وكذلك لم يتفق لي التوغل في علم الحديث والأصول والفقه إلا كطلّ من الوَبْل، وما وجدتُ بالي مائلا إلى أن أشمّر عن ساق الجد لتحصل تلك العلوم، وأستحصل ظواهر إسنادها، أو أقيم كالمحدثين سلسلة الأسانيد لكتب الحديث".

([17]) كتاب (مرآة كمالات الإسلام) 1892م صفحة 463.

([18]) في النسخة الأردية الأصلية من الكتاب صفحة 102 و104، قال الميرزا غلام "عندما تسقط النجوم.. أيْ الشهب"، وقام علماء الأحمدية بتغيير النص.

([19]) "كان الجنّ يصعدونَ إلى السماءِ يستمعونَ الوحيَ فإذا سمعوا الكلمةَ زادوا فيها تسعا فأما الكلمةُ فتكونُ حقّا وأما ما زادوهُ فيكونُ باطلا فلما بُعِثَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُنِعوا مقاعدهُم فذكروا ذلك لإبليسَ ولم تكنِ النجومُ يُرمَى بها قبلَ ذلكَ فقال لهم إبليسُ ما هذا إلا مِنْ أمرٍ قد حدثَ في الأرضِ فبعثَ جنودهُ فوجدوا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قائِمًا يُصلّي بين جبلينِ أراهُ قال بمكةَ فلقوهُ فأخبروهُ هذا الحدثَ الذي حدثَ في الأرض". الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الترمذي | المصدر : سنن الترمذي، الصفحة أو الرقم : 3324 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح.

([20]) كتاب (مرآة كمالات الإسلام) 1892م صفحة 72.

([21]) كتاب (مرآة كمالات الإسلام) 1892م صفحة 74.

([22]) {يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27)} سورة الأعراف.

([23]) كتاب (مرآة كمالات الإسلام) 1892م صفحة 75.

([24]) يقصد وجود الله تعالى.

([25]) كتاب (إتمام الحجة) 1894م صفحة 52.

([26]) نصوص إضافية:

في كتاب (سر الخلافة) 1894م صفحة 32، يقول الميرزا غلام: " فاعلم أن الله قد رأى أن الصديق – رضي الله عنه وأرضى - آمن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بقلب أسلم في قوم لم يسلم، وفي زمان كان نبي الله وحيدًا، وكان الفساد شديدا، فرأى الصديق بعد هذا الإيمان أنواع الذلة والهوان ولعن القوم والعشيرة والإخوان والخلان، وأوذي في سبيل الله الرحمن، وأخرج من وطنه كما أُخرج نبي الإنس ونبي الجان...".

وفي كتاب (سر الخلافة) 1894م صفحة 75، يقول الميرزا غلام: "...ومعنى التوفّي قد انكشف من تفسير نبي الإنس ونبي الجان، ولا مجال للتأويل في هذا البيان، فالنزول الذي ما فسره خاتم النبيين بمعنى يفيد القطع واليقين، بل جاء إطلاقه على معان مختلفة في القرآن وفي آثار فخر المرسلين، كيف يعارض لفظ التوفّي الذي قد حصحص معناه وظهر بقول النبي وابن العباس أنه الإماتة وليس ما سواه؟ وما بقي في معناه شك ولا ريب للمؤمنين. وهل يستوي المتشابهات والبينات والمحكمات؟ كلا.. لا تستوي أبدا، ولا يتبع المتشابهات إلا الذي في قلبه مرض وليس من المطهرين. فالتوفي لفظ محكم قد صرح معناه وظهر أنه الإماتة لا سواه، والنزول لفظ متشابه ما توجه إلى تفسيره خاتم الأنبياء، بل استعمله في المسافرين".

في كتاب (سر الخلافة) 1894م صفحة 76.يقول الميرزا غلام: " ومع ذلك إن كنتَ يصعب عليك ذكرُ مجدد آخر الزمان باسم عيسى في أحاديث نبي الإنس ونبي الجان ويغلب عليك الوهم عند تعميم المعنى فاعلم أن اسم عيسى جاء في بعض الآثار بمعان وسيعة عند العلماء الكبار، وكفاك حديث ذكره البخاري في صحيحه مع تشريحه من العلامة الزمخشري وكمال تصريحه، وهو أن كل بني آدم يمسه الشيطان يوم ولدته أمه إلا مريم وابنها عيسى. وهذا يُخالف نص القرآن: إِنْ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ، وآيات أُخرى، فقال الزمخشري: إن المراد من عيسى وأُمِّه كل رجل تقيّ الحجر: ٤٣ كان على صفتهما وكان من المتقين المتورعين."

وفي كتاب (عاقبة آتهم) 1896م صفحة حرف (ف) بالمقدمة، يقول جلال الدين شمس: " هذا الكتاب يضم كثيرا من هذه الأمور، وقد كتب مؤلفه [أي الميرزا غلام] السبب وراء ردّه الإلزامي قائلا: "لم يكن يسمح لي الأدب أن أتكلم شيئا عن نبوءات جناب المسيح عليه السلام، لكن لما كان النصارى يعترضون على سيد الإنس والجان إغماضا لعين الإنصاف؛ لهذا نكتب قليلا بقصد إقامة الحجة واطلاعهم على بعض نبوءات العهد الجديد، لتعرف هذه الفرقة أيضا أنه لو أغلق الخصم أيضا نظر الإنصاف فالطريق واسع أمامه. (صفحة 348)".

وفي كتاب (سر الخلافة) 1894م صفحة 140، يقول الميرزا غلام في قصيدة: "

نفسي فـــداء لبدر هاشمي عربي     وَدادُه قُرب ناهيك عن قُرَب

نجى الورى من كل زور ومعصية      ومن فسوق ومن شرك ومن تَبَب

فنورت ملة كانت كمعدوم      ضعفًا ورحمت ذراري الجان بالشهب".

([27]) كتاب (إتمام الحجة) 1894م صفحة 53.

([28]) وأيضا في كتاب (إتمام الحجة) 1894م صفحة 55، يقول الميرزا غلام: " وهذا أمر قد ثبت من القرآن، ومن حديث إمام الإنس ونبي الجان، فلا تسمع رواية تخالفها، وإن الحقيقة قد انكشفت فلا تلتفت إلى من خالفها ولا تلتفت بعدها إلى رواية والراوي، ولا تهلك نفسك من الدعاوي، وفكّر كالمتواضعين".

([29]) كتاب (إتمام الحجة) 1894م صفحة 70.

([30]) وفي كتاب (إتمام الحجة) 1894م صفحة 65، يقول الميرزا غلام: " ألا تعلم يا مسكين أن قولك يُعارض بينات القرآن، ويخالف محكمات الفرقان؟ وقد تبين معنى التوفي من لسان سيد الإنس ونبي الجانّ، وصحابته ذوي الفهم والعرفان وأيّ فضل لمعنى العوام، بعد ما حصحص المعنى من خير الأنام، ومَن يأباه إلا من كان من الفاسقين؟ ".

([31]) كتاب (القول الحق) 1895م صفحة 193.

([32]) كتاب (الملفوظات) الجزء 5 بتاريخ 1903م صفحة 182.

([33]) وفي الحاشية: ورد في الحكم قد ورد في الحديث الشريف ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. (الحكم: مجلد 7 رقم 25 صفحة 15 بتاريخ 1903/7/10).

([34]) وفي الحاشية: نقل وفق الأصل، فقد ورد في الحكم: إن التركيب في القرآن الكريم يدل على استمرار صفات الله. (الحكم: مجلد 7 رقم 25 صفحة 15 بتاريخ 1903/7/10).

([35]) وفي الحاشية: من الحاشية في الحكم: فقبل آدم عليه السلام كان هناك مخلوق حتما. (المرجع السابق).

([36]) كتاب (ينبوع المعرفة) 1908م صفحة 304.

([37]) الجزء الرابع من كتاب (حقيقية الطائفة الأحمدية القاديانية).

([38]) كتاب (حقائق الفرقان) المجلد الرابع تفسير الحكيم نور الدين، سورة الجنّ.

أتيتُ بصور تفسير (حقائق الفرقان) باللغة الأردية، حتى يراها الأحمديون بأنفسهم، ومن لا يعرف اللغة الأردية، فليسأل العارفين، حتى يعرف الحقيقة، وأنّ الجماعة القاديانية كانت تضلهم سواء بعلم أو بجهل.

 

 

([39]) "فَناءُ أُمَّتي بالطَّعْنِ والطَّاعونِ قيل وما الطَّاعونُ يا رسولَ اللهِ قال وَخْزُ أعدائِكم مِن الجِنِّ وفي كلٍّ شَهادةٌالراوي : أبو موسى الأشعري | المحدث : الطبراني | المصدر : المعجم الأوسط، الصفحة أو الرقم : 8/239 | خلاصة حكم المحدث : لم يرو هذا الحديث عن زياد بن علاقة عن كردوس إلا الحجاج تفرد به معتمر ورواه أبو بكر النهشلي عن زياد بن علاقة عن عبد الله بن أسامة بن شريك ورواه الثوري ومسعر وإسرائيل عن زياد بن علاقة عن عبد الله بن الحارث عن أبي موسى.

([40]) أي العظيم فيهم.

([41]) يقصد الميرزا غلام أحمد القادياني.

([42]) كتاب (التبليغ) 1903 صفحة 42، وفي كتاب (مرآة كمالات الإسلام) 1892م صفحة 268.

كتاب (التبليغ) هو جزء باللغة العربية من كتاب (مرآة كمالات الإسلام)، ولكنّ الميرزا غلام كتبه بعد الانتهاء من كتاب (مرآة كمالات الإسلام).

([43]) أي رد علماء الأحمدية على الاعتراض.

([44]) يقصدون التعبير "فمن تلك الأسرار تمثل الملائكة والجن"، في قول الميرزا غلام الذي جاء به المعترض.

([45]) ليس لي رأي محدد في هذه المسألة في الوقت الحالي.

([46]) في كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 53، يقول المؤلف: "...وثانيهما : إن بعض الناس يفهمون الآية فهما خاطئا.. إذ يحسبون أن قوله تعالى {ولذلكَ خَلَقَهُمْ} يعني أن الناس خُلقوا للاختلاف: والحقيقة أن الخالق.. الرحمن الرحيم، الذي وسعت رحمته كل شيء، إنما خلق الناس لينهلوا من معين رحمته فالإشارة في كلمة (لذلك) إنما تعود على المشار إليه الأقرب.. وهو قوله {إلا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ} أي.. لرحمته تبارك وتعالى.".

([47]) يقول الله تعالى:{‏ الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76) سورة النساء.

([48]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 28.

([49]) هذا الرد من نور الدين على كلام المؤلف: " لدينا أوجه للقول بأن الجنّ خلْقُ الله الذي لا تراها عيون ظاهرية لأن تركيبها المادي شفاف للغاية فلا يستطيع الناس أن يروها بعيون ظاهرية، بل هناك حاجة لرؤيتها إلى حاسة أخرى أي العين الروحانية. لهذا السبب إن الأنبياء عليهم السلام وأولياء الله والمؤمنين الصادقين يستطيعون أن يروا الملائكة وغيرهم من المخلوقات غير المرئية، بل يحدثونهم أيضًا...".

([50]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 1.

([51]) يقصد بشير الدين محمود.

([52]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 4.

([53]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 3.

([54]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 4.

([55]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 4.

([56]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 4.

([57]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 8.

([58]) سورة المائدة: 92.

([59]) سورة التغابن.

([60]) سورة آل عمران: 132.

([61]) سورة آل عمران: 31.

([62]) سورة الحشر: 7.

([63]) سورة الحجرات: 1.

([64]) الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم : 5939 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح].

([65]) سورة الحشر: 7.

([66]) كتاب (إتمام الحجة) 1894م صفحة 60 و61.

([67]) الميرزا غلام كما في كتابه (الديانة الآرية) 1895 صفحة 99 ينكر التفسير بالرأي، ويقر بضرورة تفسير الآيات القرآنية، بآيات من القرآن الكريم، أو أحاديث سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم المتصلة الصحيحة المرفوعة.

([68]) في كتاب (القدر الإلهي) تأليف بشير الدين محمود صفحة 7 يقول بشير الدين محمود: "أعلموا أن جميع المسائل ‏الإيمانية التي لا يُسلم أحد بدون الإيمان بها واردة في القرآن الكريم، ولا تنبني على الأحاديث لأنها لا تُفيد إلا علما ‏ظنيا. فلا بد لنا من الرجوع إلى القرآن الكريم لمعرفة ما يدخل في الإيمانيات من مسائل. فما عُدّ إنكاره كفرًا في ‏القرآن الكريم دخل في الإيمانيات، وما لم نعثر له على شهادة من القرآن الكريم فهمنا أن الكلمات المستخدمة فيه ‏جاءت لبيان أهميتها والتأكيد عليها فحسب"‏.‏

([69]) في الجزء الثاني والثالث من كتابي (حقيقية الطائفة الأحمدية القاديانية)، فصّلتُ ما قاله الميرزا غلام وبشير الدين محمود بهذا الخصوص والرد عليه.

([70]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 4.

([71]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 4.

([72]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 4.

([73]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 4.

([74]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 16.

([75]) كتاب (التحفة الجولروية) 1900م، والمنشور سنة 1902م الصفحة 88.

([76]) لقد بيّنت في الرد على مغالطة الميرزا فيما يخص التعبير "وإمامكم منكم"، أنّ قول الميرزا بضرورة ولادة الإمام في المسلمين حصرًا، يثبت أنّ الإمام المذكور في الحديث لا بد أن يكون هو المهدي القرشي، وليس بالضرورة أن يكون مولد الموعود وهو الإمام الروحاني في المسلمين حصرًا من بدايته، فقد يكون مولودًا غير مسلم، ثم يسلم ويحسن إسلامه بعد ذلك، وعلى العموم قد فصلت هذا الأمر في الباب الثاني من الجزء الأول من كتاب (حقيقية الطائفة الأحمدية القاديانية).

([77]) قول الميرزا "فهذه الدعوى جديدة وتنافي ظاهر النص، وتحتاج إلى دليل قاطع"، في منتهى الأهمية، لأنه يرد على عقيدة الميرزا وبشير الدين محمود في الاعتقاد بنبوة جديدة لم تكن موجودة من قبل، وهي النبوة غير المباشرة، أي التي ليست عن طريق الاجتباء المباشر من الله تعالى، ولكن هذه النبوة الجديدة غير المباشرة عن طريق تمام الطاعة لسيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم أي أنها نبوة ظليّة، ودليل الميرزا وبشير الدين محمود في الاعتقاد بهذه النبوة الجديدة؛ أنّ القرآن لم ينكر إمكانية وجود هذه النبوة، أي كما سنرى من قول بشير الدين محمود أنه توصل لهذا الرأي بالاستنتاج والاستنباط كما في كتاب بشير الدين محمود (حقيقة النبوة)، ولقد ضرب الميرزا وبشير الدين محمود عرض الحائط بظاهر نص الآية {...الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا...} (4) سورة المائدة، فكيف بعد هذه الآية الجامعة المانعة تنشأ عقيدة ونبوة بالاستنتاج والاستنباط بعد إكمال الدين وإتمام النعمة، وليس هذا فقط، بل يرى الأحمديون أنّ من لا يؤمن بهذه النبوة الجديدة المبتكرة يعد كافرًا، كمن كفر بأي نبيّ من الأنبياء السابقين، وعمومًا فقد فصلت القول في هذا الموضوع في الجزء الثاني من كتاب (حقيقية الطائفة الأحمدية القاديانية).

([78]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 38.

([79]) كتاب (إتمام الحجة) 1893 صفحة 60.

([80]) أي حياة سيدنا عيسى عليه السلام في السماء.

([81]) أي الادعاء بأمر غير صحيح.

([82]) أي الاستثناء من العموم من غير أدلة تثبت صحة الاستثناء.

([83]) أي اللفظ الدال على العموم والشمولية.

([84]) أي استثناء شيء من العموم بلا دليل قاطع.

([85]) يقصد الميرزا بالحنفيين السادة الأحناف.

([86]) أي أن يكون الحديث صحيحًا متواترًا بحسب كلام الميرزا في أول النص.

([87]) هذا تأكيد من الميرزا أن الأحاديث غير المتواترة؛ أي الآحاد ظنية الثبوت مهما بلغت من قطعية الدلالة.

([88]) يقصد الميرزا غلام أن يكون إشكالها في ثبوتها.

([89]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 6.

([90]) الاسم (يلاش) هو أحد أسماء رب الميرزا كما جاء في كتاب (التذكرة) صفحة 388، وكتاب (التحفة الجولروية) صفحة 166 بالحاشية. وأما الكلمة "عاج" فهي وصفٌ لرب الميرزا يلاش لنفسه في إلهام للميرزا كما في قوله "ربنا عاج" صفحة 96 من كتاب (التذكرة)، ويعلق الميرزا بقوله "لم ينكشف على معنى (ربنا عاج)".

([91]) كتاب الهندوس المقدس.

([92]).في كتاب (ينبوع المعرفة) 1908م صفحة 145 يقول الميرزا: "ومن السخف القول ومن غير المعقول تمامًا أن تكون للإنسان لغة ويتلقى الإلهام في لغة أخرى لا يفهمها لأنه تكليف بما لا يطاق. ثم ما الفائدة من الإلهام الذي يفوق فهم الإنسان؟ فلما لم تكن لغة الرجال الذين تلقوا الفيدات سنسكريتية وما كانوا قادرين على الكلام بها أو فهمها بحسب مبدأ الآريين؛ ففي هذه الحالة إن إلهام الله إليهم بلغة أجنبيّة عليهم كان حرمانهم من تعليمه قصدًا وإن قلتم بأن الله كان يفهمهم معنى تلك العبارات بلغتهم لَمَا بقي عهد الله القائل بأن كلامه في لغة الإنسان حرام عليه قائمًا إنني لأستغرب بشدة ماذا ينفع الآريين مثل هذا الكلام السطحي وغير الناضج؟ أليس صحيحًا أن كل ما للإنسان إنما هو لله؟ فما الذي يحط من شأن الإله إن فهم الإنسان بلغته؟ ألا يسمع إلـهنا أدعيتنا في لغتنا؟ فإذا كان سماعه أدعيتنا في لغتنا لا يحط من شأنه شيئًا فلماذا يقلل من شأنه إنْ أرشدنا إلى الصراط المستقيم بلغتنا؟"

وفي كتاب (نزول المسيح) 1902 صفحة 81 يقول الميرزا([92]): “ ونزل عليّ أيضًا بلغات لم أكن أعرفها مثل الإنجليزية والسنسكريتية والعبرية. ولقد أثبتَ من خلال آيات عظيمة الشأن أنه كلام الله تعالى. وقد فتح عليَّ كنزا من الحقائق والمعارف كان قومي كله يجهلها. فقد نزل عليّ أحيانا بالكلمات الدقيقة والمتروكة التي لم أعرفها من العربية أو الإنجليزية أو غيرهما. فهل يبقى أي مجال للشك بعد كل هذه البراهين الساطعة؟ هل يمكن أن تُترك كل هذه الأمور على عواهنها؟ ثم إن الكلام الذي أبدى قوة المعجزة، وأثبت جذبه القوي".

([93]) كتاب (القدر الإلهي) تأليف بشير الدين محمود صفحة 7.

([94]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 7، و8.

([95]) يقول الله تعالى:

{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)} سورة المائدة.

{يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (30)} سورة يس.

{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (17)} سورة الفرقان.

([96]) سورة البقرة.

([97]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 34.

([98]) في كتاب (الملفوظات) الجزء الثالث بتاريخ 1902 صفحة 326 نجد أنّ الميرزا غلام فسّر (الساعة) في الآية {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) }سورة الزخرف، بأنه زمن أي ساعة بعثة المسيح الموعود، ولكن الميرزا غلام تدارك وقال إنّ الساعة تعني أيضًا الآخرة، ولا يصح تفسير مصطلح شرعي قرآني إلا بما اصطلحه الشرع، ولا يحال إلى الدلالة اللغوية إلا إذا كان هناك قرينة قوية صارفة، تثبت يقينًا عدم صحة الدلالة اللغوية للكلمة بمعناها الاصطلاحي المتعارف عليه، وقد أتيت بالكثير من النصوص من أقوال الميرزا غلام بهذا الخصوص في الجزء الأول من كتاب (حقيقية الطائفة الأحمدية القاديانية).

في كتاب (إزالة الأوهام) 1891م صفحة 372 يقول الميرزا: "...الكلمات التي يخصّها القُرآن الكريم بمعانٍ معينة اصطلاحًا، ويُفهِّم جيدا - ببيانه المتواتر- أنّه إذا خصّ كلمة ما، بمعنًى معين؛ فإنّ صرف هذا المعنى [د.إبراهيم بدوي: أي الاصطلاحي] عن تلك الكلمة - بناء على مجرد فكرة ورود معناها الآخر في المعاجم - ليس إلا إلحادًا صريحًا، ...ويعرف العلماء جيدًا أنّ كل فنٍّ يكون بحاجة إلى مصطلحات معينة، وأنّ أصحاب هذا الفن يخصّون بعض الكلمات بمعنى واحدٍ معينٍ مجرِّدين إياها من معانيها العديدة الأخرى...والحق أنّه لا يستقيم أي علم دون وجود الكلمات الاصطلاحية فيه. فالذي لا يريد الإلحاد، فالطريق المستقيم له أن يستنبط من القُرآن الكريم معاني متداولة ورائجة في القُرآن وما اصطلح عليه القُرآن الكريم، وإلا سيكون تفسيره تفسيرا برأيه".

وفي كتاب (إتمام الحجة) 1894م صفحة 52 يقول: "يا حسرة عليهم ! لِمَ لا يفكرون في أنفسهم أن لفظ التوفّي لفظ قد معناه اتضح من سلسلة شواهد، القرآن ثم من تفسير نبيّ الإنس ونبي الجان، ثم من تفسير صحابيّ جليل الشأن، ومن فسّر القرآن برأيه فهو ليس بمؤمن، بل هو أخ الشيطان، فأي حجة أوضح من هذا إن كانوا مؤمنين؟ ولو جاز صرفُ ألفاظ تحكما من المعاني المرادة المتواترة، لارتفع الأمان عن اللغة والشرع بالكلية وفسدت العقائد كلها، ونزلت آفات على الملة والدين وكل ما وقع في كلام العرب من ألفاظ علينا أن لا ننحت معانيها من عند أنفسنا، ولا نقدّم الأقل على الأكثر إلا عند قرينة يوجب تقديمه عند أهل المعرفة، وكذلك كانت سُنن المجتهدين."

وفي كتاب (إزالة الأوهام) 1891م صفحة 415 يقول: “ ... فالقضية الأساسية هي أن القرآن الكريم قد أخذ بعض الكلمات من القاموس وخصّها بمعنى اصطلاحي واحد، مثل: الصوم والصلاة، والرحمانية، والرحيمية، وكذلك لفظ "الله" والكثير من الكلمات. والرجوع إلى القاموس في أمور اصطلاحية غباوة محضة. ففسِّروا القرآن بالقرآن نفسه...".

([99]) سورة يوسف (119.

([100]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 23.

([101]) ذكرتُ من قبل ما قاله الميرزا غلام بخصوص الكتب المُسَلّم بها.

([102]) الأحاديث المتصلة؛ أي التي لا يوجد بها أي انقطاع في سلسة الرواة، والأحاديث المرفوعة أي التي تنتهي إلى سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم وليس لغيره، وقد فصّلت في الجزء الأول ما أقر به علماء الأحمدية في كتبهم مثل كتاب (معلومات دينية) الأحمدي؛ بخصوص تعريف الأحاديث الصحيحة والمتصلة والمرفوعة.

([103]) هذا الحديث حديث موضوع، كما جاء في موقع (المكتبة الشاملة).

https://shamela.ws/book/37026/644

وفي موقع (إسلام ويب)، يقولون :" فقد ذكر العجلوني هذا الحديث في كشف الخفاء برقم 2016 بلفظ "كنت كنزاً لا أعرف، فأحببت أن أعرف فخلقت خلقاً فعرفتهم بي فعرفوني "، وفي لفظ فتعرفت إليهم فبي عرفوني.

قال العجلوني المشهور على الألسنة: كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن اعرف فخلقت خلقاً فبي عرفوني. وهو واقع كثيراً في كلام الصوفية. وهذا حديث موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم قال العجلوني : قال ابن تيمية: ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يعرف له سند صحيح ولا ضعيف، وتبعه الزركشي، والحافظ ابن حجر في اللآلئ والسيوطي وغيرهم) انتهى، والله أعلم".

https://www.islamweb.net/ar/fatwa/14995/%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AB-%D9%83%D9%86%D8%AA-%D9%83%D9%86%D8%B2%D8%A7%D9%8B-%D9%85%D8%AE%D9%81%D9%8A%D8%A7%D9%8B-%D9%84%D8%A7-%D9%8A%D8%B9%D8%B1%D9%81-%D9%84%D9%87-%D8%B3%D9%86%D8%AF

([104]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 6.

([105]) سورة البقرة.

([106]) كتاب (منن الرحمن) 1894م صفحة 83،

([107]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 14.

([108]) كما في كتاب (البراهين الأحمدية) الجزء الرابع سنة 1884م، الصفحات 502 و573 و579.

([109]) كتاب (فتح الإسلام) 1891م صفحة 10 بالحاشية حيث يقول الميرزا بخصوص المجددين: "إن تجديد الدين حالة مقدسة تنزل بثورة العشق أولا على قلب طاهر وصل درجة مكالمة الله، ثم تسري إلى الآخرين عاجلا أو آجلا. أن الذين ينالون من الله قوة على التجديد لا يكونون بائعي العظام الرميمة، بل هم نواب رسول الله عليه الصلاة والسلام حقا وخلفاؤه الروحانيون. يجعلهم الله تعالى ورثة كافة النِعم التي يعطاها الأنبياء والرسل... وتعلمهم روح القدس في كل وقت عصيب ولا تشوب كلامهم أو عملهم شائبة من عبادة الدنيا لأنهم يكونون مطهرين كليا ومجذوبين بالتمام والكمال ".

([110]) ومن الكتب التي ذكر فيها الميرزا هذا الرأي أي إخفاء العقيدة؛ كتاب (التبليغ) 1893م، وكتابه "الفرق بين الأحمدي وغير الأحمدي" سنة 1905، وكتاب (الاستفتاء) سنة 1907م

في كتاب (التبليغ) 1892م صفحة 35 يقول الميرزا: " يا إخوان.. هذا هو الأمر الذي أخفاه الله من أعين القرون الأولى، وجلَّى تفاصيله في وقتنا هذا، يُخفي ما يشاء ويبدي..."، ويقول أيضًا في صفحة 49: “ويشابهها واقعة نزول المسيح أخفاها الله كما أخفى هذه الواقعات بالاستعارات، فافهموا إن كنتم تفهمون" ويقول في صفحة 105: “ فتضرعتُ في حضرة الله تعالى، وطرحت بين يديه متمنيًا لكشف سر النزول وكشف حقيقة الدجال، لأعلمه علم اليقين وأرى به عين اليقين، فتوجهت عنايتُه لتعليمي وتفهيمي، وأُلهِمتُ وعُلِّمتُ من لدنه أن النزول في أصل مفهومه حق، ولكن ما فهم المسلمون حقيقته، لأن الله تعالى أراد إخفاءه، فغلب قضاؤه ومكره وابتلاؤه على الأفهام، فصرَف وجوههم عن الحقيقة الروحانية إلى الخيالات الجسمانية، فكانوا بها من القانعين. وبقي هذا الخبر مكتومًا مستورًا كالحَبّ في السنبلة، قرنًا بعد قرن، حتى جاء زماننا...".

وفي كتاب (الفرق بين الأحمدي وغير الأحمدي) 1905م صفحة 262 يقول الميرزا: "لا أقول بأن الناس في العصر الراهن وحدهم مسؤولون عن الاعتقاد بحياة المسيح، كلا، بل أخطأ بعض من القدامى أيضًا في هذا الصدد، ولكنهم مع هذا الخطأ نالوا ثوابًا لأنه قد ورد عن المجتهد: “قد يخطئ ويصيب"، ويثاب في كلتا الحالتين، الحق أن المشيئة الإلهية اقتضت أن تبقى هذه القضية خافية، فظلوا في غفلة منها وبقيت الحقيقة خافية عليهم مثل أصحاب الكهف كما تلقيتُ إلهامًا نصه: “ أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا". كذلك إن قضية حياة المسيح أيضًا سرٌّ عجيب.، مع أن الله تعالى يبين وفاة المسيح بكل صراحة، ويثبت الأمر نفسه من الأحاديث أيضًا، والآية التي قُرئت عند وفاة النبيّ صلى الله عليه وسلم كاستدلال أيضًا تُثبت الأمر نفسه، ولكن الله تعالى قد أخفاه إلى عصر الموعود المقبل مع كونه مكشوفًا إلى هذا الحد، وحين جاء هذا الموعود أماط اللثام عن هذا السر.، إنها لحكمةُ الله أنّه يخفي سرًّا حين يشاء ويظهره حين يشاء.، كذلك فقد أخفى هذا السر أيضًا إلى أجله المسمّى، أما الآن، حين جاء الموعود الذي كان مفتاح هذا السر بيده فكشفه للعيان. وحين جاء هذا الموعود أماط اللثام عن هذا السر.، إنها لحكمةُ الله أنّه يخفي سرًّا حين يشاء ويظهره حين يشاء. كذلك فقد أخفى هذا السر أيضًا إلى أجله المسمّى. أما الآن، حين جاء الموعود الذي كان مفتاح هذا السر بيده كشفه للعيان. وإذا كان أحد لا يريد أن يقبل الآن ويتعنّت فكأنّه يحارب الله، إذًا، فإن مسألة وفاة المسيح قد اتخذت الآن منحى بحيث لم يعد فيها إخفاء قط، بل صارت واضحة من جميع الجوانب والنواحي".

وفي كتاب (الاستفتاء) سنة 1907م صفحة 61 يقول الميرزا: " فاعلموا، رحمكم الله، أن صدق دعواي وموت عيسى ما كان أمرًا متعسّرَ المعرفة، ولكن طوّعَتْ لكم أنفسكم تكذيب إمامكم، فزاغت قلوبكم، وما فكّرتم حقّ الفكرة. وقد جئتكم بالآيات والشواهد والبيّنات، وقد فتح الله عليّ أمرًا أخفاه عليكم في ابن مريم، وذلك فضله أنه فهّمني أمرًا ما أعثركم عليه وما فهّم. أم حسبتم أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبًا. إن الله أخفانا من أعينكم إلى قرون، وأَسْبَلَ عليها حجبا، فكنتم تنتظرون نزول المسيح من السماء، وصرف الله أفكاركم عن الحقيقة الغرّاء، ليظهر عليكم عجزكم في أسرار حضرة الكبرياء. ذلك من سنن الله ليعلّمكم أدبًا عند إظهار الآراء. فما تشابه الأمر عليكم إلا من فتنة أراد الله ليبتليكم بها، فأظهرها بعد هذا الإخفاء".

([111]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 28.

([112]) هذا الرد من نور الدين على كلام المؤلف: " لدينا أوجه للقول بأن الجنّ خلْقُ الله الذي لا تراها عيون ظاهرية لأن تركيبها المادي شفاف للغاية فلا يستطيع الناس أن يروها بعيون ظاهرية، بل هناك حاجة لرؤيتها إلى حاسة أخرى أي العين الروحانية. لهذا السبب إن الأنبياء عليهم السلام وأولياء الله والمؤمنين الصادقين يستطيعون أن يروا الملائكة وغيرهم من المخلوقات غير المرئية، بل يحدثونهم أيضًا...".

([113]) وهذا هو النص بالأردية بالكامل كما جاء في كتاب تفسير الميرزا غلام لسورة الكهف الآية 50، {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَئِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ اَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّلِمِينَ بَدَلًا}

اہل عرب اس قسم کے استثنا کرتے ہیں ۔ صرف و نحو میں بھی اگر دیکھا جاوے تو ایسے استثناء بکثرت ہوا کرتے ہیں اور ایسی نظیر میں موجود ہیں جیسے کہا جاوے کہ میرے پاس ساری قوم آئی مگر گدھا۔ اس سے یہ سمجھنا کہ ساری کی ساری قوم جنس حمار میں سے تھی غلط ہے۔ كَانَ مِنَ الْجِن کے بھی یہ معنے ہوئے کہ وہ فقط ابلیس ہی قوم جن میں سے تھا ملائکہ میں سے نہیں تھا ملائک ایک الگ پاک جنس ہے اور شیطان الگ۔ ملائکہ اور ابلیس کا راز ایسا مخفی در مخفی ہے کہ بجز آمَنَّا وَصَدَّقْنَا کے انسان کو چارہ نہیں۔ اللہ تعالیٰ نے ابلیس کو اقتدار و توفیق نہیں دی مگر وسوسہ اندازی میں وہ محرک ہے جیسے ملائکہ پاک تحریکات کے محرک ہیں ویسے ہی شیطان نا پاک جذبات کا محرک ہے۔ ملائکہ کی منشاء ہے کہ انسان پاکیزہ ہو مطہر ہو اور اس کے اخلاق عمدہ ہوں اور اس کے بالمقابل شیطان چاہتا ہے کہ انسان گندہ اور نا پاک ہو۔

اصل بات یہ ہے کہ قانون الہی ملائکہ و ابلیس کی تحریکات کا دوش بدوش چلتا ہے لیکن آخر کا ر ارادہ الہی غالب آجاتا ہے گویا پس پردہ ایک جنگ ہے جو خود بخود جاری رہ کر آخر قادر مقتدر حق کا غلبہ ہو جاتا ہے اور باطل کی شکست ۔ چار چیزیں ہیں جن کی کنہ ور ز کو معلوم کرنا انسان کی طاقت سے بالا تر ہے اول ۔ اللہ جل شانہ، دویم ۔ روح ، سویم ۔ ملائکہ، چہارم ۔ ابلیس ۔ جو شخص ان چہاروں میں سے خدا تعالیٰ کے وجود کا قائل ہے اور اس کے صفات الوہیت پر ایمان رکھتا ہے۔ ضرور ہے کہ وہ ہر سہ اشیاء روح و ملائکہ وابلیس پر ایمان لائے۔

... انسان کو ہر حال میں رضائے الہی پر چلنا چاہیے اور کارخانہ الہی میں دخل در معقولات نہیں دینا چاہیے۔

تقویٰ اور طہارت اطاعت و وفا میں ترقی کرنی چاہیے اور یہ سب باتیں تب ممکن ہیں جب انسان کامل ایمان اور یقین سے ثابت قدم رہے اور صدق و اخلاص اپنے مولی کریم سے دکھلائے اور وہ باتیں جو علم الہی میں مخفی ہیں اس کے کنہ معلوم کرنے میں بے سود کوشش نہ کرے ۔.... جو شخص ہر ایک چیز کی خواص و ماہیت دریافت کرنے کے پیچھے لگ جاتا ہے وہ نادانی سے کارخانہ و ربی اور اس کی منشاء سے بالکل ناواقف و نابلد ہے اگر کوئی کہے کہ شیطان و ملائکہ دکھلاؤ تو کہنا چاہیے کہ تمہارے اندر یہ خواص کہ بیٹھے بٹھائے آنا فانا بدی کی طرف متوجہ ہو جانا یہاں تک کہ خدا تعالیٰ کی ذات سے بھی منکر ہو جانا اور کبھی نیکی میں ترقی کرنا اور انتہا درجہ کی انکسار و فروتنی و عجز و نیاز میں گر جانا یہ اندرونی کششیں جو تمہارے اندر موجود ہیں ان سب کے محرک جو قومی ہیں وہ ان دو الفاظ ملک و شیطان کے وجود میں مجسم ہیں ۔ الحکم جلدے نمبر ۲۰ مورخه ۳۱ مئی ۱۹۰۳ صفحه ۱۳).

([114]) يقول الله تعالى:{‏ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50) سورة الكهف.

([115]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 28.

([116]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 34.

([117]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 47.

([118]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 45.

([119]) كتاب (الديانة الآرية) 1895 صفحة 106.

يقول الميرزا: "ونذكِّركم أنّ كتبنا المسلم والمعترف بها التي نعتقد فيها والتي نثق بها هي كالتالي:

أولًا: القرآن الكريم، لكن لا يغيبن عن البال أننا لا نقبل ولا نسلِّم بمعنى لأي آية قرآنية إلا ما شهدتْ عليه الآيات الأخرى من القرآن الكريم، لأن القرآن يفسر بعضه بعضًا، ثم إذا لم نجد تلك المرتبة اليقينية من آيات أخرى للقرآن الكريم للعثور على معاني دقيقة ومؤكدة، فيشترط أن يدعم ذلك المعنى أيُ حديث صحيح مرفوع متصل. باختصار إن التفسير بالرأي لا يجوز في ديننا إطلاقًا، فمن اللازم على كل معترض ألا يخالف هذا الطريق عند إثارة أي اعتراض.

([120]) بقية الآيات : {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22) وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24)}.

([121]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 21.

([122]) سورة البقرة سورة مدنية، والأوامر بالعبادة فيها ليست أول أوامر للعبادة في القرآن الكريم، بل السور المكية أو المدنية التي تسبق سورة البقرة فيها الكثير من الآيات التي تأمر بالعبادة.

([123]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 23.

([124]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 23.

([125]) الآية {يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27)} سورة الأعراف.

([126]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 40.

([127]) يقول الحكيم نور الدين: " كان الجِن وذريتهم موجودين قبل آدم عليه السلام، وهذا لا يمكن إنكاره بأي شكل. وحتى الآن، لا يزال والجِنَّة موجودين بطرق غير مرئية، وهذا ما لا يمكن إنكاره بأي حال...".

([128]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 41.

([129]) سورة الأعراف.

([130]) يقول الله تعالى:{‏ يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51) وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52)} سورة المؤمنون.

([131]) كتاب (الملفوظات) الجزء 5 بتاريخ 1903م صفحة 182، يقول الميرزا غلام: "... فليس من الضروري للخليفة أن تكون أمةٌ قبله حتما. فمن المحتمل أن تخلق أمة وتعد خليفةً للأمة السابقة، ويكون آدم مورثها الأعلى، لأن ذات الله أزلية...".

([132]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 48.

([133]) الآية {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50)} سورة الكهف.

([134]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 43.

([135]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 53.

([136]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 55.

([137]) الآيات كاملة: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (27) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31) قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32) قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (33)}

([138]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 56.

([139]) سورة النور.

([140]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 65.

([141]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 66.

([142]) كتاب (ينبوع المعرفة) 1908م صفحة 150.

([143]) كتاب مقدمة (التفسير الوسيط) تأليف بشير الدين محمود، صفحة 472.

([144]) كتاب (حقائق الفرقان) المجلد الأول الجزء الأول تأليف الحكيم نور الدين، في تفسيره لسورة البقرة صفحة 324.

([145]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 68.

([146]) (الحكم، مجلد 7، رقم 20، عدد 31/ 5/1903 م، ص 13).

([147]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 70.

([148]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 71.

([149]) "أنَّ أَبَا لُبَابَةَ، كَلَّمَ ابْنَ عُمَرَ لِيَفْتَحَ له بَابًا في دَارِهِ، يَسْتَقْرِبُ به إلى المَسْجِدِ، فَوَجَدَ الغِلْمَةُ جِلْدَ جَانٍّ، فَقالَ عبدُ اللهِ: التَمِسُوهُ فَاقْتُلُوهُ، فَقالَ أَبُو لُبَابَةَ: لا تَقْتُلُوهُ، فإنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ نَهَى عن قَتْلِ الجِنَّانِ الَّتي في البُيُوتِ"، الراوي : أبو لبابة بن عبد المنذر | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم : 2233 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح].

([150]) المنسأة هي العصا أو العكاز

([151]) صولجان الملك (أو الصولجان الملكي) هو عصا طويلة مزخرفة تُستخدم كرمز للسلطة والقوة الملكية، يعود استخدام الصولجان إلى العصور القديمة، حيث كان يُعتبر أداة رمزية تعبر عن السيادة والحكم، وغالبا ما يكون الصولجان مصنوعًا من مواد ثمينة مثل الذهب أو الفضة، كما عادة ما يُزين بالأحجار الكريمة أو النقوش والزخارف التي تمثل قوة الملك أو الدولة، وقد يحتوي على رموز دينية أو شعارات وطنية.

([152]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 92.

([153]) كتاب (نزول المسيح) 1902م صفحة 33.

([154]) أي دابة الأرض.

([155]) كتاب (الملفوظات) المجلد 3 بتاريخ 1902م صفحة 268.

([156]) سورة الصافات.

([157]) سورة الأعراف.

([158]) الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : الترمذي | المصدر : سنن الترمذي، الصفحة أو الرقم : 3291 | خلاصة حكم المحدث : غريب لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد، التخريج : أخرجه الترمذي (3291) واللفظ له، وابن أبي الدنيا في ((الشكر)) (69)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (4417).

"لمَّا قَرَأَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سورةَ الرَّحمنِ على أصحابِهِ حتَّى فرَغَ قالَ: «ما لي أَراكم سُكوتًا؟ لَلجِنُّ كانوا أحسنَ مِنْكم رَدًّا، ما قَرأتُ عليهم مِنْ مرَّةٍ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 13] إلَّا قالوا: ولا بِشيءٍ مِنْ نِعمِكَ ربَّنا نُكذِّبُ، فلكَ الحمدُ".

الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : الحاكم | المصدر : المستدرك على الصحيحين، الصفحة أو الرقم : 3812 | خلاصة حكم المحدث : صحيح على شرط الشيخين.

([159]) بِسْم اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6) وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9) وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10) فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ (11) وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (12) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15) سورة الرحمن.

([160]) سأعلق على النصوص التالية بشكل اجمالي بعد سرد نصوص المؤلف، وكثيرا مما قاله المؤلف قد أجبت عليه كثيرا في الصفحات السابقة.

([161]) سورة الأنعام.

([162]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 29.

([163]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 75.

([164]) الراوي : عبدالله بن عمرو، المحدث : أبو داود، المصدر : سنن أبي داود، الصفحة أو الرقم : 2607، خلاصة حكم المحدث : سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح]، التخريج : أخرجه أبو داود (2607 )، والترمذي (1674 )، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (8798 )، وأحمد (6748 ).

شرح الحديث كما جاء في موقع (الدرر السنية): للسَّفَرِ آدابٌ وأحكامٌ يَنبغي أن يَتَّبِعَها المسلِمُ إنْ نَوى السَّفَرَ، وهذا الحَديثُ فيه بيانُ بعضِ آدابِ السَّفرِ، وفيه يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "الرَّاكِبُ شيطانٌ، والرَّاكبانِ شَيطانانِ"، قيل: مَعْناه أنَّ التَّفرُّدَ والذَّهابَ وَحْدَه في الأرضِ مِنْ فِعْلِ الشَّيطانِ، فالمُنفرِدُ في السَّفَرِ يَسْهُلُ الطَّمَعُ فيه، وإنْ مات في السَّفَرِ لم يَكُنْ هناك مَن يُكفِّنُه ويُغسِّلُه ويُقيمُ جِنازتَه، وكذلك الحالُ مع الاثنَينِ، وقيلَ: لأنَّ الشَّيطانَ يُحاوِلُ الوَسوَسةَ والأمرَ بالمعصيةِ للواحدِ والاثنَينِ، بخِلافِ الجماعةِ، وقيل غيرُ ذلِك "والثَّلاثةُ رَكْبٌ"، أي: فإنْ أَصْبَحوا ثَلاثةً فأَكْثَرَ كانوا صُحْبَةً ورُفْقةً؛ فإنَّهم أَقْدَرُ على المعاوَنةِ وتَوزيعِ مَهامِّ السَّفَرِ عليهم. وفي الحَديثِ: التَّحذيرُ مِن سَفَرِ الفردِ أو الفَرْدينِ.

https://dorar.net/hadith/search?q=%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D9%83%D8%A8%D8%A7%D9%86+%D8%B4%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%86%D8%A7%D9%86+&st=p&xclude=&rawi%5B%5D=&fillopts=on#specialist

([165]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 64.

([166]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 39.

([167]) يقول سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم : "إذا كان ثَلاثةٌ في سفَرٍ فليُؤمِّروا أحَدَهم".

الراوي : أبو هريرة، المحدث : أبو داود، المصدر : سنن أبي داود، الصفحة أو الرقم : 2609، خلاصة حكم المحدث : سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح].

شرح الحديث : للسَّفَرِ آدابٌ وأحكامٌ يَنبغي أن يَتَّبِعَها المسلِمُ إنْ نَوى السَّفَرَ، وهذا الحَديثُ فيه بيانُ بعضِ آدابِ السَّفرِ، وفيه يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إذا كان ثلاثةٌ في سَفَرٍ"، أي: ثلاثةٌ فأَكْثَرُ، "فليُؤمِّروا أَحَدَهم"، أي: لِيَجْعَلوا أَحَدَهم أميرًا عليهم يكونُ له اتِّخاذُ قرارِهم بَعْدَ المشورةِ معهم؛ كاخْتيارِ وَقْتِ الذَّهابِ والبَياتِ ونَحوِها من أحوالِ السَّفَرِ. وفي الحَديثِ: الحثُّ على تَقليلِ الخِلافِ وتوحيدِ الكلمةِ ما أَمْكَن.

https://dorar.net/hadith/sharh/30671

([168]) العقيدة من أهم أسس الشريعة، وسنرى ما أقر به الميرزا غلام أنّ من زاد على هذه الشريعة مثقال ذرة أو نقص منها، أو كفر بعقيدة إجماعية، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين:

في كتاب (عاقبة آتهم) 1896م صفحة 105 يقول الميرزا غلام: "ولا دين لنا إلا دين الإسلام، ولا كتاب لنا إلا الفرقان كتاب الله العلام، ولا نبي لنا إلا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم وبارك وجعل أعداءه من الملعونين. اشهدوا أنا نتمسك بكتاب الله القرآن، ونتبع أقوال رسول الله منبع الحق والعرفان، ونقبل ما انعقد عليه الإجماع بذلك الزمان، لا نزيد عليها ولا ننقص منها، وعليها نحيا وعليها نموت ومن زاد على هذه الشريعة مثقال ذرة أو نقص منها، أو كفر بعقيدة إجماعية، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. هذا اعتقادي، وهو مقصودي ومرادي ولا أخالف قومي في الأصول الإجماعية، وما جئتُ بمحدثات كالفرق المبتدعة، بيد أني أرسلت لتجديد الدين وإصلاح الأمة، على رأس هذه المائة، فأذكرهم بعض ما نسوا من العلوم الحكمية، والواقعات الصحيحة الأصلية. وجعلني ربي عيسى ابن مريم على طريق البروزات الروحانية لمصلحة أراد لنفع العامة، ولإتمام الحجة على الكفرة الفجرة، وليُكمل نبأه وليُنجز وعده ويتم كلمته، ويفحم قوما مجرمين".

وفي كتاب (أيام الصلح) 1899م صفحة 117 يقول الميرزا غلام: "خلاصة القول عليكم أن تؤمنوا بجميع تلك الأمور التي أجمع عليها السلف الصالح اعتقادا وعملا، وتؤمنوا بجميع تلك الأمور التي تعد من صميم الإسلام بإجماع أهل السنة. ونحن نشهد السماء والأرض على هذا الأمر أن هذا هو مذهبنا وإن الذي يتهمنا بما يخالف هذا الدين فهو يفتري علينا متخليا عن التقوى والأمانة، وسوف نرفع الدعوى ضده يوم القيامة أنه متى شق صدرنا ورأى أنا نخالف هذه الأقوال رغم تصريحنا بها؟ ألا إن لعنة الله على الكاذبين والمفترين!".

([169]) سورة البقرة.

([170]) سورة البقرة.

([171]) سورة البقرة.

([172]) سورة الحجر.

([173]) سورة الحج.

([174]) سورة الصافات.

([175]) سورة التكوير.

([176]) سورة الأنعام.

([177]) سورة الكهف.

([178]) سورة الشعراء.

([179]) سورة البقرة.

([180]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 30.

([181]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 31.

([182]) ‏كتاب (الحرب المقدسة) ‏1893 صفحة 267.

([183]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 36.

([184]) وهذا نص كلام الميرزا من كتابه (عاقبة آتهم) صفحة 92:

يقول الميرزا غلام: "...إن قلتَ: فما بال الناقصين الذين ماتوا على حالة النقصان، وانتقلوا من هذه الدنيا مع: أثقال العصيان، فإنهم ما يُرَدّون إلى الدنيا ليتداركوا ما فات، فكيف يُكمَّلون ويجدون النجاة، أو يدخلون في الجنّة غير مكمّلين، أو يُترَكون إلى الأبد معذَّبين؟ فاسمع .. إننا نعتقد بأن جهنم مُكمِّلةٌ للناقصين، ومنبِّهةٌ للغافلين، وموقظة للنائمين. وسمّاها الله أُمَّ الداخلين، بما ترُبُّهم كالأمّهات للبنين. ونعتقد أن كل بصرٍ يكون يومئذ حديدا بعد برهة من الزمان، ويكون كلُّ شقي سعيدًا بعد حقب من الدوران، ولا يلبثون إلا أحقابًا في النيران، إلا ما شاء الله من طول الزمان، فإنّا ما أُعطِينا علم تحديده بتصريح البيان، فهو زمان أبدي نسبةً إلى ضعف الإنسان، ومحدود نظرًا على مِنن المنّان، ولا يُترَكون كالأعمى إلى الأبد على وجه الحقيقة، ويكون مآل أمرهم رحْمَ الله والرشد ومعرفة الحضرة الأحدية، بعد ما كانوا قومًا عمين. ونعتقد أن خلود العذاب ليس كخلود ذات الله رب الأرباب، بل لكل عذابٍ انتهاءٌ، وبعد كلّ لعنٍ رُحْمٌ وإيواء، وإن الله أرحم الراحمين. ومع ذلك ليسوا سواء في مدارج النجاة، بل الله فضّل بعضهم على بعض في الدرجات والمثوبات، وما يرِد على فعله شيء من الإيرادات، إنه مالك الملك فأعطى بعض عباده أعلى المراتب في الكمالات، وبعضهم دون ذلك من التفضلات، ليُثبت أنه هو المالك يفعل ما يشاء، ليس فيه إتلافُ حق من حقوق المخلوقين. ولما كان وجود الله تعالى علّةً لكل علّة، ومبدءًا لكل سكون وحركة، وهو قائم على كل نفس، فليس من الصواب أن يُعزَى إخلاد العذاب إلى هذا الجناب، وما كان العبد مُختارًا من جميع الجهات، بل كان تحت قضاء الله خالقِ المخلوقات وقيّوم الكائنات، وكان كل قوته مفطورةً مِن يده ومن إرادته، فله دخلٌ عظيم في شقاوته وسعادته. فكيف يترك عبدًا ضعيفًا في عذاب الخلود، مع أنه يعلم أنه خالِقُ الشقي والمسعود، والعبدُ يفعل أفعالا، ولكنه أوّلُ الفاعلين، وكل عبدٍ صُنْعُ يده وهو صانع العالمين. وإنه رحيم وجواد وكريم، سبقت رحمتُه غضبَه، ورِفقُه شِصْبَه، ولا يُساويه أحدٌ من الراحمين. فلا يُفني كل الإفناء، ويرحم في آخر الأمر وانتهاء البلاء، ولا يدوس كل الدوس بالإيذاء كالمتشددين، بل يبسط في آخر الأيام يده رأفةً ويأخذ حُزْمةً من الناريّين. فانظر إلى يد الله وحزمته، هل تغادر أحدًا من المعذَّبين؟ وكذلك أشار في أهل النار وقال قولا كريما، فيه إطماع عظيم ونسيم الإبشار، فقال: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ والأَرْضُ إلا مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} (هود:108)، فانظر إلى استثنائه ببصر حديد ونظر رشيد، ولا تظن ظن السوء كاليائسين".

([185]) كتاب (الجن بين الحقيقة والخرافة) صفحة 84.


أنت الان في اول موضوع

تعليقات

التنقل السريع