الرد على الادعاء أنّ الخسوف والكسوف الذين حدثا في رمضان في زمن الميرزا غلام هما من آيات صدق الميرزا.
مقدمة
حدث خسوف للقمر في يوم الإثنين ليلة الثالث عشر
من شهر رمضان سنة 1311هـ، الموافق 19 مارس سنة 1894م، ثم تلاه كسوف للشمس في يوم
الأربعاء يوم 28 في نفس شهر رمضان الموافق 6 إبريل، ويَعتبرُ الميرزا أنّ وقوع
خسوف القمر وكسوف الشمس في شهر رمضان في حياته من أكبر الأدلة على صدقه، على أساس
أنّ ما حدث هو تحقق لنبوءة الخسوفين في رمضان التي وردت في كتاب الحديث سنن الدارقطنيّ،
هو عند الميرزا من الآيات السماوية التي يعتبرها من أكبر أدلة صدق المدعين.
وهذه النبوءة وردت في كتب أهل السنة والجماعة، في
كتاب سنن الدارقطنيّ، كما وردت نفس النبوءة ولكن بتفاصيل مختلفة في كتب الشيعة،
وسيكون بحثي إن شاء الله تعالى مركزًا فيما ورد في كتاب سنن الدارقطنيّ، لأنه من
الكتب المُسَلم والمُعترف والمَوثوق بها عند الميرزا وجماعته، وقد ربط الميرزا بين
الحديث المشار إليه وبين بعض الآيات من سورة القيامة، حيث يعتبر الميرزا الحديث
الشريف مُبيّنًا ومفسرًا للآيات القرآنية.
وهذا هو نص حديث الدارقطنيّ:
حدثنا أبو سعيد الأصطخري ثنا مُحَمَّد بن عبد
الله بن نوفل ثنا عبيد بن يعيش ثنا يونس بن بكير عن عمرو بن شِمْر عن جابر عن
مُحَمَّد بن علي([1])
قال إنّ لمهدينا آيتين لم تكونا منذ خلق السماوات والأرض تنكسف القمر لأول ليلة من
رمضان وتنكسف الشمس في النصف منه ولم تكونا منذ خلق الله السماوات والأرض([2])".
وهذه هي الآيات من سورة القيامة:
{لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا
أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2) أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ
عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (4) بَلْ يُرِيدُ
الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (5) يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (6)
فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَجُمِعَ الشَّمْسُ
وَالْقَمَرُ (9) يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10)
كَلَّا لَا وَزَرَ (11) إلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12) يُنَبَّأُ
الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13) بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى
نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} (15)}.
الرد على كذب الميرزا في
اعتباره أن نبوءة الدارقطنيّ تثبت صدق دعواه
أولا: لم يذكر الميرزا غلام على الإطلاق واقعة
الخسوفين من قبل حدوثها؛ باعتبارها نبوءة حتمية الوقوع.
يعتقد الميرزا أنه في حال تحقق نبوءة غيبية
مستقبلية واردة في حديث يعتقد البعض بضعفه، فلا يصح استمرار القول بضعف هذا
الحديث، ولا يكون صاحب النبوءة إلا نبيّ، اعتمادًا على الآية {عَالِمُ الْغَيْبِ
فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ
فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا}([3])
بدأت واقعة الخسوفين في شهر مارس من سنة 1894م،
في شهر رمضان كما جاء في مقدمة الناشر لكتاب (نور الحق) 1894م صفحة حرف (ج)، ولو
كان عند الميرزا يقين بأنّ حديث الدارقطنيّ صحيحًا، وأنّ نبوءة الخسوفين سوف تحدث
حتمًا، فيعرف الناس أنّ الميرزا هو المهديّ المنتظر؛ لكان أعلنها وتحدى بها كل
العالم، سواءً من المسلمين أو من غيرهم من الهندوس والنصارى، ولكن الميرزا كان
يعتقد جازمًا أنّ حديث الدارقطنيّ حديثًا ضعيفًا أو حتى موضوعًا، وعلى العموم
فإنني لم أجد في كتب الميرزا المنشورة في الموقع الرسمي للأحمديين أي ذكر لهذه
الواقعة قبل وقوعها سنة 1894م، وهذه قائمة ببعض الكتب التي ذكر فيها الميرزا واقعة
الخسوفين مع ذكر سنة النشر:
كتاب (نور الحق) مارس 1894 صفحة حرف (ج) بمقدمة
الناشر، بعد واقعة الخسوفين.
كتاب (الإعلانات) ج1 نوفمبر 1894 أي بعد كتاب (نور الحق) بشهور.
كتاب (الملفوظات) ج 1 صفحة 129 بتاريخ
30/12/1897.
كتاب (الملفوظات) ج 1 صفحة 45 بتاريخ 25/12/1897.
كتاب (التحفة الجولروية) 1900 صفحة 107، وهناك
كتب أخرى مثل (عاقبة آتهم) 1896م و(حقيقة الوحي) 1905م جاء فيها ذكر الخسوفين.
لم يكن الميرزا يعتبر نبوءة الخسوفين سوف تتحقق
حتمًا بسبب ضعف الحديث، وأنه لو أعلن عن هذه النبوءة ثم لم تتحقق، فسوف يؤدي هذا
إلى خسارة كبيرة له، وحينما كان يتكلم الميرزا عن التوقعات أو النبوءات التي يتصور
أنه يستطيع تحقيقها بشكل أو بآخر، كان يذكرها في الكثير من كتبه على مدى سنوات
عديدة، ومن أهم تلك النبوءات ما أعلنه الميرزا في كتاب (التبليغ) 1892م صفحة 136،
وكتاب (تحفة بغداد) 1893م صفحة 32، وكتاب (حمامة البشرى) 1894م صفحة 55 أنّ من
علامات كونه المسيح الموعود، أنّه سيتزوج زواجًا ثالثًا كآية من ربه يلاش العاج،
وسيكون له من هذا الزواج ابنًا موعودًا وليس كبقية الأبناء عند النّاس، وهو ما
سماه الميرزا بالمصلح الموعود.
محاولات الميرزا غلام لإثبات أنه ذكر نبوءة
الخسوفين من قبل حدوثها.
يعلم الميرزا جيدًا أنّ عدم ذكره المسبق لنبوءة
الخسوفين من قبل وقوعهما يجهض اعتبار هذه النبوءة من أدلة صدقه، ولذلك ذكر الميرزا
كثيرًا أنه ذكر هذه النبوءة من قبل في كتاب (البراهين الأحمدية) الجزء الرابع،
وسأكتفي بذكر إلهامين من يلاش العاج للميرزا، وقد اعتبرهما الميرزا أنهما يثبتان
ذكره لنبوءة الخسوفين قبل حدوثهما.
1-
ينقل ناشروا كتاب (الملفوظات) النص التالي: "ثم استفسر
السيد عرب عن الكسوف والخسوف في رمضان هل هو مذكور في كتبك أم لا؟ فقال - عليه
السلام -: كانت هذه آية مذكورة منذ القِدم وقد تحققت الآن، وقد ورد ذكرها في
البراهين الأحمدية على سبيل الاستعارة. لقد تلقيت: "وإن يروا آية يعرضوا
ويقولوا سحر مستمر"، إلهاما أيضا، وقد ذهب بعض المحدثين أيضا إلى أن شق القمر
كان نوع من الخسوف. (قال المولوي محمد أحسن الأمروهي أن عبد الله بن عباس كان
يعتنق هذا المذهب) و هذا ما يقوله الشاه عبدالعزيز وأنا أيضا أعتنق المذهب نفسه
بأنه كان نوعُ خسوفٍ لأن كبار العلماء ذهبوا لقول ذلك"([4])
التعليق:
أولا: يريد الميرزا أن يقول إنّ ذكر خسوف القمر الذي حدث في زمنه قد
ذكره القرآن الكريم حينما قال بانشقاق القمر([5])،
أي أنّ القرآن الكريم تنبأ بالخسوفين في زمن الميرزا، وأيضًا كرر الميرزا كثيرًا
في كتبه أنّ الإلهام "وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ
مُسْتَمِرٌّ" من ربه يلاش العاج، هو ما ذكره في كتابه (البراهين الاحمدية)
لاثبات أنه قد ذكر نبوءة الخسوفين قبل حدوثها.
ثانيا: قول الميرزا "وقد ورد ذكرها في البراهين الأحمدية على
سبيل الاستعارة"، يجهض اعتباره أنّ نبوءة الخسوفين قد ذكرها في كتابه
(البراهين الأحمدية)، لأنّ كل دجال يستطيع أن يؤلف نصوصًا بأحداث عامة تحتمل
إسقاطها على الكثير من الأحداث، ثم باستخدام الاستعارة والمجاز يمكن له أن يجعلها
تناسب أي موقفٍ لاحقٍ، فيقول إنه قد تنبأ بنبوءة وقد تحققت.
ثالثا: قام الميرزا بالفعل باسقاط هذا الإلهام على موقف آخر غير
الخسوفين، فقد ذكر أنّ زواجه المستقبليّ الذي قدره له يلاش العاج من السيدة محمدي
بيجم، هو آية من ربه، وأنه سيتحقق لا محالة، وذكر هذا الإلهام بعد الوعود المتكررة
من يلاش العاج، ليدلل على أنّ الآية المذكورة في الإلهام "وإن يروا آية
يعرضوا ويقولوا سحر مستمر" هي ما سيحدث يقينًا كآية تثبت صدق الميرزا غلام.
2-
الإلهام الآخر الذي سرده الميرزا في كتابه (البراهين الأحمدية)
الجزء الرابع، واعتبره لاحقًا بعد حدوث الخسوفين دليلًا، أنه تنبأ بحادثة الخسوفين
من قبل حدوثهما؛ هو "قل عندي شهادة من الله فهل أنتم مؤمنون؟ قل عندي شهادة
من الله فهل أنتم مسلمون؟".
التعليق:
سنجد في الجدول التالي كمية الاختلافات في كلام
الميرزا بخصوص ما تعنيه الشهادة الأولى، وبالنسبة للشهادة الثانية فهي أيضًا تخص
الخسوفين وغير الخسوفين، مما يؤكد شدة الاضطراب في رأس الميرزا ومحاولاته البائسة
لإلباس النصوص العامة – كما قلت من قبل- لباس الاستعارة والمجاز، والتخصيص من غير
مخصصٍ معتبر، لتناسب بحسب الاحتياج المؤقت مواقفًا يستفيد منها بالكذب والزور
لإثبات صدق ادعائه.
سنة نشر الكتاب |
اسم الكتاب |
الشهادة الأولى |
الشهادة
الثانية |
1897 |
السراج المنير |
الخسوفين |
هلاك
آتهم |
1900 |
الأربعين |
الكسوف |
الخسوف |
1902 |
التحفة الجولروية |
الكسوف |
الخسوف |
1902 |
دافع الوسواس |
الخسوفين |
الطاعون |
ملحوظة:
النصوص بخصوص محاولات الميرزا غلام القادياني لإثبات أنه
تنبأ قبل وقوع الخسوفين كثيرة، وقد أجبت عليها بفضل الله تعالى، وإن شاء الله
تعالى سوف أذكرها لاحقًا، والله المستعان.
يدعي الميرزا أّنّ الحديث صحيح لعدة أسباب منها
أنه لا يُعقل أن يروي الدارقطنيّ حديثًا ضعيفًا مكذوبًا في كتابه، وأنه من التشهير
والإساءة للرواة الادعاء أنهم ضعفاء من غير دليل، وتشهير أيضًا بالدارقطنيّ أنه
يروي عن الضعفاء في كتابه.
1-
شهد الميرزا بنفسه
في الكثير من كتبه بضعف أو وضع أو جرح كل أحاديث المهدي، ولم يستثني منها إلا
حديثًا في ابن ماجة([6]).
·
في الحديث
رقم 1341 – "حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ عِيسَى الْكَاتِبُ مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ، نا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَكَمِ
بْنِ مُسْلِمٍ الْحِيرِيُّ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْخَزَّازُ، ثنا عَمْرُو
بْنُ شِمْر، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: سَمِعْتُ مَسْرُوقَ بْنَ
الْأَجْدَعِ، يَقُولُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ إِلَّا بِطَهُورٍ
وَبِالصَّلَاةِ عَلَيَّ». عَمْرُو بْنُ شِمْر وَجَابِرٌ ضَعِيفَانِ".
·
في الحديث
1485 – "حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُبَشِّرٍ، ثنا
مُحَمَّد بْنُ حَرْبٍ، ثنا مُحَمَّد بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ
جَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «لَا يَؤُمَّنَّ أَحَدٌ بَعْدِي جَالِسًا». لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُ
جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَالْحَدِيثُ
مُرْسَلٌ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ".
·
في الحديث
رقم 1699 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَزَّازُ أَبُو بَكْرٍ، ثنا
جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّد بْنِ الْفَضْلِ الرَّسْعَنِيُّ، ثنا مُحَمَّد بْنُ
الصَّلْتِ، ثنا عَمْرُو بْنُ شِمْر، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ
عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، أَنَّهُمَا صَلَّيَا خَلْفَ النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ “فَقَنَتَ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ".
وفي الحاشية يقول المحقق: 1699: قوله : «حدثنا
عمرو بن شِمْر، عن جابر أما عمرو بن شِمْر: فقال ابن حبان، رافضي يشتم الصحابة،
ويروي الموضوعات عن الثقات، وقال البخاري : منكر الحديث، وقال
الجوزجاني : كذاب، وأما شيخه جابر الجعفي فهو ضعيف أيضًا لا يُحتج بمثله.
·
وفي الحديث
1733 - ثنا مُحَمَّد بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ زَكَرِيَّا الْمُحَارِبِيُّ
الْكُوفِيُّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّد بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، ثنا سَعِيدُ
بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شِمْر، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي
الطُّفَيْلِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ،
أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
يَجْهَرُ فِي الْمَكْتُوبَاتِ بِـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فِي
فَاتِحَةِ الْقُرْآنِ، وَيَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَالْوِتْرِ، وَيُكَبِّرُ
فِي دُبُرِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ غَدَاةَ
عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ آخِرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَوْمَ دَفْعَةِ
النَّاسِ الْعُظْمَى".
وفي الحاشية يقول المحقق: 1733 قوله : «عمرو بن
شِمْر، عن جابر» قال ابن القطان : جابر الجُعفي سيئ الحال، وعمرو بن شِمْر أسوأ
حالاً منه، بل هو من الهالكين، قــال السعديّ : عمرو بن شِمْر زائغ كذاب،
وقال الفلاس : واهٍـ، وقال البخاري وأبو حاتم : منكر الحديث، زاد
أبو حاتم : وكان رافضياً يسب الصحابة، روى في فضائل أهل البيت
أحاديث موضوعة فلا ينبغي أن يعلل الحديث إلا بعمرو بن شِمْر مع أنه قد اختلف
عليه فيه...".
·
في الحديث
1795 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ، ثنا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ نَوْفَلٍ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ،
عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْر، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ مُحَمَّد بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ:
«إِنَّ لَمَهْدِيِّنَا آيَتَيْنِ لَمْ تَكُونَا مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، يَنْخَسِفُ الْقَمَرُ لَأَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ
رَمَضَانَ، وَتَنْكَسِفُ الشَّمْسُ فِي النِّصْفِ مِنْهُ، وَلَمْ تَكُونَا مُنْذُ
خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ".
وفي الحاشية يقول المحقق: هذا الحديث لم يرد
في الأصول وألحق في هامش (غ) بعلامة «صح» وكتب بعده ما نصه : «في الأصل بخط
الحافظ ابن الأنماطي هنا» ثم كتب جملة أخرى نصها : «ليس من السماع ولا الرواية
من الطريقين وليس في نسخة الدمياطي، وهذا أثر باطل، عمرو بن شِمْر قال
ابن حبان : رافضي يشتم الصحابة، ويروي الموضوعات عن الثقات، وجابر وهو ابن يزيد
الجُعفي ضعيف رافضي".
4- رأي المحقق في كتاب (سنن الدارقطنيّ): "منهج الدارقطنيّ في تصنيف كتابه:
"لم يكن الدارقطنيّ - رحمه الله - في كتابه
هذا ليجمع الأحاديث هكذا كيفما اتفق، ولكنه كان يُورِدُ منها ما انبنى عليه خلاف
فقهي، يورده ويتكلم فيه، وكان غالب ما يذكره منها الضعيف والشاذ، ويُعقبه
بنقده وبيان سبب ضعفه وعلته، فهو أقرب لأن يكون كتاب علل مرتباً على نسق السنن،
ويظهر أنّ الدارقطنيّ أراد من كتابه هذا بيان درجة الأحاديث التي تتعلق بالمسائل
الفقهية، وأنها لا تصلح للاحتجاج، وما ورد في كتابه هذا من الأحاديث الصحيحة؛ فهو
يذكرها لأنها تخالف الأحاديث التي ضعفها، فهو يستدل بها لتضعيف ما ضعفه، لا
للاحتجاج بها، وربما يرجع ذلك - فيما نظن والله أعلم - أنه رأى أن من الضروري أن
يخرج عن النمط الذي كان سائداً قبله من إيراد الأحاديث التي تختص بالأحكام دون
الاعتناء ببيان الضعيف منها لتُجْتَنَبَ، وهو أمر تجدر العناية به أكثر من غيره،
لأن الحديث الضعيف لا يؤخذ به في الأحكام الشرعية أما سُنَن الدارقطنيّ، فهو يختلف
عن المنهج الذي اتبعه أصحاب السنن في كتبهم، بل هو على العكس من ذلك، فإن موضوع
كتابه جمع الأحاديث الضعيفة والموضوعة والمضطربة والمعلة، مرتبة على الأبواب
الفقهية، مع بيان عللها واختلاف طرقها وألفاظها وإيراد الموقوفات والمقطوعات
من فتاوى وغيرها، وهي كثيرة جداً، وما خرج عن هذا القصد من إيراد حديث صحيح أو
حسن، أو الحكم على حديث ما بأنه كذلك إنما جاء تبعاً، ولم يأت قصداً، وهو أمر لم
تخل منه مؤلفات العلل في الحديث ونحوها".
ويكمل المحقق: "قال
شيخ الإسلام ابن تيمية عن كتاب (السنن للدارقطنيّ): قصد به غرائب السنن،
ولهذا يروي فيه من الضعيف والموضوع، مالا يرويه غيره، وقد اتفق أهل العلم
بالحديث على أن مجرد العزو إليه لا يبيح الاعتماد عليه. وقال في موضع آخر : والدارقطنيّ
صنف «سننه» لـيـذكــر فـيـهـا غـرائب «السنن»، وهو في الغالب يبين حال ما رواه،
وهو من أعلم الناس بذلك. وقال الزيلعي : يروي في (سننه) غرائب الحديث. وقال أيضًا
عن ( السنن): هي مجمع الأحاديث المعلولة، ومنبع الأحاديث الغريبة".
5- رأي الإمام (مسلم)
والإمام (الترمذيّ) في الراوييّن عمرو بن شِمْر وجابر الجُعفي.
وقد خصصت في هذه الفقرة راي الإمام (مسلم)
والإمام (الترمذي)، لأنهما من أصحاب الكتب التي يقر الميرزا وجماعته بأنها من
الكتب المُسَلم بها عندهم.
·
يقول
(الترمذي) في سننه إنّ أهل العلم ضعفوا جابر الجعفي: في الحديث 206 حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ حُمَيْدٍ
الرَّازِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
حَمْزَةَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النبيّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَذَّنَ سَبْعَ سِنِينَ مُحْتَسِبًا
كُتِبَتْ لَهُ بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ». [تعليق: ص: 401] وَفِي البَابِ عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ، وَثَوْبَانَ، وَمُعَاوِيَةَ، وَأَنَسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ،
وَأَبِي سَعِيدٍ. حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَأَبُو تُمَيْلَةَ
اسْمُهُ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، وَأَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ اسْمُهُ مُحَمَّد
بْنُ مَيْمُونٍ، وَجَابِرُ بْنُ يَزِيدَ الجُعْفِيُّ ضَعَّفُوهُ، تَرَكَهُ
يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. سَمِعْت الجَارُودَ،
يَقُولُ: سَمِعْتُ وَكِيعًا يَقُولُ: «لَوْلَا جَابِرٌ الجُعْفِيُّ لَكَانَ أَهْلُ
الكُوفَةِ بِغَيْرِ حَدِيثٍ، وَلَوْلَا حَمَّادٌ لَكَانَ أَهْلُ الكُوفَةِ
بِغَيْرِ فِقْهٍ.
·
وفي صحيح
مسلم: بَابُ الْكَشْفِ عَنْ مَعَايِبِ رُوَاةِ الْحَدِيثِ وَنَقَلَةِ الْأَخْبَارِ
وَقَوْلُ الْأَئِمَّةِ فِي ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّد بْنُ
عَمْرٍو الرَّازِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ جَرِيرًا، يَقُولُ: «لَقِيتُ جَابِرَ بْنَ
يَزِيدَ الْجُعْفِيَّ فَلَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ، كَانَ يُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ»،
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا
مِسْعَرٌ، قَالَ: «حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ، قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ مَا
أَحْدَثَ»، وحَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ،
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: «كَانَ النَّاسُ يَحْمِلُونَ عَنْ جَابِرٍ قَبْلَ
أَنْ يُظْهِرَ مَا أَظْهَرَ، فَلَمَّا أَظْهَرَ مَا أَظْهَرَ اتَّهَمَهُ
النَّاسُ فِي حَدِيثِهِ، وَتَرَكَهُ بَعْضُ النَّاسِ»، فَقِيلَ لَهُ:
وَمَا أَظْهَرَ؟ قَالَ: «الْإِيمَانَ بِالرَّجْعَةِ»، وحَدَّثَنَا حَسَنٌ
الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ،
وَأَخُوهُ، أَنَّهُمَا سَمِعَا الْجَرَّاحَ بْنَ مَلِيحٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ
جَابِرًا يَقُولُ: «عِنْدِي سَبْعُونَ أَلْفَ حَدِيثٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ
النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهَا»، وحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ
الشَّاعِرِ، حَدَّثَنَا أحمد بْنُ يُونُسَ، قَالَ: سَمِعْتُ زُهَيْرًا، يَقُولُ:
قَالَ جَابِرٌ - أَوْ سَمِعْتُ جَابِرًا - يَقُولُ: «إِنَّ عِنْدِي لَخَمْسِينَ
أَلْفَ حَدِيثٍ، مَا حَدَّثْتُ مِنْهَا بِشَيْءٍ»، قَالَ: ثُمَّ حَدَّثَ يَوْمًا
بِحَدِيثٍ، فَقَالَ: «هَذَا مِنَ الْخَمْسِينَ أَلْفًا»، وحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ
بْنُ خَالِدٍ الْيَشْكُرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْوَلِيدِ، يَقُولُ:
سَمِعْتُ سَلَّامَ بْنَ أَبِي مُطِيعٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ جَابِرًا الْجُعْفِيَّ،
يَقُولُ: «عِنْدِي خَمْسُونَ أَلْفَ حَدِيثٍ عَنِ النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ»، وحَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ،
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا سَأَلَ جَابِرًا عَنْ قَوْلِهِ
عَزَّ وَجَلَّ [تعليق: ص: 21]: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي
أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} [تعليق: يوسف: 80]،
فَقَالَ جَابِرٌ: «لَمْ يَجِئْ تَأْوِيلُ هَذِهِ»، قَالَ سُفْيَانُ: وَكَذَبَ،
فَقُلْنَا لِسُفْيَانَ: وَمَا أَرَادَ بِهَذَا؟ فَقَالَ: إِنَّ الرَّافِضَةَ
تَقُولُ: إِنَّ عَلِيًّا فِي السَّحَابِ، فَلَا نَخْرُجُ مَعَ مَنْ خَرَجَ مِنْ
وَلَدِهِ حَتَّى يُنَادِيَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ يُرِيدُ عَلِيًّا أَنَّهُ
يُنَادِي اخْرُجُوا مَعَ فُلَانٍ، يَقُولُ جَابِرٌ: «فَذَا تَأْوِيلُ هَذِهِ
الْآيَةِ، وَكَذَبَ، كَانَتْ فِي إِخْوَةِ يُوسُفَ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، وحَدَّثَنِي سَلَمَةُ، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ،
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: «سَمِعْتُ جَابِرًا، يُحَدِّثُ بِنَحْوٍ مِنْ
ثَلَاثِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ، مَا أَسْتَحِلُّ أَنْ أَذْكُرَ مِنْهَا شَيْئًا،
وَأَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا".
6-
وهذا مختصر
لتوصيف علماء الحديث والفقه في عمرو بن شِمْر وجابر الجُعفي، كما لا أنكرُ أنّ
البعض القليل بالنسبة لبقية رجال الجرح والتعديل مثل شعبة وسفيان الثوري قاموا
بتوثيقهما، وسوف أضع هذا المختصر في الحاشية لمن أراد النظر فيه([7]).
7-
رأي بعض علماء
الجرح والتعديل الشيعة كما جاء في مقالٍ لأستاذي (فؤاد العطار)([8](.
يقول: "فالراويان
عمرو بن شِمْر وجابر الجُعفي شيعيان. والأثر نفسه مذكور في بعض كتب الشيعة.، لكن
علماء الشيعة ضعفوا هذا الأثر أيضًا لأن راويه عمرو بن شِمْر متهم بالوضع عند
الشيعة أنفسهم. وهذه بعض أقوال علماء الشيعة الإمامية فيه:
قال الحلـّي في خلاصته: عمرو بن شِمْر روى عن أبي
عبد الله وعن جابر وهو ضعيف جدًا، زاد أحاديث في كتب جابر بن يزيد الجُعفي، ينسب
إليه بعضها، فالأمر ملتبس، فلا أعتمد على شيء مما يرويه، وقال النجاشي: عمرو بن
شِمْر، أبو عبد الله الجُعفي عربي، روى عن أبي عبد الله ضعيف جدا زاد أحاديث في
كتب جابر الجُعفي ينسب بعضها إليه، وأما الراوي الشيعي الآخر جابر بن يزيد الجُعفي
الكوفي فقد وثقه بعض علماء الشيعة، لكن البعض الآخر ضعفه لاختلاطه، وهذه أقوال بعض
علماء الشيعة فيه: في خلاصة العلامة: جابر بن يزيد روى الكشي فيه مدحا وبعض الذم
والطريقان ضعيفان ذكرناهما في الكتاب الكبير.- وقال ابن الغضايري، إن جابر بن يزيد
الجُعفي الكوفي ثقة في نفسه، ولكن جل من روى عنه ضعيف، فممن أكثر عنه من الضعفاء
عمرو بن شِمْر الجُعفي ومفضل بن صالح والسكوني ومنخل بن جميل الأسدي. وأرى الترك
لما روى هؤلاء عنه والوقف في الباقي إلا ما خرج شاهدا.- وقال النجاشي: جابر بن
يزيد الجُعفي لقي أبا جعفر وأبا عبد الله ومات في أيامه سنة ثمان وعشرين ومائة،
وكان نفسه مختلطا، وكان شيخنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن النعمان ينشدنا أشعارا
كثيرة في معناه تدل على الاختلاط ليس هذا موضعا لذكرها والأقوى عندي التوقف فيما
يرويه هؤلاء".
وبعد ذكر كلام علماء الجرح والتعديل كما رأينا من
آراء لأهل السنة وبخاصة رأي الدارقطنيّ نفسه، ورأي علماء الشيعة في عمرو بن شِمْر
وجابر الجُعفي، ألا يكفي كل هذا للميرزا وأتباعه لترك حديث الدارقطنيّ، ألا يدل كل
ذلك على أنّ أدلة عقيدة الطائفة الأحمدية القاديانية أقل من أن تكون حتى ظنية!!!
وقد ذكر الميرزا أنّ بعض علماء الحديث وَثَقّوا
جابر مثل شعبة ووكيع والثوري، ووثقه بعض علماء الشيعة، لكن كما رأينا فإنّ
الأغلبية ضعفته لاختلاطه، فهل يُقْبل منه هذا الحديث!
وردًا على مسألة توثيق بعض العلماء لبعض الرواة
مخالفين في ذلك لغيره، أنقل رأي (ابن خلدون)([9]) كما
في (تاريخ ابن خلدون) الجزء (1) يقول "إلا أنّ المعروف عند أهل الحديث أنّ
الجرح مقدم على التعديل فإذا وجدنا طعناً في بعض رجال الأسانيد بغفلة
أو بسوء حفظ أو ضعف أو سوء رأي تطرق ذلك إلى صحة الحديث وأوهن منها، ولا تقولن مثل
ذلك ربما يتطرق إلى رجال الصحيحين، فإنّ الإجماع قد اتصل في الأمة على تلقيهما
بالقول والعمل بما فيهما وفي الإجماع أعظم حماية وأحسن دفعاً وليس غير الصحيحين
بمثابتهما في ذلك فقد تجد مجالًا للكلام في أسانيدها بما نقل عن أئمة الحديث
في ذلك".
أي أنّ ترك مرويات من ضعفه الجمهور من الثقات
أوْلى لصحة دين المُسلم.
ما هو رأي الميرزا في (الواقديّ)، وهو وأحد رواة
كتاب سنن الدارقطنيّ؟
يقول الميرزا في كتابه (نور الحق) 1894م صفحة 149
بالحاشية: "ومن أوهامهم الواهية أن كسوف الشمس قبل أيامها المقررة وأوقاتها
المقدّرة ليس ببعيد من الله خالق السماوات والأرضين. وقالوا إن إبراهيم ابنَ رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - مات يوم العاشر من الشهر، وعند ذلك كُسفت الشمس بإذن
الله الرحمن، فكيف لا تنكسف في آخر الزمان بإذن رب العالمين؟ ولا يعلمون أن هذا
القول ليس بصحيح، بل هو من نوع كذب صريح، ومن كلمات المفترين. وذكَر ابن تيميّة أن
هذا القول عن الواقدي فهو باطل بجميع ما فيه، فإن الواقدي ليس بحجة بالإجماع إذا
أسند ما ينقله، فكيف إذا كان مقطوعا؟، وقول القائل إن الشمس كُسفت يوم
العاشر بمنزلة قوله طلَع الهلال في عشرين...".
كما رأينا الميرزا يقول إنّ الواقدي ليس بحجة،
وأنّ كلامه ليس بصحيح، وكلامه نوع كذب صريح، وكلامه من كلام المفترين، وهو أحد
رواة الدارقطنيّ، لأنّ رأي الواقديّ مخالفٌ لرأي الميرزا، بسبب أنّ الواقديّ أحد
رواة حديث يقول إنّ واقعة كسوف الشمس التي حدثت عندما مات إبراهيم ابن سيدنا
مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم قد وقعت بحسب الرواية في اليوم العاشر، وهذا بالقطع
يخالف رأي الميرزا حيث يقرر أنه لا يصح أن يقع كسوف في غير الأيام المقررة علميًا،
أي في آخر الشهر الهجري، فكان لا بد أن يأخذ الميرزا موقفًا شديدًا من الواقديّ
راو هذا الحديث، وأتى بكلام لشيخ الإسلام ابن تيمية ليؤكد رأيه في الواقديّ، ومع
العلم فإنّ الدارقطنيّ قد روى عن الواقدي – كما سنرى- أكثر مما روى عن عمرو بن
شِمْر وعن جابر الجُعفي، وقد رأينا الميرزا ينكر القول بتضعيف الحديث بسبب
الراويين عمرو بن شِمْر وجابر الجُعفي لاستحالة أن يدخل الدارقطنيّ في كتابه
روايات عن الضعفاء والكذابين، وكما رأينا فإنّ الميرزا يرى أنه من يكذّب الراويين
عمرو بن شِمْر وجابر الجُعفي فإنه يتهم الدارقطنيّ بالفساد، مع أنّ الدارقطنيّ
نفسه قال بتضعيفهما أكثر من مرة، وها هو الميرزا يقول بكذب وافتراء (الواقدي) وهو أيضًا
من رواة الدارقطنيّ، وليس هذا فقط، بل الدارقطنيّ وصف الواقدي بالضعف أيضًا كما
وصف عمرو بن شِمْر وجابر الجُعفي بالضعف([10])،
فهم مستوون في نظر الدارقطنيّ في الضعف، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،
فإنّ الميرزا عندما لا تعجبه رواية الواقديّ عن موعد كسوف الشمس وقت موت ابن سيدنا
مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ينهال على الواقديّ بالتجريح، واستدل بكلام ابن تيمية
أنّ الواقدي ليس بحجة، بينما لمّا أحب رواية عمرو بن شِمْر وجابر الجُعفي، رفض
الادعاء بضعفهما، وقد رأينا أيضًا رأي شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب سنن الدارقطنيّ،
أليس هذا من الميرزا وأتباعه كيل بمكياليّن؟ أليس هذا هو عبادة الهوى!!!، ألم يقل
الله تعالى {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ
عَلَيْهِ وَكِيلًا}([11])
ثالثا: الرد على الادعاء أنّ حديث الدارقطنيّ متصل صحيح مرفوع.
لم يكتفِ الميرزا بادعائه صحة الحديث، بل قال إنه
حديث متصل صحيح مرفوع، أي أنّ صاحب متن الحديث هو سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه
وسلم وليس لمُحَمَّد بن علي ، وذلك لعدة أسباب وهي:
1-
يرى الميرزا
أنّ النبوءة قد تحققت بالفعل في مواعيدها المقررة والمحددة كما جاءت في الحديث،
وأنّ التعبير "تنكسف القمر" يدل على أنّ المقصود هو الانخساف أو
الانكساف المعتاد للقمر أي الذي يحدث أحيانًا في الليالي القمرية (12 و13 و14)،
وهو الخسوف الذي جاء ذكره في سورة القيامة، ولا يكون المقصود من ذلك الخسوف
المذكور في الدارقطنيّ أن ينخسف القمر في الليلة الأولى من الشهر القمري، ولو كان
المقصود بالليلة الأولى بالفعل لكان التعبير "ينكسف الهلال" وليس
"تنكسف القمر"، حيث أنّ القمر في أول ثلاث ليال من الشهر لا يسمّى
بالقمر، بل يسمّى بالهلال.
2-
ويرى الميرزا
أنه طالما تحققت النبوءة – بحسب زعمه-، فلا تكون هذه النبوءة الغيبية إلا من رسول
نبيّ، لأنّ الله تعالى خص الأنبياء فقط دون غيرهم بمعرفة الغيب كما هو مفهوم من
الآية {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ
ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ
رَصَدًا}([12])،
أي أنّ مُحَمَّدًا علي الباقر – كما يدعي الميرزا - راو متن هذا الحديث قد رواه
نيابة عن سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم من غير التصريح بذلك، وأنّ هذا التصرف
من مُحَمَّد علي الباقر هو من عادة آل بيت سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم.
الرد على ما سبق:
أولًا: لو كان
الميرزا متيقنًا من قوله إنّ من عادة آل البيت أن ينقلوا كلام سيدنا مُحَمَّد صلى
الله عليه وسلم من غير التصريح بالنقل عنه، فيروون الحديث من غير العزو له صلى
الله عليه وسلم، لكان على الميرزا أن يكون واثقًا ومتيقنًا أنّ حديث الدارقطنيّ
صحيحًا، وأنّ النبوءة يقينًا سوف تتحقق، لأنّ قائلها من الأصل هو سيدنا مُحَمَّد
صلى الله عليه وسلم كما يدعي الميرزا، ولتحدى الميرزا غلام العالم بأسره بنشر هذه
النبوءة قبل وقوعها، ولكان استثنى حديث الدارقطنيّ مع حديث ابن ماجة من جملة
أحاديث المهديّ التي وصفها بأنها كلها ضعيفة أو مجروحة أو موضوعة([13])،
وبناء على كذب الميرزا غلام ودجله، فقد اعتبر حديث الدارقطنيّ ليس فقط صحيحًا،
ولكن أيضًا مرفوعًا، أي من كلام سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم نصًا.
وبالنسبة لما قاله الميرزا غلام أنّ تحقق النبوءة
يعني أنها بالفعل من كلام سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم، لأنّ علم الغيب لا
يكون من الله تعالى إلا للرسل الأنبياء، فقد ذكرتُ من قبل كثيرًا أنّ الميرزا أقر
في أكثر من كتاب له؛ مثل كتابه (حقيقة الوحي) 1905م في الباب الأول، أنّ البعض من
الهندوس والفاسقين والزناة يوحي إليهم الشيطان بالصدق، أي بنبوءات غيبية مستقبلية
وتتحقق بالفعل، وقد شاهد الميرزا تحقق بعض هذه النبوءات بنفسه، وأنّ هذا من
البُنية الدماغية لهم، وكما هو ثابت من كلام ابن الميرزا (البشير أحمد) مؤلف كتاب
(سيرة المهدي)، حيث قد نص على أنّ والدة([14])
وأخت([15])
الميرزا كانتا تسردان بعض النبوءات الغيبية وتتحقق، فإذا كان الأمر كذلك؛ فمسألة
اعتبار ثبوت تحقق النبوءات بأنها لا بد قد صدرت عن نبيّ هو أمر غير مقبول وباعتراف
الميرزا بنفسه، وإذا كان الشيطان يوحي بالصدق أي يُعرّف اتباعه نبوءات مستقبلية
وتتحقق، فمن أين عرف الشيطان هذا الغيب طالما - بناء على رأي الميرزا - لا يعلم
الغيب إلا الأنبياء!([16]).
ثانيًا: يقر الميرزا
بأنّ من المسلمين من يعرّفه الله تعالى الغيب، يقول الميرزا: "والآن أقول
لأتباع "برهمو" وغيرهم من المعاندين بأنّه لم يكن بلا دليل ما قلته بأنّ
الإلهام ينزل الآن أيضًا على الأفراد الكُمَّل من الأمة المُحَمَّدية، وهو خاص بهم
وحدهم ولا يوجد في غيرهم قط؛ فكما تكشف آلاف الحقائق بالتجربة، كذلك يمكن أن يتبين
ذلك أيضًا لكل طالب حق من خلال التجربة والاختبار، وإذا كان هناك باحث فإنني أتحمل
مسؤولية إثبات ذلك بشرط أن يعلِن أحد من أتباع (برهمو سماج) أو غيرهم من منكري
الإسلام وينشر وعده بأنه سيقبل الإسلام بصدق القلب كطالب حق ويرجع بالإخلاص وصدق
النية والطاعة"([17]).
وفي صفحة (279) يقول الميرزا: "أما الأنبياء
والأولياء فلا يُنبئون بالأمور الغيبية فقط كالمنجمين، بل يتنبأون بفضل الله
الكامل ورحمته العظيمة التي تحالفهم دائما بنبوءات عظيمة تلاحَظ فيها أنوار القبول
والمكرمة ساطعة مثل الشمس، وتحتوي على بشارات المكرمة والنصرة وليس على النحوسة
والنكبة...".
كما يقر الميرزا كثيرًا في كتبه بعلم سيدنا
الخَضِر بالغيب اليقينيّ، وكذلك السيدة مريم عليها السلام، وأم سيدنا موسى عليه
السلام.
ومثل ما سبق، ما ذكره وكرره الميرزا كثيرًا أنّ
(ابن عربي) الصوفيّ، قد تنبأ بنبوءات كثيرة، ويدعي الميرزا أنها تحققت فيه شخصيًا،
مثل أنّ المهديّ سيكون من الصين المغول.
إِذَنْ بناء على إقرار وتصديق الميرزا لنبوءة
(ابن عربي) مع ثبوت تحققها – كما يرى الميرزا – فلماذا لا تكون النبوءة في الدارقطنيّ
أيضًا جاءت من أحد المسلمين الكُمَّل وليست من كلام سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه
وسلم!!!
ثالثا: إنّ راوي
متن حديث الدارقطنيّ كما صرح الدارقطنيّ هو مُحَمَّد بن علي، ولم يصرح الدارقطنيّ
في الحديث مَنْ هو مُحَمَّد بن علي، هل هو مُحَمَّد بن علي الباقر، أم هو التابعيّ
مُحَمَّد بن الحنفية بن علي بن أبي طالب.
والفارق واضح: مُحَمَّد بن علي الباقر من آل
البيت، بينما مُحَمَّد بن علي بن الحنفية تابعيّ فقط، وبالتالي فمسألة عادة آل
البيت كما يدعي الميرزا في الرواية عن سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم من غير
التصريح، لا يمكن الاعتماد عليها لعدم معرفة من هو مُحَمَّد بن علي.
رابعا: الرد على الادعاء بأنّ القمر في الليالي الأولى منه لا يسمى قمرًا، بل
يسمى هلالًا.
يقول
الميرزا في إجابته على اعتراضٍ من معترضين: "الاعتراض الثاني للمعارضين أنّ
هذه النبوءة بحسب مفهوم كلماتها لم تتحقق؛ لأن القمر لم ينخسف في أول ليلة من
رمضان، بل كان ذلك في الليلة الثالثة عشر، كما أن الشمس أيضًا لم تنكسف في اليوم
الخامس عشر من رمضان، بل حصل ذلك في تاريخ 28، فجواب ذلك أن النبيّ - صلى الله
عليه وسلم - لم ينحت من عنده قاعدة جديدة لهذا الخسوف، بل قد تنبأ بتواريخ الخسوف
بحسب قانون الطبيعة الذي حدده الله للشمس والقمر منذ البدء، وقال بكلمات صريحة إن
كسوف الشمس سيحدث في منتصف أيام الكسوف. أما خسوف القمر فسيحدث في أولى الليالي
الثلاثة التي حددها الله - سبحانه وتعالى - للخسوف، وهذا ما حدث فعلا؛ لأن الخسوف
قد حصل بحسب الحديث في الليلة الثالثة عشر للقمر التي هي أولى ليالي خسوف القمر،
وإلا فإن خسوف القمر في أولى ليالي الشهر مستحيل بداهة، لدرجةِ أنه ليس لأحد كلام
فيه، وسببُ ذلك أنه لا يُطلق في اللغة العربية اسمُ القمر عليه إلا إذا كان عمره
أكثر من ثلاثة أيام، فهو لثلاثة أيام يسمى هلالا لا قمرا، وعند البعض يسمى هلالا
حتى سبعة أيام؛ فقد ورد في تعريف القمر في لسان العرب وغيره من المعاجم النص
التالي: "هو بعد ثلاث ليالٍ إلى آخر الشهر". فما دام القمر لا يسمى
بالقمر في الليلة الأولى ولا يتحقق فيه سبب التسمية بالقمر أي شدة البياض والنور،
فكيف يصح معنى خسوف القمر في الليلة الأولى؟"([18]).
ويقول
الميرزا: " ففي الليلة الأولى من طلوعه لا يسمَّى القمر قمرًا في لغة العرب،
بل يسمَّى هلالا إلى ثلاث ليال، بل إلى سبع ليال عند البعض"([19]).
التعليق:
أولًا: في الحقيقة
– كما سنرى- من كلام الميرزا فإنه ليس على الله سبحانه وتعالى فيما يخص الآيات
الإعجازية التي تثبت صحة ادعاء نبيّ الالتزام بالقواعد الطبيعية التي يتعارف عليها
الناس مثل أن يكون الخسوف والكسوف في أيام محددة معروفة.
يقول
الميرزا: "حريّ بالدين الحق أن تتوفر فيه حتما خاصيةٌ معجزةٌ لا توجد في
غيره، وكذلك الإنسان الصادق على وجه الحقيقة أيضًا بحاجة حتما إلى أن تحالفه بعض
التأييدات المعجزة التي لا يوجد نظيرها في غيره بأي حال لكيلا يُحرم من ثروة
القبول الإنسانُ ضعيف البنيان الذي يتعثّر بأدنى الشبهات. تفكّروا جيدا أنه ما
دامت حالة غفلة الناس وتوهماتهم هي أنهم يقعون لشقاوتهم في الشبهات على الرغم من
ظهور مئات الآيات من مبعوثي الله الصادقين، ولا يستفيدون من آلاف الآيات، بل
يتورطون في أنواع من سوء الظن، فماذا عسى تكون حالتهم إن لم يُعطَ المبعوث من الله
آية فارقة ومميِّزة، بل كان مداره على الزهد الزائف والرياء والعبادة الظاهرية
فقط، وبالإضافة إلى ذلك إذا تُرك بابُ الظنون السيئة مفتوحا؟ لذا فلم يُرد الله
الرحيم الكريم أن تهلك الدنيا بإنكارها دينا مقبولا أو عبدا مقبولا عنده. فقد
صدّق الله سبحانه وتعالى الدينَ الحق بآيات دائمة وأعطى عباده الصادقين آية فارقة
بأفعاله الخارقة للعادة. الحق أن الله تعالى لم يقصّر قط في تزويد الدين
المقبول وعباده المقبولين بالآيات، بل أظهرها ساطعة أكثر من الشمس في كبد السماء
وأبدى في تأييدهم أمورا لا يُسمَع ولا يُرى نظيرها في الدنيا"([20]).
ويقول
الميرزا: "صحيح أن الله تعالى غير متبدِّل من حيث ذاته وكذلك صفاته أيضًا غير
متبدلة، هذا لا يُنكره أحدٌ، ولكن من أحاط بأعماله إلى يومنا هذا أو حددها في
حدود؟ ومن يسعه القولُ بأنه وصل إلى منتهى قدراته اللامتناهية والعميقة جدا؟ بل
الحق إنّ قدراته غير محدودة وأعماله عجيبة لا شاطئ لها ولكنه يغيّر قانونه
أيضًا لعباده الخواص، ولكن هذا التغيير أيضًا داخل في قانونه"([21]).
ثانيًا: يقرر الميرزا
-كما رأينا- أنّه لا يسمى القمر هلالًا إلا في الليال الثلاث الأولى وما عداها لا
يسمى إلا قمرًا، والحقيقة خلاف ذلك كما سنرى من الأحاديث، ومن كتاب (لسان العرب)،
بل من كتب الميرزا غلام نفسه أيضًا:
في كتاب (لسان العرب) : "يسمى القمر لليلتين
من أَول الشهر هلالاً ولليلتين من آخره ليلة ست وعشرين وليلة سبع وعشرين
هلالاً".
كما رأينا؛ لقد تسمّى القمر في ليلة 26 وليلة 27
هلالًا، وسنرى استخدام علماء الحديث قديمًا كما في أحاديث تالية اسم القمر بدلًا
من الهلال في آخر الشهر.
في (سنن الدارقطنيّ) 2208 - حَدَّثَنَا أَبُو
مُحَمَّدِ بْنُ صَاعِدٍ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ الْكِنْدِيُّ
الصَّيْرَفِيُّ بِالْكُوفَةِ ، ثنا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ ، عَنْ يَزِيدَ
بْنِ أَبِي خَالِدٍ وَهُوَ الدَّالَانِيُّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ
أَبِي الْبَخْتَرِيِّ ، قَالَ: أَهْلَلْنَا هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ قَمَرًا
ضَخْمًا ، الْمُقِلُّ يَقُولُ لِلَيْلَتَيْنِ وَالْمُكْثِرَ يَقُولُ لِثَلَاثٍ ،
فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ لَقِينَا ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَأَلَهُ عَنْ يَوْمِ
التَّرْوِيَةِ فَعَدَّ لِي مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّا
أَهْلَلْنَا قَمَرًا ضَخْمًا ، فَقَالَ: «إِنَّ النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَمَدَّهُ إِلَى رُؤْيَتِهِ». هَذَا صَحِيحٌ وَمَا بَعْدَه"([22]).
وكما في (لسان العرب) قوله : وأَهْلَلْنا هِلال
شهر كذا واسْتَهْللناه أي رأَيناه، ولقد سُمّي هلال ذي الحجة قمرًا، ووصف بالقمر
الضخم أيضًا إمعانا في التأكيد.
وفي (ابن حبان) كتاب الصوم: "أخبرنا أبو
يعلى قال حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت عن مطرف عن
عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له ولرجل اصمت من سرر شعبان
شيئا قال لا فإذا أفطرت فصم يومين قال أبو حاتم قوله صلى الله عليه وسلم اصمت من
سرر هذا الشهر لفظه استخبار عن فعل مرادها الإعلام بنفي جواز استعمال ذلك الفعل
المستخبر عنه كالمنكر عليه لو فعله وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة أتسترين
الجدار لأراد به الإنكار عليها بلفظ الاستخبار وأمره صلى الله عليه وسلم بصوم يومين
من شوال أراد به أنها السرار وذلك أن الشهر إذا كان تسعا وعشرين يستتر القمر
يوما واحدا وإذا كان الشهر ثلاثين يستتر القمر يومين والوقت الذي خاطب صلى
الله عليه وسلم بهذا الخطاب يشبه أن يكون عدد شعبان كان ثلاثين من أجله أمر بصوم
يومين من شوال"([23]).
قوله "يستتر القمر" أي يختفي ولا يظهر،
وكما نرى قد تسمّى هلال يومين بالقمر.
وفي سنن (أبي داود) عن النعمان بن بشير :
"أنا أعلمُ الناسِ بوقتِ هذه الصلاةِ - صلاةِ العشاءِ الآخرةِ - كان رسولُ
اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يصلِّيها لسقوطِ القمرِ لثالثةٍ([24]).
يقصد بسقوط القمر ليلة الثالثة أي حينما يغرب
القمر أي كما يختفي في الليلة الثالثة في آخر الشهر القمري، وكما رأينا ذُكر
الهلال باسم القمر في آخر ثلاث ليال.
وهكذا يتضح أنّ قمر الليلتين الأخيرتين أو الثلاث
ليال الأخيرة يسمى أيضًا هلالًا كما في لسان العرب، بينما ذُكر الهلال في الحديث
باسم القمر، وهما ليلتا استتار الهلال، ولم يقل استتار الهلال، بل قال استتار
القمر، مما يؤكد أنّه من الممكن أن يذكر الاسم الجامع وهو القمر لأيٍّ من منازله
المتعددة([25])،
وما الهلال إلا أحد منازل القمر، فيجوز تسمية الهلال بالقمر، أي في الليال الأولى
أو الأخيرة كما رأينا، بينما لا يجوز تسمية القمر بالهلال في منازل أخرى غير منزل
الهلال.
نصوص الميرزا غلام التي ذكر فيها الهلال باسم
القمر.
يقول
الميرزا: "الحق أنه لو أدلى الله تعالى بنبوءة بهذه الصراحة لما بقي الإيمان
إيمانا. فمثلا إذا رأى المرء الهلال في أول ليلة من طلوعه وأخبر به الآخرين، لقيل
إنه حاد البصر، ولكنه لو رأى البدر في الليلة الرابعة عشرة، ونادى بين الناس بأني
قد رأيت القمر أفلا يضحكون عليه؟ هذا ما يحدث فيما يتعلق بمعرفة رسل الله
وأنبيائه. فالذين يعرفونهم بالقرائن القوية ويؤمنون بهم يُعدّون أول المؤمنين
وينالون المراتب والدرجات العلى، ولكن عندما يتجلى صدقهم كالشمس ويكتب لهم الرقي
والازدهار، فالذين يؤمنون بهم حينذاك يسمون عامة الناس." ([26]).
ويقول الميرزا: "فذلك العصر أيضًا حين بلغ
الفساد منتهاه قد اقتضى نزول نور من السماء، فذات النبيّ صلى الله عليه وسلم
المبارك كانت هي ذلك النور النازل في ذلك الزمن. فمن المسلم به أن الظلمة حين تبلغ
كمالها تجذب النور إليها. كما يغيب القمر في يومه التاسع والعشرين، حيث
يكون الليل مظلما جدا، فهو موعد لطلوع قمر جديد، لقد سمى الله له ذلك العصر
أيضًا ليلة القدر، كما قال إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (القدر :
2 ) وكذلك حين يبلغ النور الكمال يبدأ بالنقصان كما ترون القمر، وهذا الحال يستمر
إلى يوم القيامة..." ([27]).
نلاحظ في النص الأول قال الميرزا (بطلوع الهلال)،
بينما في النص الثاني قال الميرزا (موعد لطلوع قمر جديد)، وكان يقصد الهلال،
فالقمر الجديد أي في أول أيامه لا يسمى إلا بالهلال كما يدعي الميرزا.
ويقول الميرزا تحت العنوان "رؤية
الهلال": "الحق أن الله سبحانه وتعالى لتيسير أحكام الدين وتسهيلها قد
أخبر الناس بالطريق القويم والسديد، ولم يعرضهم عبثًا للأمور الدقيقة والمعقدة.
فمثلًا لم يأمرهم بخصوص بدء الصيام أن لا يثقوا بالرؤية مطلقًا وينبغي أن يغمضوا
العيون ما لم يتأكدوا من قواعد النجوم الظنية أن الشهر 29 يوما أو 30 فالواضح
أن الطلب من الناس أن يتمسكوا دوما بالحركات الدقيقة للنجوم يعدّ إزعاجا دون مبرر
وتكليفا لا يطاق. كما من الواضح أن في مثل هذه الحسابات تحدث أخطاء كثيرة. فالأمر
البسيط والمناسب لعامة الناس أن لا يبقى الناس محتاجين إلى المنجمين وعلماء
الهيئة، فليجعلوا مدار معرفة طلوع القمر على رؤيتهم، وإنما يجب أن يراعوا
علميًا أن لا يتجاوزوا الثلاثين. كما ينبغي أن تتذكروا أنّ الرؤية تفوق القياسات
الرياضية عند العقل، إذ أن فلاسفة أوروبا أيضًا حين وجدوا الرؤية أكثر ثقة، فببركة
هذه الفكرة الطيبة تمكنوا بتأييد القوة الباصرة من ابتكار أنواع الآلات مثل
المنظار والمجهر وبواسطة الرؤية فقط قد اكتشفوا خلال أيام قليلة الحقائق حول
الأجرام العلوية والسفلية التي لم يكتشفها الهندوس المساكين خلال آلاف السنين
بقياساتهم وتقديراتهم. أفرأيت كم تضم الرؤية من البركات!" ([28]).
مدار معرفة الشهر الجديد بطلوع الهلال، وليس
بطلوع القمر، فلولا جواز إطلاق اسم القمر على الهلال ما قال الميرزا ذلك.
من المعلوم أنه في حالة مناقشة أي أمر هام وبخاصة
الأمور الدينية، لا بد من معاينة كل الأقوال الواردة في الموضوع محل النقاش لنصل
إلى الرأي الصواب، فهل هناك روايات أخرى تذكر الخسوف والكسوف في رمضان كعلامة من
علامات المهديّ.
نعم، هناك روايات أخرى، وأنا هنا أنقل من مقال من
مقالات المهندس (فؤاد العطار)، حيث ذكر هذه الأحاديث وذكر مواضعها في الكتب، وحيث
أنّ الراوييّن عمرو بن شِمْر وجابر الجُعفي شيعيان، فسوف نرى الأحاديث في كتب
الشيعة التي ذكرت هذه الحادثة، وإذا تعلل اتباع الميرزا بأنه لا يجوز الاستدلال
بالأحاديث الواردة في كتب الشيعة، فالجواب إنّ الميرزا يستدل كثيرًا من كتب أهل
الكتاب التي وصفها الله تعالى بالمحرفة ، بل والميرزا أيضًا يصفها بالمحرفة.
يقول: "الحديث الأول: في كتاب
"الإيعاز" نجد الأثر التالي عن مُحَمَّد بن علي الباقر: "عن
ثعلبة الأزدي قال: قال أبو جعفر الباقر: آيتان تكونان قبل قيام القائم (المهدي):
كسوف الشمس في النصف من رمضان وخسوف القمر في آخره، قال: فقلت: يا ابن رسول الله،
تكسف الشمس في آخر الشهر والقمر في النصف، فقال أبو جعفر: أنا أعلم بما قلت: إنهما
آيتان لم تكونا منذ هبط آدم". وهذه الرواية مذكورة
أيضًا في الكتب التالية: الإرشاد للمفيد ج2 صفحة 374، غيبة النعماني صفحة 181،
إعلام الورى صفحة 429، غيبة الطوسي صفحة 270، بشارة الإسلام صفحة 96، يوم الخلاص
صفحة 516، تاريخ ما بعد الظهور صفحة 118، وهنا نلاحظ أنّ خسوف القمر ذكر أنّه في
آخر أيام رمضان وليس في أوله كما جاء في الدارقطنيّ. واستدراك السامع لمُحَمَّد
الباقر بأن خسوف القمر لا يكون إلا في منصف الشهر بينما كسوف الشمس لا يكون إلا في
آخر الشهر. وكان جواب مُحَمَّد الباقر: " أنا أعلم بما قلت: إنهما آيتان لم
تكونا منذ هبط آدم" وهذا يفيد أنّ هذين التوقيتين مقصودان ولا تأويل فيهما
وذلك لأنهما آيتان لم تكونا منذ هبط آدم".
الحديث الثاني:
ويتكرر نفس المعنى السابق أيضًا في هذه الرواية عن الباقر نفسه: "عن وردان
أخي الكميت عن أبي جعفر الباقر أنه قال: إن بين يدي هذا الأمر انكساف القمر لخمس
تبقى - والشمس لخمس عشر وذلك في شهر رمضان وعنده يسقط حساب المنجمين".
وهذه الرواية موجودة في الكتب التالية: غيبة النعماني صفحة 182، بشارة الإسلام
صفحة 97، تاريخ الغيبة الكبرى صفحة 479، يوم الخلاص صفحة 517.
وهنا لنا ملاحظات مهمة أيضًا:
أولًا: تأكيد أنّ
خسوف القمر في آخر الشهر وليس في أوله.
ثانيًا: ذكر أنّ
كسوف الشمس فيه لخمس عشر، وهنا ذكر التوقيت الدقيق لليوم الخامس عشر ولم يقل
المنصف، وبالتالي ينتفي تأويل الميرزا إنّه في منصف الأيام المخصوصة بالكسوف وهو
يوم 28 من الشهر. وقول مُحَمَّد الباقر: "وعنده يسقط حساب المنجمين"
يؤكد بما لا يحتمل أدنى شك أنّ التوقيت المذكور في الحديث يخالف التوقيتات
المعروفة لدى المنجمين أي يقصد علماء الفلك، وأنه لا تأويل في الحديث، لأن سقوط
حساب علماء الفلك معناه أنّ المواقيت التي في الحديث حقيقية ولا تأويل فيه، ومما
سبق من التضاربات والتناقضات والاختلافات في الأحاديث الواردة في شأن علامتي
الخسوف والكسوف في رمضان يؤكد ضعف هذه الروايات وكان من الأولى تركها كلها كما ترك
الميرزا أحديث المهدي بدعوى ضعفها وعدم ذكرها في الصحيحين وتناقضها". انتهى
النقل من مقال المهندس فؤاد العطار.
سادسا: الرد على الادعاء أن الخسوف في حديث الدارقطنيّ هو المقصود من خسوف
القمر في سورة القيامة.
يستمر الميرزا في تدليسه وكذبه في قوله بصحة حديث
الدارقطنيّ، وتحقق النبوءة، حيث جعل الخسوف الذي حدث في رمضان في حديث الدارقطنيّ
هو المقصود بالخسوف المذكور في سورة القيامة؛ {وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَجُمِعَ
الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ}، وأنه لا يُقصد بالخسوف في سورة القيامة ما سوف يحدث للقمر
قبل يوم القيامة، ثم جعل الميرزا جمع الشمس والقمر في الآيات أنه هو حدوث الخسوف
والكسوف معًا في شهر واحد، أي أنّ الميرزا قام بعزل الآيتين {وَخَسَفَ الْقَمَرُ
(8) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} من سياقهما، أي من الآيات السابقة لهما
والآيات اللاحقة والتي تتكلم جميعها على علامات يوم القيامة.
وهذه هي سورة القيامة:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا
أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2) أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ
عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (4) بَلْ يُرِيدُ
الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (5) يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (6)
فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَجُمِعَ الشَّمْسُ
وَالْقَمَرُ (9) يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10) كَلَّا
لَا وَزَرَ (11) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12) يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ
يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13) بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ
بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15) لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ
لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (17) فَإِذَا
قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)
كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (20) وَتَذَرُونَ الْآَخِرَةَ (21) وُجُوهٌ
يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ
بَاسِرَةٌ (24) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ (25) كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ
التَّرَاقِيَ (26) وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (27) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ (28)
وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (29) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (30)
فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (31) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (32) ثُمَّ ذَهَبَ
إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (33) أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ
فَأَوْلَى (35) أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36) أَلَمْ يَكُ
نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38)
فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (39) أَلَيْسَ ذَلِكَ
بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)}.
والرد كالتالي:
أولًا: الآيات في
السورة أوضح من أن يخطئ أحدٌ في أنها تتكلم على يوم القيامة، وما سيحدث فيه، يجيب
الله سبحانه وتعالى على سؤال المنكرين للآخرة، حيث يقول الله تعالى {يَسْأَلُ
أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ} بمجموعة من الآيات تُظهر أحوالًا لا تكون إلا في
يوم القيامة، مسبوقة بعلامات مثل برق البصر وخسف القمر، أي ذهاب نوره وجمع الشمس
والقمر في مكان واحد، ثم يذكر الله سبحانه وتعالى الآيات التي تؤكد ما سوف يحدث
يوم القيامة؛ مثل "لا وزر" أي لا مفر من الله سبحانه وتعالى، أو لا مفر
من النار للكافرين، وأنّ إلى الله تعالى المستقر، وأنّ الإنسان سوف يُنبأ بما قدم
وأخر، إلى آخر الآيات، ثم نجد الله سبحانه وتعالى يكرر كلمة {يَوْمَئِذٍ} للدلالة
على أنه يتكلم على الأحداث التي سوف تحدث في هذا اليوم تحديدًا، والعلامات السابقة
له، ولا يوجد في الآيات إطلاقًا ما يوضح أو حتى يشير أنّ المقصود بالخسوف للقمر
أنّه الخسوف المعتاد والمتكرر الذي يحدث في الدنيا.
وسأضرب أمثلة من آيات في القرآن تبيّن أنّ انتزاع
آية أو أكثر من السياق يؤدي إلى فساد المعنى، حتى لو كان التفسير بالدلالات
اللغوية الصحيحة في الاستدلال:
يقول الله سبحانه وتعالى: { إِنَّا نَحْنُ
نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}([29])،
ويستطيع أهل الكتاب الادعاء بأنّ كتبهم أي التوراة والإنجيل محفوظة بنص القرآن،
حيث أنّ الذكر يشمل التوراة والإنجيل، فقد وردت آيات قرآنية تفيد بأنّ التوراة
والإنجيل موصوفان بالذكر كما ذُكر القرآن الكريم بالذكر أيضًا، حيث يقول الله
تعالى.{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ
فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ(43) بِالْبَيِّنَاتِ
وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ
إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)}([30])،
والذي يَفْصل في الأمر ويبيّن أنّ الذكر الذي حفظه الله تعالى هو القرآن لا غيره،
هو السياق حيث يقول الله تعالى قبل آية حفظ الذكر في سورة الحِجر، {وَقَالُوا يَا
أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَوْ مَا
تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ
الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8) إِنَّا
نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)}([31])،
لقد وصف الكافرون القرآن بالذكر، فأجابهم الله سبحانه وتعالى بحفظ الذكر الذي
يتكلمون عليه، وبالتالي لا يكون الذكر المذكور والمحفوظ إلا القرآن الكريم، ولا
يصح هنا التعميم، بل السياق هنا يخصص الذكر المشار إليه أنه القرآن الكريم وليس
غيره.
آية أخرى مهمة توضح أنّ السياق حاكم ومبيّن
ومحدِد للمعنى المقصود إذا ادعى البعض معاني مبتكرة لا دليل معتبر عليها، والآية
هي آية إذهاب الرجس وتطهير آل البيت الكرام كما في سورة الأحزاب حيث يقول الله
تعالى {يَا نِسَاءَ النبيّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ
فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ
قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ
الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ
أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي
بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا
خَبِيرًا (34)}([32]).
نلاحظ أن الله تعالى قال قبل نص التطهير لآل
البيت (يَا نِسَاءَ النبيّ – اتَّقَيْتُنَّ- تَخْضَعْنَ – وَقُلْنَ - وَقَرْنَ فِي
بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ – وَأَقِمْنَ – وَآَتِينَ – وَأَطِعْنَ )، ثم يقول
{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} ثم يتبع آية الحفظ بقوله.(وَاذْكُرْنَ – بُيُوتِكُنَّ
)، فكيف يُستساغ قول الشيعة بأنّ التطهير ليس لنساء النبيّ، بل لفاطمة وعلي والحسن
والحسين، ولا يكون التطهير وإذهاب الرجس عن نساء النبيّ!!! إِذَنْ هنا السياق يبيّن
ويوضح ويحكم على المعنى المراد والله أعلى وأعلم.
وطالما -كما رأينا- أنه من الضروري لتفسير النص تفسيرًا
صحيحًا اعتبار السياق، فلا يصح الإصرار على تفسير الخسوف المذكور في الآية
{وَخَسَفَ الْقَمَرُ}، أنه هو الخسوف النظامي الذي يحدث في الدنيا وليس قبل
القيامة، حيث أخرج الميرزا غلام الآيات من سياقها، هل هناك ما يمنع أن يخسف الله
تعالى القمر تمامًا ونهائيًا قبل يوم القيامة!، يتكلم الله تعالى عن يوم القيامة،
فلا يكون الخسف إلا الخسف النهائي المدمر. وبافتراض صحة ما ذهب إليه الميرزا، فإذا
تفرقت المعاني بين الاحتمالات، ولم يُعرف ما هو المقصود يقينًا، أصبحت الآيات من
الآيات المتشابهات، والمتشابه ظني الدلالة، ولا توجد أي قرينة تؤيد كلام الميرزا،
بل السياق يثبت عكس كلام الميرزا.
ثانيًا: من أصول
الاستدلال التي قررها وأعلنها الميرزا كما رأينا في الجزء الأول من كتاب (حقيقة
الطائفة الأحمدية القاديانية)، أنه لا يصح تفسير آيات القرآن إلا بآيات قرآنية([33])،
وإذا تعذر ذلك، فيجب تفسير الآيات بالأحاديث النبوية الشريفة، بشرط أن يكون الحديث
متصلًا صحيحًا مرفوعًا([34])،
وإلا فيُعتبر تفسير الآيات القرآنية بالرأي، وهو ما يرفضه الميرزا، فهل قام
الميرزا في حالتنا هذه بتفسير الآيات بما يجب أن تفسر به!
بالقطع لا، فقد فسر الميرزا الآيات برأيه كما
رأينا، فلم يذكر الآيات من القرآن الكريم التي استخدمها لتفسير آيات سورة القيامة،
كما أنّ حديث الدارقطنيّ ليس صحيحًا ولا مرفوعًا لسيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه
وسلم، بل لا يُعرف حتى على سبيل اليقين من هو مُحَمَّد بن علي كما بيّنت من قبل.
ثالثا: تثبتُ الأحاديث الشريفة أنّ خسوف القمر في سورة القيامة، لا
علاقة له بالخسوفات المعتادة المتكررة.
هناك أحاديث شريفة تثبتُ أنّ الخسوف المذكور في
سورة القيامة هو خسوف للقمر، أي ذهاب له أو لنوره بلا رجعة كعلامة من علامات يوم
القيامة، وليس المقصود بهذا الخسوف ما سيحدث للمهديّ كما يدعي الميرزا، أي هو
بداية دمار الكون يوم القيامة، كما سنرى أنّ اللغة تبيّن أنّ المعنى الحرفيّ
للخسوف هو دوام الاختفاء أو دوام الذهاب للشيء.
وقبل تتبع لفظ الخسوف ومعانيه التي جاءت في
القرآن والأحاديث الشريفة، وما وُضِعت له في اللغة العربية، أذكرُ كلامًا مهمًا
للميرزا فيما يخص الاستدلال اللغوي والتفسير بالرأي، يقول الميرزا: "من
فسر القرآن الكريم برأيه فهو ليس بمؤمن، بل هو أخ الشيطان([35])،
ولو جاز صرف الألفاظ تحكمًا من المعاني المرادة المتواترة لارتفع الأمان عن
اللغة والشرع بالكلية وفسدت العقائد كلها، ونزلت آفات على الملة والدين"([36]).
1- الخسف كما ورد في القرآن الكريم يفيد غيبة المخسوف بالكامل وبشكل
نهائيّ، ولا عودة للمخسوف مرة أخرى وهذه أمثلة من الآيات:
يقول الله تعالى: {أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا
السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ
الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ}([37]).
ويقول تعالى: {أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ
بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا
لَكُمْ وَكِيلًا}([38]).
ويقول: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ
فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ
الْمُنْتَصِرِينَ}([39]).
ويقول: {وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا
مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ
يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ
بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}([40]).
ويقول: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ
فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ
الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ
أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ
يَظْلِمُونَ}([41]).
ويقول: {أَفَلَمْ يَرَوْا إلى مَا بَيْنَ
أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ
بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي
ذَلِكَ لَآَيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ}([42]).
ويقول: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ
يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ}([43]).
ثانيا: لفظ الخسوف
والمعنى الذي وضع له كما في كتاب (لسان العرب): "وخَسَفَ اللّه به الأَرضَ،
وخَسَفَ المكانُ يَخْسِفُ خُسوفاً ذهَب في الأَرض، والخَسْفُ غُؤُورُ العينِ،
وخُسوفُ العينِ ذَهابُها في الرأْس، خَسَفَتْ عينُه ساخَتْ وخسَفَها يَخْسِفُها
خَسْفاً وهي خَسِيفةٌ فَقَأَها، وعين خاسِفةٌ وهي التي فُقِئَتْ حتى غابت
حَدَقَتاها في الرأْس، وبئر خَسُوفٌ وخَسِيفٌ حُفِرَتْ في حجارة فلم ينقطع لها
مادّة لكثرة مائها، وبئرٌ خَسِيفٌ إذا نُقِبَ جَبَلُها عن عَيْلَمِ الماء فلا
يَنْزَحُ أَبداً، الخَسِيفُ البئر التي تُحْفَرُ في الحجارة فلا ينقطع ماؤها
كثرةً، والخَسْفُ الهُزالُ والذُّلُّ ويقال في الذُّلِّ خُسْفٌ أيضًا، والخَسْفُ
الظلم، والخَسْفُ الجُوعُ...".
ومما سبق من آيات القرآن الكريم، ومن الأمثلة من
كتاب (لسان العرب) يتضح أنّ المعنى المراد المتواتر في اللغة للخسوف هو الذهاب إلى
غير رجعة كما في خسوف الأرض وخسوف العين والبئر، وبناء على ما سبق يتضح أنه يمكن
استخدام لفظ الخسوف بمعنى الاختفاء مجازيًا للأشياء التي تختفي حتى لو عادت بعد
ذلك، كما نقول أحمد أسد، فليس من الضروري مشابهة أحمد في كل ما يوصف به الأسد،
وكما يقول الميرزا : "إنّ صرف الألفاظ عن معانيها تحكما يرفع عن اللغة والشرع
الأمان بالكلية ولفسدت العقائد كلها، ونزلت آفات على الملة والدين".
وعليه فإنّ استخدام لفظ خسوف القمر في سورة
القيامة يجب أن يكون بالمعنى المراد والذي وضع له اللفظ أصلًا، وهو ذهابه أو ذهاب
ضوئه إلى غير رجعة، وإذا حدث خسوف في الدنيا سواء للقمر أو الشمس، فينبغي الحذر
منه لعله هو ما ذكره الله تعالى في سورة القيامة، وإذا عاد القمر أو الشمس لحالته
السابقة قبل الخسوف أو الكسوف، وقد ثبت والحمد لله أنه لم يكن هو المختص بيوم
القيامة، فيجب على المسلم توقع أن يكون الخسوف أو الكسوف التالي قد يكون هو
المقصود في سورة القيامة، أي هو مقدمة ليوم القيامة الكبرى.
وهنا يجب أن نسأل سؤالًا هامًا: هل كان سيدنا
مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم يعتبر كسوف الشمس أو خسوف القمر العارض النظاميّ الذي
يحدث بشكل متكرر في الدنيا، هل اعتبره صلى الله عليه وسلم حدثًا عارضًا، وليس ما
قد يحدث قبل يوم القيامة؟ أم كان يتوقع أنه الخاص بيوم القيامة منذرًا بقدومها في
الحال وهو من مقدماتها؟ فلو ثبت أنّ سيدنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم كان
يعتبره منذرًا وأنّه من المحتمل أنّ يكون من مقدمات يوم القيامة، وأنّ يوم القيامة
على الأبواب، فيثبت الرأي والقول: إنّ الخسوف الوارد في سورة القيامة كان يعتبره
الرسول هو الخسوف السابق ليوم القيامة الهادمة للنظام الكونيّ.
في صحيح البخاري، قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "إنّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد، ولكن الله
تعالى يخوف بهما عباده"([44]).
وفي صحيح البخاري، "خَسَفَتِ الشَّمْسُ ، فَقامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
فَزِعًا، يَخْشَى أنْ تَكُونَ السَّاعَةُ، فأتَى المَسْجِدَ، فَصَلَّى بأَطْوَلِ
قِيامٍ ورُكُوعٍ وسُجُودٍ رَأَيْتُهُ قَطُّ يَفْعَلُهُ، وقالَ: هذِه الآياتُ
الَّتي يُرْسِلُ اللَّهُ، لا تَكُونُ لِمَوْتِ أحَدٍ ولا لِحَياتِهِ، ولَكِنْ
يُخَوِّفُ اللَّهُ به عِبادَهُ، فإذا رَأَيْتُمْ شيئًا مِن ذلكَ، فافْزَعُوا إلى
ذِكْرِهِ ودُعائِهِ واسْتِغْفارِهِ"([45]).
وفي صحيح مسلم، عن أبي موسى، قال: خسفت الشمس في
زمن النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقام فزعاً يخشى أن تكون الساعة، حتى أتى المسجد،
فقام يصلي بأطول قيام وركوع وسجود، ما رأيته يفعله في صلاة قط، ثم قال: إنّ هذه
الآيات التي يرسل الله، لا تكون لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله يرسلها يخوف بها
عباده، فإذا رأيتم منها شيئًا فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره"([46]).
وبمتابعة ما ورد في ذكر الخسوف والكسوف في
الأحاديث نلاحظ التالي:
الملاحظة الأولى:
إنّ سيدنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم كان في حالة فزع عندما حدث كسوف الشمس،
وكان لا يكف عن الصلاة والدعاء إلى أن ينكشف الخسوف أو الكسوف.
والسؤال: من أي شيء فَزِعَ سيدنا مُحَمَّد صلى
الله عليه وسلم؟ لو كان يعلم أنّ الخسوف النظاميّ المتكرر هو المقصود في سورة
القيامة، هل كان يفزع الرسول؟ أم أنّ سيدنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم كان
يعتبر الخسوف الذي حدث وقتها من المحتمل أن يكون خسوف الشمس أو القمر السابق لقيام
الساعة؟
الملاحظة الثانية:
إنّ الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وهم أكثر الناس فهمًا للدين وللرسول وتصرفاته،
بماذا فسروا فزع الرسول؟ قال أبو موسى الأشعري : "فقام فزعًا يخشى أن تكون
الساعة"، إِذَنْ لقد فهم أبو موسى
الأشعري أنّ الخسوف المقصود في سورة القيامة هو من علامات الساعة السابقة للدمار
الشامل، وليس المقصود به الخسوف المتكرر كما يحدث كثيرًا.
الملاحظة الثالثة:
لو كان هذا الخسوف حدثًا طبيعيًا متكررًا، وليس خسوف يوم القيامة المدمرة للنظام
الكونيّ، فلماذا أمرنا الرسول بالتكبير والصلاة والتصدق والإعتاق؟ هو نفس الموقف
عندما أمر سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم بغرس الفسيلة حتى لو قامت القيامة،
كما في (عمدة القاري)"إن قامتِ السَّاعةُ وبيدِ أحدِكم فَسيلةً فاستطاعَ أن لا تقومَ حتَّى
يغرِسَها فليغرسْها"([47]).
لقد أمر سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم أن
تكون خاتمة الأعمال خيرًا سواء بغرس الفسيلة، أو لو خسف القمر أو الشمس أن نصلي
ونتصدق وندعو الله تعالى، إلى أن ينجلي أو ينكشف الأمر، وإلا فهي علامات القيامة
الكبرى.
الملاحظة الرابعة:
تكررت الجمل "ولكن الله يرسلها يخوف بها عباده" و"ولكن الله تعالى
يخوف بهما عباده"، فما الشيء الذي يخوفنا الله تعالى منه بهذا الخسوف؟
إنّ الله تعالى يخوف العباد بأنه من المحتمل أن
يكون هذا الخسوف أو الكسوف هو الذي يسبق قيام الساعة، وهو الذي ذكره في سورة
القيامة {وخسف القمر}، وأنّ هذا هو الأصل، وحتى لو انكشف الخسوف وكان خسوفًا
اعتياديًا، ولم يكن من مقدمات القيامة كما في سورة القيامة، فيجب أن نتوقع أن يكون
الخسوف أو الكسوف التالي هو خسوف يوم القيامة، حتى لو عرفنا موعده بدقة متناهية
فهذا لا يمنع أن يكون من المحتمل أنه السابق لقيام الساعة.
تم البحث والحمد لله، والله تعالى أعلى وأعلم.
([1]) لا يظهر من نص الحديث هل مُحَمَّد بن علي هو مُحَمَّد بن علي
الباقر، أم هو مُحَمَّد بن علي بن أبي طالب؛ أي ابن الحنفية، ومُحَمَّد بن الحنفية أمه خولة بنت جعفر الحنفية، ولد في خلافة عمر بن الخطاب سنة إحدى وعشرين للهجرة، وهو أحد
الأبطال الأشداء، كان ورعاً واسع العلم ثقة له عدة أحاديث في الصحيحين.
([5]) {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ
يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} (2) سورة القمر.
([6])
حديث رقم 4039 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ
الْأَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْجَنَدِيُّ، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ
الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَزْدَادُ الْأَمْرُ إِلَّا شِدَّةً، وَلَا الدُّنْيَا
إِلَّا إِدْبَارًا، وَلَا النَّاسُ إِلَّا شُحًّا، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ
إِلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ، وَلَا الْمَهْدِيُّ إِلَّا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ».
([7]) كتاب (الأشباه والنظائر): جابر الجُعفي رجل ضعيف. كتاب (أهوال
القبور وأحوال أهلها الي النشور): عمرو بن شِمْر وهو ضعيف جداً عن جابر الجُعفي [
أي إذا روى عمرو بن شِمْر عن جابر الجُعفي]. كتاب (باب المجتهد ونهاية المقتصد)
جزء (1) جابر الجُعفي ليس بحجة فيما أسند. كتاب (باب المجتهد ونهاية المقتصد) جزء
(2): وجابر عند أكثر المحدثين لا يحتج به. كتاب (البداية والنهاية) جزء (3): هذا
الحديث من طريق جابر الجُعفي وهو ضعيف. كتاب (البداية والنهاية) جزء (9): جابر بن
يزيد الجُعفي ضعيف الحديث، والله أعلم. كتاب (تاريخ الطبري) جزء (11): كان جابر
الجُعفي يؤمن بالرجعة وذكر عن يحيى بن معين أنه قال مات جابر الجُعفي سنة اثنتين
وثلاثين ومائة، وعن أبي حنيفة النعمان بن ثابت قال: ما رأيت أحداً أكذب من جابر
الجُعفي قال العباس: وحدثنا يحيى بن يعلى المحاربي عن زائدة قال: كان جابر الجُعفي
كذاباً يؤمن بالرجعة. كتاب (الترمذي) جزء (2): وجابر الجُعفي قد ضعفه بعض أهل
العلم، تركه يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهما. كتاب (تسلية أهل المصائب)
وجابر الجُعفي: ضعيف. كتاب (تفسير ابن كثير) جزء (4): جابر بن يزيد الجُعفي ضعيف
جداً. كتاب (تفسير ابن كثير) جزء (6): جابر الجُعفي ضعيف. كتاب (تفسير فتح القدير)
جزء 6 وفي إسناده جابر الجُعفي وهو ضعيف جداً. كتاب (تفسير فتح القدير) جزء 7 مع
أن الراوي لذلك عنه جابر الجُعفي وهو ضعيف جداً وقد قدمنا أن الراوي عنه جابر
الجُعفي، وهو ضعيف جداً. كتاب (تفسير فتح القدير) جزء 13 وفي إسناده جابر الجُعفي
وهو ضعيف. كتاب (جلاء الأفهام) قالوا: وأما ما استدللتم به من الأحاديث، فمع
ضعفها: بموسى بن عبيدة، وعمرو بن شِمْر، وجابر الجُعفي. كتاب (الروضة الندية) جزء
(2): وفي إسناده جابر الجُعفي وهو ضعيف جدا، عمرو بن شِمْر عن جابر ضعيفان. كتاب
(زاد المعاد) جزء (1): عمر بن شِمْر عن جابر الجُعفي متروك عن متروك ومنهم من ضعف
حديث البراء بجابر الجُعفي. كتاب (سبل السلام) جزء (1): جابر الجُعفي ضعيف جداً
قال الشافعي رجل يرغب أهل العلم عن الرواية عنه يعني جابراً الجُعفي، لكن فيه جابر
الجُعفي وهو متروك. كتاب (سبل السلام) جزء (2): لكن فيه جابر الجُعفي وهو متروك
وجابر ضعيف جداً. كتاب (سبل السلام) جزء (3): جابر الجُعفي وقيس بن الربيع لا يحتج
بهما. كتاب (سنن البيهقي الكبري) عمرو بن شِمْر وجابر الجُعفي لا يحتج بهما. كتاب
(سنن البيهقي الكبري) جزء (04): جابر الجُعفي لا يحتج به. كتاب (سنن البيهقي
الكبري) جزء (05): كذا رواه جابر الجُعفي، وجابر لا يحتج به. كتاب (سنن البيهقي
الكبري) جزء (08): جابر الجُعفي لا يحتج به. كتاب (سنن البيهقي الكبري) جزء (10):
جابر الجُعفي ضعيف. كتاب (سنن البيهقي الكبري) جزء (13): جابر الجُعفي متروك. كتاب
(سنن البيهقي الكبري) جزء (13): لم يروه غير جابر الجُعفي وهو متروك. كتاب (سنن
البيهقي الكبري) جزء (16): عمرو بن شِمْر وجابر الجُعفي لا يحتج بهما قال ابن
القطان: جابر الجُعفي سيء الحال وعمرو بن شِمْر أسوأ حالا منه بل هو من الهالكين
قال السعدي: عمرو بن شِمْر زائغ كذاب وقال الفلاس: واهٍ قال البخاريّ وأبو حاتم: منكر الحديث، فلا
ينبغي أن يعل الحديث إلا بعمرو بن شِمْر مع أنه قد اختلف [يقصد أنه يوجد اختلاف في تقييم عمرو بن شِمْر،
ولكم كما نرى قد رجح البخاريّ إعلال الحديث به، وسنرى أيضًا رأي ابن خلدون
لاحقًا] كتاب (سنن البيهقي الكبري) جزء
(29): رواه جابر الجُعفي، وهو ضعيف. كتاب (سنن البيهقي الكبري) جزء (35): جابر
الجُعفي ضعيف. كتاب (سنن البيهقي الكبري) جزء (40): جابر الجُعفي لا يحتج بهما.
كتاب (سنن البيهقي الكبري) جزء (41): جابر الجُعفي لا يحتج به. كتاب (سنن البيهقي
الكبري) جزء (41): جابر الجُعفي لا يحتج به. كتاب (سنن البيهقي الكبري) جزء (48):
...إلا أن جابرا غير محتج به. كتاب (سنن البيهقي الكبري) جزء (51): هذا لا يصح،
جابر الجُعفي متروك. كتاب (سنن البيهقي الكبري) جزء (51): جابر الجُعفي متروك.
كتاب (الشرح الكبير) جزء (02): فأما حديث الشعبي فمرسل ويرويه جابر الجُعفي وهو
متروك، رواهما الدارقطني إلا أنهما من رواية عمر بن شِمْر عن جابر الجُعفي وقد
ضعفا والحديث يرويه جابر الجُعفي وهو ضعيف عن الشعبي مرسلا. كتاب (شرح منتهي
الإرادات) جزء (1): وفيه جابر الجُعفي ضعيف. كتاب (صحيح ابن حبان) جزء (9): ...أبا
يحيى الحماني قال: سمعت أبا حنيفة، يقول: ما رأيت فيمن لقيت أفضل من عطاء، ولا
لقيت فيمن لقيت أكذب من جابر الجُعفي. كتاب (فتح الباري) جزء (06): وفي إسناده
جابر الجُعفي وهو ضعيف. كتاب (فتح الباري) جزء (09): وفي إسناده جابر الجُعفي وهو
ضعيف. كتاب (فتح الباري) جزء (10): فقد روى أبو حنيفة عن جابر الجُعفي وثبت عنه
أنه قال: ما رأيت أكذب منه. كتاب (فتح الباري) جزء (15): وفي سنده جابر الجُعفي
وهو ضعيف. كتاب (كتاب الروضة) من حديث عمرو بن شِمْر وهو ضعيف جداً عن جابر
الجُعفي. كتاب (معرفة علوم الحديث) ثم نقول بعون الله بعد هذا إن أوهى أسانيد أهل
البيت عمرو بن شِمْر عن جابر الجُعفي عن الحارث الأعور عن علي. كتاب (المغني) جزء
(2): والخبر يرويه جابر الجُعفي وهو ضعيف عن الشعبي مرسلاً. كتاب (نيل الأوطار)
جزء (1): وفي إسناده جابر الجُعفي وقد ضعفه الجمهور ووثقه الثوري. كتاب (نيل
الأوطار) جزء (3): وفيها جابر الجُعفي وهو متروك ضعيف الإسناد. كتاب (نيل الأوطار)
جزء (4): جابر الجُعفي، وهو ضعيف وفي إسناده جابر الجُعفي وهو ضعيف وفيه عمرو بن
شِمْر وجابر الجُعفي. وهما متروكان.
([8]) المهندس فؤاد العطار أستاذي في نقد الأحمدية القاديانية، وله
الكثير من المقالات والحوارات المنشورة في الشبكة العنكبوتية.
([9])
(ابن خلدون) من الشخصيات التي يحترم الميرزا (غلام
أحمد القادياني) كلامه وينقل عنه كثيرًا في كتبه.
([10]) وهذه بعض النصوص من الدارقطنيّ في الواقدي وقد صرح بضعفه:
2181 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ عَمْرِو
بْنِ الْبَخْتَرِيِّ ، ثنا أحمد بْنُ الْخَلِيلِ ، ثنا الْوَاقِدِيُّ ، ثنا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّد ، عَنِ
الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ وَالْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ
وَالْأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ». الْوَاقِدِيُّ ضَعِيفٌ.
2317 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ الْفَتْحِ
الْقَلَانِسِيُّ ، ثنا أحمد بْنُ عُبَيْدِ بْنِ نَاصِحٍ ، ثنا مُحَمَّد بْنُ
عُمَرَ ، ثنا أحمد بْنُ حَازِمٍ الْأَنْدَلُسِيُّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ
الْغِفَارِيِّ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ: سُئِلَ النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ ، فَقَالَ: «يَقْضِيهِ تِبَاعًا وَإِنْ فَرَّقَهُ
أَجْزَأَهُ». الْوَاقِدِيُّ ضَعِيفٌ.
2407 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ عَمْرِو
بْنِ الْبَخْتَرِيِّ ، ثنا أحمد بْنُ الْخَلِيلِ ، ثنا الْوَاقِدِيُّ ، ثنا
رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ ، عَنْ مُحَمَّد بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، سَمِعَ مَسْعُودَ
بْنَ الْحَكَمِ الزُّرَقِيَّ ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ
السَّهْمِيُّ ، يَقُولُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ أَيَّامَ مِنًى أُنَادِي: «أَيُّهَا النَّاسُ
إِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَبِعَالٍ». الْوَاقِدِيُّ ضَعِيفٌ
([13]) كما في كتاب (حمامة البشرى) 1894م صفحة (85 و86) .يقول الميرزا:
"...والعجب الآخر أنهم ينتظرون المهدي مع أنهم يقرأون في صحيح ابن ماجة
والمستدرك. حديث: "لا مهدي إلا عيسى"، ويعلمون أنّ الصحيحين قد تركا
ذكره لضعف أحاديث سمعت في أمره، ويعلمون أن أحاديث ظهور المهدي كلها ضعيفة مجروحة،
بل بعضها موضوعة، ما ثبت منها شيء، ثم يصرون على مجيئه كأنهم ليسوا بعالمين
".
([14]) الرواية 10.بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. حدثتني
والدتي أن المسيح الموعود أخبرها أنه لما كان المرزا الكبير (أي والد المسيح
الموعود) موظفًا في كشمير، كانت والدتنا كثيرًا ما تقول: يقول لي قلبي اليوم أن
شيئًا ما سيصلنا من كشمير، فكان يأتينا في اليوم نفسه شخص من كشمير. وحصل أحيانًا
أن والدتنا ما أن تنهي كلامها حتى يطرق أحدٌ الباب فلما نسأله نعلم أنه جاء من
كشمير. تقول والدتي: كان جدّك يرسل أحدًا لإيصال رسالةٍ ومبلغٍ من المال بعد كل
بضعة أشهر. كان هذا المال وغيره من قطع الذهب والفضة يأتي مخيطًا في صدرية يظل هذا
الشخص الموفَد يلبسها أثناء سفره ثم عند وصوله إلى قاديان يخلعها ويرسلها إلى
البيت فيُخرج منها أهل البيت تلك النقود وغيرها ويعيدون الصدرية إلى الشخص الموفد.
كما قالت والدتي: كان جدك يشغل منصب "صوبه" في إحدى المناطق في كشمير.
وبينما كنا نتكلم إذ صعد إلينا الخليفة الثاني للمسيح الموعود فقال: كان منصب
"صوبه" في مناطق كشمير في تلك الأيام يوازي الحاكم أو نائب الحاكم في
حكومة الإنجليز. أقول: كانت جدتنا والدة المسيح الموعود - واسمها "جراغ بي
بي"- قد توفيت في حياة جدّنا، وكانت تحبّه حبًّا شديدًا، وكان أيضًا يكنّ لها
حبًّا كبيرًا ولاحظت أنه كلما ذكرها اغرورقت عيناه.
([15]) الرواية 199. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. حدثني مرزا
سلطان أحمد بواسطة المولوي رحيم بخش م. أ. وقال: كانت أخت لوالدي المحترم ترى رؤى
وكشوفًا كثيرة، ولكن جدّي كان يقول عنها بأن هناك خللا ما في دماغها، ولكنها رأت
بعض الرؤى التي اضطر بسببها جدي ليغير فيها رأيه. فقد رأت مرة في الرؤيا أن عجوزًا
مسنًّا أعطاها ورقة مكتوبة كتعويذة لها. فلما استيقظت كان بيدها قطعة من الورق
التي كتبت عليها بعض الآيات القرآنية. ثم رأت في رؤيا أخرى أنها تمشي على ضفاف
النهر وتخاف من الماء وصاحت بأعلى صوتها: ماء ماء. فلما استيقظت كانت قدماها
مبللتين بالماء وعليهما آثار الرمال. بعد رؤية كل ذلك كان جدي يقول: لا علاقة لهذه
الأمور بالخلل في الدماغ.
([16]) في كتاب (حقيقة الوحي) 1905م الصفحات 3 و4 و5 و6 يقرر الميرزا أنّ
الشيطان من الممكن أن يوحي بالحق لاتباعه وأنقل كلام الميرزا في هذا الموضوع
ملخصًا في نقاط، يقول الميرزا: "إنّ الرؤى تكون صادقة ومع ذلك من
الشيطان...وإنّ الإلهامات تكون صادقة ومع ذلك من الشيطان...مع إنّ الشيطان كاذب
ومخادع إلا أنّه يطلع الإنسان على الصدق لينزع إيمانه...إنّ البعض بواسطة رؤاهم
وإلهاماتهم يريدون الترويج لمعتقداتهم الخاطئة ومذاهبهم الباطلة بل يقدمون تلك
الرؤى والإلهامات على أنّها شهادة لهم...إنّ أصحاب هذه الإلهامات والرؤى الصادقة والتي
هي من الشيطان يريدون أن يظهروا صدق دينهم بها باعتبار أنّ الدين ممكن أن يثبت
بهذه الأمور... البعض يريد أن يثبت أنّه رسول وإمام فيقدموا رؤاهم وإلهاماتهم
الصادقة أحيانا على أنها دليل أنهم رسل وأئمة (الميرزا (غلام أحمد) يتكلم عن الرؤى
التي من الشيطان)...أن بعض الفساق والفجرة والزناة والظالمين أيضًا والذين يعملون
ضد أوامر الله يرون رؤى صادقة...ويقول إنه بنفسه تبين له شخصيًا أنّ بعض النساء من
الفئة الدنيا يقصد (السفلى) مثل الزانيات سردن له رؤاهن وقد تحققت...إنّ الزناة
وأصحاب الدعارة قد تحققت مناماتهم كما رأوها تمامًا...إنّ هندوسيّ معتاد على الزنا
كشف للميرزا أنّه سوف يسجن في محاكمة كانت في نفس اليوم وفعلًا سجن الهندوسيّ
يومها وبالتالي تحقق كشف الهندوسي...ويقول إنّه كتب في الكتاب هذا في الباب الأول
عن الذين يرون بعض الرؤى الصالحة ويتلقون بعض الإلهامات الصادقة دون أن تكون لهم
مع الله أي صلة.
([22]) الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: الدارقطني، المصدر: سنن
الدارقطني، الصفحة أو الرقم: 2/376، خلاصة حكم المحدث، صحيح.
([23]) الراوي: عمران بن الحصين، المحدث: ابن حبان، المصدر: صحيح ابن
حبان، الصفحة أو الرقم: 3588، خلاصة حكم المحدث: أخرجه في صحيحه.
([24]) الراوي: النعمان بن بشير، المحدث أبو داود، المصدر: سنن أبي داود،
الصفحة أو الرقم: 419، خلاصة حكم المحدث: سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل
ما سكت عنه فهو صالح].
([25]) يتضح أيضًا مبدأ تسمية كل الأنواع باسمها الجامع من استخدام
القرآن الكريم لكلمة الناس، فكلمة الناس تشمل أنواع مختلفة من المؤمنين والكافرين.
يقول الله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا
لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ
الْوَكِيل} (173) سورة آل عمران. ويقول: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ
أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا
بِآَيَاتِنَا لَا يُوقِنُون} (82) سورة النمل. ويقول: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا
وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ
لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ
بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (25) سورة الحج. وعليه فكما إنّه هناك
لفظ عام شامل يندرج تحته أقسام، فيجوز التكلم على أحد الأجزاء باللفظ العام الشامل
مع وجود ما يدلل على أنّ المقصود الجزء منه أو أحد أنواعه، وليس كل ما يعنيه اللفظ
العام، فلفظ الناس يطلق على المؤمن والكافر والفاسق والكبير والصغير، بينما لا يصح
إطلاق لفظ المؤمن على الكافر، ولا الكافر على المؤمن وهكذا، فإطلاق لفظ القمر على
أقسامه ومنازله جائز كما ورد في الأحاديث، حيث أطلق لفظ القمر على الهلال في أول
الشهر وفي آخره، ولا يصح إطلاق لفظ الهلال على البدر وهم من منازل القمر، كما لا
يصح إطلاق لفظ الهلال على القمر ككل.
([33])
يقول الميرزا (غلام أحمد) في كتابه (الديانة
الآرية) 1895 صفحة 106: " ونذكِّركم أنّ كتبنا المسلم والمعترف بها التي
نعتقد فيها والتي نثق بها هي كالتالي: أولًا: القرآن الكريم، لكن لا يغيبن عن
البال أننا لا نقبل ولا نسلِّم بمعنى لأي آية قرآنية إلا ما شهدتْ عليه الآيات
الأخرى من القرآن الكريم، لأن القرآن يفسر بعضه بعضًا، ثم إذا لم نجد تلك المرتبة
اليقينية من آيات أخرى للقرآن الكريم للعثور على معاني دقيقة ومؤكدة، فيشترط أن
يدعم ذلك المعنى أيُ حديث صحيح مرفوع متصل. باختصار إن التفسير بالرأي لا يجوز في
ديننا إطلاقًا، فمن اللازم على كل معترض ألا يخالف هذا الطريق عند إثارة أي
اعتراض..."، كما يقول أيضًا: " كما ينبغي أن لا ينحتوا معاني القرآن
الكريم من عندهم. يجب أن يفسروا بما يَثبت من آيات القرآن المتواترة والأحاديث
الصحيحة فقط".
([35]) يقصد الميرزا بالتفسير بالرأي؛ التفسير للآيات القرآنية بدون
الاستناد إلى آيات قرآنية أخرى، أو أحاديث نبوية متصلة صحيحة مرفوعة، وذلك كما جاء
في كتابه (الديانة الآرية).
([44]) الراوي: أبو بكرة نفيع بن الحارث، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح
البخاري، الصفحة أو الرقم: 1048، خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
([45]) الراوي: أبو موسى الأشعري، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح
البخاري، الصفحة أو الرقم: 1059، خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
([47]) الراوي: أنس بن مالك، المحدث: العيني، المصدر: عمدة القاري، الصفحة أو الرقم: 12/219، خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن.
تعليقات
إرسال تعليق