القائمة الرئيسية

الصفحات

مقال (085) الزنيم معنى الكلمة كما في اللغة و في كتاب الله .





مقال (085) الزنيم معنى الكلمة كما في اللغة و في كتاب الله .
أخلاق الميرزا غلام القادياني مع خصومه وتفسيره للآية {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ}.


الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد النبيّ الأميّ و من اهتدى بهديه إلى يوم الدين . 

الميرزا غلام مدعي النبوة ونبيّ الطائفة الأحمدية القاديانية كان سبّابًا شتّامًا، وثبوت الشتم والسب في حق من يدعي النبوة يثبت أنه لم يكن نبيًا ولا وليًا وإنما هو كذاب دجال، فقام الميرزا غلام للدفاع عن نفسه بمحاولة إثبات أنّ الله تعالى ورسله الكرام صلوات الله وسلامه عليهم قد ثبت أنهم فعلوا مثل ما فعل هو - أي الميرزا - وبالتالي لا يعتبر ما فعله سبًا ولا شتمًا طالما ما قاله هو موجود بالفعل في الخصوم، كما أنّ الأسلوب القاسي أحيانا في الدعوة له الكثير من الايجابيات كما سنرى.

ومن ضمن ما ذكره الميرزا غلام إثباتًا لكلامه أنّ الله تعالى وصف أحد الكافرين في القرآن الكريم بأنه زنيم، باعتبار أنّ الزنيم هو إبن الزنا.

وبإذن الله تعالى أثبتُ أنّ الزنيم ليس معناه ابن الزنا حصرًا، بل استخدام كلمة الزنيم على أنه ابن الزنا استخدام مجازي وأنّ الأصل اللغوي للكلمة لا يعني ذلك كما سنرى، وذلك من خلال القواميس العربية التي يقر بها الميرزا ومن خلال التفاسير المعتبرة مثل القرطبي وغيره، كما سأثبتُ من خلال كلام الميرزا غلام أنه قصد بالفعل أنّ الزنيم هو ابن الزنا أي ابن الحرام ولم يقصد أي من المعاني الأخرى الثابتة للكلمة.

وهذه هي الآيات المشار إليها: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} (13) سورة القلم

 أولًا النصوص التي ورد فيها ذكر الزنيم في كلام الميرزا وكان يقصد أنّ معناها ابن الزنا:

 1- كتاب (الملفوظات) مجلد 3، يقول الميرزا غلام:"لقد ورد في آية:{بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} (القلم: 14)، وتوحي التجربة أنّ أولاد الزنا لا يرتدعون عن شرورهم"انتهى النقل.

هنا فسر الميرزا غلام الزنيم بأولاد الزنا.

2- كتاب (الملفوظات) مجلد 8 صفحة 58، يقول الميرزا غلام: "إنني أطالبكم بكل قوة وتحدٍّ أنِ إتوا بنظير -من زمن آدم عليه السلام إلى يومنا هذا- لمفترٍ أنبأ بمثل هذه النبوءات قبل 25 عامًا في زمن خموله. ولو قدم أحد نظيرًا فاعلموا يقينًا أن هذه الجماعة وهذا الأمر كله سيبطل تلقائيًا. ولكن هل لأحد أن يبطل أمر الله؟! التكذيبَ بغير وجه حق، والإنكارَ والاستهزاء دون سبب معقول إنما هو فعل الزنيم، ولا يمكن لولد الحلال أن يتجاسر على ذلك"انتهى النقل.

وهنا أيضًا يظهر قصر الميرزا غلام معنى الزنيم على أولاد الحرام أي أولاد الزنا.

 3- كتاب (الاستـفــتاء) 1908مـ صفحة 92 يتكلم الميرزا غلام على خصمه القس "دوئي" ويذكر ما قاله والده عنه:"...حتى إنّ أباه أشاع في بعض جرائد أمريكة أنه زنيمٌ ولدُ الزنا وليس من نُطفته."انتهى النقل

 فما هي تبريرات الميرزا غلام لإستخدامه الأساليب القاسية وما قاله من سب وشتم في حق خصومه؟

في كتاب (إزالة أوهام) 1890م صفحة 131 يقول الميرزا غلام: "وهناك حكمة أخرى في استخدام الكلمات القاسية، ألا وهي أنّ القلوب الراقدة تفيق بسببها، وإضافة إلى ذلك يوجَّه بها التحذير إلى الذين يحبون المداهنة... فهذا التحريض الذي ينشئ حماسًا كبيرًا في الطبائع قد يكون مدعاة للاعتراض الشديد عند قليلي الفهم، ولكن الفطين يفهم بسهولة أنها الخطوة الأولى للتوجه إلى طريق الحق.... الكلمات القاسية التي استعملها الأنبياء كان السبب وراءها هو التنبيه فقط لكي يُنشأ الحماس في خلق الله فيستيقظوا من رقود الغفلة نتيجة هذه الهزة، ويتدبروا ويتمعنوا في الدين، ويتحركوا في هذا السبيل وإن كانت الحركة سلبية، وأن يقيموا صلة مع أهل الحق نوعًا ما وإن كانت علاقة عداوة.فإلى هذا الأمر يشير الله تعالى في الآية الكريمة حيث يقول:"في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضًا" أقول والحقَ اقول؛ إنّ الذين ترونهم اليوم مفعمين بحماس معادٍ، لن ترونهم كذلك بعد مدة وجيزة.الآريون الذين خطوا خطوة إلى المناظرات بتحريض منا، فإنهم بخطوتهم هذه قد فتحوا لقومهم طريقًا إلى الإسلام مهما كان أسلوبهم قاسيًا، ومهما نشروا كتبًا مليئة بالسباب والكلمات النابية في الوقت الحالي.الحق أن تحريضنا لهم لم ولن يسفر عن نتيجة سيئة.إن تحريضنا هذا يبدو غير مرضٍ في عيون قصيري النظر حاليًا، ولكنكم سترون قريبًا كيف تستقطب هذه التحريضات يومًا من الأيام أصحاب القلوب القاسية الشديدة القسوة.إنّ هذا الرأي ليس مبنيًا على سوء الظن أو الشك، بل هو أمر يقيني وقاطع... لقد منعنا الله تعالى من المداهنة بصراحة تامة، ولكن لم يمنعنا من قول الحق خشية مرارته وقسوته.......بل إنّ استخدام الكلمات القاسية في محلها وبحسب مقتضى الحال والحكمة، واجب على كل مبلّغ وواعظ. ولو تساهل الواعظ وتكاسل في استخدامها لكان ذلك مؤشرًا إلى أن خوف غير الله – الأمر الذي يُدخِل في الشرك – مستولٍ على قلبه، وأنّ حالته الإيمانية ضعيفة كضعف حشرة الأرض"إنتهى النقل.

وفي كتاب (حقيقة الوحي) 1905مـ صفحة 410 يقول الميرزا غلام:"كذلك وردت في القرآن الكريم كلمة "زنيم" وغيرها.فالظاهر من ذلك كله أن الكلمة التي تُستخدَم في محلها لا تُعدُّ من الشتائم. لم يسبق نبيّ من الأنبياء بكلام قاسٍ، بل عندما بلغت بذاءة لسان الكفار الخبثاء ذروتها عندئذ استخدموا تلك الكلمات بوحي من الله أو بإذنه."انتهى النقل

 ثانيًا: والآن مع معنى الزنيم و العتل في كتب اللغة والقواميس العربية

1- قاموس (تاج العروس من جواهر القاموس):

من المَجاز : الزِّنِيم (المُسْتلْحَق في قَوْم لَيْس منهم)، وبه فَسَّر الفَرَّاءُ قولَه تعالى {عتل بعد ذلك زنيم}، زاد غيرُه: لا يحُتاج إليه،فكأنّه فيهم زَنَمة، (و) في الحديث : الزَّنِيمُ:الدَّعِيُّ في النَّسَب، وفي الكامل للمُبرِّد: روى أبو عُبَيْد [وغيره] | أنّ نافعًا سأل ابنَ عباس عن قوله تعالى {عتل بعد ذلك زنيم}، قال: هو الدَّعِيّ المُلزَق.

وأما الدَّعِيّ فهو زَنِيم، (و) من المجاز: الزَّنِيم: ( اللَّئِيم المَعْرُوف بِلُؤْمه أو شَرِّه) كما تُعرَف الشاة بزَنَمتِها.

 2- قاموس (لسان العرب):

وقوله تعالى عُتُلٍّ بعد ذلك زَنِيمٍ قيل موسوم بالشر لأَن قطع الأُذن وَسْمٌ وزَنَمَتا الشاة وزُنْمتها

وأَصل الزَّنَمَةِ العلامة والزَّنِيمُ الدَّعِيُّ والمُزَنَّمُ الدَّعيُّ.

وأما الدَّعِيُّ فهو الزَّنِيمُ وفي التنزيل العزيز عُتُلٍّ بعد ذلك زَنيم وقال الفراء الزَّنِيمُ الدَّعِيُّ المُلْصَقُ بالقوم وليس منهم وقيل الزَّنِيمُ الذي يُعْرَفُ بالشر واللُّؤْم كما تعرف الشاة بزَنَمَتِها والزَّنَمَتانِ المعلقتان عند حُلوق المِعْزَى وهو العبد زُنْماً وزَنْمَةَ وزُنْمَةً وزَنَمَةً وزُنَمَةً أَي قَدُّه قَدُّ العبد

 وقال اللحياني هو العبد زُنْمَةً وزَنْمَةً وزَنَمَةً وزُنَمَةً أَي حَقّاً والزَّنِيمُ والمُزَنَّمُ المُسْتَلْحَقُ في قوم ليس منهم لا يحتاج إِليه فكأَنه فيهم زَنَمَةٌ ومنه قول حَسَّان وأَنت زَنِيمٌ نِيطَ في آلِ هاشِمٍ كما نِيطَ خَلْفَ الراكب القَدَحُ الفَرْدُ وأَنشد ابن بري للخَطِيم التميمي جاهلي زَنِيمٌ تَداعاه الرِّجالُ زِيادةً كما زِيدَ في عَرْضِ الأَدِيمِ الأَكارِعُ وجدت حاشية صورتها الأَعْرَفُ أَن هذا البيت لحَسَّان قال وفي الكامل للمبرد

روى أَبو عبيد وغيره أَن نافِعاً سأَل ابن عباس عن قوله تعالى عُتُلٍّ بعد ذلك زَنِيمٍ ما الزَّنِيمُ ؟ قال هو الدَّعِيُّ المُلْزَقُ أَما سمعت قول حَسَّان بن ثابت زَنِيمٌ تَداعاه الرِّجالُ زِيادةً كما زِيدَ في عَرْضِ الأَدِيمِ الأَكارِعُ وورد في الحديث أَيضاً الزَّنِيمُ وهو الدَّعِيُّ في النَّسَب.

 3- الكتاب: (تهذيب اللغة):

المؤلف: محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبو منصور (المتوفى: 370هـ) ز ن م ... وَأما الزنيمُ فَهُوَ الدّعيّ.  قَالَ الفرّاء فِي قَول الله تَعَالَى: {أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} (الْقَلَم: 13)،الزنيم: الدّعيّ المُلصق بالقوم وَلَيْسَ مِنْهُم. فَقَالَ الزّجاج مثله.  قَالَ: وَقيل: الزنيمُ الَّذِي يُعرف بِالشَّرِّ كَمَا تُعرف الشَّاة بزنمتها. والزنمتان: المعلَّقتان عِنْد حلوق المِعزى.  ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الزنيمُ: ولدُ العيْهَرة. والزَّنيمُ أَيْضا: الْوَكِيل.

 4- معنى "العتل"

قاموس : لسان العرب:

قوله "ما اسمك قال عتلة" قال الصاغاني وقيل كان اسمه "نشبة"، قال بل أَنت عُتْبة قيل في تفسيره كأَنه كَرِه العَتَلة لِمَا فيها من الغِلْظة والشِّدَّة وهي عَمودُ حدِيدٍ يُهْدَمُ به الحِيطانُ وقيل حديدة كبيرة يُقْلَع بها الشجرُ والحجرُ وفي حديث هَدْم الكعبة فأَخذ ابنُ مُطِيعٍ العَتَلة ومنه اشْتُقَّ العُتُلُّ وهو الشديد الجافي والفَظُّ الغَلِيظ من الناس والعُتُلُّ الشديد وقيل الأَكُول المَنُوع وقيل هو الجافي الغليظ وقيل هو الجافي الخُلُق اللئيم الضَّرِيبة وقيل هو الشديد من الرجال والدواب وفي التنزيل عُتُلٍّ بعد ذلك زَنِيمٍ قيل هو الشديد الخُصومَةِ.

 5- الكتاب: تهذيب اللغة:

ورَوَى الْأَعْمَش عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {الْحَمِيمِ خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ} أَي خذوه فاقصِفوه كَمَا يُقصَف الحَطَب.وَقَالَ أَبُو مُعَاذ النحويّ: العَتْل: الدَفْع والإرهاق بالسَّوْق العنيف. وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الحرّاني عَن ابْن السّكّيت: عَتَلْتُهُ إِلَى السجْن وعَتَنْتُه فَأَنا أعْتِلُه وأعْتُلُه وأعْتِنُه وأعْتُنُه إِذا دفعتَه دَفْعاً عنيفاً. وَقَالَ اللَّيْث: العَتْلُ: أَن تَأْخُذ بتَلْبيب الرجل فتعتِلَه، أَي تجرّه إِلَيْك وَتذهب بِهِ إِلَى حَبْس أَو بَلِيَّة. وأَخَذ فلَان بِزِمام النَّاقة فعتَلها إِذا قادها قَوْداً عنيفاً وأمّا قَوْله تَعَالَى: { (الْقَلَم: 13) أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} جَاءَ فِي التَّفْسِير أَن العُتُلّ هَهُنَا: الشَّديد الْخُصُومَة، وَجَاء فِي التَّفْسِير أَيْضا أَنه: الجافي الخُلُقِ اللئيمُ الضَرِيبةِ، وَهُوَ فِي اللُّغَة: الغليظ الجافي" انتهى النقل.

 

6- تفسير القرطبي:

"عتل بعد ذلك زنيم" العتل الجافي الشديد في كفره. وقال الكلبي والفراء: هو الشديد الخصومة بالباطل. وقيل: إنه الذي يعتل الناس فيجرهم إلى حبس أو عذاب. مأخوذ من العتل وهو الجر؛ ومنه قوله تعالى: "خذوه فاعتلوه" [الدخان: 47]. وفي الصحاح: وعتلت الرجل أعتله وأعتله إذا جذبته جذبا عنيفا. ورجل معتل (بالكسر). وقال يصف فرسا:   نفرعه فرعا ولسنا نعتله قال ابن السكيت: عتله وعتنه، باللام والنون جميعا. والعتل الغليظ الجافي. والعتل أيضا: الرمح الغليظ. ورجل عتل (بالكسر) بين العتل؛ أي سريع إلى الشر. ويقال: لا أنعتل معك؛ أي لا أبرح مكاني. وقال عبيد بن عمير: العتل الأكول الشروب القوي الشديد يوضع في الميزان فلا يزن شعيرة؛ يدفع الملك من أولئك في جهنم بالدفعة الواحدة سبعين ألفا. وقال علي بن أبي طالب والحسن: العتل الفاحش السيئ الخلق. وقال معمر: هو الفاحش اللئيم. قال الشاعر:بعُتُلّ من الرجال زنيم غير ذي نجدة وغير كريم وفي صحيح مسلم عن حارثة بن وهب سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألا أخبركم بأهل الجنة - قالوا بلى قال - كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره. ألا أخبركم بأهل النار - قالوا بلى قال - كل عتل جواظ مستكبر). وفي رواية عنه (كل جواظ زنيم متكبر). الجواظ: قيل هو الجموع المنوع. وقيل الكثير اللحم المختال في مشيته. وذكر الماوردي عن شهر بن حوشب عن عبدالرحمن بن غنم، ورواه ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل الجنة جواظ ولا جعظري ولا العتل الزنيم). فقال رجل: ما الجواظ وما الجعظري وما العتل الزنيم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الجواظ الذي جمع ومنع. والجعظري الغليظ. والعتل الزنيم الشديد الخلق الرحيب الجوف المصحح الأكول الشروب الواجد للطعام الظلوم للناس). وذكره الثعلبي عن شداد بن أوس: (لا يدخل الجنة جواظ ولا جعظري ولا عتل زنيم) سمعتهن من النبي صلى الله عليه وسلم قلت: وما الجواظ؟ قال: الجماع المناع. قلت: وما الجعظري؟ قال: الفظ الغليظ. قلت: وما العتل الزنيم؟ قال: الرحيب الجوف الوثير الخلق الأكول الشروب الغشوم الظلوم. قلت: فهذا التفسير من النبي صلى الله عليه وسلم في العتل قد أربى على أقوال المفسرين. ووقع في كتاب أبي داود في تفسير الجواظ أنه الفظ الغليظ. ذكره من حديث حارثة بن وهب الخزاعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة الجواظ ولا الجعظري) قال: والجواظ الفظ الغليظ. ففيه تفسيران مرفوعان حسب ما ذكرناه أولا. وقد قيل: إنه الجافي القلب. وعن زيد بن أسلم في قوله تعالى: "عتل بعد ذلك زنيم" قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تبكي السماء من رجل أصح الله جسمه ورحب جوفه وأعطاه من الدنيا بعضا فكان للناس ظلوما فذلك العتل الزنيم. وتبكي السماء من الشيخ الزاني ما تكاد الأرض تقله). والزنيم الملصق بالقوم الدعي؛ عن ابن عباس وغيره. قال الشاعر: زنيم تداعاه الرجال زيادة كما زيد في عرض الأديم الأكارع وعن ابن عباس أيضا: أنه رجل من قريش كانت له زنمة كزنمة الشاة. وروى عنه ابن جبير. أنه الذي يعرف بالشر كما تعرف الشاة بزنمتها. وقال عكرمة: هو اللئيم الذي يعرف بلؤمه كما تعرف الشاة بزنمتها. وقيل: إنه الذي يعرف بالأبنة. وهو مروي عن ابن عباس أيضا. وعنه أنه الظلوم. فهذه ستة أقوال. وقال مجاهد: زنيم كانت له ستة أصابع في يده، في كل إبهام له إصبع زائدة. وعنه أيضا وسعيد بن المسيب وعكرمة: هو ولد الزنى الملحق في النسب بالقوم. وكان الوليد دعيا في قريش ليس من سنخهم؛ ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة سنة من مولده. قال الشاعر: زنيم ليس يعرف من أبوه بغي الأم ذو حسب لئيم" انتهى النقل من القرطبي

 7- شرح النووي على صحيح مسلم، الكتاب: المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج قوله صلى الله عليه وسلم فى أهل النار (كل عتل جواظ مستكبر)، وفى رواية كل جواظ زنيم متكبرا أما العتل بضم العين والتاء فهو الجافي الشديد الخصومة بالباطل وقيل الجافي الفظ الغليظ وأما الجواظ بفتح الجيم وتشديد الواو وبالظاء المعجمة فهو الجموع المنوع وقيل كثير اللحم المختال فى مشيته وقيل القصير البطين وقيل الفاخر بالخاء وأما الزنيم فهو الدعى فى النسب الملصق بالقوم وليس منهم شبه بزنمة الشاة وأما المتكبر والمستكبر فهو صاحب الكبر وهو بطر الحق وغمط الناس"انتهى النقل.

 إذن من خلال ما سبق من استشهادات، فإنّ العتل هو شديد الخصومة والزنيم هو اللئيم الشرير أو المستلحق أي الدعي الذي التحق بالقوم وليس منهم أو الموسوم بعلامة بين القوم كأن يكون موسومًا بالشر واللؤم، وهذا الأرجح المتوافق مع السياق كما سنرى، وقد ورد على سبيل الندرة استخدام الزنيم بمعنى ابن الزنا وهو استخدام مجازي لأنه ليس له أصل لغوي من جذر الكلمة.

 فما معنى "الدّعيّ" الوارد في القواميس والتفاسير؟

لسان العرب: "والدِّعْوة في النسب، ابن الأَعرابي المدَّعَى المُتَّهَمُ في نسبَه وهو الدَّعِيُّ والدَّعِيُّ أَيضاً المُتَبَنَّى الذي تَبَنَّاه رجلٌ فدعاه ابنَه ونسبُه إلى غيره وكان النبي صلى الله عليه وسلم تَبَنَّى زيدَ بنَ حارثةَ فأَمَرَ اللهُ عز وجل أَن يُنْسَب الناسُ إلى آبائهم وأَن لا يُنْسَبُوا إلى مَن تَبَنَّاهم فقال ادْعُوهم لآبائهم هو أَقْسَطُ عند الله فإن لم تَعْلَموا آباءَهم فإخوانُكم في الدِّينِ ومَوالِيكمْ وقال وما جعلَ أَدْعِياءَكم أَبْناءَكم ذلِكم قَوْلُكمْ بأَفْواهِكم أَبو عمرو عن أَبيه " انتهى النقل.

 أي أن الدّعيّ هو من دُعِي لغير أبيه سواء ابن الزنا أو من لا يعلم من أبيه، ومثال ذلك سيدنا زيد بنَ حارثةَ، وبالتالي لا قطع ولا تأكيد ولا تخصيص أبدًا في القول إنّ الزنيم هو ابن الزنا.

والإتهام والتعييب لأي أحد لا يصح إلا بنصوص قطعية من جهة الثبوت والدلالة، ولا يصح بمجرد الظن، فإذا كان معنى الزنيم ابن الزنا في الآية – افتراضًا - وكان أيضًا له معانٍ أخرى، فلماذا الإصرار على معنى واحد محدد من غير قرينة؟ وأستدلُ في هذه المسألة بكلام الميرزا غلام أنه لا يصح التخصيص للعام من غير مخصص معتبر، كما جاء في كتاب (التبليغ) 1893مـ صفحة 54 ينكر الميرزا الأخذ بأحد المعاني لكلمة بوجه مخصوص وبإصرار مع الإعراض عن غيره من المعاني، وكان ذلك في كلامه بخصوص معاني كلمة "دمشق" الواردة في الأحاديث الخاصة بنزول سيدنا عيسى عليه السلام، يقول الميرزا غلام: "و ما يغرنهم ما جاء في أحاديث نبينا عليه الصلاة والسلام لفظ دمشق، فانّ له مفهومًا عامًا، وهو مشتمل على معان كما يعرفها العارفون. فمنها إسم البلدة، ومنها إسم سيد قوم من نسل كنعان، ومنها ناقة وجمل، ومنها رجل سريع العمل باليدين، ومنها معان أخرى.فما الحق الخاص للمعنى الذي يصرون عليه وعن غيره يعرضون؟" انتهى النقل.

إذن لو افترضنا أنّ الزنيم – تنزلًا- من ضمن معانيه ابن الزنا، فلم يكن يصح أن يُقْصِر ويُخَصِّص الميرزا غلام هذا المعنى ويترك بقية المعاني – كما رأينا من كلام الميرزا غلام- وقد فسر سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم والصحابة الزنيم بغير معنى ابن الزنا كما رأينا.

 أيضًا هل يصح أنّ ُيُعَيَّر أحد بما لم يفعله؟ فإنه من الأصل أنّ ابن الزنا ليس مسؤولًا عما فعله أهله من زنا، فكيف يُتصور أنّ الله تعالى يلومه أو يُعَيِّرَه بما لم يفعله، فهذا يتنافى مع العدل، والله تعالى لا يظلم الناس مثقال ذرة، ولا تزر وازرة وزر أخرى.

وأخيرًا يتضح للعقلاء مدى الفساد العقائدي واللغوي للميرزا غلام، ومدى الفساد الإستدلالي، فهو من أجل التغطية على سوأته أساء إلى الله تعالى وإلى رسله الكرام فنسب ما لا يصح من الكلام لله سبحانه وتعالى.

أما بخصوص التعبير "بعد ذلك" في قول الله تعالى: "عتل بعد ذلك زنيم".

فقد عرفنا من قبل أنّ العتل هو القوي العنيف من جهة خِلقته التي خلقه الله تعالى عليها، ثم يقول الله تعالى "بعد ذلك"، وهذا يعني أنه قد استجد شيء سلوكي إضافي على كونه من الأصل عتل، وهذا الفهم يقلل من احتمال أن يكون معنى الزنيم المقصود في الآية هو فقط الدعيّ الملحق بالقوم وهو ليس منهم، أي أن الزنيم بمعنى اللئيم والماكر والشرير قد استجد وطرأ على هذا الملحق بالقوم، واللؤم والشر هو إختيار الإنسان لنفسه وهو ما يلام عليه ويعير به، والله تعالى لا يلوم ولا يعيب على أحد أنه ليس من القوم الملتحق بهم، فسيدنا زيد بنَ حارثةَ كان ملحق بالقوم وليس منهم.

ولا يصح تخصيص أحد المعاني للفظ عام إلا بمخصص معتبر، فالله يصف المشار إليه في الآية بالعتل أي شديد الخصومة، وزنيم أي لئيم شرير وهذا هو المعنى المتوافق مع السياق والذي يحاسب عليه الانسان.

 والله أعلى وأعلم

د.إبراهيم بدوي

20/8/2017

29/9/2023









تعليقات

التنقل السريع