مقال (071) سكوت و كلام الله سبحانه و تعالى
في كتاب "البراهين الأحمدية"/ من 1880 الى 1884 ج 1-4
ص_087
يقول الميرزا عن الله تعالى " أن حقيقة هذا الأمر هي أن الرب – الذي هو قيوم العالمين , و
عليه يعتمد وجود العالم و بقاؤه – لا يحرم الخلق من صفة من صفات افاضته و لا يعطلها أو
يبطلها , بل تظهر كل صفة من صفاته في وقتها المناسب على الفور .
و عليه فقد وجب بمقتضى العقل أن تظهر لإزالة غلبة كل آفة صفة من صفات الله التي
تقابل تلك الآفة ". إنتهى النقل.
اذن , يفهم من كلام الميرزا أن صفات الله
تعالى لا تظهر إلا إذا كان هناك احتياج لها فتظهر في الوقت المناسب لظهورها , و أن
عدم الظهور للصفة لا يعني أنها قد ابطلها الله تعالى أو قد
عطلها , بل كل صفات الله تعالى موجودة و لكن لا تظهر إلا إذا كانت هناك مناسبة
لظهورها .
و بناءا على هذا الفهم الذي أراه صحيحا , فإن
صفة الكلام لله تعالى لخلقه قد لا يكون هناك وقت مناسب لظهورها , فقد كانت تستحق
الظهور لما كان لا بد من ارسال نبيّ
أو رسول فيكلمه الله وحيا أو بأي
طريقة يشاءها الله تعالى , و لكن إذا لم يكن هناك مناسبة لظهور الصفة و المناسبة
هي الآفة التي تستدعي ارسال رسول و يكلمه الله تعالى , فالصفة و هي الكلام لا تعطل
و لا تبطل بل لا تظهر , و عدم الظهور لا يعني عدم الوجود .
و القاعدة التي تقول بها الجماعة اتباع
الميرزا لما قيل أن الميرزا لم يُرَى و هو يستغفر الله تعالى تقول القاعدة
" عدم سماع شخص شخصا
آخر لا تعني شيئا . فعدم المعرفة بالشيئ لا تدل على عدمه" كتاب شبهات و ردود ص_0178
وقد وردت في نطاق تكذيب أن الميرزا لم يكن
يستغفر الله .و هذه القاعدة صحيحة تماما و قياساً عليها نقول أن عدم ظهور الصفة لا
يعني تعطلها أو ابطالها و لكن عدم الظهور لحين وجود السبب
المستحق لظهورها و إذا لم يوجد السبب فلا قيمة لظهور صفة ليس لها مناسبة .
الأمرالآخر هو أن عدم ظهور صفة من صفات الله
تعالى للبشر لا تعني عدم ظهورها لغير البشر و بالتالي ظهور الصفة غير منقطع و لا
معطل و لا مبطل
و هناك أمر آخر مهم , و هو الصفات المتعلقة
بحياة الخلق فالله تعالى هو الخالق و هو
الغفور و هو البارئ , فأين موقع هذه الصفات ؟ لمن يغفر الله تعالى بعد فناء العالم
و دخول الناس الجنة أو النار ؟ و هل عدم استعمال الصفة يعني الغاءها أو
عدم وجودها ؟
انا طبيب ,
فلو مارست الطب مرة واحدة ثم لم أجد مرضى في تخصصي يحتاجون للعلاج , فهل
عدم استخدام و استعمال الصفة يلغي وجود الصفة ؟ هل لا اصبح طبيبا إلا إذا ظللت
امارس المهنة للابد ؟
و أمر آخر و هو أن سيدنا محمد عليه الصلاة و
السلام قال و بالقول الصريح
في البخاري :حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أن أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ « لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إلا الْمُبَشِّرَاتُ » . قَالُوا وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ قَالَ « الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ ».
في البخاري :حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أن أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ « لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إلا الْمُبَشِّرَاتُ » . قَالُوا وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ قَالَ « الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ ».
و في كنز العمال :
"لم يبق بعدي من المبشرات إلا الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو ترى
له."
"ذهبت
النبوة فلا
نبوة بعدي إلا المبشرات قيل : وما المبشرات ؟ قال : الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو ترى
له"
"لا
نبوة بعدي إلا المبشرات الرؤيا الصالحة"
و في كتاب" حقيقة الوحي "/1906 ص_0138
يقول الميرزا غلام أحمد الهندي القادياني :
" و قد كتب النبيّ دانيال أن مجيئي وقت ظهور جلال الله,
و في عهدي تندلع الحرب الأخيرة بين الملائكة و الشياطين . و سيري الله في هذا
العصر آيات لم يرها من قبل قط , و كأنه بنفسه سينزل من السماء إلى الأرض حيث يقول " هَلْ يَنْظُرُونَ إلا أن
يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ " أي سيظهر جلاله بواسطة مظهره الإنساني و
يري وجهه . و لقد ساد الكفر و الشرك إلى حد كبير و لكن الله ظل ساكتا و صامتا
, و صار مثل كنز مخفي . أمّا الان و قد بلغت غلبة الشرك و عبادة الإنسان أوجها و وطئ الإسلام تحت الاقدام .
فقال الله إني سأنزل إلى الأرض و سأري
آيات قاهرة لم أرها منذ خلق نسل آدم . و الحكمة في ذلك أن الدفاع يكون بقدر شدة
هجوم العدو . و الان قد بالغ عباد الناس في الشرك , و قد وصل هذا الغلو منتهاه .
لذا فالان سيحارب الله بنفسه , و لن يعطي سيفا في أيدي الناس , و لن يكون هناك
جهاد , بل سيري الله تعالى قدرته." إنتهى النقل
و السؤال الأول : يقول الميرزا " لكن الله ظل ساكتا و صامتا " فكم عدد السنين
التي ظل الله تعالى صامتا ساكتا و انتم تنكرون إنقطاع الوحي غير التشريعي و تقولون
للناس " انهم يعبدون عجلا لأنهم يعبدون من لا يتكلم " بينما يصف الميرزا
الله تعالى بالصمت و السكوت , و قد تقولون هذا الصمت مؤقت , و لكن كم يكون الوقت
هذا ؟؟
و هل تعطلت أو ابطلت صفة الكلام في هذه الفترة؟
و هل تعطلت أو ابطلت صفة الكلام ما بين بعثة عيسى عليه السلام
الأولى و بين بعثة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم ؟
د.إبراهيم بدوي
30/03/2016
تعليقات
إرسال تعليق