القائمة الرئيسية

الصفحات

مقال (109) الاختلاف بين أوصاف المسيح سيدنا عيسى بن مريم و الميرزا غلام القادياني.


تمت إضافة نصوص جديدة مهمة من كلام الميرزا على هذا المقال للأهمية.

مقال (109) المقال الأول في بيان الاختلاف بين أوصاف المسيح سيدنا عيسى بن مريم و الميرزا غلام القادياني .


هل تنبأ سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم بشكل و لون الميرزا غلام ؟
أم تنبأ بشكل و لون سيدنا المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ؟
إزالة الاختلاف المتوهم لدى البعض في اوصاف سيدنا عيسى عليه السلام بحسب الأحاديث النبوية
1- اولا نبدأ بكلام الميرزا غلام في انه لا يجوز الاصرار على معنى خاص من غير دليل
في  كتاب"التبليغ"/1893 م  ص_54   الميرزا  ينكر الأخذ بأحد معان كلمة بوجه مخصوص بإصرار و الإعراض عن غيره من المعان و ذلك  في كلامه عن معان كلمة دمشق في الأحاديث الخاصة بنزول المسيح.
يقول الميرزا غلام أحمد  القادياني :
"و ما يغرنهم ما جاء في أحاديث نبينا عليه الصلاة و السلام لفظ دمشق, فإن له مفهوما عاما , و هو مشتمل على معان كما يعرفها العارفون .
فمنها إسم البلدة , و منها إسم سيد قوم من نسل كنعان , و منها ناقة و جمل , و منها رجل سريع العمل باليدين, و منها معان اخرى.فما الحق الخاص للمعنى الذي يصرون عليه و عن غيره يعرضون؟"
انتهى النقل

2- في حالة التعارض الظاهري بين الأحاديث فالجمع بين الأحاديث أولى من الترجيح بين الأحاديث  أو  إنكار أحد الأحاديث بالإصرار على معنى مختار من جملة المعان المتوفرة للكلمة  فإذا كان لهذه الكلمة التي يشتبه أنها سبب التعارض بين الأحاديث لها أكثر من معنى و أن أحد هذه المعان يمكن بإستخدامه نزيل التعارض الظاهري من غير تعسف  فهذا أفضل من القول بالتعارض بين الأحاديث .
3- مثال ذلك :
كلمة"جعد" تصف الشعر بأنه مجعد غير سبط .
و السبط هو الشعر المسترسل و كأنما يقصد به الناعم المسترسل , فإذا وُصِف سيدنا عيسى عليه السلام بأنه مرة "جعد" و مرة " سبط الشعر" , فالظاهر التعارض , و لكننا إذا وجدنا أن من معان "جعد" اكتناز الجسم و تجمعه  كما في كتاب" فتح الباري بشرح صحيح  البخاري"  و في قول الامام النووي , فلماذا لا نعتبر أن وصف سيدنا عيسى عليه السلام بأنه "جعد" أن المقصود هو أن جسمه مكتنز و بخاصة أنه موصوف في أحاديث أخرى أكثر من مرة  بأنه مربوع أي ليس بالطويل و لا القصير أي مكتنز الجسم .
 ففي  " فتح الباري " يقول في الجمع بين الجعد و السبط  :
"و وقع في رواية سالم الآتية في نعت عيسى أنه
آدم "سبط الشعر" وفي الحديث الذي قبله في نعت عيسى أنه "جعد" والجعد ضد السبط فيمكن أن يجمع بينهما بأنه سبط الشعر ووصفه لجعودة في جسمه لا شعره والمراد بذلك اجتماعه واكتنازه"
وقال النووي: جعودة الجسم وهو اكتنازه واجتماعه
و في لسان العرب "والجَعْد من الرجال المجتمع بعضه إلى بعض "
4- أيضا نجد وصفا في لسان العرب "رجل جعد السبوطة فهو مدح إلا أن يكون قَطِطاً مُفَلْفَلاً كشعر الزَّنج والنُّوبة فهو حينئذ ذم" فلا يوصف الشيئ بضده , فلا يقال ابيض الاسوداد  ,  أو  اسود البياض  , فهدا التوصيف كما في لسان العرب ينفي الضدية الكاملة لكلمتي "جعد" و "سبط" فمن الممكن أن يجمع بينهما في حالة سيدنا عيسى عليه السلام بأن يكون شعره سبطا أي مسترسلا و ليس ناعما حريرا بل مجعدا .
و من خلال السياق , فإن كان الوصف "جعد" لا يكون إلا لوصف الشعر  أو  الرأس فيكون "جعد السبوطة", و إذا كان من الممكن أن يكون الوصف"جعد" لا يصف شعرا  أو  رأسا فيكون الموصوف هو جسد سيدنا عيسى عليه السلام  أي المكتنز المجتمع  و لا داعي كما قال الميرزا غلام أحمد الهندي القادياني "فما الحق الخاص للمعنى الذي يصرون عليه و عن غيره يعرضون؟" أي لماذا و ما الحق في الاصرار على معنى و ترك غيره إذا كان السياق يسمح .
5- و بنفس الطريقة لكلمة  "آدم"
الآدم أي الأسمر وقد يكون الرجل آدم أي أسمر أصلا خلقة  و لمّا تعرض للحمام الديماس و هو حمام البخار احمر لونُه فكان الوصف أنه أحمر أبيض,
أو يكون جسد صاحبه أبيض أحمر و بسبب تعرض وجه و بعض جسده للشمس و الحرارة , أخذ اللون الأسمر فصار آدمًا أي أسمر الوجه لتعرضه للشمس بالرغم من أن لحم جسده أحمر ابيض .
و هذا الأخير يطابق أحاديث رؤيا الطواف حول الكعبة حيث كل أحاديث الطواف وصفت سيدنا عيسى عليه السلام بأنه "رجل آدم"  بينما كل أحاديث الإسراء و المعراج وصفته بأنه أحمر  أو  ينزع إلى الحمرة و البياض,  فلعل سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام قد رأى سيدنا عيسى في طوافه حول الكعبة  و قد لفحته الشمس فاسمر لونه بالرغم من أنه أحمر أبيض , حتى أن ابن عمر أنكر من قال بالأحمر في حديث الطواف حول الكعبة  , و الأرجح أن سيدنا عيسى عليه السلام أبيض أحمر كما رآه سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام في المعراج و كما وصفه لصحابته , واصفا إياه وقت نزوله قبل يوم القيامة بأنه أبيض أحمر و جمعًا لأحاديث الطواف مع أحاديث الإسراء و أحاديث وصف سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام لصحابته  لسيدنا عيسى عليه السلام  وقت نزوله قبل يوم القيامة , فسيدنا عيسى عليه السلام أبيض أحمر وعندما يحج البيت و يطوف و بسبب تواجده في الأرض  و تعرضه للحرارة و الشمس  سوف يسمر لونه و يصبح آدم اللون .
و في لسان العرب :
" وفي صفته صلى الله عليه وسلم كان أَسْمَرَ اللَّوْنِ وفي رواية أَبيضَ مُشْرَباً بِحُمْرَةٍ قال ابن الأَثير و وجه الجمع بينهما أن ما يبرز إلى الشمس كان أَسْمَرَ وما تواريه الثياب وتستره فهو أَبيض  و الله  تعالى أعلى و أعلم.
6- الكلمة "رَجِلُ الشعر" كما في لسان العرب أي الشعر بين الجعودة و السبوطة و كما كان وصف شعر سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام " وشعرٌ رَجَلٌ ورَجِل ورَجْلٌ بَيْنَ السُّبوطة والجعودة وفي صفة سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام  أن شعره رَجِلاً أَي لم يكن شديد الجعودة ولا شديد السبوطة بل بينهما "
اذن هناك درجة تصف الشعر بالمسترسل أي السبط و ليس كامل السبوطة بل فيه جعودة و هو ما يوصف ب "الشعر الرَجِل" .
أيضا وَصْفُ الشعرِ ب "اللمة " أي الطويل المسترسل بعد شحمة الأذن و قد يصل للمنكبين  ثم يقال له قد "رَجِله " يفيد أيضا بحسب اللغة أنه قد غسله و دهنه و أصبح يسيل الماء منه  أو كما وصفت الأحاديث يقطر  أو  ينطف منه الماء كأنه خرج من ديماس , و بالتالي لا تعارض أبدا بين أوصاف الشعر و الرأس لسيدنا عيسى عليه السلام كما سنذكر في المواقف الثلاث لاحقا و التي وصف فيها سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام أخيه سيدنا عيسى عليه السلام .
و في فتح الباري  قوله: "رَجِل الشعرِ" بكسر الجيم أي قد سرحه ودهنه ، وفي رواية مالك له" لمة " قد رجلها فهي تقطر ماء وقد تقدم أنه يحتمل أن يريد أنها تقطر من الماء الذي سرحها به
7- الخروج من الديماس أي حمام البخار يؤدي إلى إحمرار الوجه حتى  لو كان آدم اللون أي أسمر كما أنه يؤدي إلى تقطر الماء من الوجه و الشعر .
8- المواقف التي تكلم فيها سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام عن شكل و هيئة سيدنا عيسى عليه السلام ثلاثة مواقف .:
الأول:  حين رآه في الإسراء و المعراج .
و الثاني: كما رآه في الرؤيا في الطواف حول الكعبة :
و الثالث : كما في وصف سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام شكل و هيئة سيدنا عيسى عليه السلام للصحابة الكرام حين ينزل قبل يوم القيامة , و طلبه عليه الصلاة و السلام  منهم أن يعرفوه :
و هذا بيان مختصر بالأوصاف في المواقف الثلاثة :
الأول:  حين رآه في الإسراءو المعراج و كان وصفه إياه بأنه:
أ- رجل مربوع  أو ربعة  أو مربوع الخلق و عريض الصدر .
ب-
أحمر أوينزع إلى الحمرة و البياض.كأنما خرج من ديماس أي حمام البخار و لم يذكر أنه رجل آدم .
ج- سبط الشعر  أو  سبط الرأس  و رأسه  أو  شعره يقطر و أن لم يصبه بلل.
د- في مرة قال
فأحمر جعد [ من الممكن أن يكون جعد الجسم أي مكتنزالجسم مربوع  و ممكن أن يكون جعد الشعر أي جعد السبوطة ] و مرة قال (مربوعاً إلى الحمرة والبياض جعداً  [ غالبا يقصد بها جعد السبوطة أي في الشعر و ليس في الجسم] )
هـ- لم يذكر أن سيدنا عيسى أنه رجل آدم.
الثاني: كما في الرؤيا في الطواف حول الكعبة :
أ- مربوع الخلق.
ب-
رجل آدم و لم يذكر أن سيدنا عيسى أنه أحمر  أو  أبيض أحمر .
ج- ، سبط الشعر و تضرب لمته بين منكبيه، رجل الشعر، يقطر رأسه ماء
،كأنما خرج من ديماس
الثالث : كما في وصف سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام شكل و هيئة سيدنا عيسى عليه السلام للصحابة الكرام و طلبه منهم أن يعرفوه :
أ- رجل مربوع.
ب- ينزع إلى
الحمرة و البياض و لم يذكر أنه رجل آدم .
ج- سبط الشعر و رأسه يقطر و أن لم يصبه بلل
9- لو قلنا أن الطواف حول الكعبة كان رؤيا منامية محتملة الترميز و التعبير أي التأويل و كذلك لو قلنا تنزلا مع القائلين بأنّ الإسراء و المعراج كان رؤيا منامية محتملة الترميز و التعبير أي التأويل , فمإذا نقول في الوصف النصي المباشر من سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام لصحابته واصفا سيدنا عيسى عليه السلام وصفا واضحا و مطابقا لما وصفه لهم في الإسراء و المعراج و طلب من صحابته أن يعرفوه وقت نزوله و ليس وقت طوافه حول الكعبة ,  فسيدنا عيسى كما وصفه سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام هو رجلٌ مربوعٌ  ينزع إلى الحمرة و البياض  سبط الشعر  و رأسه يقطر و أن لم يصبه بلل.
10- و أخيرا هل هذه الأوصاف التي وصفها سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام لسيدنا عيسى عليه السلام وقت نزوله قبل يوم القيامة  تتطابق مع أوصاف الميرزا غلام أحمد الهندي القادياني ؟ هل الميرزا غلام أحمد الهندي القادياني رجلٌ مربوعٌ  ينزع إلى الحمرة و البياض  سبط الشعر  و رأسه يقطر و أن لم يصبه بلل؟
لا, بل الميرزا غلام أحمد الهندي القادياني يصف نفسه في كتاب"إزالة أوهام"/1890  ص_0195  
يقول الميرزا غلام أحمد الهندي القادياني :
" أنا الموعود و جئت وفق العلامات المذكورة في الأحاديث , فوا أسفا ؛ ما فتحوا العيون ليعرفوني .
 أنا آدمي اللون, و الفرق كما بينه سيدي عليه الصلاة و السلام بَيِّنٌ في الشعرِ
 لا مجال للشك و الريب في مقدمي , فقد ميزني سيدي عن مسيح أحمر اللون "
و هذه الاحاديث تبين وصف سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام  للسيد المسيح الموعود الآتي :
1- في سنن ابي داوود و هو من الكتب الموثوق بها عند الميرزا غلام كما جاء في كتابه "الديانة الآرية" 1895 صفحة رقم 99 و106:
"4324 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ آدَمَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَيْسَ [ص:118] بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ - يَعْنِي عِيسَى - وَإِنَّهُ نَازِلٌ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ: رَجُلٌ مَرْبُوعٌ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ، بَيْنَ مُمَصَّرَتَيْنِ، كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ، وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ، فَيُقَاتِلُ النَّاسَ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِسْلَامَ، وَيُهْلِكُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ يُتَوَفَّى فَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ "
وقال الالباني صحيح , و قال شعيب الارناؤوط صحيح الا "
فَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ" 

2- عند الالباني قي السلسلة الصحيحة
2182
" ( الأنبياء إخوة لعلات , أمهاتهم شتى و دينهم واحد و أنا أولى الناس بعيسى بن مريم لأنه ) ليس بيني و بينه نبي و إنه نازل , فإذا رأيتموه فاعرفوه , رجل مربوع إلى الحمرة و البياض , بين ممصرتين , كأن رأسه يقطر و إن لم يصبه بلل , فيقاتل الناس على الإسلام , فيدق الصليب و يقتل الخنزير و يضع الجزية و يهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام و يهلك الله المسيح الدجال ( و تقع 
الأمنة في الأرض حتى ترتع الأسود مع الإبل و النمار مع البقر و الذئاب مع 
الغنم و يلعب الصبيان بالحيات لا تضرهم ) , فيمكث في الأرض أربعين سنة , ثم 
يتوفى , فيصلي عليه المسلمون
" .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 214

3- و في مستدرك الحاكم جزء (9)

باب :ذكر نبيّ الله و روحه عيسى ابن مريم صلوات الله و سلامه عليهما
أخبرنا  أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن دينار العدل  ، ثنا  السري بن خزيمة  و  الحسن بن الفضل  قالا : ثنا  عفان بن مسلم  ، ثنا  همام  ، ثنا  قتادة  ، عن  عبد الرحمن بن آدم  ، عن  أبي هريرة  رضي الله عنه
 أن النبيّ صلى الله عليه و سلم قال : إن روح الله عيسى ابن مريم نازل فيكم فإذا رأيتموه فاعرفوه رجل مربوع إلى الحمرة و البياض عليه ثوبان ممصران كان رأسه يقطر و إن يصبه بلل فيدق الصليب و يقتل الخنزير و يضع الجزية و يدعو الناس إلى الإسلام فيهلك الله في زمانه المسيح الدجال و تقع الأمنة على أهل الأرض  حتى ترعى الأسود مع الإبل و النمور مع البقر و الذئاب مع الغنم و يلعب الصبيان مع الحيات لا تضرهم فيمكث أربعين سنة ثم يتوفى و يصلي عليه المسلمون .

 هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه . إنتهى النقل.
اذن النازل رجل مربوع إلى الحمرة و البياض و ليس آدمي اللون كما هو لون بشرة الميرزا الهندي .
و نذهب إلى اهمية البيان و القيم البلاغية للنصوص في كلام  الميرزا  :

 في كتاب "البراهين الأحمدية"/1884 ج 1-4  ص 514
يتسائل  الميرزا إستنكاريا :
"هل من علامات الكلام الفصيح أن يُضمِر في قلبه شيئا و يَخرج من فمه شيئٌ آخر؟ " إنتهى النقل.
إذن لو قلنا أن سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام عندما أخبر بنزول المسيح عليه السلام  إنما كان يقصد مثيله , و لم يقصد سيدنا عيسى عليه السلام نفسَه , فقد أضمرَ سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام في نفسه شيئا و لم يبده لأصحابه , و لو أن أصحابه كانوا يعلمون أن سيدنا عيسى عليه السلام قد مات و أن المقصود هو المثيل لسألوه : و ما اسمه ؟ و من أين هو ؟ و ما هي صفاته لنعرفوه بها .
و الحقيقة لم يمهلهم سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام  ليسألوه لمعرفة أوصافه فقد وصفه لهم بالفعل و قال أنه أبيض أحمر , مربوع و كذا و كذا , فهل الميرزا أبيض أحمر ؟ أمْ آدمي أي أسمر اللون , و هل هو مربوع مثل سيدنا عيسى عليه الصلاة و السلام ؟
و في كتاب "البراهين الأحمدية"/1884 ج 1-4  ص 515 
يقول الميرزا :
"الشرط الأول للبلاغة هو أن يكون المتكلم قادرا جيدا على بيان ما يضمره قلبه, و يبين بوضوح تام ما يريد بيانه دون أن يبقى فيه غموض , و لا يقول كلاما مبهما و بلا معنى مثل البُكم.
غير أنه لو كان من مقتضى الحكمة إخفاء أمر  أو  بيانه كسِرٍّ مكنون , لعُدّ بيانه في ثوب الخفاء بلاغةً.
و لكن التوحيد الذي عليه مدار النجاة كلها ليس بالأمرالذي يجوز اخفاؤه"
إنتهى النقل.
فالتوحيد مثله مثل النبوة و الرسالة من العقائد الدينية واجبة الإيضاح و عدم الإبهام , كما كان وصفُ اللهِ تعالى لسيدنا محمد عليه الصلاة و السلام في الكتب السابقة , فأخبر الله تعالى عنه , أي من خلال الأوصاف في الكتب المقدسة السابقة لدرجة أن أهل الكتاب كانوا يعرفونه كما يعرفون أبناءهم , لماذا ؟ لأن النبوة و الرسالة لا بد فيها من الوضوح و عدم الإضمار , فكيف يُضْمِر سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام  أوصاف و إسم النبيّ الآتي آخر الزمان ؟ بل كيف يصفه لأصحابه بأوصاف غير مطابقة ؟.
كيف يقول لهم أنه أبيض أحمر , ثم يأتي بدلا منه الآدمي غير المربوع  و لا المكتنز ؟؟
اذن من البديهي أن الإنسان المسؤول عن بيان التوحيد و الأمور الأساسية في الدين لا بد من تحديده  و تسميته , فلا يصح ترك أمرالنبوة و هي العلاقة اللازمة بين الرب و عباده , لا يصح تركها لكل من هبّ و دبّ ليقول أنه نبيّ , فكان لا بد من تسميته و بيان صفاته التي إن رآها منصف عرفه بها , و ذلك كما في آية الميثاق و العهد , و فعلا لقد وصف سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام  النبيّ عيسى بن مريم  الآتي غير التشريعي كما بينتُ سابقا بالأوصاف التي تخالف شكل و لون  الميرزا الهندي  .
و مسألة حتمية تحديد و تسمية  الأنبياء في الكتب السماوية قد قالها  الميرزا أيضا لمّا تكلم عن الخَضِر فنفى أن يكون نبيّا  أو رسولا , و لكن لماذا نفى  الميرزا نبوة و رسالة  و نبوة الخَضِر ؟ 
يقول  الميرزا : لأنه أي الخَضِر لم يأتي ذكره في الكتاب , و بالرغم من إقرار  الميرزا أنه  أي الخَضِر يوحى إليه و جاءه نبيّ من أعظم الأنبياء ليتعلم منه , و كان علمه يقيني قطعي من لدن الله تعالى كما قال  الميرزا , و لم يُشرّع لأحد , و لم يغير شرع  و مع كل ذلك لم يقر الميرزا بأن الخَضِر  نبيّ ,  و قول  الميرزا صحيح في هذا , أي أنه ليس بنبيّ , و لكن المقصود من إيرادي لكلام  الميرزا هو إثبات حتمية تسمية الأنبياء لنا من الله تعالى لنعرفهم , فلولا تسمية الله تعالى لبعض الانبياء في القرآن الكريم , لما كنا مضطرين للاقرار بأنهم أنبياء و هذا عين و مقصود كلام الميرزا الهندي فيما يخص نبوة الخضر من عدمه , و أنه بنفس الميزان الدقيق يجب وزن نبوة   الميرزا المدعاة  .
أذَنْ الخَضِر  ليس نبيّا سواء كان تاما أو ناقصا فالنفي يفيد العموم بخلاف الاثبات فقد يخص البعض دون البعض .
و هذا بيان بأقوال  الميرزا بأن صعود و نزول سيدنا عيسى عليه الصلاة و السلام و حياته في السماء من العقائد , و عليه فإذا كان من البلاغة أحيانا إخفاء بعض الأمور كما يدعي  الميرزا
, فلا يصح هذا في أمور العقيدة , بل لا بد من الإظهار و البيان و الوضوح :
في كتاب "نور الحق"/1894م صفحة  42
 يقول  الميرزا
"فلا شك أن هذه العقيدة .. أعني عقيدة نزول عيسى من السماء .. مبتلاة بأمراض لا بمرض واحد يخالف بينات القرآن الكريم , و يكذب أمر ختم النبوة , و يباين محاورات القوم , و يخالف الآثار التي صرحت  فيها موت المسيح ."
و في كتاب" حقيقة الوحي "/1906م  ص  134
يقول الميرزا " و لكن وحي الله سبحانه و تعالى الذي نزل علي بعد ذلك كالمطر لم يدعني ثابتا على العقيدة السابقة , و أعطيت لقب "نبي" بصراحة تامة , بحيث إنني نبيّ من ناحية , و تابع للنبيّ عليه الصلاة و السلام  و من أمته من ناحية أخرى".

و أزيد في مسألة بلاغة النص و وجوب الافصاح و عدم التعمية و الاخفاء في الامور الهامة مثل العقيدة  يقول  الميرزا :
 في كتاب "البراهين الأحمدية"/1884 ج 1-4  ص 516
 
"...لأن كل منصف يستطيع أن يدرك أن الكتاب الذي لا يستطيع أن يبين مراده بوضوح , كان الأمل في بلوغه مراتب أخرى للفصاحة و البلاغة كمال الحُمق."
إذن لو صدّقْنا  الميرزا أن بعض الأنبياء عليهم الصلاة و السلام ما فهموا وحي الله تعالى لهم - و الرؤى و الكشوف من الوحي-  فذلك يؤدي إلى أن كلام الله تعالى و كلام رسوله عليه الصلاة و السلام لهم لم يكن بليغا و لا فصيحا , لأنه خالف رأي الميرزا لتعريف البلاغة حيث مختصرها " "إن الكلام الذي لا تدل ألفاظه على معانيه بل تجُرُّ إلى المفاسد على عكس المراد , لا يعدّ فصيحا و بليغا عند عاقل"
فلو تصورنا أن سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام  ما قصد أن عيسى إبن مريم كما في حديث البخاري هو ليس عيسى النبيّ الناصري سيدنا عيسى عليه الصلاة و السلام  , و أنه قصد إنسانا آخر شبيها له , يحمل كثير من الصفات المشابهة له , فيا ترى كم من بشري سوف يدعي أنه هو المسيح عيسى ابن مريم ؟ و كم من المفاسد سوف تنشأ من هذا الإضمار ؟.
و الله اعلى و اعلم
د.ابراهيم بدوي
‏14‏/11‏/2016‏ 08:15:38 م

نصوص اضافية جديدة مهمة :

يقول الميرزا([1]):"...ولو كان المراد من لفظ الدجّال رجلا خاصّا لبيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - اسم ذلك الرجل الذي لُقّب بالدجّال، أعني الاسم الذي سماه والداه، وبيّن اسم والديه، ولكن لم يُبين ولم يصرّح اسم أبيه وأمه. فوجب علينا أن لا ننحت من عند أنفسنا رجلا خاصا، بل ننظر في لسان العرب، ونقدم معنى يهدي إليه لغة قريش، فإذا ثبت معناه أنه فئة الكائدين فوجب بضرورة التزام معنى اللفظ أن نقر بأنه فئة عظيمة فاقوا مكرا وكيدا وتلبيسا أهلَ زمانهم، ونجّسوا الأرض كلها بخيالاتهم الفاسدة ".

 ويقول الميرزا([2]): " والآن نلقي نظرة على نبوءات التوراة عن نبينا الأكرم - صلى الله عليه وسلم -. فهناك نبوءتان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في التوراة تبرهنان بكل جلاء للمتدبرين - إذا كانوا منصفين - أنهما وردتا بحقه - صلى الله عليه وسلم - حتما. ومع ذلك هناك مجال واسع لنقاش عقيم أيضا بشأنهما. فمثلا قد ورد في التوراة أن موسى - عليه السلام - قال لبني إسرائيل: قَالَ لِيَ الرَّبُّ: أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ. والمعضلة في هذه النبوءة هي أن بني إسرائيل أنفسهم قد ذُكروا كأخوة بني إسرائيل في بعض الأماكن في التوراة، وفي بعض الأماكن الأخرى ذُكر بنو إسماعيل أيضا كإخوة بني إسرائيل بالإضافة إلى ذِكر إخوة آخرين. والآن، كيف يمكن القطع والجزم أن المراد من إخوة بني إسرائيل هم بنو إسماعيل وحدهم؟ بل الجملة: "مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ" تزيد العبارة تعقيدا. ومع أننا نثبت نظريا لطالب الحق بجمع أدلة وقرائن كثيرة وإثبات المماثلة بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وموسى، أنه لا مصداق لهذه النبوءة في الحقيقة سوى نبينا الأكرم - صلى الله عليه وسلم -، ولكن النبوءة بحد ذاتها ليست واضحة وبديهية حتى نتمكن بناء عليها من إقناع كل جاهل وغبي أيضا، بل إن فهمها وإفهامها للآخرين يقتضي فطنة كاملة. لو لم يُرِد الله تعالى ابتلاء خلقه، وكان بيان النبوءة بصورة بينة وجلية مقدّرًا في مشيئة الله، لكان من المفروض أن تُصَرِّح النبوءة بما يلي: يا موسى، سأبعث في القرن الثاني والعشرين بعدك في بلاد العرب من بني إسماعيل نبيًّا يكون اسمه محمدا (صلى الله عليه وسلم) واسم أبيه عبد الله واسم جده عبد المطلب واسم أمه آمنة، سيولَد في مكة وتكون ملامحه كذا وكذا. فالواضح أنه لو جاءت النبوءة في التوراة بهذه الطريقة لما كان لأحد مجال للقيل والقال، ولكُمّت أفواه الأشرار كلهم. ولكن الله تعالى لم يفعل ذلك. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: ألم يكن الله قادرا على ذلك؟ وجوابه أنه كان قادرا دون أدنى شك، بل لو شاء لسجل آيات أكثر وضوحا من ذلك لتخضع لها الرقاب كلها دون أن يبقى منكِرٌ واحد في العالم كله. ولكنه - سبحانه وتعالى - ما شاء أن يصرّح ويوضّح أكثر من ذلك، لأنه يريد دائمًا الابتلاء أيضا نوعا ما من وراء النبوءات حتى يفهمها الفاهمون وطلاب الحق، ويُحرم من قبولها مَن كان في نفوسهم الحميّة والاستكبار والتهوّر والاستهتار وعادة التمسك بظواهر الأمور".

 

ويقول الميرزا([3]):"الحق أن سنة الله في النبوءات هي أن يكون فيها جانب من الإخفاء والابتلاء، لأنه لولا ذلك لما بقي أي خلاف ولصار مذهب الجميع واحدا، ولكن الله تعالى شاء من أجل التمييز أن يجعل في النبوءات جانب الابتلاء، فيصر عليه قصيرو النظر والمتمسكون بظواهر الأمور وبذلك ينحرفون عن الهدف الحقيقي. وعلى غرار ذلك واجه اليهود مشكلة ووقعوا في الشبهات بشأن النبيّ صلى الله عليه وسلم. لو وردت في التوراة نبوءة بكلمات صريحة أن القادم سيكون من بني إسماعيل وسيكون اسمه محمد (ﷺ) واسم أبيه عبد الله بن عبد المطلب واسم أمه آمنة فكيف كان لليهود أن ينكروه؟ ولكن لسوء حظهم لم يكن في النبوءة هذا التصريح بل جاء فيها أنه سيكون من إخوتكم ولكنهم زعموا أن المراد من ذلك هم بنو إسرائيل حصرا".

 

كما رأينا يقرر الميرزا أنه لو كان الدجال رجلًا محددًا لكان سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم بيّن ذلك بذكر اسم هذا الرجل واسم والديه، ويرى الميرزا أنه بما أنّ سيدنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم لم يبيّن ولم يصرح باسم الدجال ولا اسم والديه، إذن علينا ألا نتصور أنه رجل محدد، ونبحث عن معنى لكلمة الدجال من خلال القواميس العربية، وأيضًا رأينا أنّ الميرزا يرى أنه لتوضيح النبوءات وجعلها جلية بيّنة عن شخص محدد سيأتي في المستقبل، فلا بد من ذكر ما يتعرف به الناس على هذا الشخص بكل سهولة ولا يقعوا في الفتنة والابتلاء، وبنفس هذا المبدأ العقلي التي قرره الميرزا، نقول إنّ سيدنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم حينما أراد تحديد من هو المسيح الموعود القادم في آخر الزمان، فقد قام صلى الله عليه وسلم في حديثه لأصحابه رضي الله عنهم ليتعرفوا علي المسيح القادم لو قابلوه أو لو قابله غيرهم من المسلمين، فقام صلى الله عليه وسلم بذكر اسمه واسم أمه وملامحه وصفاته، والحالة الجسدية التي سيكون عليها حينما يرونه لأول مرة، والبلدة وأي جهة من هذه البلد الذي ينزل عنده سيدنا عيسى عليه السلام، بل ذكر لون ملابسه، وبالتالي لا يصح من الأحمديين مع كل هذه المواصفات تمييع شخصية المسيح الموعود وذلك بالتأويل لكل ما ذكره سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، فيقول الميرزا بأن اللون الأصفر للملابس هو بمعنى الأمراض التي يعانيها، وأنّ النزول بمعنى المجيء، وأنّ الملائكة التي تكون معه بأنهم أصحاب الميرزا المخلصين، وأنّ البلدة دمشق ليست بالمعنى الحرفي الحقيقي لبلدة دمشق، وإنما المقصود قرية تشبهها وهي قاديان، وبعد كل هذه التأويلات الركيكة يقول الميرزا بأنّ هذا المسيح هو أحد المثلاء لسيدنا عيسى عليه السلام، وأنهم بالآلاف، وأنّ الميرزا أحدهم.

وأما بالنسبة لما يراه الميرزا أنّ سيدنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم قد وصف المسيح القادم في رؤيا بأنه آدم أي أسمر اللون، وأنّ لون سيدنا عيسى عليه السلام أبيض أحمر، وهذا يمنع أن يكون القادم هو سيدنا عيسى عليه السلام، فإنه من المعلوم أنّ الرؤى على العموم تزخر بالرمزيات والاستعارات، وتحتاج الى التأويل وبخاصة إذا كانت تتعارض مع الواقع كما رأينا في وصف سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضي الله عنهم المسيح القادم بأنه أبيض أحمر، وكان متوافقًا مع الرؤية البصرية لسيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم  لسيدنا عيسى عليه السلام في المعراج، فكان لزامًا تأويل رؤيا سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم لسيدنا عيسى عليه السلام بأنه آدم رفعُا للتناقض الظاهري في النصوص الحديثية، وهذه بعض النصوص من الميرزا تبيّن رأيه في ضرورة الاحتياج للتأويل للرؤى وبخاصة إذا تعارضت مع نصوص أخرى واضحة:

يقول الميرزا([4]):"... إن رؤية نبينا - صلى الله عليه وسلم - أدعياء النبوة الكاذبين على صورة سوارين هو من هذا القسم من الوحي. كما كانت رؤيته ذبح البقرات أيضا من هذا النوع من الوحي، وإن وفاة أطول الأزواج يدًا قبل غيرها أيضا من هذا النوع من الوحي، وإن البيان في وحي النبي ملاخي أن النبي إيليا سيُبعث ثانية، وأنه سينزل في قرية معينة من قرى اليهود، كان أيضا من هذا النوع من الوحي، كذلك ظهور وباء المدينة على صورة امرأة شعثاء أيضا كان من هذا النوع من الوحي، وكذلك الدجال الذي هو فريق مخادع قد رُئي على هيئة شخص واحد، فهو أيضا من هذا النوع من الوحي. فهناك آلاف النماذج لذلك في وحي الأنبياء، حيث ظهرت أمور روحانية في صورة مادية أو شوهدت جماعة في صورة شخص واحد، فمن سنة الله لجميع الناس بمن فيهم الأنبياء أيضا أن السمة الغالبة على الإلهام والوحي والرؤيا والكشف هي الاستعارات، فمثلا لو جمعتم مئتي أو أربعمائة شخص وسمعتم رؤاهم لوجدتم معظمها زاخرة بالاستعارات، فبعضهم يكون قد رأى ثعبانا وغيره ذئبا وغيرُه فيضانات وغيرُه بستانا وبعضهم فواكه وبعضهم نارا، وستكون كل هذه الأشياء قابلةً للتأويل؛ فقد ورد في الأحاديث أن الأعمال الصالحة وغير الصالحة تتمثل في القبر إنسانا، فبهذه النقطة تزول جميع التناقضات وتنجلي الحقيقة، فطوبى لمن تدبَّرها".

ويقول الميرزا([5]):"...ويُذكر مقابل كل هذا حديثٌ ظني ورد في مسلم تلتصق به مئات الشبهات كالنمل، وهو يناقض بظاهر النص القرآنَ الكريم صراحة وينافيه. والغريب في الأمر أنه لم ترد في رواية مسلم كلمةُ "السماء" أيضا. ومع ذلك هم يفسرون الحديث بأن عيسى - عليه السلام - سينزل من السماء (1). مع أن القرآن الكريم يعلن بأعلى صوته إن عيسى ابن مريم رسول الله قد دُفن في الأرض وليس لجسمه أي أثر في السماء. فأخبرونا الآن أيًّا من هاتين النبوءتين المتعارضتين نقبل؟ فهل نترك القرآن من أجل رواية مسلم؟ ونرمي من أيدينا كومة البراهين؟ فمن منتنا على "مسلم" أننا قبلنا الحديث باللجوء إلى التأويل، وإلا كان من حقنا لرفع التناقض أن نعدّ الحديث موضوعا. لكن بالتدبر بإمعان يتبين أن الحديث في الحقيقة ليس موضوعا، لكنه زاخر باستعارات. ومعلوم أنه إذا أُريد بنبوءةٍ اختبارٌ تكون فيها استعاراتٌ، وليس شرطًا أن يفسَّر كل نبأ بحسب نصه الظاهر. وأمثال ذلك في الأحاديث وكتاب الله تقدر بمئات...".

والنص التالي في منتهى الأهمية، حيث سنرى الميرزا بعد أن ذكر كثيرًا جدًا في كتبه الأخذ بظاهر حديث الرؤيا بأن المسيح القادم آدم، وأنّ هذا اللون هو لونه – أي لون الميرزا- ، وأنّ طوافه بالبيت كطواف الحارس للبيت، بينما الدجال من خلفه كان يطوف بالبيت العتيق كما يطوف السارق الذي يريد سرق نفس البيت، فقد ذكر الميرزا في كتابه (أيام الصلح) أنّ الدجال الذي كان يطوف بالبيت ليس هو الدجال الكافر، بل هو من أسلم وآمن من الدجالين، وأنّ طوافهم بالبيت العتيق ليس كمن يطوف لسرقة البيت، وإنما هو طواف المسلمين.

يقول الميرزا([6]):"... أما إذا كانت أولى مهمات المسيح الموعود استئصالَ الفتن الدجالية، فإن التوجه إلى الحج مخالف للنبوءة النبوية ما لم نفرغ من هذا العمل، وسيكون حجُّنا عندما يقوم الدجال أيضًا بالطواف ببيت الله بعد أن يقلع عن الكفر والدجل (1)، لأنه بموجب الحديث الصحيح ذلك هو الوقت المناسب لحج المسيح الموعود. فاقرأوا الحديث في مسلم حيث رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - المسيح الموعود والدجال يطوفان بالكعبة متقاربين، فلا تقولوا إن الدجال سوف يُقتل؛ ذلك لأن الحربة السماوية التي بيد المسيح الموعود لا تقتل جسدَ أحد، بل سوف تقضي على كفره وأعذاره الباطلة، وأخيرًا سوف يؤمن حزب من الدجال فيحج، فعندما تتولد أفكار الإيمان والحج عند الدجال فتلك هي الأيام لحَجنا، أما الآن فمهمتنا الأولى التي فوَّضها الله إلينا هي قمع الفتنة الدجالية، فهل يمكن لأحد أن يتصرّف بما يخالف مشيئة سيده؟".

وفي الحاشية (1) يقول الميرزا:"فلا يعترضنْ أحد هنا على أنه قد ذكرتُ في كتاب "إزالة الأوهام" أن طواف الدجال سيكون بسوء النية كما يطوف اللص بالبيت بنية فاسدة، وأن هذا البيان يُنافي ذلك، لأن الدجال في الحقيقة اسم حزب المفسدين الذين يريدون نشر الشرك والنجاسة في الأرض. فيتبين من التأمل في القرآن والأحاديث بتعمُّق أنه صحيح أن حزبًا من الدجالين سيَهُمّ إلى يوم القيامة أن يضر الحق، وأن طوافهم سيكون على شاكلة طواف اللصوص الذين يطوفون بالبيوت ليلًا، إلا أن الفئة التي سيهَب الله لها البصيرة والهدى فإن طوافهم يكون بالإيمان والاهتداء .. فالمعنى الحقيقي للحديث حصرًا أن الحديث الذي يفيد طواف الدجال سيتحقق بوجهيه، والأحداث الخارجية أيضا تشهد على ذلك؛ إذ يستعد بعض النصارى لاعتناق الإسلام وقد تخلوا عن الدين المسيحي من قلوبهم، بينما البعض يريدون تخريب بيت الله كاللصوص ويقومون بأنواع المكر. منه".

إذن طالما تم ارتد الميرزا عن موقفه بخصوص الدجال الذي كان يطوف بالبيت من حزب واحد يطوف بالبيت في محولاته لهدم الإسلام، إلى أنّ الدجال حزبان، وأنّ من يطوف بالبيت هم حزب من آمن من الدجالين وأرادو الحج، فلماذا لا نؤول أيضًا أنّ المسيح القادم هو سيدنا عيسى عليه السلام وقد تغير لونه من الأبيض الأحمر إلى اللون الآدم بسبب التعرض للشمس، أو نؤول أنّ هذا الرجل الآدم أنه ليس سيدنا عيسى عليه السلام على الحقيقة وإنما هو رجل أسمر اللون وأنه أراد خداع المسلمين وادعاء النبوة بأنه المسيح بن مريم، وأنّ كلا هذا المسيح الآدم والدجال كانا يطوفان بالبيت كطواف السراق، ونرى ذلك جليًا في الميرزا الآدم اللون، وكذلك (عبد الرحمن كوناتي) أسود اللون الذي يدعي أنه هو المسيح الموعود.



[1] كتاب (حمامة البشرى) 1894م صفحة 74.

[2] كتاب (إزالة الأوهام)1891م صفحة 255.

[3] كتاب (الملفوظات) المجلد 6 صفحة 339 تحت العنوان " سنة الله في النبوءات".

[4] في كتاب (أيام الصلح) 1899م صفحة 58.

[5] وفي كتاب (التحفة الجولروية) 1900م صفحة 131.

[6] في كتاب (أيام الصلح) 1899م صفحة 228.






تعليقات

تعليقان (2)
إرسال تعليق
  1. لقد أفدتم وأجدتم في الموضوع،وقمتم بفك سر كيد الماكرين، وجزاكم الله عن الإسلام خير الجزاء.

    ردحذف

إرسال تعليق

التنقل السريع