سلسلة مقالات الرد على كتاب شبهات وردود، وستكون بداية سلسلة هذه المقالات برقم 1001 للتمييز عن المقالات العامة.
مقال (1001) الرد على تكفير الأحمديين
للمسلمين ولكل من لم يبايع الطائفة على نبوة الميرزا غلام حتى لو لم يسمع باسمه.
https://ibrahimbadawy2014.blogspot.com/2025/01/1001.html
مقدمة
يتباكى الأحمديون القاديانيون كثيرًا
بسبب تكفير علماء وفقهاء المسلمين وكافة المجامع الإسلامية لهم، ويرى الأحمديون
أنّ هذا ظلم وعدوان وقع عليهم وبلا أي دليل، فإنهم يدَّعون - أي الأحمديون - أنّهم
يؤمنون بالله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، ويقيمون كافة الشعائر الإسلامية
فهم من أهل القبلة.
وبالرغم من
أنّ الميرزا يلوم العلماء على تكفيره بدون أسباب قاطعة ويقينية صحيحة([1])،
ولكن
بالاطلاع على كتبهم المنشورة في موقعهم الرسمي سواء كُتُب نبيّهم الميرزا المؤسس
الأول للأحمدية، أو كتب المؤسس الثاني بشير الدين محمود، أو ما كُتب عن سيرة
الخليفة الأحمدي الأول الحكيم نور الدين ، أو ما صرحت به الجماعة الأحمدية
القاديانية كما في كتابهم (شبهات وردود) كما سنرى بعد سطور؛ سنجد نصوصًا كثيرةً
لهم يُكَفِّرون فيها المسلمين، وليس هذا فقط، بل بشير الدين محمود يرى أنّ من لم
يُبايع وينضم للطائفة الأحمدية القاديانية فهو كافر أيضًا بسبب عدم المبايعة حتى
لو كان يصدِّق الميرزا في دعواه.
فإذا كان
الأحمديون لا يرون تكفير علماء المسلمين لهم صحيحًا بحجة أنهم -أي الأحمديين-يؤمنون
بالله تعالى ويقومون بنفس الشعائر الإسلامية، ومذهبهم ومذهب مؤسسهم هو مذهب أهل السنة
والجماعة، ونحن بدورنا نقول بقولهم أيضًا، فلماذا يرانا الأحمديون كافرين!!!
وإذا كان بشير
الدين محمود يقول بتكفير كل من هو غير أحمديّ قاديانيّ، إلا أنه يقرر بأنّ تكفيره
للناس لا يعني حتمية عذابهم في الآخرة، ويقرر أيضًا أنّ هناك فَرْقًا بين كون
المرء كافر وبين مؤاخذة الله تعالى له وعقابه بدخوله النار، إلا أنّنا سنجد
الميرزا يقول بعقاب من يكفر به في الآخرة وأنه من أهل النار.
ولأنّ الله
تعالى لا بد من فضح الجماعات الضالة فقد رزقهم الاختلاف والتضاد، فنجد الميرزا
يقول([2]): ".إنّ المؤاخذة
لا تكون إلا لمن ينكر نبوة النبيّ التشريعي"، ومعلوم أنّ
الأحمديين يرون أنّ الميرزا نبيّ غير تشريعي، فكيف يصح أن يقول الميرزا بأنّ من لا
يؤمن به هو مؤاخذ عند الله وهو من أهل النار كما سنرى في نصوص تالية!!!
وفي الصفحات التالية سنرى رد علماء
الأحمدية على المعترضين على تكفيرهم لكافة البشر حتى من لم يسمع باسم الميرزا
غلام.
الاعتراض: الأحمدية تكفر الناس، ثم تشكو من تكفيرها،
أليس هذا تناقضا؟ ألم يقل الخليفة الثاني: كل من لم يبايع المسيح الموعود ولو لم
يسمع به، فهو كافر وخارج عن الإسلام؟
رد علماء الأحمدية على الاعتراض: هنالك مسألتان لا بد من التفريق بينهما: مسألة إطلاق لفظ الكفر أو الإيمان على شخص، ومسألة استحقاقه العذاب. هذان أمران مختلفان ولا تلازم بينهما، أي قد نسمي شخصا كافرا، بينما هو يستحق دخول الجنة، وقد نطلق على شخص صفة الإسلام، وهو في جهنم. مثال على الحالة الأولى: شخص لم يسمع بالإسلام، البتة، ولكنه يعبد الله كما وصله من عقائد، ويقوم بالعمل الصالح، فهو- في اصطلاحنا- كافر، ولكنه في الجنة. هـو كـافر لأنه لم يعتنـق الإسلام، وفي الجنة لأنه قام بما يجب عليه، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها. ومثال على الحالة الثانية: شخص أعلن الإسلام وباطنه غير ظاهره فنحكم بإسلامه؛ أي هو مسلم، ولكن مصيره جهنم. وهذه المسألة لا خلاف يُذكر فيها بين المسلمين، فمَن يُسمّي اليهود والنصارى مسلمين؟ إنهم كفار بالرسالة الإسلامية، ولكن هل كل يهودي وكل نصراني في النار؟ الجواب: إن ذلك يعتمد على سبب عدم إيمانه بالإسلام. والله وحده من يعلم السبب الحقيقي، وفيما إذا كان معذورا فيه. أي أننا لا نستطيع الإجابة على هذا السؤال البتة. أما وصف شخص بأنه مسلم أو كافر، فهذا يمكننا أن نطلقه بسهولة. إن القضية الأخرى الهامة هنا هي أن الإيمان بالمسيح الموعود ليس قضية ثانوية، بل هذا الإيمان واجب كوجوب الإيمان بأي نبي سابق، والكفر به جريمة كحال الكفر بأي نبي سابق. إن كفر أي مسلم بالمسيح الموعود يساوي كفر أي يهودي بالمسيح الناصري حين بعث إليهم، ويساوي كفر أي مسلم بالمسيح الناصري حين ينزل من السماء على فرض أنه سينزل. لذا يمكن أن نطلق لفظ كافر على من لا يؤمن بالمسيح الموعود الله من هذا الباب، ولكن هذا لا علاقة له بالحكم عليه بدخول الجنة أو النار. ولا علاقة له بأنه معذور في عدم الإيمان أو غير معذور، لأن هذا يعلمه الله وحده. هذه الجملة التي قالها الخليفة الثاني للمسيح الموعود ال لا بد من فهمها في ضوء هذه التوطئة، وفي ضوء سياقها.. حيث يقول الخليفة الثاني له شارحا إياها تحت عنوان (عقيدتي بشأن كفر غير الأحمديين)...".
ثم يبدأ علماء الأحمدية بسرد ما قاله
بشير الدين محمود، وسوف أضع النص كاملًا، بالسطور التي قبله، والفقرات التي بعده.
يقول بشير الدين محمود([3]):
"الفصل الأول تفنيد الأحداث الخاطئة التي سردها
المولوي محمد علي([4]) عند ذكره الخلافات في الجماعة اتهامه إيايّ بتغيير
الاعتقاد: بعد ذكره مماثلتنا مع النصارى بصورة خاطئة سرد المولوي محمد علي المحترم
تاريخ الخلافات، وحاول أن يثبت كيف غيّرتُ (أي أنا العبد الضعيف)([5])
معتقداتي متأثرًا ببعض الأحداث بعد وفاة المسيح الموعود، وقد ذكر السيد محمد علي
التغير في ثلاث من معتقداتي. الأول: أني روّجتُ عن المسيح
الموعود أنه نبيّ. الثاني: أنه - عليه السلام - هو المصداق
للنبوءة المذكورة في الآية القرآنية: {اسمه أحمد} (الصف:7) والثالث: أن جميع
المسلمين الذين لم يبايعوا المسيح الموعود كفار وخارجون عن دائرة الإسلام وإن
لم يسمعوا حتى اسم المسيح الموعود. بيان المعتقدات الثلاثة: أعترف
أنني أعتنق هذه المعتقدات، ولكني لا أقبل أني اخترتها منذ عام 1914م، أو
قبلها بثلاثة أو أربعة أعوام، بل كما سأثبتُ لاحقًا أنّ الاعتقاد الأول والثالث
أعتنقهما منذ زمن المسيح الموعود، أما الاعتقاد الثاني، كما بينته في محاضرتي
المنشورة فقد تبنَّيتُه بعد النقاش مع أستاذي الخليفة الأول - رضي الله عنه -
ونتيجة تعليمه بعد وفاة المسيح الموعود".
التعليق:
أولًا: يظهر لنا من
النص السابق أنّ محمد على اللاهوري صاحب الميرزا غلام المقرب، وزعيم الطائفة
الأحمدية اللاهورية، لا يقر بنبوة الميرزا، ولا أنّ نبوءة سيدنا عيسى عليه السلام
بخصوص مجيء سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم([6])
تخص الميرزا غلام، ولا يقر بكفر من لا يؤمن بالميرزا غلام نبيًّا.
ثانيًا: يعترف بشير
الدين محمود بما اتهمه به محمد علي اللاهوري، وسنرى أدلة بشير الدين محمود التي
يراها تثبت ما اعترف به.
يقول
بشير الدين محمود كلامه: "اعتقادي
عن النبوءة: "اسمه أحمد": اعتقادي عن هذه النبوءة هو أنها في الحقيقة
تتضمن نبوءتين: عن الظِلّ([7])
وعن الأصل. النبوءة عن الظل هي عن المسيح الموعود والنبوة عن الأصل هي عن رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -. أما في هذه النبوءة فقد أُخبر عن الظلّ بصراحة
تامة. والخبر عن الظل يتضمن خبرا عن الأصل تلقائيا لأن وجود النبي الظلي
يقتضي تلقائيا وجود نبي يكون بمنزلة الأصل. لذا يُستنبَط من هذه الآية نبأ
عن نبي أيضا سينال البركات منه المصداقُ الحقيقي لهذه النبوءة. ولأن النبي
- صلى الله عليه وسلم - لا يمكن أن يكون ظلا، بل هو الأصل فلم ينل البركة من أي
إنسان، بل الآخرون ينالونها منه. والزعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينال
البركات من الآخرين، والعياذ بالله، إساءة إليه. لذا بناء على بعض الأدلة الأخرى اعتقد
أن المصداق الأول لهذه النبوءة هو المسيح الموعود الذي هو ظِلّ رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - ومثيل المسيح الناصري. ولكنني أرى أن هذه نبوءة لم
يحددها أيّ نبي بالإلهام لذا فالاعتقاد عنها- أيا كان - ليس إلا تحقيقا علميا فقط.
فلو استنبط أحد معنى آخر من هذه الآية سنعُدّه مخطئا ولن نعُدّه خارجا عن
الأحمدية أو مذنبا. إذًا، هذه ليست قضية نعير لها أهمية من منطلق
الدين".
التعليق:
·
واضح رأي بشير الدين محمود أنّ المصداق
الحقيقيّ والأول لنبوءة سيدنا عيسى عليه السلام هو الميرزا غلام النبيّ
الظليّ، وليس سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم، بالرغم من قوله إنّ الأصل هو سيدنا
مُحَمّد صلى الله عليه وسلم.
·
يقر بشير الدين محمود أنّ رأيه ليس إلا تحقيقًا علميًّا،
وأنه من الممكن أن يستنبط أحد غيره رأيا مخالفًا، ولكنه سيكون خطأ، ولا يخرج بسبب
رأيه من الجماعة الأحمدية، وأنّ هذه القضية لا تستحق أن يعيرها أهمية من منطلق
الدين.
·
كما يدعي بشير الدين محمود أنّ هذه النبوءة لم
يحددها-أي لم يبين دلالتها- نبيّ بإلهام، وقد كذب بشير الدين محمود، فقد ورد عن
سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم قوله إنه "بِشارةُ
عيسى"([8])،
ولا يخفى([9])
أنّ الميرزا غلام يقر أنّ كل كلام سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم هو من الوحي
غير المتلو تفسيرًا لقول الله تعالى {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ
صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا
وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5)}([10]).
·
أيضا قول بشير الدين محمود أنّ هذه النبوءة لم
يحددها-أي لم يبيّن دلالتها- نبيّ بإلهام، تعني أنه لو حددها نبيّ بإلهام فلا بد
من التسليم لما قاله ذلك النبيّ، وهذا يناقض ما تعتقده الجماعة أنه قد ثبت عندهم
أنّ بعض الأنبياء ومنهم سيدنا مُحَمّد صلى الله عليه وسلم، وبقية الرسل الأنبياء
أولي العزم قد ثبت فهمهم غير الصحيح لبعض وحي الله تعالى لهم، وقد فصّلت الرد على
هذا الادعاء في الجزء الأول والثالث من كتاب (حقيقية الطائفة الأحمدية
القاديانية).
ويكمل
بشير الدين محمود كلامه([11]): "...(عقيدتي بشأن كفر غير
الأحمديين):"أعتقد أن الكفر هو نتيجة إنكار الله تعالى. عندما ينزل من الله
تعالى وحي يكون الإيمان به ضروريا للناس، وإنكاره كفر. وبما أن الإنسان لا يؤمن
بالوحي إلا إذا آمن بمن نزل عليه الوحي، لذا لا بد من الإيمان بصاحب الوحي، ومن لا
يؤمن به فهو كافر. ليس بسبب أنه لا يؤمن بزيد أو عمرو، بل لأن إنكاره للوحي وصاحب
الوحي يؤدي إلى إنكار كلام الله. وعندي الكفر بالأنبياء كلهم يعود إلى هذا المبدأ
وليس بسبب إنكار شخصهم. وبما أن الوحي الذي يجب الإيمان به لا ينزل إلا على
الأنبياء، لذا فإن إنكار الأنبياء فقط هو الذي يؤدي إلى الكفر، أما إنكار غير
الأنبياء فلا يؤدي إلى أي كفر. وبما أن الوحي الذي قد فُرض على الناس جميعا
الإيمان به قد نزل على المسيح الموعود، لذا؛ أرى أن الذين لا يؤمنون به کافرون
بحسب القرآن الكريم، حتى لو آمنوا بوحي آخر؛ لأنه إذا وجد وجه واحد من أوجه الكفر
في شخص لأصبح كافرا. والكفر عندي هو إنكار مبدأ من المبادئ التي يُعتبر رافضها
متمردًا وعاصيًا لله، أو تموت الروحانية فيه بسبب إنكاره إياها. ولكن هذا لا يعني
أن شخصا مثله يُعذَّب بعذاب غير مجذوذ إلى الأبد. وبما أن أوامر الإسلام تحكم على
الظاهر، لذا؛ فالذين لا يؤمنون بنبي – وإن كان سبب عدم إيمانهم أنهم لم يسمعوا به
- سوف يعتبرون كافرين، حتى لو كانوا غير مستحقين للعذاب عند الله، لأن عدم إيمانهم
لم يكن ناتجا خطأ والمعلوم أن المسلمين كلهم على مر العصور ظلوا يعتبرون الذين لم
يدخلوا الإسلام كافرين، وإن لم يسمعوا بالنبي ﷺ لم يحدث إلى اليوم أن أحدا قد أصدر
فتوى بكونهم مسلمين. كما لم يفتوا بإسلام آلاف مؤلفة من المسيحيين من ساكني الجبال
في أوروبا ممن لم يسمع بالنبي ﷺ ولم يطلع على تعليم النبي".
التعليق:
إِذَنْ بشير الدين محمود يقر بنبوة الميرزا
نبوة كمثل نبوة الأنبياء السابقين جميعهم صلوات الله وسلامه عليهم،
وأنّ اسم الرسول "أحمد" الوارد في بشرى سَيِّدنا عيسى عليه السلام في
القُرآن الكريم إنما هي نبوءة تخص الميرزا في المقام الأول كما شرح بعد ذلك([12])،
ويقر أيضًا بتكفيره لكل المسلمين الذين لم يبايعوا الميرزا نبيّا، حتى لو لم
يسمعوا باسم الميرزا غلام.
ويقول أيضًا بشير الدين محمود: "ما
دمنا نؤمن بالمسيح الموعود نبيّ الله فأنَّى لنا أن نحسب منكريه مسلمين؟ لا شك
أننا لا نحسبهم كافرين بالله، أي ملحدين، ولكن أي شك في كونهم كافرين بالمبعوث من
الله؟ والذين يقولون: نحسب الميرزا المحترم رجلًا صالحًا فلماذا نُعَدّ كافرين؟
عليهم أن يفكروا هل الصلحاء يكذبون أيضًا؟ إذا كان الميرزا المحترم صالحًا فما
عذرهم في قبول دعاويه؟".
ويكمل بشير الدين محمود كلامه ويقول: "ثم
أثبَتُ من خلال مقتبسات من كلام المسيح الموعود - عليه السلام - أنّه يرى منكريه
كفارًا، ففيما يلي بعض الفقرات من تلك المقتبسات حيث كَتَبَ - عليه السلام - إلى
المرتد عبد الحكيم بتيالوي: "على أية حال، ما دام الله تعالى كشف لي أن
كلّ من بلغته دعوتي ولم يؤمن بي ليس مسلمًا وهو مسؤول عند الله فكيف يمكنني أن
أنبذ أمر الله لقول شخص محاط بآلاف الظلمات سلفا؟، بل الأهون من ذلك أن أطرد هذا
الشخص من جماعتي. لذا أطرده من جماعتي من اليوم".
ويكمل بشير الدين محمود كلامه ويقول: "لا
تقوم الحجة فقط على الذين سعوا في التكفير، بل كل من لم يؤمن به ليس مسلمًا
ثم شرحتُ بلوغ الدعوة بكلمات المسيح الموعود أنّه بلّغ دعوته إلى العالم كله،
وبذلك قد بلغت دعوته العالمَ كله، ولكن ليس ضروريًا أن يقال لكل شخص على حِدَى، ثم
أثبتُّ بواسطة عبارات المسيح الموعود أنّ الذين لا يكفّرون المسيح الموعود -
عليه السلام - ولا يؤمنون به أيضًا هم أيضًا مع هؤلاء، بل الذي ينتظر لمدة
أخرى لمزيد من الاطمئنان ولا يبايع يُصنَّف أيضًا مع المنكرين.
ثم لُخِّصت تلك العبارات بكلماتي: “ فليس الذي يكفِّره فقط، بل الذي لا
يكفّره ولا يؤمن به أيضًا عُدّ كافرا، كذلك الذي يحسبه صادقًا في القلب ولا ينكره
باللسان أيضًا ولكنه مازال مترددًا في البيعة عُدّ كافرًا بعد ذلك نقلتُ
بعض المقتبسات التي تؤيد المقال ونقلت فتوى المسيح الموعود - عليه السلام - عن منع
الصلاة وراء غير الأحمديين مظهرين ضعفهم مقابل حركة الصلح المذكورة آنفًا (التحفة
الغولروية) صفحة 34، الحاشية)([13]) وفي
الأخير استدللت من آية قرآنية بأنّ الذين لا يؤمنون بالميرزا المحترم رسولًا كفارٌ
أشد الكفر وإنْ كانوا يعترفون بصدقه باللسان...".
ويقول بشير الدين محمود([14]): "الآية:{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا
مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ
الْبَيِّنَةُ}...والآن وقبل أن أتناول تفسير هذه الآية أودّ أن أذكر أمرين عن
الأحاديث المذكورة أعلاه: الأول: أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "مَن
سمع بي"([15]) لا
يعني مجرد السماع، بل سماع الحجة، فليس المراد أن أحدًا لو علم بدعوى مؤسس
الإسلام ولم يؤمن به فهو في النار، ذلك أن العقاب لا ينزل بدون إقامة الحجة
القاطعة، وقد ورد في الأحاديث نفسها أن بعض الناس لا يُعاقَبون رغم
سماع الأمر، فمثلا ورد فيها أن المجنون هو ممن رُفع عنه القلم فلن يعاقِبه
الله على أفعاله الجنونية (البخاري: كتاب الطلاق)، مع أنه يسمع حتمًا. فثبت أن
مجرد السماع لا يكفي للعقاب، وإلا لعوقب المجنون والمعتوه. وليس هذا الفرق إلا لأن
المجنون يسمع، لكنه لا يعقل شيئا، لذلك فإن الذي سمع ذكر الرسول - صلى الله عليه
وسلم - دون أن تقام عليه الحجة، فلا يستحق العقاب، لأن العقاب يكون بعد
إتمام الحجة وكشف الحقيقة على الإنسان، وما دام هذا الإنسان لم يعِ دعوى
الرسول - صلى الله عليه وسلم - فكيف يستحق العقاب؟ والأمر الثاني هو أن الثابت من
هذه الأحاديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد فرَّق بين الكفر والعقوبة، وهذه
قضية هامة ما زالت محلّ نزاع بين جماعتنا وبين "البيغاميين"([16])
منذ مدة طويلة. حيث يتساءلون: أكافر مَن لم يسمع بمؤسس الجماعة؟ فعندما نقول:
نعمْ، هو كافر، يرفع هؤلاء عقيرتهم مثيرين ضجة بأن هذا ظلم عظيم، فكيف يمكن أن
يُعتبر مَن لم يسمع حتى باسم مؤسس الجماعة مِن أهل النار. والحق أن هناك فرقًا بين
الكافر وبين أهل النار. وقد بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - هنا صراحة أن الكفر
والعقوبة أمران مختلفان كليةً. إن كل مسلم سيقول إن من لم يسمع باسم النبي - صلى
الله عليه وسلم - هو كافر، ولا أظن أن هناك فرقة واحدة في المسلمين تختلف في هذا
الأمر، فتعتبر الذين لم يسمعوا باسم النبي - صلى الله عليه وسلم - مؤمنين.
فباستثناء الشريحة القليلة التي لا تستحق الاهتمام والتي لا تعتبر أهل الكتاب
كافرين، فإن جمهور المسلمين يقولون بشكل قاطع إن في الدنيا فريقين: مسلم وكافر.
فما هو قول جمهور المسلمين هؤلاء عن المسيحيين أو اليهود أو الهندوس أو الزرادشتيين
أو أتباع ديانةِ "الشانتو" اليابانية أو أتباع الديانة الكونفوشيوسية
الصينية الذين لم يسمعوا باسم الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ فهل يسمّونهم
مسلمين؟ من البديهي أنه لا يُدعى مسلمًا إلا مَن قال لا إله إلا الله وآمن برسول
الله - صلى الله عليه وسلم - حقًا أو في الظاهر. فما دام هذا هو التعريف البسيط
للمسلم فمن الواضح أن الذين لم يشهدوا ألا إله إلا الله ولم يُوَفَّقوا
للإيمان بمحمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنهم يُدْعون كفارًا في كل حال.
ومع ذلك يصرح الرسول - صلى الله عليه وسلم - هنا أنهم لا يعاقَبون رغم كفرهم،
وإنما يعاقَب مَن سمع به - صلى الله عليه وسلم. أي مَن بلغته دعوته - صلى الله
عليه وسلم - وأقيمت الحجة عليه ومع ذلك ظلّ على كفره ولم يُرِدْ أن يدخل في
الإسلام ويؤمن بمحمد - صلى الله عليه وسلم لقد تبين من ذلك أن الرسول - صلى الله
عليه وسلم - قد أعلن حتى عن نفسه -ناهيك عن الأنبياء الآخرين- أن عدم إيمان المرء
به لا يجعله من أهل النار -شريطة أن لا تكون الحجة قد أقيمت عليه- غير أنه يجعله
كافرًا حتمًا، وإن كان يعيش في أي بقعة من بقاع الأرض، وإن لم يسمع باسمه - صلى
الله عليه وسلم - قط، إنه كافر حتما، ولكنه لن يُعاقَب إلا بعد إتمام الحجة. وكأن
هذه القاعدة التي بيّنها الرسول - صلى الله عليه وسلم - إنما تخصّ العقوبة لا
الكفر. لقد فرّق - صلى الله عليه وسلم - بين الأمرين معتبرًا الكفر والعقاب شيئين
مختلفين. وهذه بالضبط هي عقيدتنا عن المسيح الموعود - عليه السلام -. فالذي
لم يسمع باسمه هو كافر، ولكنا لا نعتبره من أهل النار؛ إذ يمكن أن يختبره الله
تعالى في الآخرة فيغفر له بناءً على إيمانه الفطري([17]).
إننا لا نستطيع الجزم بصدد عقابه، لكننا مضطرون لاعتباره كافرًا لأن الإسلام يذكر
اصطلاحين فقط: مؤمن وكافر، فالذي آمن بنبي فهو مؤمن، ومن لم يؤمن به فهو كافر،
سواء كان عدم إيمانه بسبب عدم علمه بالأمر، أو بسبب شرّه. إذا كان عدم إيمانه بنبي
بسبب عدم علمه فهو كافر، لكنه ليس من أهل النار، وإذا كان كفره بنبي بسبب شرّه،
فهو كافر ومن أهل النار. الأسف أن "البيغاميين" في هذه الأيام يَضلّون
لعدم فهم هذه الحقيقة، فالحق أنهم حين يهاجمونني فإنما يهاجمون الرسول - صلى الله
عليه وسلم -، فهو الذي قد بيّن هذا الفرق بين الكفر والعقاب، ففي أحاديث كثيرة قد
فرّق - صلى الله عليه وسلم - بين كفر المرء وبين أن يكون من أهل النار".
التعليق:
·
واضح بلا أدنى شك تكفير بشير الدين محمود لكل مَنْ
هو ليس أحمديًّا مبايعًا، وحتى لو لم يسمع باسم الميرزا من قبل، والأمر المهم في
كلام بشير الدين محمود أنّه استدل بنَص كلام أبيه الميرزا الوارد في كتاب
(التذكرة)([18])،
حيث أوضح أنّ التعبير "غير مسلم" الذي رمى به الميرزا من لم يؤمن به
نبيًّا ورسولًا أنّ معناه الكفر وليس نقص في كمال الإيمان الذي لا يخرج المسلم من
الملة.
·
أيضًا ينفى محمود أنّ من لم يسمع بالميرزا أنه من
أهل النار برغم كفره، وهو بهذا يعارض كلام الميرزا الذي قرر فيه أنّ من لا يؤمن به
كافر، وأنه من أهل النار([19]).
·
وبالنسبة لرأي محمود؛ أنّ الناس إما مسلم أو كافر
ولا ثالث لهما، فهو غير صحيح، فإنه هناك من يُسَمَّون بأهل الفَتْرة،
ويقصد بهم - كما سنرى من كلام بشير الدين محمود نفسه، ومن الأحاديث الشريفة - أنهم
مَنْ لم يأتهم نبيّ ولا رسول ليعرفوا منه الحقيقة، فلا هم مسلمون ولا هم كافرون،
ويفصل الله تعالى في حالهم يوم القيامة كما سنرى.
· نص
كلام محمود في أهل الفترة وقد تحدث عنهم هو نفسه:
يقول بشير الدين محمود([20]): "أما قوله تعالى {وَمَا كُنَّا
مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ} فقد فصّله القرآن الكريم في أماكن أخرى منها: 1 -
قوله تعالى {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ
سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ - قَالُوا بَلَى قَدْ
جَاءنا نَذيرٌ} (المُلك: 9 و 10) 2 - وقوله تعالى {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ
مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ
لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} (الزمر: 72) 3 - وقوله تعالى {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ
مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ}
(فاطر: 38) 4 – وقوله { وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ
فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَمَا كُنَّا
مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} (59) (القصص: 60)، 5 - وقوله
{وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا
رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ
وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (القصص:48). أي بما أن هذا عذر معقول لذلك
بعثنا إليهم الرسل دائمًا، ولم نعذبهم إلا بعد إقامة الحجة عليهم
وبعد أن كفروا برسلهم. كل هذه الآيات من سنة الله تعالى أن لا يُنزل العذاب
على أي قوم دون أن يبعث إليهم رسولا، بمعنى أن المنطقة التي تكون رسالةُ رسول ذلك
العصر موجهة اليهم لا تتعرض للعذاب ما لم يظهر بينهم رسول آخر - وإن كان
تابعًا للنبي السابق - وما لم يقم بإنذارهم. وقد يسأل هنا أحد: فما بال القوم
الذين يذوقون هذا العذاب ولم تقم عليهم الحجة؟ لقد جاء الجواب على ذلك في حديث
ورد في مسند أحمد بن حنبل والمروي عن أبي هريرة - رضي أن النبي - صلى الله عليه
وسلم - قال: أربعة يحتجّون يوم القيامة: رجلٌ أَصَمُّ لا يسمع شيئًا، ورجل أحمقُ،
ورجل هَرِمٌ، ورجل مات في فترة. فأما الأصم فيقول: رَبِّ، لقد جاء
الإسلام وما أسمع شيئًا؛ وأما الأحمق فيقول: جاء الإسلام والصبيانُ يَحذِفوني
بالبَعْر؛ وأما الهَرِم فيقول: ربّ، لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئًا؛ وأما الذي
مات في الفترة فيقول: رَبِّ، ما أتاني لك رسول؟ فيأخذ سبحانه مواثيقَهم
لَيُطيعُنَّه، فيرسل إليهم رسولاً أَنِ ادخُلوا النار. فمن دخلها كانت عليه بردًا
وسلامًا، ومن لم يدخلها سُحب إليها" (روح المعاني) .. أي أن الله -
عز وجل - سوف يختبر هؤلاء يوم القيامة بهذا الطريق، فتنكشف فطرتهم على حقيقتها،
ويُجزَون بحسبها"([21]).
والحديث التالي رواه ابن القيم([22]): وهو يؤكد ما جاء في مسند أحمد: "أربعةٌ
يحتجون يومَ القيامةِ ، رجلٌ أصمٌّ لا يسمعُ ، ورجلٌ هرمٌ ، ورجلٌ أحمقٌ ، ورجلٌ
مات في الفترةِ . أما الأصمُّ فيقول: ربِّ لقد جاء الإسلامُ
وأنا ما أسمع شيئًا. وأما الأحمقُ فيقول: ربِّ لقد جاء الإسلامُ
والصبيانُ يحدفونني بالبعرِ. وأما الهرمُ فيقول: ربِّ لقد جاء الإسلامُ وما أعقلُ.
وأما الذي في الفترةِ فيقولُ ربِّ ما أتاني رسولٌ. فيأخذُ مواثيقَهم ليُطعْنَه.
فيرسلَ إليهم رسولًا أنِ ادخلوا النارَ. فوالذي نفسي بيدِه لو دخلوها لكانَتْ
عليْهِم بَردًا وسلامًا"([23]).
النص الثاني من نصوص تكفير بشير الدين
محمود لغير الأحمديين:
يقول بشير الدين محمود([24]): "وأقدم قصة
سليمان عليه السلام كمثال آخر. كان الكفار في زمنه يسمّونه كافرًا كما يقول الله
تعالى في القُرآن " وما كفر سليمان، ولكن الشياطين كفروا" أي لم يكفر
سليمان البتة، بل أعداؤه الذين كانوا بعيدين عن الله صاروا هم أنفسهم كفّارا
بتكفيره".
التعليق:
لا يوجد في الآية ما يدل إطلاقًا على ما
ذهب إليه بشير الدين محمود أنّ أعداء سَيِّدنا سليمان عليه السلام الذين كانوا
بعيدين عن الله صاروا هم أنفسهم كفّارا بتكفيره، وهذا هو نص الآية الكريمة:
{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ
سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ
وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا
يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا
تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ
وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إلا بِإذْنِ اللَّهِ
وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ
اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ
أَنْفُسَهُمْ لَو كَانُوا يَعْلَمُونَ}([25]).
ونكمل كلام بشير الدين محمود، يقول: "لقد
ذُكرت في هذه الآية نقطة عظيمة تهمكم أيضًا وهي أنّ بعض الناس يقولون إنّ إنكار
نبيّ مشرع فقط يعد كفرًا وإنكار الأنبياء الآخرين ليس كفرًا. ولكن سليمان لم يكن
نبيّا مشرعًا عند اليهود ولا عند المسلمين، بل يقول الجميع أنّه كان نبيّا غير
مشرع، ومع ذلك يقول الله تعالى "ولكن الشياطين كفروا" أي أعداؤه كانوا
يقولون إنّه كَفَرَ، ولكنهم كانوا كافرين هم أنفسهم. فتبين من ذلك أن
إنكار أنبياء غير مشرعين أيضًا كفر. فلو قال منكرو المسيح الموعود عليه السلام
أنّه ليس نبيّا مشرعًا فكيف صار منكروه كافرين؟ لَمَا نفعهم هذا العذر.
كان المولوي مُحَمَّد علي يركز كثيرًا على إنكار نبيّ مشرع فقط كفر، ولكن الله
تعالى يقول في هذه الآية بكل صراحة "وما كفر سليمان، ولكن الشياطين
كفروا" أي لم يكفر سليمان، بل أعداؤه ارتكبوا كفرًا بتكفيره، فالذي يُكَفِّرُ
مرسلًا صادقًا من الله أو أتباعه يصبح هو نفسه كافرًا بحسب القُرآن الكريم، بل لو
تأملنا في هذه الكلمات بنظره شاملة لتبين أنّها تعني في الحقيقة أنّ المنكر يصبح
كافرًا بمجرد الإنكار وإن لم يُكَفِّر"([26]).
واضح أنّ بشير الدين محمود أخرج الآية
الكريمة من معناها الواضح إلى معانٍ تخدم هواه فقط، وهي تكفير منكر نبوة الميرزا
حتى لو لم يحكم بكفر الميرزا، وللعلم فإنّ بشير الدين محمود ذكر أنّ القائل بعدم
كفر من ينكر نبوة نبيّ غير تشريعي هو المولوي (الشيخ) مُحَمَّد علي اللاهوري، ولكن
في الحقيقة إنّ مُحَمَّد علي اللاهوري نقل كلامًا للميرزا غلام كما ورد في كتاب
(ترياق القلوب) بالحاشية([27]).حيث يقول الميرزا
غلام: ".إنّ المؤاخذة لا تكون إلا لمن ينكر نبوة النبيّ التشريعي".
الخلاصة:
واضح أنّ الطائفة الأحمدية القاديانية تعتقد
بكفر كل من لم يبايع الخليفة الأحمديّ على نبوة الميرزا غلام، حتى لو كان مصدقًا
للميرزا غلام، أو حتى لو لم يسمع باسمه من قبل([28]).
([1])
في كتاب الميرزا غلام (الحكم السماوي) 1892 صفحة 6 يقول الميرزا: "ينبغي أن يكون من واجب العلماء المتقين المتدينين
والورعين ألا يستعجلوا في تكفير أحد ما لم تكن بأيديهم أسباب قطعية ويقينية صحيحة
تستلزم تكفيره، وما لم يعترف أحد بلسانه بما يستلزم الكفر ولم ينكره".
([3]) كتاب (مرآة الحق) صفحة 113 كما جاء بكتاب (شبهات وردود).
كتاب (مرآة الحق) باللغة الأردية، وهو من تأليف الخليفة
الأحمدي الثاني بشير الدين محمود، وقد وضعه للرد على اتهامات مُحَمَّد علي
اللاهوري مؤسس الجماعة الأحمدية اللاهورية– وهو أحد كبار مرافقي وأصحاب الميرزا
المقربين - حيث اتهم مُحَمَّد علي اللاهوري بشير الدين محمود أنّه يكفِّر كل من لا
يؤمن بالميرزا نبيًّا سواءً أكان من المسلمين أهل القبلة أو من غيرهم، فأقر بشير
الدين محمود بالتكفير.
وقد قام المكتب العربي الأحمدي بترجمة الكتاب إلى اللغة
العربية، وقد حصلنا على نسخة منه من أحد أعضاء المكتب العربي الأحمدي الذين تابوا
إلى الله وتركوا الأحمدية، ولكن المكتب العربي لم ينشر ترجمته رسميًّا إلى الآن،
وسوف نصل إلى نفس ما ورد في هذا الكتاب من نصوص تكفيرية من خلال نصوص أخرى متناثرة
في كتب بشير الدين محمود المنشورة في الموقع الرسمي للطائفة الأحمدية القاديانية.
([4])
(محمد علي اللاهوري) هو أحد أهم علماء الأحمدية، وهو من كبار مرافقي وأصحاب
الميرزا المقربين، وكان في خلاف دائم مع بشير الدين محمود الخليفة الأحمدي الثاني
بخصوص حقيقة نبوة الميرزا غلام، حيث كان محمد علي اللاهوري لا يعتقد بنبوة حقيقية
للميرزا غلام، وإنما هو فقط وليّ مُحَدَّث ومجدد للإسلام، ولم تكن النبوة التي
قررها الميرزا غلام في الكثير من كتبه المتأخرة إلا نبوة مجازية لغوية، وبناء على
هذا الاعتقاد لا يرى محمد علي اللاهوري كفر من لا يصدق بنبوة الميرزا المجازية،
وبعد موت الخليفة الأحمدي الأول نور الدين، انقسم أتباع الميرزا إلى جماعتين؛
الجماعة الأولى هي الطائفة الأحمدية القاديانية بقيادة بشير الدين محمود، وهي
الجماعة الأكبر والأكثر انتشارًا، والجماعة الثانية هي الأحمدية اللاهورية وهي
جماعة صغيرة بقيادة مُحَمَّد علي اللاهوري.
([6]) يقول
الله تعالى:{وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي
رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ
وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ
بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (6)} سورة الصف.
([8])
«إنِّي عبدُ اللهِ، وخاتَمُ النَّبيِّينَ، وأبي مُنجَدِلٌ في
طينتِهِ وسأُخبرُكم عنْ ذلك: دعوةُ أبي إبراهيمَ، وبِشارةُ عيسى،
ورُؤيا أُمِّي الَّتي رَأَتْ، وكذلك أُمَّهاتُ النَّبيِّينَ يَرَيْنَ». وأنَّ
أُمَّ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَأَتْ حين وضَعَتْهُ نورًا أَضاءتْ
لها قصورُ الشَّامِ، ثُمَّ تلا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ
شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ
وَسِرَاجًا مُنِيرًا} [الأحزاب: 45، 46].".
الراوي: عرباض بن سارية | المحدث: الحاكم |
المصدر: المستدرك على الصحيحين، الصفحة أو الرقم: 3612 | خلاصة حكم المحدث: صحيح
الإسناد.
«إنِّي عندَ اللهِ في أوَّلِ الكِتابِ
لَخاتَمُ النَّبيِّينَ، وأنَّ آدَمَ لَمُنجَدِلٌ في طِينتِه، وسأُنبِّئُكم
بتأْويلِ ذلك، دَعْوةُ أبي إبْراهيمَ، وبِشارةُ عيسَى قَومَه،
ورُؤْيا أمِّي الَّتي رأَتْ أنَّه خرَجَ منها نورٌ أضاءَتْ له قُصورُ الشَّامِ».
الراوي: العرباض بن سارية | المحدث: الحاكم
| المصدر: المستدرك على الصحيحين، الصفحة أو الرقم: 4226 | خلاصة حكم المحدث: صحيح
الإسناد.
"إنِّي عندَ اللهِ مَكتوبٌ بخاتَمِ
النَّبيِّينَ وإنَّ آدَمَ لِمُنْجَدِلٌ في طينتِه وسأُخبِرُكم بأوَّلِ ذلك: دعوةُ
أبي إبراهيمَ وبِشارةُ عيسى ورؤيا أمِّي الَّتي رأَتْ حينَ
وضَعَتْني أنَّه خرَج منها نورٌ أضاءَتْ لها منه قصورُ الشَّامِ".
الراوي: العرباض بن سارية | المحدث: ابن
حبان | المصدر: صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 6404 | ، خلاصة حكم المحدث: أخرجه
في صحيحه، التخريج: أخرجه أحمد (17163)، والطبراني (18/252) (629)، والحاكم (4175)
باختلاف يسير.
([9]) كما رأينا في باب الأصول في هذا الكتاب، وفي كتاب (حقيقية
الطائفة الأحمدية القاديانية) الجزء الأول والثالث.
([12]) حيث
قال :"... لذا
بناء على بعض الأدلة الأخرى اعتقد أن المصداق الأول لهذه النبوءة هو المسيح
الموعود...".
([13]) هذا هو النص المشار إليه في كتاب (التحفة الجولروية) تأليف
الميرزا سنة 1900م والمنشور في 1902 صفحة 34 بالحاشية: " (1) يتضح من هذا
الكلام الإلهي أنّ الذين يُكفِّرون ويُكذبون هم قوم هالكون، فلا يستحقون أن
يُصلِّي وراءهم أحد أبناء جماعتي، فهل يمكن لحيٍّ أن يُصلِّي خلف ميت، فتذكروا أنّ
الله - سبحانه وتعالى - أخبرني أنّه حرام عليكم قطعا أنّ تُصلّوا خلف أي مكفِّر أو
مكذب أو متردد، بل يجب أنْ يؤمّكم أحدٌ منكم، وإلى هذا يشير جانب من حديثِ البخاري
"إمامكم منكم" أي عندما سينزل المسيح فسيكون لزاما عليكم أن تتركوا نهائيا
سائرَ الفِرق التي تدَّعي الإسلام، وسيكون إمامكم منكم. فعليكم أن تعملوا بذلك،
فهل تُريدون أن تقوم عليكم حجةُ الله وتَحبط أعمالُكم وأنتم لا تشعرون، فالذي
يقبلني بصدق القلب فهو يطيعني أيضًا بإخلاص، ويعتبرني حَكَما في كل أمر ويطلب مني
الحكم في كل نزاع. أما الذي لا يقبلني بصدق القلب فسترون فيه نخوة وأنانية؛
فاعلموا أنّه ليس مني لأنه لا ينظر إلى أقوالي التي تلقيتُها من الله بعظمة فلا
تعظيمَ له في السماء" منه ".
([15]) يقصد الحديث التالي: "عَن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم
- قَالَ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ
هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلا يُؤْمِنْ
بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ".
(مسلم، كتاب الإيمان)"، حديث صحيح.
([16]) هم الجماعة الأحمدية اللاهورية.
كتاب (الخلافة الراشدة) تأليف بشير الدين محمود الخليفة
الأحمدي الثاني صفحة 9 بالحاشية يقول المترجم: "
هم الذين أرادوا إلغاء الخلافة في الجماعة في عهد الخليفة
الثاني رضي الله عنه، ولم يبايعوه، وانشقوا عن الجماعة التابعة للخلافة واتخذوا
مدينة لاهور مركزا لهم، وكان أول رئيس لهم هو المولوي محمد علي اللاهوري، واشتهروا
بألقاب عديدة مثل "غير المبايعين" لرفضهم بيعة الخليفة الثاني رضي الله
عنه، و"اللاهوريين" نظرا لمركزهم لاهور، و"البيغاميين" نظرا
لجريدتهم "بيغام صلح" أي "رسالة الصلح". (المترجم).
([17]) سوف نرى من كلام (بشير الدين محمود) واستدلاله بالحديث الشريف
بخصوص أهل الفَتْرة أنّ الله تعالى سوف يأمرهم بدخول النار على سبيل اختبار طاعتهم
له سبحانه وتعالى؛ فيأمرهم بأن يذهبوا إلى النار، فمن أطاعه يدخله الجنة، فهل ثبت
أنّ الله تعالى سيسأله عن الميرزا لماذا لم تؤمن به!
([18]) كتاب (التذكرة) بتاريخ 1906م صفحة 662، يقول الميرزا غلام:
"لقد كشف الله عليّ أنّ كلّ من بلغَتْه دعوتي ولم يصدّقني فليس بمسلم، وهو
مؤاخذ عند الله تعالى".
([19]) 1- كتاب (التذكرة) صفحة 164بتاريخ سنة 1888يقول الميرزا:
"وبشّرني أنّ الذي يعاديك ويعارضك بعد معرفة صدقك فهو من أهل النار. (مقتبس
من الرسالة المؤرخة في آب 1888، المنشورة في "الحكم"، مجلد 5، عدد 32،
في يوم 31/ 8/1901، صفحة 6، عمود 2).
2- كتاب (التذكرة) صفحة 342 سنة 1899 يقول الميرزا: "
جو شخص تيري پيروي نہيں کرے گا اور تيري بيعت ميں داخل نہيں ہو گا اور تيرا مخالف
رہے گاوہ خدا اور رسول کي نافرماني کرنے والا اور جہنمي ہے?" (أردية)، أي:
أنّ الذي لا يتّبعك ولا يبايعك، ويظل معارضًا لك، فهو عاصٍ لله ولرسوله، ومِن أهل
النار. (رسالة المسيح الموعود - عليه السلام - إلى بابو إلهي بخش، يوم 16/6/1899،
مجموعة الإعلانات، مجلد 3، صفحة 275).
([21]) وقد جاء بشير الدين محمود بالحديث بنصه في الحاشية كما يلي:
“(ونصُّ الحديث: “عن الأسود بن سريع أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
أربعة يوم القيامة: رجل أصم لا يسمع شيئا، ورجل أحمقُ، ورجل هَرِمٌ، ورجل مات في
فترة. فأما الأصم فيقول: ربِّ، لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئا، وأما الأحمق فيقول:
ربِّ، لقد جاء الإسلام والصبيان يحذِفوني بالبَعْر، وأما الهرم فيقول: ربي لقد جاء
الإسلام وما أعقِل شيئا، وأما الذي مات في الفترة فيقول: ربِّ، ما أتاني لك رسول؟
فيأخذ مواثيقَهم لَيُطِيعُنّه، فيرسل إليهم أَنِ ادخُلوا النار. قال: فوالذي نفسُ
محمد بيده، لو دخلوها لكانت عليهم بَرْدًا وسلامًا .... عن أبي رافع عن أبي هريرة
مثلَ هذا، غير أنه قال في آخره: فمَن دخلها كانت عليه بردًا وسلامًا، ومَن لم
يدخلها يُسحب إليها" (مسند أحمد: مسند المدنيين رقم الحديث 15712)" إسناده
صحيح.
تعليقات
إرسال تعليق