مقال (365) إنشقاق القمر إلى نصفين هل كان كشفا أو خسوفا أم كان حادثا طبيعيا و تاريخيا؟
و هل لو كان فعلا عبارة عن كشف رآه النبيّ صلى الله عليهم و سلم و استطاع بقدوسيته – كما يقول الاحمديون – أن يريه لمن حوله من الكفار , فهل يمكن أن يوصف بأنه حادث طبيعي و تاريخي ؟
و هل ممكن أيضا أن يراه غير كفار قريش مثل بعض الهندوس في زمن سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم ؟
فلنتعرف على رأي الميرزا غلام أحمد نبيّ الطائفة غير المسلمة الأحمدية القاديانية في هذا الأمر من خلال ما كتبه الميرزا غلام أحمد نبيهم الهندي القادياني في كتابه " كحل عيون الاريا "/1886 م :
يقول الميرزا غلام أحمد في إجابة لأحد الآريين الهندوس يشكك في معجزة إنشقاق القمر و أنه لم يحدث في الواقع و أنه لو وقع بالفعل لحدث خلل في علاقة التوازنية بين الأرض بالقمر :
" لقد اعترض المدرس الهندوسي على المعتقد الإسلامي "انشقاق القمر" ويبدو قصده من هذا الاعتراض أنه لما كان المثقفون حديثا يحسبون كل هذه العجائب الأرضية والسماوية- التي لا تحيط بها عقولُهم- خلافا لقانون الطبيعة بسبب انتشار الفلسفة الإنجليزية التي لم يروها بأم أعينهم ولم يجدوا أثرها في كتبهم الفلسفية، لذا قد أثار المدرس اعتراضا لكي يتفق في الرأي دونما سبب مع الفلاسفة الذين تستولي على عقولهم وأذهانهم الأفكارُ الفلسفية أن انشقاق القمر مستحيل"
و يقول :
" نريد أن نكشف أن معجزة انشقاق القمر ليست في نظر أهل الإسلام أمرا يتوقف عليه إثبات صدق الإسلام وهو لا يعدّ البرهان الأعظم على صدقه. بل هي آية من الطبيعة من آلاف الشواهد الداخلية والخارجية ومئات المعجزات والآيات وتتمتع بإثبات كاف من التاريخ نذكره في الصفحات التالية عن قريب "
و يقول :
" فالجلي من هذا البحث أنه لو لم يستطع أهل الإسلام إثبات هذه المعجزة تاريخيا– على سبيل المحال- فإن عدم قدرتهم على هذا الإثبات لا يضر الإسلام أيما ضرر"
و يقول :
" وبالإضافة إلى ذلك فليكن مفهوما أن الذين يعترضون على معجزة انشقاق القمر فإنما يملكون حجة وحيدة وهي أيضًا ناقصة وداحضة أن انشقاق القمر ينافي قوانين الطبيعة. لذا أرى من المناسب أن نبحث شيئا في قانون الطبيعة الذي يذكرونه ثم نذكر من التاريخ الإثبات الذي يبرهن على صحة هذا الحادث. فليكن معلوما أن المؤمنين بالطبيعة أي الذين يُدعَون أتباع قانون الطبيعة يركزون على أن من البدهي أن كل ما يستطيع الإنسان معرفته بقواه العقلية فهو لا شيء غير الطبيعة وقانون الطبيعة"
و يقول :
" العقل الإنساني ما زال لم يُحطْ بقوانين الطبيعة بعد"
و يقول :
" وحين ثبتت مئات الخواص بالمشاهدة رغم كونها مخالفةً لقانون الطبيعة ومناقضة للقوانين في الطبيعة فلم يجدوا بُدًّا من قبولها في نهاية المطاف. فلم تقاومْها علومُ الطبيعة والهيئة شيئًا. غير أن هناك بعض الأحداث العجيبة التي ثبتت تاريخيًّا مثل معجزة انشقاق القمر "
و يقول :
" باختصار لا تبدو أن سلسلة العلوم الجديدة ستنقطع. فلمَ هذا النفور والعجب من الحادث التاريخي أي انشقاق القمر؟ ففي الأيام الماضية التي لم تمضِ عليها مدة طويلة أصابت الوسوسةُ فيلسوفا أوروبيا عن انشقاق الشمس وربما حدث ثقب والْتئام معا"
و يقول :
" فملخص هذه المقدمة كلها أنه ليس في وسْع قانون الطبيعة الصمودُ أمام حقيقة ثابتة. لأن المراد من قانون الطبيعة أفعال الله التي ظهرت طبيعيًا، أو ستظهر في المستقبل"
و يقول :
" لقد ثبت ويلاحَظ دوما أن الذين يُدعَون متمسكين بقانون الطبيعة عبثا، يكونون في رأيهم غير ناضجين"
و يقول :
" ولقد سجل العلاّمة خطابا رائعا هنا وقال: صحيح أن جميع الناس ملائمو الطبع بسبب مشاركتهم في نوع واحد، ومع ذلك يعطى بعضهم أحيانا وفي عصر معين قدراتٍ متميزة أو قوى سامية لا تلاحظ عمومًا في الآخرين. كما قد ثبت بالمشاهدة أن بعضهم عاشوا في العصر الحالي أكثر من 300 عام، وهذا العمر خارق للعادة"
و يقول :
" العمل الذي يقوم به الله - سبحانه وتعالى - لإظهار القدرة فقط فإنما يتحقق ذلك العملُ بسبب القدرة الكاملة لا بالقدرة الناقصة. أي أن القادر القدير الذي من صلاحيته وقدرته أن يشق القمر فهو قادر على تحقيق ذلك بحكمة بحيث لا يحدث أي خلل في نظامه. ولذلك يسمى "سرب شكتي مان" أي القادر المقتدر. ولو لم يكن قادرا ومقتدرا لما قدر على إنجاز عمل من أعمال الدنيا/ قدر على تسيير نظام العالم على ما يرام."
و يقول :
" أما الفعل الإلهي الذي له علاقة بالقدرة وحدها فلا يستطيع أن يعترض عليه إلا من أحاط بجميع قدرات الله أولا. وليكن واضحا هنا أيضًا أن مسألة انشقاق القمر حادثٌ تاريخي قد ورد ذكره في القرآن الكريم"
و يقول :
" فكان لزاما على المنكرين في ذلك الزمن أن يتوجهوا إلى بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقولوا له: متى وفي أي وقت شققتَ القمر ومتى رأينا ذلك؟ لكن لما سكت جميع المخالفين ولم ينبسوا ببنت شفة بعد نشر هذه الآيات وكونها معروفةً، فهذا يبرهن على أنهم كانوا قد رأوا القمر قد انشقَّ حتمًا"
و يقول :
" ففي هذه الحالة من الواضح جدا أنه إذا لم تكن هذه المعجزة قد ظهرت وكان افتراءً محضا تحتَّم أن يرتد فورا ألوف مؤلفة من المسلمين الذين آمنوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - كلُّهم. لكن من الجلي البين أن شيئا من هذه الأمور لم يظهر. ومن ثم ثبت بالتأكيد أن معجزة انشقاق القمر ظهرت حتمًا. "
و يقول :
" فمن دأب الإنسان أنه حين يرى أي شيء أرفع من عقله يظنه مخالفًا للعقل. مع أن كون شيء فوق العقل أمرٌ وكونه مخالفا للعقل أمر آخر تماما"
و يقول :
" أما عقائد الإسلام فليس فيها أي أمر يخالف العقل في الحقيقة، إلا أن هناك بعض الأمور الدقيقة تفُوق العقول الناقصة والتي تنكشف في حالة كمال المعرفة"
و يقول :
" إذا كان عقل المرء غير مصاب بالخلل فهو يفهم بسهولة أن ظهور ميزة جديدة لشيء لا يستلزم إبطال ميزاته السابقة. فبناء على هذه القاعدة إن العقلاء الذين يهابون دوما من قدرات الله العظيمة الشأن يعرفون جيدًا أن الحكيم القدير الذي لا نهاية لحِكمه، من المحتمل أن يكون قد أودع الشمس والقمر ميزة لا يَحدث بموجبها الخللُ في عملهما حتى بعد الانشقاق"
و يقول :
" في الآية الكريمة المذكورة آنفا أي أن الساعة المحددة المقدرة لانشقاق القمر قد اقتربت، فانشق القمر كما يقول - سبحانه وتعالى - في الآية التالية: {كَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ}، أي قد حمل الكفار انشقاقَ القمر محملَ السحر وكذَّبوا لكنه ليس من السحر في شيء بل هو من الأمور الإلهية أي القوانين الطبيعية التي تستقر في ساعاتها المحددة"
و يقول :
" ثم هذه الدعوى لم تشتهر في العرب فقط بل في الزمن نفسه كانت قد اشتهرت في بلاد الروم والشام ومصر وفارس وغيرها من البلاد النائية. ففي هذه الحالة لم يكن مدعاة للعجب أن تنبهر شتى الأمم- التي كانت تعارض الإسلام- وتلزم الصمت ولا تنبس بأي كلمة، وتمتنع بدافع العناد والبغض والحسد من الإدلاء بالشهادة على حدوث انشقاق القمر"
و يقول :
" فقد ظهرت هذه المعجزة في مكة وكان المسلمون ما زالوا ضعافا وفقراء وعديمي الحيلة"
و يقول :
" فهذا يشكل دليلا صريحا على أن المعارضين رأوا انشقاق القمر بأم أعينهم حتمًا ولم يكن لديهم أي مجال للرد، وهذا ما منَعهم من إثارة الشغب في الإنكار. فلما كانت معجزة انشقاق القمر قد اشتهرت في ملايين المخلوقات في الزمن نفسه لم يتصدَّوا لمواجهتها خجلا"
و يقول :
" وإضافة إلى هذه الأمور نكتب أن كتب الهندوس الموثوق بها أيضًا تتضمن الشهادة على حدوث انشقاق القمر. فقد كتب جناب بياس في "مها بهارتهه كى دهرم برب" أن القمر كان قد انشقَّ في زمنه تم اتصل."
و يقول :
" وليكن معلوما هنا أن معجزات التصرفات الخارجية قد وردت في القرآن الكريم على عدة أنواع. فمنها أن الله - سبحانه وتعالى - أظهر تصرّف قدرته في السماء وجعل القمر شقَّين بدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -. والثاني ذلك التصرف الذي أظهره الله بدعاء ذلك الممدوح - صلى الله عليه وسلم - في الأرض حيث أحدث مجاعةً شديدة امتدت سبع سنوات. حتى اضطر الناس لسحق العظام للأكل."
و في النهاية هل بعد كل هذه النصوص هناك من يستطيع من اتباع الميرزا غلام أحمد أن يقول انما كان شق القمر كشفا أو مجرد خسوف أو نبوءة عن كشف سيحدث مستقبلا أو معناه بعثة نبيّ جديد ؟
د.إبراهيم بدوي
2020-04-11
تعليقات
إرسال تعليق