مقال (406) هل آية سورة الأحزاب
" وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ
مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ " تثبت نبوة الميرزا غلام ؟
https://ibrahimbadawy2014.blogspot.com/2020/10/406.html
لدينا آيتان تكلمتا عن ميثاق متعلق بالنبيين .
آية سورة آل عمران :
قال تعالى: "وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا
آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ
لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى
ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ
الشَّاهِدِينَ" [آل عمران : 81]
و آية سورة الأحزاب :
قال تعالى: "وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ
وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا
مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا [7] لِّيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ
لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا" [الأحزاب :
8]
النقطة الأولى :
و المقصود من إيمان و نصرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لمن يأتي بعده من الرسل هو ايمان و نصرة أمته المسلمة لمن يأتي بعده صلى الله عليه وسلم و هذا هو خلاصة الفكر الأحمدي من خلال الجمع بين آية آل عمران و الأحزاب .
عندما قال الميرزا غلام هذا الكلام كان ردا على أحد أتباعه الدكتور عبد الحكيم البطالوي و قد ترك الميرزا غلام و لم يعد يؤمن به مسيحا موعودا و كان يؤمن - بحسب كلام الميرزا في كتابه حقيقة الوحي - بأنه يكفي توحيد الله دون الايمان بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
النقطة الثانية :
الميرزا غلام الحكم العدل كما يدعي عن
نفسه لم يفسر آية سورة الأحزاب و كذلك إبنه بشير الدين محمود الملهم و الملقب
بالمصلح الموعود و صاحب التفسير الكبير ، فلماذا تركا كلاهما تفسير هذه الآية
المحورية - من وجهة نظر الأحمديين - و التي تثبت مجيء نبي بعد سيدنا محمد صلى الله
عليه وسلم و أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم و أمته مأمورون كما بقية الأنبياء بالإيمان و النصرة للرسول التالي أي الميرزا غلام ؟
النقطة الثالثة :
التفاسير مثل مفاتيح الغيب و ابن
كثير و القرطبي و غيرهم قالوا باحتمالية أن يكون الميثاق هو هو في الآيتين و أن ذِكر
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في آية الأحزاب للتشريف و من باب ذكر الخاص بعد
العام و لم يأتي في كلامهم أن سيدنا محمد صلى الله
عليه و سلم مأمور بالإيمان و النصرة لمن يأتي بعده من الرسل .
و قالوا أيضا أنه ممكن أن يكون
الميثاق في سورة الأحزاب غير ميثاق سورة آل عمران و إنما الميثاق هو أن الله تعالى
سوف يسأل الأنبياء والمرسلين عن أدائهم لمهامهم و يظهر هذا من بقية الآيات " لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ
لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا " (8) سورة الأحزاب
آية سورة الأحزاب :
قال تعالى: "وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ
وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا
مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا [7] لِّيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ
لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا" [الأحزاب :
8]
آية سورة آل عمران :
قال تعالى: "وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا
آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ
لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى
ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ
الشَّاهِدِينَ" [آل عمران : 81]
إذن لا دلالة قطعية في أن الميثاق
في السورتين هو نفس الميثاق ، و بالتالي اعتبار الميثاق في السورتين هو نفسه هو استدلال
ظني لتعدد التفاسير و هذا هو مذهب الميرزا كما في كتاب مناظرة لدهيانة و غيره ، و
كما يقول الميرزا " و الظن لا يغني من الحق شيئا
" كما في كتاب اتمام الحجة صفحة رقم 61 .
النقطة الرابعة:
يقول الميرزا غلام كما في كتاب
التحفة الجولوروية أن النصوص القرآنية و الحديثية لا تفسر إلا بالظاهر و لا يحال
للتأويل إلا بقرينة قوية لازمة .
ولا يوجد في آية الأحزاب أي قرينة تلزمنا
بأن الميثاق فيها هو نفسه ميثاق سورة آل عمران
.
النقطة الخامسة:
هذا هو تفسير حقائق الفرقان المجلد
الثالث للخليفة الأحمدي الأول نور الدين لآية الأحزاب يقول:
[ وإذ أخذنا
من النبيين ]
" أي قد أُخذ من جميع النبيين عهدا بأن يُخبروا عن نبوة محمد
صلى الله عليه وسلم و لينبئوا عنها ، و أُخذ من النبي صلى الله عليه وسلم أيضا
ليقدر نبوته."
إنتهى النقل
[تشحيذ الأذهان ، مجلد 8 ,
صفحة 474] .
إذن نور الدين يرى أن الرسول في آية
آل عمران هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، و يرى أن ذِكر سيدنا محمد صلى الله
عليه وسلم في آية الأحزاب تشريفا و تقديرا لنبوته صلى الله عليه وسلم و لم يذكر أي
شيء يخص الميرزا غلام.
النقطة السادسة:
لو تنزلنا مع أتباع الميرزا غلام و
قلنا أن الميثاق في آية سورة الأحزاب هو نفسه الميثاق الذي في سورة آل عمران , و
أنه بجمع الآيتين معا يثبت استمرار النبوة و أن هذا دليل اكيد على نبوة الميرزا
غلام و أن سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و أمته المسلمة مأمورون بالايمان و النصرة له , ففي آية سورة آل عمران شرط مهم لم يتحقق في الميرزا غلام حتى يقال أن
سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم هو أيضا مأمور بالتصديق و الإيمان و نصرة الرسول
الذي يأتي بعده , و هذا الشرط هو التعبير
" رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ "
, فما معنى " مُّصَدِّقٌ لِّمَا
مَعَكُمْ " ؟
أما
قوله تعالى كِتَابٌ فقد اتفقوا على أن هذا الكتاب هو القرآن لأن قوله تعالى
مُصَدّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ يدل على أن هذا الكتاب غير ما معهم وما ذاك إلا القرآن
أما قوله تعالى مُصَدّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ ففيه مسألتان:
المسألة
الأولى لا شبهة في أن القرآن مصدق لما معهم في أمر يتعلق بتكليفهم بصديق محمد صلى الله عليه وسلم في النبوة واللائق بذلك هو كونه
موافقاً لما معهم في دلالة نبوته إذ قد عرفوا أنه ليس بموافق لما معهم في
سائر الشرائع وعرفنا أنه لم يرد الموافقة في باب أدلة القرآن لأن جميع كتب الله
كذلك ولمّا بطل الكل ثبت أن المراد موافقته لكتبهم فيما يختص
بالنبوة وما يدل عليها من العلامات والنعوت والصفات ..." اه
التفسير:
قوله تعالى "مصدق لما معهم " .. التصديق على نوعين: الأول- كقولنا مثلا:
زيد صادق، بمعنى أنه لا يمكن أن نعزوه إلى الكذب، والثاني-مثلا يقول زيد إن
بكرًا سوف يحضر .. فيحضر بكر؛ فقد صدَّق بكر زيدا .. حيث حقّق ما قال. وهنا لا
يعني قوله"مصدق لما معه" أن القرآن الكريم يصدق ويقبل كل ما ورد في التوراة،
وإنما يعني فقط أنه حقق بنزوله نبوءات
التوراة الواردة في شأنه وشأن النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم -.
ولإقامة
الحجة على اليهود .. بين الله هنا أن القرآن
هو ذلك الكتاب الذي تنبأت بظهوره كتب اليهود، ولو لم ينزل القرآن للزم تكذيب
نبوءات التوراة، ولكن جاء فصدقها. فإذا كانوا حقا مؤمنين صادقي الإيمان
بكتبهم .. لوجب عليهم تصديق القرآن حتى يتم تصديقهم الفعلي بالتوراة." اه
و مما
سبق من خلال معجم لسان العرب و مفاتيح الغيب و التفسير الكبير يتضح أن التعبير
" مُّصَدِّقٌ لِّمَا
مَعَكُمْ "
يعني الرسول الذي تتحقق فيه النبوءات التي هي بشأنه في كتب هؤلاء الأنبياء السابقين عليه , فاذا
كان الأمر كذلك فعلى
حضرات الأنبياء الايمان به ونصرته.
و الله أعلم و أعلى .
د.ابراهيم أحمد بدوي
21/10/2020
تعليقات
إرسال تعليق