القائمة الرئيسية

الصفحات

مقال (529) إثبات عقيدة النسخ في القرآن عند الميرزا بالنص الصريح، ومن خلال مبدأ "مراعاة المقابلة"

 

مقال (529) إثبات عقيدة النسخ في القرآن عند الميرزا بالنص الصريح، ومن خلال مبدأ "مراعاة المقابلة"

https://ibrahimbadawy2014.blogspot.com/2024/07/529.html

 يقول الميرزا([1]):"والمراد من قوله {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} هم النبيّون والأخيار الآخرون من بني إسرائيل الذين صدّقوا المسيح وما فرّطوا في أمره وما أفرطوا بأقاويل، وكذلك المراد عيسى المسيحُ الذي خُتِمَتْ عليه تلك السلسلة وانتقلت النبوّة، وسُدَّ به مجرى الفيض كأنه العَرِمة، وكأنه لهذا الانتقال العَلَمُ والعلامة، أو الحشر والقيامة، كما أنتم تعلمون. وكذلك المراد من {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} في هذه الآية هو سلسلة أبدال هذه الأمّة الذين صدّقوا مسيح آخر الزمان، وآمنوا به وقبِلوه بصدق الطويّة والجَنان.. أعني المسيحَ الذي خُتِمتْ عليه هذه السلسلة، وهو المقصود الأعظم من قوله {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} كما تقتضي المقابلةُ ولا ينكره المتدبّرون، فإنّه إذا عُلِمَ بالقطع واليقين والتصريح والتعيين أن المغضوبَ عليهم هم اليهود الذين كفّروا المسيح وحسبوه من الملعونين كما يدل عليه قرينةُ قوله {الضَّالِّينَ}، فلا يستقيم الترتيب ولا يحسُن نظام كلام الرحمن إلا بأن يُعنى مِن {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} مسيحَ آخر الزمان، فإن رعاية المقابلة مِن سنن القرآن ومن أهم أمور البلاغة وحسن البيان، ولا ينكره إلا الجاهلون".

وطالما مراعاة المقابلة من أهم أمور البلاغة، وحسن البيان، ولا ينكره إلا الجاهلون كما يقول الميرزا، فإنه بنفس المبدأ، إذا قال الميرزا إنّ الآية لا تنسخ إلا بآية مثلها، ولا تنسخ بحديث شريف، فلا يصح من الأحمديين أن يقولوا إنّ الآية المنسوخة في كلام الميرزا – كما سنرى – لا يقصد بها الآية القرآنية، وإنما يقصد بها الآيات الإعجازية الخارقة كما في آيات الأنبياء السابقين؛ مثل آيات سيدنا موسى عليه السلام، وآيات سيدنا عيسى عليه السلام، فإنّ الله تعالى استبدل هذه الآيات الإعجازية بآية القرآن الكريم الإعجازية، وبالتالي لا تكون الآية المنسوخة في مقابل الحديث في قصد الميرزا إلا الآيات الأعجازية السماوية.

وهذا هو نص كلام الميرزا:

يقول الميرزا([2]):"يقول القرآن الكريم: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}، فقد قال القرآن في هذه الآية بوضوح تام بأن الآية لا تُنسخ إلا بآية فقط. لذا وعد أنه لا بد من نزول آيةٍ مكانَ آيةٍ منسوخة. صحيح أن العلماء زعموا على سبيل التسامح أن بعض الأحاديث نسخت بعض الآيات، حيث يقول الفقه الحنفي أنه يمكن نسخُ آية بحديث مشهور، ولكن الإمام الشافعي لا يرى ذلك قط، بل يقول بعدم جواز نسخ القرآن حتى بحديث متواتر. وبعض المحدثين يقولون بنسخ الآية بخبر الواحد أيضا، ولكن القائلين بالنسخ لا يقصدون مطلقا أن الآية تُنسخ بحديثٍ فعلا وحقيقةً، بل يقولون بأن الحقيقة أنه لا يجوز الإضافة على القرآن ولا يجوز نسخه بالحديث. ولكن كل هذه الأمور تبدو حادثة بحسب نظرنا القاصر الذي يعجز عن استنباط المسائل من القرآن الكريم.".

ومرة أخرى ومن خلال مبدأ الميرزا؛ أي وجوب مراعاة المقابلة، فلا تكون الآية التي تنسخها آية أخرى إلا الآية القرآنية لأنها في مقابل الحديث الشريف، ولا يُعقل أن يكون قصد الميرزا أنّ الآيات السماوية الإعجازية لا ينسحها الحديث الشريف، فلم يقل أحد بذلك إطلاقًا، وكان سياق الكلام على النسخ في القرآن الكريم، فهل في الفقه الحنفي كما نقل الميرزا مَنْ قال بنسخ الحديث الشريف للآيات الإعجازية للأنبياء السابقين، ثم يبيّن الميرزا أنه يتكلم على نسخ الآيات القرآنية بقوله "ولكن الإمام الشافعي لا يرى ذلك قط، بل يقول بعدم جواز نسخ القرآن حتى بحديث متواتر"، لقد أوضح الميرزا أنه يتكلم على من يقول بنسخ القرآن بالحديث الشريف، ثم يكمل الميرزا كلامه بقوله "الحقيقة أنه لا يجوز الإضافة على القرآن ولا يجوز نسخه بالحديث"، فهذا قول صريح من الميرزا أنه يقصد أنه لا يجوز الإضافة إلى القرآن، ولا يجوز نسخه بالحديث الشريف.

وفي صفحة 129 يقول الميرزا([3]):"... فمثلا قد أخبر القرآن الكريم أن سليمان كان ابن داود، وإسحاق هو ابن إبراهيم ويعقوب هو ابن إسحاق، وإذا قال حديث([4]) خلاف ذلك وأخبر أن داود كان ابن سليمان وكان إبراهيم أبتر، فأنّى لي أن أقبل أن ما قاله القرآن الكريم قد نُسخ؟ كل عاقل يستطيع أن يفهم أنّ النسخ لا يؤثر قط في الأحداث التاريخية والأخبار وما شابهها، وإلا هذا يستلزم كذب الله.".

وبمراعاة المقابلة مرة أخرى؛ فإذا كان "النسخ لا يؤثر قط في الأحداث التاريخية والأخبار وما شابهها"، فبالمقابلة إنّ النسخ الذي لا يؤثر في الأحداث التاريخية والأخبار وما شابههما، إنما هو نسخ الأحكام.

 د.إبراهيم بدوي

16/7/2024


 


[1] كتاب (الخطبة الإلهامية) 1900 صفحة 53.

[2] كتاب (مناظرة لدهيانة) 1892م صفحة 115.

[3] كتاب (مناظرة لدهيانة) 1892م صفحة 129.

[4] يقصد حديث شريف. 

 مقالات النسخ في القرآن عند الميرزا



تعليقات

التنقل السريع