مقال (564) الحديث "كَيْفَ أَنْتُمْ إذا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ "، و "واو الحال" تسقط الأحمدية القاديانية.
https://ibrahimbadawy2014.blogspot.com/2025/02/564.html
الرد على تلبيس الميرزا غلام بخصوص الحديث: "كَيْفَ أَنْتُمْ إذا
نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ "([1]).
· عقيدة الميرزا في تواجد إمامين في نفس الوقت؛ إمام
حكومي سلطوي من قريش، وإمام روحاني.
· دلالة واو الحال في التعبير "وإمامكم
منكم"، في الحديث " كَيْفَ أَنْتُمْ إذا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ
وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ"
· دلالة قول الميرزا إنّ (الإمام) في الحديث
"وإمامكم منكم" تعني أن يولد هذا الإمام في المسلمين.
· إثبات عدم تعارض حديث البخاري "وَإِمَامُكُمْ
مِنْكُمْ" مع حديث صحيح مسلم "فأمَّكُمْ مِنكُمْ".
يعتقد الميرزا غلام أنّ المسيح القادم بعد سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم يجب أنْ يكون من الأمة الإسلامية من يوم مولده، وقد أسس هذه العقيدة على مغالطة؛ حيث يعتبر الميرزا أنّ التعبير "وإمامكم منكم" في الحديث: "كَيْفَ أَنْتُمْ إذا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ"([2])، يدل على أنّ المسيح الموعود القادم هو نفسه إمام المسلمين وقتها، وهذا غير صحيح، لأنّ التعبير "وإمامكم منكم" هو عطف حال، لأنه جاء بعد واو الحال (وإمامكم منكم)، ويدل على بيان حال المسلمين قبل وأثناء نزول ابن مريم؛ أي نزول سَيِّدنا عيسى عليه السلام، وحال المسلمين وقتها أنّ لهم إمام، بمعنى أنّ نزول ابن مريم عليه السلام يسبقه في الوجود إمام المسلمين، وهذا لا يتعارض مع حديث صحيح مسلم؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم "وأمَّكم منكم"، وهذا نص الحديث: "كيفَ أنتُمْ إذا نَزَلَ فِيكُمُ ابنُ مَرْيَمَ فأمَّكُمْ مِنكُمْ؟ فَقُلتُ لاِبْنِ أبِي ذِئْبٍ: إنَّ الأوْزاعِيَّ، حَدَّثَنا عَنِ الزُّهْرِيِّ، عن نافِعٍ، عن أبِي هُرَيْرَةَ، وإمامُكُمْ مِنكُم قالَ ابنُ أبِي ذِئْبٍ: تَدْرِي ما أمَّكُمْ مِنكُمْ؟ قُلتُ: تُخْبِرُنِي، قالَ: فأمَّكُمْ بكِتابِ رَبِّكُمْ تَبارَكَ وتعالى، وسُنَّةِ نبيّكُمْ صلى الله عليه وسلم"([3])، لأنّ الإمامة والخلافة والحكومة عند الميرزا نوعان، ولا تعارض بينهما فلكل منهما وظيفته، إمامة أو خلافة أو سلطنة ظاهرية حاكمة سلطوية، وتكون في قريش حصرًا بإقرار الميرزا -كما سنرى-، وإمامة أو خلافة روحانية، وهي غير محصورة في قريش، ولا مانع من تواجد الإمامين في نفس الوقت كما سيتضح، إمامٌ منْ قريش وهو المهدي عليه السلام، وإمامة روحانية لسَيِّدنا عيسى عليه السلام.
وقبل التطرق لما يدل عليه حديث صحيح البخاريّ،
وعلاقته بحديث صحيح مسلم، والتعليق على اشتراط الميرزا غلام أن يكون ابن مريم
المذكور في الحديثين مولودًا مسلمًا، أبدأ بنصوص للميرزا تبيّن اعتقاده الجازم
بتواجد إمامين أو خليفتين في نفس الوقت، وأنّ كل هذا من الشريعة الإسلامية.
عقيدة الميرزا في تواجد إمامين في نفس الوقت؛ إمام
(خليفة) حكومي سُلطوي من قريش، وإمام (خليفة) روحاني([4]).
النص الأول: يشرح الميرزا وحيه: "أردت أن استخلف فخلقت
آدم، إني جاعل في الأرض" أي أردت أن أجعل من عندي خليفة، قوله "إني
جاعل في الأرض" كلمة مختصرة معناها أني سأقيمه([5])، والمراد من الخليفة هنا شخص
يكون واسطة بين الله وبين الخلق لإرشادهم وهدايتهم([6])، ولا تراد هنا الخلافة الظاهرية
التي تطلق على السلطنة والحكومة، وليس مسلمًا بها من الله تعالى في شريعة الإسلام
لأحد غير قريش"([7]).
النص الثاني: وينقل الميرزا كلامًا للشيخ (صدِّيق حسن خان)([8]) لإثبات أنّ المسيح الموعود
يجب أن يكون من الأمة الإسلامية وليس من بني إسرائيل، لأنّ الخلافة الظاهرية لا
تكون إلا في قريش، يقول الميرزا: "ويقول([9]) في الصفحة 427: سيكون مجدِّد
عصره([10])، ويُعَدُّ من مجدِّدي هذه الأمة،
ولكن لنْ يكون أمير المؤمنين؛ لأنّ الخليفة يجب أن يكون من قريش،
وأنّى للمسيح أن يسلب حقهم؟ لذا لنْ يؤدي قط مهام الخلافة؛ مثل الجدال والقتال
والسياسة، بل سيأتي تابعًا لخليفة الوقت، وكالرعايا"([11]).
النص الثالث: يقول الميرزا: "إنّني لأستغرب لماذا لا يفكر المشايخ في كلمة
"يضع الحرب" ولماذا لا يقرأون الحديث القائل: "الأئمة من
قريش"([12])؟ فما دامت السلطنة
الظاهرية والخلافة والإمامة لا تجوز لأحد غير قريش كيف يمكن أن يكون المسيح
الموعود الذي ليس من قريش خليفةً ظاهريا؟ والقول بأنّه سيبايع المهدي ويكون
تابعًا له وسيرفع السيف مثل العبيد بأمر منه إنما هي أقوال غريبة وسخيفة للغاية،
يا مساكين، هداكم الله، إن خلافة المسيح الموعود خلافة روحانية ولا علاقة لها
بحكومات الدنيا إذ قد أُعطِيَ حكومة سماوية."([13]).
النص الرابع: يقول الميرزا: "فمع أنّه صحيح تمامًا أني لا أحسب
السلطان العثماني خليفة بحسب الشروط الإسلامية لأنه ليس من قريش بينما من
الضروري للخلفاء أن يكونوا من قريش، ولكن قولي هذا لا يعارض تعليم الإسلام، بل
يطابق الحديث "الأئمة من قريش" تماما"([14]).
النص الخامس: يقول الميرزا بتاريخ مارس سنة 1908، أي قبل موته بشهرين فقط:
"الأصل أن الله سبحانه وتعالى قد جعل لتسيير نظام العام حكومتين
إحداهما ظاهرية؛ والأخرى باطنية. ولقد وهب لنبينا صلى الله عليه وسلم كلتيهما.
فكانت معاقبة الأشرار والأنذال واللصوص وقطاع الطرق على شرورهم وفتنهم مهمة
وضرورية لإقامة الأمن في البلد.....كانت جميع حروب المسلمين مع الكفار دفاعية إذ
لم يبدأها المسلمون قط، فانظروا إلى قطاع الطرق على المناطق المتاخمة الذين يشنون
الهجوم كل يوم على أموال الشعب وحياتهم ويثيرون الفساد، فهل على الحكومة ألا تحرك
ساكنا ولا تتصرف لمعاقبتهم والقضاء عليهم؟ تدبروا قليلا وتفكروا"([15]).
التعليق على النصوص السابقة:
· يعتقد الميرزا بشكل واضح بوجود خلافة ظاهرية؛ يطلق
عليها السلطنة أو الحكومة، ولا تكون إلا في قريش بحسب الشريعة الإسلامية، وأنّ
الخلافة الروحانية، هي لرجل يكون واسطة بين الله وبين الخلق لإرشادهم وهدايتهم،
وبمفهوم المقابلة؛ إذا كان الخليفة الإمام القريشي لا بد أن يكون مولودًا مسلمًا
من الأصل، فليس من الضروري أن يكون الخليفة الروحاني وُلِدَ مسلمًا من الأصل،
وبالفعل لم يشترط الميرزا غلام أن يكون هذا الخليفة الروحاني من قريش، وقد كَرَّرَ
الميرزا غلام إقراره بأنه ليس من القريش، مشابهًا في ذلك للمسيح - بحسب رأيه - أنه
ليس من بني إسرائيل (كتاب الخطبة الإلهامية).
· كما يعتقد الميرزا غلام أنّ الخليفة الروحاني -
ويقصد به المسيح الموعود - لا يصح له القتال، لأنه ليس الخليفة الحاكم، ولا هو
الحكومة، ولا هو السلطان الظاهري؛ ولأنه ليس من قريش، كما أنّ الميرزا لا يقبل
مسألة مبايعة الخليفة الروحاني لأحد.
· واضح تطبيق الميرزا للحديث "الأئمة من
قريش"، حيث أنكر إمامة وخلافة الخليفة العثماني لأنه – بحسب قول الميرزا –
ليس من قريش، ويؤكد أصالة هذا الاعتقاد أنه يطابق الحديث الشريف والشروط
الإسلامية.
· يعتقد الشيخ صدِّيق حسن خان أنّ النازل هو سيدنا
عيسى عليه السلام، وليس الإمام القريشي.
· كما يعتقد الشيخ صدِّيق أنّ سيدنا عيسى عليه
السلام هو من مُجَدِّدي الإسلام، وهو مُجَدِّد عصره، ولن يكون أمير المؤمنين، ولن
يؤدي قط مهام الخلافة؛ مثل الجدال والقتال والسياسة، بل سيأتي تابعًا لخليفة
الوقت، أي إمام المسلمين القريشي، أي لن يكون المسيح الموعود الإمام السلطوي الذي
جاء ذكره في حديث البخاري "وإمامكم منكم".
· ويعتقد الشيخ صدِّيق أنّ الإمام هو نفسه خليفة
المسلمين، وأنه يجب أن يكون من قريش حصرًا، وأنّ سيدنا عيسى عليه السلام لن يسلب
هذا الحق من إمام المسلمين.
· إذن عقيدة الشيخ صدِّيق حسن خان أنّ نزول ابن مريم
عليه السلام يلي إمامة الخليفة، وتستمر خلافة ابن مريم الروحانية في وجود إمام
وخليفة المسلمين السلطوي، أي أنّ بداية خلافة الإمام السلطوي تسبق نزول سيدنا عيسى
عليه السلام.
دلالة واو الحال في التعبير "وإمامكم منكم"، في الحديث "
كَيْفَ أَنْتُمْ إذا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ"
حرف الواو (و) في التعبير "وإمامكم منكم" في
حديث البخاريّ هي "واو الحال"، وهذا يستلزم أن يكون زمن ما يأتي بعد
الواو كما في التعبير "وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ"-أي زمن وجود إمام
المسلمين القريشي- سابقًا لزمن ما قبل الواو كما في التعبير "نَزَلَ ابْنُ
مَرْيَمَ فِيكُمْ"– أي نزول ابن مريم عليه السلام- ثم يستمر ما جاء بعد الواو
-أي وجود إمام المسلمين- في وجود ما جاء قبلها – أي نزول ابن مريم عليه السلام.
النص الأول: يقول بشير الدين محمود: "وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ
سورة الحجر (4)، والواو في {ولها} واو الحال، قال القاضي منذر: هذه الواو تفيد أنّ
المذكور بعدها في اللفظ هو مقدَّم في الزمن...(راجِع البحر المحيط)"([16]).
ومعنى النص السابق أنّ زمن وجود الكتاب المعلوم في
القرية كما في الآية الكريمة، يسبق في الوجود زمن الإهلاك، إِذَنْ زمن ما يأتي بعد
واو الحال، أي وجود إمام المسلمين، يكون سابقًا على الزمن ما قبل واو الحال، وهو
نزول سيدنا عيسى عليه السلام.
النص الثاني: في
تفسير الخليفة الأحمدي الأول (الحكيم نور الدين) (حقائق الفرقان) في تفسيره للآية
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} سورة الفاتحة (5)، يقول: "
المراد من العبادة هو الحب الكامل، والتعظيم الكامل، والتذلل الكامل من قِبل
الإنسان، العبادة هي تلك التي يُعلّمها الله تعالى بواسطة رسوله. أما ما سواها فلا
أهمية لها قط. الواو في "وإياك نستعين" يفيد الحال، والمعنى
أننا نستطيع أن نعبدك حين توفّقنا أنت. الواو يفيد الحال، أي نعبدك في حال
الاستعانة بك لأنه لا يمكن نوال التوفيق للعبادة أيضًا بدون فضل منك"([17]).
يقصد الحكيم نور الدين أنّ الاستعانة بتوفيق الله تعالى للعبادة يسبق
العبادة نفسها، ونظل نعبد الله تعالى حق العبادة باستمرار وجود توفيق الله تعالى
لنا، وهذا يؤكد أن بداية زمن ما بعد واو الحال يسبق زمن ما قبل واو الحال ثم
يستمران معًا، إِذَنْ معنى الجملة "وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ" أنّ زمن
الإمام الذي هو من المسلمين، ومن قريش بالتحديد يسبق زمن نزول سَيِّدنا عيسى عليه
السلام، ويستمر تواجد الإمام في نفس زمن سيدنا عيسى عليه السلام لفترة من الزمن.
النص الثالث: يقول
الحكيم نور الدين في تفسيره للآية { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا
بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8)} (سورة البقرة): "وما هم
بمؤمنين": إذا جاء حرف جار "ب" بعد "ما"، أفاد
التأكيد. الواو هنا يفيد الحال. (البدر، عدد:17/ 4/1903 م، صفحة 102)
(مجلة تعليم الإسلام، قاديان: يناير 1907)"([18]).
واضح أنّ زمن عدم الإيمان المذكورين -كما في الآية- سابق لزمن
ادعائهم بالإيمان بالله واليوم الآخر، وهذا يؤكد ما قلتُه في الحديث "وإمامكم
منكم"، فزمن الإمام الذي من المسلمين حتمًا، سابق لزمن نزول سيدنا عيسى عليه
السلام.
والخلاصة:
سيكون الإمام القريشي موجودًا قبل نزول سيدنا عيسى عليه السلام، ويستمر معه، وهذا
يدل على أنّ شخصية النازل ابن مريم، غير شخصية الموجود من قبله، وهو إمام
المسلمين، حيث إنّ الميرزا غلام يعتقد أنهما شخصية واحدة.
دلالة قول الميرزا إنّ (الإمام) في الحديث
"وإمامكم منكم" تعني أن يولد هذا الإمام في المسلمين.
يقول الميرزا: "فغاية القول: إنّ الحديث
"إمامكم منكم" يعني أن المسيح القادم ليس إسرائيليًا البتة، بل هو من
هذه الأمة حصرًا، كما يدل على ذلك ظاهر النص، أي: إمامكم منكم. أما
التكلف والتأويل بأنّ عيسى - عليه السلام - سيصبح من الأمة بعد النزول ولن يبقى
نبيّا، فليس هناك أي قرينة عليه. والعبارة تجدر أن تُحمل على
ظاهرها قبل وجود قرينة، وإلا عُدَّ تحريفا كتحريف اليهود، باختصار؛ إن القول
بأن عيسى - عليه السلام - بعد النزول يرتدي زي المسلمين ويُدعى فردا من الأمة،
تأويلٌ غير عقلاني ويتطلب دلائل قوية، فمن حق جميع النصوص الحديثية
والقرآنية أن تُفسَّر نظرًا لظاهر الكلمات ويُحكم عليها بحسب الظاهر إلا أن تنشأ
قرينةٌ صارفة، ودون القرينة الصارفة القوية يجب أن لا تفسَّر خلافا
للظاهر، وأنّ المعنى الحرفي لـ"إمامكم منكم" يقتضي أن يولد
ذلك الإمام في هذه الأمة حصرًا، وإذا ادَّعى أحد خلاف ذلك بأنّ عيسى - عليه
السلام - الإسرائيلي الذي نزل عليه الإنجيل هو نفسه سيصبح من الأمة بعد العودة إلى
هذا العالم؛ فهذه الدعوى جديدة وتنافي ظاهر النص، وتحتاج إلى دليل قاطع،
فالدعوى دون إثبات غير جديرة بالقبول"([19]).
التعليق:
1- لو جمعنا بين حديث البخاريّ، واعتقاد الميرزا
بشرعية الحديث "الأئمة من قريش"، وقول الميرزا الصحيح في النص السابق
"المعنى الحرفي لـ"إمامكم منكم" يقتضي أن يولد ذلك الإمام في
هذه الأمة حصرًا"، فسنخلص إلى بعض المعطيات وتليها نتائج:
المعطيات:
2- الجزم باعتقاد الميرزا غلام بشرعية بحديث
"الأئمة من قريش".
3- جزم
الميرزا غلام بضرورة وجود إمامين؛ أحدهما ظاهري حكومي سلطوي، وهو لا بد أن يكون من
قريش بحسب الشريعة الإسلامية، والإمام الآخر روحاني، وليس من المحتم أن يكون من
قريش.
4- اِعتقاد الميرزا بالمعنى الحرفي لـ"إمامكم
منكم"، أنه يقتضي أن يولد ذلك الإمام في هذه الأمة حصرًا.
5- إقرار الميرزا أنه ليس من قريش، في مشابهة من
الميرزا - كما يَدَّعي- لسيدنا عيسى عليه السلام أنه ليس من بني اسرائيل([20]).
النتائج:
1- إذا كان كما يفهم الميرزا من حديث البخاريّ، أنّ
الإمام في الحديث لا بد أن يولد في المسلمين، فهذا يدل دلالة قطعية على أنّ هذا
الإمام المشار إليه في حديث البخاري هو الإمام الذي من قريش، أي الإمام السلطوي
الحكومي، وليس الإمام الروحاني، الذي ليس من الضرورة أن يولد مسلمًا من الأصل، فلا
يشترط في المُجَدِّدين والمُحَدَّثين والأولياء أن يكونوا مولودين مسلمين من
الأصل.
2- ولو أخذنا في الاعتبار أنّ الواو في قول سيدنا
مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم "وإمامكم منكم" هي واو الحال، وأنه كما جاء
في (التفسير الكبير) لبشير الدين محمود، أنّ زمن ما يأتي بعد واو الحال أي زمن
الإمام المولود في المسلمين، سابق لزمن ما يأتي قبل واو الحال، أي سابق لزمن
النزول، فهذا يدل دلالة قطعية على أنّ هناك رجلين إمامين، أحدهما زمن وجوده يسبق
زمن وجود الآخر، ثم يتعاصرا، أي زمن وجود إمام المسلمين الذي لا بد أن يكون
مولودًا مسلمًا يسبق زمن نزول المسيح الموعود الخليفة الروحاني حتمًا.
3- ولو تماشينا مع الأحمديين أنّ سيدنا عيسى عليه
السلام مات، وأنّ المسيح الموعود هو غير سيدنا عيسى عليه السلام، وأنّ النزول
بمعنى بعثة الله تعالى لمثيل لسيدنا عيسى عليه السلام، فلا بد أن يكون زمن مجيء
المثيل أي الخليفة الروحاني تالٍ لزمن وجود إمام المسلمين القريشي ثم يعاصره، وهذا
يثبت خطأ اعتقاد الميرزا بأنّ إمام المسلمين في حديث البخاري هو نفسه المسيح
الموعود، ويثبت أيضًا صحة قول علماء الحديث أنّ حديث ابن ماجة "لا مَهْدِيَّ
إِلا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ" لا يعتد به لضعفه سندًا، ومتنًا([21])، حيث لو كان الحديث بالفعل يُفضي
إلى اعتبار أنّ المسيح الموعود هو نفسه الإمام المهديّ، فهذا يعارض ما قَرَّرَه
الميرزا من أنّ الإمام في حديث البخاريّ، لا بد من أن يولد في المسلمين؛ أي يولد
مسلمًا.
إثبات عدم تعارض حديث البخاري "وَإِمَامُكُمْ
مِنْكُمْ" مع حديث صحيح مسلم "فأمَّكُمْ مِنكُمْ".
بعد نزول سَيِّدنا عيسى عليه السلام، وقد سبقه وجود إمام المسلمين
زمنًا حسب ما ورد في (التفسير الكبير) الأحمدي، سيحاول إمام المسلمين السلطوي
القريشي أنّ يجعل سَيِّدنا عيسى عليه السلام إمامًا للناس في الصلاة، فيرفض
سَيِّدنا عيسى عليه السلام ذلك، ويقول إنّ هذا تكرمة هذه الأمة؛ أي إمامة الصلاة
التابعة للإمامة السلطوية الحاكمة لا تكون إلا في الأمة، وهذا ما قَرَّرَه
سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم أنّ الإمامة في قريش.
وإذا كانت الإمامة السلطوية في قريش، فهذا لا يعني تنازل سَيِّدنا
عيسى عليه السلام عن الإمامة الروحانية، فهي له لأنه نبيّ ورسول من أولي العزم.
وهنا يأتي حديث صحيح مسلم "فأمَّكُمْ مِنكُمْ"، ومعناه
"فأمَّكُمْ بكِتابِ رَبِّكُمْ تَبارَكَ وتعالى، وسُنَّةِ نبيّكُمْ صلى الله
عليه وسلم"، أي أنّ الإمامة الروحية ستكون لسَيِّدنا عيسى عليه السلام، وأنه
سيؤم المسلمين روحانيًا بكتاب الله وسنة سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم.
([1]) الراوي:
أبو هريرة، المُحَدِّث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3449،
خلاصة حكم المُحَدِّث: [صحيح]، التخريج، أخرجه البخاري (3449)، ومسلم (155).
([2]) الراوي:
أبو هريرة، المُحَدِّث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3449،
خلاصة حكم المُحَدِّث: [صحيح]، التخريج، أخرجه البخاري (3449)، ومسلم (155).
([3]) الراوي،
أبو هريرة، المُحَدِّث، مسلم، المصدر، صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم، 155، خلاصة حكم
المُحَدِّث، [صحيح].
([4]) سيكون
تعليقي على النصوص التالية بعد الانتهاء من سردها.
([5]) هذه الجملة
مفيدة، حيث يُقِرُّ الميرزا غلام بأنّ اسم الفاعل "جاعل" في جملة
الوحي من ربه يلاش العاج "إني جاعل في الأرض" تفيد الاستقبال،
ويجب وضعها في الجزء الأول في أصول الاستدلال.
([7]) كتاب
(البراهين الأحمدية) الجزء الرابع 1884م صفحة 569.
([8]) رأي
الميرزا غلام في صِدِّيق حسن خانْ أنه من الصلحاء، وأنّ معارضه محمد حسين البطالوي
يراه القرن.
في
كتاب (محاضرة لدهيانة) 1891م صفحة 117 يقول الميرزا غلام: " إن نواب صدیق
حسن خان وغيره من الصلحاء الذين ألفوا كتبا عن الزمن الأخير قد سلَّموا
بهذا الأم".
وفي
كتاب (حقيقة المهدي) 1893م، يقول الميرزا غلام: ": المولوي محمد حسين الذي
يتزعمهم قد آمن بأن صديق حسن عن خان هو مجدد هذا القرن (راجع إشاعة السنة، ويرى من
الواجب على كل فرد من أهل الحديث أن يعمل بكتبه بصفتها توجيهات المجدد، وهي: عقيدة
المشايخ الذين يعارضوننا في المهدي عقيدتي وأبناء جماعتي عن المهدي".
([9]) يقصد الشيخ
صدِّيق حسن خان.
([10]) أي
سَيِّدنا عيسى عليه السلام.
([11]) كتاب
(إزالة الأوهام) لسنة 1891 الصفحة 437.
1-الحديث صحيح أخرجه أحمد
في مسنده من حديث أنس بن مالك، والنسائي في سننه، والبيهقي في سننه، والطبراني
وغيرهم كلهم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، وقد صححه الألباني رحمه الله تعالى
في السلسلة الصحيحة، وكذا شعيب والأرناؤوط في تخريجه لمسند الإمام أحمد قال: صحيح
بمجموع طرقه. (موقع إسلام ويب).
2-لم أجد الحديث بهذا النص
في الكتب التي يعتبرها الميرزا والأحمديون موثقة ومسلم ومعترف بها، ولكن هناك
أحاديث في البخاري ومسلم تحمل نفس المعنى: "لا يَزالُ هذا الأمْرُ في
قُرَيْشٍ ما بَقِيَ منهمُ اثْنانِ". الراوي: عبدالله بن عمر، المُحَدِّث:
البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 7140، خلاصة حكم المُحَدِّث:
[صحيح].
شرح
الحديث:
مِن حِكْمةِ اللهِ تعالَى أنْ فضَّلَ بَعضَ النَّاسِ على بَعضٍ، وقُرَيشٌ ممَّن
فضَّلَهمُ اللهُ على النَّاسِ. وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ
عليه وسلَّمَ: «لا يَزالُ هذا الأمرُ في قُرَيشٍ ما بَقيَ منهمُ اثْنانِ»، يَعْني:
يَنبَغي أنْ يَظَلَّ أمرُ الإمامةِ والخِلافةِ في قُرَيشٍ يَستحِقُّونَها ما دامَ
منهمُ اثْنانِ مَوْجودانِ. فالحَديثُ فيه دَليلٌ ظاهرٌ على أنَّ الخِلافةَ
مُختَصَّةٌ بقُرَيشٍ، لا يَجوزُ عَقدُها لغَيرِهم، وعلى هذا انعَقَدَ الإجْماعُ في
زَمانِ الصَّحابةِ، وقد بيَّنَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ هذا الحُكمَ
مُستمِرٌّ إلى آخِرِ الزَّمانِ ما بَقيَ في النَّاسِ اثْنانِ، وإنْ كان
المُتغَلِّبونَ مِن غَيرِ قُرَيشٍ مَلَكوا البِلادَ، وقَهَروا العِبادَ. وفي
رِوايةٍ في البُخاريِّ عن مُعاويةَ بنِ أبي سُفْيانَ رَضيَ اللهُ عنهما، عنِ
النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «إنَّ هذا الأمرَ في قُرَيشٍ، لا يُعاديهم
أحَدٌ إلَّا كبَّهُ اللهُ على وَجهِه، ما أقاموا الدِّينَ»، أي: تجِبُ طاعَتُهم
وعَدمُ مُنازَعتِهم ما داموا يُقيمونَ شَرْعَ اللهِ عزَّ وجلَّ ويَلتَزِمونَ
حُدودَه. وأمَّا مَن كفَر، أو غيَّرَ الشَّرعَ وبدَّلَه؛ فقدْ خرَج عن حُكمِ
الوِلايةِ، وسقَطَتْ طاعَتُه، ووجَبَ على النَّاسِ القيامُ عليه وخَلْعُه، ونَصبُ
إمامٍ عَدلٍ، أو والٍ مَكانَه، إنْ قَدَروا على ذلك بغَيرِ مَفسَدةٍ أعظمَ مِن
وُجودِه.
https: //dorar.net/hadith/sharh/150331
([13]) كتاب (مرآة
كمالات الإسلام) 1892 الصفحة 149.
([14]) كتاب (كشف
الغطاء) 1898 الصفحة 51.
([15]) كتاب
(الملفوظات) المجلد 10 صفحة 129.
([16]) كتاب
(التفسير الكبير) تأليف بشير الدين محمود الجزء الرابع تفسير سورة
الحِجر، صفحة 13.
([17]) تفسير (حقائق الفرقان) هو من جمع الأحمديين لما
تناثر من تفسيرات من تأليف الخليفة الأحمدي الأول الحكيم نور الدين لكثير من آيات
القرآن الكريم، وهذه التفاسير ما زالت باللغة الأوردية، ومنشورة في الموقع الرسمي
للأحمديين.
([18]) تفسير
(حقائق الفرقان) المجلد الأول الجزء الأول.
([19]) كتاب
(التحفة الجولروية) 1900م، والمنشور سنة 1902م الصفحة 88.
([20]) كتاب
(الخطبة الإلهامية) 1900م صفحة 8.
([21]) رأي (ابن
القيم) في حَدِيثُ "لا مَهْدِيَّ إِلا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ"، وقد ورد
رأي ابن القيم في كتابه (المنار المنيف في الصحيح والضعيف): 326- وَسُئِلْتُ عَنْ
حَدِيثِ "لا مَهْدِيَّ إِلا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ" فَكَيْفَ يَأْتَلِفَ
هَذَا مَعَ أَحَادِيثِ الْمَهْدِيِّ وَخُرُوجِهِ وَمَا وَجْهِ الْجَمْعِ
بَيْنَهُمَا وَهَلْ في المهدي حديث أم لا؟ 327- فَأَمَّا حَدِيثُ "لا
مَهْدِيَّ إِلا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ" فَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَةَ.
فِي
سُنَنِهِ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى عَنِ الشَّافِعِيِّ عَنْ مُحَمَّد
بْنِ خَالِدٍ الْجُنْدِيِّ عَنْ إِبَانَ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسِ
بْنِ مَالِكٍ عَنِ النبيّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مِمَّا تَفَرَّدَ
بِهِ مُحَمَّد بْنُ خَالِدٍ. قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّد بْنُ
الْحُسَيْنِ الآبِرِيُّ فِي كِتَابِ (مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ): "مُحَمَّد
بْنُ خَالِدٍ هَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ عِنْدَ أَهْلِ الصِّنَاعَةِ مِنْ أَهْلِ
الْعِلْمِ وَالنَّقْلِ وَقَدْ تَوَاتَرَتِ الأَخْبَارُ وَاسْتَفَاضَتْ
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذِكْرِ الْمَهْدِيِّ وَأَنَّهُ مِنْ
أَهْلِ بَيْتِهِ وَأَنَّهُ يَمْلُكُ سَبْعَ سِنِينَ وأنه يؤم الأَرْضَ عَدْلا
وَأَنَّ عِيسَى يَخْرُجُ فَيُسَاعِدُهُ عَلَى قَتْلِ الدَّجَّالِ وَأَنَّهُ
يَؤُمُّ هَذِهِ الأُمَّةَ وَيُصَلِّي عِيسَى خَلْفَهُ".
وَقَالَ
الْبَيْهَقِيُّ: "تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّد بْنُ خَالِدٍ هَذَا" وَقَدْ
قَالَ الْحَاكِمُ: "أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هو مجهول وقد اخْتَلَفَ عَلَيْهِ
فِي إِسْنَادِهِ فَرَوَى عَنْهُ عَنْ أبان ابن أَبِي عَيَّاشٍ عَنِ
الْحَسَنِ مُرْسِلا عَنِ النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم" قال:
"فرجع الحديث إلى رواية مُحَمَّد بن خالد وهو مجهول عَنْ أَبَانَ
بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ وهو متروك عن الحسن عَنِ النبيّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ
مُنْقَطِعٌ وَالأَحَادِيثُ عَلَى خُرُوجِ الْمَهْدِيُّ أَصَحُّ إِسْنَادًا".
وهذا
هو رأي الميرزا في ابن القيم أنه مشهود له بالتدقيقات، وقد كَرَّرَ أتباع الميرزا
قول الميرزا في كتابهم "الخزائن الدفينة"، يقول الميرزا غلام: "بعد
هذه الشهادات، انظروا إلى ابن القيّم المُحَدِّث المشهود
له بالتدقيقات".
وهذا
رأي علماء الجرح والتعديل في الراوي مُحَمَّد بن خالد الجندي: أبو الحسن الآبري:
مُحَمَّد بن خالد الجندي غير معروف عند أهل الصناعة من أهل العلم والنقل، أبو
الفتح الأزدي مُحَمَّد بن خالد الجندي: حديثه لا يتابع عليه، أبو بكر البيهقي
مُحَمَّد بن خالد الجندي: مجهول، أبو عبد الله الحاكم النيسابوري مُحَمَّد بن خالد
الجندي: مجهول، ابن حجر العسقلاني مُحَمَّد بن خالد الجندي: مجهول، ابن عبد البر
الأندلسي: مُحَمَّد بن خالد الجندي متروك، تحرير تقريب التهذيب مُحَمَّد بن خالد
الجندي: ضعيف، روى عنه جمع، والحديث الذي رواه له ابن ماجة فلا يصح، يحيى بن معين:
مُحَمَّد بن خالد الجندي: ثقة.
وأخيرًا
الحديث أصلًا تفرَّد به هذا الراوي المختلف فيه، يعني الحديث من خلال علم مصطلح
الحديث لا متواتر ولا مشهور ولا عزيز، بل تفرَّد به راوٍ مختلَفٌ فيه، فهل مثل هذا
الحديث يصح الاعتماد عليه في إثبات عقيدة إسلامية؟
تعليقات
إرسال تعليق