مقال (564) "واو الحال" تسقط الأحمدية القاديانية.
https://ibrahimbadawy2014.blogspot.com/2025/02/564.html
الميرزا يبني مسألة أنّ المبعوث القادم بعد سَيِّدنا مُحَمَّد
صلى الله عليه وسلم يجب أنْ يكون من الأمة الإسلامية من يوم مولده، أي مولود من أب
على مغالطة، حيث يعتبر الميرزا أنّ التعبير "وإمامكم منكم" في الحديث: “كَيْفَ
أَنْتُمْ إذا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ
"([1])،
أنّه يدل على أنّ المسيح الموعود القادم هو نفسه الإمام الذي من الأمة الإسلامية
وقتها، وهذا طبعًا من الكذب، لأنّ التعبير "إمامكم منكم"
جاء بعد واو الحال (وإمامكم منكم)، وهذا يدل على بيان حال المسلمين
قبل وأثناء وقوع فعل النزول؛ أي نزول سَيِّدنا عيسى عليه السلام، وحال المسلمين
وقتها حال أمة لها إمام، بمعنى أنّ نزول ابن مريم عليه السلام يسبقه في الوجود
إمام المسلمين، وهو المهدي، وهذا لا يتعارض مع حديث صحيح مسلم؛ حيث قال صلى الله
عليه وسلم "فأمَّكم منكم"، وهذا نص الحديث: “كيفَ أنتُمْ
إذا نَزَلَ فِيكُمُ ابنُ مَرْيَمَ فأمَّكُمْ مِنكُمْ؟ فَقُلتُ لاِبْنِ أبِي
ذِئْبٍ: إنَّ الأوْزاعِيَّ، حَدَّثَنا عَنِ الزُّهْرِيِّ، عن نافِعٍ، عن أبِي
هُرَيْرَةَ، وإمامُكُمْ مِنكُم قالَ ابنُ أبِي ذِئْبٍ: تَدْرِي ما أمَّكُمْ
مِنكُمْ؟ قُلتُ:تُخْبِرُنِي، قالَ: فأمَّكُمْ بكِتابِ رَبِّكُمْ تَبارَكَ وتعالى،
وسُنَّةِ نبيّكُمْ صلى الله عليه وسلم"([2])،
لأنّ الإمامة والخلافة والحكومة عند الميرزا نوعان ويتواجدان في نفس الوقت، ولا
تعارض بينهما فلكل منهما وظيفته، إمامة أو خلافة أو سلطنة ظاهرية حاكمة سلطوية
وتكون في قريش حصرًا بإقرار الميرزا، وإمامة أو خلافة روحانية سماوية، وهي غير
محصورة في قريش، فلا مانع من تواجد الإمامين في نفس الوقت كما سيتضح، إمامٌ منْ
قريش وهو المهدي عليه السلام، وإمامة روحانية لسَيِّدنا عيسى عليه السلام، والنصوص
التالية مِنْ كلام الميرزا تبيّن اعتقاده الجازم بتواجد إمامين أو خليفتين في نفس
الوقت، وأنّ كل هذا من الشريعة الإسلامية.
نصوص أحمدية
تبين الفرق بين الزمن قبل (واو الحال) والزمن بعد (واو الحال):
النص
الأول: في (التفسير الكبير) الأحمدي تأليف بشير الدين محمود في تفسيره لسورة الحِجر يقول: “وَمَا
أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ سورة الحجر (4)،
والواو في {ولها} واو الحال، قال القاضي منذر: هذه الواو تفيد أنّ المذكور
بعدها في اللفظ هو مقدَّم في الزمن...(راجِع البحر المحيط)".
ومعنى
النص السابق أنّ زمن وجود الكتاب المعلوم في القرية كما في الآية الكريمة، يسبق في
الوجود زمن الإهلاك، إِذَنْ زمن ما يأتي بعد واو الحال، أي وجود إمام المسلمين،
يكون سابقًا على الزمن ما قبل واو الحال، وهو نزول سيدنا عيسى عليه السلام.
النص الثاني:
في تفسير الخليفة الأحمدي الأول (الحكيم نور الدين)
(حقائق الفرقان)([3])
في تفسيره للآية {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} سورة الفاتحة (5)،
يقول: “ المراد من العبادة هو الحب الكامل، والتعظيم الكامل، والتذلل الكامل من
قِبل الإنسان، العبادة هي تلك التي يُعلّمها الله تعالى بواسطة رسوله. أما ما
سواها فلا أهمية لها قط. الواو في "وإياك نستعين" يفيد الحال،
والمعنى أننا نستطيع أن نعبدك حين توفّقنا أنت. الواو يفيد الحال، أي نعبدك في
حال الاستعانة بك لأنه لا يمكن نوال التوفيق للعبادة أيضًا بدون فضل منك".
يقصد نور الدين أنّ الاستعانة بتوفيق الله تعالى
للعبادة يسبق العبادة نفسها، ونظل نعبد الله تعالى حق العبادة باستمرار وجود توفيق
الله تعالى لنا، وهذا يؤكد أن بداية زمن ما بعد واو الحال يسبق زمن ما قبل واو
الحال ثم يستمران معًا، إِذَنْ معنى الجملة "وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ"
أنّ زمن الإمام الذي هو من المسلمين ومن قريش بالتحديد يسبق زمن نزول سَيِّدنا
عيسى عليه السلام، ويستمر تواجد الإمام في نفس زمن سيدنا عيسى عليه السلام لفترة
من الزمن.
عقيدة
الميرزا في
تعاصر إمامين؛ إمام حكومي سلطوي من قريش، وإمام روحاني.
يشرح الميرزا وحيه([4]): "أردت
أن استخلف فخلقت آدم، إني جاعل في الأرض" أي أردت أن أجعل من عندي خليفة،
قوله "إني جاعل في الأرض" كلمة مختصرة معناها أني سأقيمه، والمراد
من الخليفة هنا شخص يكون واسطة بين الله وبين الخلق لإرشادهم وهدايتهم.، ولا تراد
هنا الخلافة الظاهرية التي تطلق على السلطنة والحكومة، وليس مسلمًا بها من الله تعالى
في شريعة الإسلام لأحد غير قريش".
واضح تمامًا اعتقاد الميرزا بوجود
خلافة ظاهرية يطلق عليها السلطنة أو الحكومة، ولا تكون إلا في قريش بحسب الشريعة
الإسلامية وهذا بإقراره، وأنّ الخلافة الروحانية، هي لرجل يكون واسطة بين الله وبين الخلق لإرشادهم
وهدايتهم.
وينقل الميرزا كلامًا للشيخ (صدِّيق
حسن خان)([5])
لإثبات أنّ المسيح الموعود يجب أن يكون من الأمة الإسلامية وليس من بني إسرائيل،
لأنّ الخلافة الظاهرية لا تكون إلا في قريش، يقول الميرزا([6]):
“ويقول([7]) في الصفحة 427: سيكون مجدِّد عصره([8])،
ويُعَدُّ من مجدِّدي هذه الأمة، ولكن لنْ يكون أمير المؤمنين؛ لأنّ الخليفة يجب أن
يكون من قريش، وأنّى للمسيح أن يسلب حقهم؟ لذا لنْ يؤدي قط مهام الخلافة؛ مثل
الجدال والقتال والسياسة، بل سيأتي تابعًا لخليفة الوقت، وكالرعايا".
واضح من النص السابق أنّ عقيدة الشيخ صدِّيق
حسن خان؛ أنّ النازل أي سيدنا عيسى عليه السلام ليس هو الإمام القريشيّ.
يقول الميرزا([9]):
“إنّني لأستغرب لماذا لا يفكر المشايخ في كلمة "يضع الحرب" ولماذا لا
يقرأون الحديث القائل: “الأئمة من قريش"؟ فما دامت السلطنة الظاهرية
والخلافة والإمامة لا تجوز لأحد غير قريش كيف يمكن أن يكون المسيح الموعود الذي
ليس من قريش خليفةً ظاهريا؟ والقول بأنّه سيبايع المهدي ويكون تابعًا له
وسيرفع السيف مثل العبيد بأمر منه إنما هي أقوال غريبة وسخيفة للغاية، يا مساكين،
هداكم الله، إن خلافة المسيح الموعود خلافة روحانية ولا علاقة لها بحكومات الدنيا
إذ قد أُعطي حكومة سماوية..".
المقصود من كلام الميرزا أنّ المسيح
الموعود لا يصح له القتال لأنه ليس الخليفة الحاكم، ولا هو الحكومة، ولا هو
السلطان الظاهري؛ لأنه ليس من قريش، كما أنّ الميرزا لا يقبل مسألة مبايعة المسيح
الموعود لأحد.
يقول الميرزا([10]):
“فمع أنّه صحيح تمامًا أني لا أحسب السلطان العثماني خليفة بحسب الشروط الإسلامية
لأنه ليس من قريش بينما من الضروري للخلفاء أن يكونوا من قريش، ولكن قولي هذا لا
يعارض تعليم الإسلام، بل يطابق الحديث "الأئمة من قريش" تماما".
يقول الميرزا بتاريخ شهر مارس سنة
1908، أي قبل موته
بشهرين فقط ([11]): “الأصل أن الله سبحانه وتعالى قد جعل لتسيير نظام العام
حكومتين إحداهما ظاهرية؛ والأخرى باطنية. ولقد وهب لنبينا صلى الله عليه وسلم
كلتيهما. فكانت معاقبة الأشرار والأنذال واللصوص وقطاع الطرق على شرورهم وفتنهم
مهمة وضرورية لإقامة الأمن في البلد.....كانت جميع حروب المسلمين مع الكفار دفاعية
إذ لم يبدأها المسلمون قط، فانظروا إلى قطاع الطرق على المناطق المتاخمة الذين
يشنون الهجوم كل يوم على أموال الشعب وحياتهم ويثيرون الفساد، فهل على الحكومة ألا
تحرك ساكنا ولا تتصرف لمعاقبتهم والقضاء عليهم؟ تدبروا قليلا وتفكروا".
واضح تطبيق الميرزا للحديث
"الأئمة من قريش"، حيث أنكر إمامة وخلافة الخليفة العثماني التركي لأنه
– بحسب قول الميرزا – ليس من قريش، ويؤكد أصالة هذا الاعتقاد أنه يطابق الحديث
الشريف والشروط الإسلامية.
فائدة قول الميرزا إنّ (الإمام)
في "وإمامكم منكم" تعني أن يولد هذا الإمام في المسلمين.
يقول الميرزا([12]): “فغاية
القول: إنّ الحديث "إمامكم منكم" يعني أن المسيح القادم ليس إسرائيليًا
البتة، بل هو من هذه الأمة حصرًا، كما يدل على ذلك ظاهر النص، أي:
إمامكم منكم. أما التكلف والتأويل بأنّ عيسى - عليه السلام - سيصبح من الأمة بعد
النزول ولن يبقى نبيّا، فليس هناك أي قرينة عليه. والعبارة
تجدر أن تُحمل على ظاهرها قبل وجود قرينة، وإلا عُدَّ تحريفا كتحريف اليهود،
باختصار؛ إن القول بأن عيسى - عليه السلام - بعد النزول يرتدي زي المسلمين ويُدعى
فردا من الأمة، تأويلٌ غير عقلاني ويتطلب دلائل قوية، فمن حق جميع
النصوص الحديثية والقرآنية أن تُفسَّر نظرًا لظاهر الكلمات ويُحكم عليها بحسب
الظاهر إلا أن تنشأ قرينةٌ صارفة، ودون القرينة الصارفة القوية يجب أن لا تفسَّر
خلافا للظاهر، وأنّ المعنى الحرفي لـ"إمامكم منكم" يقتضي أن يولد ذلك
الإمام في هذه الأمة حصرًا، وإذا ادَّعى أحد خلاف ذلك بأنّ عيسى - عليه
السلام - الإسرائيلي الذي نزل عليه الإنجيل هو نفسه سيصبح من الأمة بعد العودة إلى
هذا العالم؛ فهذه الدعوى جديدة وتنافي ظاهر النص، وتحتاج إلى دليل قاطع،
فالدعوى دون إثبات غير جديرة بالقبول"
التعليق:
1- لدينا معطيات وهي: حديث البخاري،
وحديث مسلم: “فأمَّكم منكم"، وحديث "الأئمة من قريش"، وقول الميرزا
"المعنى الحرفي لـ"إمامكم منكم" يقتضي أن يولد ذلك الإمام في هذه
الأمة حصرًا"، وإقرار الميرزا أنه ليس من قريش، في مشابهة من الميرزا - كما
يدعي- لسيدنا عيسى عليه السلام أنه ليس من بني اسرائيل([13]).
2- فإذا كان -كما يقرر الميرزا-
الإمام في الحديث لا بد أن يولد في المسلمين، فهذا يدل دلالة قطعية على أنّ هذا
الإمام المشار إليه في حديث البخاري هو الإمام الذي من قريش، أي الإمام السلطوي
الحكومي، وليس الإمام الروحاني الذي ليس بالضرورة أن يولد مسلمًا من الأصل.
3- ولو أخذنا في الاعتبار أنّ زمن
ما يأتي بعد (واو الحال) أي زمن وجود الإمام القرشي المولود مسلمًا، سابق لزمن ما
يأتي قبل (واو الحال)، أي سابق لزمن النزول، فهذا يدل دلالة قطعية على أنّ هناك
إمامين، أحدهما زمن وجوده يسبق زمن وجود الآخر ثم يتعاصرا، أي زمن وجود إمام
المسلمين الذي لا بد أن يكون مولودًا مسلمًا يسبق زمن نزول المسيح الموعود الإمام
الروحاني حتمًا، ولو تنزلنا مع الأحمديين أنّ سيدنا عيسى عليه السلام توفاه الله
سبحانه وتعالى، وأنّ المسيح الموعود هو غير سيدنا عيسى عليه السلام، وأنّ النزول
بمعنى بعثة الله تعالى لمثيل لسيدنا عيسى عليه السلام، فلا بد أن يكون زمن مجيء
المثيل تالٍ لزمن وجود إمام المسلمين القريشيّ ثم يعاصره، وهذا يثبت خطأ اعتقاد
الميرزا بأنّ إمام المسلمين في حديث البخاري هو نفسه المسيح الموعود، ويثبت أيضًا
صحة قول علماء الحديث أنّ حديث ابن ماجة "لا مَهْدِيَّ إِلا عِيسَى ابْنُ
مَرْيَمَ" لا يعتد به لضعفه سندًا، ومتنًا([14])، حيث لو
كان الحديث بالفعل يفضي إلى اعتبار أنّ المسيح الموعود هو نفسه الإمام المهدي،
فهذا يعارض ما قرره الميرزا من أنّ الإمام في حديث البخاري لا بد من أن يولد في
المسلمين؛ أي يولد مسلمًا.
4- وهنا يأتي حديث صحيح
مسلم "فأمَّكُمْ مِنكُمْ"، ومعناه "فأمَّكُمْ بكِتابِ رَبِّكُمْ
تَبارَكَ وتعالى، وسُنَّةِ نبيّكُمْ صلى الله عليه وسلم"، أي أنّ الإمامة
الروحية ستكون لسَيِّدنا عيسى عليه السلام، وأنه سيؤم المسلمين روحانيًا بكتاب
الله وسنة سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم.
([3]) تفسير (حقائق الفرقان) هو من جمع الأحمديين لما تناثر من تفسيرات
من تأليف الخليفة الأحمدي الأول الحكيم نور الدين لكثير من آيات القرآن الكريم،
وهذه التفاسير ما زالت باللغة الأوردية، ومنشورة في الموقع الرسمي للأحمديين.
([5]) هو الإمامُ العلَّامةُ
الأميرُ السيد الشريف المحقِّقُ محيي السنة وقامِعُ البدعة: أبو الطيب محمد صديق
بن حسن بن علي بن لطف الله القنوجي البخاري، نزيل بهوبال. ولِدَ في بلدة
"بريلي" موطِنِ جَدِّه من جهةِ الأمِّ، عام 1248هـ، ودرسَ صِدِّيق على
شيوخٍ كثيرين من مشايخِ الهند واليمن، وبعد عودتِه مِن الحجازِ إلى الهند انتقل
العلامةُ صِدِّيق حسن خان من (قنوج) إلى مدينة (بهوبال) في ولاية (مادهيا براديش)
في وسط الهند، وقد ذاع صيتُه في تلك الأيام، كإمام في العلومِ الإسلامية، ومؤلِّفٍ
بارع في العلوم العقليَّةِ والنَّقلية، وكاتبٍ قديرٍ في اللغات العربية والفارسية
والأوردية، ومجتهدٍ متواصلٍ في الدرس والتأليف والتدوين، ومن مؤلَّفاتِه: فتح
البيان في مقاصد القرآن، ونيل المرام من تفسير آيات الأحكام، والدين الخالص (جمع
فيه آيات التوحيد الواردة في القرآن، ولم يغادر آيةً منها إلا أتى عليها بالبيان
الوافي)، وعون الباري بحَلِّ أدلة البخاري (شرح كتاب التجريد)، والسراج الوهاج في
كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجَّاج، والحِرز المكنون من لفظ المعصوم المأمون (في
الحديث)، والرحمة المهداة إلى من يريد زيادةَ العلمِ على أحاديثِ المِشكاة، والجنة
في الأسوة الحسنة بالسنَّة،(في اتباع السنة)، الحِطَّة في ذكر الصحاح الستة،
والروضة الندية شرح الدرر البهية للقاضي محمد اليمني الشوكاني، وفتح العلام شرح
بلوغ المرام لابن حجر العسقلاني، وحصول المأمول من علم الأصول (تلخيص إرشاد الفحول
للشوكاني) (في أصول الفقه)، وقطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر، وغيرها كثير، وقد
فاضت نفسه سنة 1307هـ، وله من العُمرِ تِسعٌ وخمسون سنة وثلاثة أشهر وستة أيام،
وشُيِّعَت جنازته في جمعٍ حاشدٍ، وصلِّيَ عليه ثلاث مرات، وكان قد أوصى بأن
يُدفَنَ على طريقةِ السُّنَّة، فنُفِّذَت وصيَّتُه.(الموسوعة التاريخية) من موقع الدرر السنية.
([14]) رأي (ابن القيم) في
حَدِيثُ "لا مَهْدِيَّ إِلا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ"، وقد ورد رأي ابن
القيم في كتابه (المنار المنيف في الصحيح والضعيف): 326- وَسُئِلْتُ عَنْ حَدِيثِ
"لا مَهْدِيَّ إِلا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ" فَكَيْفَ يَأْتَلِفَ هَذَا مَعَ
أَحَادِيثِ الْمَهْدِيِّ وَخُرُوجِهِ وَمَا وَجْهِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَهَلْ
في المهدي حديث أم لا؟ 327- فَأَمَّا حَدِيثُ "لا مَهْدِيَّ إِلا عِيسَى
ابْنُ مَرْيَمَ" فَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ عَنْ يُونُسَ بْنِ
عَبْدِ الأَعْلَى عَنِ الشَّافِعِيِّ عَنْ مُحَمَّد بْنِ خَالِدٍ الْجُنْدِيِّ
عَنْ إِبَانَ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النبيّ
صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّد بْنُ خَالِدٍ.
قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّد بْنُ الْحُسَيْنِ الآبِرِيُّ فِي كِتَابِ
(مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ): "مُحَمَّد بْنُ خَالِدٍ هَذَا غَيْرُ
مَعْرُوفٍ عِنْدَ أَهْلِ الصِّنَاعَةِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالنَّقْلِ وَقَدْ
تَوَاتَرَتِ الأَخْبَارُ وَاسْتَفَاضَتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
بِذِكْرِ الْمَهْدِيِّ وَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَأَنَّهُ يَمْلُكُ سَبْعَ
سِنِينَ وأنه يؤم الأَرْضَ عَدْلا وَأَنَّ عِيسَى يَخْرُجُ
فَيُسَاعِدُهُ عَلَى قَتْلِ الدَّجَّالِ وَأَنَّهُ يَؤُمُّ هَذِهِ الأُمَّةَ
وَيُصَلِّي عِيسَى خَلْفَهُ".
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: "تَفَرَّدَ
بِهِ مُحَمَّد بْنُ خَالِدٍ هَذَا" وَقَدْ قَالَ الْحَاكِمُ: "أَبُو
عَبْدِ اللَّهِ هو مجهول وقد اخْتَلَفَ عَلَيْهِ فِي إِسْنَادِهِ فَرَوَى
عَنْهُ عَنْ أبان ابن أَبِي عَيَّاشٍ عَنِ الْحَسَنِ مُرْسِلا عَنِ النبيّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم" قال: "فرجع الحديث إلى رواية مُحَمَّد بن
خالد وهو مجهول عَنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ وهو متروك عن
الحسن عَنِ النبيّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُنْقَطِعٌ وَالأَحَادِيثُ
عَلَى خُرُوجِ الْمَهْدِيُّ أَصَحُّ إِسْنَادًا".
وهذا هو رأي الميرزا في ابن القيم أنه مشهود
له بالتدقيقات، وقد كرر أتباع الميرزا قول الميرزا في كتابهم "الخزائن
الدفينة"، يقول الميرزا غلام([14]): "بعد هذه الشهادات، انظروا
إلى ابن القيّم المُحَدَّث المشهود له بالتدقيقات".
وهذا رأي علماء الجرح والتعديل في الراوي
مُحَمَّد بن خالد الجندي: أبو الحسن الآبري: مُحَمَّد بن خالد الجندي غير معروف
عند أهل الصناعة من أهل العلم والنقل، أبو الفتح الأزدي مُحَمَّد بن خالد الجندي:
حديثه لا يتابع عليه، أبو بكر البيهقي مُحَمَّد بن خالد الجندي: مجهول، أبو عبد
الله الحاكم النيسابوري مُحَمَّد بن خالد الجندي: مجهول، ابن حجر العسقلاني
مُحَمَّد بن خالد الجندي: مجهول، ابن عبد البر الأندلسي: مُحَمَّد بن خالد الجندي
متروك، تحرير تقريب التهذيب مُحَمَّد بن خالد الجندي: ضعيف، روى عنه جمع، والحديث
الذي رواه له ابن ماجة فلا يصح، يحيى بن معين: مُحَمَّد بن خالد الجندي: ثقة.
وأخيرا الحديث أصلا تفرد به هذا الراوي
المختلف فيه، يعني الحديث من خلال علم مصطلح الحديث لا متواتر ولا مشهور ولا عزيز،
بل تفرد به راوٍ مختلف فيه، فهل مثل هذا الحديث يصح الاعتماد عليه في إثبات عقيدة
إسلامية؟
تعليقات
إرسال تعليق