علاقة الميرزا غلام القادياني بالحكومة الانجليزية:
الفصل
السادس: الأحمدية والحكومة الإنجليزية
19- الأساس التاسع عشر: إسقاط
فريضة جهاد الحكومة الانجليزية.
جعل الميرزا طاعة المحتل
الإنجليزي للهند والبلاد العربية والإسلامية ومنع جهادهم من الإيمان([1])، لأنّهم كما يدّعي الميرزا أنقذوا المسلمين في
الهند من السيخ الهنود، بالرغم من إقرار الميرزا بنفسه وعلماء الأحمدية مثل
"جلال الدين شمس" في كتب الميرزا المنشورة بالموقع الرسمي بالمحاولات
الحثيثة من الإنجليز لتنصير المسلمين بمساعدة الحكومة لهم كما سنرى.
وسيكون بعون الله تعالى
بيان علاقة الميرزا بالحكومة الإنجليزية كالتالي:
أوّلا: علاقته بملكة بريطانيا رئيسة الكنيسة الإنجيلية وتودده لها بشكل مهين.
ثانيا: إقراره بأنه وعائلته من غرس الإنجليز.
ثالثا: علاقته بالحكومة الإنجليزية ومنعه لجهاد المحتل، بالرغم من حرص الحكومة
على تنصير المسلمين.
رابعا: دعمه للحكومة الإنجليزية لاحتلال دولة ترانسفال.
خامسا: علاقته بالقساوسة.
سادسا: سبب مهاجمة الميرزا للقساوسة واعتبارهم الدجال.
أوّلا: علاقة الميرزا بملكة بريطانيا رئيسة الكنيسة الانجيلية وتودده لها
بشكل مهين
هذه
رسالة استعطاف من الميرزا لملكة بريطانيا، ولنرى هل هذا نبيّ يحترم ربه ودينه
وكرامته، أم إنه خلاف كل ذلك!!!
وهل
من يدّعي أنّه ظل وبروز لسَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم يسلك مثل هذا
السلوك المهين؟
يقول
الميرزا([2]): “ إلى الملكة
المعظمة قيصرة الهند، ملكة الهند وبريطانيا، أدام الله مجدها، أولا
وقبل كل شيء أدعو أن يبارك الله القادر على كل شيء في عمر ملكتنا المعظمة،
قيصرة الهند، بركات كثيرة ويزيدها مجدًا وشوكة وجلالا ويقرّ عينيها
بعافية أولادها وأقاربها أما بعد فإن راقم هذه الرسالة الذي اسمه ميرزا غلام
أحمد القادياني، ويسكن في قرية صغيرة اسمها قاديان التي تقع في محافظة
غورداسبوره على بُعد سبعين ميلا تقريبا شمال شرقي لاهور، يقول: مع أن جميع سكان
هذا البلد يحبون الملكة قيصرة الهند دام مجدها بوجه عام- سوى القلة
القليلة التي أظن أن منهم من يعيش خفية حياة البهائم والسباع-كل على قدر فهمه
وعقله ومعرفته بمننها نتيجة أسباب الراحة التي يحظون بها بسبب عدلها العام
واهتمامها بالرعية، وإنفاقها عشرات الملايين من الروبيات وسخائها المفرط
لتوفير أسباب الأمن والوئام والراحة لجميع فئات الرعية؛ غير أنني بسبب علمي
ومعرفتي بحقوق الحكومة السنِيَّة التي ذكرتها في كتابي "التحفة
القيصرية" بالتفصيل، أكِنُّ إخلاصا وحبا وحماسا من الدرجة العليا لطاعة
الملكة المعظمة ومسئولي حكومتها الكرام، الأمر الذي لا أجد لبيانه كلمات لأعبّر
بها عن مدى ذلك الإخلاص، وبدافع هذا الحب والإخلاص الصادقَينِ ألّفت،
بمناسبة احتفال اليوبيل على مرور ستين عاما على حُكمها، كتيبا باسم قيصرة الهند،
دام مجدها، وسمَّيته: “التحفة القيصرية" وأرسلته لها
كهدية متواضعة من درويش. وكنت موقنا يقينا قويا بأني
سأُكرَم بتلقي ردّ عليه وسيكون مدعاة لتكريمي أكثر من المتوقع. كان الباعث
على هذا اليقين سموّ أخلاق قيصرة الهند التي ذاع صيتها على نطاق واسع في كافة بلاد
الشرق، وهي عديمة المثال في سعة الأخلاق كسعة بلاد الملكة المعظمة بحيث إن العثور
على نظيرها في مكان آخر ضرب من الخيال والمحال. ولكنني أستغرب كثيرا إذْ لم
يُمَنَّ علي حتى بكلمة مَلكِية واحدة. لا يقبل ضميري أن تصل تلك الهدية
المتواضعة أي كتيب "التحفة القيصرية" إلى الملكة المعظمة ولا أُكرَم
بجوابها. لا غرو أن هناك سببا آخر لا دخل فيه لعلم الملكة المعظمة قيصرة
الهند، دام مجدها، ومرضاتها. فإن حسن الظن الذي أكنّه للملكة
المعظمة قيصرة الهند، دام مجدها، دفعني مرة أخرى أن أوجّه أنظارها
إلى تلك الهدية أي "التحفة القيصرية"، وأسعد ببضع كلمات الرضا
منها. فأرسل هذه الرسالة للهدف نفسه، وأتشجع لبيان بضع كلمات في حضرة سمو
الملكة قيصرة الهند، دام مجدها؛ بأني أنحدر من عائلة مغولية
محترمة من البنجاب... إن والدي، مرزا غلام مرتضى، الذي واجه مصائب جمّة
وهائلة في عهد السيخ كان ينتظر قدوم السلطنة الإنجليزية ولا انتظار
العطشان لقطرة ماء. وعندما استتبّ حُكم السلطنة الإنجليزية في هذه البلاد سُرّ على
هذه النعمة، أي قيام السلطنة الإنجليزية، وكأنه نال كنزا من الجواهر الثمينة. وكان
ناصحا أمينا ومخلصا جدا للحكومة الإنجليزية. وبناء على ذلك اشترى من
جيبه الخاص خمسين فرسا في أثناء مفسدة عام 1857م وقدمها للحكومة عونا لها مع خمسين
فارسًا وظل على أتم الاستعداد بعد ذلك أيضًا لدعم الحكومة قلبا وقالبا
كلما اقتضت الحاجة. ولو طالت الثورة عام 1857م أكثر لكان أبي جاهزا لنصرة
الحكومة إلى مئة فارس آخرين أيضًا باختصار، هكذا قضى حياته. أما بعد وفاته
فتخلّيتُ أنا عن مشاغل الدنيا كلها وانصرفتُ إلى الله تعالى كلِّيًا. وما
صدر مني من الخدمة للحكومة الإنجليزية أني طبعتُ قرابة خمسين ألف كتاب وكتيب
وإعلان ووزعتها في هذا البلد والبلاد الإسلامية الأخرى، قلتُ فيها بأن الحكومة
الإنجليزية محسنة إلينا نحن المسلمين لذا من واجب كل مسلم أن يطيعها بالإخلاص
ويشكرها بصدق القلب ويدعو لها. وقد ألّفت هذه الكتب بلغات مختلفة أي
بالأردية والفارسية والعربية ونشرتها في جميع البلاد حتى انتشرت على نطاق واسع في
مدينتين إسلاميتين مقدستين أيضًا أي مكة المكرمة والمدينة المنورة. كذلك نشرتها
قدر الإمكان في القسطنطينية، عاصمة المملكة العثمانية، وبلاد الشام ومصر وكابول
وفي مدن مختلفة في أفغانستان. وكانت النتيجة أن تخلّى مئات آلاف الناس عن
الأفكار الخاطئة عن الجهاد التي كانت راسخة في قلوبهم بسبب تعليم المشايخ عديمي
الفهم. لقد صدرت مني هذه الخدمة بحيث أفتخر بأنه لم يستطع أحد من المسلمين من
الهند البريطانية أن يأتي بنظيرها. ولا أمُنّ على الحكومة المحسنة بهذه
الخدمة التي أسديتُها إلى 22 عاما لأني معترف بأننا وأجدادنا نجونا بمجيئها من
أَتُونِ حديدي مشتعل. لذا أبتهل رافعا يديَّ مع أقاربي جميعا قائلا: ربِّ
أَطِل لنا بقاء هذه الملكة المباركة قيصرة الهند، دام مُلكها، واجعل ظل نصرتك
حليفا لها في كل خطواتها، وأطِل أيام مجدها كثيرًا لقد ذكرتُ في
"التحفة القيصرية"، التي أرسلتها إلى قيصرة الهند، الوقائعَ والخدمات
والدعوات نفسها. وكنت أترقب الجواب كل يوم نظرا إلى حسن أخلاق ملكتنا
المعظمة، ولا أزال أنتظر، وأرى أنه من المستحيل أن تصل إلى الملكة المعظمة قيصرة
الهند دام مجدها من داع لها مثلي هديةٌ متواضعة مكتوبة بكمال الإخلاص ودم القلب،
ولا يأتيني الجواب.، بل إني واثق بأنه كان سيصلني حتمًا لذا اضطررت لكتابة
رسالة أخرى من باب التذكير وبسبب الثقة التامة بالأخلاق الرحيمة التي تتحلى بها
الملكة. وهذه الرسالة لم تكتبها يدايَ فقط، بل صبَّ فيها قلبي قوةَ اليقين
كلها وأطلق بها عنان يديّ لتحريرها زاخرةً بعواطف الإخلاص. أدعو الله تعالى
أن يوصل رسالتي هذه إلى الملكة المعظمة قيصرة الهند دام مجدها وهي
تتمتع بالخير كله والعافية والسعادة، ثم يُلهمها بفراستها النبيلة معرفة ذلك
الحبَّ الصادق والإخلاصَ التام اللذينِ أكنُّهما لها في قلبي، وأن ترد عليّ
ردّا كريما من باب مراعاة الرعية. وإنني مأمور بأن أزفّ إلى الملكة المعظمة
قيصرة الهند بشارة أيضًا وهي أنه كما أقام الله تعالى بكمال رحمته وحكمته سلطانك
في الهند وغيرها من البلاد نتيجة الأسباب الأرضية ليملأ الأرض عدلا وأمنا، كذلك
أراد - سبحانه وتعالى - من السماء أن يقيم نظاما روحانيا يدعم غايات المكة المعظمة
قيصرة الهند وأمانيها القلبية، في إقامة العدل والأمن والرفاهية العامة
للناس جميعا ورفع الفساد وإزالة العادات الهمجية وتهذيب الأخلاق، ويساعدك
بالسُّقيا من السماء لتحضير بستان الأمن والعافية والصُّلح الذي تريدين زرعه.
فبحسب وعده القديم المتعلق بمجيء المسيح الموعود أرسلني - سبحانه وتعالى -
من السماء، لأشتغل في دعم أهدافك الطيبة ومراميك المباركة منصبغا بصبغة
رجل الله الذي وُلد في بيت لحم وتربّى في الناصرة. فقد مسحني - عز وجل - ببركات لا
تُحصى وجعلني مسيحا من عنده ليدعم بنفسه أهداف الملكة المعظمة الطيبة من
السماء. فيا أيتها القيصرة المباركة، سلّمكِ الله، وأفرح قلوبنا
بطول عمرك ومجدك ونجاحك، إن مجيء المسيح الموعود من الله تعالى في عهد
سلطنتك المفعم بنور حسن النية يشهد بأنّ لك قَدَم سَبْقٍ على السلاطين جميعا في حب
الأمن وحسن الإدارة، ومواساة الرعايا ،والعدل، والإنصاف. يعتقد
المسلمون والمسيحيون أيضًا بأن الزمن والعهد الذي يوشك أن يأتي فيه المسيح الموعود
سيشرب فيه الذئب والشاة من مورد واحد، وسيلعب فيه الصبيان مع الثعابين. فيا أيتها
الملكة المباركة والمعظمة، قيصرة الهند، إن العهد المشار إليه هو عهدك هذا،
فلينظر من كان له عينان، وليفهم من كان خِلواً من العناد. يا أيتها الملكة المعظمة
إنه لعهدك الذي جمع بين الضواري والدواب المسكينة في مكان واحد.
فالصادقون الذين يشبهون الأطفال الصغار يلعبون مع الثعابين الأشرار ولا يشعرون
بأدنى خوف تحت ظلك الآمن. فأيّ عهد يكون أكثر أمنا من عهد سلطنتك
الذي يمكن أن يأتي فيه المسيح الموعود؟ يا أيتها الملكة المعظمة، إن لك
مرامٍ طيبة تجذب النصرة السماوية. وإن نيتك الحسنة لسببٌ في اجتذاب رحمة تدلّت من
السماء إلى الأرض، لذا ما من عهد أنسب من عهد سلطنتك لظهور المسيح الموعود
لذلك فقد أرسل الله تعالى في عهدك المنير نورا من السماء، لأن النور يجذب النور،
والظلام يجذب الظلام. فيا أيتها الملكة المباركة، ملكة الزمان، صاحبة الجاه
والشوكة، إن الكتب التي ذُكر فيها مجيء المسيح الموعود تشير بجلاء تام إلى
عهدك الآمن. وكان ضروريا أن يأتي المسيح الموعود في الدنيا كما أتى النبيّ
إيلياء في لباس يوحنا، بما جعله الله إيلياء من حيث صفاته وطبيعته. فهذا عينُ ما
تحقق في حالي أيضًا أنْ وُهِبَ شخصٌ في عهدك المبارك صفات عيسى -
عليه السلام - وطبيعته وسُمِّي مسيحا، وكان من المحتوم أن يأتي لأن زوال قدر الله
مستحيل. فيا أيتها الملكة المعظمة وفخر الرعية، إن من سنة الله
القديمة أنه إذا كان سلطان الوقت ذا نيّة حسنة ويريد الخير للرعية، ويبذل جهده قدر
استطاعته لنشر الأمن والحسنة بوجه عام ويتألم قلبه من أجل التغييرات الحسنة في
رعيته عندها تهيج رحمة الله في السماء لنصرته، ويُرسَل بقدر عزيمته
وأمنيته إنسانٌ روحانيٌ إلى الأرض. فيخلق مصلحا بسبب حسن نية هذا الملك العادل
وعزيمته ومواساته للخلق عامة وإن حسن نية هذا الملك العادل وعزيمته ومواساته للخلق
عامة تخلق هذا المصلحَ. وهذا يحدث عندما يولَد مَلك عادل كمنجٍّ في الأرض ويقتضي
منجّيا سماويا بطبيعة الحال انطلاقا من كمال عزيمته ومواساته لبني البشر. هذا ما
حدث في زمن المسيح - عليه السلام - لأن قيصر الروم في ذلك الوقت كان إنسانا
صالحا ولم يُرِد ظُلماً في الأرض، وكان يتمنى الخير والنجاة للناس. عندها أطلع ربّ
السماء قمرا منيرا من أرض "الناصرة"، أي عيسى المسيح ليخلق النُضرة
والخضرة والطراوة في قلوب الناس كما تحملُ كلمة "الناصرة" في
العبرية معنى النُضرة والخضرة والطراوة".
في الحقيقة النص
السابق من كلام الميرزا لا يحتاج إلى تعليق، فهو ينطق بالدناءة التي لا تكون في
إنسان سوي من غير الأنبياء، فما بالنا بالأنبياء، وبخاصة فإن الميرزا يعتبر نفسه
ظلًا لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأفضل
من بعض الأنبياء، وأفضل بمئات المرات من سيدنا عيسى عليه السلام،
ويراه بشير الدين محمود أفضل من كافة الأنبياء إلا سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه
وسلم.
وإذا كان الميرزا غلام
القادياني مريضًا بالهيستيريا، ويتصور نفسه نبيًّا ورسولًا، فالعيب العيب فيمن
صدقه واعتبر كل ما يقوله صحيحًا.
ثانيا: إقرار الميرزا بأنه
وعائلته من غرس الانجليز.
في
رسالة من الميرزا إلى الحكومة الإنجليزية بالهند، يقول الميرزا([3]): “ إنني أتوخى من
طلبي هذا الذي أُرسله إلى حضرتكم مع أسماء مريدي أنني وإن كنت أستحق العناية
المتميزة نتيجة الخدمات الخاصة التي أسديتُها أنا وأبناء جماعتي وأسلافي بصدق
القلب والإخلاص وحماس الوفاء لإرضاء الحكومة الإنجليزية، إلا أنني أترك كل
هذه الأمور لالتفات سموّ الحكومة وأتقدّم فعلًا باستغاثة مهمة هي أني تلقّيت
أخبارًا متواترة أن بعض الحسّاد سيئي الباطن الذين بسبب الاختلاف في العقيدة أو
لسبب آخر يُبغضونني ويعادونني أو الذين هم أعداء أصدقائي يُوصلون إلى الحكام
المعزَّزين أمورًا غير واقعية ضدي وضد أصدقائي، لذا هناك خطر أن يسوء ظنُّ الحكومة
السامية نتيجة الأعمال المفتراة اليومية فتضيع جميعُ التضحيات الممتدة على
خمسين سنة لوالدي مرزا غلام مرتضى وشقيقي مرزا غلام قادر المرحوم المذكورة في
الرسائل الحكومية وكتاب السير ليبل غريفن "تاريخ زعماء
البنجاب"، وتضيع وتتبخّر بالإضافة إلى ذلك جميع الخدمات التي أسديتُها
بالقلم منذ 18 عامًا وهي تتبيّن من مؤلفاتي، وأن يتكدّر خاطر الحكومة الإنجليزية
لا سمح الله تجاه عائلة وفية قديمة وناصحة. من المستحيل إفحام الذين
يعقدون العزم على رفع الشكاوى المزوَّرة بسبب الاختلاف الديني أو الحسد النفساني
أو البُغض أو أي غرض شخصي، وإنما ألتمس من الحكومة السامية أن تكون حذرة جدًا
في التصرُّف مع العائلة التي اعترفت من خلال تجربتها الممتدة على خمسين سنة
متتالية بأنها وفية وفدائية، التي قد شهد الحكّام رفيعو المستوى بحقها في رسائلهم
برأي محكم دومًا أنّها ناصحة للحكومة الإنجليزية وخادمتُها منذ القديم، فألتمس
من الحكومة أن تعاملها بحكمة واحتياط وتثبت وانتباه لائق وتُوجِّه الحكامَ إلى أن
يراعوا هم أيضًا الوفاءَ الثابتَ لهذه العائلة التي غرستها بيدها وإخلاصَها
فينظروا إليَّ وإلى جماعتي بعناية ملحوظة وعطف. إن عائلتنا لم
تتأخّر عن التضحية بدمائها والتضحية بأرواحها في سبيل الحكومة الإنجليزية قط ولا
إلى الآن، لهذا من حقنا أن نلتمس من الحكومة الاعتناء التام والاهتمام الخاص
نظرًا لخدماتنا الماضية لئلا يتجاسر فلان وعلّان على الإساءة إلينا عبثًا.
الآن أسجل أسماء بعض أبناء جماعتي".
الميرزا غلام القادياني
يريد الانتفاع لنفسه وجماعته، بما قدمه هو وعائلته من خدمات، وبسبب أنّ عائلته هي
غرس غرستها الحكومة الإنجليزية.
ثالثا: الميرزا يمنع جهاد
الحكومة الإنجليزية بالرغم من حرصها على تنصير المسلمين.
رفض الميرزا
التوقيع على مذكرة من منظمات إسلامية لتقديمها للسلطة الإنجليزية لترقية المسلمين
في مجال التعليم والوظائف والاحتفاظ بتعليم اللغة الأردية في المدارس، وكان رفض
الميرزا بحسب ادعائه بسبب اعتلال صحته وسفره، ولكنه ينصح من يريدون تقديم هذه
المذكرة بأنْ يقدموا ما يثبت الأمور التالية:
أولا: إثبات الوفاء للحكومة البريطانية.
وثانيا: الإقرار والإعلان من المشايخ والعلماء في كتيبات
مطبوعة بحرمة جهاد الإنجليز وتوزيع هذه الكتيبات والإعلانات على السلطة الإنجليزية
وعامة المسلمين في المدن والقرى.
1- يقول
الميرزا([4]):
“لقد وصلتني رسالة من سكرتير منظمة "أنجمن إسلامية لاهور"، كما وصلتني
عبارة من المولوي أبي سعيد مُحَمَّد حسين المحترم سكرتير منظمة "انجمن همدري
إسلام لاهور"، وقد طُلب([5])
فيهما تواقيع الإخوة المسلمين والمنصفين من الهندوس على المذكرتين اللتين أُعدتا
للتقديم للحكومة من أجل ترقية المسلمين في مجال التعليم والوظائف، والاحتفاظ
بتعليم اللغة الأردية في المدارس. ولكنني بكل أسف، لم أستطع أداء هذه الخدمة
لاعتلال صحتي أولًا ونظرا لاضطراري للمكوث في مدينة "أمرتسار"، ثانيًا،
ولكن أريد القول من منطق "الدين النصيحة" بأنه من الضروري لإخواني في
الدين – ولمصلحة دينهم ودنياهم – أنْ يعلموا أنّه مع أنّ حال المسلمين المتدهورة
ستعد جديرة بالترحم حتما في نظر الحكومة المشفقة.".
2- ويقول: “
يجب بذل القوة والقدرة التي وهبهم الله تعالى في كل أمر – سواء أكان دينيا أم
دنيويا – قبل الاستعانة بأحد، وبعد ذلك يمكن أن يطلبوا المساعدة لإكماله... ".
3- ويقول: “ إن
الأمور التي يجب على المسلمين إنجازها بجهدهم ومسعاهم بغية إصلاح أحوالهم سوف
تتبين تلقائيا عند التدبر والتأمل، ولا حاجة لبيانها وشرحها. ولكن من تلك الأمور
هناك أمر جدير بالذكر بوجه خاص وهو ما تركز عليه وتهتم به الحكومة الإنجليزية، أي
يجب التأكيد جيدا للحكومة الممدوحة أن مسلمي الهند هم رعاياها الأوفياء...".
4- ويقول: “
ولكن ممّا يؤسف له أن تصرفات بعض سكان الجبال والسفهاء من قليلي الأدب تؤيد هذه
الفكرة.... لأن مثل هذه التصرفات تصدر بين حين وآخر من الجهلاء... مثل هؤلاء الناس
بعيدون كل البعد عن الالتزام بالإسلام، وتصرفاتهم شخصية وليست نتاج التزامهم
بالشريعة....".
5- ويقول: “على
أية حال، يجب على إخواننا المسلمين أن يؤكدوا للحكومة مجددا أنهم ناصحون أمناء لها..."
6- ويقول: “
فمن الحكمة بحسب رأيي أن تختار منظمة "انجمن إسلامية " لاهور وكالكوتا
وبومباي، بعض المشايخ المعروفين والمعترف بهم عند معظم الناس بعلمهم وفضلهم وزهدهم
وتقواهم، ثم يطلب من أهل العلم المعروفين نوعا ما في المناطق المجاورة أن يرسِلوا
– إلى هؤلاء المشايخ المختارين – عباراتهم الخطية الممهورة التي تحتوي على منع
صريح من الجهاد – بحسب مقتضى الشريعة الإسلامية - ضد الحكومة الإنجليزية المحسنة
والمواسية لمسلمي الهند..."
7- ويقول: “وعندما
تجمع كل هذه الرسائل – التي يمكن أن تسمى "مكاتيب علماء الهند" – فلتطبع
في مطبعة وبخط جميل مع العناية بصحتها جيدًا ثم ترسل عشرة أو عشرون نسخة منها إلى
الحكومة وتوزع البقية على الناس في أماكن مختلفة في البنجاب والهند وخاصة في
المناطق الحدودية...".
إِذَنْ الميرزا
يرى وجوب طاعة الحكومة العادلة الناصحة وعدم جهادها، بل يجب الطاعة لها وينسى أنّ
هذه الحكومة الإنجليزية هي حكومة محتلة، والمسلمون ليسوا في بلاد الإنجليز ليمنع
جهاد الحكومة الإنجليزية العادلة.
ولكن ما هي
أهداف احتلال الحكومة الإنجليزية للهند؟ في رأيي هما هدفان:
الأول: امتصاص خيرات البلاد.
والثاني: التنصير وبخاصة للمسلمين لأنهم بإسلامهم يقاومون
الاحتلال، فالتعليم والثقافة بلغة البلاد والترقي العلمي والوظيفي يقلق المحتل،
لذلك لا يرغبون في تعليم وتثقيف الشعوب المحتلة إلا بالثقافة والتعليم الذي يخدم
الاحتلال وإلا فلا تعليم ولا وظائف محترمة.
فإذا كانت
الحكومة الإنجليزية - بحسب كلام الميرزا - أنقذت المسلمين من العذاب من الأقوام
السابقة (الخالصة السيخ)، فلماذا حكامها يرغبون في تنصير المسلمين وغيرهم؟
هل هذا هو
العدل والحرية والرحمة؟ تحميني وتغذيني لتستخدمني وتستفيد مني، أو تنصرني وتحولني
مسيحيًّا لأعطيك بكل الحب خيرات بلادي، ويكون معتقدي "اعطِ ما لقيصر لقيصر
وما لله لله".
وحال الميرزا مثل حال
الكبش في الحكاية التالية:
كان هناك كبش كبير يظنّ
أنّه مخلص وأمين لصاحب المزرعة، فقال لبقية الخراف والنعاج، لماذا لا تحمدون الله تعالى
على نعم صاحب المزرعة عليكم، يجب أن تتوجهوا بالشكر لصاحب المزرعة.
لماذا كلمّا رأيتم صاحب
المزرعة تؤذونه وتنطحونه؟ هو يطعمكم ويسقيكم، ويوفر لكم الحرية الكاملة لاختيار
أنواع العلف بكل حب، ولقد أنقذكم من صاحب المزرعة السابق الذي كان لا يعطيكم
الحرية والأمان، أنتم خراف ضالة ولا تأدون واجب شكر النعمة.
قال له أحد الخراف، يا
أيها الأحمق، إنّه يعلفنا لنزداد لحمًا وشحمًا، ويعلف إخواننا العجول والبقر
ليكونوا أقوياء على خدمته في الزرع والحرث والسقي وحلب الألبان، ويطعم الحمير
ليقوموا بالعمل الشاق ليحملوا له الأثقال لأنه يريد التمتع بحياة كلها رفاهية ونحن
نخدمه، فهل هذه حرية يجب أنْ نشكره عليها يا أيها الكبش المغفل؟" انتهت القصة
الخيالية.
إثبات
حرص الحكومة الإنجليزية على تنصير المسلمين
يقر جلال الدين
شمس بنصوص قاطعة – كما سنرى- أنّ حكام البنجاب الإنجليز وغيرها
كانوا يقولون إنّ توطيد دعائم السلطنة الإنجليزية لا يكون إلا بتنصير الهنود سواء
كانوا مسلمين أو غيرهم، فهل هذه هي الحرية الدينية.
فهل حكومة مثل
هذه الحكومة لا تستحق الطرد والجهاد لإخراجهم من البلاد؟
وهل مثل هذه
الحكومة التي تقوم دعائمها على التنصير، وبناء الكنائس للتنصير وتعيين المنصرين في
المستشفيات وتعيين المتنصرين في الوظائف العليا، ألا تستحق الجهاد؟
وإليكم بعض
النصوص المُثبتة لكلامي:
يقول جلال
الدين شمس([6]):
“وكان كبار مسؤولي الحكومة الإنجليزية أيضًا يدعمون المسيحية في نشر دعوتها،
وينظرون إلى مساعي القساوسة بنظرة الاستحسان، وكانوا يقولون: “نظرا
إلى تقدم المسيحية فإن الهند كلها ستسقط في حضنها في بضع سنين. لقد وضع
أحد حكام البنجاب – واسمه تشارلز ايجي سن – حجر الأساس لمركز المسيحية وكنيستها في
"بتالة" بتاريخ 21 تشرين الثاني عام 1883 م، ثم قال في عام 1888م في
خطابه في اجتماع للقساوسة ترأسه أسقف المنطقة: “ إنّ المسيحية تنتشر في الهند
بسرعة أكبر من تزايد عدد السكان فيها. ولقد بلغ عدد المسيحيين الهنود فيها مليون
مسيحي تقريبا ".
ويكمل جلال
الدين شمس: “وقد اعتبرت الهند، كما قال " روبرت كلارك " قاعدة
طبيعية لنشر دعوة المسيحية في آسيا الوسطى (The Missions p245)
".
ويكمل جلال
الدين شمس: “ كان الإنجليز يظنون أن انتشار المسيحية في الهند ضروري لتوطيد
دعائم الحكومة واستحكامها. ولهذا السبب؛ فقد استأذن "السير روبرت
مونتغمري" – الحاكم الثاني في إقليم البنجاب – لتشييد كنيسة على نفقة
الحكومة. وقال " اللورد لورنس" ذات مرة: “ لا يمكن أن
يكون شيء أكثر توطيدا لدعائم سلطنتنا من أن ننشر المسيحية في الهند. (حياة
اللورد لورنس؛ المجلد 2 صفحة 313). لقد ورد في: Cambridge short history of India p 715 – 716، "لقد أعطى الله تعالى الهند بمشيئته إلى أيدي
بريطانيا لتنصير أهلها.
ويكمل جلال
الدين شمس: “ والذين كانوا يتنصرون كانوا يُعطَون وظائف جذابة،
فمثلا نال كل من المتنصر "عبد الله آتهم" والقسيس "صفدر علي"
منصب المفوض. وقد عرض المنصب نفسه على القسيس عماد الدين أيضًا، ولكنه فضل البقاء
قسيسًا، باختصار شديد، قد نشرت شبكة القساوسة في البنجاب كله، فكان الدعاة
المسيحيون يبلغون المسيحية علنا في المدن والبلدان والقرى، وقد عيّن
الدعاة رسميا في المستشفيات. وكانت الطبيبات المسيحيات يبلغن
المسيحية إلى البيوت بحجة العلاج"
فهل مثل هذه الحكومة المحتلة
والتي كل همّها تنصير المسلمين ليتسنى لها امتصاص دماء وخيرات البلاد والعباد، هل
لا تستحق الجهاد المسلح؟
وهل هناك أي شك في أنّ الميرزا
كان عميلًا للإنجليز، يمنع عنهم جهاد المسلمين في مقابل رعايتهم له ولعائلته
ولجماعته كما رأينا من إقرار الميرزا بأنه وعائلته من غرس الإنجليز.
رابعا: دعم الميرزا
للحكومة الإنجليزية لاحتلال دولة (ترانسفال)([7]).
الميرزا مدعي النبوّة يتبرع، ويدعو ربه يلاش
لنصرة الحكومة الإنجليزية لمساعدتها في احتلال دولة ترانسفال الديموقراطية
المستقلة، فهل هذه أخلاق المسلم.
يقول سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم "انْصُرْ
أخاكَ ظالِمًا أوْ مَظْلُومًا. فقالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، أنْصُرُهُ إذا
كانَ مَظْلُومًا، أفَرَأَيْتَ إذا كانَ ظالِمًا، كيفَ أنْصُرُهُ؟ قالَ: تَحْجُزُهُ
-أوْ تَمْنَعُهُ- مِنَ الظُّلْمِ؛ فإنَّ ذلكَ نَصْرُهُ"([8])،
وحتى لو كان الظالم من المسلمين، فهل يصح مساعدة الظالم المسلم على ظلمه وقتله
لغيره من غير المسلمين؟
ولو اعتبرنا أنّ كلّام الميرزا صحيحًا في زعمه أننا
يجب أن نكون مخلصين للحكومة الإنجليزية في الهند لأنها أنقذت المسلمين من السيخ
الذين كانوا يمنعون المسلمين من القيام بالشعائر الإسلامية، فهل من المقبول أن
نساعد الإنجليز في حربهم ضد دويلة صغيرة ديموقراطية مستقلة وهي دويلة (ترانسفال) في جنوب
أفريقيا، بأن نتبرع بالمال لجرحى وأيتام الجنود الإنجليز؟ وليس هذا فقط، بل بالاجتماعات
والدعاء لنصرة الإنجليز في حربهم ضد هذه الدويلة.
ماذا اقترفت هذه الدويلة الصغيرة حتى تحاربها
الحكومة الإنجليزية لتحتلها؟ إلا أنها دويلة غنية بالذهب والألماس، وهذا يؤكد
أسباب احتلال الحكومة الإنجليزية للدول الأخرى ومنها الهند، فهل كانت ترانسفال
تعاني من الاحتلال من مجموعات تمنع الشعب من إقامة أمور دينهم؟
بل إننا نجد الميرزا يلوم هذه الدويلة الصغيرة
ويسخر منها على مقاومتها للاحتلال، ويقول إنها دويلة أصغر من محافظة البنجاب
الهندية، يقول الميرزا: “من حمقها المحض أنّها بدأت مواجهة سلطنة كبيرة جدًا، أما
الآن وقد بدأت المواجهة فعلى كل مسلم أن يدعو لانتصار الإنجليز".
يقول الميرزا([9]):
"ففي هذه الأيام تخوض حكومتنا مواجهة مع سلطنة ديمقراطية صغيرة
اسمها "ترانسفال"، هذه الدولة ليست أكبر من البنجاب. ومن حمقها
المحض أنّها بدأت مواجهة سلطنة كبيرة جدًا، أما الآن وقد بدأت المواجهة فعلى
كل مسلم أن يدعو لانتصار الإنجليز، ما لنا ولترانسفال، بل علينا
أن نكون ناصحين لمن أحسن إلينا آلاف الحسانات. إن للجار على الجار
حقوقا كبيرة بحيث يضطرب المرء لدى السماع عن معاناته. ألا تحزن
قلوبنا حين نقرأ عن مصائب جنود الحكومة الإنجليزية الأوفياء. إن القلب
الذي لا يشعر بآلام الحكومة كما يشعر بآلامه مسودٌّ بحسب رأيي. اعلموا أن
للجذام عدة أنواع، فهناك جذام يصيب الجسد، وهناك جذام يصيب الروح، وبسببه يعتاد
المصاب به عادة سيئة بحيث إن أصابت الناس سيئة فرح وإن أصابتهم حسنة استاء لها.
كان هناك شخص من هذا القبيل يسكن في زقاق قربنا، فإذا رُفعت على أحد قضية كان
يسأله مرارا عن كيفيتها. فإذا قال أحد بأنه قد بُرِّئت ساحته أو وضعها جيد حلّت به
مصيبة وصمتَ. وإذا قال أحد بأنه أدين فيها فرح بذلك وسمع منه القصة بأسرها
متلذذًا، فتكون عادة التفكير السيئ راسخة في طبائع البعض فيحبذون أن يسمعوا
أخبارا سيئة، ويفرحون إذا أصابت الناس سيئة لأن سيرتهم شيطانية. فلما كان
لا يجوز التفكير السيئ تجاه أيّ إنسان فما بالك إذا كان هذا الإنسان محسنا إليك.
لذا أقول لجماعتي ألا يحذوا حذو هؤلاء الناس، بل يجب أن يدعوا لانتصار
الحكومة الإنجليزية بالمواساة والنصح الكامل، وأن يضربوا مثلا عمليا أيضًا في
الوفاء. لا نقول ذلك لنيل أجر أو إنعام، فما لنا ولأجر أو إنعام أو ألقاب
دنيوية. الله تعالى أعلم بنياتنا، إن عملنا هو لوجه الله وحده وبأمره. هو
الذي علّمنا أن نشكر المحسن. ففي أداء هذا الشكر نحن نطيع الله تعالى في الحقيقة
ومنه نتوقع الأجر. فيا مَن كنتم في جماعتي قدِّروا حكومتكم المحسنة حق
التقدير، والآن أريد أن ندعو من أجل حرب ترانسفال".
ويقول الميرزا أيضًا في إعلان هام للجماعة:
“بسم الله الرحمن الرحيم نحمده ونصلي على رسوله الكريم لما كانت للحكومة
البريطانية أيادي بيضاء كثيرة على مسلمي الهند عامة وعلى مسلمي البنجاب خاصة فمهما
شكر المسلمون حكومتهم المحسنة لن يؤدوا حقه لأن المسلمين لم ينسوا بعد زمنا كانوا
يواجهون فيه أتونا مشتعلا على أيدي السيخ. ولم تكن دنياهم فقط عرضة للدمار على
أيديهم، بل كانت حالة دينهم أسوأ منها، إذ كان بعضهم يُقتَلون على رفع الأذان فقط
دع عنك أداء شعائرهم الدينية. ففي هذه الحالة المزرية أرسل الله تعالى لنجدتنا
كالغيث المغيث هذه الحكومة المباركة التي لم تُنقذنا من براثن هؤلاء الظالمين فقط،
بل أقامت الأمن والسلام العام في البلاد وهيأت أسباب الراحة من كل نوع وأعطت
الحرية الدينية لدرجة نستطيع أن نبلّغ ديننا المتين على خير وجه، لقد ألقيتُ
بمناسبة عيد الفطر خطبة مفصلة عن هذا الموضوع ونُشر ملخّصها في الجرائد
الإنجليزية، أما بيانها المفصل فسينشره حبي في الله السَيِّد ميرزا خدا بخش قريبًا
لقد ذكرتُ بمناسبة ذلك العيد المبارك منن الحكومة ووجّهت أفراد جماعتي -
الذين يكنّون إخلاصا قلبيا للحكومة ويرون حياة النفاق مثل الآخرين ذنبا
كبيرا - إلى أن يدعو الجميع من الأعماق لحكومتهم المحسنة أن يهبها الله تعالى
فتحا عظيما في الحرب الحالية الدائرة في ترانسفال. وقلت أيضًا إن أعظم
فريضة في الإسلام بعد حق الله هي مواساة الخلق، خاصة مواساة خدام الحكومة المحسنة
التي تحمي أرواحنا وأموالنا وفوق كل ذلك تحمي ديننا فهي مدعاة للثواب. لذا
على أفراد جماعتنا حيثما كانوا أن يتبرعوا بقدر استطاعتهم وتوفيقهم لجرحى الحكومة
البريطانية الذين جُرحوا في حرب ترانسفال. فنُطلع أفراد الجماعة بواسطة
هذا الإعلان أن يجهزوا في كل مدينة قائمة مكتملة ويجمعوا التبرعات ويرسلوها قبل
أول مارس/آذار إلى السَيِّد ميرزا خدا بخش في قاديان لأنه مكلَّف بهذه المهمة.
عندما تصله نقودكم مع القوائم ستُسجَّل التبرعات في التقرير الذي سبق ذكره قبل
قليل. فعلى جماعتنا أن يتمّوا هذا سريعا نظرا إلى أهميته، والسلام، الراقم:
الميرزا من قاديان بتاريخ 10/ 2/1900 م"
وهناك إضافات مفيدة في الموضوع وضعتُها في
الحاشية وهي متابعات من أتباع الميرزا حينها([10]).
ألا لعنة الله سبحانه وتعالى على كل من عرف الحقيقة وأغمض عينيه وأغلق
قلبه، وسحق ضميره، ورضي بالتلبيس والتغفيل، والدجل، فأهلك نفسه وأهلك من معه، فلا
دنيا له ولا آخرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
خامسا: علاقة الميرزا بالقساوسة.
لماذا يرفض الميرزا تقديم شكوى للحكومة الإنجليزية لمعاقبة القسيسين
الذين شتموا وسبوا مقدساتنا؟ وهل الحكومة البريطانية فعلا محسنة وعادلة كما يدّعي
الميرزا غلام؟
كتب الميرزا غلام([11])
أنه لا يصح تقديم مذكرة للحكومة كشكوى ضد قسيس كتب كتابًا اسمه (أمهات المؤمنين) وكان الكتاب كله سب وشتم للرسول صلى الله عليه
وسلم وأمهات المؤمنين، وبحسب ادعاء الميرزا في كتاب (البلاغ) فقد تم نشر كتاب (أمهات المؤمنين) مجانًا للكثير
من المسلمين، وقد أثار الكتاب موجة عارمة من الغضب بين المسلمين، وقامت بعض
المنظمات الإسلامية في الهند بتقديم شكوى للحكومة لمعاقبة كاتب كتاب (أمهات
المؤمنين)، وكان
رأي الميرزا أنه يجب الرد على الكتاب بالأدلة وليس بالشكوى والمذكرات للحكومة
لمعاقبة القسيس، وبخاصة أنّ الكتاب قد تم نشره بالفعل بشكل كبير على الناس ومشايخ
وعموم المسلمين. فقال الميرزا إنّه قدم مذكرة بمنع المؤلفين في الأديان
والمتناظرين من الإساءة للأديان الأخرى، أو – كما قال – حَصْرُ التأليف في الأديان
بذكر المؤلفين لمحاسن دينهم فقط ولا يتعرضون للأديان الأخرى بأي إساءة.
وفي الحقيقة كلام الميرزا كان صحيحًا في
جزئية وجوب حصر الشبهات ضد الإسلام سواء في هذا الكتاب أو غيره ويقوم علماء
المسلمين بالرد، ولكن ما الذي يمنع من الأخذ والعمل بكلا الأسلوبين؟ أقصد أسلوب
الرد بالأدلة الثابتة، والآخر أسلوب تقديم المذكرات للحكومة لمعاقبة من يسب ويشتم
في كتبه من جميع الأطراف سواء النصارى أو الهندوس أو المسلمين؟
والآن سنعرف السبب الحقيقي الذي جعل الميرزا
يرفض تقديم الشكاوى والمذكرات للحكومة لمعاقبة القساوسة المسيئين للرموز والمقدسات
الإسلامية.
يقول الميرزا([12]):
“إضافة إلى ذلك يجب أن تتأملوا أيضًا أنّ دين
القساوسة هو دين ملكي([13])، لذا يجب أن يكون مقتضى أدبنا أن نعدّ
حريتنا الدينية ثانوية، وأنْ نكون ممتنين للقساوسة إلى حد ما من هذا المنطلق،
فإذا كانت الحكومة تحاسبهم فكم سنكون نحن جديرين بالمحاسبة، ولو قُطعت الأشجار
الخضراء فما بال اليابسة؟ هل يمكن أن يبقى القلم في أيدينا في هذه الحالة؟ فكونوا
حذرين وعدّوا الحرية الثانوية مغنمًا وادعوا لهذه الحكومة المحسنة التي تعدل بين
الرعية كلها، ومن غير المناسب تماما أن نشكو القساوسة عند الحكومة."
ولنا أن نسأل الأحمديين القاديانيين أتباع
الميرزا بعض الأسئلة من خلال الفقرة السابقة من كلام الميرزا:
1- هل دين
القساوسة لأنّه دين الدولة والحكومة والملكة يمنعنا من المطالبة بمعاقبة المسيء؟
2- هل الحكومة البريطانية عادلة ومحسنة
باعتبارها أنّ حرية المسلمين الدينية حرية ثانوية؟
3- هل يجب
أن نكون ممتنين ونعترف بإحسان القساوسة بالرغم من إنهم يسبون ويشتمون نبينا صلى
الله عليه وسلم؟
4- هل
القساوسة يمثلون الأشجار الخضراء، أي النافعة للحكومة، والمسلمون يمثلون الشجر
اليابس، أي غير المفيدة للحكومة؟ أليس هذا اعتراف بالنفع الذي يقدمونه القساوسة
للحكومة من تنصير للمسلمين؟
5- لماذا
الخوف من محاسبة الحكومة للمسلمين إذا طالبوا بمعاقبة المسيء من القساوسة طالما لم
يسيء المسلمون لأحد؟
6- بعد كل
ما سبق هل من غير المناسب أن نشكو القساوسة الشتامين المسيئين لديننا ورسولنا
وأمهات المؤمنين؟
ويؤكد الميرزا ما سبق في كتابه (ترغيب
المؤمنين) سنة 1898 صفحة 82 ويقول: “بيد
أن الدولة البريطانية لهؤلاء([14])
كالأواصر المؤملة، وللقسيسين حقوق على هذه الدولة، ونعلم أن نبذ حرمهم([15]) أمر لا ترضاه هذه
السلطنة، وينصبها هذا القصد وتشق عليها هذه المعدلة، ولها علينا منن يجب ألا
نلغيها، فلنصبر على ما أصابنا لعلنا نرضيها. وما نفعل بتعذيب المتنصرين".
سادسا: لماذا كان الميرزا يظهر العداوة للقساوسة
ويعتبرهم الدجال، ووفي نفس الوقت يرفض محاكمتهم!!
يقول الميرزا([16]): ".. وقد
بذلتُ قرابة 19 عاما في تأليف كتب تبين أنه يجب على المسلمين أن يخدموا هذه
الحكومة بصدق القلب، وأن يُبدوا طاعتهم ووفاءهم لها أكثر من أقوام أخرى. وقد
ألّفتُ للغرض نفسه بعض الكتب بالعربية وبعضها بالفارسية ونشرتها في بلاد نائية،
وأكّدت فيها مرارا للمسلمين وأملتُهم بأوجه معقولة إلى أن يطيعوا الحكومة قلبا
وقالبا، وقد أُوصلت هذه الكتب إلى بلاد العرب والشام وكابول وبخارَى. مع أنني أسمع
أن بعض المشايخ قليلي الفهم كفّروني بقراءتها واستنتجوا من عباراتي هذه أنني على
صلة مع الحكومة الإنجليزية خفيةً وخلسةً وأني أنال مقابلها منحة منها. ولكني علمت
على وجه اليقين أن هذه العبارات قد أثرت تأثيرا طيبا جدا على قلوب بعض الأذكياء،
فتابوا عن المعتقدات المتوحشة التي كانوا يعتنقونها على نقيض أهداف الحكومة. وكانت
عباراتي الدينية هذه ضد القساوسة دافعا قويا وراء تلك التأثيرات الطيبة وإلا
فإن القوة التي دعوت بها المسلمين إلى طاعة الحكومة ووبّختُ بها المشايخ العديمي
الفهم الساكنين على الحدود الذين كانوا يعيثون الفتنة كل يوم ويحرضون الأفغان على
المعارضة، ما كان المسلمون المتعصبون والجهال ليتحملوا هذه العبارات القوية في
تأييد الحكومة الإنجليزية بحال من الأحوال، أما الآن، حين يجد العاقلون في
كتاباتي مقالات في تأييد الدين من ناحية، ومن ناحية ثانية يتلقّون مني نصائح لنصح
الحكومة وطاعتها بإخلاص فلا يستطيعون أن يسيئوا بي الظن ".
إذن كانت عبارات الميرزا ضد القساوسة ليست لله،
ولكنها كانت حتى يتحمل الناس عبارات الميرزا القوية في تأييد الحكومة الإنجليزية،
ومنع جهادها بالقوة، هذه الحكومة التي تسعى لتنصير المسلمين، الحكومة التي تقوم
بإعطاء الوظائف العالية للمتنصرين، الحكومة التي تنهب مقدرات الهند والبلاد
الأخرى.
([1]) يقول الميرزا في كتابه (شهادة القرآن) 1893م صفحة 394: "فمذهبي
الذي أؤكد عليه مرارًا وتكرارًا هو أن الإسلام جزءان. أولا: طاعة
الله وثانيًا طاعة السلطنة التي أقامت الأمن وهيّأت لنا تحت ظلها
ملاذًا من أيدي الظالمين، وتلك السلطنة هي الحكومة البريطانية".
([7]) ترانسفال (Transvaal) مقاطعة سابقة كانت تقع في شمال شرق جنوب أفريقيا، سكنها الأفارقة
ذوو البشرة السمراء الناطقين بلغة بانتو في حدود العام 1800، ثم احتلت بواسطة
فلاحي بوير الذين حولوها إلى دولة مستقلة وأطلقوا عليها اسم الجمهورية الأفريقية
الجنوبية في عام 1856. وفي عام 1877 احتلت بريطانيا العظمى المنطقة، ولكن اكتشاف الذهب والماس في عام 1886 أدى إلى
قدوم المستوطنين، وتوتر العلاقات بين بوير وبريطانيا، بالإضافة إلى تشكل
ترانسفال كمستعمرة تاجية في عام 1900 بعد حرب بوير (1899 - 1902). وفي عام 1910
أصبحت ترانسفال جزء من جنوب أفريقيا، واعتبرت كمقاطعة حتى عام 1914. لا وجود
حالي للمقاطعة. (ويكيبيديا).
([10]) يقولون: بعد ذلك رفع سَيِّدنا المسيح الموعود يديه للدعاء بكل
حماس وإخلاص، كذلك دعا الحضور جميعًا الذين كان عددهم يربو على ألف شخص. ولقد
طال الدعاء للفتح والفلاح. ثم اقترح (أنه يجب أن تُجمع التبرعات أيضًا
لجرحى الحكومة البريطانية ولهذا الغرض نُشر الإعلان التالي، (الراقم: ميرزا خدا
بخش من قاديان): البشرى لقد أُظهرت الرغبةُ في إعلان 10/ 2/1900م أن تُنشر قائمة
أسماء المتبرعين مع وقائع الجلسة، ولكن لما طال بيان الوقائع كثيرًا فلم ير الإمام
الهمام هادي الأنام نشر القائمة مناسبا. لقد وصلتنا المبالغ الكبيرة من بعض الإخوة
المعدودين أما بقية المبالغ فكانت صغيرة. فالمبلغ الأكبر كان 150 روبية جاءتنا من
السَيِّد نواب مُحَمَّد علي خان زعيم ماليركوتله، وأقل مبلغ كان ثلاثة أرباع
الروبية. ولأن سَيِّدنا المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام كان لا يحب تأخيرًا
كثيرًا في إرسال النقود فقد أُرسلت 500 روبية إلى السكرتير الأعلى في حكومة
البنجاب بعد انتظار التاريخ المحدد في الإعلان. وسنورد بعد قليل الوصل الذي جاءنا
منه بهذا الصدد، ولكن قبل أن ننقل مضمون الوصل نرى ضروريًا أن نذكر أنه عليه
السلام سُرّ كثيرًا من الذين تبرعوا بقدر استطاعتهم من أجل مساعدة جرحى وأرامل
وأيتام حكومة بريطانيا ومواساتهم. فطوبى للذين لم يُرضوا مرشدهم فقط
بطاعتهم إمامًا صادقًا، بل نالوا رضا مالك الملك الحقيقي والحكام المجازيين لأن
مَلك السماوات والأرض أكّد كثيرًا في كتابه العزيز الذي في أيدي المسلمين على
الاهتمام بحقوق العباد بعد حق الله، وعدّ مواساة البشر من رضاه سبحانه
وتعالى، وأمر بمواساتهم أيا كان دينهم أو ملتهم، وسواء أكانوا من الشرق أو الغرب.
ثم الذي كان محسنًا ويحمي حقوقنا فإن مواساته ضرورية بالدرجة الأولى. من سيكون
أكثر إحسانًا إلينا ونصحًا لنا من الحكومة البريطانية التي أعانت المسلمين في
مواطن كثيرة ونجّتهم من مصائب تقصم الظهر وبوَّأتهم كنف الأمن والعافية. التبرع
الذي أُرسل من قبل هذه الجماعة الفقيرة كان قليلًا جدًا طبعًا مقارنة بالحكومة
العالية الشأن، ولكن الحكومة الرحيبة الصدر قبلته باحترام وأظهرت سعادتها أيضا.
فطوبى للذين يشاركون الحكومة في الأفراح والأتراح ويتنبّهون إلى مراتب الحاكم
والمحكوم. وكم هي رحيبة الصدر وعالية الشأن الحكومةُ التي تنظر إلى تبرعات الرعية
المتواضعة وتهانيها بنظر التعظيم والاحترام. أليس من دواعي التبجيل أن أرسل الحاكم
المحترم وصلًا يوحي برضاه عن مبلغ زهيد قدره 500 روبية فقط، وكذلك أظهر
الحاكم العام المحترم والسكرتير العام في حكومة البنجاب سعادتهما - على برقية
تهنئة أُرسلت بمناسبة فتوحات الحكومة في جنوب أفريقيا - في رسائلهما
المنفصلة باسم الإمام الهمام هادئ الأنام وشَكَراه. على أية حال، إن هذه الحكومة
جديرة بالشكر والامتنان. ندعو الله تعالى أن يطيل أمد هذه الحكومة التي
تحافظ على الأمن والحرية، ويرزقها حظًا وافرًا من الملكوت السماوي. ونورد
فيما يلي ترجمة الرسائل الثلاث ليفرح قراؤنا الكرام بقراءتها.: الرسالة رقم 234: "من
جي ايم سي دوئي المحترم سي آئي ايس، قائم مقام السكرتير العام، حكومة البنجاب إلى
الميرزا (غلام أحمد القادياني) المحترم زعيم قاديان محافظة غورداسبور في 26/3/1900م
من لاهور: " سَيِّدي الكريم! لقد أمرني الحاكم العام المحترم أن أخبركم بأنه
قد وصلت الهدية السخية وقدرها 500 روبية التي أرسلتموها باسمكم وباسم مريديكم
لمساعدة الإخوة مرضى وجرحى حكومة بريطانيا في جنوب أفريقيا، وأُرسلت إلى المشرفين
على منظمة كنغ كنغ في مومباي، الراقم: خادمكم المطيع جدا، جي ايم دوئي قائم مقام
السكرتير العام، حكومة البنجاب"
تعليقات
إرسال تعليق