القائمة الرئيسية

الصفحات

مقال (064) "لو كان موسى وعيسى حيين لما وسعهما إلا إتباعي"


مقال (64) "لو كان موسى وعيسى حيين لما وسعهما إلا اتباعي" ([1])

 https://ibrahimbadawy2014.blogspot.com/2016/02/064.html


هذا فصل في الجزء الثالث من كتابي "حقيقة الطائفة الاحمدية القاديانية"  إن شاء الله تعالى

الحديث الشريف: "لو كان موسى وعيسى حَيَّيْن لَمَا وسعهما إلا اتباعي" ([1])

تحميل الكتاب من خلال موقع ميديا فاير:

 https://www.mediafire.com/file/pduendepe1o8nkq/لو+كان+موسى+وعيسى+حَيَّيْن+.pdf/file


 كثيرًا ما استدل الميرزا وأتباعه القاديانيون بالحديث" لو كان موسى وعيسى حيين لما وسعهما إلا اتباعي"، وهذا يؤكد في زعمهم أنّ سيدنا عيسى عليه السلام مات ولا عودة لكل من مات قبل يوم القيامة كما يزعمون، وعليه فيكون من وعد سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم بمجيئه قبل يوم القيامة هو فرد آخر ويحمل اسم عيسى عليه السلام، وصفته المسيح، وهو الميرزا غلام أحمد القادياني، ومع العلم فإن موت سيدنا عيسى عليه السلام لا يثبت نبوة الميرزا غلام، فنبوة الأنبياء تثبت فقط من خلال الأدلة القطعية كما يقرر الميرزا غلام وابنه بشير الدين محمود، وهذه بعض الإقرارات منهما وضعتها في الحاشية تثبت مسألة حتمية وجود الأدلة القطعية لإثبات صدق مدعي النبوة.([2])

وهذا الحديث المشار إليه مروي في تفسير ابن كثير، وقد يكون مروي في كتب تفسير أو حديث أخرى، ولكن الأهم من كل ذلك أنّ هذا الحديث لم يُروى إطلاقًا في الكتب الموثوقة والمعترف بها والمُسَلم بها عند الميرزا غلام وعند الجماعة الأحمدية القاديانية، وسأتناول ما رواه ابن كثير للاستدلال على فساد ما ذهب اليه الأحمديون:

في تفسير ابن كثير جزء (1) ... قال الحافظ أبو بكر: حدثنا إسحاق حدثنا حماد عن مجالد عن الشعبي عن جابر قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، وإنكم إمّا أن تصدقوا بباطل وإمّا أن تكذبوا بحق، وأنه والله لو كان موسى حياً بين أيكم ما حل له إلا أن يتبعني". وفي بعض الأحاديث "لو كان موسى وعيسى حيين لما وسعهما إلا اتباعي" وفي تفسير ابن كثير جزء (4) ... وقد قال: "لو كان موسى وعيسى حيين لما وسعهما إلا اتباعي".

 والجواب على القاديانيين كالتالي :

أولًا : الميرزا غلام كان يعتبر ما ذكره مسلم في صحيحه ولم يذكره البخاري فهو حديث ضعيف لمجرد عدم ذكر البخاري له، مع عدم التصريح من البخاري بأنّ الحديث ضعيف، ولكن هذا رأي الميرزا في الحديث الذي لا يعجبه، وقد قال ذلك الميرزا في كتاب (إزالة الأوهام)1890م صفحة 223 يقول الميرزا "هذا الحديث أورده الإمام مسلم في صحيحه، ولكن قد تركه رئيس المحدَّثين الإمام محمد بن اسماعيل البخاري معتبرًا إياه ضعيفا"انتهى النقل، فهل كل ما ترك البخاري من أحاديث لم يذكرها في كتابه المختصر يكون ضعيفًا ؟

 

ثانيًا: كما قلتُ سابقًا إنّ هذا الحديث لم يُروى إطلاقًا في الكتب الموثوقة والمعترف بها والمُسَلم بها عند الميرزا غلام وعند الجماعة الأحمدية القاديانية وهي القرآن الكريم ثم صحيح البخاري، ثم صحيح مُسْلِم ثم صحيح الترمذي وابن ماجة والموطأ والنسائي وأبو داوود والدارقطني.

ثالثًا : من المحتمل أن يكون الحديث به من أخطاء النساخ ما به، وأنا هنا أستند إلى كلام للميرزا لمّا حاول الدفاع عن نفسه في الأخطاء الصرف والنحو في كتبه التي كتبها بالعربية، فقد جاء في مقدمة كتاب (التبليغ) 1892م صفحة (ف) حيث يقول الميرزا غلام "إنّ معظم العائبين المستعجلين، وبالأخص الشيخ محمد حسين البطالوي، الذين لا يتصفحون كتبنا العربية إلا بحثًا عن الأخطاء فيها، يعدون – بسبب ظلمة التعصب فيهم – سهو الناسخ أيضًا ضمن قائمة الأغلاط . ولكن الحق أنه لا يمكن أن يعزى إلينا من الأغلاط الصرفية والنحوية إلا ما لم يرد صحيحه في موضع آخر من كتبنا ، أمّا إذا وردت كلمة أو تعبير ما في مكان ما خطأً على طريق الصدفة بينما تكون تلك الكلمة نفسها قد وردت في عشرات الأماكن الأخرى بصورتها الصحيحة فلا مناص لهم – لو كان فيهم شيء من الإيمان والإنصاف – إلا أن يعزوا ذلك الخطأ إلى سهو الناسخ بدلًا من أن يعتبروه غلطاً منا. ولو أنهم أخذوا بعين الإعتبار العجلة التي ألفنا فيها هذه الكتب لاعترفوا باقترافهم ظلمًا عظيمًا، ولعدوها تأليفات خارقة للعادة"إنتهى النقل.

 رابعًا : يقول حضرة الشيخ منظور أحمد شنيوتي : هـذا الحديـث لا سند له أصـلًا فهو قول مـردود وبـلا سنـد، أما الرواية الصحيحة والموجودة في كتب الأحاديث بسندها فذكـر فيـها إسم موسى عليه السـلام فقـط ونصـها كمـا جاء في المشـكاة صفحة 30 "لو كـان موسـى حيـا لما وسعـه إلا إتباعي" انتهى النقل، وبالتالي قد يكون فعلًا ما في الحديث هو من قبيل أخطاء النساخ.

 خامسًا : سأتناول شرح الحديث حتى لو كان صحيحًا ومرويًا في أصح الكتب بهذا النص المذكور.

لو افترضنا أنّ الحديث له فعلًا أصل في الأحاديث المروية عن سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ومهما كانت صحته أو ضعفه فما هو المعنى الصحيح للحديث؟

فالمعنى الظاهري للحديث أنّ موسى وعيسى ميتان ولا حياة لهما، ولكن لو كان الأمر كذلك فهل هذا فعلًا رأي ابن كثير في سيدنا عيسى عليه السلام أنه مات بالفعل، وابن كثير هو من أورد الحديث في تفسيره؟

لو ثبت أنّ هذا رأي ابن كثير فيلزم القول بأنّ ابن كثير فعلًا أورد هذا الحديث وهو يقصد المعنى المتبادر الظاهر بالنص المذكور ولا خطأ نساخ فيه، فما هو رأي ابن كثير في سيدنا عيسى عليه السلام؟ وهل ابن كثير يعتبره عليه السلام حيًا في السماء ولم يمت ؟أم ماذا؟

في تفسير ابن كثير للآية {إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا}، والآية {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته}، يقول ابن كثير : وقال تعالى: " وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانًا عظيمًا * وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإنّ الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا * بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما * وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا"، والضمير في قوله "قبل موته" عائد على عيسى عليه السلام، أي وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى، وذلك حين ينزل إلى الأرض قبل يوم القيامة على ما سيأتي بيانه، فحينئذ يؤمن به أهل الكتاب كلهم، لأنه يضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام" ويقول ابن كثير أيضًا " وقال ابن جرير: حدثني يعقوب، حدثنا أبو رجاء عن الحسن {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} قال: قبل موت عيسى والله إنه لحي عند الله، ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعون. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا علي بن عثمان اللاحقي، حدثنا جويرية بن بشير، قال: سمعتُ رجلاً قال للحسن: ياأبا سعيد، قول الله عز وجل: {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته}، قال: قبل موت عيسى، إنّ الله رفع إليه عيسى وهو باعثه قبل يوم القيامة مقامًا يؤمن به البر والفاجر. وكذا قال قتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغير واحد، وهذا القول هو الحق، كما سنبيّنه بعدُ بالدليل القاطع إنْ شاء الله وبه الثقة وعليه التكلان" و يقول أيضًا " ثم قال ابن جرير: وأولى هذه الأقوال بالصحة القول الأول، وهو أنه لا يبقى أحد من أهل الكتاب بعد نزول عيسى عليه السلام إلا آمن به قبل موت عيسى عليه السلام، ولا شك أنّ هذا الذي قاله ابن جرير هو الصحيح، لأنه المقصود من سياق الاَي في تقرير بطلان ماادعته اليهود من قتل عيسى وصلبه، وتسليم من سلم لهم من النصارى الجهلة ذلك، فأخبر الله أنه لم يكن كذلك، وإنما شبّه لهم، فقتلوا الشبه وهم لا يتبينون ذلك، ثم أنه رفعه إليه، وأنه باق حي، وأنه سينزل قبل يوم القيامة، كما دلت عليه الأحاديث المتواترة التي سنوردها أن شاء الله قريباً، فيقتل مسيح الضلالة، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية يعني لا يقبلها من أحد من أهل الأديان، بل لا يقبل إلا الإسلام أو السيف، فأخبرت هذه الاَية الكريمة أنه يؤمن به جميع أهل الكتاب حينئذ ولا يتخلف عن التصديق به واحد منهم،" ويقول ابن كثير أيضًا " ومن تأمل جيداً وأمعن النظر، اتضح له أنه هو الواقع، لكن لا يلزم منه أن يكون المراد بهذه الاَية هذا، بل المراد بها الذي ذكرناه من تقرير وجود عيسى عليه السلام وبقاء حياته في السماء وأنه سينزل إلى الأرض قبل يوم القيامة ليكذب هؤلاء وهؤلاء من اليهود والنصارى الذين تباينت أقوالهم فيه، وتصادمت وتعاكست وتناقضت وخلت عن الحق، ففرط هؤلاء اليهود، وأفرط هؤلاء النصارى تنقصة اليهود بما رموه به وأمه من العظائم، وأطراه النصارى بحيث ادعوا فيه ما ليس فيه، فرفعوه في مقابلة أولئك عن مقام النبوة إلى مقام الربوبية، تعالى عما يقول هؤلاء وهؤلاء علواً كبيراً، وتنزه وتقدس لا إله إلا هو". ويروي عن الحسن " قال الحسن : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهود إنّ عيسى لم يمت، وأنه راجع إليكم قبل يوم القيامة" ثم يروي العديد من الأحاديث المتواترة في بيان نزول عيسى عليه السلام يقول ابن كثير: " ذكر الأحاديث الواردة في نزول عيسى بن مريم إلى الأرض من السماء في آخر الزمان (قبل يوم القيامة وأنه يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له) قال البخاري رحمه الله في كتاب ذكر الأنبياء من صحيحه المتلقى بالقبول: نزول عيسى ابن مريم عليه السلام، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، عن أبي صالح عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا عدلًا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، وحتى تكون السجدة خيرًا لهم من الدنيا وما فيها"، ثم يقول أبو هريرة اقرؤا إن شئتم {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً}، وكذا رواه مسلم عن الحسن الحلواني وعبد بن حميد كلاهما عن يعقوب به، وأخرجه البخاري ومسلم أيضا من حديث سفيان بن عيينة، عن الزهري به. وأخرجاه من طريق الليث عن الزهري به، ورواه ابن مردويه من طريق محمد بن أبي حفصة عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا عدلًا، يقتل الدجال، ويقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ويضع الجزية ويفيض المال، وتكون السجدة واحدة لله رب العالمين"، قال أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} موت عيسى بن مريم، ثم يعيدها أبو هريرة ثلاث مرات" انتهى النقل من ابن كثير وسأكتفي بما سبق من الأحاديث وبقية الأحاديث موجودة في تفسير ابن كثير لمن أراد الرجوع إليها، فهل من كان هذا رأيه في سيدنا عيسى عليه السلام وحياته في السماء يروي حديثا يقول فيه إن عيسى مات ؟؟؟؟؟ ومع ذلك سوف أكمل مع القاديانيين إلى آخر المشوار.

سادسًا :نفترض أنّ الحديث صحيح، فما المعنى الصحيح للحديث؟

نعود إلى اللغة العربية وبخاصة الكتاب الذي يعترف بفضله الميرزا أنه مرجع من مراجع اللغة العربية وهو كتاب (لسان العرب) حيث يقول في اللسان إنّ من معاني حي والحياة والإحياء والإستحياء التالي :

استَحْياه استَبقاه ولم يقتله، وبه فسر قوله تعالى ويَسْتَحْيُون نِساءَكم أَي يَسْتَبْقُونَهُنَّ ·

وفي الحديث أنه كان يصلي العصر والشمس حَيَّة أَي صافية اللون لم يدخلها التغيير بدُنُوِّ المَغِيب كأنه جعل مَغِيبَها لَها مَوْتاً وأَراد تقديم وقتها، [ إبراهيم بدوي : واضح أنّ المعنى الصحيح هو بقاؤها في السماء قبل أن تغيب] ·

حَيَّاك اللهُ تَحِيَّةَ المؤمِن والتَّحِيَّة البقاءُ والتَّحِيَّة المُلْك ·

ولَكُلُّ ما نالَ الفَتى قَدْ نِلْتُه إلا التَّحِيَّهْ قال والمعروف بالتَّحِيَّة هنا إنما هي بمعنى البقاء ·

قال الليث في قولهم في الحديث التَّحِيَّات لله قال معناه البَقاءُ لله

يقال حَيَّاك الله أَي سلَّم عليك والتَّحِيَّة تَفْعِلَةٌ من الحياة [ابراهيم بدوي : فمعنى حَيّاك الله أَي أَبقاك الله] وسئل سَلَمة بنُ عاصمٍ عن حَيّاك الله فقال هو بمنزلة أَحْياك الله أَي أَبقاك الله مثل كرَّم وأَكرم، قال وسئل أَبو عثمان المازني عن حَيَّاك الله فقال عَمَّرك الله

وفي الحديث أن الملائكة قالت لآدم عليه السلام حَيَّاك الله وبَيَّاك معنى حَيَّاك اللهُ أَبقاك من الحياة ·

أَوَمَنْ كان مَيْتاً فأَحْيَيْناه وجعَلْنا له نُوراً يمشي به في الناسِ كمَنْ مَثَلُه في الظُّلُمات ليس بخارج منها فجَعَلَ المُهْتَدِيَ حَيّاً ·

وأَحْياهُ جَعَله حَيّا  ولكمْ في القِصاص حَياةٌ أَي مَنْفَعة ومنه قولهم ليس لفلان حياةٌ أَي ليس عنده نَفْع ولا خَيْر [ابراهيم بدوي : أي بقاء وإستمرار للحياة والعمار على الأرض] ·

حايَيْتُ النارَ بالنَّفْخِ كقولك أَحْيَيْتُها [ابراهيم بدوي : أي أبقيتها مشتعلة ] · ومنه حديث عمرو قيل سلمانَ أَحْيُوا ما بَيْنَ العِشاءَيْن أَي أشغلوه بالصلاة والعبادة والذكر ولا تعطِّلوه فتجعلوه كالميت بعُطْلَته ·

وإن الدارَ الآخرة لَهِيَ الحَيَوانُ أَي دارُ الحياةِ الدائمة [ابراهيم بدوي : أي دار البقاء الدائم] ·

وفي حديث ابن عمر أن الرجلَ لَيُسْأَلُ عن كلِّ شيءٍ حتى عن حَيَّةِ أَهْلِه قال معناه عن كلِّ شيءٍ حَيٍّ في منزله مثلِ الهرّ وغيره فأَنَّث الحيّ فقال حَيَّة ونحوَ ذلك قال أَبو عبيدة في تفسير هذا الحديث قال وإنما قال حَيَّة لأنه ذهب إلى كلّ نفس أو دابة فأَنث لذلك أَبو عمرو العرب، تقول كيف أنت وكيف حَيَّةُ أَهْلِكَ أَي كيف من بَقِيَ منهم حَيّاً ·

وفي حديث عمر رضي الله عنه لا آكلُ السَّمِينَ حتى يَحْيا الناسُ من أَوَّلِ ما يَحْيَوْنَ أَي حتى يُمْطَروا ويُخْصِبُوا فإن المَطَر سبب الخِصْب ويجوز أن يكون من الحياة لأن الخصب سبب الحياة · أَحْيَا القومُ إذا مُطِرُوا · والحياءُ التوبَة والحِشْمَة "انتهى النقل مختصرا من لسان العرب، ويتضح من هذه النصوص أنّ المقصود من اللفظ "حيين" الوارد في الحديث "لو كان موسى وعيسى حيين لما وسعهما إلا اتباعي " هو لو كان موسى وعيسى باقيين أي موجودين معي.

أمّا لماذا ليسا موجودين؟

فلأن الأول سيدنا موسى عليه السلام مات فعلًا ودفن.

والثاني سيدنا عيسى عليه السلام فقد دلت الأحاديث المتواترة تواترًا معنويًا أنه حي بالفعل وأنه نازل قبل يوم القيامة، والنازل لا بد أن يكون حيًا فكما يقول القاديانيون السماء ليست مقبرة لأحد.

وإذا قلتم إنّ الله تعالى قال {إني متوفيك} لسيدنا عيسى عليه السلام، أقول لكم:

1- اسألوا الميرزا عن معنى التوفي كما جاء في كلامه في كتابكم (التذكرة) أي الوحي المقدس للميرزا، يقول الميرزا في وحيه من ربه يلاش ( هذا إسم رب الميرزا كما قال الميرزا) في النسخة العربية صفحة 97 و98 "يا عيسى إني متوفيك ورافعك الي ..."، وفي الشرح يقول الميرزا إنّ عيسى المقصود في هذا الوحي هو نفسه الميرزا، ويضيف شارحًا " أي يا عيسى سأعطيك أجرك كاملا أو أميتك وأرفعك الي أي سأرفع درجاتك أو سأرفعك الي من الدنيا ...".

2- وفي كتاب (التذكرة) صفحة 91 يقول يلاش (رب الميرزا) للميرزا: " إني متوفيك ورافعك إلي ...." والعجيب أنه في هذا الموضع لا يفترض الميرزا معنى متوفيك أي مميتك بل يقول شارحًا " أي سأعطيك نعمتي كاملة وأرفعك إلي ..." ولم يذكر المعنى الآخر وهو الموت.

3- وفي موضع ثالث من كتاب التذكرة صفحة 110 يقول يلاش رب الميرزا للميرزا " قل لضيفك اني متوفيك، قل لأخيك إني متوفيك " ويشرح الميرزا: أنّ هذا الوحي له مفهومان الأول هو "قل لمن هو محط فيضك أو لأخيك إني سأكمل نعمتي عليك والمفهوم الثاني هو إني سأميتك" انتهى النقل، أي أنّ للتوفي معنيان وليس المعنى الوحيد هو الموت.

وأخيرًا هذا هو تفسير القاديانيين المسمى (التفسير الكبير) لابن الميرزا غلام يفسر فيه الحياة بالوجود والتي عكسها العدم وليس الموت بمعنى قبض الروح بلا عودة وذلك في تفسيره للآية 28 من سورة البقرة {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إليه تُرْجَعُونَ}(28) يقول بشير الدين محمود: "و كنتم أمواتا" أي عدمًا بلا حياة ولا وجود " فأحياكم " أي وهبكم الحياة وأوجدكم من عدم " انتهى النقل، فقد فسر الحياة بالوجود بعد الموتة الأولى أي العدم، وعليه يكون معنى الحديث "لو كان موسى وعيسى حيين لما وسعهما إلا اتباعي" هو لو كانا موجودين وباقيين معي الآن وليس معنى "حيين" عكس ميتين.

 

سابعًا: معنى "الحياة" الوجود كما في الأحاديث الشريفة:

1-   البخاري، بَابُ مَنْ انْتَظَرَ حَتَّى تُدْفَنَ:

2961 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ كَانَتْ الْأَنْصَارُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ تَقُولُ نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا عَلَى الْجِهَادِ مَا حَيِينَا أَبَدَا فَأَجَابَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الْآخِرَهْ فَأَكْرِمْ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ" واضح أن معنى " مَا حَيِينَا أَبَدَا " أي ما بقينا.

2-   الكتاب: سنن ابن ماجه، بَابُ مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ:

1270 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ قَوْمٍ مَا يَتَزَوَّدُ لَهُمْ رَاعٍ، وَلَا يَخْطِرُ لَهُمْ فَحْلٌ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيئًا طَبَقًا مَرِيعًا غَدَقًا عَاجِلًا غَيْرَ رَائِثٍ» ثُمَّ نَزَلَ، فَمَا يَأْتِيهِ أَحَدٌ مِنْ وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ إِلَّا قَالُوا قَدْ أُحْيِينَا" أي قد أبقانا الله سبحانه وتعالى.

ثامنًا: قال الميرزا في كتابه (إتمام الحجة) صفحة 56: "انظروا إلى ابن القيّم المحدّث المشهود له بالتدقيقات، فإنه قال في "مدارج السالكين" إنّ موسى وعيسى لو كانا حيَّين ما وسعهم" انتهى النقل.

وهذا هو نص كلام ابن القيم في كتابه (مدارج السالكين) :"وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَبْعُوثٌ إِلَى جَمِيعِ الثِّقْلَيْنِ. فَرِسَالَتُهُ عَامَّةٌ لِلْجِنِّ وَالْإِنْسِ، فِي كُلِّ زَمَانٍ. وَلَوْ كَانَ مُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ حَيَّيْنِ لَكَانَا مِنْ أَتْبَاعِهِ، وَإِذَا نَزَلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ..."انتهى النقل، وهذا النص المشار إليه من كتاب (مدارج السالكين) لابن القيم لم يقل فيه ابن القيم أنّ هذا حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم بل قاله من كلامه؛ أي كلام ابن القيم نفسه، والمعنى المراد من النص أنّ ابن القيم لم يقصد موت عيسى لأنه ليس هذا رأي ابن القيم أصلًا في مسألة موت وحياة سيدنا عيسى عليه السلام، فهو يؤمن بحياة سيدنا عيسى عليه السلام في السماء كما هو معروف للعامة قبل الخاصة، وبالتالي لا يكون المعنى المراد إلا أن الحياة يقصد بها الوجود وليس عكس الموت كما بينت ذلك في المقال ومن كتاب لسان العرب، أي لو كان موسى وعيسى موجودين وعدم وجود موسى بسبب موته وعدم وجود عيسى بسبب رفعه.

فهل بقي شك حتى الآن في أنّ سيدنا عيسى عليه السلام لم يمت إلى الآن وأنه حي يرزق، ولله في خلقه شؤون.

والله أعلى وأعلم.

د.إبراهيم بدوي

21-2-2016

13/7/2020

28/9/2023



[1] قبل البدء في قراءة هذا المقال أنصحكم بقراءة مقالي المخصص لمعرفة الكتب المُسلم بها والموثوق بها والمعترف بها عند الميرزا غلام واتباعه الاحمديين نظرا لارتباطه بموضوع مقالي الحالي، رابط مقال الكتب المعترف بها :

مقال (501) بيان بالكتب التي يعتبرها الميرزا غلام مَوْثُوُقٌ ومُعْتَرٌف ومُسَلَّمٌ بها وأثر ذلك على أدلة الميرزا غلام والأحمديين لإثبات عقيدتهم.

https://ibrahimbadawy2014.blogspot.com/2022/12/501.html

 

[2] مقال (445) ما هي العلامات التي أقر بها الميرزا غلام لمعرفة صدق الأنبياء؟ وهل تحققت فيه؟

https://ibrahimbadawy2014.blogspot.com/2021/06/445.html

 

كرر الميرزا كثيرًا في كتبه ذكرعلامات أو كما سمّاها هو أدلة تثبتُ صدق مدّعي النبوّة، وهي الأدلة عقلية مثل إحتياج أهل الزمان لبعثة مصلح من عند الله تعالى، وأدلة نقلية مثل نبوءات الأنبياء السابقين عن هذا المدعي، وتأييدات سماوية أو آيات السماوية مثل الأمور الخارقة التي تقع لمدعي النبوّة فتثبتُ أنَّه صادق، وأنه من عند الله تعالى مثل تحقق النبوءات التي يدعي أنها من الله تعالى، وفي كتاب الميرزا غلام أحمد (محاضرة سيالكوت) 1904م صفحة 92 ذكر الميرزا هذه العلامات ليعرف الناس صدقه فقال:" صِدْقُ كل نبيّ يُعرف بثلاثة طرق: أولًا: بالعقل. أي يجب التدبر فيما إذا كان العقل السليم يشهد أم لا، بضرورة مجيئه في الزمن الذي جاء فيه الرسول أو النبيّ؟ أو هل كانت حالة الناس الراهنة تقتضي بعثة مصلح في ذلك الوقت أم لا؟ ثانيًا: نبوءات الأنبياء السابقين. أي يجب أن يُرى إذا كان نبيّ من الأنبياء السابقين قد أنبأ في حقه أم لا، أو أنبأ بظهور أحد في زمنه أم لا؟ ثالثًا: النصرة الإلهية والتأييد السماوي. أي يجب أن يُرى هل يحالفه تأييد سماوي أم لا؟ فهذه العلامات الثلاث محدَّدة منذ القِدم لمعرفة المبعوث الصادق من الله تعالى. فيا أيها الأحبة، قد جمع الله تعالى - رحمةً بكم - هذه العلامات الثلاث تصديقًا لي، فالأمر الآن متروك لكم" انتهى النقل.

وهذا هو ردي مختصرا على كلام الميرزا: أولًا: الأدلة العقلية أي الإدراك العقلي لفساد الزمان مثل وقت غلبة النصارى على المسلمين، وإدراك حاجة العصر لمجيء نبيّ . والإجابة أنّ فساد الزمان وحاجة العصر لمجيء نبيّ إذا كانت - افتراضًا - دليلًا صحيحاً فإنها لا تثبت صحة إدعاء مدّعي النبوّة كفرد محدد ولكن تثبتُ الإحتياج لمصلح، وقد قرر هذا الرأي الخليفة الأحمدي الثاني بشير الدين محمود في كتابه (التفسير الكبير) في بيانه لمعنى البيّنات المطلوبة حتمًا لإثبات صدق مدّعي النبوة، حيث أثبت أنّ حاجة العصر هي ليست من البيّنات أي ليست من الأدلة القطعية التي تثبتُ تحديدًا صدق مدّعي النبوّة ، وذلك في تفسيره لكلمة "بيّنات" الواردة في الآية التالية {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} (87) سورة البقرة، يقول بشير الدين محمود : "بّينات - هي تلك الأدلة التي في حد ذاتها تشكل برهانًا على صدق النبيّ. فالأدلة على نوعين: الأول ما يستنبط منه صدق نبيّ، فمثلًا نستدل بفساد أهل زمانٍ ما على ضرورة مجيء نبيّ، فنقول: قد عم الفساد في العالم ونسي الناس الشرع وتركوا العمل بتعاليمه فلذلك لا بد من نبيّ... وهذا المدعي هو النبيّ الموعود. فكل هذه الأمور يستنبط منها ضرورة ظهور نبيّ. إنها أدلة بلا شك، ولكنها ليست بيّنات. ويندرج في هذا النوع أيضًا تلك الأنباء التي تدل على قرب ظهور نبيّ، ولكنها لا تحدد زمن ظهوره، فهي ليست بيّنات ومنها على سبيل المثال الآيات والأحداث التي ظهرت قبيل مبعث محمد - صلى الله عليه وسلم – [إبراهيم بدوي: يقصد ما يصطلح على تسميته الإرهاصات]، والتي يمكن أن نستنبط منها صدقه. إنها أدلة على صدقه ولا شك، ولكنها لا تؤكد بصورة قطعية على أنَّه النبيّ - صلى الله عليه وسلمفلا تسمى بينات."انتهى النقل.

إذن بشير الدين محمود الخليفة الأحمدي الثاني والملقب بالمصلح الموعود يقرر أنّ فساد الزمان وحاجته لمصلح، والأنباء والآيات والأحداث التي تدل على قرب مجيء نبيّ، كل هذه الأدلة العقلية ظنية، وأنها لا تؤكد أنّ مدّعي للنبوة محدد هو نبيّ بشكل قطعي لأنّها ليس بيّنات، لأنّ الأدلة الظنية السابقة يُسْتنبط منها الحاجة لنبيّ، ولكنّها ليست في ذاتها تشكل برهانًا قطعيًاعلى صدق مدعي النبوة لأنها ليست بيّنات.

وأيضًا يقول الميرزا غلام في كتابه (الكحل لعيون الآريا) 1886م وكان بصدد تفسير الآية {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ}(24) سورة فاطر، حيث فسر الميرزا غلام النذير بأنّه قد يكون رسولًا أو مصلحًا، وطبعًا بحسب فهم الميرزا غلام فالأمة التي احتاجت إلى نذير هي أمة فاسدة، ولكن الميرزا غلام قبل ادعاء النبوة قال إنّ النذير قد يكون رسولًا أو قد يكون مصلحًا،، والمصلح قد يكون مجددًا أو محدثًا وليس نبيًا رسولًا لأنّ الميرزا فرق بين الرسول وبين المصلح، حتى أنّ الميرزا غلام نفسه يفسر كلمة "الرسول" في القرآن الكريم بأنها كلمة عامة وقد يكون المقصود رسول نبيّ أو مجدد أو مصلح أو محدَّث، وبالتالي يسقط استدلال الميرزا غلام أنّ من الأدلة العقلية حاجة الزمان لإثبات صحة ادعاء النبوة وأنّ هذا هو أحد أدلته لإثبات نبوته.

ثانيا:الأدلة النقلية أو ما وصفها الميرزا غلام بنبوءات الأنبياء السابقين بخصوصه، مثل بعض النبوءات التي وردت في الجزء المسمى بالعهد القديم في (الكتاب المقدس)، أو ما يزعمه الميرزا غلام أنها نبوءات وردت في حقه في القرآن الكريم أو أحاديث سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم أو آل البيت الكرام أو بعض المتصوفة مثل ابن عربي، وسوف أذكر على سبيل المثال ما ذكره الميرزا غلام بخصوص نبوءة دانيال في السفر41 بالعهد القديم، وأنّ دانيال تنبأ بمجيء المسيح الموعود في سنة 1290 قمريًا أي سنة 1874 ميلادية، وسيستمر في الظهور أي بقاؤه حيا حتى سنة 1335 قمريًا، الموافق 1917م، أجيب على هذه النبوءة المزعومة كما يلي:

1-      دانيال اعتبر حساب الفترة الزمنية المقدرة ب 1290 سنة قمرية هي من بداية "إزالة المحرقة الدائمة" وإقامة "رِجْسِ الْمُخَرَّبِ"، كما في النص التالي: "وَمِنْ وَقْتِ إِزَالَةِ الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ وَإِقَامَةِ رِجْسِ الْمُخَرَّبِ" فهل قَبِلَ الميرزا قول دانيال هذا أنّ توصف هجرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بـ "إقامة رِجْسِ الْمُخَرَّبِ"؟ وقد فسر أهل الكتاب التعبير"رِجْسِ الْمُخَرَّبِ" بإقامة الأوثان في الهيكل المقدس، وهذا لا علاقة له بهجرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

2-      بعثة الميرزا - بحسب رأي الميرزا كما ورد في كتاب (التذكرة)، وكتاب "السيرة المطهرة" تأليف الأحمدي مصطفى ثابت وهو أحد كبار الكهنة الأحمديين المعاصرين - كانت بداية بعثة الميرزا غلام من سنة 1882م، وليس في سنة 1874، كما لايوجد في كتاب "التذكرة" أي الكتاب الذي يحوي وحي وإلهامات وكشوف الميرزا غلام أي وحي أو إلهام نستطيع الاعتماد عليه أنه بداية ظهور الميرزا غلام.كمبعوث سماوي.

3-      يقول دانيال أنَّه سيستمر ظهور هذا المشار إليه في النبوءة إلى سنة 1335 قمريًا، والتي توافق 1917 بالميلادي، فهل عاش الميرزا إلى سنة 1917؟ ألم يهلك الميرزا في سنة 1908م؟ إذن نبوءة دانيال وهي إحدى الأدلة النقلية التي يعتمد عليها الميرزا غلام لإثبات صدقه، فإنها في الحقيقة تهدم الإعتقاد بأنّ الميرزا غلام هو الموعود في نبوءة دانيال. وهذا هو نص كلام الميرزا في كتابه (حقيقة الوحي) 1905م بخصوص نبوءة عمره وأنها تتوافق مع نبوءة دانيال: يقول الميرزا: "ثم يذكر النبيّ دانيال الفترة الأخيرة لظهور المسيح الموعود أي عام 1335. وهذا يماثل إلهامًا من الله أُلهِمته عن عمري. وإن هذه النبوءة ليست ظنية..." انتهى النقل، ونفس المعنى قاله الميرزا غلام في كتاب (التحفة الجولوروية) سنة 1900م صفحة 243 بالحاشية. يقول الميرزا: "لقد أخبر النبيّ دانيال في هذه العبارة أنَّه عندما سينقضي على ظهور نبيّ آخر الزمان (الذي هو محمد المصطفى - صلى الله عليه وسلم) 1290 عامًا، فسوف يظهر ذلك المسيح الموعود، وسوف ينجز أعماله حتى 1335، أي سوف يعمل 35 عاما في القرن الرابع عشر على التوالي..."انتهى النقل، وللعلم فإنّ سنة 1335القمرية توافق سنة 1917 بالميلادي، والنص يؤكد أنّ الميرزا سوف يستمر في إنجاز أعماله حتى سنة 1917م، ولكن كان الله تعالى بالمرصاد للميرزا، فقد أهلكه سنة 1908م وليس 1917م.

4-      هل من الصحيح أن يستدل الميرزا غلام بنصوص من كتب يراها الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم محرفة، بل الميرزا غلام نفسه يراها محرفة ولم يكتبها سيدنا عيسى عليه السلام ولم يقر بما فيها، وقد ذكرت في الجزء الأول من كتابي "حقيقة الطائفة الأحمدية القاديانية" الأدلة من كلام الميرزا غلام وابنه بشير الدين محمود على تحريف كتب أهل الكتاب وكيفية التصرف معها أي ما الذي يصح أن نقبله منها وما الذي لا يصح قبوله.

ثالثا:الأدلة السماوية اللازمة لإثبات صدق الميرزا فقد قرر أنها الآيات السماوية ومنها تحقق النبوءات التي يدعيها الميرزا غلام واستجابة الدعاء وكثرة الأتباع.

بالنسبة لمسألة تحقق النبوءات فإن الميرزا غلام يقسم مَنْ يرون الإلهامات الصالحة والنبوءات الصادقة الى ثلاث مجموعات كما في كتابه (حقيقة الوحي) 1905 الباب الأول والثاني:

المجموعة الأولى : الكفار والفاسقون والزناة وأدعياء النبوة بالكذب وهم لديهم بنية دماغية صالحة لاستقبال الوحي والإلهام ويتنبؤون بنبوءات تتحقق مثل فلق الصبح ولكنهم بعيدون كل البعد عن الله، وإنما الذي يوحِي اليهم بالصدق هو الشيطان.

المجموعة الثانية : أيضًا لديهم بنية دماغية صالحة لاستقبال الوحي والإلهام ويتنبؤون بنبوءات تتحقق مثل فلق الصبح ولهم علاقة جيدة مع الله تعالى ولكن للشيطان فيهم نصيب، ونبوءاتهم ليست في الأمور العظيمة، ودعاؤهم لا يستجاب كله.

المجموعة الثالثة : وهم أيضًا لديهم بنية دماغية صالحة لاستقبال الوحي والإلهام ويتنبؤون بنبوءات تتحقق مثل فلق الصبح ولهم علاقة ممتازة مع الله ويكونون مستجابو الدعاء وتحالفهم علامات القبول.

إذن هؤلاء جميعهم يتلقون الإلهامات والأخبار الغيبية التي تتحقق مثل فقل الصبح، والعلامات الفارقة بين هؤلاء هي علامات القبول مثل استجابة الدعاء كما نص الميرزا في الكثير من كتبه أنّ من علامات صدقه أنه مستجاب الدعاء، ومعلوم أنّ الله تعالى وعد باستجابة الدعاء لكل من يدعوه، إذن المقصود باستجابة الدعاء هي الاستجابة للدلالة الظاهرة للدعاء حتى يعلم الناس أنّ هذا الرجل يتلقى الغيب من الله وأنّ الله تعالى أكرمه باستجابة الدعاء ليعرف الناس أنه من الله وليس كذاب، فكثير منا يدعو الله تعالى ويستجيب الله فعلًا للدعاء بظاهره، فهل نحن أنبياء؟ فلكي يَثبُت صدق نبيّ من خلال الاستجابة الظاهرية للدعاء فلا بد أن يستجيب الله تعالى لكل أدعية من يدعوه من الأنبياء وإلا فلا فرق بيننا والأنبياء، بل نجد أنّ من الكفار من يستجيب الله تعالى له، فكما أنّ نبوءات النبيّ لا بد من أن تحقق كلها بلا استثناء فلا بد من استجابة كل أدعية الانبياء طالما اعتبرها الميرزا من علامات صدقه.

فهل الميرزا كان مستجاب الدعاء فعلًا ؟

لقد أثبت الله تعالى كذب الميرزا بدعائه لله أن يفصل الله تعالى بينه وبين الشيخ السني ثناء الله بأن يميت الله تعالى الكاذب في حياة الصادق بأمراض محددة ذكرها الميرزا، وطالب الميرزا الشيخ ثناء الله بأن ينشر هذا الدعاء في مجلة الشيخ ثناء الله حتى يشهد الكل موت الشيخ ثناء الله في حياة الميرزا، ولكن الله أراد أن تكون فضيحة الميرزا مدوية، فأمات الله الميرزا في حياة الشيخ ثناء الله سواء بالكوليرا أو بأي مرض قوي مميت كما طلبه الميرزا غلام من الله تعالى.

والإجابة: هل تحققت نبوءة المصلح الموعود؟ ألم يقرر الميرزا في كتابه (ترياق القلوب) 1899م  أنْ ابنه "مبارك أحمد" هو من سيكون المصلح الموعود؟ فأمات الله ابنه "مبارك أحمد" عن عمر 9 سنوات.قبل موت الميرزا، وهل تحقق للميرزا الزواج الثالث والإنجاب منه بأولاد كثيرين ومنهم ابنه المصلح الموعود؟ في كتاب (التذكرة) بتاريخ 1886 م صفحة 143 يقول الميرزا : "قبل قرابة أربعة أشهر انكشف على هذا العبد المتواضع أني سأوهب ابنًا كامل القوى، وكامل الظاهر والباطن، إسمه بشير، وكنت أظنّ أنّ ذلك الابن سيولد من زوجتي هذه [ إبراهيم بدوي : يقصد السيدة نصرت جيهان وهي الزوجة الثانية]، ولكن أتلقى الآن معظم الإلهامات التي تشير أنني سأتزوج زواجًا آخرًا قريبًا، وأنه قد تقرر عند الله تعالى أنه سيهب لي زوجة صالحة طيبة السيرة وسيكون منها أولاد ..." انتهى النقل ، الإلهامات كثيرة، والإشارة في الوحي والإلهام من الله سبحانه وتعالى هي فرع من العلم، والعلم من الله تعالى يقيني قطعي كما قال الميرزا غلام في كلامه على الخَضِر وأم موسى عليه السلام، وقد قرر ربه يلاش الزواج من زوجة ثالثة وصالحة وطيبة السيرة وينجب منها أولاد، فهل تحقق أي من هذا ؟ وهل تحققت نبوءة موت زوج السيدة محمدي بيجوم في حياة الميرزا وقد قرر الميرزا أنّ هذه النبوءة من القدر المبرم حتمي التحقق؟ وهل تحقق للميرزا الزواج من السيدة محمدي بيجوم وقد قرر الميرزا أيضًا أنّ هذه النبوءة من القدر المبرم حتمي التحقق؟ وهل تحققت نبوءة موت القس بيجوت قبل موت الميرزا في خلال سنة؟ وهل تحققت نبوءة زيادة عمر الميرزا عن العمر الذي تنبأ به الدكتور عبد الحكيم البتالوي أنّ الميرزا غلام سيموت خلاله؟

والنبوءات الفاشلة كثيرة جدًا وقد ذكرت بعضها بالتفصيل في الجزء الثاني من كتابي "حقيقة الطائفة الأحمدية القاديانية".

أيضا يقول الميرزا غلام والأحمديون إنّ من علامات القبول الحقيقية لصدق الميرزا انتشار الاحمدية في كل العالم.

وهذا باطل بالقطع؛ لأنّ صحة النبوة لا تثبت بعدد الأتباع بل بالبينات أي بالأدلة القطعية، فيأتي النبيّ كما أخبرنا سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة وأمته رجل واحد، ويأتي النبيّ وليس معه أي رجل، فهل يثبت بهذا أنّ هذا النبي ليس بصادق؟ هل قال الله تعالى أو نبيه صلى الله عليه وسلم أنّ من علامات صدق المرسلين عدد الاتباع ؟

جاء في البخاري : " خَرَجَ عَلَيْنَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ: عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَجَعَلَ يَمُرُّ النبيُّ معهُ الرَّجُلُ، والنبيُّ معهُ الرَّجُلَانِ، والنبيُّ معهُ الرَّهْطُ، والنبيُّ ليسَ معهُ أحَدٌ ..."انتهى النقل 

تعليقات

4 تعليقات
إرسال تعليق
  1. هل تقبل يا بديويس ان نتحاور انا وياك عن عقيدة وفاة المسيح ابن مريم عن طريق البريد الالكتروني الذي سنرسله الى قريبك وهو صديق مشترك بيننا انتظر منك الرد
    khalduntariq@GMAIL.COM

    ردحذف
    الردود
    1. اعتراضك لا ينفي وفاة المسيح عليه السلام في القرآن الكريم

      حذف
  2. و موت المسيح عيسى بن مريم عليه السلام لا يثبت نبوة الميرزا غلام ، عليكم أن تأتوا بدليل واحد فقط قطعي الثبوت و الدلالة على نبوة الميرزا غلام القادياني.
    راجع كتاب إتمام الحجة ص 60 و 61 لتعرف رأي الميرزا غلام في الدليل قطعي الثبوت و الدلالة.

    ردحذف

إرسال تعليق

التنقل السريع