مقال (447) من هم المُنْعَم عليهم الذين جاء
ذكرهم في الفاتحة بحسب تفسير الميرزا غلام ؟
https://ibrahimbadawy2014.blogspot.com/2021/06/447.html
كما في الآية التالية :
"اهْدِنَا
الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ
الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ" (7) سورة الفاتحة
الميرزا مدعي النبوة و اتباعه يعتبرونه
معصوما و أنه هو الحكم العدل الذي جاء ليقضي على الخلاف بين فرق و مذاهب الأمة , و
يبين التفسيرات الصحيحة للقرآن و غير ذلك الكثير .
و لكننا نجده قد وصل إلى مراحل لا يمكن
تصورها في الإختلافات في تفسيره للآية الواحدة , و هي تفسيرات متناقضة تدل - كما
قال هو في البراهين الأحمدية الجزء 5 - على أنه غير عاقل و أنه كذاب في دعواه
المعصومية و أنه الحكم العدل .
نجده في تفسير المنعم عليهم في الفاتحة قد
تناقض أشد التناقض :
فمرة المُنْعَم عليهم هم أنبياء بني
اسرائيل .
و مرة المُنْعَم عليهم هم الأنبياء
عموما .
و مرة المُنْعَم عليهم هو الميرزا
نفسه .
و مرة المُنْعَم عليهم هم الأولياء من
الدرجة الثانية المتوسطة و هي الدرجة الأقل من الفئة الثالثة الأعلى .
و ليس هذا فقط فالحال أيضا مضطرب في الداعين
بدعاء الفاتحة فماذا سيصبحون بعد الدعاء؟
مرة سيكونون محدثون .
و مرة سيصبحون علماء ورثة الانبياء .
ومرة سيصبحون أنبياء و رسل .
و أما بالنسبة لِمَ جاء في كون المنعم عليهم
هم من الأولياء السالكين أصحاب الفئة المتوسطة و هي الأقل من الثالثة الأعلى و
أنهم في خطر عظيم و أن الإنفكاك للذي وصلوا إليه من حب الله و التوافق التام معه و
العداوة لغير الله فهو محتمل ما لم يصلوا إلى الدرجة الثالثة الأعلى, فكيف بالله
عليكم تصح التفسيرات اللاحقة في كتب الميرزا أنهم أي المنعم عليهم من الأنبياء و
الرسل ؟
و قصة الفئة الثانية من السالكين قد جاءت في
كتاب " البراهين الأحمدية " الأجزاء الأربعة الأولى.
و هو للعلم كما ورد في كتب الميرزا غلام هو كتاب
إلهامي , لأن الميرزا قد صرح في كتاب "مرآة كمالات الإسلام " 1892 و "فتح الإسلام " 1890 بأنه كتب هذا
الكتاب بإلهام من الله و أنه كتبه بقوة فوق العقل , و ليس هذا فقط بل هذا الكتاب
قال عنه الميرزا أن اسمه في الرؤيا مع سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم "القطبي" أي من الثبات و الهداية به ,
و أن الله ولي هذا الكتاب , و قد حصل الميرزا في الرؤيا على تفسير القرآن لسيدنا
علي بن ابي طالب في حضور سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم .
و من أوصاف هذا الكتاب أنه ذو الفقارسيف علي
بن ابي طالب أي من القوة و القطع في الامور, و لا ننسى أن الميرزا ادعى أن سيدنا
محمد صلى الله عليه و سلم قد بارك هذا الكتاب .
و ليس هذا فقط بل الكتاب في الجزء الرابع منه
المنشور في 1884 قد ورد به بداية وحي النبوة للميرزا سنة 1882 في شهر مارس , يعني الميرزا كتب ما
كتبه بخصوص الفئة الثانية من السالكين و أنهم مصداق المنعم عليهم في الفاتحة و كان
وقتها الميرزا نبيا كما يدعون .
الميرزا غلام القادياني مدعي النبوة في الكثير من كتبه يستدل على استمرار النبوة سواء
في شخصه أو غيره بأن الله تعالى يعلمنا في سورة الفاتحة الدعاء بأن ندعوا الله أن
يهبنا ما وهبه للأنبياء من كمالات و علوم فنصبح وارثين لهذه الكمالات و العلوم , و
من هذه الكمالات مكالمة و مخاطبة الله لنا فيصبح الداعي محدَّثا أو من الممكن أن يصبح
الداعون أنبياء و رسلا .
و قد استنبط الميرزا أن المنعم عليهم في الفاتحة هم الأنبياء من خلال الآية في
سورة النساء التي تقول:
"
وَمَنْ
يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ
عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ
وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)
سورة النساء.
و لست الآن – تجنبا للإطالة - بصدد
هل من يطع الله و الرسول يكون مع النبيين رفيقا أو من النبيين, فقد تناولت هذا
الموضوع في مقالات سابقة ، وسوف أضع رابطها في آخر هذا المقال بإذن الله تعالى .
و بالنسبة للإدعاءات المختلفة من الميرزا غلام لمعنى المنعم عليهم نذكر النصوص
التالية :
نجد الميرزا في كتاب "
الخطبة الالهامية " 1900 صفحة 49 يدعي أنه هو المقصود بالمنعم عليهم في الفاتحة و
بالتالي لا بد لنا أن نؤمن به نبيا و أن ندعوا الله أن يهبنا ما وهب الميرزا غلام و
نلازمه و نرافقه و ننفق عليه و على جماعته.
يقول الميرزا :
"فالزمان هذا الزمان [أي زمان
بعثة الميرزا غلام ] , و تم كل ما وعد الرحمن , و
رأيتم المتنصرين من المسلمين و كثرتهم , ورأيتم يهود هذه الأمّة و سيرتهم , فكان
خاليا موضع لبنة أعني المنعم عليه من هذه العمارة ..فأراد الله أن يتم النبأ و
يكمل البناء باللبنة الاخيرة , فأنا تلك اللبنة أيها الناظرون .
و كان عيسى علما لبني إسرائيل و أنا علم لكم أيها المفرطون . فسارعوا إلى التوبة أيها
الغافلون . و إني جُعلت فردا أكمل من الذين أنعم عليهم في آخر الزمان , و
لا فخر و لا رياء و الله فعل كيف أراد فهل أنتم تحاربون الله و تزاحمون . و أنا
المسيح الموعود الذي قدّر مجيئه في آخر الزمان من الله الحكيم الديان , و أنا المنعم عليه الذي أشير إليه في الفاتحة عند
ظهور الحزبين المذكورين ...
و في كتاب " الخطبة
الالهامية " 1900 صفحة 50 يقول الميرزا :
" فحاصل الكلام في هذا المقام أن الفاتحة قد بينت أن هذه
الأمّة أمة وسط مستعدة للترقي , فيكون بعضهم كنبي من الأنبياء ..."
و نجده في كتاب
"البراهين الاحمدية " الجزء الخامس 1905 و المنشور 1907 يقول أن المنعم عليهم في
الفاتحة هم
أنبياء بني إسرائيل .
يقول الميرزا :
"لذلك علّم الله تعالى في سورة الفاتحة دعاء
ليُتلى في الصلوات الخمس وهو: {اِهْدِنَا
الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ
الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}. فالمراد من {أَنْعَمْتَ
عَلَيْهِمْ} هم
أنبياء بني إسرائيل "
و في كتاب " تحفة
بغداد"/1893 صفحة 21
يقول
الميرزا غلام أحمد الهندي القادياني في تفسير الآية "اهدنا الصراط المستقيم .صراط الذين أنعمت عليهم " :
"إن الله تعالى حث عباده على الدعاء بهذه الآية
"اهدنا الصراط المستقيم .صراط الذين أنعمت عليهم "
يقول : فما معنى الدعاء لو كنا من المحرومين ؟ و
أنت تعلم أن الذين
أنعم الله عليهم أولا هم الأنبياء و الرسل و ما كان
الإنعام من قسم درهم و لا دينار , بل من قسم علوم و معارف , و نزول بركات و أنوار
كما تقرر عند العارفين.
و اذا أمِرْنا بهذا الدعاء في كل صلاة فما أمَرَنا ربنا إلا ليستجاب دعاؤنا , و
نُعطَى ما اُعْطَي من الإنعامات للمرسلين . و قد بشرنا – عز اسمه – بعطاء إنعامات
أنعم على الأنبياء و الرسل من قبلنا و جعلنا لهم وارثين "
و في كتاب"كرامات
الصادقين"/ 1893 م صفحة 70 و ما
بعدها
يقول الميرزا
غلام أن الدعاء المقبول يدخل الداعين في المنعمين أي يصبحون من الأنبياء و
المرسلين.
يعني لو قبل الله دعاءنا كما في الفاتحة فيعطينا علوم وكمالات الأنبياء و
مكالمات و مكاشفات الله مثلهم فنكون من المنعمين أي الأنبياء , لأن الميرزا غلام يعتبر
أن من يكلمه الله و يخاطبه و يعلمه الغيب اليقيني فهو نبيّ و لو لم يعطى شريعة , و
لذلك فهو نبيّ من هذا التعريف , كما في مقدمة كتاب "ازالة الاوهام "
1891 الصفحة حرف ظ كما سنرى لاحقا .
يقول الميرزا
غلام في كتاب" كرامات الصادقين صفحة 70:
" {إِهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ
الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ
الضَّالِّينَ} هذا الدعاء ردٌّ على قول الذين
يقولون إن القلم قد جفَّ بما هو كائن، فلا فائدة في الدعاء، فاللهُ تبارك وتعالى
يُبشّر عباده بقبول الدعاء، فكأنه يقول يا عباد ادعوني أستجبْ لكم. وإن في الدعاء
تأثيرات وتبديلات، والدعاء المقبول يُدخل
الداعي في المنعَمين " فمن هم
المنعمين ؟ فلنرى :
يقول الميرزا غلام في كتاب"
كرامات الصادقين صفحة 71:
" وفي قوله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} إشارة أخرى، وهو أن الله تعالى خلَق الآخرين مشاكِلين
بالأولين. فإذا اتصلت أرواحهم بأرواحهم بكمالِ الاقتداء ومناسبةِ الطبائع، فينزل
الفيض من قلوبهم إلى قلوبهم، ثم إذا تمّ إفضاء المستفيض إلى المفيض وبلغ الأمر إلى
غاية الوصلة، فيصير وجودهما كشيء واحد،
ويغيب أحدهما في الآخر، وهذه الحالة هي المعبَّرُ عنها بالاتحاد، وفي هذه المرتبة يُسمى السالك في السماء تسميةَ الأنبياء لمشابَهته إياهم في جوهرهم وطبعهم كما لا يخفى على العارفين. "
ويقول الميرزا
غلام في كتاب" كرامات الصادقين صفحة 72:
" وحاصل
الكلام أن الله تعالى يُبشّر لأمة نبيّنا - صلى الله عليه وسلم -، فكأنه يقول يا
عبادِ إنكم خُلقتم على طبائع المنعَمين السابقين، وفيكم استعداداتهم، فلا تُضيعوا
الاستعدادات، وجاهِدوا لتحصيل الكمالات، واعلموا أن الله جوّادٌ كريم وليس ببخيل
ضنين. ومن ههنا يُفهَم سِرُّ نزول المسيح الذي يختصم الناس فيه .. فإن عبدًا من عباد
الله إذا اقتدى هدي المهتدين، وتبِع سنن الكاملين، وتأهَّبَ للانصباغ بصبغ
المهديّين، وعطَف إليهم بجميع إرادته وقوّته وجَنانه، وأدّى شرط السلوك بحسب
إمكانه، وشَفَعَ الأقوال بالأعمال والمقالَ بالحال، ودخل في الذين يتعاطون كأس
المحبة للقادر ذي الجلال، ويقتدحون زنادَ ذِكر الله بالتضرع والابتهال، ويبكون مع
الباكين .. فهنالك يفور بحر رحمة الله ليُطهّره من
الأوساخ والأدران،
ولترويه (1) بإفاضة التهتان، ثم يأخذ يدَه ويُرقّيه إلى أعلى مراتب الارتقاء
والعرفان، ويُدخله في الذين خلوا من قبله من
الصلحاء والأولياء والرسل والنبيين، فيُعطي كمالا كمثل كمالهم، وجمالاً
كمثل جمالهم،
وجلالاً كمثل جلالهم، وقد يقتضي الزمان والمصلحة أن يُرسل هذا
الرجلَ على قدم نبي خاص، فيُعطي له عِلْمًا كعلمه، وعقلا
كعقله، ونورًا كنوره، واسمًا كاسمه، ويجعل الله أرواحهما كمرايا متقابلة، فيكون النبي كالأصل،
والولي كالظل،
مِن مرتبته يأخذ ومِن روحانيته يستفيد، حتى
يرتفع منهما الامتيازُ والغَيرية، وتَرِدُ أحكامُ الأول على الآخر، ويصيران كشيء واحدٍ عند الله وعند مَلَئِه الأعلى، وينزل على الآخر إرادةُ الله
وتصريفه إلى جهة، وأمرُه ونهيه بعد عبوره على روح الأول، وهذا سرٌّ من أسرار الله
تعالى لا يفهمه إلا من كان من الروحانيين."
و الان
مع نص من كلام جلال الدين شمس عالم الأحمدية الشهير في مقدمة كتاب " ازالة
الاوهام " 1891 (ظ)
لبيان التعريف الجديد للميرزا للنبوة و النبيّ :
يقول جلال الدين شمس
" و وجَّهت الإلهامات المتتالية أنظاره [يقصد أنظار الميرزا غلام] إلى
المفهوم الحقيقي للنبيّ , عندها تبين له أن الشروط المذكورة في التعريف المذكور آنفا ليس شروطا
محتومة لكون أحد نبيّا. فيقول عليه السلام ": " لم يتم التأمل جيدا في المعنى الحقيقي للنبيّ. إن المراد من
النبيّ هو الذي يتلقى الانباء من الله تعالى بالوحي , و يتشرف بالمخاطبة الإلهية ,
و ليس ضروريا له أن يأتي بشريعة. كذلك ليس ضروريا أيضا أن يكون تابعا لرسول مشرع. فلا مانع في إعتبار فرد من الأمة نبيّا على هذا
النحو.". (البراهين الأحمدية , ج 5؛ الخزائن
الروحانية: المجلد 21 , _0306).
و هذا النص باللغة الانجليزية حيث لم تترجم الجماعة
الاحمدية القاديانية كتاب البراهين الاحمدية الجزء الخامس من لغة الميرزا الاوردية
الا الى الانجليزية و هي منشورة بالموقع الرسمي لهم :
"The answer to
this is that all this unfortunate deduction is the outcome of a
misunderstanding arising from the fact that they have not reflected on the true
meaning of the term Nabi [Prophet]. The term Nabi only means one who receives
knowledge from God through rev- elation and is honoured with converse and
discourse with Allah. It is not necessary that he should be the bearer of a new
law, nor is it neces- sary that he should not be the follower of a law-bearing
Prophet. Thus, no harm is done if an ummati [follower] is said to be such a
Prophet"
و الآن قد تعرفنا على أن المنعم عليهم في الفاتحة إنما قصد بهم الميرزا غلام
أنهم الأنبياء عموما أو أنبياء بني اسرائيل أو الميرزا نفسه باعتباره نبيّ , و أن
الداعين بدعاء الفاتحة أيضا يصبحون انبياء.
و الان نأتي الى كلام الميرزا غلام في بيان درجات و فئات
السالكين الأولياء الى الله و أن الفئة المتوسطة منهم هم المقصودون بالمنعم عليهم
في الفاتحة
:
في كتاب "البراهين
الأحمدية"/ من 1880 الى 1884 ج
1-4 ص_433
في بيان مسالك السالكين إلى الله تعالى و درجات الترقي ومن هم المنعم عليهم ؟
يقول الميرزا غلام أحمد القادياني بعد ذكره للفئة الأولي و هي الأدنى:
"و الدرجة الوسطى للترقيات هي أن يبدو للسالك ما يتحمله من أصناف المشقة في المرحلة الإبتدائية
في سبيل قتل النفس الامارة و ما يتجشم من ألوان المعاناة و الآلام تاركا الحالة
المعتادة بصورة الإنعام . و أن تتحول المشقة إلى المتعة , و الحزن
إلى الراحة , و الضيق إلى الانشراح و البشاشة."إنتهى النقل
و يكمل الميرزا في كتاب
"البراهين الأحمدية"/ من 1880 الى 1884
ج 1-4 ص_434
يقول الميرزا غلام أحمد الهندي القادياني :
" و الدرجة العليا من الترقيات هي أن ينشأ
السالك انسجاما و توافقا و حبا بينه و بين مشيئة الله تعالى و إراداته حتى تتلاشى
عينُ نفسه و تأثيرها كله , و أن يعكس في وجوده الشبيهِ بالمرآة
ذات الله و صفاته دون أدنى شائبة من الظلمة و دون وهْم الحلول
"إنتهى النقل
و لبيان الفروق بين الفئة المتوسطة (المنعم عليهم) و بين الفئة الثالثة الأعلى
يقول الميرزا في كتاب
"البراهين الأحمدية"/ من 1880 الى 1884
ج 1-4 ص_435 :
"و الفرق بين هذا القسم [ يقصد
الثالث و هو الأعلى] و بين القسم الثاني للارتقاء
هو أنه رغم حصول التوفيق التام في القسم الثاني بين رضا الله تعالى و رضا السالك
بحيث يبدو له إيلامه كإنعام , إلا أن العلاقة بالله لم تبلغ درجة تؤدي إلى نشوء
عداوة ذاتية بينه و بين غير الله , و لا يبقى حب الله مقصد مهجته فقط بل يصبح فطرة
القلب أيضا "إنتهى النقل
[ إبراهيم بدوي : اذن يُفهم أن صاحب القسم الثاني, من مقاصد مهجته ( أي أنه لم
يبلغها بعدُ) هي حب الله بالدرجة التي يجب أن تكون عليه للوصول للعداوة الذاتية
الفطرية , بل و فطرة القلب أيضا من مقاصد مهجته و أهدافه , بينما قد حصلت الموافقة
التامة بينه و بين الله تعالى في أن إيلامه كإنعام , و بالتالي فالموافقة التامة
في كل الأمور لم تحدث لأصحاب الفئة الثانية المتوسطة لأن العداوة لغير الله تعالى
من اهدافه و ليس من فطرته و ذاتيته]
و يكمل الميرزا في كتاب
"البراهين الأحمدية"/ من 1880 الى 1884
ج 1-4 ص_435
يقول " فباختصار, في القسم الثاني من
الارتقاء يكون هدف السالك هو الموافقة التامة مع الله و العداوة مع غيره , ففي
نيله هذا الهدف تكمن متعته. أمّا في القسم الثالث من الارتقاء فتصبح الموافقة
التامة مع الله تعالى و العداوة مع غيره فطرة السالك التي لا يمكنه الانفصال عنها
بحال من الاحوال , لأن انفكاك الشيئ عن نفسه محال , و ذلك بخلاف القسم
الثاني إذ يمكن فيه هذا الانفكاك. و ما لم تبلغ ولاية وليّ [
أي الفئة الثانية ] إلى القسم الثالث تبقى مؤقتة و ليست في مأمن من الاخطار. و السبب
في ذلك أنه ما لم يكن حب الله سبحانه و تعالى و عداوة غيره جزءا من فطرة الإنسان
لا يتجزأ يبقى فيه عرق من الظلم لأنه لم يؤد حق الربوبية كما هو واجب عليه و ما
زال عاجزا عن الوصول إلى مرتبة اللقاء التام."
و يكمل الميرزا في كتاب
"البراهين الأحمدية"/ من 1880 الى 1884
ج 1-4 ص_436 و يقول :
"و الارتقاء
الثاني الذي هو الخطوة الثانية للسلوك في ميادين القرب قد عُلِّم من الآية "صراط الذين أنعمت عليهم " .
و هذه مرتبة يوهب فيها الإنسان حب الله و لكن لا يُرسَّخ فيه بطريقة
طبيعية , بمعنى أنه لا يُجعل جزءا لا يتجزأ من فطرته غير أنه يكون محفوظا فيها.
"
و يكمل الميرزا في كتاب
"البراهين الأحمدية"/ من 1880 الى 1884
ج 1-4 ص_438 يقول :
" و النوع الثالث للارتقاء الذي يمثل الخطوة الأخيرة للسير في ميادين
القرب قد علِّم في الآية :" غير المغضوب عليهم و لا الضالين" .
ففي هذه المرتبة يصبح حب الله و عداوة غيره جزءا لا يتجزأ من فطرة المرء ,
و تترسخ فيه كطبيعة . و أن صاحب هذه المرتبة يحب الاخلاق الإلهية
بطبيعته كما هي محببة عند الله تعالى . و يترسخ حب الله تعالى في قلبه بحيث يستحيل
انفكاكه من قِبَلِه " إنتهى النقل
تعليقات
إرسال تعليق