مقال (478) حل معضلة التناقض في كلام الميرزا في مسألة قتل الأنبياء الصادقين و معرفة الصادق من مدعين النبوة و من الكاذبين و علاقة ذلك بآية قطع الوتين.
https://ibrahimbadawy2014.blogspot.com/2022/01/477.html
هل من الممكن حل معضلة التناقض الذي يقع فيها بعض الأحمديين في مسألة قتل الأنبياء الصادقين و معرفة الصادق من مدعي من الكاذب ؟
ورد قتل الأنبياء الصادقين في القرآن بصريح الآيات - مع عدم وجود القرينة اللازمة الصريحة التي تضطرنا إلى القول بالمجاز - و في نفس الوقت يقر الميرزا غلام القادياني نبي الطائفة الأحمدية القاديانية و هو ما يوصف بالحكم العدل بما جاء في القرآن بقتل بعض الأنبياء الصادقين و هذا كله يتعارض ظاهريا مع ادعاء الميرزا أنه صادق في دعواه لأنه لم يمت و لم يقتل و لم يقطع وتينه لسنوات طويلة ؟
اولا :
في كتاب "الأربعين" سنة 1900 الصفحات من 157 الى 160 :
يقر الميرزا غلام أنه بالرجوع إلى النسخ العبرية للكتاب المقدس فإن الترجمة في الكتاب المقدس لكلمة الهلاك الخاص بالأنبياء الكذبة لا تعني القتل بل عنت الموت و القول بالقتل خطأ , و جاء بأمثلة كثيرة تؤكد هذا المعنى .
ثانيا :
في نفس الكتاب الصفحات من 114 إلى 119:
جاء الميرزا بنصوص كثيرة من الكتاب المقدس تفيد ضرورة اهلاك الانبياء الكذبة , و بالتالي فان الاهلاك هنا يعني الموت أو القتل و ليس القتل حصرا .
ثالثا :
في الصفحة 118 من كتاب الأربعين يقول الميرزا :
" من البديهي أن المفتري عدوّ مؤسسة النبوة التي يديرها الله - سبحانه وتعالى -، ويتمنى ( أي المفتري الكاذب ) أن يخلط الظلام بالنور ويجهز للناس طرق الهلاك عن عمد، لهذا فإن الله يعاديه ويرى بحكمته ورحمته موته أهون من موت ألوف مؤلفة من الناس. " انتهى النقل
لاحظوا هنا ان الميرزا اختار الموت و ليس القتل فقال " موته أهون من موت ألوف مؤلفة من الناس "
و يكمل الميرزا في نفس الصفحة :
" فكما أن الموت مقدَّر من الله لجميع الهمجيين والمؤذين فينطبق عليه الحكمُ نفسُه " انتهى النقل
اي الحكم بالاهلاك ينطبق أيضا على الأنبياء الكذبة كما يقع على الهمجيين و المؤذيين.
و معلوم أن الله تعالى لم يتعهد بحتمية قتل - بيد الله - او حتى موت الهمجيين و المؤذيين عقابا لهم , بل نرى أن الهلاك سواء بالموت أو القتل - بحسب عقيدة الميرزا - يقع على غيرهم من المؤمنين, بل على الأنبياء مثل سيدنا يوسف عليه السلام .
يقول الله تعالى " وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34) سورة غافر
اذن هنا الميرزا غلام ساوى بين الانبياء الكذبة و غيرهم من الهمجيين و المؤذيين في استحقاقهم للهلاك .
" أما الصادق فيعصمه الله بنفسه ويُظهر الآيات لحماية روحه وشرفه وهو- سبحانه وتعالى - الحصن الحصين للصادق،وإن الصادق محفوظ في حِجره مثلما يكون الشبل في مخالب اللبوة " انتهى النقل
طيب كيف سيعصم الله الصادق و يهلك الكاذب ؟
سنرى كيف حدد الميرزا طريقة الإهلاك التي تبين النبي الكاذب والنبي الصادق .
يكمل الميرزا شارحا طريقة صيانة الله تعالى للصادق و إهلاك الكاذب .
" ولهذا السبب إذا أقسم أحد على أن فلاناً الذي يدَّعي بأنه مبعوث من الله ( اي يدعي النبوة )، كاذبٌ ومفترٍ على الله ودجال وملحد مع كونه في الحقيقة صادقا ومبعوثا من الله، وطلب من الله الحكمَ بالتركيز على الدعاء أن يُهلكه ( اي يهلك الله من كذَّب مدعي النبوة الصادق و ادعى انه كاذب ) - سبحانه وتعالى - إذا كان المدّعي صادقا،
وإن كان المدّعي ( اي مدعي النبوة ) كاذبا فليُهلكْه في حياته ( اي يهلك الله مدعي النبوة الكاذب في حياة من قام بالدعاء لاهلاك مدعي النبوة الكاذب )؛ فإن الله - سبحانه وتعالى - بالتأكيد سيُهلك هذا الذي يريد الحكم على هذا المنوال." انتهى النقل
يعني بالاحتكام الى الله تعالى بالدعاء المركز فان الاهلاك سوف يقع على النبي الكاذب او من رمى النبي الصادق بالكذب .
و يكمل الميرزا اثباتا و استدلالا من السنة النبوية الشريفة على ما سبق :
" لقد كتبنا قبل قليل أن أبا جهل أيضا كان قد دعا بمثل هذا الدعاء، حيث كان دعا اللهَ بذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - بصراحة أن يُهلك الكاذبَ منهما في ميدان المعركة نفسِها فقُتل نفسُه بعد هذا الدعاء."انتهى النقل
هنا الميرزا يستدل باهلاك الله لابي جهل حينما طلب من الله بالدعاء الفصل بينه و بين سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم باهلاك الكاذب في حياة الصادق منهما .
ثم يكمل الميرزا فيأتي بوقائع تثبت أنه بهذه الطريقة قد ثبت أنه صادق و أن من دعا عليه بالهلاك كان كاذبا.
" كما كان المولوي إسماعيل من عليجره والمولوي غلام دستغير القصوري قد دعوَا هما الآخران مقابلي بهذا الدعاء ( اي باهلاك الكاذب في حياة الصادق ) نفسه ويَشهد على ذلك ألوفٌ من الشهود وهلك بعده المولويان المحترمان كلاهما " انتهى النقل
و من المعلوم ان عقيدة الميرزا ان الموت او القتل قد وقع لكل الانبياء من قبله , و قد اتضح الان من كلام الميرزا انه يقع للمؤمنين و الفجار و في كل الاعمار , و التفرقة بين النبي الصادق و الكاذب لا تكون بالقتل او الموت التلقائي ولكن تكون عن طريق الدعاء على سبيل التحدي بين مدعي النبوة و من يعارضوه , فإن كان مدعي النبوة صادقا فإن الله يعصمه و يهلك المكذبين له , و إن كان مدعي النبوة كاذبا فإن الله يهلكه سواء بالموت او بالقتل في حياة معارضيه .
رابعا :
1 - كثيرا ما استدل الميرزا غلام أحمد بالحديث الصحيح " ليس الخبر كالمعاينة" لإثبات صحة حديث الدارقطني الضعيف الخاص بالخسوفين كآية للمهدي,حيث يقرر الميرزا غلام أحمد أن الواقع إذا أثبت صحة متن الرواية فلا يكون الحديث إلا صحيحا و لا ينظر إلى السند و إن كان واهيا .
2 - يقول الميرزا في كتابه " ازالة الاوهام ص 296 "
" والله تعالى أعلى شأنا من أن يكذب أو يقول ما ينافي واقع الأمر. "
و بنفس المقياس نحاكم الميرزا غلام و أتباعه و كل من يقول بانطباق آية المتقول على الله تعالى لكل المتقولين , و نفرض لذلك فرضا يقع بتكرر ملموس و مشهود:
لو كان عندنا أربع من الرجال , عمر الواحد منهم 40 سنة و تفصيلهم كالتالي : 1- الأول ادعى النبوة و تلقي الوحي من الله بالكذب ومات الرجل من غير القتل في عمر 50
سنة
2- الثاني ادعى النبوة و تلقي الوحي من الله بالكذب و قتل في عمر 50 سنة
- 3 الثالث لم يدعي النبوة ولا تلقي الوحي من الله ومات الرجل من غير القتل في عمر
50 سنة .
4 - الرابع لم يدعي النبوة ولا تلقي الوحي من الله تعالى و قتل في عمر 50 سنة.
فكيف نستطيع التفرقة بين أفعال الله تعالى في الحالات السابقة ؟
و بأي دليل نقلي أو عقلي نقول على الفعل الواحد من الله للكل أي بالموت أو القتل , بأن هذا عقاب لمدعي النبوة بالكذب , و هذا ليس بعقاب لغيرهم ؟
إذن بمعاينة الواقع الملموس يَسقط القول بعموم الآية على كل من تَقَوَلَ على الله تعالى , و نستطيع الجزم بأن الآية خاصة بسيدنا محمد صلى الله عليه و سلم فقط.
خامسا :
و هنا لنا ملاحظة:
قال الميرزا هذا الكلام في سنة 1900 و لم يكن يتصور أنه بهذا المقياس سوف يَثبُت كذبه و دجله , فقد دعا الله في مقابل الشيخ المسلم المعارض ثناء الله الأمرتسري بأن يميت الله الكاذب في حياة الصادق منهما بمرض وبائي مثل الكوليرا أو الطاعون و ألا يكون بالقتل فمات الميرزا في خلال سنة بالكوليرا و عاش الشيخ ثناء سنوات طوال بعده .
و يلاحظ أيضا اختيار الميرزا ان يكون الهلاك بالموت بينه و بين الشيخ ثناء الله و ليس بالقتل و هذا يؤكد عقيدة الميرزا ان الإهلاك للنبي الكاذب ليس محصورا في القتل .
سادسا :
قطع الوتين كما جاء في القرآن هو نوع من الموت حتف الأنف أي الطبيعي و ليس بالقتل أبدا ، لأن الوتين و هو الوريد الأجوف وهو أكبر وريد للإنسان ، أو هو الشريان الاورطي و هو أيضا أكبر شريان ، فلو افترضنا أن الله تعالى سوف يقطع ماديا و ليس مجازيا وتين المتقول عليه كذبا فهذا ليس قتل بالمعنى المعروف للقتل - اي بيد البشر مثلا - لانه لم يتم بيد أحد من البشر ، و قطع الوتين هو نوع من النزيف الداخلي المميت يعني موت طبيعي من وجهة النظر الطبية ، حيث أن الموت الطبيعي كثيرا ما يحدث بسبب النزيف الداخلي المميت في المخ مثلا و لم يحدث بسبب قطع الوتين .
تعليقات
إرسال تعليق